shorian
18 Aug 2008, 01:41 PM
شرف النساء باعتناق الإسلام
وقصة الأخت/ شرف النساء تعطي مثالاً في الفرق بين الأسرة قبل الإسلام... وبعد الإسلام فلم تكن حياة الإنسان سعيدة بوجود أبيه وأمه على قيد الحياة فحسب، بل لابد لحياته أن يكون لها نظام، وأمل يعيش من أجله، وهدف يعرف منه الإنسان لماذا خلقه الله تعالى حتى يرسم لنفسه حياة دينية مفعمة بالحب لخالقه، وحبه لوالديه وكل من هو حوله... وهذا ما سوف نعرفه في هذه القصة من خلال الحلم السامي " لا إله إلا الله".
نشأتها
ولدت في قرية صغيرة من قرى سريلانكا تلك البلد التي تتعدد فيها الديانات فهناك النصرانية والبوذية والهندوسية والكل يعبد ما تهواه نفسه... بالإضافة إلى الدين الإسلامي الحنيف، تختلط حياة الناس من كل الأديان ويعيشون جنباً إلى جنب وكل إنسان يتصف بأخلاق دينه وتظهر عليه علامات توضح منهجه في الحياة... فالمسلمون يذهبون إلى المساجد... عندما يرتفع صوت المؤذن وكذلك النصارى يرتادون الكنائس كلما دق ناقوس الكنيسة... ويأتي في المرتبة الأخيرة عبَّاد الأصنام من البوذيين والهندوس... وهؤلاء عبادتهم متيسرة لهم فكل منهم يتخذ إلهه حسب هواه إن كان صنماً أو شجرة أو فأراً أو شمساً أو... أو... الخ..
الرياح العاصفة
المهم أني كنت أعيش في بيت متواضع مع أبي وأمي وأختي الصغرى... في ظل هذه الأسرة عشت أمام هبوب رياح يملؤها نكد الحياة وتفكك رباط الأسرة من الناحية الدينية والاجتماعية... فلم يكن أبي متمسكاً بمبادئ دينه أو يعرف واجبات حياته الاجتماعية... فعصفت هذه الرياح بالأسرة وأدت إلى تحول حياتي إلى شبه ضياع، وأصبحت يتيمة لأب، وأبي على قيد الحياة... فالوالد يجب عليه أن يرعى أسرته ويظلل بجناحيه على أسرته ويخلق فيها الهدوء والأمان ولكن أين الوالد من هذه الصفات ... لم يكن أبي من الآباء الذين يقدرون مسئولية أبنائهم ولم يكن من الأزواج الذين يعرفون الحب والمودة لنسائهم، كان كثير التغيب عن البيت يقضى معظم أوقاته مع رفاقه يتسكع في المقاهي وقوارع الطرق، وكأنه ليس لديه أسرة !!
لم يكن حريصاً على رعايتنا أو الإنفاق علينا.. مما جعلنا في حالة شديدة من البؤس وطغي على حياتنا جواً ذا صيف حار نحتاج فيه إلى من يلطف من حولنا المنزل بنسيم الربيع البارد. وأصبحت العلاقة بين أبي وأمي واهيةً وصار بيتنا كبيت العنكبوت قابل للتفكك في أي وقت... ولم يعد للصفات الزوجية مكاناً في حياة أمي وأبي ... وكان الطلاق هو نهاية المطاف.
الحياة القاسية
أصبحت ظروفنا المعيشية صعبة جداً وكشرت لنا الحياة عن أنيابها فنحن الآن بلا عائل.. ومن أين لأمي أن تسد رمقنا أو تصرف علينا.. فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة... والجو أمسى على الأسرة خريفاً تساقطت فيه أوراق الحنان والرحمة الأسرية .. وطارت واحترقت فيه زهور العطف الفطري .. فأين الوالد ... وأين هو الآن؟؟
رعاية عمي
بدأت حاجتنا تتزايد يوماً بعد يوم إلى الغذاء والكساء ومصاريف المدرسة... لجأنا إلى عمي ووجد نفسه أمام الأمر الواقع... ورق لحالتنا ... وبدأ ينفق علينا ويمد يده لمساعدتنا ... فصفاته تختلف تماماً عن صفات والدي رويداً رويداً ... أخذ يرعاني أنا ووالدتي وأختي .
