المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسلمة بريطانية ... والحجاب في حقيبة اليد ...



الحزين للأبد
29 Oct 2006, 09:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

"منقول ومترجم بتصرف من مقال نُشر في الجارديان البريطانية، لكاتبة بريطانية مسلمة سمت نفسها عائشة خان.."

.. ها أنا أرى فتاة في مانشستر في محطة بيكاديللي. وهي ذات وجه بملامح مهادنة وهادئة وبعينين بنيتين مخمليتين، ولكن الذي أخذ بمجامع قلبي هو ذلك الملفعُ القطني الأبيض الذي يحجب رأسها. الناس حولنا يعرفون أنها مسلمة بسبب حجابها.. وتمنيت وقتها لو كان مظهري يعطي ذات الانطباع!

الحقيقة أني حسدتها، لأني أنا ضعيفة جدا، ولا أملك الشجاعة ولا التصميم كي أضع الحجاب. وخوفي مصدره هذا الرعب بأن تُسد الأبواب في وجهي، وأني لن أكوِّن أصدقاء لأن مظهري سيترك الانطباع الأول والأخير. إذن لست خائفة من الإسلام كي لا أضع الحجاب، ولكن الخوف ذاته هو الذي يمنعني.

إني أعيش نصف حياة، أو حياة مزدوجة.. لا فرق، كلاهما حياة ناقصة، حياة لم تكتمل. فإني لست مسلمة كما يفرض علي الإسلام أن أكون، ولست غربية بكل ما تحمله الغربية من صفات. والدايّ ربياني كي أنشأ مسلمة، وعلماني كل شيء، ومعهما حرية القرار، كان عندي كل شيء ولكني اتخذت طريقا آخر، طريق الحرية كما اعتقدت، وانجرفت مع الحياة الغربية، لأن أصدقائي الغربيين يعطوني مساحة من الحرية في التصرف أكثر مما تبيحه لي صديقاتي من المسلمات، ولأني لم أر الدين كافيا لإرواء حاجاتي وقناعاتي من الحياة.. لقد اعتنقت مذهب الحرية ومعتقد التحرر. لقد عثرت على السلوان في مذاهب المتعة.

كنت في الثامنة عشرة عندما تركت منزلي للجامعة، ولقد تبخرت معظم معلوماتي عن الإسلام ولم يبق منها إلا ما أراه سلبيا ضد حياتي التي أحلم أن أعيشها. فالدين كان سيئا لأنه يقف حائلا ضد ما أحب أن أرتدي، وما أحب أن أشرب، وما أرغب أن أعمل. والذي أريد وأرغب هو كل ما يريده ويرغبه الجميع في الغالب الأعم من المجتمع.. لذا عزمت أن أستمتع بحياتي.

إذن أنظروا إليّ.. كنت محط الأنخاب بين أصدقائي، وكنت موضع الاحتفال، ولكني في الوقت نفسه كنت بمثابة كارثة نمشي على قدمين في وسطي الإسلامي، الذين كانوا ينظرون إليّ بنظرة رثاء مخلوطة بالازدراء. ولا أنسى أني مرة ذهبت لمحل لشراء "ما لا ينبغي لي شراؤه" ولكن الرجل في المحل ألقى عليّ تحية الإسلام: "السلام عليكم"، فنظرت إليه بنظرة فارغة لا تحمل شيئا ورددت عليه وأنا كاذبة:"ماذا؟ ماذا تقول؟ إني لا أفهم اللغة التي لتوك خاطبتني بها"، فاعتذر الرجل وأجاب بأدب: " المعذرة ظننت أنك مسلمة" ، فدلفت من الباب وأنا أهمس باكية:"كنت مسلمة." ولم يسمعني إلا قلبي وضميري.

