المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البشااااااااااااااائر (دعوه الي الجميع للمشاركة فهل من ملبيٍ لاخاه)



بيرق السعدي
20 May 2006, 07:22 PM
بسم الله والصلاة على رسوله الكريم وآله وصحبه اجمعين

اما بعد ،،،

الأحبة في الله ،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ارغب بوضع البشائر التي ذكرت في القرآن والسنه والتي اختص بها امة محمد صلى الله عليه وسلم
على ان يتم وضع كل يوم بشاره لذا ارجو التثبيت ولكم الجزاء من رب العالمين ،،،

البـــشـــــــــــائــــــــــر

البشارة الأولى

ما بُشرنا به في كتاب الله وسنة رسوله r اختُصت به هذه الأمة. وفلسفة البشارة في الاسلام هي الخبر السعيد الذي يبلغك به المُبلِّغ الأول فإذا جاءك بهذا الخبر شخص ثاني فهو ليس مبشراً لأنه سبق لغيره أن بشّرك به.والبشارة مأخوذة من تباشير الصباح أو بشائر الصباح أي بدايات الفجر الذي ينبئ عن طلوع الصباح قريباً والصباح يترك بهجة في النفوس وكذلك بشائر النخيل أول ما ينضج وهكذا كل خبر سار تسمع به لأول مرة يسمى بشارة لأنه يجعل بشرة الانسان فرِحة مبتهجة.

تأخذ البشارة مكانها ومكانتها من أن المبشَّر به قد يكون خبراً غير متوقع (فبشرناه بغلام عليم) لم يكن ينتظر ابراهيم أن يأتيه ولد، وقد يكون الخبر المبشر به صعب المنال (فبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم)، وقد يكون عظيماً عظمة مميزة (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات). والبشارة تطلق مجازاً على الخبر السيء من باب التهكم به (وبشر المنافقين) (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) بشارة سوء. والبشرى (اولئك لهم البشرى) هي الشيء الذي يأتي به البشير للمبشَر.

لماذا سمي r بشيراً ومبشراً؟ أطلق عليه الوصف لأنه ما من نبي بشّر أمته بما بشّر به r هذه الأمة وجاء بأخبار سارة في ديننا ودنيانا وأخرانا ممت يدخل الفرحة على قلب المؤمن وهذا لم يحصل لأي أمة من أي نبي ولو أن البعض بشّر أمته لكن في الغالب كان الانذار أكثر من البشارة. قال تعالى (وأرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً) (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) والأمة المسلمة غالب عليها التبشير. البشير فقط لهذه الأمة والأمم السابقة خلا فيها نذير فقط لذا حلّ بها العذاب وبقيت هذه الأمة تبشَّر بالرفعة في الدنيا والآخرة.

ونبي هذه الأمة r بشير بعد أن كان مبشِّراً وصار بشيراً لكثرة ما بشّر به أمته غلب عليه صفة التبشير فصار التبشير صفة فصار بشيراً.

والقرآن كتاب المصطفى وسَمته مع أمته بشيراً ونذيراً والقرآن حمل هذه الصفات (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لُدّا) فالتبشير والانذار هما هدفا القرآن الكريم فهو تبشير للمتقين الموحّدين الذين يستحقون البشائر العديدة والتي تزيد عن 200 بشارة في القرآن وفي المقابل الانذار لغير المؤمنين وغير الموحدين. وهذه الأمة خُصّت بالبشائر لأنها الأمة الوحيدة الموحّدة التي تمحّص التوحيد ولهذا استحقت هذه البشائر.

خطاب الحوينى
21 May 2006, 02:51 AM
و عليكَ السلام و رحمة الله و بركاته الأخ الكريم الحريص " بيرق "
أنار الله دربك و زادك حباً لإخوانك و أخواتك الأحبة فى الله , و احبك الله الذى احببتنا له يا رب .

قال تعالى ( وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ما أعظم اطمئنان القلوب بالبشارة بالنصر من الله القوى العزيز فلا يتسرب اليأس اليها فى وقت عزّ فيه النصير و تكالب على الأمة كل أحد حتى بنو جلدتها المنتسبون لها . أرى أن فى تلك البشارة الخير كله و التوكل على من بيده ملكوت كل شىء و الباعث للجد و ليس الإستكانة و الخمول ... إختصاراً , و الله الموفق الى سواء السبيل .
جزاكَ الله كل خير
يثبت hrنَظر الحسن البصرى رحمه الله تعالى إلى جنازة قد ازدحم الناس عليها فقال ما لكم تزدحمون ! ها تلك هي ساريته في المسجد اقعدوا تحتها حتى تكونوا مثله.

الزهراء
21 May 2006, 10:02 AM
السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله خيرا أخي على فتح هذا الموضوع الرائع الذي يحيي الأمل في القلوب
ولا ينبغي أن نتجاوز الحديث عن بشرى النصر بسرعة فآيات بشرى النصر كثيرة في القرآن الكريم ذكرت حتى لا يتسرب اليأس إلى قلوبنا فلقد كان الأمل والفأل الحسن المسيطر في حياة رسول الله
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل، وكان صلوات ربي وسلامه عليه عند تناهي الكرب والشدائد يبشر أصحابه بالنصر والتمكين كما فعل يوم الأحزاب. "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً".
إن المستقبل لهذا الدين، وإن المستقبل للإسلام، وإن النصر قادم إن شاء الله تعالى

إنه وعد الله وكلمته
"ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون"
ومن الآيات المبشرات بالنصر
قال الله تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون "
وقال تعالى: "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون"
ووعد الله المؤمنين بالنصر فقال:" ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين"
وقال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"
ومن البشائر وعد الله للمؤمنين بالتمكين في الأرض" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون"
وقد وعد الله في هذه الآية وهو الذي لا يخلف الميعاد وعد المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وأن يمكن لهم دينهم، وأيّ أمل للمسلمين فوق وعد الله عز وجل، وأيّ رجاء بعد ذلك للمؤمن الصادق.
ومن البشائر في كتاب الله الإشارة إلى ضعف كيد الكافرين وضلال سعيهم
قال الله تعالى:" إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون"

بيرق السعدي
21 May 2006, 05:41 PM
اخي الحبيب في الله وبالله
خطاب الحويني
انار الله لك دروبك
فبك تزيد الهمم
واشكرك على الإضافه القليلة في الكلمات
الكثيره في المعاني
ومشكورين على التثبيت

بيرق السعدي
21 May 2006, 05:43 PM
الأخت الفاضله
زهراء
جزاك الله خير
على المرور بإضافه

بيرق السعدي
21 May 2006, 05:45 PM
البشارة الثانية

يقولون: والضدُّ يُظهر حسنه الضِّدُ. فالأمر يختلف بين أن تبشر رجلاً سعيداً ورجلاً مكروباً من حيث تأثير البشارة فالبشارة يتضاعف أثرها عندما تقع على رجل يعاني معاناة شديدة. وما من ساعة من ساعات الانسان أشد معاناة من ساعة الاحتضار وهي التي يفكر فيها كل انسان وينظر اليها نظرة مرعبة ويتحاشاها. في هذه الساعة المخيفة والتي تملأ خيالنا رعباً في كل أدوار حياتنا وترتجف فيه القلوب تتنزّل عليك الملائكة ببشارة تجعل الأحاسيس في غاية السعادة والفرح (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ان لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون) أن لا تخاف مما هو قادم ولا تحزن على ما تركت من أموال وأولاد لأن الله تعالى سيملأ قلبك رضى بما هو قادم وينزع حب الدنيا منه وأبشر بالجنة التي أُعدّت للمؤمنين وأنت من المؤمنين. (ربنا الله) ما من أمة تُحسن هذه الكلمة كأمة الاسلام ولم يعد هناك أمة تأخذ بهذه الكلمة إلا هذه الأمة فهي الأمة الوحيدة الموحدة لله تعالى فما عليك إلا أن تستقيم ورأس الاستقامة الصلاة فإذا صلّى المسلم بالمحافظة عليها من النقائض والمحافظة عليها تكون بالمداومة عليها في مكانها (المسجد) وتأديتها في اوقاتها وحسن كوعها وسجودها فإذا فعل المسلم ذلك فقد ولج باب الاستقامة التي توصله لهذه البشارة العظيمة في أحلك ساعات عمره.

