همي الدعوه
29 Mar 2009, 03:22 PM
الطفل بين أمواج الفضاء
نشهد تطوراً محموماً في وسائل الإعلام المختلفة التي فرضت مكانتها ومتابعتها على الأمم والشعوب، وأصبحت زاداً لا يمكن الاستغناء عنه حتى شكل قيم وأهداف المجتمع كل على حسب مشربه.
ومن الوسائل الإعلامية التي اخترقت بيوتنا بتدرج مذهل واحترافية مباشرة هي القنوات الفضائية، فقبل بضع عقود من الزمن في بعض البلدان كان الذي يسمع بأن لديه تلفاز في بيته يعتبر مصدر دمار على من يحيط به لرعيته يرمى سطح بيته بالنبال، وينظر له بنظرة ازدراء تنسف مكانته بين أهله ومجتمعه.
ونحن اليوم نجد بأن بيوتاً ألفت هذه القنوات حتى أصبحت وجبات دسمة كل يوم لجميع أفراد العائلة، ولعل السؤال الذي أجاب عليه أحد الأطفال: مم تتكون أسرتك؟ فقال: من بابا وماما وجدتي والتلفزيون.. خير دليل على تأثير الشاشة الفضائية في المنزل.
لن أصدع الرؤوس بحال بعض البيوت التي تركت الحبل على الغارب وفتحت مفاتيح الانحراف بإهمالها، ولن أسرد لكم ما تمخضت عنه تربية الفضائيات السيئة على مجتمعاتنا.
ولن أوجه العتب واللوم على غياب دور الآباء في اختيار نوعية البرامج التي يتم مشاهدتها.
لكن حديثي عبر هذه المقالة عن كيفية تجاوز المخاطر التي تبثه الفضائيات السيئة في ظل التحديات المعاصرة:
من الفضائيات من تلعب دوراً مهماً في صناعة الإنسان وتميزه وتقريبه لرب السماوات، ومنها من تخوض حرباً شعواء على الأفكار والمعتقدات، ومنها من تميزت في تأجج الشهوات وزيادة عداد صحيفة السيئات حتى أصبح المربي في حيرة من أمره في التعامل مع هذا الواقع الذي فرض على أكثرنا دخول الفضائيات إلى بيوتنا.
والسؤال الأهم الذي أريد أن أتحدث عنه: كيف نتجاوز مخاطر الفضائيات السيئة على الطفل؟.
أولاً: استشعار الخطر الذي يصدر من القنوات الفضائية الخطيرة على ديننا.
فحينما يستشعر المربي والناصح بأن من قنواتنا من تميت الأخلاق، وتزرع التشرذم العائلي، وتؤجج الشهوات، وتربي على الخيانة، وتفسد الأطفال، وتعد خيوطاً محبوكة لبعد الإنسان عن دينه فإنه يبحث مباشرة لمئات الحلول التي يسلكها لتجاوز المزالق التي تسقط مجتمعه وأسرته.
وفي حال تهميش خطر الفضائيات في النفس فإن السوس ينخر في مجتمعه وهو لا يعلم.
الفضائيات.. من التحديات المعاصرة التي ينبغي أن نؤمن بأنها خلقت جواً مناسباً يستمتع فيه المشاهد، ويقضي عليه أوقاتاً طويلة، فما يقضيه الشاب أو الشابة مع التلفزيون أو الإنترنت أكثر مما يقضيه من وقت مع والديه وفي حجرته الدراسية.
ولقد دلت دراسات على أن الطالب في المرحلة الابتدائية يكون قد قضى من (700 – 800) ساعة في المدرسة في العام، بينما يقضي أكثر من (1000) ساعة مع التلفزيون سنوياً!.
ثانياً: إيجاد البدائل للأطفال.
فضائيات الرسوم المتحركة أسرت أطفالنا بشكل لا يتصور حيث أظهرت أحد الاستطلاعات في ثلاث مدارس للأطفال -ذكورًا وإناثًا- أن 61% من الأطفال يعتمدون على القنوات الفضائية في مشاهدة أفلام الكرتون.
