المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى ينطق الحجر والشجر



الباحث عن لحق
04 Dec 2003, 06:40 PM
متى ينطق الحجر والشجر؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، ناصر المستضعفين ، وقاهر الجبارين ، ومذل الطواغيت ، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين ، أول المسلمين ، رافع راية التوحيد ، صاحب الشفاعة يوم الدين .
يقول تعالى : ( انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون ) .
ويقول تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن فمن أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) .
عمت الجاهلية الأرض ، وارتفعت رايات الشرك والكفر على كل أصقاع الأرض ، ونظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من الموحدين من أهل الكتاب . وبعث الله محمداً برسالة الإسلام العظيم ليبتليه وليبتلي به الناس ، وليكون فَرقٌ بين الناس ، ليحارب من عصاه بمن اطاعه من الناس ، ولم يكن الهدف هو اخراج الناس من عبادة جنس من الناس لعبادة جنس آخر من الناس ،* لقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين ، وأخصب بلاد العرب وأغناها ليست بأيدي العرب ، وإنما في أيدي غيرهم من الأجناس ! .
بلاد الشام كلها في الشمال خاضعة للروم ، ويحكمها أمراء عرب من قبل الروم ، وبلاد اليمن كلها في الجنوب خاضعة للفرس ، يحكمها أمراء عرب من قبل الفرس ، وليست في أيدي العرب إلا الحجاز وتهامة ونجد ، وما إليها من الصحارى القاحلة التي تتناثر فيها الواحات الخصبة هنا وهناك . !
وربما قيل : أنه لو كان في استطاعة محمد صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الأمين الذي حكَّمه أشراف قريش قبل ذلك في وضع الحجر الأسود ، وارتضوا حكمه ، منذ خمسة عشر عاماً قبل الرسالة ، والذي هو في الذؤابة من بني هاشم أعلى قريش نسباً … إنه كان في استطاعته أن يثيرها قومية عربية تستهدف تجميع قبائل العرب التي أكلتها الثارات ومزقتها النزعات ، وتوجيهها وجهة قومية لاستخلاص أرضها المغتصبة من الإمبراطوريات المستعمرة … الرومان في الشمال والفرس في الجنوب … وإعلاء راية العربية والعروبة ، وإنشاء وحدة قومية في كل أرجاء الجزيرة . وربما قيل لو دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الدعوة لاستجابت له العرب قاطبة ، بدلاً من أن يعاني ثلاثة عشر عاماً في اتجاه معارض لأهواء أصحاب السلطان في الجزيرة . !
وربما قيل أن محمد صلى الله عليه وسلم كان خليقاً بعد أن يستجيب له العرب هذه الاستجابة ، وبعد أن يولوه فيهم القيادة والسيادة ، وبعد استجماع السلطان في يديه ، والمجد فوق مفرقيه ، أن يستخدم هذا كله في إقرار عقيدة التوحيد التي بُعث بها ، في تعبيد الناس لسلطان ربهم بعد أن عبدهم لسلطانه البشري . !
ولكن الله سبحانه وهو العليم الحكيم ، لم يوجه رسوله صلى الله عليه وسلم هذا التوجيه ! إنما وجهه إلى أن يصدع بـ " لا إله إلا الله " ، وأن يحتمل هو والقلة التي تستجيب له كل هذا العناء . !
لماذا ؟ إن الله سبحانه لا يريد أن يعنت رسوله والمؤمنين معه ، إنما هو سبحانه يعلم أن ليس هذا هو الطريق ، ليس الطريق أن تخلص الأرض من طاغوت روماني أو فارسي ، إلى يد طاغوت عربي . فالطاغوت كله طاغوت ! إن الأرض لله ، ويجب أن تخلص لله ، ولا تخلص لله إلا أن ترتفع عليها راية ، " لا إله إلا الله " . وليس الطريق أن يتحرر الناس في هذه الأرض من طاغوت روماني أو فارسي ، إلى طاغوت عربي ، الطاغوت كله طاغوت ! .
