المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرسالة الثالثة في التربية للشيخ محمد الدويش



strawberry
03 Sep 2006, 04:55 AM
الرسالة الثالثة


النجباء والموهوبون
تعنى الأمم التي تحرص على بناء نهضتها ورفعة مكانتها بالموهوبين والنجباء، وهذه العناية والاهتمام لم تكن وليدة العصر الحاضر، ولا نتاج الدراسات الإنسانية المعاصرة؛ ففي قصة أصحاب الأخدود يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الكاهن قال للملك: "انظروا لي غلاما فهماً أو قال فطناً لقناً فأعلمه علمي هذا؛ فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم ولا يكون فيكم من يعلمه، قال: فنظروا له على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن وأن يختلف إليه…"( رواه الترمذي (3340) وأصل الحديث في مسلم (3005)دون موضع الشاهد.).
وقد برزت العناية بالموهوبين اليوم في الدراسات النفسية والتربوية، وظهرت مدارس ونظريات تفسر الموهبة والتفوق، وتطرح برامج لرعاية الموهوبين والاهتمام بهم؛ لما لهم من أثر في مجتمعاتهم .
لذا كان لا غنى للأمة وهي تسعى اليوم لاستعادة مجدها عن الاعتناء بالنجباء والموهوبين، وكان حرياً بالغيورين من المصلحين أن يولوا هؤلاء ما يستحقون من عناية ورعاية.
ومن هنا جاء تناول هذا الموضوع الذي لا يمثل دراسة علمية، بل هو لا يعدو أن يكون آراء وأفكاراً شخصية.
التعريف بالنجباء والموهوبين وخصائصهم
قال ابن الأثير:"النجيب: الفاضل من كل حيوان. وقد نجب ينجب نجابة إذا كان فاضلاً نفيساً في نوعه"( النهاية في غريب الحديث والأثر (5/17).
وقال في اللسان -نقلا عن ابن سيده - :" النجيب من الرجال الكريم الحسيب…وقد تكرر في الحديث ذكر النجيب من الإبل مفرداً ومجموعاً، وهو القوي منها الخفيف السريع" (لسان العرب (1/748).
وقد شاع في العرف المعاصر إطلاق لفظ الموهوبين على النجباء، ويعرف المختصون الموهوب بتعريفات عدة، منها: أنه الذي يظهر تفوقاً مستمراً في أي ميدان من ميادين الحياة، وعرفت الجمعية الوطنية للدراسات التربوية في الولايات المتحدة الطفل الموهوب بأنه: ذلك الطفل الذي يظهر أداءً مرموقاً بصفة مستمرة في أي مجال من المجالات ذات الأهمية (انظر : الموهوبون: أساليب اكتشافهم وسبل رعايتهم في التعليم الأساسي الصادر عن مكتب التربية العربي،).
ومن المقاييس الشهيرة للموهوبين مقياس رونزويللي ويتضمن المجالات الآتية:
خصائص التعلم:
كبناء الثروة اللفظية، نمو عادات القرار المستقلة، الإتقان السريع للمادة المتعلمة وتذكر المعلومات، استخلاص المباديء العامة.
خصائص الدافعية:
مثل المبادأة الذاتية، الإصرار على استكمال الواجبات والأعمال، والمعاناة من أجل الوصول إلى مستوى أفضل، الشعور بالملل عند أداء الأعمال الروتينية.
الخصائص الابتكارية:
كحب الاستطلاع الشديد لعدد متنوع من الأشياء، قدر أكبر من الأصالة في حل المشكلات والاستجابة للأفكار، درجة أقل من الاهتمام بالمسايرة.
الخصائص القيادية:
كالثقة بالنفس، والنجاح في العلاقات مع جماعات الرفاق، الاستعداد لتحمل المسؤوليات، سهولة التكيف مع المواقف الجديدة(الموهوبون، مصدر سابق (46).
ومن خصائصهم العقلية التعليمية - التي توصلت إليها بعض الدراسات - أنهم أكثر قدرة من العاديين على القراءة السليمة والمحادثة الذكية، ويتميزون بالقدرة على التذكر ودقة الملاحظة، والقدرة على التفكير المنظم. ومن خصائصهم في سمات الشخصية أنهم لا يبالغون في أقوالهم، وتدل تصرفاتهم على النضج، ويتمتعون بالاتزان الانفعالي.
وليس هذا ميدان دراسة متخصصة حول الموهوبين وما يتعلق بهم، إنما إشارات سريعة يمكن أن تخدمنا فيما نحن بصدده من الحديث عن النجباء.