ومن المؤكد أن بعض هذه البرامج تأتى حاملة لقيم البلاد التي أنتجتها، والخوف المؤرق هو انعكاس ثقافتها حيث أن عدداً كبيراً من الآباء والأمهات يسـتأنسون بمكوث أطفالهم أمام الشاشة بدعوى تطبيع الهدوء داخل المنزل.
وحتى لا يعظم جانب الذاتية والعنف، وتقتل القدوة الحسنة لدى أطفالنا ويكتسبون مفاهيم وقناعات تصرفهم عن ديننا الإسلامي، فإنه ينبغي أن نعمل على إيجاد القنوات الفضائية المحافظة للأطفال، ونصرفهم بطرق غير مباشرة عن بعض القنوات الرديئة بشكل دائم؛ لأن المظاهر المشـَاهدة من بعض الأطفال هو ترديدهم لألفاظ وعبارات غريبة، وكذلك تقليد حركات وأصوات لا تمت لديننا بصلة.
إحدى قنوات الأطفال عرضت حلقة لطفلة تتحدث عن المسيحية وتعلم الأطفال كيف يكونوا كاثوليكيين مخلصين بأن يحبوا الآخرين.
وقناة أطفال أخرى تحدثت عن صلاة النصارى ومعتقداتهم ومحبتهم للخير والسلام.
وفي حلقة استضافوا فتاة مسلمة هوايتها الرقص الشرقي، حيث أخذها والدها لراقصة محترفة تعلمها أصول " الرقص " وكان فخوراً بها.
احذروها فإنها شر مستطيل على أطفالنا عند غفلتنا.
لعل المرء يحدث نفسه بإخراج القنوات الفضائية من البيت ألبتة لكي يجعل أطفاله في مأمن من الفتنة والانحراف، ولعل هذا الحل يعتبر عقيماً وغير ناجع؛ لأن الحلول ليست في المنع والحذر فحسب، وإنما تكون في إيجاد البدائل المناسبة المقنعة، وقنوات الأطفال الإسلامية بدأت تنتشر وتأخذ مكانها في الساحة بحمد الله، إلا أن ضعف جاذبية بعضها تجعل الطفل يشتاق ويطلب القنوات الأخرى التي تجذب ولكنها تخرب.
ولكن علينا أن نوفر القنوات الخاصة بالأطفال، مثل القنوات الموجودة للأطفال على رسيفر المجد وعلى رسيفر الفلك، وكذلك القادم من القنوات التي تحمل توجها جيدا في القنوات المفتوحة قريبا بإذن الله والتي نأمل أنها بناءة في مجال الإنتاج للطفل.
ثالثاً: مقاومة الإدمان.
إدمان الأطفال خصوصاً على شاشة التلفاز يحرم الطفل من التواصل والتفاعل مع أسرته، ويفصله عن الواقع والقيم والتقاليد ويكــوِّن جواً قد يجعله يستنشق التفرد والانطواء.
ومن هنا ينبغي أن نجعل توجه أطفالنا لشاشة التلفاز لبرامج معينة في أوقات محددة يتبعها جدولاً من الأنشطة الحركية، والأدوار التربوية التي يجدونها من الأسرة؛ لأن الإدمان من الطفل للبرامج التلفازية يجعله يتمرد على أوامر والديه، ويفقده التفوق في دراسته.
وما لمسته من معايشة طلاب المرحلة الابتدائية في سنة من السنوات وجدت أن بعضهم يجلس على الشاشة حتى بعد منتصف الليل، ويظهر نتاج ذلك سلباً على نشاطهم وتفوقهم الدراسي.
رابعاً: القدوة الحسنة.
- شخصيات الأطفال تعتمد في تنشئتها على سلوك وأفعال الأبوين، وحينما نشارك في إكساب الطفل قدراً من المعاني والأفعال المعبرة فإن ذلك يكون حصناً منيعا له حينما يجد مخالفة ذلك من قبل التلفاز، وعندما نشاركهم في الجلوس معه على التلفاز فإنه ينبغي أن لا نترك المواقف والمشاهد من غير تعليق؛ لأنه يمر بنا مواقف عدة في وجود الأطفال.
