قائد_الكتائب
09 Dec 2008, 11:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
القصة الكاملة لملحمة الشهداء في (قلعة جانجي)
كتب عبد الهادي العراقي
كنت اتابع اخبار الجهاد فى افغانستان و يعتصرني الألم و اكاد ابكي دما عندما سمعت و رأيت ما جرى فى قلعه جانجى ...اثنين من إخواني كانو هناك فى افغانستان و كنت اعلم انهم فى الشمال ولاكن ما كان يدور بخلدي انهم هناك فى القلعه و بعد وصول رسائلهم من كوبا علمت انهم كانو هناك فعدت ابحث عن كل شئ ذكر عن ما حدث لهم هناك فوجد قصتهم كاملة ..
قصة الأسود الذين رفضوا الاستسلام و قاومو ما وجدو للمقاومة سبيلا فلله درهم .. لله درهم. هم اسود كوبا ...هذه قصتهم .. يرويها ( عبد الهادي العراقي ) :
الملحمة المنسية .. ملحمة الشهداء .. ملحمة الشهداء المنسييين .. شهداء قلعة جنك المجهولين .. أبطال رفضوا الهوان ..
حقيقة احترت في اختيار عنوان لهم يعبر عما قاموا به من بطولة ورفض للهوان والذل الذي يمكن أن يتعرضوا له لو بقوا أحياء فهم ليسوا كباقي القطعان الحية يسوقهم أعداء الله بالعصا وهم راضخين أذلاء مقابل البقاء أحياء متمتعين بزيف الدنيا.
كنت أميرهم ولكن شاء الله أن أبتعد عنهم في اللحظات الحاسمة الصعبة وهى ليست المرة الأولى التي أراها بعيني ، فالشهادة اختيار واصطفاء من الله .
عدة شهور مضت على اتخاذ قرار المشاركة في جبهات شمال أفعانستان ، فاخترت المجموعة الأولى من المجتهدين الذين أمضوا فترات طويلة في جبهة شمال كابل فشكلت منهم مجموعة طيبة صابرة لا توصف بعطائها وبذلها، كان منهم عبد العزيز النعمان صاحب الخلق والصبر ، وأسامة العدني وأخوه الملاصق له دائماً حمزة العدني ( اللذان استشهدا في مزار شريف قبل حادث القلعة عند ذهابهم ضمن قافلة قبل سقوط مزار شريف ) وأنجشة وحسان الشاعر الذي لم يفارق الجبهات لأكثر من ثلاث سنوات وأبو تراب النجدي الذي مابقيت ساحة من ساحات الجهاد في أفغانستان والشيشان وربما البوسنة أيضا إلا وشد إليها الرحال واستشهد خلال تعرضات العدو على خوجة غار قبل الانسحاب ، والرحَّال الذي ما طاق الانتظار بعيداً عن الجبهات فعاد على الرغم من اصابته السابقة واستشهد قبل الانسحاب ، وغريب الصنعاني ( الغريب الحيي الخلوق ) والقعقاع الذي ما فارق الجبهات منذ اكثر من ثلاث سنوات ذو المحبة الشديدة للافغان وكان أسد على الرغم من صغر سنه والم ركبته الذي لم يفارقه حتى استشهاده ، وعاصم الصنعاني ( الذي كنت أسميه شبل الجهاد ) لصغر سنه وهو من عائلة مجاهدة معروفة.
والتحق بهم بعدهم العديد منهم أبو أيمن اليمني المعروف بقصر قامته، الذي لم يطق البعد عن ساحات الجهاد فعاد من اليمن بعد انتهاء فترة الجهاد الأولى مع التنظيمات ليلتحق بصفوف الطلبة ويبقى مرابطاً في الجبهات منذ 1998 وإلى استشهاده في 2001 وغيرهم مما لا أستطيع نسيانهم ولو ذكرت أسمائهم وصفاتهم لما كفانا مجلداً كبيراً واختير كقائد لهم صاحب النفس الطيبة ومن لا يجمع على غيره من الاخوة صغير الجسم قوي الجسد صاجب الهمة العالية والخلق الرفيع الأسد الهصور الذي رافقته منذ 1997 مافترقنا إلا عدة شهور حين نزل إلى اليمن محاولاً الذهاب إلى الشيشان ولكن عندما تيقن أنه لن يستطيع عاد إلى أفغانستان مطلقاً الدنيا هارباً من والديه الذين كانا يحاولان تزويجه ، وعاد ليطرب إخوانه المجاهدين بصوته الجميل وهو ينشد لهم خلال فترات الهدوء والاستراحة، ثم يكون مقدمتهم حين احتدام المعارك، ألم تعرفوه إنه عبد السلام الحضرمي، ويالهف نفسي على فراقه، إنه الحبيب إلى القلب، وصديق الجميع وسابق أصحابه جميعاً للخيرات أينما كانت الذي تراه دائماً أمامك يسابقك إلى كل شيء وماذا عساي أقول إلا أن أدعوا الله أن يتقبلك في جنات الفردوس ويلحقني بك ( استشهد بالقصف الأمريكي مع جمعة باي الأؤزبكي في مزار شريف). أسود جميعهم لا تكاد تفاضل أحدهم على الأخر وحسبنا أنهم ذهبوا إلى جوار رحمن رحيم كريم في أشرف ساحات الوغى وميادين الرجال ضد أعداء الله من الأمريكان والمنافقين. كانت الحملة الصليبية الأمريكية قد بدأت على أفعانستان بعد عمليات مركز التجارة والبنتاجون البطولية التي رد فيها المجاهدون بقوة على الإستعلاء الأمريكي واحتلالهم للمقدسات الإسلامية وإعانتهم لليهود ضد إخواننا الفلسطينيين.
وكان القصف قد اشتد على مزار شريف خصوصاً لفسح المجال أمام قوات دوستم وحلفائه الهزارة وغيرهم للسيطرة على المدينة والمطار لعمل موطء قدم ينزل فيه الأمريكان لتوسيع عملياتهم لاكتساح مواقع الطلبة الصامدة إلى تلك الأيام أمام القصف العنيف والهجمات السرشة حتى انهم – الأمريكان – تحيروا وكادت خططهم تفشل وأصيبوا بالإحباط، ولولا التطورات اللاحقة التي حصلت .
بدأ القصف يزداد عنفاً لحظة بعد لحظة وبدأت أعداد الضحايا المدنيين تزداد على العكس من الضحايا في الجبهات والتي كانت نسبتهم قليلة جداً لو قورنت مع شدة القصف ، ودخلت أخيراً قنابل زنة 7 طن والتي تأتي على سقف الأسلحة التقليدية وقبل مرحلة القنبلة النووية ، وللحفاظ على أرواح المدنيين ولصعوبة الإمداد تم الانسحاب من مزار شريف وبعدها صدرت الأوامر بالانسحاب من جبهات تخار والتي كان الاخوة العرب موجودين فيها وهم محور قصتنا هذه.
كانت مواقع لواء المهاجرين ( وهم يزيدون عن 1200 مجاهد شكلهم أمير المؤمنين من المجاهدين غير الأفغان قبل عدة شهور ) تمتد من ضفاف نهر جيحون إلى مركز مديرية خوجة غار ( وخط الجبهة يمتد من هناك وإلى تخار وفيه الاخوة الطلبة )، وعلى حسب إجتهاد القائد العسكري لشمال أفغانستان الملا فضل صدر أمر الانسجاب من مقدمة جبهة تخار والعودة إلى قندز ( التي تبعد حوالي 70 كم عن طلقان مركز ولاية تخار ) لتقليل الخسائر وتنظيم الصفوف خصوصاً أن الشمال قد انفصل عن القيادة المركزية للطلبة في جنوب أفغانستان بعد سقوط مدن مزار شريف وسمنجان وبول خمري وبعدها باميان بأيدي قوات التحالف الشمالي الموالي للأمريكان والصليبيين وحدوث فوضى واضطراب شديدين في صفوف الطلبة على الرغم من نداءات أمير المؤمنين المتكررة بالصمود والدفاع وكلمته المشهورة التي يرددها إما الحياة بعزة وغيرة على دين ومحارم الله أو الموت والشهادة، [ زندي به غيرت يا مرك به شهادت ].
