المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاولة متابعة الشيخ عبد العزيز السدحان



صقر 55
15 Dec 2003, 08:00 PM
<div align="center">بسم الله الرحمن الرحيم</div>
<div align="center">العمل للإسلام</div>
<div align="center">الشيخ عبدالعزيز السدحان</div>

إن الانتماء إلى الإسلام من أعظم أنواع التميز في هذه البشرية ؛ ذلك لأنه الدين الذي ارتضاه الله للناس وجعله أعظم نعمة وأتمها عليهم : [ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ]
ويزداد شرف الانتماء إلى هذا الدين كلما كان المسلم أكثر احتراماً وتمثلاً لأحكامه وتعاليمه وآدابه .
فتعاليم الإسلام وآدابه تكسب حاملها سعادة ومهابة ووقاراً، وكيف لا يكون كذلك وتلك التعاليم الأحكام تهذب العقول والجوارح والأفئدة؟
بل تتسع دائرة النفع حتى يكون نفعاً متعدياً، فتسود المحبة والوئام بين أفراد المجتمع المسلم وتتآلف قلوبهم . فيصدق عليهم بذاك الوصف النبوي " المؤمنون كالجسد الواحد" .
إن المتأمل في مجتمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وتكاتفهم فيما بينهم، واستشعار كل فرد منهم بمسئوليته تجاه مجتمعه وأمته ، يرى في أولئك البررة خير مثال يحتذي في علو همتهم وصادق عزيمتهم ، كانوا من خير المجتمعات وأزكاها، تمثلوا أخلاق الإسلام وتعاليمه وآدابه في جميع شئونهم.
كان العمل للإسلام يخالط شغاف قلوبهم ، يترجم ذلك أقوالهم وأفعالهم مع خاصة أهليهم وأفراد مجتمعهم، يؤثر الواحد منهم أخاه ولا يستأثر لنفسه، يطوي لأحدهم جائعاً حتى يشبع أخوه، يشتركون في الآمال والآلام، وكان من نتيجة ذلك أن تهيأ لهم من التكاتف والترابط ما يندر وجودة في سائر المجتمعات، فنعموا بالحياة الطيبة، وقويت هيبتهم في نفوس أعدائهم .
وكان من أعظم الأسباب في ذلك - بعد فضل الله تعالى - أنهم استشعروا مسؤليتهم تجاه مجتمعهم وأمتهم، فبذلوا الغالي والنفيس وآثروا ولم يستأثروا ، فأعلى الله شأنهم ورفع مكانتهم وقدرهم .
إن من أسباب الضعف التي تنخر في أساس المجتمع: تهرب كثير من الناس من مسئولياتهم تجاه الإسلام والمسلمين، والاستظلال بظل التوكل والتسويف؛ حتى تعطل من جرّاء ذلك خير كثير، والعجب أن هذا الخلل يقل أو ينعدم عند غير المسلمين، فبنظرة إلى تكاتف أهل الديانات الباطلة والمذاهب المنحرفة يرى المرء عجباً من قوة تكاتفهم وشدة ترابطهم في سبيل نشر مبادئهم مع اختلافهم المتباين في المكان والزمان والحال ، إلا أن العمل لمصلحة مبادئهم هو المحور والمرتكز الذي يؤمه الجميع .
شاهد المقال: أنهم مع فساد عقائدهم ومذاهبهم إلا أن قوة دعوتهم لها قولاً وعملاً ودعماً مكن لهم وزاد من شوكتهم .
إن استشعار الفرد المسلم مسئوليته تجاه أفراد مجتمعه من أعظم خطوات البناء في تقوية أساس المجتمع .
وعلى هذا فليجعل كل مسلم على نفسه مسئولية العمل للإسلام بكل ما يستطيع من الوسائل والسبل فإن الجهود إذا تظافرت وتكاتفت؛ أينعت ثمارها وآتت أكلها .
