همي الدعوه
10 Dec 2008, 03:41 PM
غزة تعود لزمن أفران الطين
http://208.66.70.165/ismemo/media//AZA2.jpg
غزة – مفكرة الإسلام
دمعت عينا الحاجة "أم حسن" بسبب الدخان المتطاير من موقد الطين الذي اشتراه زوجها قبل عدة أيام وبدأت تطبخ عليه، ولكونها لم تتعود على إيقاد النار فمرة تنطفئ ومرة تتوهج، قالت أم حسن وهي من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة: لقد نفد غاز الطهي من عندنا منذ أكثر من عشرين يومًا، وحالنا لا يسمح بشراء الطعام الجاهز لارتفاع ثمنه، لذلك نحن نجمع البقايا والمخلفات وأوراق الشجر ونقوم بحرقها والطبخ عليها.
وقالت أم حسن وهي تكفكف الدموع عن عينيها: لا يوجد كهرباء لساعات طويلة، ومن الصعب الطبخ أو خبز العجين باستخدام الأجهزة الكهربائية لذلك نحن نستخدم الحطب.
في هذه الأثناء كان يجلس زوجها ِأبو حسن ويقوم بتقطيع أخشاب غصن للتين حصل عليه من جاره الذي تكافل مع بعض جيرانه بتوزيع عدة أغصان على جيرانه الذين يعانون من نقص حاد في الوقود تساءل وهو يضغط على أسنانه: لا أدري كيف يصف العالم نفسه بالتحضر ولا أدري هل حتى اللحظة لا يدري العالم العربي ما يجري في غزة!!! لقد عدنا للعصور الحجرية... على حد قوله.
فقطاع غزة محاصر وقوات الاحتلال الصهيونية تمنع دخول الوقود الصناعي لمحطة توليد الكهرباء وتمنع كذلك غاز الطهي من الدخول على الإطلاق، وهو ما جعل أهالي القطاع يعيشون حياة أثرت على كافة شئونهم ومتطلباتهم.
الوابور يساوي وزنه ذهبًا
في جولة لـــ " مفكرة الإسلام " في سوق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة يمكنك معرفة الوضع المأساوي الذي وصلت إليه غزة وكيف عاد الوابور " موقد الكيروسين " والسراج من جديد بعد أن اندثر استخدامهما في قطاع غزة المحاصر.
وتجد غالبية البضائع عبارة عن مواقد كيروسين منها ما يعرف بالوابور ومنها ما يوقد عبر فتايل، كما أن هناك بسطات خاصة ببيع رءوس المواقد والفتائل، ناهيك عن الكيروسين المهرب عبر الأنفاق أو ما يعرف بالكاز الأبيض موضوع في زجاجات بحجم اللتر، حيث يباع اللتر الواحد بعشرة شواكل (2.7دولار أمريكي تقريبًا) ولعل الدافع الذي جعل الفلسطينيين بغزة يقبلون على تلك المواقد هو توفر هذا الوقود الذي تمكن الفلسطينيون من تهربيه عبر الأنفاق الممتدة بين الحدود المصرية الفلسطينية جنوب قطاع غزة.
ونظرًا للحصار المفروض على غزة وعدم دخول أي نوع من البضائع، تدخل تلك المواد والمواقد عبر الأنفاق وهو ما جعل ثمنها مرتفعًا جدًا حيث يصل ثمن الوابور الواحد لأكثر من 70 دولارًا أمريكيًا وعلى قول أحدهم ثمن الوابور لابد أن يوزن مقابله ذهبًا، فهو غير موجود أصلاً في الأسواق ومر برحلات تحت الأرض حتى يصل إلى قطاع غزة المحاصر.
السراج لتحصيل الامتياز
بريق السراج الزجاجي الموضوع على أحد البسطات جذب الطالب محمد زياد من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية ليسأل البائع عن ثمنه فهو في حاجة ماسة إليه، فقد أكد لــ " مفكرة الإسلام " أن الامتحانات النهائية على الأبواب وهو بحاجة ماسة ليدرس في فترة الليل الحالك.
