المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرسالة الأخيرة التي كتبها ابن تيمية في السجن قبل موته بشهر ونصف



قائد_الكتائب
10 May 2009, 08:08 AM
السلا م عليكم ورحمة الله




آخِر رسالة كتبها ابن تيمية في السجن قبل موته بشهر ونصف!


وُضع في السجن بعد أن ضاقت به نفوس خصومه الذين عجزوا عن مجارته في الحجة والبرهان، فسعوا فيه كشرذمة منبوذة إلى السلاطين، بالكذب والتلبيس، وكتابة التقارير الكيديَّة، التي تنم عن رداءة في النفوس، وقذارة في الأخلاق، وسوء معدن وتربية!


لقد كان مفتاح شخصية شيخ الإسلام -رحمه الله- هو ما قاله العالم الجليل ابن فضل الله العمري عن ابن تيمية: (وكان ابن تيمية لا تأخذه في الحق لومة لائم، وليس عنده مداهنة، وكان مادحه وذامه في الحق عنده سواء).


نعم كان -رحمه الله- ما تأخذه في الله لومة لائم، ولا يأخذ بالتقيَّة خيفة من الناس على مصالحه ومدخراته الشخصية، فإنه كان يقول بالحق الذي آمنه به، ولا يتزعزع ولا يداهن أحداً، ولو أجتمع الناس كلهم لحربه، ولو سلطوا السلاطين عليه، وكتبوا في ذمه التقارير الكيدية، ومكروا به، فإنه ثابت الجنان، ناطق بالحق.


لقد بيَّن ابن تيمية الداء الذي أصاب كثير من الخواص، حيث قال: (ولن يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه).


ومما زاد غيض خصومه عليه، ما كانوا يقترفونه من مداهنة السلاطين على حساب الحق، فيجاملونهم على حساب دينهم، ويعاونوهم على ظلم عامة الناس تقرباً لهم وتودداً إليهم، وفي المقابل كان شيخ الإسلام صادحاً بالحق، ناطقاً بالصدق، محامياً عن حقوق فقراء الخلق، مدافعاً عن أرزاقهم، دافعاً الظلم عنهم، مفتشاً عن الفقير المحتاج، باذلاً لقمته إلى فم المساكين!


قال الحافظ البزار: (ولا زاحم في طلب الرئاسات، ولا رئي ساعياً في تحصيل المباحات، مع أن الملوك والأمراء والتجار والكبراء كانوا طوع أمره، خاضعين لقوله وفعله، وادّين أن يتقربوا إلى قلبه مهما أمكنهم، مظهرين لإجلاله، أو أن يؤهل كلا منهم في بذل ماله).


في المقابل كان حال مبغضيه كما يقول الحافظ البزار: (سبب عداوتهم له أن مقصودهم الأكبر طلبُ الجاهِ والرئاسة، وإقبال الخلق، ورأوه قد رقاه الله إلى ذروة السنام، من ذلك ما أوقع له في قلوب الخاصة والعامة من المواهب التي منحه بها، وهم عنها بمعزل، فنصبوا عداوته، وامتلأت قلوبهم بمحاسدته).


ولأنهم يعلمون أن العامة والخاصة تحبه، لذا عمدوا إلى الكذب عليه، واختلاق الباطل على لسانه، ولبس الحق بالباطل، واستعداء أهل الخرافات عليه، ومن ناصرهم من الأمراء، مع أنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنه عالم مجتهد، آخذٌ بالدليل العقلي والشرعي، لا يقول بهوى، و لا ينطلق من تشهي، ولا يكتم حقاً اعتقده.


ولم يكن ابن تيمية -رحمه الله- مزدوج الشخصية، ولا صاحب منهجين ولا وجهين، ولم يكن ممن يستغفل الجمهور هنا وهناك، ولم يكن يقول شيئاً للخاصة مختلفاً عما يقوله للعامة، بل كان القول عنده واحداً.


قال ابن تيمية: (وما كتبت شيئاً من هذا ليكتم عن أحد ولو كان مبغضاً).


وما كان يفتي ليرى مكانه، أو ليجمع جمهوره، أو ليحصد رضى القنوات الفضائية، بل كان يقف عند الحق. قال ابن تيمية: (إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تشكل عليَّ، فأستغفر الله تعالى ألف مرة، أو أكثر أو أقل، حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل).


ومع كل ذلك لم يرتدع خصومه عن بغيهم وظلمهم وافترائهم على ابن تيمية، بل حشدوا رعاع الناس، من أهل الخرافات والأهواء ضده، وخاصة من يتاجرون بمراقد ومقابر الأموات، ويجنون من العامة والبسطاء الأموال الكثيرة، فاستمالوا الأمراء الذين يعظمون الخرافة، ويعمرون المقابر ويخربون العمران، وكذبوا على ابن تيمية عند بقية الناس، وألبوا السلطان عليه، حسداً من عند أنفسهم.


حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ***فالقوم أعداء لـه وخصومُ
كضرائر الحسناء قلن لوجهها *** حسدا وبغيا: إنه لدميـمُ


ثم تسببوا في سجنه مرات وكرات، وهم لا يرضون إلا بقتله بعد أن كفروه، وأهدر بعضهم دمه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فسجن عدة مرات، ثم جاء سجنه الأخير الذي مات فيه، فأرادوا أن يُمعنوا في إيذائه وهو مسجون، فقاموا بمنعه من الكتابة، ليقفوا كلمة الحق، حيث صادروا منه أقلامه وكتبه، ووضعوه في زنزانة مظلمة، أضرت ببصره، وكانت مصادرة الأوراق والأقلام أشد شيء على نفس هذا العالم الكبير، فحرموه من كل شيء حتى من كتابة الكلمة.


وهكذا هم أعداء الكلمة الحرة في كل زمان ومكان، تفرد لهم الصفحات والجرائد والمنابر، ويحرمون منها خصومهم، ويؤلبون السلاطين على مخالفيهم في الفكر، ثم يصيحون متباكين في صحفهم الزرقاء والخضراء والبيضاء على الكلمة الحرة!!


قال ابن عبدالهادي: (فلما كان قبل وفاته بأشهر ورد مرسوم السلطان بإخراج ما عنده كله، ولم يبق عنده كتاب ولا ورقة ولا دواة ولا قلم، وكان بعد ذلك إذا كتب ورقة إلى بعض أصحابه يكتبها بفحم، وقد رأيت أوراقا عدة بعثها إلى أصحابه وبعضها مكتوب بفحم).


وهذه آخر رسالة كتبها ابن تيمية قبل وفاته بنحو شهر ونصف، كتبها بالفحم لما أخرجوا منه الأقلام والأوراق، فاضطر لغسل رسائل تلاميذه التي كانت ترسل له من قبلهم، ثم الكتابة عليه مرة أخرى.


يقول في رسالته الأخيرة: (ونحن ولله الحمد والشكر في نعم عظيمة تتزايد كل يوم، ويجدد الله تعالى من نعمه نعماً أخرى، وخروج الكتب كان من أعظم النعم، فإني كنت حريصاً على خروج شيء منها لتقفوا عليه، وهم كرهوا خروج الأخنائية -أي كتابه الذي رد فيه على الإخنائي الصوفي- فاستعملهم الله تعالى في إخراج الجميع، وإلزام المنازعين بالوقوف عليه، وبهذا يظهر ما أرسل الله به رسوله من الهدى ودين الحق.
فإن هذه المسائل كانت خفية على أكثر الناس، فإذا ظهرت: فمن كان قصده الحق هداه الله، ومن كان قصده الباطل قامت عليه حجة الله).


ثم قال: (والأوراق التي فيها جواباتكم غُسلت، وأنا طيب وعيناي طيبتان أطيب ما كانتا، ونحن في نعم عظيمة لا تحصى ولا تعد والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كل ما يقضيه الله تعالى فيه الخير والرحمة والحكمة {إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو القوي العزيز العليم الحكيم} ولا يدخل على أحد ضرر إلا من ذنوبه {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} فالعبد عليه أن يشكر الله ويحمده دائماً على كل حال، ويستغفر من ذنوبه فالشكر يوجب المزيد من النعم، والاستغفار يدفع النقم، ولا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).


قال ابن عبدالهادي معلقاً على هذه الرسالة: (وهذه الورقة كتبها الشيخ وأرسلها بعد خروج الكتب من عنده بأكثر من ثلاثة أشهر في شهر شوال قبل وفاته بنحو شهر ونصف، ولما أخرج ما عنده من الكتب والأوراق .. أقبل الشيخ بعد إخراجها على العبادة والتلاوة والتذكر والتهجد حتى أتاه اليقين، وختم القرآن مدة إقامته بالقلعة ثمانين أو إحدى وثمانين ختمة انتهى في آخر ختمة إلى آخر اقتربت الساعة: {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر}).


وهكذا أراد خصومه أن يحبسوا كلمته الحرة الصادقة، حتى لا تصل للناس فيتحرروا من سلطان الخرافة، وقيود الأوهام، وأغلال الهوى، حتى وصل بهم الأمر إلى انتزاع الأوراق والأقلام منه، كل ذلك خوفاً ورعباً من كلماته الناطقة بالحق واليقين!
لكنَّ مرادهم خاب وخسر، فهذه هي كلمات الإمام ابن تيمية تملأ العالم كله، وهذه كتبه ولله الحمد تطبع وتوزع في كل مكان، والناس مقلبة برغبة عارمة على كتبه وكلماته وفي كل فن وعلم.