ماذا نعني بالنجباء؟
حين نتحدث عن النجباء في إطار اهتمامات جيل الصحوة، فلا بد أن تفرض علينا خصوصيتنا قدراً من الاختلاف في النظرة والمعايير، ولا يسوغ أن نستورد الدراسات الاجتماعية - التي هي أحد إفرازات وضع اجتماعي لا نتفق وإياه - دون تمحيص أو مراجعة.
والعناية بالموهوبين قدر مشترك بين العقلاء، ومن ثم فلابد من نقاط اتفاق واسعة، لكننا قد نختلف مع هؤلاء في بعض السمات والخصائص المنطلقة من اختلاف النظرة للحياة الدنيا والآخرة، والنظرة لقيمة الإنسان وغاية خلقه.
ومن ثم فقد لا نحفل كثيراً ببعض من تصنفهم الدراسات المعاصرة من الموهوبين، كمن يتميزون بالقدرات في الفن والرسوم والتمثيل ونحو ذلك، فهم - مع عدم اعتراضنا على مالا يخالف الشرع من أنشطتهم - لا يمكن أن يرقوا لمستوى القدوة والريادة في الأمة، فضلاً عن النابغين في أنشطة محرمة كالموسيقى والغناء وغير ذلك.
ونشعر أيضاً أن عنايتنا بالموهوبين لا يسوغ أن تتناقض مع أصل التفاضل بالصلاح والديانة والتقوى. ومن رزقه الله الجمع بين العلم والفهم في مقاصد الشرع، وفق لسلوك الطريق الوسط والمنهج الأقوم في ذلك.
وانطلاقاً من هذه المقدمة يمكن أن نقترح خصائص للنجباء الذين ينبغي أن يعنى بهم جيل الصحوة، ومن ذلك:
1- الذكاء المرتفع، والقدرة العقلية العالية.
2- الشخصية القيادية.
3- الشخصية المتميزة في الجد والبذل والإنتاجية والمثابرة.
4- الشخصية التي تملك المهارات الاجتماعية والقدرة على كسب قلوب الناس.
5- القدرة والمواهب الأدبية كالشعر والقصة وسائر فنون الأدب.
حاجتنا إلى النجباء
إن الحديث عن النجباء وما يتعلق بهم فرع عن الاقتناع التام بالحاجة إليهم، واعتبار كسبهم في صفوف الدعوة من الأولويات والمطالب الملحة، فهل هذا الأمر داخل ضمن نطاق اهتماماتنا الدعوية ؟
إن الأولى أن تكون هذه المراحل قد تجاوزها الدعاة إلى الله عز وجل وعادت أموراً بدهية مقررة، ولذا فسنشير إشارة عاجلة إلى مبررات الحاجة إليهم، ليدفعنا ذلك إلى الحرص على كسبهم في قطار المستجيبين للدعوة، ولندرك عمق الخسارة التي نجنيها، والمعاناة التي تعانيها الدعوة من جراء سقوط أمثال هذه العناصر.
1 - قدر مشترك عند العقلاء:
لا اختلاف بين العقلاء في أن الناس معادن وقدرات متفاوتة، وتسمع في مجالس كثير من الناس الحديث عن فلان بأنه رجل مؤهل، والآخر يملك قدرة فائقة، والثالث ذكي سريع البديهة. ويتفق الناس جميعاً على أن الرجل الغبي البليد لا يمكن أن يتحول يوماً من الأيام إلى رجل ذكي عبقري، وأن الرجل الجبان ضعيف الشخصية لا يمكن أن يوصله التعليم والتدريب والتربية لأن يكون قائداً محنكاً، وقديماً قيل:
والناس ألف منهم كواحد **** وواحد كالألف إن أمر عنى
ولا يزال أصحاب الأعمال والتجار يحرصون على كسب عناصر معينة من الناس تملك القدرة والمواهب الفذة التي تؤهلها للقيام بأدوار مهمة في إدارة أعمالهم، ويمنحون رواتب مجزية لأمثال هذه العناصر.
2 - الناس معادن:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- يرفعه قال: "الناس معادن كمعادن الفضة والذهب، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" (رواه مسلم (2638) ورواه البخاري بنحوه.).
فيقرر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هذا المعنى فيبين أن الناس يتفاوتون كما تتفاوت معادن الذهب والفضة، وأن خيرهم في الإسلام، هو الذي كان خيرهم في الجاهلية، أي الذي كان من معدن نفيس.