في البداية رفض الاخوة في اللواء الانسحاب في ضوء المعنويات المرتفعة فهم وعلى مدى يومين سابقين كانوا قد صدوا عدة هجمات للعدو أخرها إستمر 12 ساعة متواصلة لم يستطيع العدو التقدم شبراً واحداً على الرغم من القصف المدفعي الثقيل الشديسد والدعم الجوي الكبير للطيران الأمريكي الصليبي، وإلى أن أقنع قادة الطلبة الاخوة بالانسحاب كان قد مر على انسحاب بقية قطعات الطلبة أكثر من نهار كامل ، ومع هذا تأخرت مجموعة يتراوح عددها بـ 25 أخ عربي رفضت الانسحاب إلى ما بعد يومين من استكمال انسحاب الجميع ، طبعاً حاصرهم العدو ولكن لم يستطيع إقتحام مواقعهم ، وكان خط الانسحاب من خوجة غار إلى دشت آرجي وإلى قندز مكشوفاً يمر بمنطقة تلال صعبة قاحلة من أي أشجار وطوال الطريق كان الطيران يقصف الأليات ولكن لم تحدث أية خسارة على الإطلاق بتوفيق الله وحفظه.
وحين استقرت هذه القوات كلها حول مدينة قندز كانت قوات التحالف الشمالي قد أطبقت الحصار على المدينة، فمن ناحية كانت قوات جلام جم ( دوستم والهزارة ) قد وصلت من مزار شريف وقوات شورى نظار ( والذي كان إغتيل قائدها المشهور مسعود قبل أسابيع ) من الناحية الأخرى، وكانت المنافسة شديدة بينهم على من يدخل المدينة أولاً سينال الحظوة والأموال والمكافأة، فقوات دوستم محسوبة على الأمريكان وقوات شورى نظار تتلقى دعمها الكامل من روسيا وإيران على الرغم من أن الطرفين يتمتعان بالدعم الجوي الأمريكي المباشر.
رمى دستم ( الجنرال الشيوعي السابق ) ثقله كاملاً لإجراء مفاوضات لدخول قندز سلماً وعرض على الطلبة الاستسلام مقابل العفو وإيصال المقاتلين إلى أماكن سكنهم، كان الطلبة قد وقعوا في حالة صعبة جداً فقسم من القادة قد آثروا الاستسلام وفعلاً اختفى قسم قليل منهم ليظهر بعد أيام في قندهار، والقسم الكبير لا يدري كيف التصرف وقسم منهم أظهروا قدراً من الرحولة والصمود وبقوا مع قواتهم على الرغم من تمكنهم حينها من النفاذ والهرب والتخفي ثم الوصول إلى أماكن أمنة مثل الملا عبد الرؤف خادم وغيره.
ساعات رهيبة مضت والقصف العنيف مستمر على قوات الطلبة مع استمرار الهجمات الأرضية والنفوس تضعف أمام ضغوط أهالي المنطقة التي تزداد لسحب الطلبة أو إستسلامهم لتجنب مناطقهم الدمار من جراء القصف الجوي الذي لا يميز بين قطعة عسكرية وبين قرية أو تجمع سكاني مدني، ويزداد مع صمود الطلبة إلحاح دوستم على الطلبة للتسليم مقابل ضمانات كثيرة ليسبق خصمه محمد فهيم قائد شورى نظار ويدخل قندز ويضيفها إلى مناطق نفوذه ليقوي بها موقعه ومكانته عند أسياده الأمريكان.
لا ندري ما جرى حقيقة في المفاوضات فقد حصل الاتفاق فجأة على خروج غير الأفغان من هناك والتوجه إلى مزار شريف للحفاظ عليهم إبتداءاً وعند وصولهم إلى هناك يستكمل تسليم بقية قوات الطلبة لقوات دستم، انطلقت السيارات الشاحنة تقل 350 مجاهداً ، كل العرب وعددهم 154 أخ مع 100 من الأوزبك والطاجيك وبقية من المجاهدين الباكستانيين وقليل من الطلبة ، ومعهم 4 سيارات صغيرة من قوات دوستم ومن أفراد القومندان ناصر خروي البشتوني ، بالتحديد كأمان لهم ودليل خلال الطريق ، لم يعترض طريقهم أحد ، وحين اقتربوا من مدينة مزار شريف كان الليل قد اقترب على نهايته وبدأ الدليل يخفض من سرعة السيارة إلى أن توقف قائلاً أن وجهتنا إلى بلخ الواقعة خلف مدينة مزار شريف وهناك طريقان أحدهما طويل يلف حول مزار والأخر قصير يخترق المدينة ولكنه خطر لأن هناك قوات من الهزارة وهم لا يطيعون لنا ونخاف أن يتعرضوا لكم وتكون هناك مشاكل ولكن الطريق الطويل خطراً أيضاً لأننا نريد أن نوصلكم إلى بلخ بدون علم دوستم وإذا طلع النهار ممكن استخبارات دوستم تكشف الموضوع ويعرقل الأمر ، فلهذا سنرسل سيارة لتأمين طريق المدينة ثم تعود لتسير بالقافلة ، المهم تحركت السيارة بإتجاه المدينة بسرعة ، وبعد ساعة تحركت السيارة الثانية بحجة أن الأولى تأخرت ، وعند بزوغ ضوء النهار تحركت الثالثة وبعدها بقليل الرابعة لاستكشاف الأمر .
بدأ الشك يزداد عند الأخوة ، نظروا حولهم فإذا هم في منطقة سهلة ليست فيها أي تضاريس أو وادي أو مرتفع وفجأة سمعوا صوت مدرعات تتجه صوبهم أمعن النظر فإذا هي فعلاً مدرعات ولكنها لا تسير باتجههم مباشرة بل قسم منها ينحرف بعيداً إلى اليمين والأخر بعيداً إلى اليسار.
تشاور المسئولون بسرعة وقرروا تشكيل خط دفاعي دائري يكون العرب في المقدمة والأوزبك على الجناحين والباكستانيين يحمون المؤخرة، وفعلاً وبسرعة تنم عن خبرة قتالية توزعت الأعداد وأخذ المجاهدون أماكنهم وكانت الأسلحة لحد الأن لم تسحب من عندهم ، عندها كانت قوات العدو قد استكملت حصار المنطقة كاملاً ، تخندق الأخوة وسحبوا أقسام الأسلحة إستعداداً لأي طارئ.
