المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الديون



ابو ريتاج
27 Jul 2008, 05:49 PM
وهي كربة تعتري بعض الناس في حياتهم لظروف معينة يمرون بها، وتشتد هذه الكربة ويزداد تأثيرها عندما يعجز المدين عن سداد دينه، فهو كما قيل: «هم في الليل وذل في النهار» وإن تراكم الأموال على الإنسان وكثرة المطالبة بها من قبل الدائنين يحرج المدين ويدخله في دوامة القلق والاضطراب، فلا يستطيع الخروج إلى الناس ومخالطتهم، وقد تؤدي هذه الحال به إلى أن يترك بلده وأهله وأحبته هروبًا من حقوق الناس عليه أو سعيًا للعمل في مكان آخر ربما يخفف عنه هذا الهم وهذه الأمانة، والدين من الأعباء والكربات التي لا تنفك عن الإنسان حتى بعد الموت، فإن هو نجا بنفسه منها في الدنيا فإنه لن تزول كربته في الآخرة لأنه حق العباد لذا كان الرسول r لا يصلي على من عليه الدين إلا أن يعفو عنه الدائن ويسامحه لعظم شأنه وحقه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلاً فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى وإلا قال للمسلمين: «صلوا على صاحبكم»، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته»([1] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn1)).
ويقول عليه الصلاة والسلام: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين»([2] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn2)).
ومن أجل ذلك كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله منه في دعائه ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال»([3] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn3)).
وطريق الخلاص من هذا الكرب في الدنيا والنجاة منه يوم القيامة أن يخلص الإنسان في طاعته وعبادته لله تعالى، ويبادر إلى الأعمال الصالحة والاستغفار والأذكار بشكل دائم، ويتقي الله تعالى في أموره كلها، فهذا هو السبيل الأعظم لإزاحة هذا الهم عن كاهله وإبداله بالفرج واليسر والسداد يقول الله تعالى: }... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{ [الطلاق: 2، 3]، وقال الله تعالى عن نوح عليه السلام في مخاطبته لقومه: }فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا{ [نوح: 10-13].
وعن علي رضي الله عنه أن مكاتبًا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله r لو كان عليك مثل جبل صير دينًا أداه الله عنك، قال: «قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك»([4] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn4)).
ولا يعني هذا ترك الأسباب، بل عملها ضروري وتركها عجز وتخاذل ولكن للتأكيد على أثر العمل الصالح في حل هذه الكربة.

([1]) «صحيح البخاري»، رقم (5371)، ص (959)، و «صحيح مسلم»، رقم (1619)، ص (707).

([2]) «صحيح مسلم»، رقم (1886)، ص (845).

([3]) «صحيح البخاري»، رقم (6369)، ص (1106)، و «صحيح مسلم»، رقم (2706)، ص (1176).

([4]) «جامع الترمذي»، رقم (3563)، ص (812)، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.