3 - هديه صلى الله عليه وسلم:
إننا حين نتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته نجد أنه كان يولي هذا الجانب اعتباراً وعناية؛ فمن ذلك:
1 - حرصه على إيمان نفر من المشركين أكثر من غيرهم، وعنايته بدعوتهم وقد كان يقول:"اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"( رواه أحمد (5363) 2/95 والترمذي (5681).
وقد ظهر أثر ذلك واضحاً؛ فكل من يقرأ السيرة لا يمكن أن يخفى عليه كيف كان أثر إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولهذا قال عبدالله ابن مسعود -رضي الله عنه-:"ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر"( رواه البخاري (3863).
2 - عنايته صلى الله عليه وسلم بمن أسلم من أصحاب الطاقات الفاعلة والمواهب، ويصور لنا ذلك قول عمرو بن العاص -رضي الله عنه-:"ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد في حربه أحداً منذ أسلمنا" (رواه الطبراني والبيهقي.).
3 - توجيه أصحابه توجيهات خاصة دليل على أن هناك جوانب في النفس قد لا يمكن للمرء أن يتجاوزها لذا فقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر:" يا أبا ذر، إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين على مال يتيم" (رواه مسلم (1826)، وهي مقولة خاصة بأبي ذر -رضي الله عنه- دون غيره من أصحابه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم علم منه ما لم يعلمه من غيره، أما عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد تولوا المسؤوليات والولايات.
4 - مكاتبته صلى الله عليه وسلم للملوك ودعوته إياهم، أليس هذا دليلا على أن من الناس من إذا اهتدى اهتدى بهدايته أمم؟ فلئن كان هذا يصدق على الملوك آنذاك، فهو يصدق أيضاً على قادة الفكر والرأي، وعلى من يملكون قدرة على إقناع الناس ومقارعة الحجة.
4 - هدي السلف:
وقد أدرك أصحابه رضوان الله عليهم هذا الأمر فحرصوا عليه في دعوتهم؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه ممن قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} ؟ حتى ختم السورة فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري أو لم يقل بعضهم شيئاً، فقال لي: يا ابن عباس، أكذاك تقول؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له {إذا جاء نصر الله والفتح} فتح مكة فذاك علامة أجلك {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم(رواه البخاري (4294).
وهاهو مصعب بن عمير -رضي الله عنه- وقد أرسله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يأتيه سعد بن معاذ - رضي الله عنه - ليسلم فيقول له أسيد بن حضير: هذا رجل إن تبعك لم يتخلف من قومه أحد، وفعلاً كان لسعد البلاء المشهود في الإسلام، ومن بلائه - رضي الله عنه - موقفه في غزوة بدر، وحكمه في بني قريظة حتى اهتز له عرش الرحمن حين مات، كل ذلك مما يفسر لنا حرص أسيد -رضي الله عنه- على دعوة سعد وهدايته.
ومن نماذج عناية السلف بالنجباء ما رواه الخطيب في الجامع بإسناده عن إسماعيل بن عياش قال: كان ابن أبي حسين المكي يدنيني، فقال له أصحاب الحديث: نراك تقدم هذا الغلام الشامي وتؤثره علينا؟ فقال إني أؤمله، فسألوه يوماً عن حديث حدث به عن شهر : إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل، فذكر ثلاثاً ونسي الرابعة، فسألني عن ذلك، فقال لي: كيف حدثتكم؟ فقلت: حدثتنا عن شهر أنه إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل: إذا كان أوله حلالاً، وسمي عليه الله حين يوضع، وكثرت عليه الأيدي، وحمد الله حين يرفع. فأقبل على القوم، فقال: كيف ترون؟( الجامع 1/312).
5 - تاريخ الإسلام خير شاهد:
إن من يقرأ في السيرة النبوية يدرك تماماً أن هناك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كان في إسلامه خيرٌ كثيرٌ للأمة، وأثر يوازي آثار غيره، فهذا عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه-منذ أن أسلم لم يزل المسلمون في عزة ومنعة، وهذا خالد بن الوليد -رضي الله عنه-لم يمض على إسلامه أشهر معدودة حتى قاد المسلمين في غزوة مؤته وأنقذ المسلمين من مهلكة، وهو مع ذلك دون كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فضلاً وقد قال له صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" (رواه البخاري (3673) ومسلم (2541)، بل إن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعرف، ومنهم من طبقت شهرته الآفاق.
