مشاهدة النسخة كاملة : أسئلة فقهية
"مسلم"
04 Jul 2006, 02:31 PM
لدي مجموعة من الأسئلة الفقهية في العبادات :
ما علاج الوسواس خلال الصلاة ؟
إذا نوى الإنسان صيام سنة ثم لزمه الغسل خلال اليوم فاغتسل فهل يتم صومه ؟
خطاب الحوينى
09 Jul 2006, 01:46 AM
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك من هذه الوساوس ؛ لأن الوسوسة نوع من المرض يتوصل الشيطان من خلاله إلى إدخال الهم والحزن على المؤمن، ونوصيك بالصبر ، والفزع واللجوء إلى الله تعالى وسؤاله العفو والعافية فإنه سميع قريب مجيب ، جل وعلا .
واعلم أن خير علاج للوسوسة هو الإعراض عنها ، وعدم الالتفات إليها .
أما عن الوسوسة في الصلاة :-
* عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلى ، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ، ثم يسلم ) ( متفق عليه )
* عن عثمان ابن أبي العاصي - رضي الله عنه - قال : ( قلت يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا ) ففعلت ذلك فأذهبه الله عني ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام - برقم 2203 )
قال النووي : ( أما خنزب فبخاء معجمة مكسورة ثم نون ساكنة ثم زاي مكسورة ومفتوحة ، ويقال أيضا : بفتح الخاء والزاي حكاه القاضي ، ويقال أيضا : بضم الخاء وفتح الزاي ، حكاه ابن الأثير في النهاية ، وهو غريب وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عن وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا ، ومعنى يلبسها أي يخلطها ويشككني فيها وهو بفتح أوله وكسر ثالثه ، ومعنى حال بيني وبينها أي نكدني فيه ، ومعنى لذتها ، والفراغ للخشوع فيها ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 358 ، 359 )
ولطرد وسوسة الشيطان في الصلاة فلا بد من اتباع الوسائل التالية اقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم :- 1)
- أن يقدم اليقين على الشك
2)- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
3)- التفل عن اليسار ثلاثا
4)- فإن عاد للوسوسة ، فعد لفعل ذلك
5)- إن لبس عليه يسجد سجود السهو
وكثير من الناس ممن يعاني من داء الوسوسة قد ابتلي بهذا الداء نتيجة البعد عن منهج الكتاب والسنة ، واقتراف المعاصي وحب الشهوات والغرق في الدنيا وملذاتها
قال الأستاذ شحاته زايد في كتابه " المس الشيطاني للإمام ابن الجوزي والإمام ابن القيم " :
ومن كلام ابن القيم قوله : ( بعد أن ساق كلامه – رحمه الله – حول كيد الشيطان في أمر الوسوسة حتى ألقى أصحابها في الآصار والأغلال وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال :
وأخذ يشككهم في الطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر ، فكلما تطهر الإنسان بعد الحدث وسوس له أنه لم يتطهر بما فيه الكفاية ، أو أن شيئا قد خرج منه بعد التطهر ( ريح مثلا ) ، فإذا توضأ شككه في الماء المتوضأ به فمن أين له بأنه طاهر ، فإذا لم يستجب له جعله يكثر من استعمال الماء ويطيل الوضوء ويعيده حتى تفوته الجماعة ، ولو اتبع هؤلاء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تمكن الشيطان وما داخلهم الشك في أفعالهم ) (المس الشيطاني – ص 36 ، 37 ) منقول
خطاب الحوينى
09 Jul 2006, 01:48 AM
هل يجب أن يقول الإنسان " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " في كل ركعة ؟ أم تكفي أول ركعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أمر الله بالاستعاذة من الشيطان الرجيم عند تلاوة القرآن فقال تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } النحل / 98 .
والاستعاذة معناها : الالتجاء إلى الله من شرِّ كل ذي شرٍّ ، فهي تقال لدفع الشرور عن الإنسان ، فكأن المستعيذ يقول : أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الاستعاذة مستحبة وليست واجبة .