إن الناس عبيد لله وحده ، ولا يكونون عبيد لله وحده إلا أن ترتفع راية " لا إله إلا الله " كما يدركها العربي العارف بمدلولات لغته ، لا حاكمية إلا لله ، ولا شريعة إلا من الله ، ولا سلطان لأحد على أحد لأن السلطان كله لله ولأن الجنسية التي يريدها الإسلام للناس هي جنسية العقيدة ، التي يتساوى فيها العربي والروماني والفارسي وسائر الأجناس والألوان تحت راية الله .
وُبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين ، والمجتمع العربي كأسوأ ما يكون المجتمع توزيعاً للثروة والعدالة . وقلة قليلة تملك المال والتجارة ، وتتعامل بالربا فتتضاعف تجارتها ومالها ، وكثرة كثيرة لا تملك إلا الشظف والجوع ، والذين يملكون الثروة يملكون معها الشرف والمكانة ، وجماهير كثيرة ضائعة من المال والمجد جميعاً ! وربما لو رفعها راية اجتماعية تستهدف تعديل الأوضاع ، وتوزيع الأموال بين الأغنياء والفقراءلاستجاب الناس أسرع من الدعوة المباشرة .
لقد كان الله سبحانه يعلم أن هذا ليس هو الطريق … كان يعلم أن العدالة الاجتماعية لا بد أن تنبثق في المجتمع من تصور اعتقادي شامل ، يرد الأمر كله لله ، ويقبل عن رضى وعن طواعية ما يقضي به الله من عدالة التوزيع ، ومن تكافل الجميع ، ويستقر معه في قلب الآخذ والمأخوذ منه على حد سواء أنه ينفذ نظاماً شرعه الله ، ويرجو على الطاعة فيه الخير والحسنى في الدنيا والآخرة سواء ، فلا تمتلئ قلوب بالطمع ، ولا تمتلئ قلوب بالحقد ، ولا تسير الأمور كلها بالسيف والعصا ، وبالتخويف والإرهاب ! ولا تفسد القلوب كلها وتختنق الأرواح ، كما يقع في الأوضاع التي تقوم على غير " لا إله إلا الله " .
وكان يمكن أن تكون راية تدعوا إلى الأخلاق الفاضلة ، ولكن الله سبحانه كان يعلم أن ليس هذا هو الطريق ! كان يعلم أن الأخلاق لا تقوم إلا على أساس من عقيدة ، تضع الموازين ، وتقرر القيم ، كما تقرر السلطة التي تستند إليها هذه الموازين والقيم ، والجزاء الذي تملكه هذه السلطة ، وتوقعه على الملتزمين والمخالفين . وإنه قبل تقرير العقيدة ، وتحديد السلطة تظل القيم كلها متأرجحة ، وتظل الأخلاق التي تقوم عليها متأرجحة كذلك، وبلا ضابط وبلا سلطان وبلا جزاء ! .
فلما تقررت العقيدة بعد الجهد الشاق ، وتقررت السلطة التي ترتكن إليها هذه العقيدة … لما عرف الناس ربهم وعبدوه وحده … لما تحرر الناس من سلطان العبيد ومن سلطان الشهوات سواء … لما تقررت في القلوب " لا إله إلا الله " .. صنع الله بها وبأهلها كل شيء مما يقترحه المقترحون … تطهرت الأرض من الرومان والفرس … لا ليتقرر فيها سلطان العرب ولكن ليتقرر فيها سلطان الله … لقد تطهرت من سلطان الطاغوت كله … رومانياً وفارسياً وعربياً على السواء .
وتطهر المجتمع من الظلم الاجتماعي بجملته ، وقام النظام الإسلامي ، يعدل بعدل الله ، ويزن بميزان الله ، ويرفع راية العدالة الاجتماعية باسم الله وحده ويسميها راية الإسلام ، لا يقرن إليها اسماً آخر ، ويكتب عليها " لا إله إلا الله " .
وتطهرت النفوس والأخلاق ، وزكت القلوب والأرواح ، دون أن يحتاج الأمر حتى للحدود والتعازير التي شرعها الله – إلا في الندرة النادرة _ لأن الرقابة قامت هناك في الضمائر ، ولأن الطمع في رضى الله وثوابه ، والخوف من غضبه وعقابه ، قد قاما مقام الرقابة ومكان العقوبات .