والطفل ينتظر منا الموقف أو التعليق، ولذلك فإن مصاحبة الوالدين للأطفال والجلوس معهم أثناء المشاهدة لتنبيههم إلى السلوكيات الخاطئة، فيما يشاهدون من كذب وتحايل وعنف وسرقة وانحرافوتدخين، وتصحيح مفاهيمهم عن الشخصيات التي تعرض لهم بصورة جذابة تحول المدخنين أو تجار المخدرات إلى نماذج قدوة لدى الأطفال.
فلذلك لا بد من مراجعة سلوكياتهم أولاً بأول لتصحيح أي اعوجاج أو تقويم أي خطأ يمكن أن يكتسبه الطفل حال المشاهدة.
إن واجب الوالدين والمربين أن يسهموا في تنشئة الطفل على مبادئ وأخلاق الإسلام، وأن يجتهدوا في الحد من الآثار السلبية للقنوات الفضائية قال تعالى: (( يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ).
وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلكم راع وكل مسئول عن رعيته ) فعلى المربين أن يقوموا بترشيد مشاهدة القنوات الفضائية وذلك بوضع قوانين محددة لمشاهدة التلفاز.
وعلينا أن نربيهم على أن يكونوا مشاهدين ناقدين للمظاهر والقيم المنافية للدين ، والتمييز بين الواقع والخيال، فالطفل في هذه المرحلة لا يستطيع أن يقوم بالتفكير المنطقي.
هناك قنوات تقدم رؤية إسلامية واضحة للمجتمع ، وتعتبر أنموذجاً فريداً بين هذا الكم الهائل من القنوات السيئة وتعتبر بديلاً قوياً في مزاحمة هذه القنوات، لكن الذي يدمي القلب، ويحزن النفس هو تساهل الناس في ترك الحبل على الغارب في البيوت من القنوات التي فيها الخير والشر.
هل يعلم الراعي في أسرته بأن من ضمن هذه القنوات المفتوحة قنوات تدعو إلى التنصير بطرق مباشرة وطرق غير مباشرة كأفلام الكرتون مثلا؟.
هل سمعوا بقصص اللواط والزنا التي تحدث في بعض البيوت بسبب ثوران الشهوة من هذه القنوات؟.
هل يدركون آثار بعض القنوات في تمييع قواعد الدين الإسلامي وثوابته وخصوصاً على الجيل الذي لا يملك الوعي والتمييز بين الحق والباطل؟.
هل يعون بجرم وخطورة المسلسلات المنسوخة والمدبلجة من الغرب في تغيير قناعات وأفكار أسرهم؟.
هناك قنوات حمراء لها جماهير غفيرة تظهر في ثياب الإصلاح وهي أشد حقداً وتتمتم بأخبار متنوعة بين طياتها الفتن التي تزرع العداوة بين أهل الإسلام، وبعضها يشعل فتيل الفرقة بين الأمم والشعوب المسلمة.
وهويتنا الإسلامية ومبادئنا وقيمنا تفرض علينا الوقوف أمام هذا التيار المفسد ومقاومته من خلال تحصين أنفسنا وأبنائنا ومجتمعنا بالتربية الإسلامية والتمسك بالأخلاق الحميدة وتقوية الوازع الديني لمقاومة وإنكار ظواهر هذا الغزو.
وعلى الرغم من صعوبة منع هذا السيل المتدفق من هذه الوسائل إلا أن علينا التركيز على التربية والتحصين الذاتي فمداخل القنوات الفضائية السيئة متعددة والعمل على إغلاقها أمر محال.
ومع ذلك ينبغي أن يكون هناك دور بارز في تأسيس الجانب التربوي لأجيالنا، وتعميق الوازع الديني الذي يعتبر هو الأبقى والآمن مهما تغيرت الظروف.