دقة الآيات (قالوا ربنا الله ثم استقاموا) التوحيد اولاً والعمل ثانياً ويجب أن يكون مستقيماً وسطياً يبدأ بالصلاة نؤديها ونحافظ عليها ونداوم عليها ونقيمها في أماكنها اي المساجد ويعتبر من أهل المساجد من يؤدي الصلوات فيها إلا إذا حبسه حابس هذا الانسان يترقى فيصبح من أهل هذه البشارة لأنه من حسُنت صلاته فقد ولج باب الاستغفار ويوصله الى ما يريد (تتنزل عليه الملائكة) قال تعالى تتنزل ولم يقل تنزل لأن تنزل تعني نزولها مرة واحدة وهو نزول ملك الموت أما تتنزل فتعني أن هناك ملائكة أخرى يستبشرون ويبشرون ويتنزّلون ويتناوبون على الانسان المحتضر يواكبونه من ساعة الاحتضار الى أن يستقر في الجنة ويؤنسون وحشته في البرزخ (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه) ويراقبونه الى أن يدخل الجنة (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).

والآية في سورة فصلت تبين أن الله تعالى الذي له مئة رحمة رحمة واحدة فقط هي التي تحيا بها كل المخلوقات على الأرض وكل من في قلبه رحمة على الآخر انما هي جزء من هذه الرحمة الواحدة وكل رحمات الله تعالى على عباجه منها وادّخر سبحانه 99 رحمة للآخرة وتبدأ هذه الرحمات في التعامل مع المؤمن الذي قال ربي الله ثم استقام منذ ساعة الاحتضار الى أن يستقر في الجنة فماذا يمكن أن تفعل الرحمات التسع والتسعون في نفس المحتضر؟ وقد قال r في الحديث الشريف: " ما من مؤمن يموت يودّ أن يرجع الى الدنيا لما يرى من سعة رحمة الله عز وجلّ".

بيرق السعدي
22 May 2006, 11:13 PM
البشارة الثالثة

في كتاب الله آيات أو بعض آيات أو بعض آية تحمل للأمة بشارة عظيمة وكأنها بل هي منحة من الله تعالى ونفحة من نفحاته. من ذلك قوله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) فمن هم الصابرون؟ وما هو سمتهم. وما علامة صبرهم؟ هؤلاء هم الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون هذه العبارة المقدسة ذات السر العظيم ما إن تصيبك مصيبة في أي شيء حتى لو انقطع شراك نعلك فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون نتيجة هذا الصبر: اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة. نحن لا ندرك بعقولنا الأثر العظيم الذي تتركه صلوات الله تعالى على عباده ورحمته وكم أنت مهتدٍ بحكم الله تعالى لا لشيء إلا أنك قلت بعد المصيبة إنا لله وإنا اليه راجعون. أي عبارة هذه وأي سرٍ وأي رحمة عُبّئت بين حروفها حتى تجعلك مهتدياً بشهادة الله تعالى على ذلك فإذا أردت أن تنعم بهذه البشارة فعليك أن تكون يقظاً وعليك أن ترضى بقضاء الله عز وجل وأن تفرح بالبلاء كما تفرح بالنعمة لأن البلاء ليس ضرراً وإنما هو خير عظيم لك كما قال r : عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. إن هذه المصيبة مهما كانت عظيمة أو قليلة في مالك أو صحتك أو أو مهنتك أو نفسك حتى لو أُصبت بالصداع ليلة أو الحمى يوماً ما عليك إلا أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وتنعم بالآثار العظيمة وقد قال r في الحديث: "إذا أحبّ الله العبد أصاب منه". ومن أجل هذا يقول r الصبر مِعوَل المؤمن وهو الذي يُعوّل عليه . والمعول هو الطريق الصخري وطريق الناس الى الله تعالى صخري (فلا اقتحم العقبة) هذا الصبر هو المعول الذي تذلل به طريقك الى الله تعالى والى الجنة والى النعيم من حيث أنك قلت راضياً من قلبك بعد المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون. والأحاديث تقول أن الله تعالى يعطيك على هذه الجملة أجراً عظيماً والأعظم من ذلك أنط كلما تذكرت مصيبتك وأحدثت لها استرجاعاً أعطاك الله تعالى من الأجر مثلما أعطاك من الأجر أول مرة. فتأمل كم من الأجر سيعطيك وكم من الرحمات ستشملك وكم أنت من المهتدين لأن الله تعالى يبشرك بهذه البشارة (وبشر الصابرين) وصف الله تعالى الصابرين أولاً الصابرين وحدد علامة صبرهم (إنا لله وإنا إليه راجعون) وأعطاهم صلوات ورحمات وشهادات بالهداية.

(لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) هذا الخوف من أعظم الأسباب التي تكفّر الذنوب والخطايا وما أعظم مصادر الخوف في يومنا هذا أنت تخاف من حكومة ظالمة، مستعمر، سارق، تكاليف الحياة وكثرة العيال) فحياتنا في هذا الزمان مجموعة من مصادر الخوف والخوف من المشاعر التي إذا تمكنت من المؤمن رفعت درجته وعلى المؤمن أن يتخلص منها وعليه أن يكون مطمئناً ولا يخاف إلا من الله تعالى فإذا أصابه الله تعالى بما يخيف عليه أن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون. قال r: إن البلاء ليصيب الرجل حتى يمشي بين الناس وما عليه خطيئة. ويقول r: إن ليلة من الصداع والمليلة تذر العبد وإن ذنوبه مثل اُحُد فيصبح ما عليه خطيئة. هذه هي قضية المصائب والصبر عليها وعلامة الصبر عليها: إنا لله وإنا إليه راجعون. سرُ إنا لله وإنا إليه راجعون عظيم مثل سر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين تقولها على هم أو غم فيفرّج الله كربك ومثل سر وأفوض أمري إلى الله يقيك الله تعالى مكر الآخرين. فالآية بجزئها المشرق نفحنا الله تعالى نفحة عظيمة وجعل أصحاب المصائب يتلذذون بالمصيبة من شدة الأجر عليها. ويبقى المؤمن متعقلاً بالله تعالى في سرائه وضرائه. والله تعالى مع العبد إذا ذكره والله تعالى مع العبد إذا انكسر قلبه والله مع العبد إذا أصابته مصيبة. تأمّل أي ربٍ يكون معك قبل أن تكون معه فماذا تنتظر من رب يكون مع عبده وهو أحنُّ عليه من أمه وأبيه والله تعالى يكره مساءة عبده المؤمن.

بيرق السعدي
23 May 2006, 10:34 AM
البشارة الرابعة

(وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا ما رزقنا من قبل)

تأمل لو دعاك ملك وكنت عنده أثيراً وجمع لك وجهاء الأرض حتى تكون في وضع لم تشهد مثله من قبل يستغرق ذهنك فتخيل لو فعل الملك معك هذا الأمر كل يوم لمدة شهر أو أكثر؟ هذا ما يحصل مع أهل الجنة وما جاء في الأحاديث الصحيحة عن الطعام في الجنة ومن تلك المظاهر في المآدب اليومية أن لأقلّ واحد من عباد الله تعالى عشرة ألاف غلام كل غلام يحمل طبقين وكل ما في الطبق الأول لا يشبه ما في الطبق الآخر فأنت تأكل في الوجبة الواحدة من عشرين ألف طبق كل طبق يختلف عن الآخر طعماً وشكلاً.

هذا عدا الغلمان الذين يخدمونك في غير طعام ومهما تخيلت فسيكون أقل من الحقيقة بمليارات المرات كما قال r : فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذا النعيم الذي يبشرنا الله تعالى به من بعض أوجه نعيمه أن وجبات الطعام فيها من الفخامة والنعمة أن الانسان يظن أنها من باب التكريم ولن تتكرر ولكن في الواقع في كل وجبة يحصل لك نفس التكريم هذا فقط في نعمة الطعام والشراب ناهيك عن غيرها من النعم التي لا تحيط بها قوانين الغقل. هذه بشارة الذين آمنوا وعملوا الصالحات. هناك الصالحات وهناك صالحاً (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى) صالحاً جاءت نكرة غير معيّنة أما في قوله تعالى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فجاءت الصالحات معرّفة بـ (أل) ويسميها النحاة للعهد الذهني أي ما في ذهنك من الصالحات والتي لا يختلف فيها مسلمان وهي أركان الدين وهي الصالحات الرئيسية التي إذا قمت بها فلا عليك ما تفعل بعدها من صالحات فالصالحات هي ما فرضه الله تعالى ويعاقب على تركها وصالحات هي السنن والنوافل وعمل صالحاً أي دعا الى الله. وعندما تُنكّر الصالحات يتكلم عن الذين يزيدون عن الفرائض بالنوافل والناس لا يتفاوتون في الصالحات كمّاً وإن تفاوتوا فيها كيفاً أما في (من عمل صالحاً) فهم يتفاوتون كمّاً وكيفاً. ومن رحمة الله تعالى أنه أناط بالأعمال الصالحات الجنة وخيرها أي الفروض من صلاة وصوم وحج وزكاة ولا تشكل عندهم عقبة والغالب في الأمة يؤديها. قال تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) والكلام عن الجنان عظيم والأحاديث في الجنة كثيرة فعلينا أن نتأكد أن نكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي نحس، الأداء في الصلاة والصوم وغيرها من الفروض عندها تستقبل استقبالاً حافلاً في الجنة على هذا النسق وهذا النمط.