وارتفعت البشرية في نظامها وفي أخلاقها وفي حياتها كلها ، إلى القمة السامقة التي لم ترتفع إليها من قبل قط ، والتي لن ترتفع إليها من بعد إلا في ظل ذاك الفهم للإسلام .
فلما أن ابتلاهم الله فصبروا ، ولما أن فرغت نفوسهم من حظ نفوسهم ، ولما أن علم الله منهم أنهم لا ينتظرون جزاء في هذه الأرض ، ولما لم يعد في نفوسهم اعتزاز بجد ولا قوم ، ولا اعتزاز بوطن ولا أرض ، ولا اعتزاز بعشيرة ولا بيت … لما أن علم الله منهم ذلك كله ، علم أنهم أمناء على العقيدة ، التي يتفرد فيها الله سبحانه بالحاكمية في القلوب والضمائر ، وفي السلوك والشعائر ، وفي الأرواح والأموال ، وفي الأوضاع والأحوال … وأمناء على السلطان الذي يوضع في أيديهم ليقوموا به على شريعة الله ينفذوها ، وعلى عدل الله يقيمونه ، دون أن يكون لهم من ذلك السلطان شيء لأنفسهم ولا لعشيرتهم ولا لقومهم ولا لجنسهم . إنما يكون الذي في أيديهم لله ولدينه وشريعته ، لأنهم يعلمون أنه من الله ، هو الذي آتاهم إياه .
ولم يكن شيء من هذا المنهج المبارك ليتحقق على هذا المستوي الرفيع ، إلا أن تبدأ الدعوة ذلك البدء ، وإلا أن ترفع الدعوة هذه الراية وحدها … راية " لا إله إلا الله " … ولا ترفع معها سواها ، وإلا أن تسلك الدعوة هذا الطريق الوعر الشاق في ظاهره ، المبارك الميسر في حقيقته .
وما كان هذا المنهج المبارك ليخلص لله ، لو أن الدعوة بدأت خطواتها الأولى دعوة قومية ، أو اجتماعية ، أو دعوة أخلاقية … أو رفعت أي شعار إلى جانب شعارها الواحد " لا إله إلا الله*1.
لقد جاء الإسلام ليعلن آصرة العقيدة كرابطة عالمية لهذه الدعوة ، ولنقض عقيدة المجتمعات الجاهلية ، وإعلان المساواة في الأصل البشري على آصرة العقيدة التي يتساوى في إطارها أبو بكر العربي مع سلمان الفارسي و صهيب الرومي و بلال الحبشي رضي الله عنهم جميعاً ، وميزان التفاضل بينهم داخل هذه الرابطة هو عبادة الله عز وجل وطاعته " التقوى " .
" إن أكرمكم عند الله أتقاكم " .
" يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال ليبلغ الشاهد منكم الغائب ".
إن الأرض أرض الله ، وإن الناس خلق الله ، وإن الإسلام الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم دين الله ونظامه المهيمن على كل الرسالات والناسخ لها جميعاً ، إن المسلمين أمة واحدة من فوق حدود سايكس بيكوا ، ومن فوق الأسلاك الشائكة والبراميل الإسمنتية ، ومن فوق الحواجز الإسمنتية ، ولا تعترف بهذه المسميات الهزيلة صنيعة أعداء الله ، والتي تسعى من خلالها إلى تقسيم أمة الإسلام الواحدة إلى أمم شتى .
" وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " .
" إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون " .
وإن نظام الإسلام لا يعترف بهذا التفريق و التمزيق ، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف أن يقر هذا التفريق والتمزيق لجسد هذه الأمة ، فإن إقرار ذلك يعود على نظام الإسلام بإبطال ، فإن نظام الإسلام يقوم على القاعدة الجليلة " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " و " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " .
إن لم نعمل هذه القاعدة سوف تكون فتنة في الأرض وفساد كبير ، لأن الولاء والبراء هو ميزان الإسلام وإن اختلاط الكفر بالإسلام والشرك بالتوحيد ، والمشركين بالمسلمين سبب لأن نبوء بالخذلان من الله والهزيمة وبعد النصر والتأييد .
" ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " .
وإن الوحدة الوطنية الصنم الذي ترفعه اليوم كثير من الحركات المنتسبة للإسلام صنم يعبد من دون الله شاء من شاء وأبى من أبى وعلى هذا الصنم تذبح عرى الإسلام وأولها عقيدة الولاء والبراء لترفع الرايات العمية ليجتمع تحتها القومي والبعثي والشيوعي ومن ينتسب للإسلام وأي نصر يرتجى بعد هذا الخلط كما يحدث في فلسطين .
وإن الجيل القرآني الذي تربى على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم وكانوا المثالية الواقعية لأمة الإسلام والذين رباهم القرآن وهو غض طري يتنزل عليهم ، وكان فيهم أعظم معلم من كان بأعين الله عز وجل ، فعندما عصوا أوامر النبي القائد صلى الله عليه وسلم في معركة أحد ، وهي اليوم في أعيننا أدق من الشعر ، كانت الهزيمة المرة بعد أن ذاقوا حلاوة النصر ، وكان الثمن لهذا العصيان غالياً جداً ، كسرة رباعية النبي صلى الله عليه وسلم وشج رأسه الشريف ، وقتل سبعين من خيرة هذا الجيل القرآني الفريد وعلى رأسهم أسد الله وأسد رسوله حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا درساً لمخالفة القائد ، فكيف بنا ننتظر نصر الله عز وجل ونحن نجاهر الله عز وجل بكل أنواع المعاصي الكبائر منها والصغائر وعلى رأسها عبادة الطاغوت وطاعته .
وكان أعظم حدث في تاريخ الأمة –بعد ضياع مفهوم العقيدة الصحيحة- والذي عملوا أكثر من ثلاثة قرون متواصلة متوالية من أجل القضاء عليه ، وهو صورة ونظام الحكم في الإسلام الخلافة والعمل على إزالة هذا الأمر من أذهان المسلمين ، لأنهم يعرفون أن الخلافة هي المنارة التي يمكن من خلالها جمع المسلمين مرة أخرى ، فيكونون خطراً كبيراً على الأرض ، عندما يصبحوا قوة ضاربة بإجتماعهم تحت راية واحدة وغاية واحدة وقيادة واحدة ، ولقد عملوا أعداء الإسلام من خلال معاهدة سايكس بيكوا على تقسيم أرض الإسلام إلى مناطق نفوذ ، ووضعوا الحدود والسدود وأنفذوا القيود بين أمةالإسلام الواحدة حتىأضحت امماً شتى .
ثم عملوا بخبث ودهاء على صناعة حكام عملاء يستلموا مقاليد الأمور بعد رحيلهم من الأرض بصورهم وليس بأفكارهم ، ولقد قام هؤلاء الحكام بالمهمة خير قيام ، بل أبدعوا وزادوا من مهاراتهم وحربهم للإسلام باسم الإسلام تارة ، وعداء الإسلام الخفي تارة ، وبالكفر المباشر تارة أخرى ، حتى أصبحت فرائض الإسلام جريمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام ، وأضحى الجهاد من أعظم الجرائم التي يحكم على صاحبها بالإعدام ، وتنفيذ أحكام الله جريمة نكراء ، حتى المحافظة على الصلاة في المسجد في بعض البلاد جريمة يعاقب عليها القانون ، وكذلك تفسير بعض سور القرآن مثل التوبة والأنفال تعتبر تحريض على أمـن الدولـة – خيانة عظمى – عقوبتها معروفة … والدعوة إلى الأخلاق والحجاب خطر على الحضارة القذرة .
وفي المقابل علماء اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، فكانوا خط الدفاع الأول عن الطواغيت ، استخدموا كل نفوذهم العلمي للمحافظة على أنظمة الطواغيت وعروشهم ، ضاربين عرض الحائط بقول الله عز وجل " ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله وأجتنبوا الطاغوت " . وهم يرون ويسمعون الكفر بالله العظيم يمارس ليل نهار وعلى كل المستويات ، والشرك قد استعلى وانتشر في كل النواحي .