بدأت إحدى السيارات التي كانت قد غادرت للترتيب أمر عبور المدينة تتجه بسرعة إلى مركز تواجد الأخوة، تركها الأخوة تقترب، نزل مسئولها, هرول إلى مسئول المجموعات وكان الخوف يملأه ، توقف قريباً منهم وهو يصيح أن الأمور بخير ولا يوجد ما يدعوا للقلق وهو تعبير أفغاني مشهور بقينا نسمعه دائماً حتى في أيام الجهاد السابقة وهذه الأيام أيضاً ، المهم أن الأفغاني بدأ مهتماً بتهدئة الإخوة قائلاً أن الأمور بخير ولكن هناك مشكلة بسيطة وهي أن الجنرال دوستم قد عرف الأمر وهو يصر على أن يذهب الجميع مراكزه ليحافظ عليهم ، فقط عليهم الأن تسليم أسلحتهم ، طبعاً انتفض الاخوة ، فكيف يكون ذلك ولجد هذه اللحظة لم يستطيع المنافقون الاقتراب منهم ولقد صدوا العديد من هجماتهم المدعومة بالقصف الأمريكي الصليبي العنيف ، وعندما رأي الدليل الأفغاني إصرار الإخوة على عدم تسليم الأسلحة إقترح عليهم أن يتصلوا بالملا فضل في قندز ليأخذوا منه التعليمات وكان الإخوة قد نصبوا المخابرة هناك في الميدان واتصلوا بكابل الاتصال الأخير حيث كنت وقتها هناك وكنت قد وصلتها قبل عدة أيام قادماً من عندهم في تخار لاستكمال بعض الأمور الضرورية الطارئة بعد ابتداء القصف الأمريكي وكانت الأمور عادية جداً في وقتها ووعدتهم بالحركة في اليوم التالي، وفعلاً تحركت ولكن في الطريق علمت بأن الطريق قد انقطع على أثر سقوط باميان بأيدي المنافقين من حزب وحدت الشيعي عدت أدراجي إلى كابل لأشهد بعد يومين تخلي الطلبة عنها ليستلمها المنافقون .
المهم بعد انتهاء اتصالهم بنا تكلموا مع ملا فضل حيث طلب منهم الرضوخ لمطالبهم وتسليم الأسلحة للحفاظ على بقية الطلبة الموجودين في قندز قائلاً أننا لحد الأن لم نسلم أسلحتنا ولكن إذا عملتم مشاكل فربما يبدأون بقصفنا والتعرض علينا خصوصاً أن قواتهم بدأت تدخل المدينة وقال لهم عليكم بالسمع والطاعة وأن عملي هذا الغرض منه لإنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من الطلبة بأمر أمير المؤمنين ؟!! تردد الاخوة بتسليم الأسلحة فنادى ملا فضل الملا ذاكر عبد القيوم ليكلمهم على المخابرة وكان ملا ذاكر هو أمير قطاع عملياتنا في خوجة غار ودشت أرجي بعدها رضخ الاخوة للطلب وتشاوروا على تسليم الأسلحة الكبيرة الظاهرة وإخفاء القنابل اليدوية والمسدسات والسكاكين للطوارئ ، وبدأ وضع السلاح على الأرض والأغلبية غير مقتنعة تماماً ومندهشة بما يحصل.
بعد استكمال تسليم الأسلحة طلب الدليل من قسم من قوات العدو بالاقتراب واستلام الأسلحة وطالب الاخوة بتسليم كل ما لديهم من سلاح فأجابوه بأنه لم يبق شيء آخر وإزاء هذا العناد طلب إليهم التوجه إلى السيارات للتحرك إلى مزار شريف ، انطلقت أمام القافلة سيارة الجرحى مع دليل واحد وكان هناك أربعة من الجرحى منهم أبو ناصر الأبيني وأسامة الحضرمي وكانوا قد جرحوا في القصف سابقاً أسرعت السيارة وسبقت القافلة، عند وصولها إلى داخل المدينة أوقفها حاجز لحزب وحدت الشيعي وحينما عرفوا أن فيها عرباً أنزلوا الأفغاني الدليل وعلى رغم توسله لهم قائلاً أنه منهم ومن أفراد قومندان ناصر وهؤلاء مستسلمون وسآخذهم إلى السجن ولكن بدون فائدة بدأوا بضربه وبسبه بشتى الألفاظ القاذعة وانهالوا بالضرب على الجرحى غير آبهين بحالتهم واقتادوا الجميع للسجن عندهم وبدأوا بالتحقيق معهم ، وندع أخ طالب أفغاني كان مجروحاً وركب معهم السيارة يحكي القصة ، حيث يقول : بدأوا بالضرب الشديد للجميع ثم أوقفوا السيارة في الخارج واستدعوني للتحقيق فقلت لهم أنني لست معهم بل أنا جريح وأتيت معهم فقط بالسيارة فقالوا لي لا نعرف ذلك ، وإذا أردت الخروج فكم ستعطينا حينها تذكرت بأن الاخوة أخفوا مسدساً وبعض الأموال التي جمعوها من بينهم خوفاً من السرقة وأخفوها في محرك السيارة ففكرت أنهم سيأخذون السيارة كلها فلأفدي نفسي بالمسدس ، ففاوضتهم على إعطائهم المسدس مقابل خروجي فوافقوا فأرشدتهم إلى مكانه فذهبوا وأخرجوه ولكن عندما عادوا قالوا هذا لا يكفي نريد ورق أخضر ( يقصدون الدولار ) فأرشدتهم إلى مكان الأموال وعندما رأوها قالوا لي اخرج واترك لنا هؤلاء العرب نبيعهم بالدولار، فخرجت من عندهم وانا أسمع صيحات وتأوهات الاخوة الجرحى حيث بدأ المنافقون بضربهم ثم نقلوهم إلى المستشفى ثم سلموهم للأمريكان.
ثم نعود للقافلة الكبيرة، حيث أخذوهم إلى قلعة جنكِ وهي قلعة كبيرة على أطراف مزار شريف، ترتفع عن الأرض كثيراً يحيطها سور عريض يمكن للدبابة أن تسير عليه ، وخلفها قناة ماء ، والقلعة كبيرة جداً من الداخل ، وهي مكونة من عدة طبقات وفي الأسفل سراديب وغرف ، وهي قلعة عسكرية مجهزة للقتال والصمود أمام الحصار ، وفيها مخازن أسلحة وذخائر كثيرة .
وعند وصولهم للقلعة دخلت السيارات إلى داخل القلعة ، و قد سبقهم إليها أكابر قومندنات حزب وحدت الشيعي وأكابر قومندنات دوستم ورئيس استخباراته وكذلك قوات كبيرة تقدر بعدة مئات ، كذلك مندوبين عن القوات الأجنبية الأمريكية والCIA ، وعند وصولهم تم تقسيمهم على الغرف ، ثم بعد ذلك بدأت قوات العدو بفتح الغرف غرفة غرفة وإخراج الإخوة لتفتيشهم وتسجيل أسمائهم ومعلوماتهم وتصويرهم ، كان يشرف على التسجيل ضباط أمريكان وكبار ضباط دوستم والهزارة ، وكان أفراد العدو والمحققون يتعمدون إساءة المعاملة والتلفظ بالكلمات القذرة على الاخوة والجهاد والدين ويستهزؤن بالجميع ، وحين رأى الإخوة ذلك وقبل استكمال تسجيل الغرفة الأول ى، تبادل عدد من الشباب الإشارات ، وتقدم الأول للتفتيش واضعاً يده في جيبه ، وانتبه لذلك المحقق فصاح عليه أن أخرج يدك يابن .. فأخرج الأخ قبضة يده من جيبه ومعه قنبلة يدوية وفجأة دوى انفجار كبير أعقبه انفجار قنبلة أخرى ، قتل الأخ مباشرة ، وقتل على أثر الانفجار المحقق الأمريكي ورئيس استخبارات مزار شريف وأكبر قومندانات حزب وحدت وعدد من كبار قادة دوستم ، وساد الهلع قوات العدو وبدأوا يتناثرون كذر الغبار اشتدت به الريح ، سارع عدد من الاخوة إلى أسلحة المقتولين ليأخذوها وسارع آخرون إلى بوابات القلعة ليغلقوها لمنع العدو وبقية الأمريكان من الفرار ، وذهب البقية لفتح أبواب الغرف لإخراج إخوانهم وسادت فترة قصيرة من الصمت ولكنها كانت رهيبية، وانفتح بعدها باب جهنم على الأمريكان والأعداء الذين فوجئوا بما حدث فهم لم يروا ذلك من قبل ، أناس في الأسر لايصبرون على إهانات تعد عندهم في أعرافهم أمور عادية من الممكن تبادلها بينهم فرحاً ، ولكن أنى يكون ذلك لحر عزيز ذاق طعم الجهاد وما أنزل السلاح من على كتفه إلا قبل لحظات سمعاً وطاعة لأميره ولكن على غير اقتناع وثقة في الطرف المقابل الذي وضع يده بايدي الكفرة والصليبيين لهدم صرح دولة الشريعة.
