المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حفظ السر ..



تاج الوقار
21 Jan 2009, 11:00 AM
http://www.tgareed.com/vb/images/usersimages/13400_1130273415.gif

حفظ السر ..

اشتهر قديماً :
كل سرٍ جاوز الاثنين .. شاع ..
ومن اللطائف أن أحدهم سئل : من الاثنين ؟ فأشار إلى شفتيه .. وقال : هذان !!
خلال أكثر من خمس وثلاثين سنة مضت من عمري ..
لا أذكر أني همست في أذن أحد من الناس بسرّ .. واستأمنته إياه ..
إلا قسم أيماناً مغلّظة أن سري في بئر ليس له قاع !!
ولا أذكر أن أحداً منهم صار صريحاً وقال بعدما سمع سري : يا محمد ..
اسمح لي لا أستطيع أن أكتمه ..
بل كل شخص تحدّثه بسرّك يضرب بيده صدره ..
ويقول : والله لو وضعوا الشمس في يمني ..
والقمر عن شمالي ..
أو السيف على رقبتي .. على أن أخبر بسرّك ..
ما أخبرت !!
ثم إذا اطمأننت ووثقت .. وكشفت له أسرارك ..
تصبّر شهرين أو ثلاثة .. ثم حدث به ..
فلا يزال سرّك يُتناقل حتى يصلك .. وأنت المخطئ
ابتداءً سرك لا ينبغي أن يجاوز شفتيك ..
لا تكلف الناس ما لا يطيقون ..
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق
جربت كثيراً من الناس .. فوجدتهم كذلك ..
والمشكلة أنك تأتيهم على سبيل الاستشارة .. فيشيرون عليك ..
ثم يفضحون سرك ..
فيسقطون من عينك .. ويصبحون من أبغض الناس إليك ..
ومن أعجب ما في التاريخ ..
أنه قبل معركة بدر ..
لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم .. بقافلة قريش مقبلة من الشام وأراد قتالها ..
خرج صلى الله عليه وسلم إليها مع أصحابه .. فلما شعر بهم أبو سفيان قائد القافلة .. استأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري .. وقال اذهب وأخبر قريشاً بالخبر ..
فانطلق ضمضم مسرعاً إلى مكة .. كان وصوله مكة يحتاج أن يسير أياماً ..
وأهل مكة لا يدرون عن شيء من ذلك ..
وفي ليلة من الليالي رأت عاتكة بنت عبد المطلب في منامها ..
رؤيا أفزعتها .. فلما أصبحت بعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب .. فقالت له :
يا أخي .. والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني .. وتخوفت
أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة .. فاكتم عليَّ ما أحدثك ..
ولا تحدث به أحداً ..
قال لها : نعم .. وما رأيت ؟
قالت : رأيت راكباً أقبل على بعير .. حتى وقف بوادي "الأبطح" ..
ثم صرخ بأعلى صوته : ألا انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..!
( أي : اذهبوا أيها الغادرون إلى مواضع موتكم خلال ثلاثة أيام ! ) ..
قالت : فأرى الناس قد اجتمعوا إليه .. ثم مضى فدخل المسجد والناس يتبعونه ..
فبينما هم حوله .. إذ صعد به بعيره فوق الكعبة ..
ثم صرخ بمثلها : انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..
ثم صعد به بعيره على رأس جبل أبي قبيس .. فصرخ بمثلها :
انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..
ثم أخذ صخرة فقذفها من أعلى الجبل .. فأقبلت تهوي من فوق الجبل ..
حتى إذا كانت بأسفل الجبل تكسرت .. وقسّمت إلى حصى صغار ..
