الثابتي
27 Apr 2009, 12:52 PM
أخي.. قف قبل أن تغتاب
أخي الحبيب قف مع نفسك وقفات قبل أن نغتاب إخوانك.
الوقفة الأولى: هل الغيبة عمل صالح تتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، فتزيد من حسناتك وتزيدك بالتالي قربا من الجنة، أم أنّها على النقيض من ذلك؟
الوقفة الثانية: هل تحب أن يغتابك أحد، فيذكر عيوبك ومساوئك ـ وما أكثر العيوب والمساوئ ـ فإن كنت لا تحب ذلك فإنّ إخوانك لا يحبون ذلك.
الوقفة الثالثة: تذكّر قبل أن تغتاب إخوانك هذه الآية: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: 12].
الوقفة الرابعة: تذكّر قبل أن تغتاب أن الغيبة بضاعة الجبناء من الناس، فالمغتاب لا يتكلم إلاّ في حال الغيبة، ولو كان شجاعا لتكلّم وأظهر ما في نفسه في حال وجود من اغتاب في الخفاء، ولكنه جبان وضعيف الشخصية؟!
هل تحب أن تتصف بهذه الصفة القبيحة التي تخرم إنسانيتك؟
الوقفة الخامسة: تذكّر قبل أن تغتاب أن الغيبة زيادة ونقصان، فهي زيادة في ذنوبك وسيئاتك، ونقصان في أجرك وحسناتك، والسيئات والحسنات هي بضاعتك يوم القيامة، فلك أن تختار في هذه الدنيا أن تزيد من حسناتك أو أن تزيد في سيئاتك، والرابح أو الخاسر في ذلك كله أنت، فاختر لنفسك.
الوقفة السادسة: تذكّر قبل أن تغتاب هذه الأحاديث الشريفة وضعها نصب عينيك، وحريٌّ بك أن تحفظها:
قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».
وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيّن فيها، يزلُّ بها في النار أبعد مما بين المشرق» وفي رواية مسلم «والمغرب». وقوله عليه الصلاة والسلام: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله». وقوله صلى الله عليه وسلم: «لمّا عُرِجَ بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم»، وقوله لما مرّ على قبرين يعذب صاحباهما، فقال: «إنّهما يعذبان وما يعذبان في كبير وبلى، أما أحدهما فكان يغتاب الناس وأما الآخر فكان لا يتأذى من البول»، فدعا بجريدة رطبة أو بجريدتين فكسرهما ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما إنّه سيهوّن من عذابهما ما كانتا رطبتين أو لم تيبسا».
الوقفة السابعة: تذكّر قبل كل شيء، من تعصي بالغيبة؟ هل تعصي فلان وفلان؟ هل تخالف أمر فلان وفلان؟ لا، إنك تعصي الله سبحانه وتعالى، إنّك تخالف أمر خالقك وموجدك ورازقك والمتفضل عليك سبحانه وتعالى، إنّك بالغيبة تحارب الله عز وجل، فهل تحب أن تكون ممن يحاربون الله عز وجل؟
أخي الحبيب.. قف قبل النميمة
الوقفة الأولى: تذكّر قبل النميمة ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث في شأن النميمة ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قتّات»، وفي رواية: «لا يدخل الجنة نمّام»، وقوله عندما مرّ على قبرين يعذب صاحباهما، فقال : «يعذبان وما يعذبان في كبير وإنه لكبير: كان أحدهما لا يستتر من البول وكان الآخر يمشي بالنميمة» ثم دعا بجريدة فكسرها بكسرتين ـ أو اثنتين ـ فجعل كسرة في قبر هذا وكسرة في قبر هذا، فقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا».
الوقفة الثانية: تذكّر قبل النميمة أن النميمة بضاعة شرار الخلق، وأن النمّامين هم شرار الأمة؛ فعن أسماء بنت يزيد قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخياركم»، قالوا: بلى، قال: «الذين إذا رؤوا ذُكِرَ الله، أفلا أخبركم بشراركم» قالوا: بلى، قال: «المشّاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة.. » إلى آخر الحديث.