زوجة عمي القاسية
لما بلغت الثامنة من عمري تزوج عمي بامرأة تشبه أبي في عدم العطف والرحمة، وتسببت في قطع مساعداته لنا فتلك المرأة لم تساعدنا ولم تدع لنا باباً إلا وأوصدته وأحكمت إغلاقه!! وحولت عمي من رجل معطاء إلى رجل حبس عواطفه عنا .
زواج أمي
انتقلنا أنا وأمي إلى بيت جدي ... بيت أبيها... وبعد أن قضينا فترة قصيرة في هذا البيت ... تقدم رجل مسلم للزواج من أمي، وافقت أمي أن تعيش حياتها في ظل رجل يحميها من الصواعق وسيول الحياة الجارفة.
واجهت أمي معارضة من أهلنا بسبب اختلاف الدين ولكن الظروف المعيشية كانت في صالح الأم أن تحسم لها الأمر وتجعلها تقاوم كل هذه المعارضة القوية... وذلك لتحمي نفسها من الضياع ... ووافقت دون تردد على الزواج من الرجل المسلم وبذلك تستطيع أمي أن تحمينا من مهبات الرياح، ولتحصل على سند واعتبار بين المجتمع علاوة على الحفاظ على شرفها بيد أن الأمر الذي جعل أمي تتمسك بقوة بالزواج من هذا المسلم هي أخلاقه وصفاته الحسنة التي طمأنت أمي... فكل ما أمره به دينه كان يؤديه.
الحياة تبتسم من جديد
بدأت الحياة تبتسم لي في ظل هذه الأسرة .. في كنف الرجل المسلم الذي يعرف حقوقه وواجباته حول بيته. كان ورعاً خلوقاً بالفعل... يؤدي الصلاة في وقتها ... كثير الذهاب إلى المسجد.
إسلام أمي
لم تلبث أمي في بيت الزوج المسلم إلا قليلاً من الشهور واعتنقت الإسلام بفضل الله تعالى ثم بفضل أخلاق هذا الزوج المسلم الذي وجدت في رعايته الأبوة والأخوة وللعلم أن زوج أمي هذا لم يرغمها على تعاليم الإسلام أو اعتناقه بيد أن المعاملة الحسنة هي التي أرغمت أمي على الهداية والوصول إلى الطريق المستقيم.
أما أنا فكنت أعيش مع أختي الصغرى في بيت جدتي، التي تعلقت بحبها كثيراً، حيث أنها كانت تظلل عليَّ بحنانها، وتنصحني كثيراً فلم أطق يوماً فراقها ولو للحظة، ولكن كنت أقوم بزيارة أمي في أيام محددة من الأسبوع، كنت ألمس الأبوة في عيون هذا الرجل الذي يتميز بسعة قلبه ورجاحة عقله فلم يكن يفرق بيني وبين ابنته من أمي، فقد كان يعاملنا بالتساوي في العطف والحب والحنان، وكأنه نهراً فياضا.
كان يعبر بمشاعره بطرق مختلفة منها شراء الهدايا، واصطحابنا معه إلى أماكن النزهة والترفيه الشيء الذي فقدته مع والدي الذي أنا من صُلبه.
ورغم ذلك لم أحبذ الانتقال للعيش مع أمي بسبب حب جدتي لي وهي والدة أمي، فلم ترض أن أفارقها.
الحديث عن الإسلام
وفي ظل الزيارات المتعددة التي كنت أزور فيها أمي وزوجها، كانا يحدثاني عن الإسلام، وكانت أمي تحاول إقناعي بأن هذا الدين هو دين الأمن والسلام للفرد والأسرة والمجتمع، كما رأيت الفرق بين حياتي في ظل أبي غير المسلم، وفي ظل زوج أمي المسلم، كانت دائماً تقول لي: إن الإسلام يرد على جميع التساؤلات التي ترد إلى ذهن الانسان في كثير من الأمور الدينية، ولكن كل ذلك دون جدوى.