وقبل الختام:
الشاشات الفضائية للأطفال ليست شراً مطلقاً ولا خيراً مطلقاً، والدور المرتقب منا هو الترشيد والمتابعة.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
بقلم : عبدالله آل يعن الله
عودة ودعوة
نشهد تطوراً محموماً في وسائل الإعلام المختلفة التي فرضت مكانتها ومتابعتها على الأمم والشعوب، وأصبحت زاداً لا يمكن الاستغناء عنه حتى شكل قيم وأهداف المجتمع كل على حسب مشربه.
ومن الوسائل الإعلامية التي اخترقت بيوتنا بتدرج مذهل واحترافية مباشرة هي القنوات الفضائية، فقبل بضع عقود من الزمن في بعض البلدان كان الذي يسمع بأن لديه تلفاز في بيته يعتبر مصدر دمار على من يحيط به لرعيته يرمى سطح بيته بالنبال، وينظر له بنظرة ازدراء تنسف مكانته بين أهله ومجتمعه.
ونحن اليوم نجد بأن بيوتاً ألفت هذه القنوات حتى أصبحت وجبات دسمة كل يوم لجميع أفراد العائلة، ولعل السؤال الذي أجاب عليه أحد الأطفال: مم تتكون أسرتك؟ فقال: من بابا وماما وجدتي والتلفزيون.. خير دليل على تأثير الشاشة الفضائية في المنزل.
لن أصدع الرؤوس بحال بعض البيوت التي تركت الحبل على الغارب وفتحت مفاتيح الانحراف بإهمالها، ولن أسرد لكم ما تمخضت عنه تربية الفضائيات السيئة على مجتمعاتنا.
ولن أوجه العتب واللوم على غياب دور الآباء في اختيار نوعية البرامج التي يتم مشاهدتها.
لكن حديثي عبر هذه المقالة عن كيفية تجاوز المخاطر التي تبثه الفضائيات السيئة في ظل التحديات المعاصرة:
من الفضائيات من تلعب دوراً مهماً في صناعة الإنسان وتميزه وتقريبه لرب السماوات، ومنها من تخوض حرباً شعواء على الأفكار والمعتقدات، ومنها من تميزت في تأجج الشهوات وزيادة عداد صحيفة السيئات حتى أصبح المربي في حيرة من أمره في التعامل مع هذا الواقع الذي فرض على أكثرنا دخول الفضائيات إلى بيوتنا.
والسؤال الأهم الذي أريد أن أتحدث عنه: كيف نتجاوز مخاطر الفضائيات السيئة على الطفل؟.
أولاً: استشعار الخطر الذي يصدر من القنوات الفضائية الخطيرة على ديننا.
فحينما يستشعر المربي والناصح بأن من قنواتنا من تميت الأخلاق، وتزرع التشرذم العائلي، وتؤجج الشهوات، وتربي على الخيانة، وتفسد الأطفال، وتعد خيوطاً محبوكة لبعد الإنسان عن دينه فإنه يبحث مباشرة لمئات الحلول التي يسلكها لتجاوز المزالق التي تسقط مجتمعه وأسرته.
وفي حال تهميش خطر الفضائيات في النفس فإن السوس ينخر في مجتمعه وهو لا يعلم.
الفضائيات.. من التحديات المعاصرة التي ينبغي أن نؤمن بأنها خلقت جواً مناسباً يستمتع فيه المشاهد، ويقضي عليه أوقاتاً طويلة، فما يقضيه الشاب أو الشابة مع التلفزيون أو الإنترنت أكثر مما يقضيه من وقت مع والديه وفي حجرته الدراسية.
ولقد دلت دراسات على أن الطالب في المرحلة الابتدائية يكون قد قضى من (700 – 800) ساعة في المدرسة في العام، بينما يقضي أكثر من (1000) ساعة مع التلفزيون سنوياً!.
ثانياً: إيجاد البدائل للأطفال.
فضائيات الرسوم المتحركة أسرت أطفالنا بشكل لا يتصور حيث أظهرت أحد الاستطلاعات في ثلاث مدارس للأطفال -ذكورًا وإناثًا- أن 61% من الأطفال يعتمدون على القنوات الفضائية في مشاهدة أفلام الكرتون.
