المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "رحلة مباركة" مع تعليقات الإمام الذهبي رحمه الله في سيره (فوائد تربوية ومنهجية)



زاد الرحيل
06 Nov 2008, 06:51 AM
"رحلة مباركة" مع تعليقات الإمام الذهبي رحمه الله في سيره
(فوائد تربوية ومنهجية)
...............
يقول الإمام تاج الدين السبكي -رحمه الله تعالى- في "طبقات الشافعية الكبرى"(9/101، 102) عن الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-:
« وأما أستاذنا أبو عبدالله ، فَبَصَرٌ لا نظير له، وكثير هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظًا، وذهب العصر معنى ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جُمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يخبر عنها أخبار من حضرها ».


بإذن الرحمن نأخذكم فى رحلة مباركة مع


تعليقات الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في سير أعلام النبلاء على كلام المترجم لهم فيه؛


وذلك لما تحتويه هذه التعليقات على نفائس تجلي لنا عبقرية هذا الرجل الفذّ رحمه الله..


وهذا خلاف ما حوى الكتاب أصلا من درر السلف رضي الله عنهم،


فالكتاب موسوعة منهجية تربوية،


وقد عدّه جماعة من العلماء أفضل ما ألف في بابه،


بل وأفضل كتب التربية بعد كتاب الله وكتب السنة!



جزى الله خير الجزاء من قام بجمعها ويسر له سبُل الدعوة والهدى ونفع به وبعلمه


.
.

زاد الرحيل
06 Nov 2008, 06:54 AM
(1)
(ترجمة سعيد بن زيد رضي الله عنه)
قال الذهبي:
قلت: لم يكن سعيد متأخرًا عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة، وإنما تركه عمر رضي الله عنه لئلا يبقى له فيه شائبة حظ، لأنه ختنه وابن عمه، ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي: حابى ابن عمه. فأخرج منها ولده وعصبته. فكذلك فليكن العمل لله. اهـ


(2)
(ترجمة سعد بم معاذ رضي الله عنه)
عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه قال: لما انتهوا إلى قبر سعد، نزل فيه أربعة: الحارث بن أوس، وأسيد بن الحضير، وأبو نائلة سلكان، وسلمة بن سلامة بن وقش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف، فلما وضع في قبره، تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبح ثلاثًا، فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثًا، وكبر المسلمون، فسئل عن ذلك، فقال: (تضايق على صاحبكم القبر، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو، ثم فرج الله عنه)
قال الذهبي:
قلت: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه، وألم خروج نفسه، وألم سؤاله في قبره وامتحانه، وألم تأثره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف وهوله، وألم الورود على النار، ونحو ذلك.
فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
قال الله تعالى: {وأنذرهم يوم الحسرة} وقال: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر} فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي.
ومع هذه الهزات، فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنه من أرفع الشهداء، رضي الله عنه.
كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين، ولا روع ولا ألم، ولا خوف، سل ربك العافية، وأن يحشرنا في زمرة سعد. اهـ


(3)
(ترجمة خالد بن الوليد رضي الله عنه)
قال قيس بن أبي حازم: سمعت خالدًا يقول: منعني الجهاد كثيرًا من القراءة (قراءة القرآن) ورأيته أتي بسم، فقال: ما هذا؟ قالوا: سم، قال: باسم الله وشربه.
قال الذهبي:
قلت: هذه والله الكرامة، وهذه الشجاعة. اهـ


(4)
(ترجمة أبي الدرداء رضي الله عنه)
روى الأعمش عن خيثمة: قال أبو الدرداء: "كنت تاجرًا قبل المبعث، فلما جاء الإسلام، جمعت التجارة والعبادة، فلم يجتمعا، فتركت التجارة، ولزمت العبادة".
قال الذهبي:
قلت: الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد، وهذا الذي قاله هو طريق جماعة من السلف والصوفية، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك، فبعضهم يقوى على الجمع، كالصديق، و عبدالرحمن بن عوف، وكما كان ابن المبارك; وبعضهم يعجز، ويقتصر على العبادة، وبعضهم يقوى في بدايته، ثم يعجز، وبالعكس; وكل سائغ.
ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال. اهـ