فما بقي بيت من بيوت مكة إلا دخلته كسرة من الصخرة ..
فاضطرب العباس وقال : والله إن هذه لرؤيا !
ثم خشي أن تنتشر فيصيبه أذى .. فقال لها محذراً : وأنتِ فاكتميها لا تذكريها لأحد ..
ثم خرج العباس منشغل البال بأمر هذه الرؤيا .. فلقي الوليد بن عتبة وسط الطريق .. وكان له صديقاً ..
فحدثه بالرؤيا .. وقال له : اكتمها .. فلا تخبر بها أحداً ..
فمضى الوليد ..
فلقي ابنه عتبة فحدثه بها ..
ثم لم يمض سويعات ..
حتى حدث بها عتبة بعض أصحابه .. ثم تناقلها الناس ..
وفشا الحديث بها في أهل مكة .. حتى تحدثت بها قريش في مجالسها ..
وفي الضحى ذهب العباس ليطوف بالكعبة ..
فإذا أبو جهل جالس في رَهْط من قريش .. في ظل الكعبة ..
يتحدثون برؤيا عاتكة !!
فلما رأى أبو جهل العباسَ قال :
يا أبا الفضل .. إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا ..
تحيّر العباس ماذا يريد منه أبو جهل ..
لكنه استبعد أن يسأله عن رؤيا عاتكة ..
فقضى العباس طوافه ثمّ توجه إلى مجلس أبي جهل ..
فلما أقبل إليهم العباس وجلس معهم ..
قال له أبو جهل : يا بني عبد المطلب .. متى حدثت فيكم هذه النبية ؟
قال : وما ذاك ؟
قال : تلك الرؤيا التي رأت عاتكة ..
ففزع العباس وقال : وما رأت ؟
قال : يا بني عبد المطلب .. أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ؟
قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال : انفروا في ثلاث .. فسننتظر بكم ثلاثة أيام ..
فإن يك حقاً ما تقول .. فسيكون ..
وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتاباً
أنكم أكذب أهل بيت في العرب ..
فاضطرب العباس .. وما رد عليه شيئاً .. وجحد الرؤيا ..
وأنكر أن تكون رأت شيئاً ..
ثم تفرقوا ..
فلما أقبل العباس إلى بيته ..
لم تبق امرأة من بني عبد المطلب .. إلا جاءت إليه غاضبة ..
تقول : أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ..
ثم قد تناول النساء وأنت تسمع .. أما فيكم حميّة ..
فاحتمى العباس .. وثار .. وقال : والله .. لئن عاد أبو جهل إلى مثل كلامه ..
لأفعلن وأفعلن ..
فلما كان اليوم الثالث .. من رؤيا عاتكة ..
ذهب العباس إلى المسجد .. وهو مغضب ..
فلما دخل المسجد رأى أبا جهل .. فمشي نحوه يتعرّضه ليعود لبعض ما قال فيقع به ..
فإذا بأبي جهل يخرج من باب المسجد يشتدّ مسرعاً ..
فعجب العباس من سرعته ..!! فقد كان مستعداً لخصومة وعراك ..
فقال العباس في نفسه : ماله لعنه الله ؟! أكلّ هذا خوفٌ مني أن أشاتمه ؟!
وإذا أبو جهل قد سمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري
الذي أرسله أبو سفيان ليستعين بأهل مكة ..
وإذا ضمضم يصرخ في الوادي واقفاً على بعيره ..
قد جدع أنف بعيره .. والدم يسيل على وجه البعير ..
وقد شق ضمضم قميصه وهو يقول : ياااا معشر قريش اللطيمة .. اللطيمة ..
أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها ..
ثم صاح بأعلى صوته : الغوث .. الغوث ..
عندها تجهزت قريش وخرجت ..
وكان من أمرها في معركة بدر ما كان من الهزيمة والذلّ ..
فتأمل كيف انتشر السر في لمحة عين .. مع قوة الحرص وشدة الاستئمان ..!!
ومن نشر السر أيضاً ..