وفي هذه الأيام الحبالى التي تلد كل عجيب وغريب ، يقف المسلم الصادق مندهشاً مبهوراً مما آلت إليه أحوال أمة العزة ، أمة القيادة والسيادة ، أمة الرسالة العالمية من ضياع وتشتت ، واختلاف وانقسام ، لقد أضحى الإسلام غريباً يعيش غربته الثانية بين أهله وأحبائه بين أدعيائه وطلابه .
فبعد أن سقطت المنارة والصرح الشامخ الذي توالت عليه معاول الهدم الداخلية والخارجية حتى طوحت به وهدمته ، وتشتت المسلمون في كل مكان بلا راع كالغنم في الليلة الشاتية تأكلها الذئاب ، ويدوس رأسها كل كافر ، تحول المسلمون إلى الغثاء الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم . لقد اصبح الإسلام مستباح الحمى ليس هناك من يقوم على حماية حدوده ، ولا الأخذ على يد العابث والمستهتر . لقد غدا الإسلام تجارة رابحة لأصحاب الشهوات والنفوس المريضة ، تأكل وتشرب باسم الإسلام ، ترتقي المناصب تمتلئ الجيوب باسم الإسلام ، ولا من يحاسب ولا من يراقب ،. كما تمزقت الجماعة الواحدة إلى جماعات وأحزاب وتنظيمات لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى مخالفين أمر الله بالاعتصام جميعاً بحبل الله ، عاملين بخلاف النهي وهو عدم التفرق "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " . وإن من أعظم الفرائض الضائعة بعد توحيد الله عز وجل فريضة الاعتصام بحبل الله جميعاً وعقد البيعة لإمام واحد يقود الأمة المسلمة بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويكون أميراً للمؤمنين كافة وخليفة على منهاج النبوة يقود الأمة من الاستضعاف الذي هي فيه إلى التمكين إن أذن بذلك رب العالمين ، هذه الفريضة التي حال دون القيام بها الطواغيت من الحكام والملوك بعد أن تسلطوا جبراً على رقاب الناس ، ونبذوا شرع الله تعالى وراء ظهورهم واتبعوا ما تتلوه شياطين الإنس والجن عليهم من القوانين الوضعية والدساتير البشرية والأحكام الجاهلية فجحدوا آيات ربهم وعصوا رسله ، واتبعوا أمر كل جبار عنيد وكل ذلك زاد من تفريق الأمة وانسلاخها من دينها القيم ، وإن مما زاد الطين بلة تخبط الحركات والأحزاب والجماعات المنتسبة إلى الإسلام ، وشدة اختلافها وتفرقها حتى أصبح الجاهل يحسب أن التفرق من الدين وأن الاختلاف رحمة غير مكترث بقوله تعالى : " وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأتقون * فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون * فذرهم في غمرتهم حتى حين ايحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعـرون " . وقال جل ذكره " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " . ولكن لأعراض الناس إلا من رحم الله عن هدي القرآن ، ولظلمهم وتركهم فريضة الاعتصام بحبل الله وتحزبهم واعتصامهم بحبال الشيطان كالقومية والعرقية والوطنية ، وتركهم الولاء والبراء في الله تعالى لذلك كله ظهر الفساد في البر والبحر .
وإن الناظر إلى ساحة العمل الإسلامي اليوم يجد خليطاً وعجباً من الأفكار من النقيض إلى النقيض ، فتنُ تموج ، ظلمات بعضها فوق بعض لا يُكاد يرى فيها موضع القدم ، سوق ودكاكين تتعالى فيها الأصوات كلُ يدعي وصلاً بليلى ، كل يدعي الكتاب والسنة .
باصات في محطة التزود كل يدعي الطريق المستقيم ، والباص الموصل إلى النجاة وغالبها يخالف بعضها البعض قلباً وقالبا ، مشرق ومغرب ، … !! إلى ما لا نهاية من الأفكار والمناهج التي تعالج جانباً من جوانب المرض المزمن لهذه الأمة وتترك باقي الجوانب على الغارب …!!!
