المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درة الكون



همي الدعوه
17 Nov 2008, 09:34 PM
درة الكون


مفكرة الإسلام



http://www.ala7ebah.com/upload/uploaded/22560_1226946311.jpg


إنه درة هذا الكون، تهفو إليه القلوب، وتحن إليه الأفئدة، كل ما في الكون يعرفه، بل يحبه، بل يناصره ويؤازره، إلا من شردت فطرته، محبته قد تخللت مسالك الروح، كيف لا وخالق الكون يحبه ويتخذه خليلًا.
إنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي شرفنا الله بالانتساب إلى دعوته، والدخول في زمرته.

ومما زادني شرفًا وتيهًا وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسلت أحمد لي نبيا
قد عرف أصحابه له سمو قدره، فكان لديهم كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كان والله أحب إلينا من أموالنا، وأولادنا، وآبائنا، وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ) [سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، علي الصلابي، (1/98)].
ولسنا هنا بصدد الحديث عن محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا واضح لكل الناس وضوح الشمس في رابعة النهار، وكيف لا يحبونه وهو الذي يأخذ بحجزهم عن النار؟! ويهديهم بإذن ربهم إلى دار السلام، ولكننا سوف نتناول في هذا المقام محبة من نوع آخر كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، محبة تزيدنا فيه حبًا، وعلى هديه بالنواجذ عضًا، فهي علاقة فريدة عجيبة بين.....
محمد والكائنات
إن الكائنات غير عاصي الجن والإنس تعرف من هو محمد، وتحب محمدًا، وتشتاق إلى محمد، وتحن إلى محمد، وتناصر محمدًا، وتدعو إلى اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فإن راعك الكلام فلا تعجل بالملام، فإننا نأوي إلى ركن شديد، إلى المأثور عن صاحب المقام الفريد، وما صح ممن عداه من القول الرشيد، فهاكم الأخبار والأنباء، عن محبة الخلائق لإمام الأنبياء، لا يشوبها افتراء، علنا نلبس ثوب الحياء، فنواجه النفس بإلحاح السؤول: هل صدقنا في محبة الرسول؟؟
الجمل الثائر
هل أتاك نبأ الجمل الثائر في المدينة، أتدري كيف هدأت ثورته؟ دع عنك الإجابة ودعها لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يحدثك بقوله: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى دفعنا إلى حائط في بني النجار، فإذا فيه جمل لا يدخل الحائط أحد إلا شد عليه، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه فدعاه؛ فجاء واضعًا مشفره على الأرض حتى برك بين يديه، فقال: هاتوا خطامًا فخطمه ودفعه إلى صاحبه، ثم التفت فقال:((ما بين السماء إلى الأرض أحد إلا يعلم أني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عاصي الجن والأنس)) [حسنه الألباني].
ما أعظم هذا التواضع والانقياد لرسول الله من قِبَل ذلك الحيوان الذي لم يكلف، ولا ينتظره حساب ولا عذاب، فحري بمن حمل الأمانة ـ ولا يعلم مصيرة إلى جنة أم نار ـ أن ينقاد إلى حكم محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته.
ماسح الدموع
أرأيت هذا الجمل، لا إنه جمل آخر غير الذي حدثتك عنه، كان من أمره عجبًا، لقد سالت دموعه، ويا لروعة دموعه، لم سالت؟ ومن مسحها عن عينيه؟ ينبئك عن هذا عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، إذ يقول: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسر إلي حديثًا لا أحدث به أحدًا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفًا أو حايش نخل، فدخل حائطًا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه فسكت، فقال: ((من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟))، فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: ((ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؛ فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتدئبه)) [صححه الألباني].
أعلمت أيها الجمل الباكي من صاحب هذا القلب الشفوق الحنون حتى تذرف دمعك أمامه وتشتكي إليه، ليتنا كنا مكانك يمسح الحبيب دموعنا، ما أحرانا بهذا الحنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحوجنا بهذا العلم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهنيئًا لك أيها الجمل.
روعة الانقياد
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]،إنه الانقياد التام لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، الانقياد الذي يجعل العبد يطيع في انسيابية، فلا إرادة له مع أمر الله ورسوله، وهذا ما كان من أمر الشجرتين.
فعن جابر قال: (سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديًا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ير شيئًا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها فقال: ((انقادي علي بإذن الله))، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله))، فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما ـ يعني جمعهما ـ فقال: ((التئما علي بإذن الله))، فالتأمتا)، قال جابر: (فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد ـ وقال محمد بن عباد فيتبعد ـ فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة؛ فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلًا وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق).
شوق وعناق
ما مدى شوقك لأن تسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وتعانقه؟ أتود أن أثير غيرتك، نعم أثير غيرتك من اشتياق شجرة لأن تسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل حدثتك نفسك بهذه الأمنية؟ إليك حديث يعلى بن مرة الثقفي رضي الله عنه القائل: (.. ثم سرنا فنزلنا منزلًا، فنام النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له، فقال: ((هي شجرة استأذنت ربها عز وجل أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأذن لها))[قال الألباني: صحيح لشواهده].
