البركات
15 Jul 2006, 08:35 PM
الحسد : تعريفه ، حكمه ، آثاره ، أسبابه ، علاجه:
فقد جعل الله المحبة الخالصة بين المسلمين هي أوثق عرى المحبة في الله ،
وجمع المتحابين تحت ظلال عرشه ، ووثق الإسلام بذلك بوجوب المحافظة
على مال المسلم وعرضه ونفسه ،
بأن لا يصيبه أذى ولا يُمس بسوء .
ولكن تبحر بعض النفوس في مياه آسنة تتشفى ممن أنعم الله عليهم
ورزقهم من خيره بالحقد والحسد
فيثمر ثمراً خبيثاً غيبةً ونميمةً واستهزاء وغيرها . ولا يخلو مجتمع من تلك النفوس الدنيئة .
لذلك كان لزاماً علينا معشر الدعاة أن نطرح مثل هذه المواضيع
التي انتشرت في المجتمع الإسلامي بل في ...
الأوساط الشبابية وحلق التحفيظ فقد يحسد الشاب
أخاه على حسن صوته أو لحفظه الجيد أو لعبادته .
وسيكون عرض هذا الموضوع علىطريقة السؤال والجواب
لأنها أسرع للفهم والحفظ .
تعريف الحسد:
هو تمني زوال النعمة عن المحسودوإن لم يصر للحاسد مثلها.
أنواعه:
- 1- كراهة للنعمة على المحسود مطلقاً وهذا هو الحسد المذموم .
- 2- أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وهذه هي الغبطة .
مراتبالحسد:
- 1- يتمني زوال النعمة عن الغير .
2- - يتمنى زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه .
3- - أن يتمنى زوال النعمة عن الغير بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالماً .
4- - ألا يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلها ،
وإن لم يحصل له مثلها تمنى زوالها عن المحسود حتى يتساويا ولا يفضله صاحبه .
- 5- أن يحب ويتمنى لنفسه مثلها فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن مثله وهذا لا بأس به.
حكم الحسد:
حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
لا تباغضوا ولاتحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) رواه مسلم .
الأسباب التي تؤدي إلىالحسد:
يمكن تقسيم الأسباب إلى أسباب من الحاسد أو من المحسود أو قد يشترك فيها الإثنان :
- 1- العدواة والبغضاء والحقد ( هذا السببمن الحاسد
- 2- التعزز والترفع ( هذا السبب من الحاسد
- 3التفاخر بالمنصب والنسب والمال( وهذا من الحاسد
- 4- حب الرئاسة وطلب الجاه لنفسه ( هذا السبب من الحاسد
- 5- ظهور الفضل والنعمة على المحسود وهذا السبب من الحاسد
وبخاصة بين الاقران والاصحاب والاقرباء والجيران.
- 6- حب الدنيا والمال ( هذا السبب من الحاسد.
- 7- الكبر ( هذا السبب من المحسود بسبب الكبر
8- - ( الظلم ( هذا السبب من المحسود بسببالظلم
- 9- البغي و التطاول على العباد ( هذاالسبب من المحسود . بسبب البغي
- 10- المجاورة والمخالطة ( هذا السبب يشترك فيه الحاسد والمحسود
- - 11 (الحرمان والفقدان والتطلع وعدم القناعة) وهذا السبب من الحاسد
12 -- (خبث النفس) وهذا الذي ليس له سبب
فقط لأنه خبيث النفس ولا يحب الخير للآخرين ويتطلع الى الآخرين ويفسد عليهم
بعض آثار الحاسد وأضرارهعلى الفرد والمجتمع:
- 1- حلق الدين ( دبّ إليكم داء الأممقبلكم البغضاء والحسد هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر .
- 2- إنتفاءالإيمان الكامل ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم
ولا يجتمع فيجوف عبد الإيمان والحسد .