الوقفة الثالثة: تذكّر قبل النميمة أن من كمال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، عن أنس عن النبي قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». فهل تحب أن ينمَّ عليك أحد فيفرق بينك وبين من تحب؟ فإن كنت لا تحب ذلك فلا تجعل النميمة بضاعةً لك تفرق بها بين الأحبة، وأَحِبَّ لإخوانك ما تحب لنفسك.
الوقفة الرابعة: تذكّر قبل النميمة أن من تحاول الإفساد بينهم بالنميمة سوف يكونون خصومك يوم القيامة، ذلك اليوم العظيم الذي لا حساب فيه إلاّ بالحسنات والسيئات.
الوقفة الخامسة: تذكّر قبل النميمة أن أمرك سيكشف أمام الناس في يوم من الأيام، فتصبح بعد ذلك وحيدا فريدا منبوذا بين الناس، لا صاحب لك ولا محب.
الوقفة السادسة: تذكّر قبل النميمة الموت وسكراته، وقصر الحياة الدنيا، وقرب الأجل وسرعة الإنتقال إلى الدار الآخرة، وضمة القبر وعذابه، والقيامة وأهوالها، والنار وأغلالها.
الوقفة السابعة: تذكّر قبل كل شيء أنّك بالنميمة تخالف أمر الله تعالى، وتعلن الحرب على شرع الله سبحانه وتعالى، فاحذر الوقوع في هذا الأمر ولا تلقي بنفسك إلى التهلكة.
أسباب ودوافع الغيبة والنميمة:
1- ضعف الإيمان: وذلك بعدم الاكتراث بعقاب الله وعدم الاكتراث بمعصيته عز وجل.
2- التربية السيئة التي ينشأ عليها الطفل.
3- الرفقة السيئة: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
4- الكِبرُ والتعالي، واغترار الإنسان بنفسه، ورؤيته لها أنّها أفضل من الآخرين.
5- الحقد والحسد اللذان يدفعان بالإنسان أن يغتاب غيره.
6- التسلية وإضاعة وقت الفراغ.
7- إرضاء الآخرين من أصحابه.
8- الجهل، وذلك إما جهلاً بحكم الغيبة والنميمة، أو جهلاً بعاقبتهما السيئة وأليم عقاب الله سبحانه عليهما.
طرق علاج الغيبة والنميمة:
1- التربية الحسنة والقدوة الصالحة.
2- الرفقة الصالحة التي تعين على الخير وتحذر من الشر.
3- إعمار وقت الفراغ، لأنّ الفراغ سلاح ذو حدين، فمن استغله في الخير فهو الرابح في الدنيا والآخرة.
4- تقديم رضى الله على رضى الآخرين.
5- القناعة والرضى بما وهب الله سبحانه وتعالى وحمده على كل حال.
6- تقوية الإيمان، وذلك بالعلم النافع وكثرة الأعمال الصالحة.
7- الإنشغال بعيوبك عن الآخرين، وذلك بالبحث عنها ومعالجتها والتخلص منها.
فتاوى في الغيبة والنميمة:
سؤال: لي صديق كثيرا ما يتحدث في أعراض الناس، وقد نصحته ولكن دون جدوى، ويبدو أنها أصبحت عنده عادة، وأحياناً يكون كلامه في الناس عن حسن نية. فهل يجوز هجره؟
الجواب: الكلام في أعراض المسلمين بما يكرهون منكر عظيم ومن الغيبة المحرمة بل من كبائر الذنوب، لقول الله سبحانه: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: 12].
ولما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «أتدرون ما الغيبة؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: «ذكرك أخاك بما يكره»، قيل: يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه»، وصح عنه صلى الله عليه وسلم، أنّه لما عرج به مرّ على قوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: «يا جبريل من هؤلاء ؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه، وقال العلامة ابن مفلح إسناده صحيح، قال: وخرّج أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أن من الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق».
والواجب عليك وعلى غيرك من المسلمين، عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته والإنكار عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم في صحيحه].
فإن لم يمتثل فاترك مجالسته؛ لأنّ ذلك من تمام الإنكار عليه.
أصلح الله حال المسلمين ووفقهم لما فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة. (سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز).