وعلى هذا فليجعل كل واحد منا نفسه على ثغر من ثغور الإسلام : فالمعلم يمثل القدوة الحسنة في أخلاقه وسمته ووقاره، والموظف بإنجازه لمعاملات الناس بأحسن أداء وأسرعه والتاجر بصدقه وأمانته في بيعه وشرائه ودعمه لمشاريع الخير، وهكذا كلٌ يتمثل خلق الإسلام في شخصه ومنطقه.
وليس العمل للإسلام مقصوراٌ على موقع الشخص الوظيفي، أو في مكان معين أو في زمان معين، بل يجعل المسلم عمله للإسلام منهجاٌ له في جميع حياته فيقدم ما يستطيع من نفع للمسلمين، كأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وشفاعة لمحتاج، وغير ذلك من أعمال الخير والبر.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على كل مسلم صدقة ) قالوا: فإن لم يجد؟ قال ( فيعمل بيديه، فينفع نفسه ويتصدق). قالوا: فإن لم يستطع أولم يفعل؟ قال (فيعين ذا الحاجة الملهوف) قالوا: فإن لم يفعل؟ قال ( فليأمر بالخير_ أو قال :بالمعروف_ ) قالوا: فإن لم يفعل، قال ( فليمسك عن الشر فإنه له صدقة) أخرجه البخاري ، وفي لفظ عن أحمد والنسائي ( تهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ) .
وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة ) أخرجه الترمذي. فأبواب الخير كثيرة ومتنوعة .
وإن من أسباب التقاعس احتقار الجهد إن كان يسيرا. وهذا من تلبيس إبليس [ فلا تحقرن من المعروف شيئا ]. فالجهود اليسيرة إذا تكاثرت كانت عظيمة النفع والأثر.
ومن أسباب التقاعس أيضا : ذكر مصاب الأمة والتثريب على أفرادها وهذا مما يزيد المجتمع وهنا إلى وهن .
شاهد المقال : أن على المسلم أن يحذر من دخول اليأس، والتقاعس عن القيام بما يستطيعه من تقديم الخير للمسلمين، ويتأكد هذا في حق الدعاة والمصلحين، فعليهم أن يحذروا من دخول اليأس إلى قلوبهم في حال عدم قبول دعوتهم .
فوظيفة الداعية أن يبلغ رسالته، وليس من شروط ذلك أن يرى ثمارها.
على المرء أن يسعى إلى الخير جهده
وليس عليه أن تتم المقاصد
وخير من قول الشاعر قول النبي صلى الله عليه وسلم :" عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجلان ، والنبي وليس معه أحد " أخرجه الشيخان.
فإذا كانت دعوة النبي قد لا يستجيب لها أحد ، فأين مقام النبي من مقام الداعية ؟&#33;
ثم يقال أيضاً : إن الإصلاح لابد أن يكون منطلقاً من النصوص الشرعية الصحيحة . وفي المقابل الحذر من ابتداع واستحسان طرق دعوية ما أنزل الله بها من سلطان ، فخير الهدي هدي محمد r ، ولو كان ما يبتدع خيراً لسبقونا إليه .
بكل حال فعلى الداعية أن يكون على علم صحيح ومنهج سليم ، والذي يضمن ذلك له - بعد توفيق الله تعالى - طلب العلم ، وقراءة سيرة السلف ، ومجالسة العلماء وسؤالهم عما يشكل .
فبذا وذاك يصح أمره وأمر دعوته .
نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير ومغاليق للشر. اللهم أصلح أحوال المسلمين وارزقهم البصيرة فيما يصلح شئونهم . اللهم اجعلنا ممن يعمل للإسلام وينفع الله به المسلمين .
المصدر مجلة الملتقى

