المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : :: قصة أصحاب السبت :: لفضيلة الشيخ ياسر برهامي



ناصر السنة
05 Jul 2004, 08:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

وبعد..

فقد قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن

كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (3) سورة يوسف.

ومن قصص القرآن قصة أصحاب السبت، وهي قصة عظيمة فيها الكثير من

الفوائد.

وقد تفضل الشيخ المفضال الدكتور: ياسر برهامي بالتعليق على هذه القصة

واستنباط الفوائد منها.

وقد صدرت رسالة (قصة أصحاب السبت) للشيخ ياسر برهامي عن الدار السلفية

بالإسكندرية.

وها أنا أنقلها لكم من منتدى البراحة .. من مشاركة أخي الحبيب أبي الفرج ..

وسأنقلها على خمس حلقات بإذن الله ..

نسأل الله أن ينفعنا وأخواننا بهذه الفوائد على القصة.

وجزاكم الله خيرا ..

ناصر السنة
05 Jul 2004, 08:56 AM
<div align="center"> قصة أصحاب السبت</div>

<div align="center"> د. ياسر برهامي</div>

<div align="center">( 1 )</div>

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً صلى الله عليه وسلم

عبده ورسوله.

أما بعد:

فهذه القصة العظيمة التي وردت في عدة مواضع من القرآن، وجعلها الله عز

وجل موعظة للمتقين، كما قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ

فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا

خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) [البقرة:65، 66]، فكل من اتقى الله عز وجل وعلم هذه

القصة، فهو ينتفع بها ويتعظ، ويعلم أهميتها في حياة المسلمين عموماً

وخصوصاً.

هذه القصة وإن وقعت لأمة غير أمتنا فقد وقعت في جماعة من بني إسرائيل

وإن لم يكن زمنها هو زمننا، إلا أننا نتعلم من قصص القرآن دائما كما ذكر الله

عز وجل أنه عبرة لأصحاب العقول (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ}

[يوسف: 111]، فلا بد أن نتعلم، ونستفيد، ونطبق هذه القصص علي واقعنا

وعلي حياتنا، وليس فقط أن نجعلها مجرد حكاية للتسلية.

فالله عز وجل ليس بينه وبين خلقه نسب، بمعني أكان لأن من فعل مثلما فعل

الأولون استحق مثل جزائهم فمن اتقي الله سبحانه وتعالي نال جزاء المتقين

السابقين، ومن أعرض عن ذكر الله سبحانه وتعالي وترك ما أمره الله عز وجل

به أو كفر أو فسق أو ابتدع، أو عصي الله عز وجل نال جزاء السابقين له

الفاعلين ذلك.

ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم يستفيدون أعظم الاستفادة من قصص القرآن

وخطابه عن السابقين، ولا يمنعهم أن نزول الآيات كان لأقوام غيرهم من أن

يحذروا الشر الذي ذموا به وأن يقتدوا بالخير الذي مدحوا.

فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتورع عن كثير من طيبات

المآكل والمشارب ويتنزه عنها ويقول إني أخاف أن أكون كالذين قال الله لهم

و وبخهم وقرعهم (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} [الأحقاف:

21] مع أن الآية بلا إشكال في الكفار كما ينص على ذلك أولها (وَيَوْمَ يُعْرَضُ

الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ..)، ولكن الفهم العميق للصحابة رضي الله عنهم دلهم على

أن الذم للكفار كان على أعمال وصفات معينة فمن شاركهم في بعضها استحق

بعض جزائهم وغن لم يكن كافراً مثلهم.

وهذا حذيفة رضي الله عنه يسأل عن قول الله عز وجل: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ

اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] قالوا نزلت في بني إسرائيل؟ فقال

متهكماً على من يريد تخصيصها بسب نزولها: "نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل أن

تكون لكم كل حلوة ولهم كل مرة"، مع أن سياق الآيات وسبب نزولها في شأن

اليهوديين الذين زنيا، وكذا قال الحسن رحمه الله: "نزلت في أهل الكتاب وهي

لنا واجبة"، وكذا النخعي: "نزلت فيهم ورضيها الله لهذه الأمة"، فهذه أسباب

عظيمة من أبواب الفهم في القرآن تميز به السلف رضوان الله عليهم وحرمه

الكثيرون الذين قصروا أنفسهم على الانتفاع بما خوطبت به الأمة الإسلامية مدحاً

أو ذماً أمراً أو نهياً فغاب عنهم خير عظيم لا يقدره.

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في فوائد قصة ذات أنواط في قول رسول

الله صلى الله عليه وسلم لمن قال له أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال

صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت

بنو إسرائيل لموسى: (اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)

[الأعراف: 138] لتتبعن سنن من كان قبلكم".

قال في فوائده أن ما ذم الله به اليهود والنصارى فهو لنا أي نحن مخاطبون به

ومن فعله منا كان مذموماً مثلهم.

