المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حينما هجم الغبار



همي الدعوه
19 Mar 2009, 02:36 AM
حينما هجم الغبار



د عبدالرحمن العشماوي




http://www.alriyadh.com/2006/05/24/img/235168%20copy.jpg



كان أثر المنظر بادياً على ملامح وجهه التي اكتنزت بدماء التأثر وهو يصف لي منظر تلك الجبال الهائلة من الغبار وهي مقبلة بسرعتها الهائلة قد سدّت الأفق أمام عينيه، لقد كان شديد الخوف، لاهث الأنفاس وهو يروي لي ذلك المنظر العجيب على الرغم من مرور ما يقرب من عشرة أيام على وقوعه.
قال لي:
لقد رأيت منظراً مهيباً عجيباً مخيفاً، لو كنت شاعراً لكتبت فيه ما يمكن أن يكون أعظم قصيدة في التاريخ كنت خارجاً من الرياض متجهاً إلى القصيم، وحينما خرجت من معالم الرياض لاح لي شيء قادم من بعيد أوحى إلي بأن جبالاً تتحرك نحوي، ودفعني تلقائياً أن أهدئ من سرعة سيارتي واتجه إلى اليمين، وأقف مباشرة وأنا في حالة ذهول.
نعم، إنها جبال تتحرك مسرعة نحوي، هل قامت الساعة؟ هل حانت ساعة دك الأرض والجبال دكاً دكاً؟ هل أصبحت الجبال كالعهن المنفوش؟ يا إلهي، أقامت الساعة وأنا على ما أعرف عن نفسي من التقصير في حق الله عز وجل؟ هل سينصب الصراط ويبدأ السؤال، ويُعرض الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها؟
هل سيبدأ القصاص والقضاء بين العباد؟ يا للهول، إنني لا أكاد أتذكر في هذه اللحظة ما لدي من الأعمال الصالحة التي ستنقذني من الوقوف بين يدي الله عز وجل، لقد كان آخر عمل قمت به قبل أن أركب سيارتي غيبة لشخص نهشت أنا وصاحب لي لحمه سباً وشتماً وإساءة له، مع أنه كان بريئاً من ثلاثة أرباع ما قلنا فيه من الكلام، والله لقد مرت بي لحظة لم أعهد لها مثيلاً، وقد وضعت رأسي على مقود سيارتي في حالة استسلام عجيبة، وكنت أسرق النظر إلى تلك الجبال القادمة إليّ، ثم كانت الحالة المرعبة حينما وصلت تلك الكتل الضخمة من الغبار تسوقها الريح إلى المكان في صورة يعجز عن تصويرها اللسان، لقد اهتزت سيارتي وهي واقفة، وشعرت أنها معرّضة للانقلاب والتدحرج، فقد خِلتُها كرةً صغيرةً ليس لها وزن يجعلها تثبت على الأرض، أغمضتُ عينيّ، وشعرت برغبةٍ في البكاء، وأخذت أذكر الله عز وجل وأبتهل إليه وضربات حبّات الحصى الصغيرة تزيدني رهبةً وخوفاً.
لا أستطيع أن أتذكر الوقت الذي مضى عليّ وأنا في تلك الحالة المرعبة، ولكنني شعرت بطوله وثقله على نفسي كما شعرت برهبته التي سيطرت على مشاعري وأشعرتني أنني أصبحت وحيداً تحت تلك العاصفة الغبارية الهائلة.
جبال غبراء تهاجمك بسرعة هائلة، كيف سيكون شعورك نحوها؟ ولقد حمدت الله الذي هداني إلى ذكره ورفع الدعاء إليه في تلك اللحظة العصيبة فقد كان ذلك كالنوافذ التي يدخل منها إلى قلبي نسيم هادئ عليل، وحينما انجلى الغبار مواصلاً مسيرته العظيمة إلى الرياض تاركاً وراءه صورة مبعثرة للأرض وما تناثر فوقها من السيارات التي وقفت على جانبي الطريق بغير نظام، رفعت رأسي إلى السماء شاكراً ربي على ما منَّ به من السلامة، مبتهلاً إليه أن يكفينا شر تلك العاصفة وشر ما فيها، وشر ما جلبت له، وأن يعطينا خيرها وخير ما فيها وخير ما جلبت له.