الحاج زاهر
16 Dec 2003, 07:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله كل خير على ما نقلته لنا من هذا الموضوع الطيب ومافيه من درر ومواعظ طيبة
وندعُ الله أن يزيدك من فضله لمثل هذه المشاركات الطيبة

بارك الله فيك أخي الكريم / صقر

وفقنا الله لما فيه الخير والصلاح والفلاح

صقر 55
20 Dec 2003, 11:10 AM
شكر الله لك أخي المشرف :الشيخ زاهر.
من أسباب عزة المسلمين
لشيخ / عبدالعزيز السدحان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن الناظر بعين الاعتبار إلى أحوال الناس قبل ظهور الإسلام يرى عجائب وغرائب، من الجهالات والظلمات التي أضلت الكثير عن طريق الهداية والرشاد، فالأصنام تُدعى وتُرجى، ومجالس الخمر معمورة صباح مساء، والظلم مرفوعة رايته وقد تلوثت في أوحاله أقدام الكثيرين.

شاهد المقال: أن حياتهم لم تزل في ظلمات الجهل والفوضى حتى بعث الله محمداً فأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، ومن الذل والمهانة إلى العزة والمكانة، فأمسكوا بزمام الأمور، وتوالت الفتوحات والانتصارات، ولم يزالوا في رفعة وعزة بسبب تمسكهم بدينهم.

ومع تقدم الزمن بدأ الضعف يدب إليهم بسبب بعدهم عن دينهم، ويزداد ضعفهم بقدر ابتعادهم عن دينهم، وهذه بعض الأسباب التي أدت إلى ضعف أمة الإسلام، وانهزامها بين الأمم:

الإعراض عن حكم الله والجهل بأحكام الدين.

والإعجاب والتبعية المطلقة لأعداء الإسلام.

والعصبية الجاهلية لجنس أو لون أو لسان.

واليأس والقنوط.

وتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فما هي الأسباب التي ترتفع بها الأمة، وتأخذ مكانها اللا ئق بها؟


السبب الأول: التمسك بالكتاب والسنة:

منهجاً وعقيدة، ففي ذلك الفلاح كله والخير كله، فلا فلاح إلا بالأخذ بهما معاً، وتحكيمها في جميع مجالات الحياة وَأطِيعُوا اللّه وَالرسُولَ لَعَلَكُم تُرحَمُون [آل عمرآن:132]، قُل إن كُنتُم تُحِبُون اللّه فَاتبِعٌونِي يُحببكُمُ اللّه وَيَغفِرُ لَكُم ذُنُوبكُم واللّهُ غفُور رحِيم [آل عمرآن:31].

وقال : { تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنتي }.

والنصوص في هذا الموضع كثيرة جداً.

وبكل حال فالتمسك بالكتاب والسنة من أعظم أسباب الفلاح في الدين والدنيا، ويتبع التمسك بهما - أو من لازم التمسك بهما - محاربة البدع والتحذير منها، وعدم الغفلة أو التهوين من شأنها مهما صغرت، فإن البدع إذا غُفل عنها زاد انتشارها فكيف إذا أقرها من علمها أو هون من شأنها؟ لا شك أن هذا من الجهالة بمكان، بل هو من أعظم أسباب الهزيمة النفسية، ويُلقى أكثر حمل هذا على من زعم الإصلاح بخلاف ما كان علية منهج سلف الأمة وقدوتها.


السبب الثاني: الالتفاف حول العلماء:

الالتفاف حول علماء الأمة الراسخين في العلم، المعروفين بصلاح المعتقد، وسلامة المنهج، فالقرب من أولئك والاستئناس بآرائهم والصدور عن رأيهم فيه مصلحة عظيمة للأمة وشبابها. فعلماء السنة أدرى الناس بمعالجة قضايا الأمة، وهم أبصر الناس بمجاراة واقعها وإيجاد الحلول الناجعة لها، فأولئك الثلة من العلماء لا تصدر آراؤهم إلا بعد النظر في النصوص الشرعية، فثوابهم مضاعف مأجور وخطؤهم غير مأزور بل مأجور، قال : { إذا اجتهد الحاكم فحكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فحكم فأخطأ فله أجر واحد }.