(5)
(ترجمة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه)
قال الذهبي:
قلت: قد كان أبو موسى صوامًا قوامًا ربانيًا زاهدًا عابدًا، ممن جمع العلم والعمل والجهاد وسلامة الصدر، لم تغيره الإمارة، ولا اغتر بالدنيا. اهـ


(6)
(ترجمة بريدة رضي الله عنه)
وروى مقاتل بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه، قال: "شهدت خيبر، وكنت فيمن صعد الثلمة، فقاتلت حتى رثي مكاني، وعلي ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبت في الإسلام ذنبًا أعظم علي منه" أي: الشهرة.
قال الذهبي:
قلت: بلى، جهال زماننا يعدون اليوم مثل هذا العمل من أعظم الجهاد; وبكل حال فالأعمال بالنيات، ولعل بريدة رضي الله عنه بإزرائه على نفسه، يصير له عمله ذلك طاعة وجهادا! وكذلك يقع في العمل الصالح، ربما افتخر به الغر ونوه به فيتحول إلى ديوان الرياء. اهـ

.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
06 Nov 2008, 07:04 AM
(7)



(ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه)
عن مكحول قال: كان أبو هريرة يقول: "ربّ كيس عند أبي هريرة لم يفتحه"، يعني: من العلم.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: هذا دال على جواز كتمان بعض الأحاديث التي تحرك فتنة في الأصول أو الفروع أو المدح والذم، أما حديث يتعلق بحل أو حرام، فلا يحل كتمانه بوجه; فإنه من البينات والهدى.
وفي "صحيح البخاري": قول الإمام علي رضي الله عنه: "حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون; أتحبون أن يكذب الله ورسوله)! وكذا لو بث أبو هريرة ذلك الوعاء لأوذي بل لقتل.
ولكن العالم قد يؤديه اجتهاده إلى أن ينشر الحديث الفلاني إحياء للسنة، فله ما نوى وله أجر وإن غلط في اجتهاده.



(8)
(ترجمة معاوية رضي الله عنه)
ذكر ابن أبي الدنيا وغيره: أن معاوية كان طويلا، أبيض، جميلا، إذا ضحت انقلبت شفته العليا، وكان يخضب بالصفرة كأن لحيته الذهب.
قال الذهبي:
قلت: كان ذلك لائقًا في ذلك الزمان، واليوم لو فعل لاستهجن.



(9)
(ترجمة معاوية رضي الله عنه)
قال الذهبي:
قلت: حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم -وهو ثغر- فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضي الناس بسخائه وحلمه، وإن كانبعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك.
وإن كان غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا منه بكثير وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد، وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه، ورأيه.
وله هنات وأمور، والله الموعد.
وكان محببًا إلى رعيته.
عمل نيابة الشام عشرين سنة، والخلافة عشرين سنة، ولم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان، وفارس، والجزيرة، واليمن، والمغرب، وغير ذلك.




.
.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
06 Nov 2008, 07:07 AM
(10)
(ترجمة ابن عمر رضي الله عنهما)
عن هلال بن خباب عن قزعة قال: رأيت على ابن عمر ثيابًا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك.
قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن.
قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالا فخورًا، والله لا يحب كل مختال فخور!
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرًا فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير.
فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية [الثوب الواسع طويل الأكمام] الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر.
وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه.
وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الازار ففي النار)، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء.
فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري، فقال: (لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء)، فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.
وقد قال عليه السلام: (إزرة المؤمن إلى أنصاب ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين) ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيًا لكعابه.
ومنه طول الأكمام زائدًا، وتطويل العذبة.
وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس.
وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة.
فإن خلع على رئيس خلعة سِيراء [نوع من البرود تتخذ من حرير] من ذهب وحرير وقندس، يحرمه ما ورد في النهي عن جلود السباع ولبسها، الشخص يسحبها ويختال فيها، ويخطر بيده ويغضب ممن لا يهنيه بهذه المحرمات، ولا سيما إن كانت خلعة وزارة وظلم ونظر مكس، أو ولاية شرطة.
فليتهيأ للمقت وللعزل والإهانة والضرب، والآخرة أشد عذابًا وتنكيلا.
فرضي الله عن ابن عمر وأبيه.
وأين مثل ابن عمر في دينه، وورعه وعلمه، وتألهه وخوفه، من رجل تعرض عليه الخلافة، فيأباها، والقضاء من مثل عثمان فيرده، ونيابة الشام لعلي، فيهرب منه.
فالله يجتبي إليه من يشاء، ويهدي إليه من ينيب.




