المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الإخلاص



زاد الرحيل
03 Jul 2008, 09:27 PM
حقيقة الإخلاص


بعض الناس يسمع بالإخلاص ،
فيظن أنَّ الإخلاص أن يقول : نويت أتعلم لله ، أو مثل ذلك ،
وما مثله إلا كمثل رجل جائع ، وأمامه طعام ،
وهو يقول : نويت أن آكل . فهل بهذا شبع ؟!!
أو مثل رجل عطش فقال : نويت أن أرتوي ،
فهل بهذا ارتواء ؟!! لا والله ، بل الإخلاص شيء آخر .



الإخلاص : انبعاث القلب إلى جهة المطلوب التماسًا .

وقال بعضهم : الإخلاص تغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله تعالى .

وقيل : الإخلاص سر بين الله وبين العبد ، لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده ، ولا هوى فيميله .


فالإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين ،

فمتى أفردت ربك بالطاعة ،

ونسيت رؤية الخلق بدوام نظرك إلى الخالق ، فقد تحقق لك الإخلاص .



روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان برقم ( 54 ) فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ .


.
.
.

زاد الرحيل
03 Jul 2008, 09:30 PM
كيف أخلص ؟

قيل لسهل التستري ـ رحمه الله ـ : أي شيء أشد على النفس ؟!!
قال : الإخلاص إذ ليس لها فيه نصيب. .

فالنفس تحب الظهور والمدح والرياسة ،
وتميل إلى البطالة والكسل ،
وزينت لها الشهوات ولذلك قيل : تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال .

وقال بعضهم : إخلاص ساعة نجاة الأبد ، ولكن الإخلاص عزيز .

وقال بعضهم لنفسه : اخلصي تتخلصي .

وقال : طوبى لمن صحت له خطوة لم يرد بها إلا وجه الله .

كان سفيان الثوري يقول : قالت لي والدتي : يا بُني لا تتعلم العلم إلا إذا نويت العمل به ،
وإلا فهو وبال عليك يوم القيامة .

وقد قيل لذي النون المصري ـ رحمه الله تعالى ـ : متى يعلم العبد أنه من المخلصين ؟
فقال: إذا بذل المجهود في الطاعة ، وأحب سقوط المنزلة عند الناس .

وقيل ليحيى بن معاذ ـ رحمه الله تعالى ـ : متى يكون العبد مخلصاً ؟
فقال : إذا صار خلقه كخلق الرضيع ، لا يبالي من مدحه أو ذمه .

وأمَّا الزهد في الثناء والمدح ، فيسهله عليك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ،
ويضر ذمه ويشين ، إلا الله وحده .

فازهد في مدح من لا يزينك مدحه ، وفي ذم من لا يشينك ذمه ،
وارغب في مدح مَن كل الزين في مدحه، وكل الشين في ذمه ،
ولن يُقدَر على ذلك إلا بالصبر واليقين ،
فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البر في غير مركب .

قال تعالى : (( فاصبر إنَّ وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )) [ الروم / 60 ]

وقال تعالى : (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )) [ السجدة/24 ]


.
.
.

زاد الرحيل
03 Jul 2008, 09:31 PM
معوقات الإخلاص وعلاجها :

1) الطمع : وعلاجه اليأس مما في أيدي الناس ، وتعلق القلب بالله والرغبة فيما عنده .

2) حب المدح : وعلاجه علمك أنَّ الممدوح حقًا من رضي الله عنه وأحبه ، وإنْ ذمَّه الناس .
وقال آخر : لن يكون العبد من المتقين حتى يستوي عنده المادح والذام .

3) الرياء :
فعلى طالب الإخلاص أن يعلم أنَّ الخلق لا ينفعونه ولا يضرونه حقيقة ، فلا يتشاغل بمراعاتهم ، فيتعب نفسه ، ويضر دينه ، ويحبط عمله كله ، ويرتكب سخط الله تعالى ، ويفوت رضاه ، واعلم أنَّ قلب من ترائيه بيد من تعصيه .

4) العجب :
وطريقة نفي الإعجاب أن يعلم أنَّ العمل فضل من الله تعالى عليه ، وأنه معه عارية ، فإنَّ لله ما أخذ ، ولله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فينبغي ألا يعجب بشيء لم يخترعه ، وليس ملكاً له ، ولا هو على يقين من دوامه .

5) احتقار الآخرين واستصغارهم وازدرائهم :
وطريقة نفي الاحتقار التأدب بما أدبنا الله تعالى به . قال تعالى : " فلا تزكوا أنفسكم " [ النجم/ 32 ] . وقال تعالى : " إنَّ أكرمكم عند الله اتقاكم" [الحجرات/13] ، فربما كان هذا الذي يراه دونه أتقى لله تعالى ، وأطهر قلباً ، وأخلص نية ، وأزكى عملاً ، ثم إنه لا يعلم ماذا يختم له به .





.
.
.

زاد الرحيل
03 Jul 2008, 09:35 PM
وفى النهاية إليكم تلك النصيحة :
وفي الختام لا يفوتنا هنا التنبيه على أنه لا ينبغي لطالب العلم
أن ينقطع عن الطلب لعدم خلوص نيته ، فإن حسن النية مرجو له ببركة العلم .

قال كثير من السلف : طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله .

وقال غيره : طلبنا العلم وما لنا فيه كبير نية ، ثم رزقنا الله النية بعد .أي فكان عاقبته أن صار لله. .

قيل للإمام أحمد بن حنبل : إن قوماً يكتبون الحديث ، ولا يُرى أثره عليهم ، وليس لهم وقار .
فقال : يؤولون في الحديث إلى خير .

وقال حبيب بن أبى ثابت : طلبنا هذا العلم ، وما لنا فيه نية ، ثم جاءت النيةُ والعملُ بعد .

فالعبد ينبغي عليه ألا يستسلم ، بل يحاول معالجة نيته ، وإن كانت المعالجة شديدة في أول الأمر.

يقول سفيان الثورى : ما عالجت شيئاً أشد علىَّ من نيتي

فعلى طالب العلم أن يحسِّن نيته ، ويحرر الإخلاص ، ويجرد التوحيد .

فمن أخلص في طلب العلم نيته ، وجدد للصبر عليه عزيمته ، كان جديراً أن ينال منه بُغيتَه .






.
.
.

العزة للاسلام
03 Jul 2008, 10:30 PM
فالعبد ينبغي عليه ألا يستسلم ، بل يحاول معالجة نيته ، وإن كانت المعالجة شديدة في أول الأمر


جزاكم الله خيراً

النجم القريب
05 Jul 2008, 02:12 AM
بارك الله فيك في كل مكان وزمان

زاد الرحيل
05 Jul 2008, 02:54 AM
اللهم آمين واياكم جميعاً ..