بيرق السعدي
23 May 2006, 10:36 AM
البشارة الرابعة

(وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا ما رزقنا من قبل)

تأمل لو دعاك ملك وكنت عنده أثيراً وجمع لك وجهاء الأرض حتى تكون في وضع لم تشهد مثله من قبل يستغرق ذهنك فتخيل لو فعل الملك معك هذا الأمر كل يوم لمدة شهر أو أكثر؟ هذا ما يحصل مع أهل الجنة وما جاء في الأحاديث الصحيحة عن الطعام في الجنة ومن تلك المظاهر في المآدب اليومية أن لأقلّ واحد من عباد الله تعالى عشرة ألاف غلام كل غلام يحمل طبقين وكل ما في الطبق الأول لا يشبه ما في الطبق الآخر فأنت تأكل في الوجبة الواحدة من عشرين ألف طبق كل طبق يختلف عن الآخر طعماً وشكلاً.

هذا عدا الغلمان الذين يخدمونك في غير طعام ومهما تخيلت فسيكون أقل من الحقيقة بمليارات المرات كما قال r : فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذا النعيم الذي يبشرنا الله تعالى به من بعض أوجه نعيمه أن وجبات الطعام فيها من الفخامة والنعمة أن الانسان يظن أنها من باب التكريم ولن تتكرر ولكن في الواقع في كل وجبة يحصل لك نفس التكريم هذا فقط في نعمة الطعام والشراب ناهيك عن غيرها من النعم التي لا تحيط بها قوانين الغقل. هذه بشارة الذين آمنوا وعملوا الصالحات. هناك الصالحات وهناك صالحاً (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى) صالحاً جاءت نكرة غير معيّنة أما في قوله تعالى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فجاءت الصالحات معرّفة بـ (أل) ويسميها النحاة للعهد الذهني أي ما في ذهنك من الصالحات والتي لا يختلف فيها مسلمان وهي أركان الدين وهي الصالحات الرئيسية التي إذا قمت بها فلا عليك ما تفعل بعدها من صالحات فالصالحات هي ما فرضه الله تعالى ويعاقب على تركها وصالحات هي السنن والنوافل وعمل صالحاً أي دعا الى الله. وعندما تُنكّر الصالحات يتكلم عن الذين يزيدون عن الفرائض بالنوافل والناس لا يتفاوتون في الصالحات كمّاً وإن تفاوتوا فيها كيفاً أما في (من عمل صالحاً) فهم يتفاوتون كمّاً وكيفاً. ومن رحمة الله تعالى أنه أناط بالأعمال الصالحات الجنة وخيرها أي الفروض من صلاة وصوم وحج وزكاة ولا تشكل عندهم عقبة والغالب في الأمة يؤديها. قال تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) والكلام عن الجنان عظيم والأحاديث في الجنة كثيرة فعلينا أن نتأكد أن نكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي نحس، الأداء في الصلاة والصوم وغيرها من الفروض عندها تستقبل استقبالاً حافلاً في الجنة على هذا النسق وهذا النمط.

بيرق السعدي
24 May 2006, 05:40 PM
البشارة الخامسة

كل ابن آدم خطّاء : هذ قانون بشري من قوانين هذا الكون كما أنك تجوع فتأكل فأنت تخطئ فتتوب فالخطأ والخطيئة قانون من قوانينا ولا يعصم منها عبد من عباد الله تعالى إلا إذا عصمه الله تعالى لسبب خاص. فما العمل وذنوبنا تتراً على مدار الساعة واليوم والليلة؟ الله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة ولو طلب الله تعالى أن لا نُذنب لكان حرجاً فكيف ى نُذنب وقد خلقنا خطائين؟ لهذا قال تعالى وقوله الحق (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما) فالمسألة إذن مسألة اختيار فإن كان لا بد أن تخطئ فلتجتنب الكبائر والله تعالى لم يقل لم تفعلوا الكبائر وإنما قال إن تجتنبوا.

والاجتناب هو الابتعاد عن الكبيرة بكل ما ينبغي الابتعاد عنها فلا يكفي أنك لا تشرب الخمر وإنما يجب عليك أن لا تجلس مع قوم يشربونها وإذا كنت في مكان يشرب فيه الخمر فأعطها ظهرك ولا تلتفت اليها. ويقولون لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار. هناك كبائر وصغائر وكل مقدمات الكبائر صغائر ولكن اذا ارتكبت الكبيرة تحسب لك كل الصغائر وإن امتنعت عن الكبائر غفر الله تعالى لك كل مقدمات الكبيرة من صغائر لإذا اجتنبت الكبيرة لوجه الله عز وجلّ. من حيث أن الله تعالى جعل مكفرات الذنوب الصغيرة لا حصر لها من ساعة الاستيقاظ إلى ساعة النوم ومن ساعة الولادة الى الموت مما قد يصيب الانسان من ألم وبلاء أو ما يحده من استغفار وصلاة وذكر فالصلاة الى الصلاة كفارة لما بينها ما اجتنبت الكباشر ورمضان الى رمضان والجمعة الى الجمعة. والملاحظ في هذه الأمة أن الكبائر فيها قليلة من حيث اقترافها وأكثر المسلمون يجتنبون الكبائر فقد يخلو المسلم بامرأة مثلاً وقد يُقبّل ولكنه لا يزني وكذلك قِس على باقي الكبائر.

والكبائر في النص هي : الشرك بالله وعقوق الوالدين والتولي يوم الزح وأكل الربا وأكل مال اليتيم والسحر وقذف المحصنات هذه الكبائر منصوص عليها وقد أخذت طابعاً محداً لأنها من الخطورة بمكان. والكبائر المشمولة في الآية (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) هي كل الذنوب التي جاء فيها نهي صريح أو وعيد مثل الغيبة (ولا يغتب بعضكم بعضا) وشهادة الزور (والذين لا يشهدون الزور) والقنوط من رحمة الله (ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون) والزنا نفسه (ولا يزنون) وكل ذنب ذُكِر في القرآن وجاء به وعيد أو تهديد يعتبر من الكبائر فإذا اجتنبته يغفر الله تعالى لك ما دونه من الصغائر في مواسم الخير (رمضان والحج) وبالهموم والأحزان والأمراض. فلا تصمد صغيرة إذا لم تصر عليها فإذا أصررت عليها صارت كبيرة.

ومن رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعل لها مواسم للمغفرة حتى من الكبائر حتى لا تعود كالثلث الأخير من الليل ونصف شعبان ويوم عرفة والتوبة النصوح والحج نفسه هذه المواسم تكفر السيئات كبيرها وصغيرها عندما تعرف ما أشد البشارة في قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما) والمدخل الكريم من حيث أنك لا تُحاسب ولا تعاتب ولا تعاقب وتدخل الجنة إذا اجتنبت الكبائر ولإن ارتكبت كبيرة تكون قد أحدثت لها استغفاراً وتوبة (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) إذا علم الله تعالى منك حسن التوبة يبدل سيئاتك حسنات.

وفي رمضان علينا أن نبادر بالتوبة لله تعالى ونفرض أن رمضان هذا قد يكون آخر رمضان لنا على هذه الدنيا فنحسّن علاقتنا بالله عز وجل ونصوم رمضان بحيث يكفّر سيئاتنا بحسن الاستغفار ورد الحقوق الى أهلها لأنه إن لم تؤدّها في الدنيا فستؤديها في الآخرة والله تعالى سبحانه يغفر ما بينه وبين العبد لكنه يحاسب على ما كان منك من تقصير في حقوق الغير وهذا الشهر هو شهر الغفران كما قال r: بَعِد عبدٌ أدرك رمضان فلم يُغفر له.

بيرق السعدي
25 May 2006, 10:38 PM
البشارة السادسة

(أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2) يونس )

الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم قدم صدق عند ربهم. وكلمة صدق تأتي بعد بعض الكلمات لتؤكد أنها شديدة التأثير فقد جاء في القرآن الكريم: مقعد صدق (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) وهو أقرب مقعد لشدة تأتثيره وأثره. ولسان صدق (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) جعل تعالى من ذرية ابراهيم u كل الأنبياء، وهناك مبوأ صدق () فيه من النعم ما فيه وهناك مدخل صدق (رب ادخلني مدخل صدق) بقوة حجة وبيان.