(11)
(ترجمة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما)
عن ابن أبي مليكة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام، ويصبح في اليوم السابع وهو أليثنا.
قال الذهبي:
قلت: لعله ما بلغه النهي عن الوصال.
ونبيك صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم، وكل من واصل، وبالغ في تجويع نفسه انحرف مزاجه، وضاق خلقه، فاتباع السنة أولى، ولقد كان ابن الزبير مع ملكه صنفا في العبادة.




(12)
(ترجمة عبيدة بن عمرو رحمه الله)
قال محمد: وقلت لعبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من قبل أنس بن مالك، فقال: لأن يكون عندي منه شعرة أحب إلي من كل صفراء وبيضاء على ظهر الارض.
قال الذهبي:
قلت: هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب، وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس.
ومثل هذا يقوله هذا الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت، أو شسع نعل كان له، أو قلامة ظفر، أو شقفة من إناء شرب فيه.
فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده، أكنت تعده مبذرًا أو سفيهًا؟ كلا.
فابذل مالك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده والسلام عليه عند حجرته في بلده، والتذْ بالنظر إلى "أُحده" [جبل أحد] وأحبه، فقد كان نبيك صلى الله عليه وسلم يحبه، وتملا بالحلول في روضته ومقعده، فلن تكون مؤمنًا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم.
وقبل حجرًا مكرمًا نزل من الجنة، وضع فمك لاثمًا مكانًا قبله سيد البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحجر ثم قبل محجنه، لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل.
ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فنقول نحن إذ فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا صلى الله عليه وسلم لاثمًا له.
فإذا فاتك الحج وتلقيت الوفد فالتزم الحاج وقبل فمه وقل: فم مس بالتقبيل حجرًا قبله خليلي صلى الله عليه وسلم.
.
.
يتبع إن شاء الله

العزة للاسلام
06 Nov 2008, 07:17 AM
ما شاء الله

عمل مميز

متابع ان شاء الله

محدثة الحرم
06 Nov 2008, 05:12 PM
عن هلال بن خباب عن قزعة قال: رأيت على ابن عمر ثيابًا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك.
قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن.
قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالا فخورًا، والله لا يحب كل مختال فخور!
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرًا فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير
رحم الله بن عمر ورضي عنه ...ماأروع الورع فأين نحن من الإقتداء
وفقكـ الله أخية ونـفـع بكـ .. متابعون إن شاء الله

زاد الرحيل
07 Nov 2008, 06:06 AM
اللهم آمين واياكم ، نفع الله بكم

زاد الرحيل
07 Nov 2008, 06:08 AM
(13)
(ترجمة مسروق رحمه الله)
عن هلال بن يساف قال: قال مسروق: من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين، وعلم الدنيا والآخرة، فليقرأ سورة الواقعة.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: هذا قاله مسروق على المبالغة، لعظم ما في السورة من جمل أمور الدارين.
ومعنى قوله: فليقرأ الواقعة -أي: يقرأها بتدبر وتفكر وحضور، ولا يكن كمثل الحمار يحمل أسفارًا.