ودارت معركة رهيبة كان العدو فيها كالجرذان المرعوبة لا تدري أين الفرار وبدأ قسم منهم يقفز من الجدران العالية لتندق عنقه و لا أحد منهم يجرؤ على المواجهة ، فهم لم يأتوا للموت بل لجمع الأموال والتمتع بشهوة التسلط وما سينعم به الأمريكان عليهم ، وما هو إلى وقت قصير صفى فيها الاخوة أغلب الذين كانوا في القلعة من العدو والأمريكان وبدأ الجد مرة أخرى فالساعة ساعة حزم وأمر ، تقسمت المجموعات وتوزعت المهام بدقة والأخوة أصحاب خبرة قتالية سابقة ، توجهت مجموعة لكسر المخازن واستخراج الأسلحة وأخرى لجلب الذخيرة وتوزيعها وأخرى لإستخراج ونصب الرشاشات الثقيلة والهاونات وهكذا ، وبعد فترة عادت المجموعة المكلفة بإحصاء وجرد اصابات العدو واصابات الإخوة ،
والنتيجة المذهلة [ 15 قتيل أمريكي –200 قتيل من المنافقين ] لم يبق منهم أحد حي، لا خسائر ولا إصابات بين المجاهدين عدا الاخ الذي ألقى القنبلتين اليدويتين في البداية. ثم تشاور الأخوة وقرروا الصمود داخل القلعة لأن العدو بدأ يتجمع في الخارج والمدرعات والدبابات بدأت تحاصر القلعة وصوت الطيران يستكشف المنطقة.
بدأ الشباب المجاهد توزيع المهام الدفاعية على الجميع ، متوقعين أن العدو سيبدأ عملية اقتحام القلعة بعدما رأو كثافة نيران الرشاشات والمدفعية الموجهة عليهم من داخل القلعة ، وتعالت نداءات الكافرين يطالبون الأخوة بالاستسلام ، ولكن كيف يكون استسلام من أسود لفئران مرعوبة ، و إلى صباح اليوم التالي لم يحاول أي فأر الاقتراب من عرين الأسود ولكن مع إشراقة الصباح بدأ قصف جوي شديد ، وكذلك قصف مدفعي من الأرض ، واستمر الأمر إلى المغرب ، ما استطاع الأخوة عمل شيئ اكثر من إخلاء الجرحى للطابق السفلي وكذلك تقليل الأعدد الموجودة في محيط القلعة للدفاع ضد أي هجوم بري ، واستمر ذلك طوال الليل ، ولم يكن هناك من الطعام إلا القليل مع الماء ، هدأ القصف ليلاً ليعود مرة أخرى في الصباح بشدة أكبر مع محاولات لاقتراب الدبابات ، إلا أن الأخوة ردوها على أعقابها ومع اشتداد القصف بدأ الدخان يتصاعد والذخائر تنفجر والدمار يتجاوز الطابق العلوي إلى الطوابق السفلية وهكذا مع نهاية اليوم الثالث من القصف العنيف المستمركان أغلب الأخوة قد دفن تحت الأنقاض فرحاً بالشهادة ، أو جرح جروحاً بليغة ولم ينج من الجرحى إلا من لجأ إلى الخنادق العميقة تحت الأرض ، دخل عدد من أفراد العدو القلعة خفية ليتأكدوا من مقتل الجميع وأعطوا إشارة للبقية بانتهاء المقاومة ومقتل الجميع ، وعند اكتشافهم وجود عدد من الجرحى في الأنفاق ، دخل اثنان من العدو لإخراجهم فأخرج الأخ مسدسه وقتل الاثنين ، ورفض الجميع نداءات العدو للخروج من الأنفاق ففتح عليهم الماء لإجبارهم على الخروج فلم يفلحوا ، فبدءوا بإغراق هذه الأنفاق والملاجئ بالوقود وأشعلوا النار ، عندها اضطر من بقي على قيد الحياة ونجى من الحرق والاختناق إلى الخروج ، وكان عدد من تبقى من الأخوة 80 أخاً أغلبهم من الباكستان ومن بين الجرحى الأخ الأمريكي الذي أحرج بوش الغير مصدق لوجود أمريكي في صفوف الطلبة.
وبهذا انتهت هذه الملحمة التي سطرها الشباب المجاهد الرافض لهذا الهوان الذي تعيشه الأمة، فضَّل لقاء ربه الكريم على حياة ملؤها الذل والخنوع وما خاب وما خسر في اختياره بل هو خروج من هذا السجن الكبير إلى جنات الرضوان مع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام في أعلى عليين.
فهذه أحداث عايشناها ورايناها، حفرت أخاديد عميقة في عقولنا وقلوبنا، أبطالها إخوة لنا أفضل منا سبقونا إلى ما كنا قد وضعنا أعيننا وتعاهدنا عليه، رضا الرحمن وجنات الرضوان فنحن على طريقهم لن نكل ولن نمل وقسماً نبره فقد بعنا وقد اشترى الرحمن صفقة لن نندم عليها أبداً، نرويها لمن كان له قلب وما زال به ذرة من إيمان أو رجولة أو نخوة لعل الله ينفعه بها.
نسأل الله القبول .. ولأمتنا الاستيقاظ والنهوض ولشبابنا العودة إلى الطريق التي ارتضاها الله لنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقفة أمام قافلة الشهداء ( بقلعة جانكِ بمزار شريف)
أواه من نفسي ومن غفلاتي * فلكم لهوت وما قدرت حياتي
ولكم سعيت لأجل دنيا زخرفت * وتركت سعي الحرِّ للجنات
حتى إذا سبق الكرام بكيت من * همٍّ ومن غمٍّ ومن حسرات
سبق الكرام إلى الجنات وخلّفوا * من بعدهم (نفر) كهمل رعاة
سبق الكرام إلى الجهاد وأوهنوا * بالضرب والإقدام ظهر عتاة
سبق الكرام إلى الشهادة بعدما * اتخذوا الجهاد طريقهم بثبات
لم يثنهم عن دربهم أي امرئ * أو أي تاويل بلا آيات
بل نهجهم نهج الصحابة واضح * لا تعتريه غمامة الشبهات
سمعوا (انفروا ) فتراكضوا نحو الوغى * سعياً لنيل عظائم الدرجات
خاضوا غمار الحرب قدماً ما انثنوا * كلا وما فزعوا من الغارات
أرواحهم فوق الأكف أتوا لكي * يعلوا بصدق أصدق الرايات
ودماؤهم سقت الدروب إلى العلا * وأنارت الطرقات والظلمات
لله درّهم أعادوا مجدنا * بدم الشهادة أنفس القطرات
لله درّهم أزالوا غفلة * فدم الشهيد محفز العزمات
يا رب ألحقنا وبدربهم * وارزق عبيدك أرفع الدرجات
واجعل لقانا بالحبيب محمد * وصحابه بكرائم الجنات
واختم لنا أعمارنا بشهادة * لنفوز يا رباه بالغرفات
أنت الكريم فجُدْ بفضل * وامنن إلهي بأوسع الرحمات
اللهم يا من انجيتهم من قلعه جانجى نجهم يا قوى يا عزيز من كوبا و إعدهم الى ساحات الجهاد . اللهم اميــن
مـــــنــــــــقــــــــــول ,,,
يتبع بأذن الله ويليه بعض الصور لاخواننا هناك
القصة الكاملة لملحمة الشهداء في (قلعة جانجي)
كتب عبد الهادي العراقي
كنت اتابع اخبار الجهاد فى افغانستان و يعتصرني الألم و اكاد ابكي دما عندما سمعت و رأيت ما جرى فى قلعه جانجى ...اثنين من إخواني كانو هناك فى افغانستان و كنت اعلم انهم فى الشمال ولاكن ما كان يدور بخلدي انهم هناك فى القلعه و بعد وصول رسائلهم من كوبا علمت انهم كانو هناك فعدت ابحث عن كل شئ ذكر عن ما حدث لهم هناك فوجد قصتهم كاملة ..