فيقف المسلم في المحطة حائراً ، وخاصة عندما يسمع بعض الفتاوى المبتورة التي ترى الجماعات والأحزاب والحركات كلها باطلة وبدع من العمل ، لأن ولائها بأصل التنظيم لا بأصل الإسلام ، وهي تمزق الأمة الواحدة ، وفي المقابل لا يرون الحكومات الطاغوتية القائمة على أساس القبيلة والعشيرة والحدود التي وضعها الكفار ، أنها تمزق الأمة الواحدة ، بل الطامة الكبرى أنهم يدعون المسلمين للخضوع لهذه الدول الكافرة واحترام قوانينها ، بل أفتوا بعدم جواز الحج والعمرة ولا زيارة بيت الله الحرام إلا بإذن خادمها والله سبحانه يقول : " من استطاع إليه سبيلا " وهم يقولون من استطاع إليه تأشيرة…!! .
وإن ضياع أرض فلسطين المباركة وقبلها الأندلس وبلاد أسيا الوسطى وغيرها بل وتربع الطواغيت على كل بلاد الإسلام لهو محصلة طبيعية لما أشرنا إليه سابقاً .
فكلنا يعلم أن اليهود قد دخلوا الأرض المباركة المقدسة بغير حقّ . واحتلوا بيت المقدس ودنسوه ، وقاتلوا من فيه من المسلمين وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم بغير حقّ ، وعاثوا في الأرض الفساد وكانوا كما وصفهم الله تعالى في كتابه المجيد :
" لَتَجدَنَ أشدَّ الناسِ عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا " . ولم يكن هذا ليحدث لولا التآمر على المسلمين من قبل الصليبية العالمية والصهيونية العالمية ، وعبيدهم ممن ملك مقاليد الأمور في بلاد المسلمين ، فأنشأوا
درعاً واقياً لدولة يهود وحرسوها حراسة مشددة ، وإن ما حدث من معارك في الماضي مع يهود لم يكن إلا مسرحيات بإخراج صليبي يهودي وتمثيل حكام العرب ، وإلا ماذا يعني أن يكون قائد الجيش الأردني الصليبي البريطاني كلوب ، وما معنى أن يُضرَبَ الطيران المصري كله على أرض المطار . وما معنى أن يُعلن حافظ الأسد سقوط الجولان قبل سقوطها بيوم ، وما معنى أن يذهب الملك حسين إلى اليهود يخبرهم بموعد الهجوم والتفاصيل ، والمخفي أعظم . وإن من العجائب أن بعض المنتسبين للإسلام يؤمل من اجتماع قمة الخيانة أن تساعدهم في إعلان حرب على أسيادهم فإن كل أقنعتهم البلاستيكية مكشوفة لمن عرف توحيد رب العالمين ، وأي خير يرتجى وسجونهم ملئ بالشباب المسلم الموحد ، وأعواد المشانق تنصب للمجاهدين في سبيل الله ، وتدمر القرى والمدن فوق ساكنيها – كما حصل في حماة بسوريا - . وإننا متيقنين أن هذه الأنظمة هي الكابوس الحقيقي الجاثم على صدر هذه الأمة ، والذي يكبلها عن الحركة الصحيحة ، ويحول بينها وبين أن تأخذ حقوقها ، وما أدل على ذلك من أن علم يهود يرفرف في سماء بلادهم لا يجرئون على إزالته .
إن اليهود هؤلاء ليسوا كفّاراً مسالمين ! بل معتدين محاربين تآمروا على المسلمين ، وأخذوا أرضَهم عُنوَةً ، وحكم هؤلاء المعتدين في كتاب الله بيّنٌ واضحٌ قال تعالى : " وقاتلوا في وسبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين ، واقتلوهم حيثُ ثقفتموهم ، وأخرجوهم من حيثُ أخرجوكم ، والفتنةُ أشدُّ من القتل " .
هذا حكمُ اللهِ – سبحانه وتعالى – لا يحلّ التنازل عنه مهما امتلكت إسرائيل من قنابل نووية .