(14)
(ترجمة مرة الهمداني)
ونقل عطاء أو غيره أن مرة كان يصلي في اليوم والليلة ست مئة.
قال الذهبي:
قلت: ما كان هذا الولي يكاد يتفرغ لنشر العلم، ولهذا لم تكثر روايته، وهل يراد من العلم إلا ثمرته؟


(15)
(ترجمة مطرف بن عبد الله رحمه الله)
قال مطرف بن عبد الله: لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحب إلي من أن أبيت قائمًا وأصبح معجبًا.
قال الذهبي:
قلت: لا أفلح والله من زكى نفسه أو أعجبته.


(16)
(ترجمة الشعبي رحمه الله)
مالك بن مغول: سمعت الشعبي يقول: ليتني لم أكن علمت من ذا العلم شيئًا!
قال الذهبي:
قلت: لأنه حجة على العالم، فينبغي أن يعمل به، وينبه الجاهل، فيأمره وينهاه، ولأنه مظنة أن لا يخلص فيه، وأن يفتخر به ويماري به، لينال رئاسة ودنيا فانية.


(17)
(ترجمة شهر بن حوشب رحمه الله)
ومن مليح قول شهر: من ركب مشهورًا من الدواب، ولبس مشهورًا من الثياب، أعرض الله عنه، وإن كان كريمًا.
قال الذهبي:
قلت: من فعله ليعز الدين، ويرغم المنافقين، ويتواضع مع ذلك للمؤمنين، ويحمد رب العالمين، فحسن.
ومن فعله بذخًا وتيهًا وفخرًا أذله الله وأعرض عنه، فإن عوتب ووعظ فكابر وادعى أنه ليس بمختال ولا تيّاه فأعرضْ عنه فإنه أحمق، مغرور بنفسه.


(18)
(ترجمة المهلب بن أبي صفرة رحمه الله)
قال المهلب: ما شيء أبقى للملك من العفو، خير مناقب الملك العفو.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: ينبغي أن يكون العفو من الملك عن القتل، إلا في الحدود، وأن لا يعفو عن وال ظالم، ولا عن قاض مرتش، بل يعجل بالعزل، ويعاقب المتهم بالسجن، فحلم الملوك محمود إذا ما اتقوا الله، وعملوا بطاعته.

.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
07 Nov 2008, 06:11 AM
(19)
(ترجمة أبي قلابة الجرمي رحمه الله)
عن أبي قلابة قال: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا، وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال.
قال الذهبي:
قلت أنا: وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد، وهات العقل، فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حل فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه.


(20)
(ترجمة أبي العلاء العامري رحمه الله)
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء.


(21)
(ترجمة يزيد بن المهلب رحمه الله)
وحكى المدائني أن يزيد بن المهلب كان يصل نديمًا له كل يوم بمئة دينار، فلما عزم على السفر، أعطاه ثلاثة آلاف دينار.
قال الذهبي:
قلت: ملوك دهرنا أكرم! فأولئك كانوا [يعطون] للفاضل والشاعر وهؤلاء يعطون من لا يفهم شيئًا ولا فيه نجدة، أكثر من عطاء المتقدمين.



(22)
(ترجمة يزيد بن المهلب رحمه الله)
وقيل له: ألا تنشئ لك دارًا؟ قال: لا، إن كنت متوليًا فدار الإمارة، وإن كنت معزولا فالسجن.
قال الذهبي:
قلت: هكذا هو، وإن كان غازيًا فالسرج، وإن كان حاجًا فالكور، وإن كان ميتًا فالقبر، فهل من عامر لدار مقره؟!


(23)
(ترجمة مسلم بن يسار رحمه الله)
قال ابن عون: لما وقعت الفتنة زمن ابن الأشعث، خف مسلم فيها، وأبطأ الحسن، فارتفع الحسن، واتضع مسلم.
قال الذهبي:
قلت: إنما يعتبر ذلك في الآخرة، فقد يرتفعان معًا.