المغني 2 /145
وذهب بعضهم أن الاستعاذة واجبة ، واستدلوا بالآية ، وأن الأمر يدل على الوجوب . وهو قول ابن حزم ومال إليه ابن كثير رحمه الله .
انظر : " تفسير ابن كثير " ( 1 / 14 ) .
واختارات اللجنة الدائمة أن الاستعاذة سنة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
الاستعاذة سنة فلا يضر تركها في الصلاة عمداً أو نسيانياً
فتاوى اللجنة الدائمة 6 / 381
ثانياً :
ومن صيغ الاستعاذة :
1- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
2- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
3- يزيد على الصيغة الثانية من همزه ونفخه ونفثه .
ومعنى الهمز : الخنق ، والنفخ : الكبر ، والنفث : الشِّعر .
انظر : " تفسير ابن كثير " ( 1 / 13 ) .
ثالثاً :
والاستعاذة تكون في الصلاة وغيرها ، ويكفي أن تُقرأ في الصلاة مرة واحدة في أول ركعة ، ولا يجب أن تقرأ في كل ركعة .
قال ابن قدامة :
وقد روى مسلم عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ، ولم يسكت " ، وهذا يدل على أنه لم يكن يستفتح ولا يستعيذ ...
فأما الاستعاذة فاختلفت الرواية عن أحمد فيها في كل ركعة ، فعنه : أنها تختص بالركعة الأولى ، وهو قول عطاء ، والحسن ، والنخعي ، والثوري ؛ لحديث أبي هريرة هذا ، ولأن الصلاة جملة واحدة فالقراءة فيها كلها كالقراءة الواحدة ...
والرواية الثانية ، يستعيذ في كل ركعة ، وهو قول ابن سيرين ، والشافعي ، لقوله سبحانه وتعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } ، فيقتضي ذلك تكرير الاستعاذة عند تكرير القراءة ، ولأنها مشروعة للقراءة ، فتكرر بتكررها ، كما لو كانت في صلاتين .
" المغني " ( 2 / 216 ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر .
زاد المعاد 1 / 242
وقال الشوكاني :
الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى ...
فالأحوط : الاقتصار على ما وردت به السنة ، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط .
" نيل الأوطار " ( 2 / 231 ) .
رابعاً :
وقد اختلف الفقهاء في مكان الاستعاذة في الصلاة ، فقال قوم : تكون بعد القراءة وهو قول ضعيف .
وقال ابن كثير رحمه الله :
والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها .
" تفسير القرآن العظيم " ( 1 / 13 ) .
وقال الجصَّاص :
وقول من قال : " الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة " : شاذ ، وإنما الاستعاذة قبل القراءة لنفي وساوس الشيطان عند القراءة ، قال الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان } ، فإنما أمر الله بتقديم الاستعاذة قبل القراءة لهذه العلة .
" أحكام القرآن " ( 3 / 283 ) .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
خطاب الحوينى
09 Jul 2006, 01:55 AM
إغاثة اللهفان 1 ص: 135
فصل
ومن كيده الذي بلغ به من الجهال ما بلغ الوسواس
الذي كادهم به في أمر الطهارة والصلاة عند عقد النية
حتى ألقاهم في الآصار والأغلال
وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله
وخيل إلى أحدهم أن ما جاءت به السنة لا يكفي حتى يضم إليه غيره فجمع لهم بين هذا الظن الفاسد والتعب الحاضر وبطلان الأجر أو تنقيصه
ولا ريب أن الشيطان هو الداعي إلى الوسواس
فأهله قد أطاعوا الشيطان ولبوا دعوته واتبعوا أمره ورغبوا عن اتباع سنة رسول الله وطريقته
حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله أو اغتسل كاغتساله لم يطهر ولم يرتفع حدثه
ولولا العذر بالجهل لكان هذا مشاقة للرسول فقد كان رسول الله يتوضأ بالمدع وهو قريب من ثلث رطل بالدمشقي ويغتسل بالصاع وهو نحو رطل وثلث
والموسوس يرى أن ذلك القدر لا يكفيه لغسل يديه وصح عنه عليه السلام أنه توضأ مرة مرة ولم يزد على ثلاث بل أخبر أن من زاد عليها فقد أساء وتعدى وظلم
فالموسوس مسيء متعد ظالم بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكيف يتقرب إلى الله بما هو مسىء به متعد فيه لحدوده !