- 3- رفع الخير وانتشار البغضاء في المجتمع ( لايزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا
- 4- اسخاط الله وجني الأوزار ( الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
- 5- مقت الناس للحاسد وعداوتهم له ( شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه
- 6- الحاسد يتكلم في المحسود بما لايحل له من كذب وغيبة وإفشاء سر .
الموقف الذي يجب أن يقفه المحسود من الحاسد:
- 1- الرجوع إلى الله وتجديد التوبة مع الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه .
- 2- التوكل على الله .
- 3- الاستعاذه بالله وقراءة الأذكار والأوراد الشرعية .
- 4- دعاء الله بأن يقيك من الحساد .
- 5- العدل مع الحاسد وعدم الإساءة إليه بالمثل .
- 6- الإحسان إلى الحاسد .
- 7- الرقية الشرعية.
- 8- عدم إخبار الحاسد بنعمة الله عليك .
لوقال قائل أنا أبتليت بالحسد ! فكيف أزيل الحسد من قلبي ؟
- 1- التقوى والصبر .
- 2- القيام بحقوق المحسود .
- 3- عدم البغض .
- 4- العلم بأن الحسد ضرر على الحاسد في الدنيا والآخرة .
- 5- الثناء على المحسود وبرّه.
- 6- إفشاء السلام .
- 7- قمع أسباب الحسد من كبر وعزة نفس وافتخار واحتقار الآخرين .
- 8- الإخلاص .
- 9- قراءة القرآن .
- 10- تذكرالحساب والعقاب .
- 11- الدعاء والصدقة .
تأمل في الأدلة التالية واستنتج منها مظاهر قبح الحسد؟
- 1- قال تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) . مظهر قبح الحسد
أنه أول ذنب عصي الله به فيالسماء .
- 2- قال تعالى ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك
قال إنما يتقبل الله منالمتقين ) . مظهر قبح الحسد أنه أول ذنب عصي الله به في الأرض .
- 3- قال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عندأنفسهم من بعد
ما تبين لهم الحق ) . مظهر قبح الحسد أنه من صفات الكفار من اليهود والنصارى .
- 4 -أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ- 54 : النساء- مظهر من حسد اليهود
- 5 - فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا- 15 : الفتح – مظهر من مظاهر الحسد
- )) - 6 كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ))- واقامة الحروب من شأن اليهود فهي من اشد انواع الحسد
-7 - فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة
إلا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين(20) وقاسمهما إني لكما من الناصحين(21) فدلاهما بغرور.
(22)الاعراف. وهذا الحسد من اشد انواع الحسد الخبيث الذي يأتي على انه ناصح امين ويريد الخير
وبينما في الحقيقة يكن له كل الشر والخبث والكيد والمكر والزيغ والضلال كما هو الشيطان مع بني آدم
- 8 - قال صلى الله عليه وسلم ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ،
ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ) . مظهر قبح الحسد أنه يضاد الإيمان بالله تعالى .
- 9 - قال صلى الله عليه وسلم ( دبّ إليكم داءالأمم من قبلكم الحسد والبغضاء ) . مظهر قبح الحسد أنه داء وقع فيه جميع الأمم من قبلنا .
- 10 - وعن أبي هريرة رضيالله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " .
- 11- وعن مولى الزبير ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "دب فيكم داء الأمم من قبلكم : الحسدوالبغضاء ، والبغضة هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين ، والذي نفس محمد بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه الترمذي
وبعض اقول العلماء في الحسد:
وروى الإمام حجة الإسلام الغزالي (1) عن بعض السلف :
"أن أول خطيئة للبشر كانت الحسد، حسد إبليس آدم عليه السلام على مرتبته فأبى أن يسجد له فحمله الحسد على معصية الله ، وإياك والحسد فإن ابن آدم قتل أخاه حين حسده " .
والحسد هوكراهة النعمة وتمني زوالها عن صاحبها (1و2)
وهو حرام بكل حال .
وأما الغبطة فهي:
أنترى النعمة على أخيك فلا تكره وجودها
ولا تحب زوالها عنه ،
بل تتمنى من الله أنيرزقك مثلها وليس في ذلك ما يأثم عليه .