سؤال: فضيلة الشيخ، جماعة فاكهةُ مجالسهم الغيبة والنميمة ولعب الورقة وغيرها، السؤال: هل تجوز مجالستهم مع العلم أنهم جماعتي وتربطني بأكثرهم علاقة أخوية ونسب وصداقة وغيرها؟
الجواب: هؤلاء الجماعة الذين فاكهةُ مجالسهم أكل لحوم إخوانهم ميتين، هؤلاء في الحقيقة سفهاء، لأنّ الله يقول في القرآن الكريم: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: 12]. فهؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس والعياذ بالله، في مجالسهم قد فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب، والواجب عليك نصيحتهم، فإن امتثلوا وتركوا ما هم فيه فذاك، وإلا يجب عليك أن تقوم عنهم؛ لقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [سورة النساء: 140].
فلما جعل القاعدين مع هؤلاء الذين يسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، لما جعلهم في حكمهم مع أنّ هذا أمر عظيم يُخرج من الملة، فإنّ من شارك العصاة فيما دون ذلك مثل هؤلاء الذين شاركوا هؤلاء العصاة الذين كفروا بآيات الله واستهتروا بها، فيكون الجالس في مكان الغيبة كالمغتاب في الإثم، فعليك أن تفارق مجالسهم وأن لا تجلس معهم، وكونك تربطك بهم رابطة قوية، فهذا لا ينفعك يوم القيامة ولا ينفعك إذا انفردت في قبرك، فعمّا قريب سوف تفارقهم أو يفارقونك، ثم ينفرد كل منكم بما عمل. وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [سورة الزخرف: 67] (فضيلة الشيخ ابن عثيمين).
سؤال: فضيلة الشيخ ما نصيحتكم حفظكم الله تعالى لأصحاب الغيبة والنميمة والمتفكّهين بأعراض المسلمين؟
الجواب: لا شك أن الغيبة ذنب عظيم؛ حيث أن فيه الاستهزاء بالمسلمين والسخرية منهم والتنقّص لهم بذكر المعايب، وإفشاء الخفايا، والتنقيب عن المساوئ، مع ستر المحاسن. ولذلك ورد النهي الشديد عن الغيبة فقال تعالى: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات:12].
وهذا تشويه لهذا الفعل وتبشيع للفاعل بأنّه كالذي يأكل لحم الميت. وقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سمِع بعض أصحابه يغتابون مسلما، ثم أنّه مر يجيفة خائسة فدعاهما، وقال: «انزلا فكلا من هذه» فاستغربا ذلك، فأخبرهما عليه الصلاة والسلام بأن الذي أكلاه من لحم أخيهما أشد وأفحش من أكل هذه الجيفة. وثبت أن عائشة ـ أو غيرها من أمهات المؤمنين ـ قالت: "يا رسول الله حسبك من صفية كذا وكذا"، تعني أنّها قصيرة، فقال: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيّرته»، وقد فسر النبي الغيبة بأنّها «ذكرك أخاك بما يكره»، قالوا: يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول بهتّه».
وأما النميمة فهي نقل كلام الغير على وجه التحريش والإفساد، وقد ورد في الحديث: «لا يدخل الجنة قتّات» أي نمّام [رواه مسلم]. وورد في الحديث: «ألا أخبركم ما العضة؟ هي النميمة القالة بين النّاس». ولذلك قال بعض العلماء: "يفسد النمّام في الساعة ما لا يفسد الساحر في السنة" ولذلك ذمّ الله الذي يفعل ذلك بقوله: {هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيم} وقوله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}، وهو النمّام.
وحيث ورد فيه الوعيد بأنّه لا يدخل الجنة، فإنّه يدل على أنّه من الكبائر، فننصح المسلم عن التعرّض للغيبة والنميمة وجعل الأعراض فاكهة المجالس، وأن يذبّ المسلم عن تعرّض أخيه في غيبته حتى ينصره الله ويثيبه على نصر المسلمين، والله أعلم. (فضيلة الشيخ ابن جبرين).