تعاظم الإحساس بالذنب قي قلبي وصار يخنقني، خصوصا أمام عجزي لمناقشة والديّ في المسألة، أو مكاشفة صديقاتي.. وبقيت متكتمة وصامتة. لم أتكلم ولكن الصمت كان ساحقاً. كنت مسلوبة من الغرض، وفاقدة للدعم. تفاقم شعوري بالعزلة وانجرفت في مفازة الوحدة وأنا أرى بقية جماعتي من المسلمين كجزء من المجتمع الغربي من غير أن يتنازلوا عن إيمانهم. فهم عندما يتكلمون عن الإسلام ترى هذا اللمعان الصافي في عيونهم، وتسمع هذا الجرس الحلو العميق في أصواتهم، وتحملهم وعي اللحظة الجميلة من الفخر والمحبة. آه، لقد كنت يوما، من زمان، متحمسة مثل حماستهم، ولكن نمط حياتي الذي أحببته بزخرفة غربية جرفني بعيدا عن ضفاف الدين.. ولم أعد أرى السواحل.. لم أعد أتذكر من الدين إلا مقاطع كالضباب. يوما اختنقت، وضاقت بي رحاب الجامعة، فرحت أجري إلى مصلى الجامعة. وعمدت إلى تطبيق الوضوء بالترتيب الصعب حتى أهيئ نفسي وأطهر قلبي. ثم تساويت على سجادة الصلاة كي أتلو شيئا من القرآن، ولكن..

عندما حاولت أن أتلو شيئا من القرآن لم أستطع أن أتذكر شيئا.. ماذا؟ ما الذي جرى؟ كيف نسيت تلك الآيات التي كررتها مرات ومرات في طفولتي وحفظتها عن ظهر قلب.. فارتجفت، وخفت. حاولت التواصل والدعاء لله، ولكن لم تسعفني الكلمات المناسبة لقد تبخر من دماغي ومن روحي.. ولكني مع ذلك، وتحت وطأة هذا الخوف والروع والارتباك، رحت أتمتم مصلية بكلمات لا أدري كيف تصل لفمي ولا من أين تأتي. بعد ذلك الموقف في مصلى الجامعة قررت وعزمت ألا تتجمد شفتاي مرة أخرى، ألا أطلب كلمات الصلاة فلا تأتي.. لذا انغلقت بعيدا عن الناس لأيام، وانكببت على الكتب التي تعلمني ديني، ورحت ألملم هذه الشظايا من معرفتي السابقة إلى معارفي الجديدة لأكون صورة متماسكة من المعرفة للإسلام.. ديني. نمَت معرفتي يوما وراء يوم .. ثم أن شراهتي للحياة الغربية المزخرفة بدأت تضمحل أيضا كل يوم.. حتى غابت. صرت أخرج، ولكني لا أبقى في الخارج، وارتخت ثيابي علي لتغطي كامل جسدي.. ولكني حتى الآن لم أصل للحجاب الكامل.

لو لم تطرأ عليّ هذه التغيرات من الشعور الجارف والحار بالغيرة من البنت اللطيفة الرزينة التي رأيتها في محطة بيكاديللي، ولو لم أهرب من شخص مسلم ألقى عليّ السلام وأنا أشتري شيئا محرّما.. ولولا يقظة الضمير، وقرع جرس أزلي من تدين كامن لأمضيت كامل دراستي الجامعية مثل أي فتاة غربية مخفية ديني تحت ركام الزخارف.

إذن تغيرت وأنا في عشرينياتي، وتغيرت فتيات مسلمات كثيرات من عمري ووقفن بشجاعة وثبات أمام كل التحديات، ولم يعدن يضعن الحجاب في حقائبهن لما يخرجن من منازلهن أو وسطهن المسلم، ثم يرتدينه من جديد لما يعدن. بل عني فقد أصبحت مقتنعة وفرحة ومسرورة، ولم تتغير علي صديقاتي الغربيات بل زاد فهمهن لي واحترامهن.. وأنا فخورة بكوني مسلمة، ولأن بريطانيا تسمح لي قوانينها أن أقف ضد الظلم الذي قد لا أستطيع أن أدفعه عني في بلادي الأصلية، فأنا إذن فخورة بكوني مسلمة بريطانية. بقلم: عائشة خان- اسم مستعار لكاتبة شابة مسلمة

إنتهى

منقول من جريدة الجارديان البريطانية بعد الترجمة ...

الكفراوى
29 Oct 2006, 10:34 AM
مشاء اللهموضوع ممتاز يبعث فى النفس زيادة الايمان ويجعل الهمه تعلو الى عناء السماء وجزاك الله خير الجزاء:18:

أم ريوف
31 Oct 2006, 01:56 PM
نسأل الله الثبات على الدين
ونسأله جل وعلا الهداية لنا ولجميع فتيات
المسلمين الذين انغمسوا في حياة الغرب
اللهم ردهم إليك ردًا جميلا
جزاك الله خير أخي الكريم
الحزين للأبد على هذا المنقول المبارك