ذلك أن كثيراً من الناس قد يظن ما ذكره الله عن الماضيين أنه ليس لنا ويقول:

وما لنا ولهؤلاء؟ وهذا باطل فإن أسلوب الصحابة رضي الله عنهم في القرآن

وتطبيقه لم يكن أبداً كذلك فإنهم كانوا يرون أن ما خوطب به السابقون خطاب

لنا كذلك ألم يتعلموا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال له بعض

الناس أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال صلى الله عليه وسلم: "الله

أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجْعَل

لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو

القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله اليهود

والنصارى؟ فقال: فمن".

فإذا علمنا أن هذه الأمة فيها من يتبع سنن السابقين علمنا أنه لابد أن نحذر من

كل منكر قص الله علينا أن السابقين فعلوه لأنه سيوجد مسخ في هذه الأمة أمة

الإسلام علمنا مدى الخطر الذي يتهدد من لا يفهم القرآن الفهم السوي الصحيح

يقول النبي صلى الله عليه وسلم "سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ

فإذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمور".

ويزداد الأمر خطورة في حق من يخشى عليهم اتباع سنن بني إسرائيل وذلك

يزداد في آخر الزمان وسوف يوجد في الأمة من يقلد بني إسرائيل والنصارى

حذو القذة بالقذة شبراً بشبر وذراعاً بذراع كما قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم.

فالحذر من مشابهة ما فعلته هذه الفئة من عصاة وغواة بني إسرائيل واجب وها

نحن نرى كما سنبين إن شاء الله كيف انتشرت الحيل في الأمة الإسلامية

مضاهاة لأهل الكتاب خصوصاً عند من يرى إن المسلمين لن يتقدموا إلا

بمشابهتهم ومتابعتهم والعياذ بالله.

فمن هنا كان لابد ان نطبق ما نسمعه من قصص القرآن على واقعنا وحياتنا.

والأمر أن نعلم طبيعة الأمة التي ستظل المواجهة بيننا وبينها قائمة إلى قرب

قيام الساعة، فإذا علمنا حقيقة هؤلاء ،وعلمنا صفاتهم التي بينها الله عز وجل

في القرآن، وفضحهم بها،لم يغرنا غار أو مغرور، ويظن أنه يمكن أن تنطلي

علي المسلمين دعاوى المحبة والسلام والوئام والصداقة بين المسلمين وبين

أعداء الإسلام من اليهود خصوصا" وممن شابههم من النصارى كذلك .

فالمسلمون يعلمون أن عداوتهم مع اليهود لا تنتهي إلا بقتالهم ، كما أخبر النبي

صلي الله عليه و سلم فقال :"لا تقوم الساعة حتى يقتتل المسلمون واليهود ،

فيقتل المسلمون اليهود ، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر و الشجر، فينطق

الله الحجر والشجر، فيقول: " يا مسلم ،هذا يهودي ورائي، فتعال فاقتله، إلا

الغر قد فإنه من شجر اليهود.

و النبي صلي الله عليه و سلم أخبر أن أكبر الفتن و أعظم أمر ما بين أدم إلي

قيام الساعة هو الدجال ، وهو منسوب أيضا إلي اليهود .فقد قال صلي الله عليه

و سلم: "ما بين أدم إلي قيام الساعة أمر أكبر من الدجال" وثبت أن النبي صلي

الله عليه و سلم أخبر أن الدجال يهودي .وقال عليه الصلاة و السلام :" يتبع

الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة ." وهذا يدل علي أن

الدجال هو ملك اليهود المنتظر الذي ينتظرونه لفرض سلطانهم علي العالم كله

فيما يظنون ، وأن هلاكهم يكون مع هلاكه أو بعده مباشرة كما قال رسول الله

صلي الله عليه وسلم: "يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، وإماما مقسطا

فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية.

وأن عيسي عليه السلام يقتل المسيح الدجال بحربته وذلك بباب لد قرب بيت

المقدس.

فالظاهر أن ملحمة قتل اليهود تكون بعد قتل الدجال ملكهم علي يد عيسي عليه

السلام وقد سبقت ملحمة قتال النصارى من الروم (الأوربيين) قبل ظهور الدجال

بالشام و بعدها تفتح القسطنطينية فتحا ثانيا كما أتت بذلك الأحاديث الصحيحة .

فإذا علمنا صفات هؤلاء القوم حذرنا علي أنفسنا منها ، وكذلك علمنا خطرهم ،

وعلمنا حقيقتهم ، فلا يمكن أبدا أن نصدق في يوم من الأيام من يدعي صداقتهم

،ومن يريد موالاتهم ، والدوران في فلكهم ، ونعلم بذلك أن من أحبهم وودهم

وسا في فلكهم، وحسب مخططاتهم فإنه منافق عدو للإسلام وإن صلي وصام

وزعم أنه مسلم.

هذه القصة الكريمة ذكرها الله سبحانه وتعالي في مواضع كما ذكرنا،

وتكررت، إلا أن أكثر المواضع تفصيلاً كان في سورة الأعراف، وحول آياتها

يكون موضوعنا إن شاء الله.

يتبع إن شاء الله ..