(24)
(ترجمة إبراهيم النخعي رحمه الله)
قال أبو عبيد الآجري: حدثنا أبو داود حدثونا عن الأشجعي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يرون أن كثيرًا من حديث أبي هريرة منسوخ.
قال الذهبي:
قلت: وكان كثير من حديثه ناسخًا، لأن إسلامه ليالي فتح خيبر، والناسخ والمنسوخ في جنب ما حمل من العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم نزر قليل، وكان من أئمة الاجتهاد، ومن أهل الفتوى رضي الله عنه.
فالسنن الثابتة لا ترد بالدعاوي.
.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
08 Nov 2008, 07:18 AM
(25)
(ترجمة بكر المزني رحمه الله)
عن بكر المزني وهو في "الزهد" لأحمد قال: كان الرجل في بني إسرائيل إذا بلغ المبلغ، فمشى في الناس، تظله غمامة.
قال الذهبي:
قلت: شاهده أن الله قال: {وظللنا عليكم الغمام} ففعل بهم تعالى ذلك عامًا، وكان فيهم الطائع والعاصي.
فنبينا صلوات الله عليه أكرم الخلق على ربه، وما كانت له غمامة تظله ولا صح ذلك، بل ثبت أنه لما رمى الجمرة كان بلال يظله بثوبه من حر الشمس.
ولكن كان في بني إسرائيل الأعاجيب والآيات، ولما كانت هذه الأمة خير الأمم، وإيمانهم أثبت، لم يحتاجوا إلى برهان، ولا إلى خوارق، فافهم هذا، وكلما ازداد المؤمن علمًا ويقينًا، لم يحتج إلى الخوارق، وإنما الخوارق للضعفاء، ويكثر ذلك في اقتراب الساعة.



(26)
(ترجمة بكر المزني رحمه الله)
عبد الله بن بكر: سمعت إنسانًا يحدث عن أبي أنه كان واقفًا بعرفة فرق فقال: لولا أني فيهم لقلت: قد غفر لهم.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.



(27)
(ترجمة رجاء بن حيوة رحمه الله)
قال مكحول: ما زلت مضطلعًا على من ناواني حتى عاونهم علي رجاء بن حيوة، وذلك أنه كان سيد أهل الشام في أنفسهم.
قال الذهبي:
قلت: كان ما بينهما فاسدًا، وما زال الأقران ينال بعضهم من بعض، ومكحول ورجاء إمامان، فلا يلتفت إلى قول أحد منهما في الآخر.



(28)
(ترجمة طلق بن حبيب رحمه الله)
عن بكر المزني قال: لما كانت فتنة ابن الأشعث قال طلق بن حبيب: اتقوها بالتقوى.
فقيل له: صف لنا التقوى، فقال: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله، وترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله.
قال الذهبي:
قلت: أبدع وأوجز، فلا تقوى إلا بعمل، ولا عمل إلا بتروٍ من العلم والاتباع.
ولا ينفع ذلك إلا بالإخلاص لله، لا ليقال: فلان تارك للمعاصي بنور الفقه، إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها، ويكون الترك خوفًا من الله، لا ليمدح بتركها، فمن دوام على هذه الوصية فقد فاز.



(29)
(ترجمة عكرمة رحمه الله)
عن يحيى بن معين قال: إذا رأيت إنسانًا يقع في عكرمة، وفي حماد بن سلمة، فاتهمه على الإسلام.
قلت: هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما، أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعديلهما على الإنصاف، فقد أصاب، نعم إنما قال يحيى هذا في معرض رواية حديث خاص في رؤية الله تعالى في المنام، وهو حديث يستنكر.



(30)
(ترجمة عكرمة رحمه الله)
عن عكرمة قال: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به.
قال الذهبي:
قلت: هذه عبارة رديئة، بل إنما أنزله الله تعالى ليهدي به المؤمنين، وما يضل به إلا الفاسقين، كما أخبرنا عز وجل في سورة البقرة.



.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
08 Nov 2008, 07:22 AM
(31)
(ترجمة عبد الله بن بريدة رحمه الله)
عن ابن بريدة قال: ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثة أشياء لا يدعها: المشي، فإن احتاجه وجده، وأن لا يدع الأكل فإن أمعاءه تضيق، وأن لا يدع الجماع، فإن البئر إذا لم تنزع ذهب ماؤها.
قلت: يفعل هذه الأشياء باقتصاد، ولاسيما الجماع، إذا شاخ فتركه أولى.