قال الله – تبارك وتعالى – " ولا تَهِنوا وتَدعوا إلى السَّلمِ وأنتم الأعلونَ ، والله معكم ، ولن يَتِرَكُم أعمالَكم " .
وقال – سبحانه وتعالى - : " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلَوْنَ إن كنتم مؤمنين " . فلا صُلح مع هؤلاء اليهود المعتدين حتى يتوبوا إلى الله تعالى ، أو يُعطوا الجزيةَ عن يدٍ وهم صاغرون ، ولن تضعَ الحربُ أوزارَها بيننا وبينهم حتى يقتلَ آخرُنا آخرَهم . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ستقاتلون اليهودَ حتى يقولَ الحجرُ أو الشجرُ : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله " متّفق على صحّته ، رواه البخاري ومسلم .
وقد أكثر المنافقون من علماء السلاطين من الاحتجاج بصلح الحُديبية على صحّة الصّلح الذي تمّ بين حكّام العرب ودولة إسرائيل . وهو استدلالٌ باطلٌ وإن افترضنا صحة إسلامهم وإمامتهم ، وإلا فحكّام العرب اليوم هم أئمة الكفر ؛ المعطّلون لشرع الله . وقد قال الله تعالى : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " .
وإن هؤلاء المنافقين ليعلمون أنّ صُلح الحديبية خاصٌّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنّ اللهَ قد أطلع رسولَه على ما فيه من فتحٍ مبين أكيد . وقد أنزل الله تعالى سورةَ براءة يُبطل فيها العهود مع المشركين المعتدين إلا عَهْدَ الصّغار قال الله تعالى :" كيف !! يكونُ للمشركين عهدٌ عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ! ".
أي : إلا من عاهدهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عامَ الحديبية عند المسجد الحرام ، وهذا استثناء بيّنٌ مُحكَمُ اللفظِ والمعنى .ثم قال – تعالى - : " كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمّةً ، يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون * اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً فصدّوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون * لايرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون * فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون .
فلا سبيل لهؤلاء اليهود المعتدين إلا أن يتوبوا من الشرك ، ويؤمنوا بما أُنزل على محمّدٍ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فيصبحوا بذلك إخوانَنا في الدين .
نعم : قد جعل الله تعالى لهم مخرجاً آخر من القتل وهو سِلْم الصَغَار بأن يعطوا الجزيةَ عن يدٍ وهم صاغرون تحت وطأة المسلمين .قال الله تعالى " وإن جنحوا للسَّلمِ فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم " .
وهذا السِّلمُ الذي لا يجوز غيرُه مع مثل هؤلاء المعتدين الغاصبين ، والمنافقون من علماء السلاطين يعرفون هذا حقّ المعرفة ألم يسمعوا المُحكم من القرآن المجيد :
" قاتلوا الذين لا يُؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، ولا يُحرّمون ما حرّم الله ورسولُهُ ، ولا يَدينون دينَ الحقّ من الذين أُوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزيةَ عن يدٍ وهم صاغرون " .
هذا حُكمُ الله فيهم ، فمالِ الذين كفروا عنه معرضين ، " أفحكم الجاهلية يبغون ، ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون " .
فإيّاكم إيّاكم أيها المسلمون أن تركنوا إلى الذين ظلموا !
لا تقنطوا من رحمة الله . لا تفرّطوا ببيتِ الله الأقصى المبارك ولا بأي ذرة من تراب فلسطين ! .
إن المعركة قادمة لا محالة بيننا وبين اليهود ، وإن الإسلام لم يدخل المعركة بعد ،وإن الأيدي الطاهرة المسلمة الموحدة التي تحمل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء " لا إله إلا الله " الصافي من غير شوائب تقود جموع المسلمين عباد الله ، الذين يستحقون أن يناديهم الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله ، نداء الاستسلام لله فقط ، الإسلام الصافي الذي ارتضاه الله لنا ، ونداء العبودية لله وحده عز وجل ، وليس نداء القومية ولا العصبية ولا العرقية ولا الديمقراطية ولا العلمانية العفنة .