ومن المؤكد أن بعض هذه البرامج تأتى حاملة لقيم البلاد التي أنتجتها، والخوف المؤرق هو انعكاس ثقافتها حيث أن عدداً كبيراً من الآباء والأمهات يسـتأنسون بمكوث أطفالهم أمام الشاشة بدعوى تطبيع الهدوء داخل المنزل.
وحتى لا يعظم جانب الذاتية والعنف، وتقتل القدوة الحسنة لدى أطفالنا ويكتسبون مفاهيم وقناعات تصرفهم عن ديننا الإسلامي، فإنه ينبغي أن نعمل على إيجاد القنوات الفضائية المحافظة للأطفال، ونصرفهم بطرق غير مباشرة عن بعض القنوات الرديئة بشكل دائم؛ لأن المظاهر المشـَاهدة من بعض الأطفال هو ترديدهم لألفاظ وعبارات غريبة، وكذلك تقليد حركات وأصوات لا تمت لديننا بصلة.
إحدى قنوات الأطفال عرضت حلقة لطفلة تتحدث عن المسيحية وتعلم الأطفال كيف يكونوا كاثوليكيين مخلصين بأن يحبوا الآخرين.
وقناة أطفال أخرى تحدثت عن صلاة النصارى ومعتقداتهم ومحبتهم للخير والسلام.
وفي حلقة استضافوا فتاة مسلمة هوايتها الرقص الشرقي، حيث أخذها والدها لراقصة محترفة تعلمها أصول " الرقص " وكان فخوراً بها.
احذروها فإنها شر مستطيل على أطفالنا عند غفلتنا.
لعل المرء يحدث نفسه بإخراج القنوات الفضائية من البيت ألبتة لكي يجعل أطفاله في مأمن من الفتنة والانحراف، ولعل هذا الحل يعتبر عقيماً وغير ناجع؛ لأن الحلول ليست في المنع والحذر فحسب، وإنما تكون في إيجاد البدائل المناسبة المقنعة، وقنوات الأطفال الإسلامية بدأت تنتشر وتأخذ مكانها في الساحة بحمد الله، إلا أن ضعف جاذبية بعضها تجعل الطفل يشتاق ويطلب القنوات الأخرى التي تجذب ولكنها تخرب.
ولكن علينا أن نوفر القنوات الخاصة بالأطفال، مثل القنوات الموجودة للأطفال على رسيفر المجد وعلى رسيفر الفلك، وكذلك القادم من القنوات التي تحمل توجها جيدا في القنوات المفتوحة قريبا بإذن الله والتي نأمل أنها بناءة في مجال الإنتاج للطفل.
ثالثاً: مقاومة الإدمان.
إدمان الأطفال خصوصاً على شاشة التلفاز يحرم الطفل من التواصل والتفاعل مع أسرته، ويفصله عن الواقع والقيم والتقاليد ويكــوِّن جواً قد يجعله يستنشق التفرد والانطواء.
ومن هنا ينبغي أن نجعل توجه أطفالنا لشاشة التلفاز لبرامج معينة في أوقات محددة يتبعها جدولاً من الأنشطة الحركية، والأدوار التربوية التي يجدونها من الأسرة؛ لأن الإدمان من الطفل للبرامج التلفازية يجعله يتمرد على أوامر والديه، ويفقده التفوق في دراسته.
وما لمسته من معايشة طلاب المرحلة الابتدائية في سنة من السنوات وجدت أن بعضهم يجلس على الشاشة حتى بعد منتصف الليل، ويظهر نتاج ذلك سلباً على نشاطهم وتفوقهم الدراسي.
رابعاً: القدوة الحسنة.
- شخصيات الأطفال تعتمد في تنشئتها على سلوك وأفعال الأبوين، وحينما نشارك في إكساب الطفل قدراً من المعاني والأفعال المعبرة فإن ذلك يكون حصناً منيعا له حينما يجد مخالفة ذلك من قبل التلفاز، وعندما نشاركهم في الجلوس معه على التلفاز فإنه ينبغي أن لا نترك المواقف والمشاهد من غير تعليق؛ لأنه يمر بنا مواقف عدة في وجود الأطفال.