ويرى أبو بكر الرازي (3)
" أن الحسد يتولد من اجتماع البخل والشره في النفس،
وهو شر من البخل،
فالبخيل لا يحب أنيمنح أحداً شيئاً مما يملكه،
أما الحسود فإنه يتمنى ألا ينال أحد خيراً أصلاً،
ولوكان الخير ليس مما يملكه هو والحسد داء من أدواء النفس عظيم الأذى لها .
ولعظم ضرر الحسد على الإنسان وعلى المجتمع ،
فقد نفر القرآن الكريم منه وأمر بالاستعاذة :
من شر الحاسد كما أمر بالاستعاذة من نفث الشيطان
فالحسد مفسد للطاعات ،
باعث على الخطايا .
وهو نار تضطرم (4)
في صدر الحسود،
فما تراه إلا كاسف الوجه،
قلق الخواطر،
غضبان على القدر قد عادى حكمة الله .
قال تعالى : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) .
ويرى الإمام أبو بكر الرازي (3)
أن الحسد يضر بالنفس لأنه يشغلها عن التصرف المفيد لها وللبدن،
وذلك يسبب طول الحزن والتفكر ،
ثم إنه يضر بالجسد لما يعرض للمحسود من طول السهر
وسوء الإغتذاء
وينشأ عنذلك رداءة من اللون وسوء السحنة وفساد المزاج .
وينبه د. نضال عيسى (2)
جميع المربين والوالدين إلى أن مرد الحسد
قد يكون لسوء التربية
كقدوم طفل جديد تهتم به الأسرة وتنسى الأولاد
فيبدأ الحسد بالظهور لديهم
أو أن يقارن المربي بشكل سيء بين الأولاد
فيصف أحدهم بالذكاء والآخر بالغباء بطريقة جارحة،
أو عندما يربى طفل فقير في بيئة غنية مترفة .
لذا وجب على المربين وعلى كل من الأبوين إشعار أطفالهم جميعاً
بالرعاية والحب وبدون تفريق بالأعطيات بينهم وغير ذلك .
ويلخص د. حامدالغوابي (4)
الآثار السيئة للحسد على البدن وصحته
ويبين أن الحسد يؤدي عند الحاسد
إلى ظهور انفعالات نفسية عصبية
كما تضطرب عنده الغدد الصماء ،
فيعتل جسمه ويذوب .
فالحاسد دوماً في ضيق وقلق ،
وهذا يصحبه الأرق ،
ومع استمرار الأرق يحس بالإعياء والتعب
ويفقد شهيته للطعام ويتناقص وزنه
ثم تظهر عنده أعراض عصبية مزعجة
،كالصداع والطنين في الأذنين تمنع عنه الراحة والهدوء ،
وقد تظهر آلام خناقية فيصدره ،
وكلما احتدمت نزوات حسده زاد الألم
وتكررت نوبة مما يعرضه للإصابة بالذبحةالصدرية .
والحسد يهيء للإصابة بقرحة المعدة
التي تنشأ من الانفعالات
أكثر مما تنشأ عن خطأ في التغذية ،
وقد يؤدي لارتفاع الضغط الدموي ،
والذي يتناسب ارتفاعه مع زيادة الانفعالات ويعظم خطره .
ونحن نعلم أن أطباء القلب يوصون المرضى بالهدوء والراحة
وترك الهواجس ، ونبذ انشغال الفكر بالغير
والبعد ما أمكن عن الانفعالات النفسية .
وقد يسبب الحسد مرض السوداء [ المانخوليا:]عند الحاسد
وحبه للوحدة والعزلة غير ما يؤدي إليه:
من ارتباك العقل وعدم القدرة على التركيز ،
وكم سبب الحسد عند صاحبه من عقد نفسية
وتركت عنده أمراضاً لا يمحى أثرها.