وصح عنه أنه كان يغتسل هو وعائشة رضي الله عنها من قصعة بينهما فيها أثر العجين
ولو رأى الموسوس من يفعل هذا لأنكر عليه غاية الإنكار وقال ما يكفي هذا القدر لغسل اثنين كيف والعجين يحلله الماء فيغيره هذا والرشاش ينزل في الماء فينجسه عند بعضهم ويفسده عند آخرين فلا تصح به الطهارة وكان يفعل ذلك مع غير عائشة مثل ميمونة وأم سلمة وهذا كله في الصحيح
وثبت أيضا في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال كان الرجال والنساء على عهد رسول الله يتوضئون من إناء واحد والآنية التي كان عليه السلام وأزواجه وأصحابه ونساؤهم يغتسلون منها لم تكن من كبار الآنية ولا كانت لها مادة تمدها كأنبوب الحمام ونحوه ولم يكونوا يراعون فيضانها حتى يجري الماء من حافاتها كما يراعيه جهال الناس ممن بلى بالوسواس في جرن الحمام
فهدي رسول الله الذي من رغب عنه فقد رغب عن سنته جواز الاغتسال من الحياض والآنية وإن كانت ناقصة غير فائضة ومن انتظر الحوض حتى يفيض ثم استعمله وحده ولم يمكن أحدا أن يشاركه في استعماله فهو مبتدع مخالف للشريعة . الشاهد أخى الكريم أن تبتعد قدر ما استطعت عن هذا و لا تلتفت اليه و أن تبنِ كما تقّدم على اليقين وفقكَ الله .
خطاب الحوينى
09 Jul 2006, 02:03 AM
بقى سؤال أخير أخى الكريم أحببت ان انقله لكَ يفيدك إن شاء الله :
هل يثاب المبتلى بالوسواس ؟ وماذا يجب عليه أن يفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال تعالى في سورة الناس : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ).
روى مسلم (132) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . قَالَ : وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ .
وروى مسلم ( 3203 ) أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاثًا . قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي .
وروى البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 134 ) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ.
وروى البخاري ( 1231 ) وسلم ( 389 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لا يَسْمَعَ الأَذَانَ فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ . وعند مسلم ( 571 ) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاتَهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ .
فهذه الآيات والأحاديث تبين مدى حرص الشيطان على إغواء بني آدم ، وصدهم عن عبادة ربهم ، وذلك عن طريق الوساوس التي يلقيها في صدورهم . وبينت طريق النجاة من هذه الوساوس الشيطانية . وقد يصل الحال ببعض الناس أنه يشك في كل عبادة يقوم بها ، هل فعلها أم لا ؟ وليس البحث الآن في ذم هذا ، وإنما البحث : هل يثاب المرء على مجاهدته الشيطان وإعراضه عن هذه الوساوس أم لا ؟
لم يُرَ في مظان البحث كلام صريح للعلماء في هذا الموضوع ، ولكن يفهم من كلام الشيخين ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله أنه يثاب على ذلك ، وهو ما يفهم من النصوص المتقدمة كما سيأتي .