أخيرا أخي الحبيب.. يمكنك الرجوع لكتاب: (احذر البضاعة الذميمة، الغيبة والنميمة)
أخي الحبيب قف مع نفسك وقفات قبل أن نغتاب إخوانك.
الوقفة الأولى: هل الغيبة عمل صالح تتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، فتزيد من حسناتك وتزيدك بالتالي قربا من الجنة، أم أنّها على النقيض من ذلك؟
الوقفة الثانية: هل تحب أن يغتابك أحد، فيذكر عيوبك ومساوئك ـ وما أكثر العيوب والمساوئ ـ فإن كنت لا تحب ذلك فإنّ إخوانك لا يحبون ذلك.
الوقفة الثالثة: تذكّر قبل أن تغتاب إخوانك هذه الآية: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: 12].
الوقفة الرابعة: تذكّر قبل أن تغتاب أن الغيبة بضاعة الجبناء من الناس، فالمغتاب لا يتكلم إلاّ في حال الغيبة، ولو كان شجاعا لتكلّم وأظهر ما في نفسه في حال وجود من اغتاب في الخفاء، ولكنه جبان وضعيف الشخصية؟!
هل تحب أن تتصف بهذه الصفة القبيحة التي تخرم إنسانيتك؟
الوقفة الخامسة: تذكّر قبل أن تغتاب أن الغيبة زيادة ونقصان، فهي زيادة في ذنوبك وسيئاتك، ونقصان في أجرك وحسناتك، والسيئات والحسنات هي بضاعتك يوم القيامة، فلك أن تختار في هذه الدنيا أن تزيد من حسناتك أو أن تزيد في سيئاتك، والرابح أو الخاسر في ذلك كله أنت، فاختر لنفسك.
الوقفة السادسة: تذكّر قبل أن تغتاب هذه الأحاديث الشريفة وضعها نصب عينيك، وحريٌّ بك أن تحفظها:
قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».
وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيّن فيها، يزلُّ بها في النار أبعد مما بين المشرق» وفي رواية مسلم «والمغرب». وقوله عليه الصلاة والسلام: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله». وقوله صلى الله عليه وسلم: «لمّا عُرِجَ بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم»، وقوله لما مرّ على قبرين يعذب صاحباهما، فقال: «إنّهما يعذبان وما يعذبان في كبير وبلى، أما أحدهما فكان يغتاب الناس وأما الآخر فكان لا يتأذى من البول»، فدعا بجريدة رطبة أو بجريدتين فكسرهما ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما إنّه سيهوّن من عذابهما ما كانتا رطبتين أو لم تيبسا».
الوقفة السابعة: تذكّر قبل كل شيء، من تعصي بالغيبة؟ هل تعصي فلان وفلان؟ هل تخالف أمر فلان وفلان؟ لا، إنك تعصي الله سبحانه وتعالى، إنّك تخالف أمر خالقك وموجدك ورازقك والمتفضل عليك سبحانه وتعالى، إنّك بالغيبة تحارب الله عز وجل، فهل تحب أن تكون ممن يحاربون الله عز وجل؟
أخي الحبيب.. قف قبل النميمة
الوقفة الأولى: تذكّر قبل النميمة ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث في شأن النميمة ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قتّات»، وفي رواية: «لا يدخل الجنة نمّام»، وقوله عندما مرّ على قبرين يعذب صاحباهما، فقال : «يعذبان وما يعذبان في كبير وإنه لكبير: كان أحدهما لا يستتر من البول وكان الآخر يمشي بالنميمة» ثم دعا بجريدة فكسرها بكسرتين ـ أو اثنتين ـ فجعل كسرة في قبر هذا وكسرة في قبر هذا، فقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا».
الوقفة الثانية: تذكّر قبل النميمة أن النميمة بضاعة شرار الخلق، وأن النمّامين هم شرار الأمة؛ فعن أسماء بنت يزيد قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخياركم»، قالوا: بلى، قال: «الذين إذا رؤوا ذُكِرَ الله، أفلا أخبركم بشراركم» قالوا: بلى، قال: «المشّاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة.. » إلى آخر الحديث.