وتابع قائلاً: أحاول قدر الإمكان الحصول على درجة امتياز لهذا الفصل ولكن الأوضاع لا تساعد على ذلك، فهناك العديد من الأبحاث لابد من إنهائها وهي بحاجة للبحث عبر الإنترنت، وانقطاع التيار الكهربي يمنع ذلك ، كما أن المواد والمساقات الدراسية لابد من مراجعتها والوقوف عند العديد من النقاط ولكن لا مجال إلا للدراسة على السراج مهما كلف الأمر.
كانت المفاصلة بينه وبين البائع قد انتهت وخلص إلى نتيجة أكدها قائلاً: لابد من التكيف مع هذه الظروف مهما كان الثمن، فالصمود على أرض الوطن لدحر المحتل وتحرير المقدسات لابد له من ثمن.
اختراع جديد
أما المواطن عبد الرحمن الحلو من سكان مدينة غزة فقد قام بصناعة موقد بسيط بنفسه من خلال وضع أنبوبة حديدية داخل صفيحة حليب ووضع ثقوبًا محددة فيها واستخدم بقايا نوى الزيتون الذي عصر من المعصرة القريبة كوقود بدلاً من الحطب ، وهو ما مكنه للحصول على طاقة جيدة من نوى الزيتون المشبع بالزيت وهو ما أعطى موقده قيمة جيدة بالنسبة إليه.
وأوضح عبد الرحمن قائلاً: هناك أكوام من بقايا الزيتون المعصور خلف المعصرة، ونحن في وضع لابد من استخدام كافة الإمكانيات المتاحة، لذلك كان هذا الاختراع ونظرًا لأن نوى الزيتون مشبع بالزيت فإن نوى الزيتون يستمر مشتعلاً لفترة أطول ولذلك فالموقد يبقى مشتعلاً لساعات طويلة... وأضاف مبتسمًا: لقد طبخت زوجتي عليه الطعام كما صنعنا الشاي ولا زال الموقد مشتعلاً.
هذا وسيبقى الموقد مشتعلاً مهما كانت الظروف ومهما حاول الجميع إطفاءه، فأهل غزة بإمكانهم العيش في ترف لكن ذلك سيكون على حساب كرامتهم وبيعهم لمقدساتهم وأرضهم وعرضهم.
http://208.66.70.165/ismemo/media//AZA2.jpg
غزة – مفكرة الإسلام
دمعت عينا الحاجة "أم حسن" بسبب الدخان المتطاير من موقد الطين الذي اشتراه زوجها قبل عدة أيام وبدأت تطبخ عليه، ولكونها لم تتعود على إيقاد النار فمرة تنطفئ ومرة تتوهج، قالت أم حسن وهي من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة: لقد نفد غاز الطهي من عندنا منذ أكثر من عشرين يومًا، وحالنا لا يسمح بشراء الطعام الجاهز لارتفاع ثمنه، لذلك نحن نجمع البقايا والمخلفات وأوراق الشجر ونقوم بحرقها والطبخ عليها.
وقالت أم حسن وهي تكفكف الدموع عن عينيها: لا يوجد كهرباء لساعات طويلة، ومن الصعب الطبخ أو خبز العجين باستخدام الأجهزة الكهربائية لذلك نحن نستخدم الحطب.
في هذه الأثناء كان يجلس زوجها ِأبو حسن ويقوم بتقطيع أخشاب غصن للتين حصل عليه من جاره الذي تكافل مع بعض جيرانه بتوزيع عدة أغصان على جيرانه الذين يعانون من نقص حاد في الوقود تساءل وهو يضغط على أسنانه: لا أدري كيف يصف العالم نفسه بالتحضر ولا أدري هل حتى اللحظة لا يدري العالم العربي ما يجري في غزة!!! لقد عدنا للعصور الحجرية... على حد قوله.
فقطاع غزة محاصر وقوات الاحتلال الصهيونية تمنع دخول الوقود الصناعي لمحطة توليد الكهرباء وتمنع كذلك غاز الطهي من الدخول على الإطلاق، وهو ما جعل أهالي القطاع يعيشون حياة أثرت على كافة شئونهم ومتطلباتهم.
