المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هلاّ غنّيتِ لزوجك !



الحزين للأبد
26 Jul 2006, 10:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

أنقل لكم هذا الموضوع من موقع الشيخ المسند ...

هلاّ غنّيتِ لزوجك !

د . محمد بن عبدالعزيز المسند


أثناء قراءتي لبعض كتب الأدب ظفرت بهذه القصّة:

حدّثت امرأة قالت: حججنا عاماً، فبدأنا بالمدينة، فمررتُ بامرأة تبيع من طرائف المدينة في ناحية وحدها قد قام عنها من كان يجلس إليها، وإذا هي تغنّي بصوت خفيّ شجيّ، فالتفتّ فرأيتها، فقالت: هل من حاجة؟. قلت: نعم. قالت: وأنتِ قائمة؟ لو قعدتِ! فقعدتُ كالخجِلة، فقالت: كيف عِلمكِ بالغناء؟، قلت: علم لا أحمده. قالت: علامَ أنفخ بلا نار؟ وما منعكِ من معرفته، فوالله إنّه لسَحوري وفطوري. قلت: وكيف وضعتِه بهذا الموضع العالي؟.. قالت: إنّ لي قصّة. قلت: وما هي؟، قالت: كنت أيّام شبابي وأنا في مثل هذه الخِلقة ..من القبح والدمامة والسُمرة، وكنت أشتهي قرب زوجي شهوة شديدة، وكان زوجي شابّاً وضيئاً، وكان لا ينتشر عليّ إلا بمعالجة طويلة، فأضرّ ذلك بي، وكانت أحبته امرأة تجاورني، فزاد ذلك في غمّي، فشكوت إلى جارة لي أخرى ما أنا فيه، وغلبة تلك المرأة على زوجي، فقالت: هل أدلّك على ما يُنهضه عليك، ويردّ قلبه إليك ؟ قلت: إذاً تكوني أعظم الخلق منّة عليّ.

قالت: اختلفي إلى ( فلانة ) مولاة آل الزبير، فإنّها حَسَنة الغناء، فاعلقي من أغانيها أصواتاً عشرة، ثمّ غنّي بها لزوجك، فإنّه يقبل عليك بجوارحه كلّها. قالت: ففعلت حتى حذقتُ ما قالت، فكنت إذا أقبل زوجي من مهنته، اضطجعت فرفعت عقيرتي بالغناء، فإذا غنّيتُ صوتاً بتّ على....، وإن غنّيت صوتين بتّ على اثنين، وإن ثلاثة فثلاثة..

فكنّـا كندمانَيْ جَذِيمـة حقبة من الدهر حتّى قيل لن يتصدّعا

إنّ هذه القصّة الطريفة تكشف عن علاج فعّال لمشكلة زوجية مؤرّقة، ألا وهي انصراف الرجل عن امرأته لسبب أو لآخر، لا سيّما في هذا الزمن؛ زمن الإعلام المرئيّ الباهر، الذي يضجّ بالغناء الساحر، وبأصوات رخيمة فاتنة، وخليق بالمؤمن الطاهر الذي امتلأ قلبه محبّة لله ـ عزّ وجلّ ـ، أن يعرض عن هذا اللغو الفاجر: (( والذين هم عن اللغو معرضون )) ، ولكن ما حال امرأة ابتليت بزوج مفتون بالغانيات، هل تسلمه لهنّ ليذهبن بلبّه؟ ألم يخبرنا حبيبنا ـ صلّى الله وعليه وسلّم ـ أنّ حور الجنّة يغنين لأزواجهنّ. فعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم- : (( إنّ في الجنة لمجتمعًا للحور العين، يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنّا له )).

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال: (( ما من عبد يدخل الجنّة إلا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين يغنّيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجنّ، و ليس بمزامير الشيطان )) .

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: (( إنّ أزواج أهل الجنّة ليغنّين لأزواجهنّ بأحسن أصوات ما سمعها أحد قطّ، إنّ ممّا يغنّين به: نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام ينظرون بقُرّة أعين. وإنّ ممّا يغنّين به: نحن الخالدات فلا نمتنهْ، نحن الآمنات فلا نخفنهْ، نحن المقيمات فلا نَظْعَنّهْ )).

وقال رجل من قريش لابن شهاب: هل في الجنّة سماع، فإنّه حُبّب إليّ السّماع؟ فقال: أي والذي نفس ابن شهاب بيده، إنّ في الجنّة لشجرًا حِمْله اللؤلؤ والزبرجد، تحته جوارٍ ناهدات يتغنّين بألوان، يقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الخالدات فلا نموت، يتغنّين بألوان، فإذا سمع ذلك الشجرُ؛ صفّق بعضه بعضًا، فأجبن الجواري، فلا ندري أصوات الجواري أحسن أم أصوات الشجر [1].

وعن خالد بن يزيد قال: إنّ الحور العين يغنّين أزواجهنّ، فيقلن: نحن الخيرات الحسان، أزواج شباب كرام، ونحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن، في صدر إحداهنّ مكتوب: أنت حبّي وأنا حبّك، انتهت نفسي عندك، لم تر عيناني مثلك [2].

والآثار في ذلك كثيرة، فهلا اقتديت أيتها المؤمنة العفيفة الصابرة بنساء أهل الجنّة، وغنّيتِ لزوجك لتكسبي ودّه، وتملكي قلبه، وتغضّي عن الحرام بصره وسمعه؟ وقبل ذلك تنالي الثواب الجزيل من الله.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] أين هذا ممّا يُسمّى اليوم بالفيديو كلبّ ؟.

[2] ينظر - بتوسّع - إلى كتاب ( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ) للإمام ابن قيّم الجوزية عليه رحمة الله .