(32)
(ترجمة قتادة رحمه الله)
أبو سلمة المنقري: حدثنا أبان العطار، قال: ذُكر يحيى بن أبي كثير عند قتادة، فقال: متى كان العلم في السماكين، فذكر قتادة عند يحيى، فقال: لا يزال أهل البصرة بشر ما كان فيهم قتادة.
قال الذهبي:
قلت: كلام الأقران يطوى ولا يروى، فإن ذُكِر تأمله المحدِّثُ، فإن وجد له متابعًا، وإلا أعرض عنه.

(33)
(ترجمة أبي الزياد عبد الله بن ذكوان رحمه الله)
قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: هو [عبد الله بن ذكوان] كان سبب جلد ربيعة الرأي، ثم ولي بعد ذلك المدينة فلان التيمي، فأرسل إلى أبي الزناد، فطين عليه بيتًا، فشفع فيه ربيعة.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: تؤول الشحناء بين القرناء إلى أعظم من هذا.
ولما رأى ربيعة أن أبا الزناد يهلك بسببه ما وسعه السكوت، فأخرجوا أبا الزناد، وقد عاين الموت وذبل، ومالت عنقه.
نسأل الله السلامة.


(34)
(ترجمة جعفر بن محمد رحمه الله)
عمرو بن قيس الملائي سمعت جعفر بن محمد يقول: برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: هذا القول متواتر عن جعفر الصادق، وأشهد بالله إنه لبار في قوله غير منافق لأحد فقبح الله الرافضة.


(35)
(ترجمة يونس بن عبيد رحمه الله)
قد خشيت أن أكون من أهل النار.
قال الذهبي:
قلت: كل من لم يخش أن يكون في النار، فهو مغرور قد أمن مكر الله به.


(36)
(ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله)
عن سعد بن الصلت قال: كان ابن أبي ليلى لا يجيز قول من لا يشرب النبيذ.
قال الذهبي:
قلت: هذا غلو.

.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
08 Nov 2008, 07:24 AM
(37)
(ترجمة ابن جريج رحمه الله)
قال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جريج: لمن طلبتم العلم؟ كلهم يقول: لنفسي، غير أن ابن جريج فإنه قال: طلبته للناس.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: ما أحسن الصدق! واليوم تسأل الفقيه الغبي: لمن طلبت العلم؟ فيبادر ويقول: طلبته لله، ويكذب إنما طلبه للدنيا، ويا قلة ما عرف منه.



(38)
(ترجمة عمرو بن الحارث رحمه الله)
عن ابن وهب قال: اهتدينا في العلم بأربعة: اثنان بمصر، واثنان بالمدينة، عمرو بن الحارث والليث بن سعد بمصر، ومالك وابن الماجشون بالمدينة، لولا هؤلاء لكنا ضالين.
قال الذهبي:
قلت: بل لولا الله، لكنا ضالين، اللهم لولا أنت ما اهتدينا.



(39)
(ترجمة هشام بن حسان رحمه الله)
سمعت هشام بن حسان يقول: ليت ما حفظ عني من العلم في أخبث تنور بالبصرة، وليت حظي منه لا لي ولا علي.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: ليس مراده ذات العلم، فهذا لا يقوله مسلم وإنما مراده التعليم، والقصد بالعلم، ألا تراه كيف يقول: ليت حظي منه لا لي ولا علي؟!



(40)
(ترجمة ابن عون رحمه الله)
روى مسعر عن ابن عون قال: ذكر الناس داء، وذكر الله دواء.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: إي والله، فالعجب منّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداء؟! قال الله تعالى: (فاذكروني أذكركم) (ولذكر الله أكبر)، وقال: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله، ومن أدمن الدعاء ولازم قرع الباب فتح له.
وقد كان ابن عون قد أوتي حلما وعلما، ونفسه زكية تعين على التقوى، فطوبى له.