6 - ضخامة الأدوار المناطة بالصحوة:
إن الصحوة تتحمل مسؤولية ضخمة أمام الأمة في قيادتها والنهوض بها، مما يتطلب منها إعداد قيادات للأمة في مجالات شتى من مجالات الحياة، تسهم هذه القيادات في إقناع الأمة بالمشروع الإسلامي وتأهله للقيادة.
والصحوة نفسها تفتقر إلى طاقات وقدرات توجهها وتضبط لها مسيرتها وتقودها في هذا الطريق الطويل.
وتفتقر إلى طائفة ممن يحملون العلم الشرعي ويفقهونه حق الفقه، ليكونوا قيادة راشدة للأمة، ولتستغني بالطاقات التي تعيش همومها ومشكلاتها.
إن هذه الأدوار وتلك لا يمكن أن يقوم بها فرد عادي، ومن ثم كانت الصحوة بحاجة إلى كسب النجباء الذين يملكون التأهيل لتولي المسؤوليات القيادية على مستوى الصحوة، وعلى مستوى الأمة أجمع.
إن تلك الاعتبارات وغيرها تفرض على المربين المخلصين إعادة النظر في موقفهم من النجباء وعنايتهم بهم.
أخطاؤنا تجاه النجباء
1 - الإهمال
وذلك أننا قد لا نعيرهم الاهتمام اللائق بهم؛ إما في دعوتهم ابتداءً، أو في إعطائهم الجهد التربوي الذي يستحقونه بعد استقامتهم؛ فلا نفرق بين نجيب وغيره، والجهد المبذول له قد يساوي الجهد المبذول لضعاف العقول والشخصية.
وترك أمثال هؤلاء يعيشون في أجواء لا تتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم يتسبب في انقطاعهم عن المسيرة، أو في بقائهم داخل الصف بعد أن تذبل قدراتهم وتموت ملكاتهم.
كما أن كثيراً من المعلمين والمربين التقليدين لا يعطونهم الاهتمام اللائق، بل يتضايقون منهم "لأنهم لا يحبون الانقياد والتبعية، كما أنهم مندفعون ومن ذوي الأفكار الغريبة، وغير تقليدين، ويبحثون عن التغيير في المجالات التي تتطلب إظهار روح المغامرة، ويميلون إلى الفوضى وعدم النظام" (رعاية الموهوبين والمبدعين. رمضان القذافي ص (123).
2 - وهم الغرور:
وهذا من أكثر الأخطاء التي يقع فيها بعض المربين؛ فإنه يملك حرصاً على طلابه، وحساسية مرهفة، فيقف عند الإشارة، والكلمة، والحركة، ويغرق في التحليلات، ويبالغ في التوقعات - والحرص ما لم يخرج عن حد الاعتدال مطلوب - ونتيجة لحرص المربي على طالبه، فإنه يرى أن العناية به والاهتمام به، بل وضعه في موضعه الطبعي يدعوه إلى التميز عن أقرانه مما يدخل العجب والغرور إلى نفسه، ويمكن هنا أن نسجل بعض الملحوظات:
1 - إن حرص المربي على طلبته ما لم يتجاوز حد الاعتدال أمرٌ مطلوب ولا شك، والعناية بإصلاح أعمال القلوب وتفقدها ومدافعة أمراض النفس مسلكٌ لا جدال فيه.
2 - لا شك أيضاً أن الغرور والعجب داء قاتل، - وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله-.
3 - لا شك أن العناية بالطالب النجيب، ورعايته لا بد أن ينتج عنها تميزه على زملائه وأقرانه.
ولكن: لماذا لا ننظر إلى المسألة إلا من جانب واحد هو الخوف عليه من الغرور؟ فلماذا ننسى أن من حقه التربية والعناية والرعاية ؟ ولماذا نغلب الخوف وحده دون الرجاء ؟ بل إن هناك خوفٌ آخر يجب أن نحكمه هنا، ألا وهو أن إهمال النجيب، وترك العناية به ورعايته مدعاة لأن نخسر طاقة كان يمكن أن تستثمر.
ومن يتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لن يعدم الشواهد العديدة من اهتمامه صلى الله عليه وسلم وعنايته بذوي القدرات من أصحابه، وأن هذا الاعتبار لم يكن عائقاً عن الاهتمام بهم وإنزالهم المنـزلة اللائقة، ومن ذلك:
1 - ثناؤه صلى الله عليه وسلم على بعض أصحابه في مواقف عديدة بعبارات حفظت وسطرها علماء التراجم ضمن مناقبهم رضوان الله عليهم، ولا شك أن هذه العبارات تحمل من التزكية والثناء مالا تحمله أي عبارة من غيره صلى الله عليه وسلم، وأي عبارة ثناء وتقدير يسمعها من بعدهم لن تبلغ منـزلة ثناء صاحب الرسالة، أفلم يكن صلى الله عليه وسلم حريصاً على حماية أصحابه من العجب والغرور؟
2 - تكليفه صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بل والشباب منهم بمهام لا يقوم بها إلا الأكابر، ومن ذلك:
أ - تكليف زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بكتابة الوحي وهو غلام.