نقطة التحول في حياتي
في سن الرابعة عشر من عمري، جذبني حنان الأبوة لهذا الرجل الذي وجدته عوضاً عن أبي، وذهبت للعيش معهم لمدة سنتين، وكانت تلك الفترة نقطة التحول في حياتي، فقد كان لشدة ورعه الأثر البالغ في نفسي، بالإضافة إلى ذلك فقد كان يقص علينا قصص الأنبياء عليهم السلام، وحياة الصالحين والصحابة الكرام رضوان الله عليهم، مبيناً أن الحضارة الإنسانية بدأت ببعث الرسل والأنبياء، وكان يركز من خلال أحاديثه على القيم والمبادئ الدينية المستفادة من تلك القصص المفيدة.
الدعوة غير المباشرة
وبهذه الطريقة كان يعرفني بالإسلام وتعاليمه، ويشرحها لي دون أن أشعر بأنه يحاول إقناعي بالإسلام، ونظراً لأني كنت في سن المراهقة وأبحث عن الحرية حسب فهمي واعتقادي، فقد كنت في نفس الوقت أخاف أن أفتقدها في ظل الإسلام.
وبعد مرحلة التعرف على الإسلام وفهم سماحته وجمال الحياة في هذا الدين، بدأ يعطيني بعض الكتب والكتيبات الإسلامية والأشرطة لزيادة فهم الإسلام، لأني كنت أحب القراءة.
وبهذه الصفة كنت متفوقة دائماً في دراستي .
الرؤيا الرائعة
وفي ذات ليلة من الليالي، وبينما أنا غارقة في سبات عميق، رأيت جبلا كبيرا يخر هداً ويتحطم ويتحول إلى كوم تراب ويظهر مكانه نور وتخرج من وسطه عبارة "لا إله إلا الله" يا إلهي ما أجمل هذا ... إنها هدية رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى ... وعندما استيقظت صباحاً على الفور تذكرت هذه الرؤيا الرائعة، وأسرعت إلى أمي وذكرت لها ما حدث هي وزوجها... لقد فرحا أشد الفرح وبشراني، بأنه خير بإذن الله وابتسم كل منهما للآخر.
الرؤيا الثانية
وبعد يومين من هذا رأيت أيضا رؤيا لم تغب عن بالي حتى اليوم، وكانت تلك الرؤيا تتكرر دائماً كلما نمت، والذي كان يحدث أنني أشاهد رجالاً من العرب يرتدون ملابس بيضاء، وهم يشكلون دائرة, وأنا بينهم في وسط هذه الدائرة، وكانوا يرددون عبارات جميلة باللغة العربية وأنا أرددها خلفهم، وذلك دون أن أعرف هذه اللغة، وكالعادة أسرعت إلى أمي وزوجها وقصصت لهما ما حدث.
ما معني هذه العبارات؟ وما تفسير هذه الرؤيا؟
وبجواب زوج أمي وتفسيره لها أثلج صدري، وازداد تلهفي لمعرفة الكثير عن الإسلام وزادت قراءتي لهذا الدين.
ولما انتهيت من الامتحانات في هذه السنة الدراسية وهي آخر مراحل الثانوية – كانت الساعات تمر ببطء وكأنها سنين حيث كنت متلهفة لمعرفة النتيجة.
النجاح في الدراسة
وبعد ظهور النتائج ذهبت إلى المدرسة لأعرف نتيجتي، ووقعت عيناي على درجاتي العالية، طرت فرحاً... وانطلقت مسرعة إلى أمي لأبشرها بنجاحي والتفوق.
عانقتني وعيناها تذرفان بالدمع، وجاشت بالبكاء وتذكرت كم كانت حياتها قبل الإسلام، وهي الآن في مأمن وفي حمى دين عظيم، ثم قالت : مبروك يا بنتي مبروك يا حبيبتي... وأسرعت إلى أبي أيضاً الذي ربى عندي الأمل وسعة الصدر وقبل جبيني قائلاً وفقك الله يا بنتي!
اعتناق الإسلام... ومعانقة الإيمان
قلت له إن التوفيق حقيقة هو من عند الله بفضل الإسلام وأخلاقه ونبله وحفاظه على حياة الإنسانية، وكرامته للمرأة كل هذا جعلني أتفوق في ظل الأسرة المسلمة، والآن هناك بشرى عظيمة هي أعظم من نجاحي، هذه النتيجة سوف تكون النجاح في الدنيا وفي الآخرة، وهي الفوز الحقيقي للإنسان ... وقد طال شوقي لأن أظهر حبي للإسلام والمسلمين.. قالت ... أمي ... هيا يا بنتي شوقتينا... قولي لنا ما هي البشرى؟!