(41)
(ترجمة أبي حنيفة رحمه الله)
وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة.
قال الذهبي:
قلت: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلّمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه.
وليس يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل



(42)
(ترجمة معمر رحمه الله)
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر قال: كان يقال: إن الرجل يطلب العلم لغير الله، فيأبى عليه العلم حتى يكون لله.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: نعم، يطلبه أولا، والحامل له حب العلم، وحب إزالة الجهل عنه، وحب الوظائف، ونحو ذلك.
ولم يكن علم وجوب الإخلاص فيه، ولا صدق النية، فإذا علم، حاسب نفسه، وخاف من وبال قصده، فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها، وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم.
وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوي وحب المناظرة، ومن قصْد التكثر بعلمه، ويزري على نفسه، فإن تكثر بعلمه، أو قال: أنا أعلم من فلان فبعدًا له.

.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
24 Nov 2008, 09:58 AM
(43)
(ترجمة ابن إسحاق صاحب المغازي رحمه الله)
قال الخطيب: ذكر بعضهم: أن مالكًا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: كلا، ما عابهم إلا وهم عنده بخلاف ذلك، وهو مثاب على ذلك، وإن أخطأ اجتهاده، رحمة الله عليه.

(44)
(ترجمة حجاج بن أرطاة رحمه الله)
سمعت الشافعي يقول: قال حجاج بن أرطاة: لا تتم مروءة الرجل حتى يترك الصلاة في الجماعة!
قال الذهبي:
قلت: لعن الله هذه المروءة، ما هي إلا الحمق والكبر، كيلا يزاحمه السوقة! وكذلك تجد رؤساء وعلماء يصلون في جماعة في غير صف، أو تبسط له سجادة كبيرة حتى لا يلتصق به مسلم، فإنا لله!.


(45)
(ترجمة الأوزاعي رحمه الله)
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: قد كان عبد الله بن علي ملكًا جبارًا، سفاكًا للدماء، صعب المراس، ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق كما ترى، لا كخلق من علماء السوء، الذين يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف، ويقلبون لهم الباطل حقا -قاتلهم الله- أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق.


(46)
(ترجمة ابن أبي ذئب رحمه الله)
قال أحمد بن حنبل: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكًا لم يأخذ بحديث "البيعان بالخيار" فقال: يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، ثم قال أحمد: هو أورع وأقول بالحق من مالك.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: لو كان ورعًا كما ينبغي لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم.
فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث، لانه رآه منسوخًا.
وقيل: عمل به وحمل قوله: "حتى يتفرقا" على التلفظ بالإيجاب والقبول، فمالك في هذا الحديث، وفي كل حديث، له أجر ولا بد، فإن أصاب، ازداد أجرًا آخر، وإنما يرى السيف على من أخطأ في اجتهاده الحرورية، وبكل حال فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه، فلا نقصت جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه، بل هما عالما المدينة في زمانهما رضي الله عنهما ولم يسندها الإمام أحمد، فلعلها لم تصح.

(47)
(ترجمة عبد الرحمن بن شريح رحمه الله)
قال هانئ بن المتوكل: حدثني محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح رحمه الله فكثرت المسائل، فقال: قد درنت قلوبكم، فقموموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم وتعلموا هذه الرغائب والرقائق، فإنها تجدد العبادة، وتورث الزهادة، وتجر الصداقة، وأقلوا المسائل، فإنها في غير ما نزل تقسي القلب، وتورث العداوة.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: صدق والله، فما الظن إذا كانت مسائل الأصول، ولوازم الكلام في معارضة النص؟ فكيف إذا كانت من تشكيكات المنطق، وقواعد الحكمة، ودين الأوائل ؟!
فكيف إذا كانت من حقائق "الاتحادية"، وزندقة "السبعينية"، ومرق "الباطنية"؟! فواغربتاه، ويا قلة ناصراه، آمنت بالله، ولا قوة إلا بالله.
قلـ حسن عبد الحي ـت: وكيف إذا كانت في غيبة أهل العلم والدعاة والمصلحين وتبديعهم ورميهم بأبشع العبارات وأشنعها؟! كما هو حال بعض من ينتسب للعلم والحديث والسلفية!