وقدم صدق هي القدم الشديدة الثبات في الشيء. وهؤلاء قدم صدق في التجارة أو السياسة أو العلم وقدم صدق في الوجاهة يوم القيامة. وقدم الصدق في هذه الآية هو الرسول r (رجل منهم) شديد التأثير يوم القيامة وصاحب الشفاعة الكبرى الذي يسجد تحت العرش فيقول له ربه اسأل تُعطى واشفع تُشفّع فيشفع لأمته r حتى لايبقى من النار من في قلبه ذرة ايمان. هذه الأمة بما امتازت به من مراعاة في علاقاتها مع ربها عز وجل لم تتيسر لأي أمة في التاريخ المعاصر أكرمها الله عز وجل وثلثي هذه الأمة في الجنة وهم اللاحقون في الدنيا والسابقون في الآخرة ونبيّهم لا تُرد شفاعته وهم قدم صدق من حيث أنهم مُزكّون في سلوكهم ومطهّرون في أعمالهم (خذ من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم بها) فالتزكية من الوساخة والطهارة من النجاسة وهذه الأمة أمة طاهرة بعقيدتها لأن الشِرك نجس (إنما المشركون نجس) والأمة زاكية بأعمالها وأنسابها فما من أمة نظيفة الأعراض والأنساب وموصولة القربى كهذه الأمة جعل الله تعالى من طهر نسائها وبكارة عذاريها طهراً للنَسَب وهي أمة زاكية تجتنب الخبائث والمحرمات في مأكلها ومشربها وعلاقاتها ومسكنها لا تجلس إلا على طاهر ولا تلبس إلا طاهراً بشّرها الله تعالى بأن لها قدم صدق عند ربها من حيث أنها أمة مرحومة يوم القيامة " إن أمتي هذه أمة مرحومة لا عذاب لها في الآخرة عجّل الله عذابها في الدنيا" من بلاء وفتن ومكفرات الذنوب.

ذكر الله تعالى والخوف منه يتردد على ألسنة الأمة في كل قضية وفي كل حكة تصلي خمس مرات وتصوم وتحج وتراقب الله تعالى في كل حركاتك من حيث الحلال والحرام وهاجس الأمة الدأب على أن بيننا وبين الله تعالى علاقة موثوقة من أجل هذا جعلها الله تعالى على هذا النسق من حيث أنها يوم القيامة ثابتة القدم راسخة التأثير ولهذا جعلنا شهداء على كل الأمم (لتكونوا شهداء على الناس) ولقد منّ الله تعالى علينا برسول الله r (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)) وجعل التزكية قبل التعلّم والتعليم لخصوصية هذه الأمة وتأثي الرسول r من حيث أنه زكّاها من كل القاذورات وهي أمة آمنة في دنياها كما في آخرتها طهّر الله تعالى نفوس الأمة من كل نجس ورجس.

(أنذر الناس) أي المشركين. وقدم الصدق هو الذي جعل الرسول r يقول: لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحسن الظن بالله عز وجلّ" وقال r : "ما من مؤمن يموت ويود أن يرجع لهذه الدنيا إلا الشهيد".

عاقبة هذه الأمة خير ما هي فيه وهي شاهدة على كل الأمم ولهذا لها قدم صدق كما للرسول r قدم صدق من حيث أن الله تعالى يقول له سل تُعطى واشفغ تُشفّع. أسأل الله تعالى أن يشملنا بعفوه.

بيرق السعدي
26 May 2006, 07:32 PM
البشارة السابعة

اصيغة أخرى التي جعل الله تعالى فيها سراً لا يمكن لعقولنا أن تدركه قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) الاحقاف) دعاء عجيب لا غاربة فيما جاء بعده (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)) وكما تحدثنا سابقاً عن سر صيغة لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وإنا لله وإنا إليه راجعون فقد عبّأ الله تعالى فيها سرّاً عظيماً.

سن الأربعين لها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله r "إذا بلغ العبد الأربعين رزقه الله الانابة اليه" فالأربعين هي سن النبوة وموسى u واعده ربه أربعين يوماً وبنواسرائيل تاهوا في الأرض أربعين سنة وفي حديث من صلّى الصبح والعشاء أربعين يوماً في المسجد كُتبت له براءة من النار وبراءة من النفاق. ولا يعرف سر الأربعين لكن في هذه البشارة يقول تعالى أن المؤمن إذا بلغ الأربعن سنة يبلغ مكاناً يسمع فيه دعاءه وقد تفرّغ من أعمال حياته وانشغل بما لم يشغله عن عائلته وذريته. ومعلوم أن الأربعون مرحلة الانتاج في المجتمع والأعمال والاقتصاد والوظائف ويذهل الانسان عما حواه ومن حوله ويذهله ما وصل اليه فيعمله عن تربية أولاده والعبرة بذلك أن الرجل الذي وصل الى ما وصل اليه وبلغ أربعين سنة وهي مرحلة النضج وجني الثمار لم ينس أن له ذرية ينبغي عليه أن يعلمهم ويدعو الله تعالى لهم من حيث أنهم يشغلون فكره وعقله وأمنياته (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأصلح لي ذريتي) هذا الدعاء الجامع لوالديه وذريته وإقراره أنه من المسلمين دليل على أن هذا الرجل وصل الى الصلاح ورجل كهذا كانت على لسانه هذه الكلمات وهذا الدعاء له سر خطير ومن ورائه كرم الله تعالى (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا) هذا اسلوب من اساليب يوم القيامة.

وهناك من العبادات ما ترقى الى القمم في العبادة والبشارة في الآية يتقبل الله تعالى أفضل عبادة عبدته بها في الدنيا ولها من الأجر ما لها ما لا تصل اليه بقية عباداتك يحاسبك الله تعالى على مستوى هذه العبادة العظيمة (أحسن ما عملوا). هؤلاء الذين ورد ذكرهم في الآية 15 من سورة الأحقاف يعاملهم الله تعالى على هذا المستوى و (نتجاوز عن سيئاتهم) وهذه منحة عظيمة أخرى حتى لا تأكل السيئات الحسنات من حيث أن الله تعالى غفر كل سيئاتهم ثم وعدهم بالجنة (وعد الصدق الذي كانوا يوعدون).

فعليك أن تكون بارّاً بوالديك وبذريتك وتنوب عن والديك بأن تشكر الله تعالى عنهما وإذا أحسنت رعاية والديك وأولادك والدعاء لوالديك ونفسك وأولادك والاستسلام لله تعالى فاعلم أنك وصلت مرحلة من المراحل التي تنصبّ عليك الرحمات التسع والتسعون.

بيرق السعدي
27 May 2006, 09:34 PM
البشارة الثامنة

شريحة من شرائح عباد الله الصالحين أطلق القرآن عليهم اسم (الأولياء) وقال تعالى (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)) هؤلاء الأولياء كما جاء ذكرهم في الحديث هم المصلّون الذين يؤدون زكاة أموالهم طيّبة بها نفوسهم هذه البداية ثم يكون لهم في كل شأن تقوى خاصة إذن هذه الشريحة من عباد الله تعالى شريحة مفتوحة يستطيع أي عبد من عباد الله أن يدخل اليها حتى يصير من أهلها وما عليك إلا أن تكون مصلّياً ممتازاً محافظاً على الصلاة ومداوماً عليها في مكانها في مكان الدوام الرسمي لها أي المساجد ثم هناك صلوات لا بد من أدائها مكمّلة (صلاة الليل والضحى والأوابين وقيام الليل) لمن يريد أن ينضم لهذه الشريحة المكرّمة التي وعد الله تعالى أن يرزقها البشرى في الحياة الدنيا والآخرة بالاضافة الى الذكر وبتلك العبادات والذكر الذي يترقى بالعبد حتى يصير ولياً من أولياء الله تعالى وتكون موالاته لله تعالى وموالاة الله تعالى له متشابهتان من حيث أحدهما مرتبط بالآخر.

هذه الشريحة يقول الله تعالى أن لها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة: في الحياة الدنيا هي الرؤيا الصالحة ومنها ما هو منامي وهذه الرؤيا قد تكون يقظة أو مناماً أو بين بين أو خارقاً أو قد يرى ما يراه غيره حينئذ هذه البشرى في الحياة الدنيا جزاء لمن دخل في هذا العالم والدخول لهذا العالم بالرغم من صعوبة شروطه إلا أن الله تعالى يسّرها عليه لكي يكون من أولياء الله عز وجل وهذه الشروط هي أن يكون قلبك سليماً لا تجد فيه بغضاء لأحد ولسانك ذاكراً وأن يكون قلبك خالياً إلا من الله عز وجل وكل أعراض الدنيا لا يشكل لك مشكلة ولا تذكر منها شيئاً ويكفيك من هذه الدنيا لقمة تسد جوعك وخرقة تستر عورتك وليكن أحدهم أو بعضهم وليس كلهم من النوع الذي قال r فيه: رُبّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه.