السبب الثالث: قراءة التاريخ الإسلامي:

إعادة النظر في تاريخ المسلمين المجيد التليد، لا من باب التسلية والمواساة والتواكل، بل من باب شحذ الهمم وبعث العزائم، وكيف كان المسلمون الأوائل أقوياء حسياً ومعنوياً، وكيف كان تمسكهم بدينهم واعتزازهم به حتى دانت له الأمم، وخضعت لهم الأعداء، نصروا الله فنصرهم وأعزوا الإسلام فأعزهم الله به.


السبب الرابع: التفاؤل بأن النصر للإسلام:

التفاؤل والقطع بأن النصر للإسلام وأهله، كما جاءت بذلك النصوص الكثيرة التي تدل دلالة واضحة على ذلك، من ذلك قوله تعالى: هٌو الّذي أرسَلَ رَسُولَهُ بالهُدى وَدِينِ الحَقِ لِيُظُهِرهُ عَلى الدينِ كُله وَلَو كََره المُشرِكٌونَ [التوبة:33]، وقد ذكر بعض المفسرين عند هذه الآية عدداً من الأحاديث النبوية المبشرة بظهور الإسلام وعزته، فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : { لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى } فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: يا رسول الله، إن كنتُ لأظن حين أنزل الله هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33] أن ذلك تام، فقال صلى الله علي وسلم: { إنه سيكون من ذلك ما شاء الله }.

وعن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله : { إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها } [أخرجه الإمام مسلم].

ومن ذلك أيضاً قوله : { ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل به الكفر } [أخرجه الإمام أحمد وغيره عن تميم الداري رضي الله تعالى عنه]، ثم قال تميم بعد أن ساق الحديث: ( قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من كان كافراً منهم الذل والصغار والجزية ).


السبب الخامس: الحذر من اليأس والقنوط:

وقتل الهمم والعزائم لكثرة ما يرى ويسمع من مصاب الإسلام في أي مكان أو زمان، فعلى المسلم أن يغلق عن نفسه باب اليأس والقنوط بأحكم الأقفال وأوثقها، وأن يحسن الظن بالله تعالى، وأن يستشعر معاني الآيات المحذرة والمرهبة من اليأس، كقوله تعالى: لا تَقُنَطُوا مِن رحمَةِ اللّه... [الزمر:53] وقوله تعالى: وَمَن يَقنطُ من رحمة رَبِهِ إلا الضّالُونَ [الحجر:15] وقوله تعالى: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:87].

وعلى المسلم أيضاً في الوقت نفسه أن يتذكر النصوص المبشرة والدالة على حصول اليسر بعد العسر، كما في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ [يوسف:110] إلى غير ذلك من النصوص والأخبار التي تذكي العزائم، وتشحذ الهمم.


السبب السادس: استشعار المسئولية:

من كل فرد من أفراد المجتمع، وذلك أن يشعر كل واحد من المسلمين مهما كان موقعه وشأنه أنه مسؤول ومساءل، فيبدأ بإصلاح نفسه وبيته، ثم تتسع دائرة الإصلاح حتى تشمل جلساءه وجيرانه ومجتمعه، وليعلم كل واحد منا أنه على ثغر من ثغور الإسلام، فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله.

فعلى الكاتب منا أن يسخر قلمه لخدمة الإسلام ونصرته، وعلى التاجر أن يراعي أولاً حق الله من زكاة ونفقه، ثم عليه أن يجعل من ماله نصيباً في دعم الإسلام والمسلمين، وليعلم أنه مهما بالغ في الإنفاق فإن ذلك خير وأنفع سبيلاً وَمَا تُقَدِمُوا لأنفُسكُم مَن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ هُو خَيُراً وأعظم أجراً [المزمل:20].

وقال : { ما نقصت صدقة من مال } [أخرجه مسلم].

شاهد المقال: أن على كل واحد أن يستشعر أنه على ثغر من ثغور الإسلام، فيؤدي ما يقدر عليه من دعم الإسلام والمسلمين مهما كان حجم ذلك الدعم، ولو كان يسيراً في نظره أو نظر الآخرين، فربما يكون ذلك اليسير عظيماً حيناً من الدهر، قال : { لا تحتقرن من المعروف شيئاً... }.