الوقفة الثالثة: تذكّر قبل النميمة أن من كمال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، عن أنس عن النبي قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». فهل تحب أن ينمَّ عليك أحد فيفرق بينك وبين من تحب؟ فإن كنت لا تحب ذلك فلا تجعل النميمة بضاعةً لك تفرق بها بين الأحبة، وأَحِبَّ لإخوانك ما تحب لنفسك.
الوقفة الرابعة: تذكّر قبل النميمة أن من تحاول الإفساد بينهم بالنميمة سوف يكونون خصومك يوم القيامة، ذلك اليوم العظيم الذي لا حساب فيه إلاّ بالحسنات والسيئات.
الوقفة الخامسة: تذكّر قبل النميمة أن أمرك سيكشف أمام الناس في يوم من الأيام، فتصبح بعد ذلك وحيدا فريدا منبوذا بين الناس، لا صاحب لك ولا محب.
الوقفة السادسة: تذكّر قبل النميمة الموت وسكراته، وقصر الحياة الدنيا، وقرب الأجل وسرعة الإنتقال إلى الدار الآخرة، وضمة القبر وعذابه، والقيامة وأهوالها، والنار وأغلالها.
الوقفة السابعة: تذكّر قبل كل شيء أنّك بالنميمة تخالف أمر الله تعالى، وتعلن الحرب على شرع الله سبحانه وتعالى، فاحذر الوقوع في هذا الأمر ولا تلقي بنفسك إلى التهلكة.
أسباب ودوافع الغيبة والنميمة:
1- ضعف الإيمان: وذلك بعدم الاكتراث بعقاب الله وعدم الاكتراث بمعصيته عز وجل.
2- التربية السيئة التي ينشأ عليها الطفل.
3- الرفقة السيئة: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
4- الكِبرُ والتعالي، واغترار الإنسان بنفسه، ورؤيته لها أنّها أفضل من الآخرين.
5- الحقد والحسد اللذان يدفعان بالإنسان أن يغتاب غيره.
6- التسلية وإضاعة وقت الفراغ.
7- إرضاء الآخرين من أصحابه.
8- الجهل، وذلك إما جهلاً بحكم الغيبة والنميمة، أو جهلاً بعاقبتهما السيئة وأليم عقاب الله سبحانه عليهما.
طرق علاج الغيبة والنميمة:
1- التربية الحسنة والقدوة الصالحة.
2- الرفقة الصالحة التي تعين على الخير وتحذر من الشر.
3- إعمار وقت الفراغ، لأنّ الفراغ سلاح ذو حدين، فمن استغله في الخير فهو الرابح في الدنيا والآخرة.
4- تقديم رضى الله على رضى الآخرين.
5- القناعة والرضى بما وهب الله سبحانه وتعالى وحمده على كل حال.
6- تقوية الإيمان، وذلك بالعلم النافع وكثرة الأعمال الصالحة.
7- الإنشغال بعيوبك عن الآخرين، وذلك بالبحث عنها ومعالجتها والتخلص منها.
فتاوى في الغيبة والنميمة:
سؤال: لي صديق كثيرا ما يتحدث في أعراض الناس، وقد نصحته ولكن دون جدوى، ويبدو أنها أصبحت عنده عادة، وأحياناً يكون كلامه في الناس عن حسن نية. فهل يجوز هجره؟
الجواب: الكلام في أعراض المسلمين بما يكرهون منكر عظيم ومن الغيبة المحرمة بل من كبائر الذنوب، لقول الله سبحانه: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: 12].
ولما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «أتدرون ما الغيبة؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: «ذكرك أخاك بما يكره»، قيل: يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه»، وصح عنه صلى الله عليه وسلم، أنّه لما عرج به مرّ على قوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: «يا جبريل من هؤلاء ؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه، وقال العلامة ابن مفلح إسناده صحيح، قال: وخرّج أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أن من الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق».
والواجب عليك وعلى غيرك من المسلمين، عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته والإنكار عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم في صحيحه].
فإن لم يمتثل فاترك مجالسته؛ لأنّ ذلك من تمام الإنكار عليه.
أصلح الله حال المسلمين ووفقهم لما فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة. (سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز).