إن الرسالة المهمة التي جلبتها إليّ عاصفة الغبار هي ذلك السؤال الخطير الذي ما زال مشتعلاً في نفسي:
يا تُرى هل نحن مستعدون ليوم القيامة؟ هل نحن قادرون على الإجابة عن كل سؤالٍ خطير سيوجه إلينا عن كل عمل مهما كان حقيراً صغيراً؟
حينما هجم الغبار، تغيرت ملامح الأشياء، وصغرت كل قوةٍ يتباهى بها البشر، وانكشفت أمامي نفسي على حقيقتها لقد قال الغبار كلمته، وبلّغ رسالته، فماذا يقول الغافلون؟
-----
المصدر:جريدة الجزيرة


http://se4m.up4arb.com/uploads/6fde0c794b.jpg



http://se4m.up4arb.com/uploads/fc542f9014.jpg



عودة ودعوة

ابو اسيد
19 Mar 2009, 03:39 AM
لاإله إلا الله ..

عبارات رائعه وكلمات أروع من حسان هذه الأمه ..

بارك الله فيك أخوي ابو محمد لاحرمك ربي الأجر ..

ريحانة
19 Mar 2009, 05:02 AM
سبحان الله

بارك ربي فيكم..

ابو ريتاج
19 Mar 2009, 11:52 AM
إن الرسالة المهمة التي جلبتها إليّ عاصفة الغبار هي ذلك السؤال الخطير الذي ما زال مشتعلاً في نفسي:
يا تُرى هل نحن مستعدون ليوم القيامة؟ هل نحن قادرون على الإجابة عن كل سؤالٍ خطير سيوجه إلينا عن كل عمل مهما كان حقيراً صغيراً؟
حينما هجم الغبار، تغيرت ملامح الأشياء، وصغرت كل قوةٍ يتباهى بها البشر، وانكشفت أمامي نفسي على حقيقتها لقد قال الغبار كلمته، وبلّغ رسالته، فماذا يقول الغافلون؟
-----



نسأل الله لنا ولكم الثبات في ذلك اليوم العظيم

جزاك الله خير
ابو محمد

دمـ تبتسم ـوع
19 Mar 2009, 11:53 PM
سبحان الله
وما نرسل بالآياتِ إلا تخويفاً
جزاكم الله خيـر

المسافرة
20 Mar 2009, 02:11 PM
(ومايعلم جنود ربك إلا هو )
سبحان الله في ذالك اليوم يوم الثلاثاء
في مدينة الرياض هلع وخوف وذعر
سبحان الله كان الجو مخيفاً ومريباً ...
http://www.alshohooh-upload.com/uploads/images/alshohooh-d637ad78bd.jpg
أمواج كالجبال ... حملت بالتراب والرمال ...!
أدت إلى انخفاض بالرؤية إلى أقل من 10 أمتار ...!
أصبحت الرياض ذات الجمال والبهاء : رياض حمراء ...!
ربنا لا تؤاخذنا بذنوبنا
غبار لم أرى له مثيل كنا وقتها في المدرسة الكل يبكي الكل يحاول أن يجد له ملجأ
الأمهات قدمن إلى المدرسة الآباء حضور لاخذ بناتهم
سبحان الله في هذا الوقت هناك من يسأل عنك
لكن في ذالك اليوم الذي تمور فيه السماء مورا وتسيرا الجبال سيرا
وتزلزل الأرض ويشيب له الولدان .. كلّ نفسه نفسه
أسال الله أن يرحمنا برحمته ويغر لنا ويتجاوز عنا
/