المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هموم ملتزمة /2



مسك الختام
05 Sep 2008, 07:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من صفات الداعية

وإذا كنا نتحدث عن الفتاة الملتزمة، فإنني أكاد أعتقد أن امرأةً أو رجلاً ملتزماً، لا يمكن أن نتصور أنه غير داعية في مثل هذه الظروف الواقعة الآن، لأن من الالتزام أن يدعو الإنسان إلى الله، ومعنى كون المرأة ملتزمة أي أنها مطيعة لربها, والله عز وجل يقول: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } [التوبة: 71]؛ إذن فأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر هو جزء من التزامها وقيامها بأمر الله تعالى هو كذلك جزء منه، لأن الله تعالى يقول: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران: 110]

ويقول: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143]، إذن فقيامها بواجبها وقيامها بالدعوة إلى الله وقيامها بالإصلاح وقيامها بالأمر والنهي هو جزء من التزامها.

وقد أثبتت الأحداث والتجارب الكثيرة أن هذه الأمة رجالاً ونساءً لديها قدرة على قبول الحق، بل لديها رغبة في سماع الحق والتزامه.

إذن لا عذر لرجل منا أو امرأة أن يقول أنا ملتزم ولكنني غير داعية، أبداً كل ملتزم فهو داعية.. داعية بالفطرة.. لأن التزامه يعني أنه مطيع وأن الذي أمره بالصلاة هو الذي أمره بالدعوة وهو الذي أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكن أن نفرق بين هذا وذاك بحال من الأحوال، ولذلك حديثي ينصب على الملتزمة الواعية الداعية باعتبار أنها هي المخاطبة أصلة بهذا الموضوع، ولا شك أن كل صفة نتصورها في الرجل الداعي هي أيضاً مطلوبة في المرأة..

الصفة الأولى: العلم بما تدعوا إليه، وهذا من الواجبات فلا يمكن أن تدعو إلى شيء وهي لا تعلم هل هو من الشرع أم ليس من الشرع هل هو من العادات أم من العبادات هل هو من الأمور الدينية أو من التقاليد الاجتماعية الموروثة مثلاً، والشرع واضح بحمد الله: إما آية محكمة أو سنة ماضية أو إجماع قائم، أو قول معروف مبني على اجتهاد صحيح واضح كالشمس.

فلا بد أن تعرف المرأة المسلمة الأمر الذي تدعو إليه بدليله بحيث إذا قال لها أحد لماذا وما الدليل استطاعت أن تجيب على ذلك.

الصفة الثانية: القدوة الحسنة، ومن قبل قال شعيب عليه السلام: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [هود: 88]، وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له يا فلان: ما لك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، قال: بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وكنت أنهاكم عن المنكر وآتيه ».

إذن فمن الخطورة بمكان أن يتكلم الإنسان فيكذب ذلك بأفعاله.

يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً *** إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهداً *** والموبقات لعمري أنت جانيها


والكلام في الرجل والمرأة، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: « يؤتى بالرجل » لا يمنع والمرأة أيضاً، وإنما ذكر الرجل على سبيل التغليب، وإلا فالحكم واحد والطبيعة واحدة، وما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة إلا بدليل يخرجها منه..


يـا أيهــــا الرجـــــل المعلــــم غيـــره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى*** كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانههــــا عـــن غيهــــــا *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيـم
وهناك يقبــــل إن وعظــــت ويقتـدى ***بالقول منـــك وينفع التعليم
لا تنـــه عن خلــــق وتأتـــي مثـلــــه ***عار عليك إذا فعلت عظيـــم


فالتربية والدعوة بالسلوك أحياناً أحسن من ألف محاضرة، وسلوك امرأة بين زميلاتها بحسن خلقها وأدبها ومظهرها ومخبرها وطيب حديثها والتزامها بشريعة ربها وصلاحها.. أفضل من كثير من الكلمات والمحاضرات، التي نبدأ فيها ونعيد ونردد الكلام، وقد لا يسمعه الكثيرون، فكثير من الأخوات تقول ليس لدي رغبة في أن أسمع الأشرطة الدينية، لكن لو وجدت أمامها نموذجاً حياً وصورة حية.. من فتاة ملتزمة متدينة فأعجبتها، فأعتقد أنها هنا لا تحتاج إلى أن تسمع شريطاً، والحق واضح ولا يحتاج إلى صعوبات في من يريده، فلا بد من القدوة الحسنة ولا بد من الأخت الداعية أن تكون قدوة حسنة في عبادتها وسلوكها ومخبرها وفي قلبها، وفي عقيدتها وأخلاقها وطيبتها، وفي مظهرها أيضاً، في شكلها وفي شعرها وفي ثيابها، وفي مشيتها وحركاتها وأعمالها وأقوالها وفي كل شيء.

وأضرب لك ولكِ مثلا على ذلك.. المرأة الداعية القدوة التي تظهر بمظهر لا يليق بمثلها، كأن تلبس مثلاً عباءة مطرزة أو تلبس كاباً مطرزاً، هو زينة في نفسه أو تضعه على كتفها أو تظهر زينتها للأجانب، أو تكون مولعة بمتابعة الموضات والتسريحات أولاً بأول، لا نقول أنه يجب عليها أن تسكت إذا كانت هكذا لا.. فهي مطالبة بالدعوة كما قلنا منذ قبل، ولكن أيضاً حين تدعو فإنها بهذا العمل الذي عملته سنت للأخريات سنة يقلدونها فيها، إما عن حسن ظن بأن هذا العمل الذي فعلته لا شيء فيه والدليل أن فلانة فعلته، أو سيقولون إن هذه المرأة لا تستحق أن يسمع لها لأنها تناقض قولها بفعلها.