ب - تأميره أسامة بن زيد -رضي الله عنه- وهو دون العشرين من عمره على جيش يغزو الروم وفيه كبار أصحابه.
ج - توليته عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- على الصلاة بقومه(رواه أحمد 5/30 (20355).
د - حين قدم عليه وفد ثقيف وكان فيهم عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- وهو أصغر الوفد سناً ولاَّه عليهم وأمره بإمامتهم، ووجهه قائلاً:"أم قومك، فمن أم قوماً فليخفف، فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء"( الحديث في مسلم (468) وأصل القصة عند الطبراني كما في المجمع (9/371) وعند ابن سعد (6/47).
هـ وولى عتاب بن أسيد -رضي الله عنه- أميراً على مكة وكان عمره حين استعمل نيفاً وعشرين سنة(الإصابة (4/356).
3 - إطلاع بعض الشباب من الصحابة على بعض الأمور المهمة التي لا يطلع عليها إلا الكبار، ومن ذلك:
أ - تكليف زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بتعلم السريانية وائتمانه على كل ما يكتبه صلى الله عليه وسلم لليهود وما يكتبونه له وهو لما يزال غلاماً بعد(رواه أحمد (5/186) والترمذي (2715) وأبو داود (3645).
ب - اختياره صلى الله عليه وسلم دار الأرقم لتكون مكاناً لاجتماع المسلمين في مكة مع أنه شاب لم يبلغ العشرين بعد.
ج - حين شاع الحديث في الإفك دعا النبي صلى الله عليه وسلم شابين من أصحابه فاستشارهما في قضية خاصة وحرجة ألا وهي فراق أهله، كما تحدثنا صاحبة الشأن -رضي الله عنها-:"...ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة ابن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله" (رواه مسلم (2770).
والاستطراد في سرد الشواهد يطول، ولعل فيما أوردنا كفاية.
3 - وضعه في غير موضعه:
وذلك بأن يوجه لمجالات وجوانب، ويكلف بأعمال يمكن أن يقوم بها من دونه، فهذا إهدار للطاقة النادرة ابتداءً، ومدعاة إلى شعوره بأن هذا العمل لا يليق بأمثاله، فيرى أنه لم يقدر قدره مما يؤدي إلى تسربه وإعراضه. وإنه لمن الإهدار للطاقة والقدرة، ومن التوجيه غير السليم أن يكلف مثل هذا الطالب بأعمال صحفية وفنية في الجمعية المدرسية تستهلك عليه وقته واهتماماته، في حين يقوم بها غيره ويتفرغ هو لأعمال فكرية وعلمية وقيادية تنمي المواهب الهامة التي تحتاجها الأمة.
ومن وضعه دون موضعه أن يتولى تربيته طاقات غير مؤهلة تربوياً للقيام بأمثاله، فإن استمر في المشوار التربوي فسيكون دون ما هو عليه، فنخسر طاقته وقدرته، ولست أدري إلى متى ونحن نمارس الأوهام والمخادعة لأنفسنا، فيتخيل المربي أنه قادر على التعامل مع كافة المستويات وسائر الطبقات؟ ولم لا يتجرأ المربي فيفكر أنه دون هذا العمل، وأقل من أن يقوم بفلان، وأي ضير في ذلك أو نقص عليه؟ إنك حين تطلب من رجل أن يرفع حجراً لا يطيقه يبادرك بالاعتذار وأن هذا فوق إمكانه وطاقته، فما باله لا يملك الشجاعة على الاعتذار عن تحمل هذه الأعمال التي لا يطيقها؟
إن من تقدير النجيب حق قدره أن يوجه له أمثاله ممن يملكون القدرة التربوية، ويقتنع أنهم يملكون ما يقدمونه له.