هذه الشجرة اشتاقت إلى السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فماذا عنك؟ لو اشتقت لما تركت الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يبلغه الملك سلامك فيرد عليك، فلماذا تركته؟ أو تكون الشجرة أكثر اشتياقًا منك للسلام على رسول الله؟!
الذئب الداعية
عن أبي سعيد الخدري قال: (عدا الذئب على شاة فأخذها، فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه؛ قال: ألا تتقي الله؟! تنزع مني رزقًا ساقه الله إلي؟! فقال: يا عجبي! ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق! قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي بالصلاة جامعة، ثم خرج فقال للراعي: ((أخبرهم))، فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صدق والذي نفسي بيده)) [صححه الألباني].
لقد أثار إعجابي من ذلك الذئب يقينه بأن الرزق إنما هو من عند الله وبيده وحده، يعلم أن له ربًا يرزقه، لقد كان الذئب أكثر يقينًا بالله من أولئك الذين تتعلق قلوبهم بالأسباب لا رب الأسباب، فلا يطمئن قلبه ولا يهدأ باله، ولكن الذي أثار إعجابي أكثر وأكثر، هو أن هذا الذئب في خضم هذه المشكلة التي تتعلق بإشباع جوعته، استغلها في أن يكون حقًا داعية حاذقًا، يلفت انتباه هذا الراعي إلى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ستظل قصة هذا الذئب الداعية خالدة في الدنيا باقية ببقاء سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ولتكون عظة لمن تخلى عن واجب الدعوة إلى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
حنين وأنين
إن برهان محبتك لشخص ما يتبدى إذا حانت لحظة فراقه، فليتك شاهدت صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مات، يعبر عنها أنس بن مالك بقوله: (لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه؛ أظلم منها كل شيء، ولما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي، وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا) [صححه الألباني].
ولكن هذا الحنين ليس للبشر وحدهم، فليتك كذلك رأيت ذلك الجزع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فارقه، ليتك سمعت ما سمعه النبي وصحابته من أنين هذا الجذع، كما يئن الصبي الصغير، يئن من فراق الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ويحن إليه.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع فأتاه فمسح يده عليه) [صحيح البخاري]، وفي رواية لابن ماجة: فلما اتخذ المنبر ذهب إلى المنبر؛ فحن الجذع فأتاه فاحتضنه فسكن، فقال: ((لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة))[صححه الألباني].
ولن أعقب إلا بما كان يعقب به الحسن البصري إذا حدث بهذا الحديث، فكان يبكي ويقول: (خشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه!!) [سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، الصالحي الشامي].
أسد يرافق سفينة
هل سمعت ذات مرة بأسد جائع يرافق إنسانًا ويدله على الطريق، لقد فعلها أسد ذات مرة مع سفينة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، إكرامًا لرسول الله، تتساءل كيف؟ يخبرك "سفينة" مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (ركبت سفينة في البحر فانكسرت، فركبت لوحًا منها فطرحني في أجمة فيها أسد، قال: فقلت: يا أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فطأطأ رأسه وجعل يدفعني بجنبه، أو بكتفه، حتى وضعني على الطريق، فلما وضعني على الطريق همهم، فظننت أنه يودعني) [حلية الأولياء].
ولكن عذرًا رسول الله، فقد صرنا في زمن الغاب، ولكن ليس فيها ذلك الأسد النبيل الذي أكرم صاحبك إكرامًا لك، وإنما فيها وحوش ضارية خبيثة، تنال من عرض أصحابك، بل وتتطاول على جنابك، فعذرًا رسول الله.
الثأر الثأر
ذكر ابن حجر عليه رحمه الله في "الدرر الكامنة": (أن بعض أمراء المغول تنصر، فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغول، فقام أحدهم يسخر من النبي صلى الله عليه وسلم وبجواره كلب صيد، فقفز الكلب على الساب فخدشه في وجهه، ثم خلصوه منه، فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في محمد صلى الله عليه وسلم، قال: كلا بل هذا الكلب عزيز النفس رآني أشير بيدي فظن أني سوف أضربه.
ثم عاد يسخر من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويستهزئ ويزيد في ذلك، فوثب عليه الكلب مرة أخرى فقبض على زردمته ـ التي تحت حلقومه وموضع بلعه ـ فاقتلعها واختلعها، فأسلم من نحو ذلك أكثر من أربعين ألف من المغول).
فهذا كلب يثأر لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما سبه أهل الكفر، فما بال أقوام لا يحركون ساكنًا وهم تقرع أسماعهم كل يوم أنباء الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تثور ثائرة المرء لو سُب أبوه أو أمه أكثر مما يثور لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد كل هذا الحب
أين محبتك أنت يا فتى الإسلام لنبي الإسلام؟! أين شوقك له؟! أين حنينك إليه؟! أين نصرتك لدينه؟! أين دفاعك عن عرضه؟! أين أنت من سنته ومنهاجه؟! أين وأين...؟؟
أسئلة تحتاج الإجابة عليها إلى صفحة صدق تفتحها في كتاب حياتك، فإن صدقت مع نفسك أدركت مدى تقصيرك في حق نبيك، فعسى أن تكون هذه النماذج المذكورة ـ من هذه العلاقة العجيبة الرائعة بين الكائنات وبين رسول الله ـ تفتح لك مجالًا للمحاسبة والمراجعة مع نفسك، تجاه رسولنا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه.