هذه الشريحة شريحة متنوعة فيها العلماء والقادة والسياسيون والمجاهدون والفقراء المجهولون فإذا أردت أن تكون من هؤلاء فابدأ بالبداية بتنقية قلبك وتسهر على عمله وفعله ولا يكون بينك وبين الناس خصومة وأنت مع المذنبين ألطف مما أنت عليه مع الصالحين تتآلفهم حتى تجعل أقدامهم على الطريق وأن لا تشغلك الدنيا عن ربك ولا تساوي عندك شيئاً.هذه الشريحة من اهل العِلم وهناك علم يُعطى وعلم يُكتسب وعلم يوهب. هذه الشريحة ملأت الأرض بكراماتهم وبركاتهم وفتوحات الله تعالى عليهم بالعلم والاشارات وما من عصر من زمن النبي r خلا من هؤلاء القوم الذين قال تعالى فيهم (ألا إن اولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون) وإن من أصحاب النبي r من كتب لنا التاريخ عنهم وعن حياتهم ما جعلهم على رأس الأولياء وهم كثيرون وأصحاب الكرامات منهم من كان له في الحروب شأن عظيم من حيث أن الله تعالى سخّر لهم الخوارق نتيجة الاتّباع الصحيح وانشغال قلوبهم بالله تعالى صفاؤها من كل عوارض الدنيا فلا يحبون إلا لله تعالى ولا يبغضون إلا لله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة) أكرمهم الله تعالى بالرؤى وهي عالم عظيم جليل وهي رسائل مباشرة من الله تعالى ولذلك شدد الاسلام النكير على من يدّعي الرؤيا (يقول رأى ولم ير) أو من يؤل الرؤى وهو لا يعلم هذا العلم لأن في ذلك تلاعب برسالة الله تعالى لهؤلاء.

هذا باب يمكن أن تصل إليه وأول الطريق سلامة القلب وأوسطه ذكر الله وآخره أن تخفف علاقتك بالدنيا فتكون علاقتك بها علاقة زائر يوشك أن يرحل. (ألا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون) ولهذا فهذه شريحة تستجاب دعواتها وتنصر بها الثغور على امتداد التاريخ الاسلامي كانوا حجر الزاوية في محنهم وسلمهم وحربهم وتربيتهم وعبادتهم وكثير من هؤلاء حموا الأمة من الضلال وجادوا فيها وجادوا بها وجادوا لها ولقد سلّط الله تعالى على هذه الشريحة بعض السفهاء الذين أرادوا أن يكون هذا الدين ديناً جافاً علمانياً ليس فيه روح ولا حياة وإنما مجرد أحكام قانونية لا روح فيها ولا حياة.

(ألا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون) هؤلاء تجدهم في كل يوم إذا أردت وفي كل منحدر ومنحنى وإذا وفقك الله تعالىلأن تكون منهم فالطريق واسع والفرصة متاحة ويجعل الله تعالى في قلبك حبهم كما يجعل حبك في قلوبهم فإذا فعل الله تعالى ذلك أدركت مبتغاهم ويُحشر المرء مع من أحبّ.

بيرق السعدي
28 May 2006, 10:26 PM
البشارة التاسعة

ان من اشدّ الساعات كآبة ورعباً على أي متهم يُحقق معه هو أن يحقق معه في غرفة مظلمة لا يدري من أين تأتيه الضربة. هذه الصورة هي ما يعانيه المتهون في كثير من السجون في العالم وشاءت مشيئة الله تعالى أن يكون التحقيق في ساحة المحشر على هذا النحو.

جاء يهودي الى رسول الله r قال: أين يكون الناس يوم القيامة؟ فأجابه رسول الله r في الظلمة دون الجشر فقال أشهد أنك رسول الله فإن هذا لا يعرفه إلا نبي. والجسر هو قبل الصراط ونحاسب قبل أن ندخل الصراط وساحة الحساب ظلام دامس ذلك من اسباب قوله تعالى (لا يحزنهم الفزع الأكبر) هم شريحة من عباد الله تعالى يهبهم الله تعالى نوراُ يسعى بين أيديهم وبأيمانهم (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد) إذن الساعة والساحة يوم المحشر ظلمة وهذا فزع عظيم فالكون كما نعرف الأصل فيه الظلمة والنور طارئ هكذا الأمر يوم القيامة إلا أن بعض عباد الله تعالى يهبهم نوراً على قدر أعمالهم فمنهم من يغمره النور كله ومنهم من يغمر بعضه ومنهم من يأتي النور على ابهام قدمه هذا النور هو الذي يجعل الأمر محتملاً في تلك الساعة المظلمة حتى في تلك الساعة هذا النور يأتي بالدعاء ولا بد أن يكون هناك دعاء تستمطر به رحمة الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) التحريم) حتى هذا النور ولو أن له اسباباً من العبادات في الدنيا لكنه يأتي يوم القيامة بأن تدعو الله تعالى أن يُتم لك نورك.

إذا كان النور متفاوتاً يوم القيامة فما هي الأعمال التي تجعله تاماً؟ وإذا تم النور فقد رضي الله تعالى عنك ونظر اليك وإذا نظر الله تعالى للعبد لا يعذبه أبداً.

أسباب النور التام يوم القيامة سهلة لمن سهّلها الله تعالى عليه وهي:

1-أن تصلي الصبح والعشاء في جماعة في المسجد. يقول r :بشّر المشّائين في الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة" فصلاة الظلمة أو العتمة هما في الغالب تتمان في الظلمة وما زال في معظم ديار المسلمين الكثير من القرى والأرياف ليس فيها كهرباء حتى بعض المدن التي فيها حروب ليس فيها كهرباء ويعاني الناس من الوصول الى المساجد في الظُلَم حتى من عنده كهرباء. والحديث يدلّ على حرص الرسول r على حرص المسلم على تأدية صلاة الصبح والعشاء في المسجد وفي الحديث: من صلّى أربعين يوماً في الجماعة لا تفوته الركعة الأولى كُتبت له براءة من النار ومن صلى أربعين يوماً صلاة الصبح والعشاء في الجماعة لا تفوته الركعة الأولى كُتبت له براءتان من النفاق ومن النار. ويقول الصالحون لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحبُ إلي من أن أقوم كل الليل. ولو قمت كل الليل تهجداً ثم صليت الصبح في بيتك فهو أقل من أن تنام كل الليل وتصلي الصبح في جماعة في المسجد. هكذا هي صلاة الصبح وهي صلاة الأبرار قال تعالى (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) قرآن الفجر اي صلاة الصبح تشهده الملائكة والأحاديث في فضل صلاة الصبح والعشاء في المسجد كثيرة.

2-من اساليب النور التام يوم القيامة الفقراء الذين يموتون وحاجتهم في صدورهم. رجل فقير لا يكفيه رزقه ولكنه عفيف متعفف لا يستجدي ويدبر أموره بأقل التكاليف حتى و عاش سبعين سنة يموت ولم يحقق كثيراً مما يحتاجه فيموت وحاجته في صدره لا يستطيع تنفيذها ومن عفّته لا يستجدي الناس ولا يسألهم. هؤلاء يحمع بهم من آفاق الدنيا ثم يحشرون يوم القيامة على منابر من نور وجوههم نور وثيابهم نور.

3-ومن أسباب النور التام يوم القيامة القرآن فهو نور لأهله وأهله من استظهر البقرة وآل عمران ومن استظهر القرآن كله فهو من أهل الله وخاصته. والأحاديث في فضل حفظ سورة البقرة وآل عمران كثيرة منها: عليكم بالزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير يدافعان عن صاحبهما. فالحد الأدنى من القرآن الكريم يسبب لصاحبه نوراً يوم القيامة في ذلك المكان المظلم الذي يدعو المؤمنون ربهم باتمام النور.

4-ومن أسباب النور التام يوم القيامة المتحابون في الله كما قال r: قوم ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء قالوا من هم يا رسول الله؟ قال المتحابون في الله. هذه المحبة في الله يدنون من الله تعالى دنواً يغبطهم عليه الأنبياء والشهداء وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله أخوان متحابان في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه.

هذه مجموعة من الأعمال علينا أن نتقنها ونحسنها حينئذ نأتي يوم القيامة برحمة الله تعالى وغفرته ورحمته التي وسعت كل شيء نأتي وجوهنا نور وعن أيماننا نور فلا نشعر بخوف ولا فزع ولا رهبة. أسأل الله تعالى أن يهدينا لأن نكون من أصحاب النور يوم القيامة.

بيرق السعدي
29 May 2006, 06:59 PM
البشارة العاشرة

آية تحار فيها العقول ومهما تدبرنا فيها وفي معناها ومحتواها وما تومئ اليه فليس في وسع عقولنا وهي على قواني الأرض أن تحيط بها من قريب أو بعيد وهي قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) في الآية: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) (32) النجم).

(إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ): من له عقل يحيط بسعة مغفرة الله تعالى لعباده في الدنيا والآخرة؟ إن هذا أمر لا يُحاط به مهما حاولت أن تفعل فلنستعرض جانباً يسيراً جداً مما وصلنا من أخبار وآيات صحيحة من سعة رحمة ومغفرة الله تعالى وإن سعة مغفرة الله تعالى كسعة رحمته لا تحيط بها العقول مطلقاً.

مثلاً قوله تعالى: (إن الله لايغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) تأمل هذه الآية: ما عدا الشرك كل ذنب يُغفر وفي آية أخرى (إن الله يغفر الذنوب جميعا) بدون استثناء وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى) وغفار تعني كثير المغفرة.

ولكي نفهم لا لكي نصل الة سعة ومغفرة الله تعالى التي لا نحيط بها هناك لنأخذ دعاء السوق مثلاً وهو دعاء صحيح ورد فيه حديث صحيح فما عليك إلا أن تتجه الى السوق وتقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. دعء لا يتجاوز قوله الدقيقة الواحدة جزاؤه أن يحط الله تعالى عنه ألف ألف سيئة ويكتب له ألف ألف حسنة بأقل من دقيقة. تقول كلاماً وأنت مؤمن به تقوله في قلبك والناس حولك غافلون في الاسواق عن دينهم وربّهم وأنت تذكر الله تعالى بين الغافلين واللاهين فإذا كلن قول هذا جزاء قول الدعاء مرة واحدة فما بالك إذا ذهبت الى السوق عشر مرات في اليوم فكم من السيئات تحط عنك وكم من الحسنات تكتب لك؟ من زمن آدم الى زمن قريب كان في كل مدينة سوق واحد أما الآن فقد أصبحت الاسواق منتشرة والمدن كلها سوق فما ان تنزل من بيتك حتى تدخل الى السوق فتأمل لو أن الله تعالى نبّهك من غفلتك وكلما ذهبت الى السوق قرأت هذا الدعاء تأمل كم سيغفر لك من الذنوب وهذا معنى من معاني (إن ربك واسع المغفرة). وقس على هذا ما تعرف وتستطيع ان تخيّل ما لا تعرف.

يوم القيامة ليرحمنّ الله الناس رحمة يتطاول لها ابليس. إذا كان دعاء السوق يفعل هذا فما بالك بأصحاب التهجد والعلماء والمجاهدون الصابرون وأصحاب المشاق والهمم العالية والعبادات الصعبة والحكام العادلون والمنفقون وقس على ذلك مما تتخيل.

مثال آخر على سعة مغفرة الله تعالى: ففي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي والبيهقي وأحمد: من قرأ قل هو الله أحد في اليوم خمسين مرة (وفي رواية مئة مرة وفي رواية مئتي مرة) غفر الله ذنوب خمسين سنة. فإذا أخذنا بأيسر هذه الروايات على مبدأ أن الرسول r ما خُيّر بين أمرين إلا اختار ايسرهما "من قرأ قل هو الله أحد في اليوم خمسين مرة غفر الله له ذنوب خمسين سنة" فماذا تريد بعد ذلك؟ هؤلاء يغفر الله تعالى لهم ذنوب خمسين سنة وفعلاً كما قال r: لا يدخل النار إلا شقي. مع كل هذه الرحمات يدخل عبد النار فهذا عبد لا يعرف أن له رباً ولم ينتبه أن عليه واجباً تجاهه. يقول r: بعُد عبد أدرك رمضان فلم يغفر له. الصلاة الى الصلاة كفارة لما بينهما والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان ويوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده والحُمّى من فوح جهنم وذلك نصيب المؤمن منها.

إن ليلة من الصداع والمليلة تذر العبد وإن ذنوبه مثل اُحُد فيصبح ما عليه خطيئة، وان البلاء لا يزال بالعبد حتى يذره يمشي بين الناس ما عليه خطيئة. والبلاء قد يكون في المال أو الولد أو النفس مثل خسارة في تجارة أو ولد معوّق أو مرض أو بلاء هذا لا يُبقي عليه ذنب اضافة الى الأجر من الله تعالى . يقول r: يتمنى أهل العافية يوم القيامة لو أن جلودهم قُرِضت بالمقاريض عندما يرون ما يُصبّ على أهل البلاء من الأجر. حتى الشوكة يشاكها المسلم تكفّر الخطايا.

العمى أو أي مرض يصاب به الانسان في عينيه من عمى أو رمد أو مرض فإذا أصيب أحد بعينيه يخيّره الله تعالى أن يدخل من أي أبواب الجنة يشاء.

علّمنا الاسلام أن الدعاء في ظهر الغيب من الأدعية المستجابة ومن دعا للمؤمنين في ظهر الغيب يصبح ممن تستجاب دعوته وتُغفر ذنوبه فإذا قال العبد في اليوم خمس وعشرون مرة : "رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات" يصبح مستجاب الدعوة وتغفر ذنوبه.

وكل يوم وكل دقيقة هناك آلآف المسلمين يدعون بهذا الدعاء في ظهر الغيب (رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات) هؤلاء يصبحون ممن تستجاب دعوتهم وتغفر ذنوبهم.

أحمد الله تعالى على فضله ونِعم الربّ هو وإن لم يخلق جنة ولا ناراً فإنه يُستحق أن يُعبد.

بيرق السعدي
29 May 2006, 07:00 PM
البشارة العاشرة

آية تحار فيها العقول ومهما تدبرنا فيها وفي معناها ومحتواها وما تومئ اليه فليس في وسع عقولنا وهي على قواني الأرض أن تحيط بها من قريب أو بعيد وهي قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) في الآية: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) (32) النجم).

(إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ): من له عقل يحيط بسعة مغفرة الله تعالى لعباده في الدنيا والآخرة؟ إن هذا أمر لا يُحاط به مهما حاولت أن تفعل فلنستعرض جانباً يسيراً جداً مما وصلنا من أخبار وآيات صحيحة من سعة رحمة ومغفرة الله تعالى وإن سعة مغفرة الله تعالى كسعة رحمته لا تحيط بها العقول مطلقاً.

مثلاً قوله تعالى: (إن الله لايغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) تأمل هذه الآية: ما عدا الشرك كل ذنب يُغفر وفي آية أخرى (إن الله يغفر الذنوب جميعا) بدون استثناء وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى) وغفار تعني كثير المغفرة.

ولكي نفهم لا لكي نصل الة سعة ومغفرة الله تعالى التي لا نحيط بها هناك لنأخذ دعاء السوق مثلاً وهو دعاء صحيح ورد فيه حديث صحيح فما عليك إلا أن تتجه الى السوق وتقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. دعء لا يتجاوز قوله الدقيقة الواحدة جزاؤه أن يحط الله تعالى عنه ألف ألف سيئة ويكتب له ألف ألف حسنة بأقل من دقيقة. تقول كلاماً وأنت مؤمن به تقوله في قلبك والناس حولك غافلون في الاسواق عن دينهم وربّهم وأنت تذكر الله تعالى بين الغافلين واللاهين فإذا كلن قول هذا جزاء قول الدعاء مرة واحدة فما بالك إذا ذهبت الى السوق عشر مرات في اليوم فكم من السيئات تحط عنك وكم من الحسنات تكتب لك؟ من زمن آدم الى زمن قريب كان في كل مدينة سوق واحد أما الآن فقد أصبحت الاسواق منتشرة والمدن كلها سوق فما ان تنزل من بيتك حتى تدخل الى السوق فتأمل لو أن الله تعالى نبّهك من غفلتك وكلما ذهبت الى السوق قرأت هذا الدعاء تأمل كم سيغفر لك من الذنوب وهذا معنى من معاني (إن ربك واسع المغفرة). وقس على هذا ما تعرف وتستطيع ان تخيّل ما لا تعرف.

يوم القيامة ليرحمنّ الله الناس رحمة يتطاول لها ابليس. إذا كان دعاء السوق يفعل هذا فما بالك بأصحاب التهجد والعلماء والمجاهدون الصابرون وأصحاب المشاق والهمم العالية والعبادات الصعبة والحكام العادلون والمنفقون وقس على ذلك مما تتخيل.