مشكلات النجباء
لئن كانت هناك أخطاء نقع فيها في تربية النجباء، فهناك مشكلات تقع منهم أنفسهم، ومنها:
1 - الغرور والعجب:
النجيب المتميز يحمل بذرة تعينه على الغرور؛ إذ هو يدرك تميزه على أقرانه في سرعة فهمه وإدراكه، وسبقه لهم في كثير من الأنشطة التي يشاركهم فيها، وحين يضاف إلى ذلك تعامل الناس معه وإعلاؤهم لشأنه وثناؤهم عليه يزيد ذلك من شعوره بالغرور والعجب.
ولهذا رعى النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى؛ عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال:"لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله عز وجل"( رواه أحمد (24721).
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ويلك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك" مراراً ثم قال:"من كان منكم مادحاً أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه" (رواه البخاري (2662) ومسلم (3000).
قال ابن بطال :"حاصل النهي أن من أفرط في مدح آخر بما ليس فيه لم يأمن على الممدوح العجب لظنه أنه بتلك المنـزلة ، فربما ضيع العمل والازدياد من الخير اتكالاً على ما وصف به"( فتح الباري (10/585).
وقال ابن حجر:"ولكن تبقى الآفة على الممدوح ، فإنه لا يأمن أن يحدث فيه المدح كبراً أو إعجاباً أو يكله على ما شهره به المادح فيفتر عن العمل ، لأن الذي يستمر في العمل غالبا هو الذي يعد نفسه مقصراً ، فإن سلم المدح من هذه الأمور لم يكن به بأس ، وربما كان مستحباً"( فتح الباري (10/586).
وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إياكم والتمادح فإنه الذبح" (رواه ابن ماجه (3743).
وحين يحل العجب والغرور قلب امريء فهذا يعني بداية العطب والهلاك، قال الغزالي:"والقلب بيت هو منـزل الملائكة ومهبط أثرهم، ومحل استقرارهم، والصفات الرديئة مثل: الغضب والشهوة والحقد والحسد والكبر والعجب وأخواتها، كلاب نابحة، فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب" (إحياء علوم الدين (1/49).
2- الإفراط في النقد:
ومن المشكلات التي تكثر عند بعض النجباء والموهوبين الإفراط في النقد، ذلك أن القدرات التي يملكونها تؤهلهم أكثر من غيرهم لاكتشاف الأخطاء، ويتراكم تأثير ذلك حتى يصبح النقد سلوكاً مستقراً لدى أحدهم، فينتقد الأشخاص والبرامج والأعمال، وبعضهم من فرط نقده قلما يرى شيئاً أو أحداً يعجبه.
والنقد بحد ذاته ليس صفة ذميمة، لكنه حين ينشأ لدى الشاب في وقت مبكر فقد يولد آثاراً غير محمودة، خاصة أن خبرة الشاب لا تزال تقصر عن مؤهلاته وقدراته.
وينشأ عن ذلك أيضاً المثالية في النقد، نظراً للإفراط في التجريد لدى الشاب وقلة الخبرة.
وقد ينشأ من الإفراط في النقد في هذه المرحلة المبكرة حرمان الشاب من الاستفادة من كثير من الأشخاص، أو البرامج والفرص المتاحة نظراً لأنها قد لا تروق له ولا تعجبه.
3 - احتقار الآخرين:
وقد ينشأ من غرور الشاب وإعجابه بنفسه أن يحتقر الآخرين؛ ذلك أنه يرى أنه أسد منهم تفكيراً، وأكثر اطلاعاً، وأسرع فهما واستيعاباً، فيولد ذلك لديه احتقارهم واستصغار شأنهم.
ويزيد من ذلك الشعور قدرته على النقد واكتشاف أخطاء الآخرين.
4 - الشذوذ وتتبع الغرائب:
يدفع بعضَ النجباء شعورُهم بالتميز وتطلعهم للتفرد إلى الشذوذ في الآراء، وتتبع الغرائب، ويغذي ذلك شهوة خفية توحي إليهم أن ذلك أمارة على دقة فهمهم وسعة اطلاعهم، وأنهم يدركون ما لا يدركه الآخرون.
وهذا المسلك إنما هو نتيجة للثقة المفرطة بالنفس والاعتداد بها، لذا فكثيرٌ ممن انحرفوا في ميدان الفكر وأتوا بالغرائب والشواذ هم من الأذكياء والنجباء.
ومما يعوق أمثال هؤلاء عن الرجوع للحق والاستماع للمخالف، شعورهم بأن ذلك يعني اعترافهم بنقص قدرهم وتميز الآخرين عليهم.
5 - سرعة الملل والسأم:
يتسم الموهوبون -كما سبق - بالشعور بالملل عند أداء الأعمال الروتينية، ويتطلعون كثيراً للتجديد والتطوير، وهي سمة إيجابية.
لكنها تولد مشكلات لدى كثير من المربين تتمثل في مللهم وسأمهم من البرامج التي تقدم لهم، وقد لا يستطيع كثير من المربين الوفاء بمطالبهم وملاحقة تطلعاتهم، خاصة التقليدين منهم الذين لا يستوعبون التطوير والتجديد، وتمثل الأساليب التقليدية التي اعتادوها ثوابت لا يفكرون في تجاوزها.
وقد ينتج عن هذه المشكلة انقطاع هؤلاء، أو جنوحهم إلى الكسل والعجز، أو إلى العبث والشغب.
وصايا للاعتناء بالنجباء :
أنتجت الدراسات المعاصرة برامج ووسائل للاعتناء بالموهوبين ورعايتهم، وثمة مدارس عدة تتفاوت فيما بينها في وسائل الرعاية والاهتمام.
لكن لما كان هذا الحديث حديثاً خاصاً للمربي والمعلم الذي لا يملك التغيير في بنية التعليم وهيكليته رأيت الاقتصار على بعض المقترحات التي يمكن أن يطبقها المعلمون والآباء.
وقبل ذلك أشير باختصار شديد إلى أهم وسائل رعاية الموهوبين في البرامج التعليمية:
1 - التجميع أو العزل
وهو تجميع المتميزين من الطلاب في فصول خاصة بالمدرسة الواحدة جزءاً من اليوم الدراسي أو طوال اليوم، أو تجميعهم في مدارس خاصة.
2 - الإثراء
ويقوم هذا الأسلوب على أساس إغناء المنهج في إطار الصفوف العادية، أو في مجموعات خاصة، ومن أساليب الإثراء المستخدمة:
أ - أن تكون هناك مقررات إضافية، أو أجزاء من المقررات لا يلزم بها الطالب العادي.
ب - إضافة أجزاء في كل وحدة أو موضوع في الكتاب الدراسي كقراءات إضافية أو بحوث أو نحو ذلك.
ج - إعداد كتب إضافية تصحب الكتاب المدرسي.
3 - الإسراع
ويتضمن القبول المبكر في المراحل التعليمية بالنسبة لعمر الطالب الزمني، أو السماح له بتخطي بعض الصفوف الدراسية، أو إنهاء دراسته في مدة أقل مما تتطلبه مرحلته الدراسية(انظر: الموهوبون 22-29 ، 61-63، 180-181.).
وقد تكون الاستفادة المباشرة لبعض المربين من هذه الوسائل محدودة، وإن كنا ننتظر من المربين ألا يقفوا عند حدود ما يقدم لهم جاهزاً بل يسعوا لتوظيف خبرات الآخرين بالطريقة المناسبة، وحين يكون المربون غير قادرين على ذلك فهذا يعني الشك في تأهلهم وقدرتهم على التربية ابتداءً.
لذا نقدم هذه الوصايا التي نأمل أن يستفيد منها المربون في الاعتناء بالنجباء والموهوبين:
1 - الحرص على التعرف عليهم واكتشافهم ابتداء، وإن كانت الاختبارات والمقاييس العلمية قد لا تتيسر في ذلك، إلا أنه يمكن أن تُستخدم الوسائل الآتية التي قد تعد مؤشرات قوية:
أ - الملاحظة المباشرة، وتفتقر إلى خبرة المعلم وقدرته على التقويم.
ب - تطوير طرق التدريس وأساليبه، والبعد عن الطريقة التي تعتمد على الإلقاء، والحرص قدر الإمكان على زيادة تفاعل الطلاب ومشاركتهم.
مع ملاحظة أن المشاركة المطلوبة هنا ليست ما يفعله كثير من المعلمين من خلال طرح أسئلة في ثنايا الدرس عما سبق أن قدمه لهم، فهذه تقيس التذكر والاستدعاء، إنما ينبغي أن تكون المشاركة في التعرف على المشكلات، والوصول إلى النتائج، مع الاعتناء بالمستويات المتقدمة من التفكير.
ج - تطوير أساليب التقويم لتقيس كافة مستويات التحصيل ولا تكون مقتصرة على التذكر والاستدعاء وحده.
د - تطوير البرامج والأنشطة، والبعد عن الأساليب والأنماط التقليدية الجامدة.