ففي الحديث الأول : وهو سؤال الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسواس الذي يجدونه في صدورهم فقال ( ذاك صريح الإيمان ) قال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى 7/282 ) : أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد ، و الصريح الخالص كاللبن الصريح وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان فصار صريحا اهـ
وقال أيضاً : مجموع الفتاوى 14 / 108
وهذه الوسوسة هي مما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان فإذا كرهه العبد و نفاه كانت كراهته صريح الإيمان اهـ
وقل أيضاً : مجموع الفتاوى 22 / 608
قال كثير من العلماء : فكراهة ذلك وبغضه وفرار القلب منه هو صريح الإيمان والحمد لله الذي كان غاية كيد الشيطان الوسوسة ، فإن شيطان الجن إذا غُلِبَ وسوس ، وشيطان الإنس إذا غُلِبَ كَذَبَ . والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره لابد له من ذلك فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر فانه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا اهـ
وقال في درء التعارض 3 / 318
وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك : بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه : بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس ، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه ، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة اهـ
وعلى هذا يمكن أن يقال : يثاب المرء على إعراضه عن هذه الوساوس ومجاهدته للشيطان لأمور :
1- مدح النبي صلى الله عليه وسلم كراهة هذه الوسوسة المتعلقة بالتشكيك في العقيدة بقوله : (ذاك صريح الإيمان) . ومن لوازم كراهة هذه الوسوسة الإعراض عنا ، وعدم الاسترسال معها.
2- امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ( ولينته ) .
3- قوله صلى الله عليه وسلم في سجدتي السهو : ( كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ ) ففيه الحث على ترغيم الشيطان وإذلاله ، وترغيمه هنا إنما هو بالإعراض عن هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها مع ما أرشد الله ورسوله إليه من الاستعاذة بالله من الشيطان وغير ذلك .
4- ما يصيب المؤمن من ضيقٍ وهمٍّ من هذه الوساوس قد يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) البخاري (5642) ومسلم (2573) .
5- كذلك قول شيخ الإسلام رحمه الله (كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد) . فتشبيهه ذلك بالمجاهد ووصفه بأنه أعظم الجهاد يؤخذ منه أنه يثاب عليه .
والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
خطاب الحوينى
09 Jul 2006, 02:10 AM
بالنسبة لسؤال حضرتك الثانى لى استفسار بسيط بارك الله فيكَ و هو هل الغسل وجب عليكَ بإحتلام أم بجماع .؟hr
تموت النفوس بأوصابها
ولم تدر عُوّادها ما بها
وما أنصفت مهجة تشتكي
هواها إلى غير أحبابها
خطاب الحوينى
09 Jul 2006, 02:27 AM
و على العموم أخى لا يبطل الصوم بالاحتلام لأنه يحصل بدون اختيار الصائم .
قال النووي في "المجموع" :
إذَا احْتَلَمَ فَلَا يُفْطِرُ بِالإِجْمَاعِ ; لأَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَمَنْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ فَوَقَعَتْ فِي جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا يُفْطِرُ مَنْ قَاءَ وَلا مَنْ احْتَلَمَ وَلا مَنْ احْتَجَمَ ) فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ اهـ .
وقال في "المغني" (4/363) :
وَلَوْ احْتَلَمَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ , لأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَائِمٌ اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/276) :
عن شخص نام في نهار رمضان واحتلم وخرج منه المني ، هل يقضي هذا اليوم ؟
فأجاب :
ليس عليه قضاء ؛ لأن الاحتلام ليس باختياره ، ولكن عليه الغسل إذا وجد المني اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص284) عمن احتلم في نهار رمضان ؟
فأجاب : صيامه صحيح ، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم ؛ لأنه بغير اختياره ، وقد رفع القلم عنه في حال نومه اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/274) :
"من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج أو العمرة فليس عليه إثم ولا كفارة ولا يؤثر على صيامه وحجه وعمرته وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منياً اهـ .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
و لو لم تر عند استيقاظك أثر للمني في ثوبك فإنه لا يلزمك الاغتسال .
قال ابن قدامة في "المغني" :
إذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ , وَلَمْ يَجِدْ مَنِيًّا , فَلا غُسْلَ عَلَيْهِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ...
وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ : (نَعَمْ, إذَا رَأَتْ الْمَاءَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ عَلَيْهَا إلا أَنْ تَرَى الْمَاءَ اهـ .
و إن كان ذلك لجماعك أهلك فإنك تكون بذلك أفطرت و لا تكمل صيامك و الله أعلم و الحمد لله رب العالمين .
"مسلم"
11 Jul 2006, 08:48 AM
الإجابتين واضحتين كتب الله لكم أجر ما أفتيتم به
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir