المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ايها العالم شدوا الأحزمة



محب الطلاب
19 Oct 2008, 09:44 PM
مقال:
أيها العالم شدوا الأحزمةد. عائضالقرنيأعلن الرئيس الأمريكي قبل أيام أن أمريكا في خطر، ويقصد بذلكتدهور الاقتصاد، وأقول: إن العالم في خطر منذ أن نزل آدم من الجنة إلى الدنيا، فليسفي الدنيا ما يمكن الوثوق به والركون إليه إلا الله وحده، لا تظن أنك سوف تبقىغنياً أبداً، وأن المال حصنك الحصين أمام الأزمات والكوارث، فالغني يفتقر والثرييفلس والعملة تتبدل وتتغير قيمتها، فلا تثق بصحتك وتظن أنك ستبقى قوياً مكتملالشباب تام الفتوة مفتول العضلات، فالهرم قادم والشيخوخة مقبلة والمرض زائر مفاجئ،ولا تركُنْ إلى الأبناء وتعتقد أنهم العدة وقت الشدة والملاذ عند الأزمات؛ فقد يخرجمنهم العاق المارد والجاحد الكنود، ولا تثق بالعشيرة والقبيلة والأسرة وتظن أنهمالدروع الضافية والحصون الواقية؛ فقد يخذلونك أحوج ما تكون محتاجاً لنصرتهم، ولاتفرح بالمنصب وتطمئن إليه؛ فالكرسي دوار والأيام دول، وقد يأتيك خبر العزل منالمنصب أسرع من البرق الخاطف، فتعود إلى بيتك بلا إمارة ولا سفارة ولا وزارة ولاتجارة وتسكن في عُشّة بعد العمارة، ولكن كن كما قال الله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَىالْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) وقوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). ونحن البشر في ورطة منذ أن خُلِقنا وسقطترؤوسنا على الأرض كما قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي كَبَدٍ)، ولله درالشاعر حين أجاد في قوله:
* وَلَدتكَأُمُّكَ يا ابنَ آدَمَ باكِيا - وَالنّاسُ حَولَكَ يَضحَكونَ سُرورا
* فاعمللنفسك أن تكون إذا بكوا - في يوم موتك ضاحكاً مسرورا
* ويرى صديقي وزميلي أبو الطيب المتنبي أنالأحمق صراحة من يستعزُّ ويتقوى ويثق بالأمور الفانية فيقول:
* فالموت آتٍ والنفوس نفائسٌ - والمستعزُّبما لديه الأحمق
* وفي كتاب (الإيمان) للرئيس الأمريكي الأسبق (كارتر) يقول: إنه إذا عصفت به الأزمات في البيتالأبيض لجأ إلى الله وقصده على طريقته المحرفة المنسوخة. وذكر الرئيس الأمريكيالسابق (جورج بوش الأب) في مذكراته «سيرة إلى الأمام» أنه حضر جنازة رئيس الاتحادالسوفياتي السابق (ليونيد برجنيف) قال: «فوجدتها جنازة مظلمة لا نور فيها»، قلت: لأن بوش مسيحي أقرب إلى الهداية، وعنده بصيص من نور و(برجنيف) ملحد لا يؤمن بالله،فكيف لو عرف بوش الإسلام الدين الحق، إذن فنحن منذ أن وُجِدنا على هذا الكوكب ونحنفي خطر من الموت والمرض والحرب والفقر والظلم والهم والكوارث والأزمات، وليس لنا منحلٍّ إلا الفرار إلى الله بتوحيده وعبادته كما قال تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِإِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
وأمريكا الإمبراطورية العظمى في هذاالعصر سوف تدركها سنة الله في الأمم والدول كما ذكر ذلك ابن خلدون في مقدمته. وسوفتضعف ويأتي غيرها كما قال تعالى: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَالنَّاسِ). وذكر الرئيس الأمريكي السابق (رتشارد نيكسون) في كتابه (الفرصة السانحة) أن الصين قادمة لتأخذ مكانة أمريكا بالقوة والهيمنة. قلت: بل هي دورة التاريخ وسنةالله في عباده، وكل أمة أخذت دورتها من السؤدد والارتقاء ثم هبطت لتأتي أمة أخرىتأخذ الدور والقيادة، وليت البشرية في أزماتها ومصائبها وكوارثها تعود إلى ربهاوخالقها لعبادته وحده ـ جل في علاه ـ واتباع رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والإيمانبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
وإن كانت أمريكا في خطركما يقول (جورج بوش)، فالكون كله في خطر؛ لأن العالم سوف ينتهي كما قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِوَالإكْرَامِ)، أين الآشوريون والكلدانيون والكنعانيون؟ أين ذوو التيجان والسلطانوالهيلمان والإيوان؟ صاروا خبراً بعد عين وحكاية حلوة في المجالس وسالفة غريبة فيالنوادي، وقصة مؤثرة في بطون الكتب. يقول زميلي وصديقي أبو الطيب:
* أَينَ الجَبابِـرَةُ الأَكاسِـرَةُالألى - كَنَزوا الكُنوزَ فلا بَقينَ وَلا بَقوا
* مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُبِجَيشِهِ - حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ





المصدر

جريدة الشرق الاوسطالصفحة: آفــاقأسـلامـيـةالثلاثـاء 14 شـوال 1429 هـ 14 اكتوبر 2008 العدد 10913

المشتاق الى الجنة
20 Oct 2008, 10:53 PM
مقال رائع من رجل رائع ومبدع شيخنا الشيخ عائض القرني حفظه الله ،،،،

مسك الختام
20 Oct 2008, 11:53 PM
بارك الله فيكم ..وكتب الله أجركم