السبب السابع: عدم الاغترار:

بل الحذر من الاغترار بالكثرة، والعُجب بالعدة والعتاد، فالكثرة لا تنفع أصحابها شيئاً إذا كانت النفوس صغاراً.


وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام

فالتفاخر بكثرة العدد مذموم شرعاً، بل في غالب أمره يؤدي بأصحابه إلى العجب ثم الانهزامية، وقد جاءت نصوص تبين ذم الكثرة العددية في غالب أحوالها، كما في قوله تعالى: وَإن تُطِعُ أكثَر مَن فِي الأرضِ يُضلُوكَ عَن سَبيلِ اللّهِ [الأنعام:116].

وَمَا يُؤمِنُ أكَثَرُهُم بِاللّهِ إلا وَهُم مُشرِكُونَ [يوسف:106].

وَمَا أكثرُ النّاسِ وَلَو حَرصُتَ بِمُؤمِنينَ [يوسف:103].

كَم مِن فِئةٍ قَليلةٍ غَلَبت فِئَةٌ كَثِيرةٌ بإذن اللّه [البقرة:249].

اعمَلُوا آل دَاوُودَ شُكراً وَقليلٌ مَن عِبادي الشكُورُ [سبأ:13].

وَإن كَثِيراً مِنَ الخُلطَاء لَيبغي بَعُضُهمُ عَلَى بَعضٍ إلا الّذين آمنوا وَعَمَلُوا الصالحَاتِ وَقليلٌ مَا هَم [ص:24]. إلى غير ذلك من الآيات.

وأما السنة: فعن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله : { يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها } قال: قلنا: يارسول الله، أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: { أنتم كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن }، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: { حب الحياة، وكراهية الموت } [رواه الإمام أحمد وغيره].


السبب الثامن : جتناب المعاصي .

والحذر والتحذير منها، فالمعاصي مفتاح لكل شر، ومغلاق لكل خير، وبسببها يتصدع كيان الأمة وتزول هيبتها، وتكون مقودة بعد أن كانت قائدة، قال : { إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم }.


السبب التاسع: التنبه لمكائد الأعداء:

والحذر منها؛ لأنها تتنامى وتزداد بحسب تجاهلها وعدم إلقاء البال لها، وفي الوقت نفسه تتبلد أحاسيس كثير من الناس تجاهها، ومن ثم يستمرئونها ويتأقلمون عليها.

شاهد المقال: أن كيد شياطين الإنس والجن مستمر في شره واستفحاله، والواجب على كل مسلم أن يحذر ويحذر من الخداع ببريقه.


السبب العاشر: عدم التهويل من شأن العدو:

إلى حد إدخال الرعب في قلوب ضعاف الإيمان واليقين، وذلك بذكر عدد العدو، وعدته، وعتاده بصورة تظهره بمظهر الغالب الذي لا يُغلب، فهذا مما يعين على فقدان الشعور، بل مجرد التفكير بالنصر.

ولا شك ولا ريب أن هذا من الخطورة بمكان، إذ أن الهزيمة النفسية أعظم من الهزيمة الحسية، فالهزيمة الحسية، مؤقتة بوقت تزول بزواله، أما المعنوية فتبقى ملازمة أصحابها أمداً طويلاً.

وبكل حال: فالحذر الحذر من التضخيم والمبالغة في إظهار العدو، بل الأولى بالمسلم أن يكون سبباً في شحذ الهمم والعزائم، وحث النفوس على حسن الظن بالله تعالى، وكذلك على فعل ما يستطاع من الأسباب والوسائل التي تكون عوناً - بعد الله تعالى - في هزيمة العدو وكسر شوكته وَأعِدوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُو اللّهِ وَعَدُوكُم [الأنفال:60].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إلى دينهم رداً جميلاً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
نقل من نشرة صدرة من دار القاسم .

أبوأنس العتيبي
20 Dec 2003, 04:12 PM
السلام عليكم
مشاركة رائعة
:)