وأبشر يا أقصى
فإن أرحام المسلمات لا زالت تلد أبطالاً أحراراً يرفعون رايات الحق خفاقة فوق هامات الظالمين ، يطلبون الموت مظانه يتسابقون إلى الشهادة ، شعارهم وعجلت إليك ربي لترضى ، فزت ورب الكعبة ، غداً نلقى الأحبة محمد وصحبه .
وإننا نقول لقد آن الأوان : -
أن نـكون أمةً واحدة من فوق فواصل العناوين والشعارات واللافتات !! من فوق فواصل الـحدود السياسية المصطنعة،والجوازات والتأشيرات!! من فوق هيئة الأمم المجتمعة على الكفر نعلو نحن – المسلمين- فنلتقي ونعتصم بحبل الله جميعاً . فنعود إلى النظام الإسلامي العالمي الأول … نظام السلف الصالح الذي تكون فيـه الأمة المسلمة أمّةً واحدةً لها إمامٌ واحد وقانونٌ واحد هو الكتاب والسنّة حتى نكون أمةً قادرةً على ردع الظلم ، وعلى الصمود في وجه النظام العالمي الكفري الذي ملأ الأرض ظلماً وجوراً… فنملأ الأرض قسطاً وعدلاً. لنحرق خضراء الطواغيت والظلمة وندمِّر صروح الكفر … وقد ظنَّ كثير من الجهلة أنَّ الدعوة إلى الاعتصام ضد الجهاد في سبيل الله!! كلا ،إنّها دعوة للدخول في الإسلام كافه ، فبدلاً من أن نقاتل تحت شعارات متنوعة ومطالب متفرقة … فلنقاتل بعد اليوم تحت رايةٍ واحدةٍ وغايةٍ واحدة سواءً كنا في الشرق أم في الغرب .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّما الإمامُ جُنَّة يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائهِ ويُتَّقى به " متفق عليه .
وهي سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنّة خلفائه الراشدين ، فلنقاتل في سبيل الله ، لإعلاء كلمته ، ولفتح
بيت المقدس .
(عُقـــرُ دار الــمؤمنــين الشــَّام ) .
وتحريـر المستضعفين من المسلمين …نقاتل في الأرض كافَّةً حتى لا تكون فتنة ، ويكون الدين في الأرض كافة كلّه للَّه .
ولكـن تحـت رايـة واحـدة ، وقيـادة واحــدة وجـماعة واحدة - جمـاعة المسلمين - … كـل المسلمين .
، ولنحقق قول الله عز وجل " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " . وقوله تعالى : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " . ولنعمل معاً على انتشال هذه الأمة من المستنقع الآسن الذي وضعها فيه الحكام الطواغيت ما استطعنا إلى ذلك سبيلا .
دنت راياتنا السـود العظام ومدفعنا المسلط و الحسام
ثُكلتُ بُنيتي إن لم تروها كلون المسك يرفعها الإمام
فلا تخشي بنيتي من يميني فإن الحرب أولها الكلام
وإن الله لا يخزي عباداً لأجل كتابه فزعوا وقاموا
تُنادينـا الدماء ألا هلمُ ويرجوا ثأرنا البلد الحرام
بأعلى صوته أن أنقذوني فأزعجنا و هيجنا الملام
لبيت المقدس الأقصى أنتفضنا وسيف الله يحمله الكرام
ومن ذا يرتضي عيشاً ذليلاً سوى المخذول عيشته حرام
سنفتح قدسنـا و نخط مجدا و تاريخ الأكابر لا يضام
ونمحوا عارنا ونحل أهلا غداً فأصبر وإن طال الصدام
ألا يا سامعي أبلغ خطابي ليعلم عـن مسيرتنا الأنام
وبلغ أهـل بيت الله عنا رسالتنا إليهم و السلام
بيان صادر عن المكتب الإعلامي
لجماعة المسلمين

الصواعق المحرقه
05 Dec 2003, 03:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله
اخي الباحث عن الحق هناك خطأ في الآية قوله تعالى (( فمن أوفى بعهده )) والصحيح (( ومن أوفى بعهده ))
بدل الفاء واو وجزيتم خيرا اخي الفاضل0