(48)
(ترجمة شعبة رحمه الله)
قال أبو قطن: سمعت شعبة بن الحجاج يقول: ما شيء أخوف عندي من أن يدخلني النار من الحديث.
وعنه قال: وددت أني وقاد حمام، وأني لم أعرف الحديث.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: كل من حاقق نفسه في صحة نيته في طلب العلم يخاف من مثل هذا، ويود أن ينجو كفافًا.

.
.
يتبع إن شاء الله

زاد الرحيل
24 Nov 2008, 10:03 AM
(49)
(ترجمة الثوري رحمه الله)
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: قد كان سفيان رأسًا في الزهد، والتأله، والخوف، رأسًا في الحفظ، رأسًا في معرفة الآثار، رأسًا في الفقه، لا يخاف في الله لومة لائم، من أئمة الدين، واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها، وفيه تشيع يسير، كان يثلث بعلي، وهو على مذهب بلده أيضًا في النبيذ، ويقال: رجع عن كل ذلك.
وكان ينكر على الملوك، ولا يرى الخروج أصلا، وكان يدلس في روايته، وربما دلس عن الضعفاء، وكان سفيان بن عيينة مدلسًا، لكن ما عرف له تدليس عن ضعيف.


(50)
(ترجمة الثوري رحمه الله)
قال يحيى القطان: كان الثوري قد غلبت عليه شهوة الحديث، ما أخاف عليه إلا من حبه للحديث.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: حب ذات الحديث، والعمل به لله مطلوب من زاد المعاد، وحب روايته وعواليه والتكثر بمعرفته وفهمه مذموم مخوف، فهو الذي خاف منه سفيان، والقطان، وأهل المراقبة، فإن كثيرًا من ذلك وبال على المحدث.


(51)
(ترجمة الثوري رحمه الله)
وعنه: من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه، لا يلقها في قلوبهم.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطّافة.


(52)
(ترجمة حسن بن صالح رحمه الله)
قال وكيع: حسن بن صالح عندي إمام، فقيل له: إنه لا يترحم على عثمان.
فقال: أفتترحم أنت على الحجاج؟
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: لا بارك الله في هذا المثال.
ومراده: أن ترك الترحم سكوت، والساكت لا ينسب إليه قول، ولكن من سكت عن ترحم مثل الشهيد أمير المؤمنين عثمان، فإن فيه شيئًا من تشيع، فمن نطق فيه ببغض وتنقص هو شيعي جلد يؤدب، وإن ترقى إلى الشيخين بذم، فهو رافضي خبيث، وكذا من تعرض للإمام علي بذم، فهو ناصبي يعزر، فإن كفّره فهو خارجي مارق، بل سبيلنا أن نستغفر للكل ونحبهم، ونكف عما شجر بينهم.


(53)
(إبراهيم بن أدهم رحمه الله)
عن طالوت: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: ما صدق اللهَ عبدٌ أحب الشهرة.
قال الذهبي:
قلت: علامة المخلص الذي قد يحب شهرة، ولا يشعر بها، أنه إذا عوتب في ذلك، لا يحرد ولا يبرئ نفسه، بل يعترف، ويقول: رحم الله من أهدى إلي عيوبي، ولا يكن معجبًا بنفسه، لا يشعر بعيوبها، بل لا يشعر أنه لا يشعر، فإن هذا داء مزمن.


(54)
(ترجمة زفر رحمه الله)
قال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: لقيت زفر رحمه الله، فقلت له: صرتم حديثًا في الناس وضحكة.
قال: وما ذاك؟ قلت: تقولون: "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، ثم
جئتم إلى أعظم الحدود، فقلتم: تقام بالشبهات.
قال: وما هو؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) فقلتم: يقتل به -يعني بالذمي- قال: فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: هكذا يكون العالم وقّافًا مع النص.

.
.
يتبع إن شاء الله