والطفل ينتظر منا الموقف أو التعليق، ولذلك فإن مصاحبة الوالدين للأطفال والجلوس معهم أثناء المشاهدة لتنبيههم إلى السلوكيات الخاطئة، فيما يشاهدون من كذب وتحايل وعنف وسرقة وانحرافوتدخين، وتصحيح مفاهيمهم عن الشخصيات التي تعرض لهم بصورة جذابة تحول المدخنين أو تجار المخدرات إلى نماذج قدوة لدى الأطفال.
فلذلك لا بد من مراجعة سلوكياتهم أولاً بأول لتصحيح أي اعوجاج أو تقويم أي خطأ يمكن أن يكتسبه الطفل حال المشاهدة.
إن واجب الوالدين والمربين أن يسهموا في تنشئة الطفل على مبادئ وأخلاق الإسلام، وأن يجتهدوا في الحد من الآثار السلبية للقنوات الفضائية قال تعالى: (( يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ).
وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلكم راع وكل مسئول عن رعيته ) فعلى المربين أن يقوموا بترشيد مشاهدة القنوات الفضائية وذلك بوضع قوانين محددة لمشاهدة التلفاز.
وعلينا أن نربيهم على أن يكونوا مشاهدين ناقدين للمظاهر والقيم المنافية للدين ، والتمييز بين الواقع والخيال، فالطفل في هذه المرحلة لا يستطيع أن يقوم بالتفكير المنطقي.
هناك قنوات تقدم رؤية إسلامية واضحة للمجتمع ، وتعتبر أنموذجاً فريداً بين هذا الكم الهائل من القنوات السيئة وتعتبر بديلاً قوياً في مزاحمة هذه القنوات، لكن الذي يدمي القلب، ويحزن النفس هو تساهل الناس في ترك الحبل على الغارب في البيوت من القنوات التي فيها الخير والشر.
هل يعلم الراعي في أسرته بأن من ضمن هذه القنوات المفتوحة قنوات تدعو إلى التنصير بطرق مباشرة وطرق غير مباشرة كأفلام الكرتون مثلا؟.
هل سمعوا بقصص اللواط والزنا التي تحدث في بعض البيوت بسبب ثوران الشهوة من هذه القنوات؟.
هل يدركون آثار بعض القنوات في تمييع قواعد الدين الإسلامي وثوابته وخصوصاً على الجيل الذي لا يملك الوعي والتمييز بين الحق والباطل؟.
هل يعون بجرم وخطورة المسلسلات المنسوخة والمدبلجة من الغرب في تغيير قناعات وأفكار أسرهم؟.
هناك قنوات حمراء لها جماهير غفيرة تظهر في ثياب الإصلاح وهي أشد حقداً وتتمتم بأخبار متنوعة بين طياتها الفتن التي تزرع العداوة بين أهل الإسلام، وبعضها يشعل فتيل الفرقة بين الأمم والشعوب المسلمة.
وهويتنا الإسلامية ومبادئنا وقيمنا تفرض علينا الوقوف أمام هذا التيار المفسد ومقاومته من خلال تحصين أنفسنا وأبنائنا ومجتمعنا بالتربية الإسلامية والتمسك بالأخلاق الحميدة وتقوية الوازع الديني لمقاومة وإنكار ظواهر هذا الغزو.
وعلى الرغم من صعوبة منع هذا السيل المتدفق من هذه الوسائل إلا أن علينا التركيز على التربية والتحصين الذاتي فمداخل القنوات الفضائية السيئة متعددة والعمل على إغلاقها أمر محال.
ومع ذلك ينبغي أن يكون هناك دور بارز في تأسيس الجانب التربوي لأجيالنا، وتعميق الوازع الديني الذي يعتبر هو الأبقى والآمن مهما تغيرت الظروف.
وقبل الختام:
الشاشات الفضائية للأطفال ليست شراً مطلقاً ولا خيراً مطلقاً، والدور المرتقب منا هو الترشيد والمتابعة.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
بقلم : عبدالله آل يعن الله
عودة ودعوة