البشرى : النطق بالشهادتين
أماه ... البشرى هي أعظم بشرى في تاريخ البشر ... الإسلام إني أريد أن أعتنق الإسلام... فخرت أمي على وجهها ساجدة لرب العالمين بالبكاء وهي تردد الحمد لله رب العالمين... ولم تكن البشرى عند زوج أمي أقل فرحاً عنها ... فصاح بالتكبير الله اكبر .. الله أكبر ورفع يداه إلى السماء، يحمد ربه ودموعه على خديه الحمد لله الذي جعل مني سبباً في الهداية – أحمدك يا رب أحمدك يا رب ... وفي هذه اللحظات التي لا تنسى وهي ميلادي الحقيقي " نطقت الشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله" وبرئت من كل دين يخالف الإسلام، بعدما كان يرددها أمامي زوج أمي، وأصبحت مسلمة محبة للإسلام... والقراءة عنه وسوف أحاول أن أرد الجميل لهذا الدين الذي أخرجني من الضياع وحقق لي الأمان ووجدته حضناً دافئاً، وسأدعو إليه.
فشتان الفرق بين الأسرة المسلمة، وغيرها... ومثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى... فالحمد لله الذي هداني للإسلام وما كان لي ذلك إلا أن هداني الله، الذي عوضني عن أبي وأعطاني والداً مربيا يعرف ربه حق المعرفة فجزاه الله عني خير الجزاء.
وبعد ذلك جئت للكويت للعمل فوجدتها هي أمان من لا أمان له، وشعرت بالإسلام يتحرك على ظهر هذه الأرض من خلال المعاملة الإسلامية الراقية، والسلوك الإسلامي الفائق، وكيف لا والمآذن في كل مكان، ينطلق منها في اليوم – خمس مرات – صيحة الله أكبر التي تتعانق مع تسبيح الملائكة الكرام، وصلي الله على الحبيب محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
نقلا (http://www.ipc-kw.com/arabic/ipc-story-18.html)
وقصة الأخت/ شرف النساء تعطي مثالاً في الفرق بين الأسرة قبل الإسلام... وبعد الإسلام فلم تكن حياة الإنسان سعيدة بوجود أبيه وأمه على قيد الحياة فحسب، بل لابد لحياته أن يكون لها نظام، وأمل يعيش من أجله، وهدف يعرف منه الإنسان لماذا خلقه الله تعالى حتى يرسم لنفسه حياة دينية مفعمة بالحب لخالقه، وحبه لوالديه وكل من هو حوله... وهذا ما سوف نعرفه في هذه القصة من خلال الحلم السامي " لا إله إلا الله".
نشأتها
ولدت في قرية صغيرة من قرى سريلانكا تلك البلد التي تتعدد فيها الديانات فهناك النصرانية والبوذية والهندوسية والكل يعبد ما تهواه نفسه... بالإضافة إلى الدين الإسلامي الحنيف، تختلط حياة الناس من كل الأديان ويعيشون جنباً إلى جنب وكل إنسان يتصف بأخلاق دينه وتظهر عليه علامات توضح منهجه في الحياة... فالمسلمون يذهبون إلى المساجد... عندما يرتفع صوت المؤذن وكذلك النصارى يرتادون الكنائس كلما دق ناقوس الكنيسة... ويأتي في المرتبة الأخيرة عبَّاد الأصنام من البوذيين والهندوس... وهؤلاء عبادتهم متيسرة لهم فكل منهم يتخذ إلهه حسب هواه إن كان صنماً أو شجرة أو فأراً أو شمساً أو... أو... الخ..