الوابور يساوي وزنه ذهبًا
في جولة لـــ " مفكرة الإسلام " في سوق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة يمكنك معرفة الوضع المأساوي الذي وصلت إليه غزة وكيف عاد الوابور " موقد الكيروسين " والسراج من جديد بعد أن اندثر استخدامهما في قطاع غزة المحاصر.
وتجد غالبية البضائع عبارة عن مواقد كيروسين منها ما يعرف بالوابور ومنها ما يوقد عبر فتايل، كما أن هناك بسطات خاصة ببيع رءوس المواقد والفتائل، ناهيك عن الكيروسين المهرب عبر الأنفاق أو ما يعرف بالكاز الأبيض موضوع في زجاجات بحجم اللتر، حيث يباع اللتر الواحد بعشرة شواكل (2.7دولار أمريكي تقريبًا) ولعل الدافع الذي جعل الفلسطينيين بغزة يقبلون على تلك المواقد هو توفر هذا الوقود الذي تمكن الفلسطينيون من تهربيه عبر الأنفاق الممتدة بين الحدود المصرية الفلسطينية جنوب قطاع غزة.
ونظرًا للحصار المفروض على غزة وعدم دخول أي نوع من البضائع، تدخل تلك المواد والمواقد عبر الأنفاق وهو ما جعل ثمنها مرتفعًا جدًا حيث يصل ثمن الوابور الواحد لأكثر من 70 دولارًا أمريكيًا وعلى قول أحدهم ثمن الوابور لابد أن يوزن مقابله ذهبًا، فهو غير موجود أصلاً في الأسواق ومر برحلات تحت الأرض حتى يصل إلى قطاع غزة المحاصر.
السراج لتحصيل الامتياز
بريق السراج الزجاجي الموضوع على أحد البسطات جذب الطالب محمد زياد من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية ليسأل البائع عن ثمنه فهو في حاجة ماسة إليه، فقد أكد لــ " مفكرة الإسلام " أن الامتحانات النهائية على الأبواب وهو بحاجة ماسة ليدرس في فترة الليل الحالك.
وتابع قائلاً: أحاول قدر الإمكان الحصول على درجة امتياز لهذا الفصل ولكن الأوضاع لا تساعد على ذلك، فهناك العديد من الأبحاث لابد من إنهائها وهي بحاجة للبحث عبر الإنترنت، وانقطاع التيار الكهربي يمنع ذلك ، كما أن المواد والمساقات الدراسية لابد من مراجعتها والوقوف عند العديد من النقاط ولكن لا مجال إلا للدراسة على السراج مهما كلف الأمر.
كانت المفاصلة بينه وبين البائع قد انتهت وخلص إلى نتيجة أكدها قائلاً: لابد من التكيف مع هذه الظروف مهما كان الثمن، فالصمود على أرض الوطن لدحر المحتل وتحرير المقدسات لابد له من ثمن.
اختراع جديد
أما المواطن عبد الرحمن الحلو من سكان مدينة غزة فقد قام بصناعة موقد بسيط بنفسه من خلال وضع أنبوبة حديدية داخل صفيحة حليب ووضع ثقوبًا محددة فيها واستخدم بقايا نوى الزيتون الذي عصر من المعصرة القريبة كوقود بدلاً من الحطب ، وهو ما مكنه للحصول على طاقة جيدة من نوى الزيتون المشبع بالزيت وهو ما أعطى موقده قيمة جيدة بالنسبة إليه.
وأوضح عبد الرحمن قائلاً: هناك أكوام من بقايا الزيتون المعصور خلف المعصرة، ونحن في وضع لابد من استخدام كافة الإمكانيات المتاحة، لذلك كان هذا الاختراع ونظرًا لأن نوى الزيتون مشبع بالزيت فإن نوى الزيتون يستمر مشتعلاً لفترة أطول ولذلك فالموقد يبقى مشتعلاً لساعات طويلة... وأضاف مبتسمًا: لقد طبخت زوجتي عليه الطعام كما صنعنا الشاي ولا زال الموقد مشتعلاً.
هذا وسيبقى الموقد مشتعلاً مهما كانت الظروف ومهما حاول الجميع إطفاءه، فأهل غزة بإمكانهم العيش في ترف لكن ذلك سيكون على حساب كرامتهم وبيعهم لمقدساتهم وأرضهم وعرضهم.