مثال آخر على سعة مغفرة الله تعالى: ففي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي والبيهقي وأحمد: من قرأ قل هو الله أحد في اليوم خمسين مرة (وفي رواية مئة مرة وفي رواية مئتي مرة) غفر الله ذنوب خمسين سنة. فإذا أخذنا بأيسر هذه الروايات على مبدأ أن الرسول r ما خُيّر بين أمرين إلا اختار ايسرهما "من قرأ قل هو الله أحد في اليوم خمسين مرة غفر الله له ذنوب خمسين سنة" فماذا تريد بعد ذلك؟ هؤلاء يغفر الله تعالى لهم ذنوب خمسين سنة وفعلاً كما قال r: لا يدخل النار إلا شقي. مع كل هذه الرحمات يدخل عبد النار فهذا عبد لا يعرف أن له رباً ولم ينتبه أن عليه واجباً تجاهه. يقول r: بعُد عبد أدرك رمضان فلم يغفر له. الصلاة الى الصلاة كفارة لما بينهما والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان ويوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده والحُمّى من فوح جهنم وذلك نصيب المؤمن منها.

إن ليلة من الصداع والمليلة تذر العبد وإن ذنوبه مثل اُحُد فيصبح ما عليه خطيئة، وان البلاء لا يزال بالعبد حتى يذره يمشي بين الناس ما عليه خطيئة. والبلاء قد يكون في المال أو الولد أو النفس مثل خسارة في تجارة أو ولد معوّق أو مرض أو بلاء هذا لا يُبقي عليه ذنب اضافة الى الأجر من الله تعالى . يقول r: يتمنى أهل العافية يوم القيامة لو أن جلودهم قُرِضت بالمقاريض عندما يرون ما يُصبّ على أهل البلاء من الأجر. حتى الشوكة يشاكها المسلم تكفّر الخطايا.

العمى أو أي مرض يصاب به الانسان في عينيه من عمى أو رمد أو مرض فإذا أصيب أحد بعينيه يخيّره الله تعالى أن يدخل من أي أبواب الجنة يشاء.

علّمنا الاسلام أن الدعاء في ظهر الغيب من الأدعية المستجابة ومن دعا للمؤمنين في ظهر الغيب يصبح ممن تستجاب دعوته وتُغفر ذنوبه فإذا قال العبد في اليوم خمس وعشرون مرة : "رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات" يصبح مستجاب الدعوة وتغفر ذنوبه.

وكل يوم وكل دقيقة هناك آلآف المسلمين يدعون بهذا الدعاء في ظهر الغيب (رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات) هؤلاء يصبحون ممن تستجاب دعوتهم وتغفر ذنوبهم.

أحمد الله تعالى على فضله ونِعم الربّ هو وإن لم يخلق جنة ولا ناراً فإنه يُستحق أن يُعبد.

بيرق السعدي
30 May 2006, 07:06 PM
البشارة الحادية عشرة

(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) مريم)

ماذا تقول لعبد جعل الله تعالى له ودا؟ إذا وده الله تعالى ودّه جبريل u وإذا وده جبريل ودّته الملائكة ثم وده الصالحون من الناس. وفي الحديث القدسي: إذا أحبّ الله عبداً نادى جبريل إني أحبّ فلاناً فأحِبّه ثم ينادي جبريل في الملائكة إن الله يحب فلاناً فأحبوه فتحبه الملائكة ثم يوضع له القبول في الأرض.

مودة الله تعالى أولاً ثم مودة جبريل ثانياً ثم مودة الملائكة ثالثاً ثم مودة الناس. كل من آمن بالله وعمل الصالحات وصار بطلاً في هذا وهناك فرق بين أن يكون عمل الصالحات وأن يكون دخل في الصالحين (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) العنكبوت) هؤلاء متخصصون في الصلاح وانتقلوا من عمل الصالحات الى أن صار الصلاح ديدنهم فهؤلاء يحبهم الله تعالى. وهناك فرق بين الحب والودّ فالحب يكون لعمل ما مثلاً تحب شخصاً لشجاعته أو كرمه أو دينه هذا الحب يترقّى ويتعمق في قلبك حتى يصبح حباً لذات هذا الانسان وليس لأجل عمله يصبح وداً مثلاً رجل صنع لك معروفاً فأحببته بهذا المعروف ثم زاد الحب في قلبك يوماً يعد يوم فأصبحت تحبه لذاته ونسيت معروفه ومهما فعل فإنك تحبه حتى لو أساء إليك فانقلب الحب ودّاً. قال تعالى في أهل بدر بعد أن امتدحهم لصبرهم وبلائهم : اعملوا ما شئتك فقد غفرت لكم. انقلب حب الله تعالى ودّاً. وهذا ينطبق على كل الذين جاء في القرآن ذكر أن الله تعالى رضي عنهم ورضوا عنه وهم الأنصار والمهاجرون والرضوانيون الذين اتّبعوه باحسان.

هذا هو الحب وكل من عمل الصالحات حتى صار صالحاً هذا الانسان يحبه الله تعالى لصلاحه ثم ينقلب هذا الحب إلى أن يودّه الله تعالى لذاته. وفي الحديث: إن من عباد الله عز وجل من رزقهم ويعافيهم ولا يبتليهم وإذا ماتوا أدخلهم الجنة. هؤلاء أحبهم الله تعالى لذواتهم لأمر ما وهو أعلم بهم ولا يُسأل عمّا يفعل . فكما يحب هذا العبد لصلاحه إذا أحبّه لذاته صار ودّاً (سيجعل لهم الرحمن ودا) والجعل هو تغيير الصيرورة شيئ لم يكن ثم صار إذن هكذا هي مودة الله عز وجل (اعمل ما شئت فقد غفرت لك) وفي الحديث القدسي: إن عبدي أذنب ذنباً فقال يا رب اغفر لي فيقول الله عز وجل علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي. وفي حديث آخر: من استغفرني وهو يعلم أني قادر على أن أغفر له غفرت له كل ذنوبه. فليفعل عبدي ما شاء إذا كلما أذنب ذكرني واستغفر.

أما حب جبريل u والملائكة: حملة العرش مولعون بالصالحين (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) غافر) هذه الآية تدل على حب الملائكة لعباد الله . أصحاب المساجد وأأصحاب الأعمال الصالحة تعشقهم الملائكة ويتفقدونهم إذا غابوا ويستبشرون إذا عادوا. " إن للمساجد أوتاداً الملائكة خُلّتهم" هؤلاء يصبحون حديث الملائكة إذا مانوا من زوار المسجد الذين تعودوا على المساجد (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (11) الرعد) (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) الطارق).

حينئذ إن كنت صالحاً تستغفر لك الملائكة ليل نهار حتى وأنت نائم تدخل بين ثوبك وجسدك. فإا اكتمل حب الله تعالى وحب جبريل u والملائكة وهذا من السهولة فما عليك إلا أن تكون من أصحاب الأعمال الصالحة مهما أذنبت ومن العمال الصالحة أن تستغفر كلما أذنبت وتنوي التوبة حتى وإن عدت تجدد التوبة والاستغفار. إذا أحبك الله تعالى وجبريل u والملائكة يجعل الله تعالى لك القبول في الأرض بين الناس فيحبونك ويقتدون بك ويسرون برؤيتك ويتشرفون بزيارتك ويصبح ذكرك على ألسنتهم ثم كما قال r: يوضع له القبول في الأرض" ويقول تعالى في الحديث القدسي: ما أقبل علي عبد بقلبه إلا أقبلت عليه بقلوب المؤمنين. فإذا أقبلت على الله تعالى بقلبك وفرّغته من هموم الدنيا ومشاغلها يُقبل عليك الله تعالى ومعه جميع قلوب المؤمنين. وفي الحديث: تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم وما أقبل عبد بقلبه الى الله عز وجل إلا جعل الله قلوب المؤمنين تفِد اليه بالود والرحمة وكان الله بكل خير أسرع إليه.

وهذه خاتمة العبادات العظيمة ولو قرأنا النصوص تعلمنا كيف تكون محباً ومحبوباً بين الناس ويقول تعالى في الحديث القدسي: وجبت محبتي للمتحابين فيّ. ويقول تعالى : يوم القيامة أين المتحابين في جلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي. أن تحب عبداً لله لا لمصلحة دنيوية وإنما فقط لاعجابك بصلاحه وكرمه وأخلاقه ليس لك عنده مصلحة ولا حاجة فهذه عبادة لا تسبقها عبادة يوم القيامة.

جاء أعرابي الى رسول الله r فسأله: متى الساعة؟ فقال r ماذا أعددت لها؟ فقال ما أعددت لها لا كثير صلاة ولا كثير صيام إلا إني أحبك فقال r المرء مع من أحبّ. فما فرح الصحابة بحيث كما فرحوا بهذا الحديث. وفي الحديث: أقرب الناس مجلساً من الله يوم القيامة المتحابون في الله.