هـ - تنظيم المسابقات والمنافسات والبرامج المنوعة التي تسهم في اكتشاف الطاقات والخبرات، مع مراعاة أن تصاغ بطرق تخدم في التعرف على الموهوبين والنجباء، دون أن تكون مركزة على اكتشاف المعلومات والمهارات السابقة لدى الطلاب.
و- الاستعانة بالنتائج الدراسية، مع الحذر من الاعتماد عليها وحدها، فهي تعد مؤشراً من المؤشرات.
2 - الحرص على إصلاحهم وهدايتهم، فهذه هي الركيزة الأولى للاستفادة منهم، وتوظيف قدراتهم في سبيل الخير ونصرة الحق.
3 - الاعتناء بتربيتهم وتوجيههم، والحرص على تحقيق النمو المتوازن لديهم، ويمكن الاستفادة بصورة أو أخرى من وسائل الرعاية التي أشرنا إليها قبل قليل، مع ضرورة التوازن وعدم المبالغة في إظهار الاهتمام الزائد؛ فينشأ عن ذلك نتائج عكسية.
4 - تطوير البرامج التربوية والارتقاء بها؛ بحيث تسهم في تقديم خبرات متنوعة، وتتعامل مع كافة مستويات التحصيل، وعدم التركيز على الجانب المعرفي وحده، كما هو الواقع في البرامج التربوية التي تقدم اليوم للناشئة(المؤلف بصدد إعداد كتاب يتناول الأهداف التربوية في مرحلة الشباب ووسائل تحقيقها، لعله أن يقدم بعض).
5 - مراجعة محتوى البرامج والأنشطة التربوية ووسائلها وأهدافها بحيث تراعي الفروق الفردية، وتضمينها قدراً أكبر من المرونة.
6 - الاعتناء باختيار من يولى تربية الموهوبين ورعايتهم، فليس كل المعلمين والمربين يجيدون التعامل مع الموهوبين ورعايتهم.
7 - علاج المشكلات المتولدة لديهم، كالعجب والاعتداد بالنفس، قبل أن تنمو وتستفحل فيصعب علاجها.
لا بد من الاعتدال:
إنه ومع ضرورة الاعتناء بالنجباء والموهوبين فلا بد من الاعتدال في ذلك، وأن يوضع الأمر في الإطار الطبيعي، بحيث لا يؤدي إلى:
1 - إهمال دعوة سائر الناس وتربيتهم، فدين الله تعالى جاء خطاباً للجميع، وليس ديناً خاصاً بالنخبة.
2 - الإعراض عمن أقبل من غير هؤلاء وإهماله؛ فقد أنكر الله تبارك وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إعراضه عن ابن أم مكتوم حين جاء مقبلاً وانشغاله بصناديد قريش {عَبَسَ وَتَوَلَّى. أَنْ جَاءهُ الأَعْمَى. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى. أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى. وَأَمَّا مَنْ جَاءكَ يَسْعَى. وَهُوَ يَخْشَى. فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى. كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ}.
3 - احتقار من سواهم والنظرة إليهم نظرة قاصرة، وقد يكون فيهم من هو أزكى وأفضل عند الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم : "رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (رواه مسلم (2622).وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم :"ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره. ألا أخبركم بأهل النار؟ كل جواظ زنيم متكبر".( رواه البخاري (4918) ومسلم (2853).
وأعـلى النبي صلى الله عليه وسلم منـزلة الضعفاء وشـأنـهم؛ فقد قال لسعـد بن أبي وقـاص - رضي الله عنه- حين رأى أن له فضلاً على من دونه: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟"( رواه البخاري (2896)، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "أبغوني ضعفاءكم فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم" (رواه أحمد (21224) وأبو داود (2594) والترمذي (1702) والنسائي (3179). وقال صلى الله عليه وسلم : "طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع" (رواه البخاري (2887).
بل والصحوة اليوم تحتاج لطائفة من الصالحين الصادقين الذين لا يأبه لهم الناس، ولو لم يتولوا مسؤوليات وأعباء، علها أن تنصر وتوفق بدعائهم وصدقهم مع الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يحشرنا في زمرة عباده الصالحين، إنه سميع مجيب،،،

نزوف
03 Sep 2006, 09:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

مـوضوع قيــم .. ويحوي فوائد جمّه .. نفع الله بداعية الأسره والمجتمع الشيخ محمد الدويش ..

وجزاه عـنا خـيراً ...

أثابكم ربي ولا حرمكم الأجـــر strawberry

بسمه
04 Sep 2006, 10:01 PM
بارك الله فيك
واحسن الله لشيخنا الفاضل
ونفع بعلمه