قصة الأسود الذين رفضوا الاستسلام و قاومو ما وجدو للمقاومة سبيلا فلله درهم .. لله درهم. هم اسود كوبا ...هذه قصتهم .. يرويها ( عبد الهادي العراقي ) :
الملحمة المنسية .. ملحمة الشهداء .. ملحمة الشهداء المنسييين .. شهداء قلعة جنك المجهولين .. أبطال رفضوا الهوان ..
حقيقة احترت في اختيار عنوان لهم يعبر عما قاموا به من بطولة ورفض للهوان والذل الذي يمكن أن يتعرضوا له لو بقوا أحياء فهم ليسوا كباقي القطعان الحية يسوقهم أعداء الله بالعصا وهم راضخين أذلاء مقابل البقاء أحياء متمتعين بزيف الدنيا.
كنت أميرهم ولكن شاء الله أن أبتعد عنهم في اللحظات الحاسمة الصعبة وهى ليست المرة الأولى التي أراها بعيني ، فالشهادة اختيار واصطفاء من الله .
عدة شهور مضت على اتخاذ قرار المشاركة في جبهات شمال أفعانستان ، فاخترت المجموعة الأولى من المجتهدين الذين أمضوا فترات طويلة في جبهة شمال كابل فشكلت منهم مجموعة طيبة صابرة لا توصف بعطائها وبذلها، كان منهم عبد العزيز النعمان صاحب الخلق والصبر ، وأسامة العدني وأخوه الملاصق له دائماً حمزة العدني ( اللذان استشهدا في مزار شريف قبل حادث القلعة عند ذهابهم ضمن قافلة قبل سقوط مزار شريف ) وأنجشة وحسان الشاعر الذي لم يفارق الجبهات لأكثر من ثلاث سنوات وأبو تراب النجدي الذي مابقيت ساحة من ساحات الجهاد في أفغانستان والشيشان وربما البوسنة أيضا إلا وشد إليها الرحال واستشهد خلال تعرضات العدو على خوجة غار قبل الانسحاب ، والرحَّال الذي ما طاق الانتظار بعيداً عن الجبهات فعاد على الرغم من اصابته السابقة واستشهد قبل الانسحاب ، وغريب الصنعاني ( الغريب الحيي الخلوق ) والقعقاع الذي ما فارق الجبهات منذ اكثر من ثلاث سنوات ذو المحبة الشديدة للافغان وكان أسد على الرغم من صغر سنه والم ركبته الذي لم يفارقه حتى استشهاده ، وعاصم الصنعاني ( الذي كنت أسميه شبل الجهاد ) لصغر سنه وهو من عائلة مجاهدة معروفة.
والتحق بهم بعدهم العديد منهم أبو أيمن اليمني المعروف بقصر قامته، الذي لم يطق البعد عن ساحات الجهاد فعاد من اليمن بعد انتهاء فترة الجهاد الأولى مع التنظيمات ليلتحق بصفوف الطلبة ويبقى مرابطاً في الجبهات منذ 1998 وإلى استشهاده في 2001 وغيرهم مما لا أستطيع نسيانهم ولو ذكرت أسمائهم وصفاتهم لما كفانا مجلداً كبيراً واختير كقائد لهم صاحب النفس الطيبة ومن لا يجمع على غيره من الاخوة صغير الجسم قوي الجسد صاجب الهمة العالية والخلق الرفيع الأسد الهصور الذي رافقته منذ 1997 مافترقنا إلا عدة شهور حين نزل إلى اليمن محاولاً الذهاب إلى الشيشان ولكن عندما تيقن أنه لن يستطيع عاد إلى أفغانستان مطلقاً الدنيا هارباً من والديه الذين كانا يحاولان تزويجه ، وعاد ليطرب إخوانه المجاهدين بصوته الجميل وهو ينشد لهم خلال فترات الهدوء والاستراحة، ثم يكون مقدمتهم حين احتدام المعارك، ألم تعرفوه إنه عبد السلام الحضرمي، ويالهف نفسي على فراقه، إنه الحبيب إلى القلب، وصديق الجميع وسابق أصحابه جميعاً للخيرات أينما كانت الذي تراه دائماً أمامك يسابقك إلى كل شيء وماذا عساي أقول إلا أن أدعوا الله أن يتقبلك في جنات الفردوس ويلحقني بك ( استشهد بالقصف الأمريكي مع جمعة باي الأؤزبكي في مزار شريف). أسود جميعهم لا تكاد تفاضل أحدهم على الأخر وحسبنا أنهم ذهبوا إلى جوار رحمن رحيم كريم في أشرف ساحات الوغى وميادين الرجال ضد أعداء الله من الأمريكان والمنافقين. كانت الحملة الصليبية الأمريكية قد بدأت على أفعانستان بعد عمليات مركز التجارة والبنتاجون البطولية التي رد فيها المجاهدون بقوة على الإستعلاء الأمريكي واحتلالهم للمقدسات الإسلامية وإعانتهم لليهود ضد إخواننا الفلسطينيين.
وكان القصف قد اشتد على مزار شريف خصوصاً لفسح المجال أمام قوات دوستم وحلفائه الهزارة وغيرهم للسيطرة على المدينة والمطار لعمل موطء قدم ينزل فيه الأمريكان لتوسيع عملياتهم لاكتساح مواقع الطلبة الصامدة إلى تلك الأيام أمام القصف العنيف والهجمات السرشة حتى انهم – الأمريكان – تحيروا وكادت خططهم تفشل وأصيبوا بالإحباط، ولولا التطورات اللاحقة التي حصلت .
بدأ القصف يزداد عنفاً لحظة بعد لحظة وبدأت أعداد الضحايا المدنيين تزداد على العكس من الضحايا في الجبهات والتي كانت نسبتهم قليلة جداً لو قورنت مع شدة القصف ، ودخلت أخيراً قنابل زنة 7 طن والتي تأتي على سقف الأسلحة التقليدية وقبل مرحلة القنبلة النووية ، وللحفاظ على أرواح المدنيين ولصعوبة الإمداد تم الانسحاب من مزار شريف وبعدها صدرت الأوامر بالانسحاب من جبهات تخار والتي كان الاخوة العرب موجودين فيها وهم محور قصتنا هذه.
كانت مواقع لواء المهاجرين ( وهم يزيدون عن 1200 مجاهد شكلهم أمير المؤمنين من المجاهدين غير الأفغان قبل عدة شهور ) تمتد من ضفاف نهر جيحون إلى مركز مديرية خوجة غار ( وخط الجبهة يمتد من هناك وإلى تخار وفيه الاخوة الطلبة )، وعلى حسب إجتهاد القائد العسكري لشمال أفغانستان الملا فضل صدر أمر الانسجاب من مقدمة جبهة تخار والعودة إلى قندز ( التي تبعد حوالي 70 كم عن طلقان مركز ولاية تخار ) لتقليل الخسائر وتنظيم الصفوف خصوصاً أن الشمال قد انفصل عن القيادة المركزية للطلبة في جنوب أفغانستان بعد سقوط مدن مزار شريف وسمنجان وبول خمري وبعدها باميان بأيدي قوات التحالف الشمالي الموالي للأمريكان والصليبيين وحدوث فوضى واضطراب شديدين في صفوف الطلبة على الرغم من نداءات أمير المؤمنين المتكررة بالصمود والدفاع وكلمته المشهورة التي يرددها إما الحياة بعزة وغيرة على دين ومحارم الله أو الموت والشهادة، [ زندي به غيرت يا مرك به شهادت ].
