المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مختارات(...) الأمانة في الخطاب



أبو يوسف
27 Jul 2004, 12:33 PM
21/7/2004

عبدالرحمن بعكر في حوار مع (الصحوة):المثقف المرتزق دعامة للطغيان وصانع السلطة المستبدة



يتمنى لو يعود صبياً حتى يمعن في العلوم الكونية ويرى أن الغرب صعّد الحقائق على الطاولة ونحن لا نزال نتجادل تحتها، ويؤكد أن الكتاب الذي سيقرأ عن تاريخ الثورة غير موجود حتى الآن نظراً لغياب منهجية الكتابة التاريخية، ويقول ان المثقف الخانع هو الذي ولّد السلطة المستبدة. ويرى أنه لا إشكالية بين الأدب القديم والحديث ما دام المضمون الأدبي بانياً للإنسان ومجسداً لقيم الحق والحرية والجمال سواء جاء هذا المضمون بثوب حداثي أو تقليدي. إنه المؤرخ والأديب والمفكر عبدالرحمن طيب بعكر، حين دلفت إلى منزله المتواضع في مدينة حيس كان مشغولاً في قراءة كتاب الكون في القرآن الكريم، فأدركت أن عصامية الرجل في التوسع المعرفي يجعله مفكراً موسوعياً لا تمل من الحديث معه في شتى فنون المعرفة.
* حاوره: عبدالحفيظ الحطامي

> إذاً كيف كانت البدايات الأولى في تكوينكم؟

- كأي شخص تكون في زبيد في حيس في صنعاء في التربية، هذه المواقع الأربعة تشكلت فيها حتى بلغت مبلغ الرجال، وكانت أهمها التريبة القرية الصغيرة الواقعة شمال شرق زبيد على يد شيخها الموسوعة محمد حمود محمد إسماعيل، لأزمتها ليلاً ونهاراً وأخذت من مشائخها الكثير من العلوم وكذلك تتلمذت على أساتذة مثل أحمد قاسم دهمش من خولان ولا يزال حياً، ثم في صنعاء في المدرسة الثانوية ثم عدت إلى حيس لأعيش مع الشيخ حمود محمد إسماعيل هتار، وكان صاحب فائدة علمية متنوعة واسعة، ثم واصلت قراءتي من خلال مشارب مختلفة وكان لها تنسيق داخلي أصبحت كلها ثمرة مباركة ولله الحمد.

> البعض يقول ان شمولية العلم في السابق وعمقه أفضل من تجزئته اليوم مثلاً في الجامعات أصحيح ذلك؟

- أنا لا أتصور أن العلم في الجامع كان أفضل من الجامعة، إنما أتصور أن الذين كانوا يدرسون في الجامع كانوا ينقطعون للعلم ويعطونه حقه، والقضية كان فيها عشق معرفي كبير بالنسبة لأصحاب الجامع، فكان لهم طرق في تعميق الجانب المعرفي كانوا وأنا واحد منهم ينسخون الموضوع الذي يتعلمونه، نقرأ كتاباً في النحو مثلاً ثم نقوم بنسخه ثم نضعه في أنفسنا وفي كتبنا على أن نعود عليه، وفي غيره من المجالات فكان الواحد يخرج مشبعاً بالعلم، عكس اليوم حيث تتزاحم المواد العلمية والدروس على الطالب في الجانب الفكري والعلمي واللغة، فلا يستطيع هضمها. الحقيقة لو أن المدارس الحديثة وهذا الكلام كتبته في العديد من مقالاتي لو أنهم فرغوا طلاب في الجانب الفكري والمعرفي واللغوي وهذا لا يعني أن لا يدرسوا العلوم الأخرى واللغات الأخرى لا أقصد ذلك أنا أقرأ حالياً في كتاب القرآن والكون فيه أشياء وددت لو أني صبيا لأعود إلى هذه العلوم وأتعلمها، وأرى المسلمين كلهم ينفقون في هذه العلوم النفقات العالية، لأنه وهذا شيء يؤلمني في الوقت الذي كان فيه العالم العربي والإسلامي يتبارون في وضع البدهيات، كان العالم من حولنا يتنافس في الآفاق العلمية من أيام نيوتن حتى اليوم، فخرجت منهم طوابير من العلماء عندهم همم عالية، يتصور لك أن إنسان مثل نيوتن هذا الإنسان العالمي قالوا له ضروري تدخل البرلمان، قالوا أنه ما تكلم مرة واحدة إلا عندما قال لهم يوماً افتحوا الباص نشم هواء، لأن السياسة ليست موضوعه ولا مشروعه، كان له مشروع إنساني وعلمي آخر، لهذا أقول ان التخصص فيه سلبية وإيجابية كذلك إيجابيته لأنه يجعل صاحبه يتقن في علمه وسلبية لأنه يجعله في بعض العلوم ضعيف.