أصلي عليك، وكل الوجود صلاة وشوق إليك

أصلي بقلبي وأعماق حبي وأمشي، وأنت الضياء لدربي

ونور الهدى ساطع من يديك وكلي حنين وشوق إليك

رفعت المنارات للحائرين ونورت بالحق للعالمين

ووحي السماء هل من راحتيك وكل البرايا تصلي عليك

أصلي عليك وكل الوجود صلاة وشوق إليك
___________________________
أهم المراجع.
حلية الأولياء، الأصبهاني.
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، الصالحي الشامي.
سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الصلابي.
عودة ودعوة

جبل أحد
20 Nov 2008, 08:10 PM
جزاكـ ( الله ) خيراً

أخي الفاضل

أبا محمد

نقل مبارك ، تقبل شكري وتقديري لجهودك الواضحة ...

فاعل خير.
21 Nov 2008, 06:53 AM
بارك الله فيك


أصلي عليك، وكل الوجود صلاة وشوق إليك
أصلي بقلبي وأعماق حبي وأمشي، وأنت الضياء لدربي
ونور الهدى ساطع من يديك وكلي حنين وشوق إليك
رفعت المنارات للحائرين ونورت بالحق للعالمين

أبوسلمان
22 Nov 2008, 09:46 AM
بارك الله فيك وفي جهودك الطيبه ياغالي

لاحرمنا الله منك وبارك الله فيك ونفع الله بك المسلمييين

ننتظر منك كل جديد ومفيد

المخيلدي
05 Dec 2008, 04:03 PM
جزاكم الله خيرا ,,وبارك الله فيكم