في البداية رفض الاخوة في اللواء الانسحاب في ضوء المعنويات المرتفعة فهم وعلى مدى يومين سابقين كانوا قد صدوا عدة هجمات للعدو أخرها إستمر 12 ساعة متواصلة لم يستطيع العدو التقدم شبراً واحداً على الرغم من القصف المدفعي الثقيل الشديسد والدعم الجوي الكبير للطيران الأمريكي الصليبي، وإلى أن أقنع قادة الطلبة الاخوة بالانسحاب كان قد مر على انسحاب بقية قطعات الطلبة أكثر من نهار كامل ، ومع هذا تأخرت مجموعة يتراوح عددها بـ 25 أخ عربي رفضت الانسحاب إلى ما بعد يومين من استكمال انسحاب الجميع ، طبعاً حاصرهم العدو ولكن لم يستطيع إقتحام مواقعهم ، وكان خط الانسحاب من خوجة غار إلى دشت آرجي وإلى قندز مكشوفاً يمر بمنطقة تلال صعبة قاحلة من أي أشجار وطوال الطريق كان الطيران يقصف الأليات ولكن لم تحدث أية خسارة على الإطلاق بتوفيق الله وحفظه.
وحين استقرت هذه القوات كلها حول مدينة قندز كانت قوات التحالف الشمالي قد أطبقت الحصار على المدينة، فمن ناحية كانت قوات جلام جم ( دوستم والهزارة ) قد وصلت من مزار شريف وقوات شورى نظار ( والذي كان إغتيل قائدها المشهور مسعود قبل أسابيع ) من الناحية الأخرى، وكانت المنافسة شديدة بينهم على من يدخل المدينة أولاً سينال الحظوة والأموال والمكافأة، فقوات دوستم محسوبة على الأمريكان وقوات شورى نظار تتلقى دعمها الكامل من روسيا وإيران على الرغم من أن الطرفين يتمتعان بالدعم الجوي الأمريكي المباشر.
رمى دستم ( الجنرال الشيوعي السابق ) ثقله كاملاً لإجراء مفاوضات لدخول قندز سلماً وعرض على الطلبة الاستسلام مقابل العفو وإيصال المقاتلين إلى أماكن سكنهم، كان الطلبة قد وقعوا في حالة صعبة جداً فقسم من القادة قد آثروا الاستسلام وفعلاً اختفى قسم قليل منهم ليظهر بعد أيام في قندهار، والقسم الكبير لا يدري كيف التصرف وقسم منهم أظهروا قدراً من الرحولة والصمود وبقوا مع قواتهم على الرغم من تمكنهم حينها من النفاذ والهرب والتخفي ثم الوصول إلى أماكن أمنة مثل الملا عبد الرؤف خادم وغيره.
ساعات رهيبة مضت والقصف العنيف مستمر على قوات الطلبة مع استمرار الهجمات الأرضية والنفوس تضعف أمام ضغوط أهالي المنطقة التي تزداد لسحب الطلبة أو إستسلامهم لتجنب مناطقهم الدمار من جراء القصف الجوي الذي لا يميز بين قطعة عسكرية وبين قرية أو تجمع سكاني مدني، ويزداد مع صمود الطلبة إلحاح دوستم على الطلبة للتسليم مقابل ضمانات كثيرة ليسبق خصمه محمد فهيم قائد شورى نظار ويدخل قندز ويضيفها إلى مناطق نفوذه ليقوي بها موقعه ومكانته عند أسياده الأمريكان.
لا ندري ما جرى حقيقة في المفاوضات فقد حصل الاتفاق فجأة على خروج غير الأفغان من هناك والتوجه إلى مزار شريف للحفاظ عليهم إبتداءاً وعند وصولهم إلى هناك يستكمل تسليم بقية قوات الطلبة لقوات دستم، انطلقت السيارات الشاحنة تقل 350 مجاهداً ، كل العرب وعددهم 154 أخ مع 100 من الأوزبك والطاجيك وبقية من المجاهدين الباكستانيين وقليل من الطلبة ، ومعهم 4 سيارات صغيرة من قوات دوستم ومن أفراد القومندان ناصر خروي البشتوني ، بالتحديد كأمان لهم ودليل خلال الطريق ، لم يعترض طريقهم أحد ، وحين اقتربوا من مدينة مزار شريف كان الليل قد اقترب على نهايته وبدأ الدليل يخفض من سرعة السيارة إلى أن توقف قائلاً أن وجهتنا إلى بلخ الواقعة خلف مدينة مزار شريف وهناك طريقان أحدهما طويل يلف حول مزار والأخر قصير يخترق المدينة ولكنه خطر لأن هناك قوات من الهزارة وهم لا يطيعون لنا ونخاف أن يتعرضوا لكم وتكون هناك مشاكل ولكن الطريق الطويل خطراً أيضاً لأننا نريد أن نوصلكم إلى بلخ بدون علم دوستم وإذا طلع النهار ممكن استخبارات دوستم تكشف الموضوع ويعرقل الأمر ، فلهذا سنرسل سيارة لتأمين طريق المدينة ثم تعود لتسير بالقافلة ، المهم تحركت السيارة بإتجاه المدينة بسرعة ، وبعد ساعة تحركت السيارة الثانية بحجة أن الأولى تأخرت ، وعند بزوغ ضوء النهار تحركت الثالثة وبعدها بقليل الرابعة لاستكشاف الأمر .
بدأ الشك يزداد عند الأخوة ، نظروا حولهم فإذا هم في منطقة سهلة ليست فيها أي تضاريس أو وادي أو مرتفع وفجأة سمعوا صوت مدرعات تتجه صوبهم أمعن النظر فإذا هي فعلاً مدرعات ولكنها لا تسير باتجههم مباشرة بل قسم منها ينحرف بعيداً إلى اليمين والأخر بعيداً إلى اليسار.
تشاور المسئولون بسرعة وقرروا تشكيل خط دفاعي دائري يكون العرب في المقدمة والأوزبك على الجناحين والباكستانيين يحمون المؤخرة، وفعلاً وبسرعة تنم عن خبرة قتالية توزعت الأعداد وأخذ المجاهدون أماكنهم وكانت الأسلحة لحد الأن لم تسحب من عندهم ، عندها كانت قوات العدو قد استكملت حصار المنطقة كاملاً ، تخندق الأخوة وسحبوا أقسام الأسلحة إستعداداً لأي طارئ.