الرياح العاصفة
المهم أني كنت أعيش في بيت متواضع مع أبي وأمي وأختي الصغرى... في ظل هذه الأسرة عشت أمام هبوب رياح يملؤها نكد الحياة وتفكك رباط الأسرة من الناحية الدينية والاجتماعية... فلم يكن أبي متمسكاً بمبادئ دينه أو يعرف واجبات حياته الاجتماعية... فعصفت هذه الرياح بالأسرة وأدت إلى تحول حياتي إلى شبه ضياع، وأصبحت يتيمة لأب، وأبي على قيد الحياة... فالوالد يجب عليه أن يرعى أسرته ويظلل بجناحيه على أسرته ويخلق فيها الهدوء والأمان ولكن أين الوالد من هذه الصفات ... لم يكن أبي من الآباء الذين يقدرون مسئولية أبنائهم ولم يكن من الأزواج الذين يعرفون الحب والمودة لنسائهم، كان كثير التغيب عن البيت يقضى معظم أوقاته مع رفاقه يتسكع في المقاهي وقوارع الطرق، وكأنه ليس لديه أسرة !!
لم يكن حريصاً على رعايتنا أو الإنفاق علينا.. مما جعلنا في حالة شديدة من البؤس وطغي على حياتنا جواً ذا صيف حار نحتاج فيه إلى من يلطف من حولنا المنزل بنسيم الربيع البارد. وأصبحت العلاقة بين أبي وأمي واهيةً وصار بيتنا كبيت العنكبوت قابل للتفكك في أي وقت... ولم يعد للصفات الزوجية مكاناً في حياة أمي وأبي ... وكان الطلاق هو نهاية المطاف.
الحياة القاسية
أصبحت ظروفنا المعيشية صعبة جداً وكشرت لنا الحياة عن أنيابها فنحن الآن بلا عائل.. ومن أين لأمي أن تسد رمقنا أو تصرف علينا.. فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة... والجو أمسى على الأسرة خريفاً تساقطت فيه أوراق الحنان والرحمة الأسرية .. وطارت واحترقت فيه زهور العطف الفطري .. فأين الوالد ... وأين هو الآن؟؟
رعاية عمي
بدأت حاجتنا تتزايد يوماً بعد يوم إلى الغذاء والكساء ومصاريف المدرسة... لجأنا إلى عمي ووجد نفسه أمام الأمر الواقع... ورق لحالتنا ... وبدأ ينفق علينا ويمد يده لمساعدتنا ... فصفاته تختلف تماماً عن صفات والدي رويداً رويداً ... أخذ يرعاني أنا ووالدتي وأختي .
زوجة عمي القاسية
لما بلغت الثامنة من عمري تزوج عمي بامرأة تشبه أبي في عدم العطف والرحمة، وتسببت في قطع مساعداته لنا فتلك المرأة لم تساعدنا ولم تدع لنا باباً إلا وأوصدته وأحكمت إغلاقه!! وحولت عمي من رجل معطاء إلى رجل حبس عواطفه عنا .
زواج أمي
انتقلنا أنا وأمي إلى بيت جدي ... بيت أبيها... وبعد أن قضينا فترة قصيرة في هذا البيت ... تقدم رجل مسلم للزواج من أمي، وافقت أمي أن تعيش حياتها في ظل رجل يحميها من الصواعق وسيول الحياة الجارفة.
واجهت أمي معارضة من أهلنا بسبب اختلاف الدين ولكن الظروف المعيشية كانت في صالح الأم أن تحسم لها الأمر وتجعلها تقاوم كل هذه المعارضة القوية... وذلك لتحمي نفسها من الضياع ... ووافقت دون تردد على الزواج من الرجل المسلم وبذلك تستطيع أمي أن تحمينا من مهبات الرياح، ولتحصل على سند واعتبار بين المجتمع علاوة على الحفاظ على شرفها بيد أن الأمر الذي جعل أمي تتمسك بقوة بالزواج من هذا المسلم هي أخلاقه وصفاته الحسنة التي طمأنت أمي... فكل ما أمره به دينه كان يؤديه.
الحياة تبتسم من جديد
بدأت الحياة تبتسم لي في ظل هذه الأسرة .. في كنف الرجل المسلم الذي يعرف حقوقه وواجباته حول بيته. كان ورعاً خلوقاً بالفعل... يؤدي الصلاة في وقتها ... كثير الذهاب إلى المسجد.
إسلام أمي
لم تلبث أمي في بيت الزوج المسلم إلا قليلاً من الشهور واعتنقت الإسلام بفضل الله تعالى ثم بفضل أخلاق هذا الزوج المسلم الذي وجدت في رعايته الأبوة والأخوة وللعلم أن زوج أمي هذا لم يرغمها على تعاليم الإسلام أو اعتناقه بيد أن المعاملة الحسنة هي التي أرغمت أمي على الهداية والوصول إلى الطريق المستقيم.