فينبغي أن تتجنب الأخت الداعية بعض الأمور المشتبهة حماية لعرضها وحماية لدعوتها.

الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب، مما يحبب إليها الأخريات، ولعل غرس المحبة في نفوس المدعوات هو أول سبب لقبول الدعوة، والأسلوب شديد التأثير في قبول الدعوة أو ردها، ولا يجوز لنا أبداً أن نتجنى على الحق الذي نحمله، حين نقدمه للناس بالأسلوب الغليظ الجاف، بل يجب أن نعطف على الآخرين ونحتوي مشاعرهم، ونتلمس همومهم ونشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، ولا نستعلي عليهم أو نستكبر فما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه.

الصفة الرابعة: أن يكون عند الداعية قدر من اهتمامها بمظهرها.. لأنه قد يظن البعض أنني أدعو إلى أن تكون المرأة المتدينة الداعية، مبتذلة بعيدة عن الاهتمام بمظهرها، وهذا مرفوض، فالمظهر هو البوابة الرئيسية التي لا بد من عبورها إلى قلوب الأخريات، ومن الطبيعي أن تتحلى المرأة أو تبحث عن الثوب الجميل، والله تعالى قال: { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } [الزخرف: 18]، فكون الفتاة تنشأ منذ طفولتها في الحلية هذا أمر طبعي لا تلام عليه.

ومن الطبيعي أن تهتم المرأة بتسريح شعرها وأن تعتني بمظهرها والرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى بذلك الرجل، فلما جاءه رجل أشعث الرأس أمره بأن يسرح شعره ويدهنه، ولما جاءه بعد ذلك قال: « هذا خير من أن يأتي أحدكم أشعث الرأس كأنه شيطان »، فالمرأة مع بنات جنسها من باب أولى..

نحن بطبيعة الحال لا نقبل أبدا أن تتبرج المرأة المسلمة بزينة، ولا أن تتطيب لخروجها من بيتها، لكن هذا لا يعني بحال التبذل أو أن تذهب إلى المجتمعات النسائية في أثواب ممتهنة، خاصة حين تكون داعية يشار إليها بالبنان.

الفتيات اليوم يعرضن عن الدعوة لأنهن يعتقدن أن معنى الالتزام هو أن تتخلى عن كل مظهر من مظاهر اهتمامها بنفسها وهي بالطبع لا تريد ذلك، وتقول كل شيء إلا اهتمامي بمظهري!

ومن قال أن الإسلام يحول بينها وبين ذلك؟

ولكن في حدود ما أباحه الله تعالى، فمظهر مباح وثوب ليس زينة في نفسه غير متطيبة فيه ولا تظهر به أمام الرجال.

الصفة الخامسة: الاعتدال في كل شيء ومن ذلك الاعتدال في مشاعرها بين الإفراط والتفريط، فنحن نجد مثلاً من بعض الأخوات من تكون جافة في عواطفها ومشاعرها، لا تتجاوب مع الآخرين ولا تبادلهم شعوراً بشعور، ووداً بود ومحبة بمحبة أو تبتسم في وجوههم، وترى أن جدية الدين والدعوة تتطلب قدراً من الصرامة والوضوح والقسمات الجادة، وهذا أمر بلا شك غير مقبول « وتبسمك في وجه أخيك صدقة » كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقول للمرأة أيضاً: وتبسمك في وجه أختك هي صدقة أيضاً فالحكم عام.

وبالمقابل هناك من النساء أو من الأخوات من تبالغ في المشاعر وتبالغ في إغراق الآخرين بمشاعر تصل أحياناً إلى حد الإفراط، فتجدين أن من الأخوات لا تصبر عن فلانة ساعة من نهار، فإذا ذهبت إلى بيتها بدأت تتصل بها بالهاتف وتكلمها الساعات الطوال، وربما خلت بها الأوقات الطويلة تبث إحداهما إلى الأخرى مشاعرها وهمومها وشجونها، بل ربما تغار إذا رأت أخرى تجالسها أو تحادثها، لأنها تريدها لنفسها فقط، وهذا نوع مما يسمى بـ"الإعجاب" في أوساط البنات، فضلاً عن قضية المحاكاة والتقليد أي أنها تقلدها في كل شيء في حركاتها وسكناتها، وفي طريقة كلامها ولباسها وحذائها وثيابها، وحركات يدها وفي كل شيء، ولا شك أن ذوبان شخصية البنت في أخرى ولو كانت داعية ضياع، لأن الله عز وجل خاطب كل إنسان بمفرده { إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً }[مريم: 93-95].

وقال سبحانه: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } [الشمس: 7-10]

فينبغي أن تشعر المسلمة باستقلاليتها، وأنه لا يجوز أن تذوب في شخصية أخرى، فهي موقوفة بين يدي الله تعالى يوم القيامة بذاتها وبمفردها.

يقين
05 Sep 2008, 01:21 PM
جزاكي الله خيراً أختي الفاضلة
وجعله الله في ميزان حسناتك

RawanD
05 Sep 2008, 01:35 PM
ما شاء الله .. تبارك الله ..
رفع الله قدرك وجزاكِ خيرا ..
موضوع جدا ممتع ومميز .. لا عدمناكِ .
محبتك .

مسك الختام
05 Sep 2008, 11:30 PM
بارك الله فيك اختنا /حاملة /ويزاك الله خيرا /وفقكم الله

مسك الختام
05 Sep 2008, 11:31 PM
جزاكي الله خيراً أختي الفاضلة
وجعله الله في ميزان حسناتك



واياكم /اختنا الفاضلة /وفقكم الله