بدأت إحدى السيارات التي كانت قد غادرت للترتيب أمر عبور المدينة تتجه بسرعة إلى مركز تواجد الأخوة، تركها الأخوة تقترب، نزل مسئولها, هرول إلى مسئول المجموعات وكان الخوف يملأه ، توقف قريباً منهم وهو يصيح أن الأمور بخير ولا يوجد ما يدعوا للقلق وهو تعبير أفغاني مشهور بقينا نسمعه دائماً حتى في أيام الجهاد السابقة وهذه الأيام أيضاً ، المهم أن الأفغاني بدأ مهتماً بتهدئة الإخوة قائلاً أن الأمور بخير ولكن هناك مشكلة بسيطة وهي أن الجنرال دوستم قد عرف الأمر وهو يصر على أن يذهب الجميع مراكزه ليحافظ عليهم ، فقط عليهم الأن تسليم أسلحتهم ، طبعاً انتفض الاخوة ، فكيف يكون ذلك ولجد هذه اللحظة لم يستطيع المنافقون الاقتراب منهم ولقد صدوا العديد من هجماتهم المدعومة بالقصف الأمريكي الصليبي العنيف ، وعندما رأي الدليل الأفغاني إصرار الإخوة على عدم تسليم الأسلحة إقترح عليهم أن يتصلوا بالملا فضل في قندز ليأخذوا منه التعليمات وكان الإخوة قد نصبوا المخابرة هناك في الميدان واتصلوا بكابل الاتصال الأخير حيث كنت وقتها هناك وكنت قد وصلتها قبل عدة أيام قادماً من عندهم في تخار لاستكمال بعض الأمور الضرورية الطارئة بعد ابتداء القصف الأمريكي وكانت الأمور عادية جداً في وقتها ووعدتهم بالحركة في اليوم التالي، وفعلاً تحركت ولكن في الطريق علمت بأن الطريق قد انقطع على أثر سقوط باميان بأيدي المنافقين من حزب وحدت الشيعي عدت أدراجي إلى كابل لأشهد بعد يومين تخلي الطلبة عنها ليستلمها المنافقون .
المهم بعد انتهاء اتصالهم بنا تكلموا مع ملا فضل حيث طلب منهم الرضوخ لمطالبهم وتسليم الأسلحة للحفاظ على بقية الطلبة الموجودين في قندز قائلاً أننا لحد الأن لم نسلم أسلحتنا ولكن إذا عملتم مشاكل فربما يبدأون بقصفنا والتعرض علينا خصوصاً أن قواتهم بدأت تدخل المدينة وقال لهم عليكم بالسمع والطاعة وأن عملي هذا الغرض منه لإنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من الطلبة بأمر أمير المؤمنين ؟!! تردد الاخوة بتسليم الأسلحة فنادى ملا فضل الملا ذاكر عبد القيوم ليكلمهم على المخابرة وكان ملا ذاكر هو أمير قطاع عملياتنا في خوجة غار ودشت أرجي بعدها رضخ الاخوة للطلب وتشاوروا على تسليم الأسلحة الكبيرة الظاهرة وإخفاء القنابل اليدوية والمسدسات والسكاكين للطوارئ ، وبدأ وضع السلاح على الأرض والأغلبية غير مقتنعة تماماً ومندهشة بما يحصل.
بعد استكمال تسليم الأسلحة طلب الدليل من قسم من قوات العدو بالاقتراب واستلام الأسلحة وطالب الاخوة بتسليم كل ما لديهم من سلاح فأجابوه بأنه لم يبق شيء آخر وإزاء هذا العناد طلب إليهم التوجه إلى السيارات للتحرك إلى مزار شريف ، انطلقت أمام القافلة سيارة الجرحى مع دليل واحد وكان هناك أربعة من الجرحى منهم أبو ناصر الأبيني وأسامة الحضرمي وكانوا قد جرحوا في القصف سابقاً أسرعت السيارة وسبقت القافلة، عند وصولها إلى داخل المدينة أوقفها حاجز لحزب وحدت الشيعي وحينما عرفوا أن فيها عرباً أنزلوا الأفغاني الدليل وعلى رغم توسله لهم قائلاً أنه منهم ومن أفراد قومندان ناصر وهؤلاء مستسلمون وسآخذهم إلى السجن ولكن بدون فائدة بدأوا بضربه وبسبه بشتى الألفاظ القاذعة وانهالوا بالضرب على الجرحى غير آبهين بحالتهم واقتادوا الجميع للسجن عندهم وبدأوا بالتحقيق معهم ، وندع أخ طالب أفغاني كان مجروحاً وركب معهم السيارة يحكي القصة ، حيث يقول : بدأوا بالضرب الشديد للجميع ثم أوقفوا السيارة في الخارج واستدعوني للتحقيق فقلت لهم أنني لست معهم بل أنا جريح وأتيت معهم فقط بالسيارة فقالوا لي لا نعرف ذلك ، وإذا أردت الخروج فكم ستعطينا حينها تذكرت بأن الاخوة أخفوا مسدساً وبعض الأموال التي جمعوها من بينهم خوفاً من السرقة وأخفوها في محرك السيارة ففكرت أنهم سيأخذون السيارة كلها فلأفدي نفسي بالمسدس ، ففاوضتهم على إعطائهم المسدس مقابل خروجي فوافقوا فأرشدتهم إلى مكانه فذهبوا وأخرجوه ولكن عندما عادوا قالوا هذا لا يكفي نريد ورق أخضر ( يقصدون الدولار ) فأرشدتهم إلى مكان الأموال وعندما رأوها قالوا لي اخرج واترك لنا هؤلاء العرب نبيعهم بالدولار، فخرجت من عندهم وانا أسمع صيحات وتأوهات الاخوة الجرحى حيث بدأ المنافقون بضربهم ثم نقلوهم إلى المستشفى ثم سلموهم للأمريكان.
ثم نعود للقافلة الكبيرة، حيث أخذوهم إلى قلعة جنكِ وهي قلعة كبيرة على أطراف مزار شريف، ترتفع عن الأرض كثيراً يحيطها سور عريض يمكن للدبابة أن تسير عليه ، وخلفها قناة ماء ، والقلعة كبيرة جداً من الداخل ، وهي مكونة من عدة طبقات وفي الأسفل سراديب وغرف ، وهي قلعة عسكرية مجهزة للقتال والصمود أمام الحصار ، وفيها مخازن أسلحة وذخائر كثيرة .
وعند وصولهم للقلعة دخلت السيارات إلى داخل القلعة ، و قد سبقهم إليها أكابر قومندنات حزب وحدت الشيعي وأكابر قومندنات دوستم ورئيس استخباراته وكذلك قوات كبيرة تقدر بعدة مئات ، كذلك مندوبين عن القوات الأجنبية الأمريكية والCIA ، وعند وصولهم تم تقسيمهم على الغرف ، ثم بعد ذلك بدأت قوات العدو بفتح الغرف غرفة غرفة وإخراج الإخوة لتفتيشهم وتسجيل أسمائهم ومعلوماتهم وتصويرهم ، كان يشرف على التسجيل ضباط أمريكان وكبار ضباط دوستم والهزارة ، وكان أفراد العدو والمحققون يتعمدون إساءة المعاملة والتلفظ بالكلمات القذرة على الاخوة والجهاد والدين ويستهزؤن بالجميع ، وحين رأى الإخوة ذلك وقبل استكمال تسجيل الغرفة الأول ى، تبادل عدد من الشباب الإشارات ، وتقدم الأول للتفتيش واضعاً يده في جيبه ، وانتبه لذلك المحقق فصاح عليه أن أخرج يدك يابن .. فأخرج الأخ قبضة يده من جيبه ومعه قنبلة يدوية وفجأة دوى انفجار كبير أعقبه انفجار قنبلة أخرى ، قتل الأخ مباشرة ، وقتل على أثر الانفجار المحقق الأمريكي ورئيس استخبارات مزار شريف وأكبر قومندانات حزب وحدت وعدد من كبار قادة دوستم ، وساد الهلع قوات العدو وبدأوا يتناثرون كذر الغبار اشتدت به الريح ، سارع عدد من الاخوة إلى أسلحة المقتولين ليأخذوها وسارع آخرون إلى بوابات القلعة ليغلقوها لمنع العدو وبقية الأمريكان من الفرار ، وذهب البقية لفتح أبواب الغرف لإخراج إخوانهم وسادت فترة قصيرة من الصمت ولكنها كانت رهيبية، وانفتح بعدها باب جهنم على الأمريكان والأعداء الذين فوجئوا بما حدث فهم لم يروا ذلك من قبل ، أناس في الأسر لايصبرون على إهانات تعد عندهم في أعرافهم أمور عادية من الممكن تبادلها بينهم فرحاً ، ولكن أنى يكون ذلك لحر عزيز ذاق طعم الجهاد وما أنزل السلاح من على كتفه إلا قبل لحظات سمعاً وطاعة لأميره ولكن على غير اقتناع وثقة في الطرف المقابل الذي وضع يده بايدي الكفرة والصليبيين لهدم صرح دولة الشريعة.