> لماذا غاب المفكر الموسوعة مقارنة بحضور في قرون الازدهار الحضاري الإسلامي مثل الرازي وابن سيناء وغيرهم؟

- الموسوعات العلمية التاريخية التي ذكرتها وغيرها الكثير التي حفلت بها الحضارة الإسلامية تعود إلى السبق العالمي للإسلام، في العهد العباسي بلغ الإسلام أوجه وإن كان هناك ضعف في الجانب السياسي والأخلاقي، لكن في الجانب العلمي غدت أسبانيا الإسلامية قبلة للغرب عموماً.

> مَن مِن العلماء اليمنيين الذين لفتوا أنظارك خلال القرن العشرين؟

- كثير.. كثير.. خاصة إذا كان إنسانا بمعنى الإنسانية الواسعة، لأن العالم الصالح فرع من فروع الإنسان، لأن الإنسان كبير إذا برأه الخالق من العقد النفسية والطائفية والقومية والمناطقية خاصة المؤمن بالله وبأن كل الناس إخوانه، ومن العلماء الذين أثروا في وتأثرت بهم هو محمد بن يحيى مطهر وهو من شهارة تربى عند الحسن بن الإمام رمز التعصب السلالي، لكن هذا الرجل انتقل من مدينة إلى أخرى حتى استقر في تعز، استقال من القضاء، لكن علمه وعمله جعله من طراز إنساني فريد واسع الاطلاع ولا تشبع منه، كان يقرأ في كتب مترجمة وألف كتاب الأحوال الشخصية وهو كتاب ضخم أهداني إياه قبل موته، وهو ثلاثة مجلدات كان شخصية علمية فريدة.

> قلت في كتابك نظرات في التاريخ اليمني «من ذا الذي يجرؤ على كتابة التاريخ ولا يملك توثيقه» هل كتبت تاريخ الثورة اليمنية؟ ومن سيجرؤ على كتابته؟

- كتابة الثورات ظاهرة عربية وليست يمنية، نحن نعرف عن عبدالملك بن مروان وهارون الرشيد و.. و.. ولا نعرف عن عبدالناصر وبومدين والسلال وهكذا نظراً لأن الحاكم بعد الاستقلال في العالم العربي وبعد انقشاع الاحتلال الأجنبي دخل الحكم باسم أن الوطنية هي التي ستكون البديلة، فإذا بالحاكم والمحكوم يصطدم بالواقع نفسه، فالواقع تحديات كثيرة، فالحاكم لم يكن مستعداً لهذا الوضع الذي واجهه، والمحكوم لم يجد الواقع الذي كان يأمله حتى الآن بسبب عدم انتقاء الحاكم والمحكوم للواقع الموجود والذي سيأتي هذا شيء لا يزال باقياً حتى الآن.

> إذاً من سيجرؤ على كتابة تاريخ الثورة اليمنية التي تشضت بين مختلف الاتجاهات والرموز؟

- السبب في عدم كتابة التاريخ حتى الآن، أن الذين شاركوا في الثورة عاشوا في عدة مناطق وهذا ليس تشكيكا في وطنيتهم ولكن القضية تعود إلى أن الثورة كانت تعيش في كثير من المناطق: صنعاء، عدن، الحديدة، تعز، إب، وغيره، فكان كل واحد يقول شهادته عما كان يراه في محيطه، وكذلك هناك عند التسجيل والتوثيق أناس يحبون الاختزال، والاختزال في كتابة التاريخ جريمة، فلا يكتبون إلا ما شاهدوه بأنفسهم، لأن كتابة الثورة يحتاج إلى جمع وتدقيق وإلى طرح صحيح وممنهج.

> يعني أنه لا توجد كتابة منهجية لتأريخ الثورة حتى اليوم؟

- إلى الآن لا يوجد، ولكن أعتقد أنه سيكون حتماً لأن الأجيال تريد أن تعرف تاريخها وبعامل الضغط الجماهيري سوف يكتب، لأن عدم الكتابة تدمير لوعي الأجيال، فالواقع الذي عاشه الشعب اليمني قبل الثورة كان واقعاً مطبقاً للصمت، كنا نعتقد أنه لا يوجد خلف اليمن بحر لنستيقظ على حقائق كبيرة.