أما أنا فكنت أعيش مع أختي الصغرى في بيت جدتي، التي تعلقت بحبها كثيراً، حيث أنها كانت تظلل عليَّ بحنانها، وتنصحني كثيراً فلم أطق يوماً فراقها ولو للحظة، ولكن كنت أقوم بزيارة أمي في أيام محددة من الأسبوع، كنت ألمس الأبوة في عيون هذا الرجل الذي يتميز بسعة قلبه ورجاحة عقله فلم يكن يفرق بيني وبين ابنته من أمي، فقد كان يعاملنا بالتساوي في العطف والحب والحنان، وكأنه نهراً فياضا.
كان يعبر بمشاعره بطرق مختلفة منها شراء الهدايا، واصطحابنا معه إلى أماكن النزهة والترفيه الشيء الذي فقدته مع والدي الذي أنا من صُلبه.
ورغم ذلك لم أحبذ الانتقال للعيش مع أمي بسبب حب جدتي لي وهي والدة أمي، فلم ترض أن أفارقها.
الحديث عن الإسلام
وفي ظل الزيارات المتعددة التي كنت أزور فيها أمي وزوجها، كانا يحدثاني عن الإسلام، وكانت أمي تحاول إقناعي بأن هذا الدين هو دين الأمن والسلام للفرد والأسرة والمجتمع، كما رأيت الفرق بين حياتي في ظل أبي غير المسلم، وفي ظل زوج أمي المسلم، كانت دائماً تقول لي: إن الإسلام يرد على جميع التساؤلات التي ترد إلى ذهن الانسان في كثير من الأمور الدينية، ولكن كل ذلك دون جدوى.
نقطة التحول في حياتي
في سن الرابعة عشر من عمري، جذبني حنان الأبوة لهذا الرجل الذي وجدته عوضاً عن أبي، وذهبت للعيش معهم لمدة سنتين، وكانت تلك الفترة نقطة التحول في حياتي، فقد كان لشدة ورعه الأثر البالغ في نفسي، بالإضافة إلى ذلك فقد كان يقص علينا قصص الأنبياء عليهم السلام، وحياة الصالحين والصحابة الكرام رضوان الله عليهم، مبيناً أن الحضارة الإنسانية بدأت ببعث الرسل والأنبياء، وكان يركز من خلال أحاديثه على القيم والمبادئ الدينية المستفادة من تلك القصص المفيدة.
الدعوة غير المباشرة
وبهذه الطريقة كان يعرفني بالإسلام وتعاليمه، ويشرحها لي دون أن أشعر بأنه يحاول إقناعي بالإسلام، ونظراً لأني كنت في سن المراهقة وأبحث عن الحرية حسب فهمي واعتقادي، فقد كنت في نفس الوقت أخاف أن أفتقدها في ظل الإسلام.
وبعد مرحلة التعرف على الإسلام وفهم سماحته وجمال الحياة في هذا الدين، بدأ يعطيني بعض الكتب والكتيبات الإسلامية والأشرطة لزيادة فهم الإسلام، لأني كنت أحب القراءة.
وبهذه الصفة كنت متفوقة دائماً في دراستي .
الرؤيا الرائعة
وفي ذات ليلة من الليالي، وبينما أنا غارقة في سبات عميق، رأيت جبلا كبيرا يخر هداً ويتحطم ويتحول إلى كوم تراب ويظهر مكانه نور وتخرج من وسطه عبارة "لا إله إلا الله" يا إلهي ما أجمل هذا ... إنها هدية رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى ... وعندما استيقظت صباحاً على الفور تذكرت هذه الرؤيا الرائعة، وأسرعت إلى أمي وذكرت لها ما حدث هي وزوجها... لقد فرحا أشد الفرح وبشراني، بأنه خير بإذن الله وابتسم كل منهما للآخر.
الرؤيا الثانية
وبعد يومين من هذا رأيت أيضا رؤيا لم تغب عن بالي حتى اليوم، وكانت تلك الرؤيا تتكرر دائماً كلما نمت، والذي كان يحدث أنني أشاهد رجالاً من العرب يرتدون ملابس بيضاء، وهم يشكلون دائرة, وأنا بينهم في وسط هذه الدائرة، وكانوا يرددون عبارات جميلة باللغة العربية وأنا أرددها خلفهم، وذلك دون أن أعرف هذه اللغة، وكالعادة أسرعت إلى أمي وزوجها وقصصت لهما ما حدث.
ما معني هذه العبارات؟ وما تفسير هذه الرؤيا؟
وبجواب زوج أمي وتفسيره لها أثلج صدري، وازداد تلهفي لمعرفة الكثير عن الإسلام وزادت قراءتي لهذا الدين.
ولما انتهيت من الامتحانات في هذه السنة الدراسية وهي آخر مراحل الثانوية – كانت الساعات تمر ببطء وكأنها سنين حيث كنت متلهفة لمعرفة النتيجة.
النجاح في الدراسة
وبعد ظهور النتائج ذهبت إلى المدرسة لأعرف نتيجتي، ووقعت عيناي على درجاتي العالية، طرت فرحاً... وانطلقت مسرعة إلى أمي لأبشرها بنجاحي والتفوق.
عانقتني وعيناها تذرفان بالدمع، وجاشت بالبكاء وتذكرت كم كانت حياتها قبل الإسلام، وهي الآن في مأمن وفي حمى دين عظيم، ثم قالت : مبروك يا بنتي مبروك يا حبيبتي... وأسرعت إلى أبي أيضاً الذي ربى عندي الأمل وسعة الصدر وقبل جبيني قائلاً وفقك الله يا بنتي!
اعتناق الإسلام... ومعانقة الإيمان
قلت له إن التوفيق حقيقة هو من عند الله بفضل الإسلام وأخلاقه ونبله وحفاظه على حياة الإنسانية، وكرامته للمرأة كل هذا جعلني أتفوق في ظل الأسرة المسلمة، والآن هناك بشرى عظيمة هي أعظم من نجاحي، هذه النتيجة سوف تكون النجاح في الدنيا وفي الآخرة، وهي الفوز الحقيقي للإنسان ... وقد طال شوقي لأن أظهر حبي للإسلام والمسلمين.. قالت ... أمي ... هيا يا بنتي شوقتينا... قولي لنا ما هي البشرى؟!
البشرى : النطق بالشهادتين
أماه ... البشرى هي أعظم بشرى في تاريخ البشر ... الإسلام إني أريد أن أعتنق الإسلام... فخرت أمي على وجهها ساجدة لرب العالمين بالبكاء وهي تردد الحمد لله رب العالمين... ولم تكن البشرى عند زوج أمي أقل فرحاً عنها ... فصاح بالتكبير الله اكبر .. الله أكبر ورفع يداه إلى السماء، يحمد ربه ودموعه على خديه الحمد لله الذي جعل مني سبباً في الهداية – أحمدك يا رب أحمدك يا رب ... وفي هذه اللحظات التي لا تنسى وهي ميلادي الحقيقي " نطقت الشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله" وبرئت من كل دين يخالف الإسلام، بعدما كان يرددها أمامي زوج أمي، وأصبحت مسلمة محبة للإسلام... والقراءة عنه وسوف أحاول أن أرد الجميل لهذا الدين الذي أخرجني من الضياع وحقق لي الأمان ووجدته حضناً دافئاً، وسأدعو إليه.
فشتان الفرق بين الأسرة المسلمة، وغيرها... ومثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى... فالحمد لله الذي هداني للإسلام وما كان لي ذلك إلا أن هداني الله، الذي عوضني عن أبي وأعطاني والداً مربيا يعرف ربه حق المعرفة فجزاه الله عني خير الجزاء.
وبعد ذلك جئت للكويت للعمل فوجدتها هي أمان من لا أمان له، وشعرت بالإسلام يتحرك على ظهر هذه الأرض من خلال المعاملة الإسلامية الراقية، والسلوك الإسلامي الفائق، وكيف لا والمآذن في كل مكان، ينطلق منها في اليوم – خمس مرات – صيحة الله أكبر التي تتعانق مع تسبيح الملائكة الكرام، وصلي الله على الحبيب محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
نقلا (http://www.ipc-kw.com/arabic/ipc-story-18.html)