سؤال: فضيلة الشيخ، جماعة فاكهةُ مجالسهم الغيبة والنميمة ولعب الورقة وغيرها، السؤال: هل تجوز مجالستهم مع العلم أنهم جماعتي وتربطني بأكثرهم علاقة أخوية ونسب وصداقة وغيرها؟
الجواب: هؤلاء الجماعة الذين فاكهةُ مجالسهم أكل لحوم إخوانهم ميتين، هؤلاء في الحقيقة سفهاء، لأنّ الله يقول في القرآن الكريم: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: 12]. فهؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس والعياذ بالله، في مجالسهم قد فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب، والواجب عليك نصيحتهم، فإن امتثلوا وتركوا ما هم فيه فذاك، وإلا يجب عليك أن تقوم عنهم؛ لقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [سورة النساء: 140].
فلما جعل القاعدين مع هؤلاء الذين يسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، لما جعلهم في حكمهم مع أنّ هذا أمر عظيم يُخرج من الملة، فإنّ من شارك العصاة فيما دون ذلك مثل هؤلاء الذين شاركوا هؤلاء العصاة الذين كفروا بآيات الله واستهتروا بها، فيكون الجالس في مكان الغيبة كالمغتاب في الإثم، فعليك أن تفارق مجالسهم وأن لا تجلس معهم، وكونك تربطك بهم رابطة قوية، فهذا لا ينفعك يوم القيامة ولا ينفعك إذا انفردت في قبرك، فعمّا قريب سوف تفارقهم أو يفارقونك، ثم ينفرد كل منكم بما عمل. وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [سورة الزخرف: 67] (فضيلة الشيخ ابن عثيمين).
سؤال: فضيلة الشيخ ما نصيحتكم حفظكم الله تعالى لأصحاب الغيبة والنميمة والمتفكّهين بأعراض المسلمين؟
الجواب: لا شك أن الغيبة ذنب عظيم؛ حيث أن فيه الاستهزاء بالمسلمين والسخرية منهم والتنقّص لهم بذكر المعايب، وإفشاء الخفايا، والتنقيب عن المساوئ، مع ستر المحاسن. ولذلك ورد النهي الشديد عن الغيبة فقال تعالى: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات:12].
وهذا تشويه لهذا الفعل وتبشيع للفاعل بأنّه كالذي يأكل لحم الميت. وقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سمِع بعض أصحابه يغتابون مسلما، ثم أنّه مر يجيفة خائسة فدعاهما، وقال: «انزلا فكلا من هذه» فاستغربا ذلك، فأخبرهما عليه الصلاة والسلام بأن الذي أكلاه من لحم أخيهما أشد وأفحش من أكل هذه الجيفة. وثبت أن عائشة ـ أو غيرها من أمهات المؤمنين ـ قالت: "يا رسول الله حسبك من صفية كذا وكذا"، تعني أنّها قصيرة، فقال: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيّرته»، وقد فسر النبي الغيبة بأنّها «ذكرك أخاك بما يكره»، قالوا: يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول بهتّه».
وأما النميمة فهي نقل كلام الغير على وجه التحريش والإفساد، وقد ورد في الحديث: «لا يدخل الجنة قتّات» أي نمّام [رواه مسلم]. وورد في الحديث: «ألا أخبركم ما العضة؟ هي النميمة القالة بين النّاس». ولذلك قال بعض العلماء: "يفسد النمّام في الساعة ما لا يفسد الساحر في السنة" ولذلك ذمّ الله الذي يفعل ذلك بقوله: {هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيم} وقوله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}، وهو النمّام.
وحيث ورد فيه الوعيد بأنّه لا يدخل الجنة، فإنّه يدل على أنّه من الكبائر، فننصح المسلم عن التعرّض للغيبة والنميمة وجعل الأعراض فاكهة المجالس، وأن يذبّ المسلم عن تعرّض أخيه في غيبته حتى ينصره الله ويثيبه على نصر المسلمين، والله أعلم. (فضيلة الشيخ ابن جبرين).
أخيرا أخي الحبيب.. يمكنك الرجوع لكتاب: (احذر البضاعة الذميمة، الغيبة والنميمة)