ودارت معركة رهيبة كان العدو فيها كالجرذان المرعوبة لا تدري أين الفرار وبدأ قسم منهم يقفز من الجدران العالية لتندق عنقه و لا أحد منهم يجرؤ على المواجهة ، فهم لم يأتوا للموت بل لجمع الأموال والتمتع بشهوة التسلط وما سينعم به الأمريكان عليهم ، وما هو إلى وقت قصير صفى فيها الاخوة أغلب الذين كانوا في القلعة من العدو والأمريكان وبدأ الجد مرة أخرى فالساعة ساعة حزم وأمر ، تقسمت المجموعات وتوزعت المهام بدقة والأخوة أصحاب خبرة قتالية سابقة ، توجهت مجموعة لكسر المخازن واستخراج الأسلحة وأخرى لجلب الذخيرة وتوزيعها وأخرى لإستخراج ونصب الرشاشات الثقيلة والهاونات وهكذا ، وبعد فترة عادت المجموعة المكلفة بإحصاء وجرد اصابات العدو واصابات الإخوة ،
والنتيجة المذهلة [ 15 قتيل أمريكي –200 قتيل من المنافقين ] لم يبق منهم أحد حي، لا خسائر ولا إصابات بين المجاهدين عدا الاخ الذي ألقى القنبلتين اليدويتين في البداية. ثم تشاور الأخوة وقرروا الصمود داخل القلعة لأن العدو بدأ يتجمع في الخارج والمدرعات والدبابات بدأت تحاصر القلعة وصوت الطيران يستكشف المنطقة.
بدأ الشباب المجاهد توزيع المهام الدفاعية على الجميع ، متوقعين أن العدو سيبدأ عملية اقتحام القلعة بعدما رأو كثافة نيران الرشاشات والمدفعية الموجهة عليهم من داخل القلعة ، وتعالت نداءات الكافرين يطالبون الأخوة بالاستسلام ، ولكن كيف يكون استسلام من أسود لفئران مرعوبة ، و إلى صباح اليوم التالي لم يحاول أي فأر الاقتراب من عرين الأسود ولكن مع إشراقة الصباح بدأ قصف جوي شديد ، وكذلك قصف مدفعي من الأرض ، واستمر الأمر إلى المغرب ، ما استطاع الأخوة عمل شيئ اكثر من إخلاء الجرحى للطابق السفلي وكذلك تقليل الأعدد الموجودة في محيط القلعة للدفاع ضد أي هجوم بري ، واستمر ذلك طوال الليل ، ولم يكن هناك من الطعام إلا القليل مع الماء ، هدأ القصف ليلاً ليعود مرة أخرى في الصباح بشدة أكبر مع محاولات لاقتراب الدبابات ، إلا أن الأخوة ردوها على أعقابها ومع اشتداد القصف بدأ الدخان يتصاعد والذخائر تنفجر والدمار يتجاوز الطابق العلوي إلى الطوابق السفلية وهكذا مع نهاية اليوم الثالث من القصف العنيف المستمركان أغلب الأخوة قد دفن تحت الأنقاض فرحاً بالشهادة ، أو جرح جروحاً بليغة ولم ينج من الجرحى إلا من لجأ إلى الخنادق العميقة تحت الأرض ، دخل عدد من أفراد العدو القلعة خفية ليتأكدوا من مقتل الجميع وأعطوا إشارة للبقية بانتهاء المقاومة ومقتل الجميع ، وعند اكتشافهم وجود عدد من الجرحى في الأنفاق ، دخل اثنان من العدو لإخراجهم فأخرج الأخ مسدسه وقتل الاثنين ، ورفض الجميع نداءات العدو للخروج من الأنفاق ففتح عليهم الماء لإجبارهم على الخروج فلم يفلحوا ، فبدءوا بإغراق هذه الأنفاق والملاجئ بالوقود وأشعلوا النار ، عندها اضطر من بقي على قيد الحياة ونجى من الحرق والاختناق إلى الخروج ، وكان عدد من تبقى من الأخوة 80 أخاً أغلبهم من الباكستان ومن بين الجرحى الأخ الأمريكي الذي أحرج بوش الغير مصدق لوجود أمريكي في صفوف الطلبة.
وبهذا انتهت هذه الملحمة التي سطرها الشباب المجاهد الرافض لهذا الهوان الذي تعيشه الأمة، فضَّل لقاء ربه الكريم على حياة ملؤها الذل والخنوع وما خاب وما خسر في اختياره بل هو خروج من هذا السجن الكبير إلى جنات الرضوان مع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام في أعلى عليين.
فهذه أحداث عايشناها ورايناها، حفرت أخاديد عميقة في عقولنا وقلوبنا، أبطالها إخوة لنا أفضل منا سبقونا إلى ما كنا قد وضعنا أعيننا وتعاهدنا عليه، رضا الرحمن وجنات الرضوان فنحن على طريقهم لن نكل ولن نمل وقسماً نبره فقد بعنا وقد اشترى الرحمن صفقة لن نندم عليها أبداً، نرويها لمن كان له قلب وما زال به ذرة من إيمان أو رجولة أو نخوة لعل الله ينفعه بها.
نسأل الله القبول .. ولأمتنا الاستيقاظ والنهوض ولشبابنا العودة إلى الطريق التي ارتضاها الله لنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقفة أمام قافلة الشهداء ( بقلعة جانكِ بمزار شريف)
أواه من نفسي ومن غفلاتي * فلكم لهوت وما قدرت حياتي
ولكم سعيت لأجل دنيا زخرفت * وتركت سعي الحرِّ للجنات
حتى إذا سبق الكرام بكيت من * همٍّ ومن غمٍّ ومن حسرات
سبق الكرام إلى الجنات وخلّفوا * من بعدهم (نفر) كهمل رعاة
سبق الكرام إلى الجهاد وأوهنوا * بالضرب والإقدام ظهر عتاة
سبق الكرام إلى الشهادة بعدما * اتخذوا الجهاد طريقهم بثبات
لم يثنهم عن دربهم أي امرئ * أو أي تاويل بلا آيات
بل نهجهم نهج الصحابة واضح * لا تعتريه غمامة الشبهات
سمعوا (انفروا ) فتراكضوا نحو الوغى * سعياً لنيل عظائم الدرجات
خاضوا غمار الحرب قدماً ما انثنوا * كلا وما فزعوا من الغارات
أرواحهم فوق الأكف أتوا لكي * يعلوا بصدق أصدق الرايات
ودماؤهم سقت الدروب إلى العلا * وأنارت الطرقات والظلمات
لله درّهم أعادوا مجدنا * بدم الشهادة أنفس القطرات
لله درّهم أزالوا غفلة * فدم الشهيد محفز العزمات
يا رب ألحقنا وبدربهم * وارزق عبيدك أرفع الدرجات
واجعل لقانا بالحبيب محمد * وصحابه بكرائم الجنات
واختم لنا أعمارنا بشهادة * لنفوز يا رباه بالغرفات
أنت الكريم فجُدْ بفضل * وامنن إلهي بأوسع الرحمات
اللهم يا من انجيتهم من قلعه جانجى نجهم يا قوى يا عزيز من كوبا و إعدهم الى ساحات الجهاد . اللهم اميــن
مـــــنــــــــقــــــــــول ,,,
يتبع بأذن الله ويليه بعض الصور لاخواننا هناك