> كيف تقرأ أنت كمؤرخ تاريخ الثورة اليمنية ؟

- أقرأه كما أعرفه وكما أراه، وكما أحب أن يكون، يعني الكتاب الذي سأقرأه عن الثورة غير موجود حتى الآن لكن توجد بعض صفحاته هذا لا يعني كل ما كتب عدم أو ضياع، لا.. الكتابات التاريخية كيفما كانت تعتبر رافدة الحقيقة، لأن الحقيقة تبدأ وتنتهي صافية نقية رغم كل التعتيم عليها.

> الوحدة اليمنية هل هي تاريخ جديد؟ أم أنها امتداد لتاريخ قديم؟

- الوحدة هدف يمني من قبل الثورة اليمنية، ولذلك كانوا قبل الثورة يقولون الجنوب الجزء المحتل والشمال الجزء المعتل، فالناس الكبار مثل الزبيري والنعمان وغيرهم كانوا يرون اليمن واحدة، ثم إن الوحدة اليمنية هي الرابطة المجمع عليها من قبل الشعب على مختلف فئاته واتجاهاته، ولا نعرف أحداً قال لا للوحدة لا من السلاطين ولا الملكيين ولا غيرهم، ولكن السؤال كيف نحقق أهداف الوحدة؟ الثورة محطة والجمهورية محطة وكذلك الوحدة، هذه محطات الغاية الحقيقة لهذه المحطات هي التنمية، لأن التنمية هي حياة الإنسان في اليمن والغاية منها هو تحقيق العيش الكريم والحياة السوية له، فالوحدة لا تقاس بمظاهرها الصوتية وإنما تقاس ببقاء نتائجها وعطائها للأجيال، يعني مائة سنة من الصراع والدماء والدموع والألام والضحايا، ماهي النتيجة؟ الناس منتظرون بعد كل ذلك تنمية وهي الهدف النهائى والغائي للموضوع.

> باعتقادك أنتم رديف الحرية، والاستبداد أجهض مشاريع الإصلاح والتغيير في المنطقة العربية، إلى أي مدى يصح أن نقول ان غياب تلك المشاريع هو الذي جاء بإصلاح خارجي على متن جنازر الدبابات؟

- الواقع يا أخي أن إصلاح السلطات العربية جانب من جوانب العلة، وفي اعتقادي أن أخطر من السلطة هو المثقف الملجلج المنافق المرتزق، هو علة الواقع، المثقف إن فتشت عنه في العالم العربي تجده دعامة للطغيان ودعامة للاستبداد، القضية يجب أن تكون العودة إلى البناء على أساس الإيمان بالله فبغيابه النفوس خاوية، أقسم لك بالله أن المثقفين بشقيهم الحداثي والتراثي لو وقفوا ووضعوا مشروع إصلاح حقيقي لإعادة الأمة إلى ربها وواقعها في غير ذلة ولا خوف وبعيداً عن قيم التخلف والاستبداد، فإذا صدق المثقفون في واجبهم تجاه ربهم وأمتهم لسايرهم الحكام وخضعوا لهم، وهذه قناعتي.

> لكن المثقف يشكو من قمع السلطة السياسية المستبدة في العالم العربي؟

- قمع السلطة له ناتج أنه غير مؤهل نفسياً لقيم التدافع والحوار والإصلاح، فالمثقف العربي يعيش الشتات، كل مثقف يقترن بفرعون، أو قيم لهولاكو، المسألة غياب الرؤية والتفكير المنهجي الصحيح في التغيير وفي قناعتي أن الواقع بحاجة إلى أربعة أشياء للخروج من النفق المظلم وهي: التوحيد، العلم، العدل، التنمية.

> إذاً ما هو الدور الذي يمكن أن يضطلع به المثقف إزاء التحديات المفروضة اليوم؟

- العودة إلى الله «ما لكم إذا قيل انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض.. » وهذه العودة هي الحق، والعلماء الكبار الذين أمعنوا في هذا الكون وقرأوه بحق قالوا الإيمان بالله، ويستحيل أن يكون هذا الوجود بلا خالق، فهنا على المثقف أن يبدأ بإصلاح الشعوب تربية وتعليماً وتثقيفاً، وأعتقد أن الحاكم إذا ما وجد هذا الواقع فإنه سيخجل وبالتالي سيخضع لعملية إصلاح داخلي، الصراع مع الحاكم قد جربناه أكثر من خمسين سنة لكن دون جدوى والعملية تبدو عبثية لكن أن تقوم أنت كمثقف بواجبك وأنا أقوم بواجبي، يا أخي الناس ثبتوا أنفسهم في الواقع «جون لوك» من القرن 18 وهو يناضل من أجل الديمقراطية، هؤلاء صعدوا الحقائق إلى فوق الطاولة ونحن لا نزال نتجادل تحتها، وعلى حد تعبير «الندوي» هؤلاء بلغوا الرشد السياسي.