أن عمر رضي الله عنه لما أسلم .. أراد أن ينشر الخبر ..
فأقبل إلى رجل منهم .. هو أعظمهم نشراً للإشاعة ..
فقال : يا فلان .. إني محدثك بسرٍ .. فاكتم عني ..!
قال : ما سرك ؟
قال : إني قد أسلمت .. فانتبه .. لا تخبر أحداً ..
ثم تولى عنه عمر ..
فما كاد يغيب عنه .. حتى جعل الرجل يطوف بالناس ويقول لكل واحد منهم: أعلمتَ أن عمر أسلم ..!! أعلمتَ أن عمر أسلم ..!!
عجباً !! وكالة أنباء متنقلة ..
وفي يوم من الأيام بعث النبي صلى الله عليه وسلم أنساً رضي الله عنه في حاجة ..
فمرَّ بأمه .. فسألته .. إلى ماذا أرسلك النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فقال : والله .. ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على حفظ الأسرار ليكونوا على قدر المسئولية ..
هكذا كان أنس وهو صغير .. في شدة حفظه للسر ..
وأنى لك اليوم أن تجد مثل أنس ..
قالت عائشة رضي الله عنها ..
أقبلت فاطمة تمشي .. كأن مشيتها مشية النبي صلى الله عليه وسلم ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مرحباً بابنتي .. ثم أجلسها عن يمينه - أو عن شماله - ..
ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فبكت ..
فقلت لها : لم تبكين ..
ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فضحكت
فقلت : ما رأيت كاليوم .. فرحاً أقرب من حزن ..
فسألتُ فاطمة عما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
حتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ..
فسألتها ؟
فقالت : أسرَّ إليَّ : إن جبريل كان يعارضني (1 (http://72.44.84.119/~alforqu/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)) القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين .. ولا أراه إلا حضر أجلي .. وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي .. فبكيت ..
فقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة .. أو نساء المؤمنين .. فضحكت لذلك ..
فأنت بمقدار حفظك للسرّ يثق فيك الناس ويفتحون لك قلوبهم .. ويرتفع قدرك عندهم .. ويشعرون أنك أهل للثقة والأمانة ..
فعود نفسك أن تمسك أسرارك لنفسك .. وتحفظ أسرار الآخرين ..

قالوا ..

من عرف سرك أسرك ..

( 1 ) يعارضه القرآن : يراجع القرآن معه .

http://www.tgareed.com/vb/images/usersimages/13400_1130273216.gif

المصدر : استمتع بحياتك
فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي

أبو أنس 88
21 Jan 2009, 01:38 PM
{{ اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أنك حميد مجيد }}


لاحول ولاقوة الا بالله

الله يحرم وجهك عن النار أخوي

الله يجزاك خير

البركات
21 Jan 2009, 04:10 PM
موضوع جميل وشيق
وما أكثر الناس
الذين لا يحفظون الاسرار
وحسبنا الله ونعم الوكيل
وشكر الله لكم
اختنا الكريمة
تاج الوقار

تاج الوقار
02 Feb 2009, 08:10 PM
جزاكم الله خيرا

مسك الختام
04 Feb 2009, 10:00 AM
بارك الله فيكِ آختنا تاج الوقار ..
آختيار موفق حفظكِ الله ورعاكِ

وردة نوري
04 Feb 2009, 11:45 AM
قديمًا قالوا: إن أمناء الأسرار أقل وجودًا من أمناء الأموال،

وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار؛؛؛

لأن أحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق...

ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزانها كان أوثق لها،

أما الأسرار فكلما كثرت خزانها كان أضيع لها...

تاج الوقار
ا ح ت ر ا م ي
بارك الله فيك
موضوعك قيم ورائع جدا
حفظك الله اخية

RyaN
04 Feb 2009, 11:52 AM
جزاكم الله خيــــــراً ..

نقل موفق .,,

أملي أن يرضى الله عني
05 Feb 2009, 09:45 AM
جزاكم الله خير وبارك فيكم

تاج الوقار دمت بخير