وأخيراً فإنك لن ترى حاسداً حقوداً
إلا وقد رسم في وجهه تجاعيد الشيخوخة
ولفحة الشيب ـ المبكران ـ وإن كان في عنفوان شبابه .
والملاحظات:
التي أوردت حول الامراض السيئة وما يصاحب الحاسد
وما تعود عليه.
تؤكد الإعجاز الطبي الرائع في التوجيهات النبوية للمسلمين
باجتناب هذه الآفة الخبيثة
ومن أجل نظافة المجتمع المسلم
ورص صفوفه أيضاً .
ولقد استنبط العلماء المسلمون طرقاً علاجية ناجعة
لمن أرادالتخلص من مرضه ،
من ذلك ما فصله حجة الإسلام الإمام الغزالي في إحيائه قائلاً:
واعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب
ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل :
والعلم النافع لمرضى الحسد هو أن تعرف:
أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين،
وأنه لا ضرر فيه على المحسود بل ينتفع به فيهما .
ومهما عرفت عن بصيرة فارقت الحسد لا محالة ..
أما كونه ضرر عليك في الدين
فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى
وعدله الذي أقامه في ملكه وهذه جناية لى التوحيد …
وأما كونه ضرر عليك فيالدنيا
فهو أنك تتألم بحسدك أو تتعذب به ،
ولا تزال في كمد وغم بكل نعمة تراها على غيرك ..
وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه
ولأن النعمة لا تزول بحسدك ،
بل قدر الله تعالى من نعمة
فلا بد أن يدوم إلى أجل قدره الله
فلا حيلة في دفعه ،
ولكل أجل كتاب ..
وأما أن المحسود ينتفع به في الدين
فهو أنه مظلوم من جهتك
لا سيماإذا أخرجك الحسد إلى الغيبة والقدح فيه،
فهذه هدايا تهديها إليه من حسناتك
حيث تأتي مفلساً يوم القيامة .
وأما العمل النافع فيه فهو أن يحكم الحسد،
فكل مايتقاضاه الحسد من قول وفعل،
فينبغي أن يكلف نفسه نقضيه،
فإن بعثه الحسد على القدح في محسوده
كلف لسانه المدح له ،
وإن حمله على التكبر ألزم نفسه التواضع له،
وهكذاحتى تتولد الموافقة التي تقطع مادة الحسد " .
والحقيقة أن قول الإمام الغزالي رحمه الله:
في أنه لا ضرر على المحسود من حاسده،
ليس صحيحاً في كل الأحوال .
والادلة والواقع وخروج ادم من الجنة
والضرر الذي حصل لهابيل من قابيل
ويوسف عليه السلام من إخوته
وغيرها من الادلة كلها تدل:
على حصول الضرر للمحسود بسبب الحسد
وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة من سورة الفلق
عندما طلب المولى سبحانه وتعالى من المؤمنين
أن يستعيذوا من شر الحاسد إذا حسد ،
وننقل هنا ما يقوله الإمام القرطبي (5) ما نصه :
" قال العلماء أن الحسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ،
وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود
فيتبع مساوئه ويطلب عثراته
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :
" إذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فلا تبغوإذا تطيرت فامض ".
وعلق د. محمد خالد سلطان (6)
على الآية بقوله :
" بين القرآن لعلماء النفس نقطة ضرورة وجود الإرادة
في نية السوء كي تحدث الإساءة " . ويشرح ذلك فيقول :
" إن الحسد المادي فيه نوعان من الحركة :
إرادية وغيرإرادية ،
ولا يعمل العضو إلا إذا كان فيه حركة
ولا ينتج الجسد إلا إذا تجلت فيه الحركة
سواء منها الإرادية منها وغير الإرادية .
فالغيرة:
في الإنسان هي حركة روحية نفسية غير إرادية ،
لكنها قد تؤدي إلى الحسد الذي هو حركة إرادية روحية ،
لذلك نرىأن الحاسد لا يؤثر في محسوده إلا إذا أراد حسده ،
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(ومن شر حاسد إذا حسد )
فإذا لم يرد الحاسد أن يحسد فلن يصيب محسوده أي أذى " .