> إذا أخذناك في تطوافة أدبية وسألناك عن إشكالية الحديث والقديم في القصيدة العربية اليوم؟

- أنا من النوع الذي لا يعتبر القصيدة الحديثة أو القديمة مشكلة، إن الأدب أداء وتوطين للناس فمتى قبله الناس وبأي صوت كانت القصيدة قوية طيبة ورافعة بالإنسان، فأهلاً بها كائن ما كان حديث أو قديم، لكن الحقيقة أن الذين تولوا هذا المشروع الخطابي حول القصيدة الحرة والنثرية والعمودية وغيرها ناس مفلسين أدبياً قبل أي شيء آخر، لا توجد مشكلة ما دام وجد المضمون في النص النافع للناس في أي ثوب كان، ينفعل به الناس ويتفاعلوا معه صار أدباً.

> ما هو سبب اندفاع الشعراء الشباب إلى القصيدة الحديثة؟

- في الحقيقة أن الذين يدعون إلى هذا الانفصام الأدبي بين الحديث والقديم، هم بالحقيقة يستغلون في الجيل رغبته في التخفيف، فجرعة بسيطة في النحو تكفي، وليكن معرفة الفاعل والمفعول به فقط في باب النحو، لكن تعالوا ادرسوا النحو، فهذا تثقيل حسب ادعاء البعض ومنهم دعاة الأدب الهش، الأدب هو في حقيقته تصعيد للإنسانية إلى الأعلى إذا لم يكن كذلك فما هو إذاً؟ الشكل لا يمكن أن يكون مشكلة بين الأجيال، لأن القضية لم تعد الشكل بل في نفس الأداء في الاستخدام اللغوي، يعني يخرجوا الكلمة من معناها القاموسي إلى معنى غير معروف، وهذا هو الأداء الذي نرفضه في القصيدة في ثوبها القديم أو الجديد.

> الشاعر الذي أحببت وتأثرت به محلياً وإقليمياً؟

- محلياً الزبيري بلا منازع ثم الشاعر المتمرد المرحوم عبدالله البردوني وعربياً نزار قباني، وهناك شعراء الدعوة الإسلامية مثل عمر بهاء الدين وأبو ريشة ويوسف العظم وغيرهم.

> المشهد الأدبي والثقافي عموماً كيف تقيمه؟

- يا أخي نحن نرقع ولا نبني عن رؤية استيعابية لمشهد بخيره وشره، وعن عمل استيعابي جاء لإصلاح أساس، هذا ما أشاهده، لأن الواقع الذي أراه أجد أننا نرقعه ليس إلا.

....................

سيرة ذاتية


- عبدالرحمن طيب علي بعكر الحضرمي.

- من مواليد 1364هـ مدينة حيس - محافظة الحديدة.

- تلقى تعليمه الأولي على يد أبيه، ثم درس الثانوية في صنعاء.

- انتقل للدراسة على يد مشائخ بمدينة «التُرَيبة» تصغير تُربة شرقي زبيد. وكان أبرز من أخذ منه (إسماعيل حمود المحنبي «الهتاري»).

- طُبع له مايفوق 15 كتاباً منها:

1- كواكب يمنية في سماء الإسلام.

2- عناقيد أدب وفن.

3- نظرات في تاريخ اليمن.

4- أجراس «ديوان شعر».

- وله دراسات مخطوطة جمّة لم تر النور بعد، وهو كاتب أدبي كبير ومؤرخ فذ وشاعر.

صقر الأحبة
27 Jul 2004, 05:02 PM
<div align="center">أبو يوسف
بارك الله فيك وغفر لك ،،
نتطلع إلى المزيد من مشاركاتك الطيبة
محبك في الله
صقر الأحبة</div>

أبو عبدالرحمن
31 Jul 2004, 05:10 PM
<div align="center">أخي الحبيب أبو يوسف

جزاك الله خير الجزاء

مشاركة طيبة لا حرمت أجرها ..

بارك الله فيك وأحسن إليك ونفع بك

وجعل ما تقدم في ميزان حسناتك

أخوك المحب لك ..

سردوبي </div>