وهنا أتذكر ما قاله أحد العلماء الأفاضل في زمن ابن تيمية، حينما كتب رسالة إلى تلاميذ شيخ الإسلام بعد وفاته –رحمه الله- يوصيهم بكتب الشيخ، ويحثهم على نشر علمه، ويطيب خواطرهم بأن المستقبل للحق بإذن الله.
يقول أحمد بن مري الحنبليفي رسالته: (والله إن شاء الله ليقيمن الله سبحانه لنصر هذا الكلام، ونشره وتدوينه وتفهمه، واستخراج مقاصده واستحسان عجائبه وغرائبه رجالٌ هم إلى الآن في أصلاب آبائهم، وهذه هي سنَّة الله الجارية في عباده وبلاده).


فتأمل أخي القارئ الكريم كيف ظهر أمر شيخ الإسلام ابن تيمية، وطارت كتبه في الآفاق، ووصلت كلمته إلى أقاصي المشرق والمغرب، ونال مئات من الباحثين الدرجات العلمية في دراسة علمه في شتى الفنون، وكتبت فيه آلاف الكتب، وأصبح اسمه على كل لسان، وفي المقابل أصبح كثير من أعدائه لا يذكرون بأسمائهم، وإذا ذكروا فإنما يذكرون لاقترانهم بحوادث تعرض لها ابن تيمية

عطر الشام
10 May 2009, 08:30 AM
http://img252.imageshack.us/img252/1122/58uo0.gif


الاستاز الفاضل قائد الكتائب

بارك الله فيك ربي يحميك ويرعاك

رحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية


http://images.google.com.sa/url?source=imgres&ct=img&q=http://www.taimiah.org/images/101.jpg&usg=AFQjCNEemijBnBkLSYL7wF5T_rzOON2ZBg

ابو ساريه
10 May 2009, 01:10 PM
بارك الله فيك أخي الغالي قائد فقد عطرت المنتدى برسالة شيخ الإسلام والله ماذكرت سيرة شيخ الإسلام إلا وترى السامع ينصت بتركيزوالمشغول يترك شغله لينصت ويستمع
والكلام عنه رحمه الله يأسر القلوب ويجعل العين تدمع والفكر يصول ويجول في زمان كان فيه شيخ الإسلام رحمه الله فتقول كم هم محظوظون قوما فيهم مثل هذا الشيخ الجليل
ورحم الله شيخ الإسلام إبن تيميه وأسكنه الفردوس الأعلا مع حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء

(فالعالم الذي أظلم ظلاماً يكاد أن يكون كاملاً قبل أن يبدأ هذا الرجل دعوته قد كان يتطلع وينتظر قدوم مثل هذا الرجل ليبدد ظلمات الفلسفة والزندقة، والإلحاد، والشرك بكل مظاهره، والباطنية بكل أعلامها والإتحادية، وأيضاً ظلام الحكام المتجبرين والعملاء المأجورين، وأكثر من هذا ظلام وعدوان التتر المتسترين بالإسلام، والنصيرية والرافضة المعادين لأهل الإسلام، والموالين لأهل الكفر والطغيان لقد كان العالم الإسلامي في أمس الحاجة إلى عالم مجدد جرئ شجاع يستطيع أن يقول الحق لكل أولئك وهو لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يخشى سجناً ولا تعذيباً، ولا غربة ولا نفياً.. بل ولا قتلاً.. فكان ابن تيمية الذي جعله الله أولا وعاء عظيما استوعب علم الكتاب والسنة، ثم وسع كل علوم وترهات وأكاذيب أولئك الضلال وعرف بعد ذلك كيف يكر عليها ويبطلها باطلا باطلا، ولا يستطيع أحد منهم أن يقف أمامه أو يحاربه أو يلبس على الناس عنده..) مابين القوسين منقول

بارك الله فيك أخي قائد على ما أبدعت أناملك دعواتك لنا أخي الحبيب

قائد_الكتائب
10 May 2009, 10:10 PM
بارك الله فيك اخية عطر على ردك الطيب ..
وبارك الله فيك اخانا الحبيب ابو سارية .. اسأله جل في علاه ان لا يجعل لجسدك قبرا يضمه ولا كفنا يلمه ، بل اشلاءاشلاء في سبيل الله ونحن اياكم ..
ولله در شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ولله در كلاماته التي تلامس القلوب وتحيي النفوس بالهمة

والعزيمة والثبات فكلما سمعت قوله " ولن يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه " زادتنا ثباتا وعزيمة .
رحمه الله تعالى واسكنه الفردوس الاعلى من الجنان