فقد جعل الله المحبة الخالصة بين المسلمين هي أوثق عرى المحبة في الله ،
وجمع المتحابين تحت ظلال عرشه ، ووثق الإسلام بذلك بوجوب المحافظة
على مال المسلم وعرضه ونفسه ،
بأن لا يصيبه أذى ولا يُمس بسوء .
ولكن تبحر بعض النفوس في مياه آسنة تتشفى ممن أنعم الله عليهم
ورزقهم من خيره بالحقد والحسد
فيثمر ثمراً خبيثاً غيبةً ونميمةً واستهزاء وغيرها . ولا يخلو مجتمع من تلك النفوس الدنيئة .
لذلك كان لزاماً علينا معشر الدعاة أن نطرح مثل هذه المواضيع
التي انتشرت في المجتمع الإسلامي بل في ...
الأوساط الشبابية وحلق التحفيظ فقد يحسد الشاب
أخاه على حسن صوته أو لحفظه الجيد أو لعبادته .
وسيكون عرض هذا الموضوع علىطريقة السؤال والجواب
لأنها أسرع للفهم والحفظ .
تعريف الحسد:
هو تمني زوال النعمة عن المحسودوإن لم يصر للحاسد مثلها.
أنواعه:
- 1- كراهة للنعمة على المحسود مطلقاً وهذا هو الحسد المذموم .
- 2- أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وهذه هي الغبطة .
مراتبالحسد:
- 1- يتمني زوال النعمة عن الغير .
2- - يتمنى زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه .
3- - أن يتمنى زوال النعمة عن الغير بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالماً .
4- - ألا يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلها ،
وإن لم يحصل له مثلها تمنى زوالها عن المحسود حتى يتساويا ولا يفضله صاحبه .
- 5- أن يحب ويتمنى لنفسه مثلها فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن مثله وهذا لا بأس به.
حكم الحسد:
حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
لا تباغضوا ولاتحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) رواه مسلم .
الأسباب التي تؤدي إلىالحسد:
يمكن تقسيم الأسباب إلى أسباب من الحاسد أو من المحسود أو قد يشترك فيها الإثنان :
- 1- العدواة والبغضاء والحقد ( هذا السببمن الحاسد
- 2- التعزز والترفع ( هذا السبب من الحاسد
- 3التفاخر بالمنصب والنسب والمال( وهذا من الحاسد
- 4- حب الرئاسة وطلب الجاه لنفسه ( هذا السبب من الحاسد
- 5- ظهور الفضل والنعمة على المحسود وهذا السبب من الحاسد
وبخاصة بين الاقران والاصحاب والاقرباء والجيران.
- 6- حب الدنيا والمال ( هذا السبب من الحاسد.
- 7- الكبر ( هذا السبب من المحسود بسبب الكبر
8- - ( الظلم ( هذا السبب من المحسود بسببالظلم
- 9- البغي و التطاول على العباد ( هذاالسبب من المحسود . بسبب البغي
- 10- المجاورة والمخالطة ( هذا السبب يشترك فيه الحاسد والمحسود
- - 11 (الحرمان والفقدان والتطلع وعدم القناعة) وهذا السبب من الحاسد
12 -- (خبث النفس) وهذا الذي ليس له سبب
فقط لأنه خبيث النفس ولا يحب الخير للآخرين ويتطلع الى الآخرين ويفسد عليهم
بعض آثار الحاسد وأضرارهعلى الفرد والمجتمع:
- 1- حلق الدين ( دبّ إليكم داء الأممقبلكم البغضاء والحسد هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر .
- 2- إنتفاءالإيمان الكامل ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم
ولا يجتمع فيجوف عبد الإيمان والحسد .
- 3- رفع الخير وانتشار البغضاء في المجتمع ( لايزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا
- 4- اسخاط الله وجني الأوزار ( الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
- 5- مقت الناس للحاسد وعداوتهم له ( شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه
- 6- الحاسد يتكلم في المحسود بما لايحل له من كذب وغيبة وإفشاء سر .
الموقف الذي يجب أن يقفه المحسود من الحاسد:
- 1- الرجوع إلى الله وتجديد التوبة مع الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه .
- 2- التوكل على الله .
- 3- الاستعاذه بالله وقراءة الأذكار والأوراد الشرعية .
- 4- دعاء الله بأن يقيك من الحساد .
- 5- العدل مع الحاسد وعدم الإساءة إليه بالمثل .
- 6- الإحسان إلى الحاسد .
- 7- الرقية الشرعية.
- 8- عدم إخبار الحاسد بنعمة الله عليك .
لوقال قائل أنا أبتليت بالحسد ! فكيف أزيل الحسد من قلبي ؟
- 1- التقوى والصبر .
- 2- القيام بحقوق المحسود .
- 3- عدم البغض .
- 4- العلم بأن الحسد ضرر على الحاسد في الدنيا والآخرة .
- 5- الثناء على المحسود وبرّه.
- 6- إفشاء السلام .
- 7- قمع أسباب الحسد من كبر وعزة نفس وافتخار واحتقار الآخرين .
- 8- الإخلاص .
- 9- قراءة القرآن .
- 10- تذكرالحساب والعقاب .
- 11- الدعاء والصدقة .
تأمل في الأدلة التالية واستنتج منها مظاهر قبح الحسد؟
- 1- قال تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) . مظهر قبح الحسد
أنه أول ذنب عصي الله به فيالسماء .
- 2- قال تعالى ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك
قال إنما يتقبل الله منالمتقين ) . مظهر قبح الحسد أنه أول ذنب عصي الله به في الأرض .
- 3- قال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عندأنفسهم من بعد
ما تبين لهم الحق ) . مظهر قبح الحسد أنه من صفات الكفار من اليهود والنصارى .
- 4 -أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ- 54 : النساء- مظهر من حسد اليهود
- 5 - فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا- 15 : الفتح – مظهر من مظاهر الحسد
- )) - 6 كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ))- واقامة الحروب من شأن اليهود فهي من اشد انواع الحسد
-7 - فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة
إلا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين(20) وقاسمهما إني لكما من الناصحين(21) فدلاهما بغرور.
(22)الاعراف. وهذا الحسد من اشد انواع الحسد الخبيث الذي يأتي على انه ناصح امين ويريد الخير
وبينما في الحقيقة يكن له كل الشر والخبث والكيد والمكر والزيغ والضلال كما هو الشيطان مع بني آدم
- 8 - قال صلى الله عليه وسلم ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ،
ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ) . مظهر قبح الحسد أنه يضاد الإيمان بالله تعالى .
- 9 - قال صلى الله عليه وسلم ( دبّ إليكم داءالأمم من قبلكم الحسد والبغضاء ) . مظهر قبح الحسد أنه داء وقع فيه جميع الأمم من قبلنا .
- 10 - وعن أبي هريرة رضيالله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " .
- 11- وعن مولى الزبير ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "دب فيكم داء الأمم من قبلكم : الحسدوالبغضاء ، والبغضة هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين ، والذي نفس محمد بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه الترمذي
وبعض اقول العلماء في الحسد:
وروى الإمام حجة الإسلام الغزالي (1) عن بعض السلف :
"أن أول خطيئة للبشر كانت الحسد، حسد إبليس آدم عليه السلام على مرتبته فأبى أن يسجد له فحمله الحسد على معصية الله ، وإياك والحسد فإن ابن آدم قتل أخاه حين حسده " .
والحسد هوكراهة النعمة وتمني زوالها عن صاحبها (1و2)
وهو حرام بكل حال .
وأما الغبطة فهي:
أنترى النعمة على أخيك فلا تكره وجودها
ولا تحب زوالها عنه ،
بل تتمنى من الله أنيرزقك مثلها وليس في ذلك ما يأثم عليه .
ويرى أبو بكر الرازي (3)
" أن الحسد يتولد من اجتماع البخل والشره في النفس،
وهو شر من البخل،
فالبخيل لا يحب أنيمنح أحداً شيئاً مما يملكه،
أما الحسود فإنه يتمنى ألا ينال أحد خيراً أصلاً،
ولوكان الخير ليس مما يملكه هو والحسد داء من أدواء النفس عظيم الأذى لها .
ولعظم ضرر الحسد على الإنسان وعلى المجتمع ،
فقد نفر القرآن الكريم منه وأمر بالاستعاذة :
من شر الحاسد كما أمر بالاستعاذة من نفث الشيطان
فالحسد مفسد للطاعات ،
باعث على الخطايا .
وهو نار تضطرم (4)
في صدر الحسود،
فما تراه إلا كاسف الوجه،
قلق الخواطر،
غضبان على القدر قد عادى حكمة الله .
قال تعالى : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) .
ويرى الإمام أبو بكر الرازي (3)
أن الحسد يضر بالنفس لأنه يشغلها عن التصرف المفيد لها وللبدن،
وذلك يسبب طول الحزن والتفكر ،
ثم إنه يضر بالجسد لما يعرض للمحسود من طول السهر
وسوء الإغتذاء
وينشأ عنذلك رداءة من اللون وسوء السحنة وفساد المزاج .
وينبه د. نضال عيسى (2)
جميع المربين والوالدين إلى أن مرد الحسد
قد يكون لسوء التربية
كقدوم طفل جديد تهتم به الأسرة وتنسى الأولاد
فيبدأ الحسد بالظهور لديهم
أو أن يقارن المربي بشكل سيء بين الأولاد
فيصف أحدهم بالذكاء والآخر بالغباء بطريقة جارحة،
أو عندما يربى طفل فقير في بيئة غنية مترفة .
لذا وجب على المربين وعلى كل من الأبوين إشعار أطفالهم جميعاً
بالرعاية والحب وبدون تفريق بالأعطيات بينهم وغير ذلك .
ويلخص د. حامدالغوابي (4)
الآثار السيئة للحسد على البدن وصحته
ويبين أن الحسد يؤدي عند الحاسد
إلى ظهور انفعالات نفسية عصبية
كما تضطرب عنده الغدد الصماء ،
فيعتل جسمه ويذوب .
فالحاسد دوماً في ضيق وقلق ،
وهذا يصحبه الأرق ،
ومع استمرار الأرق يحس بالإعياء والتعب
ويفقد شهيته للطعام ويتناقص وزنه
ثم تظهر عنده أعراض عصبية مزعجة
،كالصداع والطنين في الأذنين تمنع عنه الراحة والهدوء ،
وقد تظهر آلام خناقية فيصدره ،
وكلما احتدمت نزوات حسده زاد الألم
وتكررت نوبة مما يعرضه للإصابة بالذبحةالصدرية .
والحسد يهيء للإصابة بقرحة المعدة
التي تنشأ من الانفعالات
أكثر مما تنشأ عن خطأ في التغذية ،
وقد يؤدي لارتفاع الضغط الدموي ،
والذي يتناسب ارتفاعه مع زيادة الانفعالات ويعظم خطره .
ونحن نعلم أن أطباء القلب يوصون المرضى بالهدوء والراحة
وترك الهواجس ، ونبذ انشغال الفكر بالغير
والبعد ما أمكن عن الانفعالات النفسية .
وقد يسبب الحسد مرض السوداء [ المانخوليا:]عند الحاسد
وحبه للوحدة والعزلة غير ما يؤدي إليه:
من ارتباك العقل وعدم القدرة على التركيز ،
وكم سبب الحسد عند صاحبه من عقد نفسية
وتركت عنده أمراضاً لا يمحى أثرها.
وأخيراً فإنك لن ترى حاسداً حقوداً
إلا وقد رسم في وجهه تجاعيد الشيخوخة
ولفحة الشيب ـ المبكران ـ وإن كان في عنفوان شبابه .
والملاحظات:
التي أوردت حول الامراض السيئة وما يصاحب الحاسد
وما تعود عليه.
تؤكد الإعجاز الطبي الرائع في التوجيهات النبوية للمسلمين
باجتناب هذه الآفة الخبيثة
ومن أجل نظافة المجتمع المسلم
ورص صفوفه أيضاً .
ولقد استنبط العلماء المسلمون طرقاً علاجية ناجعة
لمن أرادالتخلص من مرضه ،
من ذلك ما فصله حجة الإسلام الإمام الغزالي في إحيائه قائلاً:
واعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب
ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل :
والعلم النافع لمرضى الحسد هو أن تعرف:
أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين،
وأنه لا ضرر فيه على المحسود بل ينتفع به فيهما .
ومهما عرفت عن بصيرة فارقت الحسد لا محالة ..
أما كونه ضرر عليك في الدين
فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى
وعدله الذي أقامه في ملكه وهذه جناية لى التوحيد …
وأما كونه ضرر عليك فيالدنيا
فهو أنك تتألم بحسدك أو تتعذب به ،
ولا تزال في كمد وغم بكل نعمة تراها على غيرك ..
وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه
ولأن النعمة لا تزول بحسدك ،
بل قدر الله تعالى من نعمة
فلا بد أن يدوم إلى أجل قدره الله
فلا حيلة في دفعه ،
ولكل أجل كتاب ..
وأما أن المحسود ينتفع به في الدين
فهو أنه مظلوم من جهتك
لا سيماإذا أخرجك الحسد إلى الغيبة والقدح فيه،
فهذه هدايا تهديها إليه من حسناتك
حيث تأتي مفلساً يوم القيامة .
وأما العمل النافع فيه فهو أن يحكم الحسد،
فكل مايتقاضاه الحسد من قول وفعل،
فينبغي أن يكلف نفسه نقضيه،
فإن بعثه الحسد على القدح في محسوده
كلف لسانه المدح له ،
وإن حمله على التكبر ألزم نفسه التواضع له،
وهكذاحتى تتولد الموافقة التي تقطع مادة الحسد " .
والحقيقة أن قول الإمام الغزالي رحمه الله:
في أنه لا ضرر على المحسود من حاسده،
ليس صحيحاً في كل الأحوال .
والادلة والواقع وخروج ادم من الجنة
والضرر الذي حصل لهابيل من قابيل
ويوسف عليه السلام من إخوته
وغيرها من الادلة كلها تدل:
على حصول الضرر للمحسود بسبب الحسد
وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة من سورة الفلق
عندما طلب المولى سبحانه وتعالى من المؤمنين
أن يستعيذوا من شر الحاسد إذا حسد ،
وننقل هنا ما يقوله الإمام القرطبي (5) ما نصه :
" قال العلماء أن الحسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ،
وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود
فيتبع مساوئه ويطلب عثراته
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :
" إذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فلا تبغوإذا تطيرت فامض ".
وعلق د. محمد خالد سلطان (6)
على الآية بقوله :
" بين القرآن لعلماء النفس نقطة ضرورة وجود الإرادة
في نية السوء كي تحدث الإساءة " . ويشرح ذلك فيقول :
" إن الحسد المادي فيه نوعان من الحركة :
إرادية وغيرإرادية ،
ولا يعمل العضو إلا إذا كان فيه حركة
ولا ينتج الجسد إلا إذا تجلت فيه الحركة
سواء منها الإرادية منها وغير الإرادية .
فالغيرة:
في الإنسان هي حركة روحية نفسية غير إرادية ،
لكنها قد تؤدي إلى الحسد الذي هو حركة إرادية روحية ،
لذلك نرىأن الحاسد لا يؤثر في محسوده إلا إذا أراد حسده ،
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(ومن شر حاسد إذا حسد )
فإذا لم يرد الحاسد أن يحسد فلن يصيب محسوده أي أذى " .