بيرق السعدي
01 Jun 2006, 06:27 PM
البشارة الثانية عشرة

الغربة موجعة والغربة موحشة ولو كنت ملكاً وأنت غريب فإن أُنسك بهذا الملك لا يكتمل إلا إذا كان معك أهلك فإذا بقيت فرداً فإن اغتباطك يكون ناقصاً مهما كان معك من اسباب السرور وهكذا هو الأمر يوم القيامة إن من عباد الله تعالى من يتم عليه نعمته ويجمع له أهله مهما كانوا أقل منه في الدرجة إكراماً له. فالسفير مثلاً الذي يمثل بلده في دولة أخرى يكون له من الامتيازات ما يعطى أهله مثلها فقط لأنهم أهله ومعه لا لأنهم في مستواه الوظيفي فمن أجله يكرمون زوجته وأولاده وعائلته التي ترافقه. هكذا يوم القيامة (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد) هذه حالة خاصة وبشارة عظيمة يستطيع كل مسلم ذو همّة أن يكون من هذا النوع. أن تكون أنت صالحاً والله تعالى يدخل أهلك المقصرين في مرتبتك من الصلاح إذا كانوا موحدين فيمكن أن تكون أنت تستحق الفردوس الأعلى وأهلك في درجات أخرى في الجنة وقلنا أن الجنان مئة كوكب وبين كل كوكبين ما بين السماء والأرض لكن الله تعالى لصلاحك يجمع معك أهلك في نفس مرتبتك اكراماً لك. هذه طبقة أو شريحة من المؤمنين يجمع الله تعالى لهم كل أهلهم ما داموا صالحين لدخول الجنة أي أن يكونوا موحدين ويضعهم في نفس الدرجة التي أنت فيها (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ). شخص واحد في العائلة صالحاً قد يكون أباً أو أماً أو ابناً أو بنتاً أو زوجاً أو زوجة إذا كان صالحاً يجمع الله تعالى أهله معه في مكانه في الجنة.

ما هي الشروط التي تجعلك من هؤلاء الصالحين؟

أن تكون موحداً يصل الرحم ويوصل الأمانة ويشكر النعمة باستخدامها في طاعة الله تعالى وأن تخشى الله تعالى هيبة ويؤدي العبادات بهيبة عالية من خشية الله تعالى وأن يخاف سوء الحساب فالذي يخشى الله تعالى يُحسّن عباداته والذي يخافه يبتعد عن المعاصي فالخوف يمنعك عن المعاصي والخشية تحسّن العبادات. وأن تصبر على الطاعات (صيام في يوم حار قتال، انفاق،) وتصبر على البلاء والمرض وتصبر على الشهوات فتصبر على النعمة إذا طغت وعلى البلاء إذا استشرى وعلى العبادات إذا صعبت. وأن تقيم الصلاة وأن تنفق مما رزقك الله تعالى سراً (صدقات) وعلانية (زكاة), إن كانت فيك هذه الصفات تكون من الذين قال تعالى فيهم (أولئك لهم عقبى الدار) وهذه الصفات التسع تضمنتها آيات سورة الرعد التي ذكرناها (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)).

عليك أن تحاول أن تكون من هؤلاء فإن لم تستطع فعليك أن تحرص على أن يكون أحد من أولادك أو أهلك يتصف بصفات أولو الألباب الذين لهم عقبى الدار. وقلنا في لقاء سابق أن الملائكة تبقى مع الذين تحبهم الى ساعة الاحتضار وفي القبر وعند المحشر وعند الصراط وعند دخولهم الجنة ويدخلون معهم يخدمونهم في الجنة. هذا فضل عظيم من الله تعالى أن تسعى لهذه الآيات وتحاول تطبيقها وتطبيقها سهل لمن سهلها الله تعالى عليه ورحمةت وسعت كل شيء ودليل أن تسعك رحمة الله تعالى أن تكون منهؤلاء. ويبقى الأمل والأمنية والطموح أن تأنس بأهلك جميعاً وهم في جوارك وكما دعوت لهم في الدنيا تجدهم أمامك فليكن واحد من العائلة على هذا النسق لعله يكون هو السبب في أن يجمع الله تعالى كل عائلته في منزلته اكراماً له هذا إذا كانوا صالحين للجنة أي موحدين وهذه منة من منن الله تعالى على عباده الصالحين وأسأل الله تعالى أن يجعل في كل عائلة من المسلمين سبباً في دخول الفردوس الأعلى.

بيرق السعدي
02 Jun 2006, 08:35 PM
البشارة الثالثة عشرة

(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر)

آية تجعلنا نطمئن قليلاً ولا نأمن من مكر الله تعالى أننا سننجو يوم القيامة. النظام أن نأتي يوم القيامة ازواجاً ثلاثة كما جاء في سورة الواقعة (السابقون، أصحاب اليمين، أصحاب الشمال). أما السابقون فهم الأنبياء والصدّيقن والشهداء والصالحين وهؤلاء لا يحاسبون أبداً وأصحاب الشمال هم الكافرون. نحن في هذا العصر لسنا بالتأكيد من السابقين ولسنا بحمد الله من أصحاب الشمال نحن وسط من أصحاب اليمين. وأصحاب اليمين ينقسمون الى ثلاثة أقسام فيما بينهم كما جاء في آية سورة فاطر: هناك من يأتي يوم القيامة وقد زادت حسناته على سيئاته ومنهم من تساوت حسناته وسيئاته ومنهم من زادت سيئاته على حسناته. من أصحاب اليمين من تزيد حسناته على سيئاته فهؤلاء سابقون في أصحاب اليمين وهؤلاء سابقون بالخيرات بإذن الله ويدخلون الجنة بغير حساب ولا يأتون لساحة العرض كما قال r. كل من يأتي يوم القيامة وقد رجحت كفة حسناته على سيئاته يدخل الجنة بغير حساب. أما من تساوت حسناته وسيئاته فيقول r فيهم : فذاك الذي يحاسب حساباً يسيراً وينقلب الى أهله مسرورا، قالت عائشة رضي الله عنها: ما الحساب اليسير يا رسول الله؟ قال r: العرض. (وعرضوا على ربك صفاً) فينظر الله تعالى في صحيفتهم يوم القيامة ثم يقول اذهبوا بعبدي الى الجنة لأنه اذا تساوت حسنات وسيئات العبد، رحمة الله سبقت غضبه فيدخله الجنة برحمته لكنه يُعرض على الله تعالى وهذا يسبب له شيء من الحزن لأنه سيكون بين يدي الله تعالى إن شاء رحمه وإن شاء عذّبع. أما النوع الثالث فهم الذين زادت سيئاتهم على حسناتهم كما قال r : " وذاك الذي أثقل ظهره وأوبق كاهله وذاك الذي أشفع له" وقال r: شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي. وأصحاب الكبائر ما زالوا من أمة محمد r إذا كانوا مصلّين. فإذا كان أحد هؤىء يصلي ولكنه مات وهو عاق لوالديه أو أكل ربا أو قذف امرأة أو فرّ من الزحف (ونحن جميعاً فارون من الزحف من بعد ان احتلّت فلسطين) فهذا الذي يشفع له الرسول r أما من زادت سيئاته على حسناته ولم يكن من المصلين فلا يشفع له النبي r لأنه ليس من أمته (قالوا ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين) وهو مفصول منها كما أن الخائن لوطنه مفصول من الرعيّة. فعلى كل مسلم أن يعلم أن الحدّ الأدنى بينه وبين نجاته يوم القيامة أن يكون من المصلين فإن كان صالحاً فبها وإن لم يكن صالحاً فبصلاته ينتمي لأمة محمد r وهذا يجعله مؤهلاً لشفاعة النبي r يوم القيامة.

نحن إذن إما ظالم لنفسه وهو من زادت سيئاته على حسناته وإما مقتصد حسناته تساوت مع سيئاته وسابق بالخيرات وهم من زادت حسناتهم على سيئاتهم فإما أن تكون من أصحاب الفضل الكبير بأن تكون حسناتك أكثر من سيئاتك وإما إن كنت ممن كثرت سيئاته على حسناته لا بد أن تحرص على أن تكون مصليّاً لأنك بها تدخل في نظام السفاعة والتي هي لأهل الكبائر من أمة محمد r. وأسأله تعالى أن نكون من السابقين بالخيرات.

بيرق السعدي
05 Jun 2006, 01:53 PM
البشارة الرابعة عشرة

(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136))

آية تتيح للعصاة المغالين في عصيانهم باباً من أبواب الفوز والرحمة والمغفرة بل جعلهم الله تعالى من ضمن المتقين ومن هؤلاء المتقين الذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم. فلم يبق لأحد عذر بعد هذه الآية فقد أعذر الله تعالى لعباده ما دام فتح لهم باباً للتوبة.

فإذا فعلت فاحشة اي ذنباً من الذنوب العظام التي توفر لك مصلحة او شهوة كالزنا والسرقة واكل الربا وشرب الخمر كل ما تستفيد منه في الدنيا ويحقق لك شهوة من الشهوات وهي حرام حرمة مطلقة وكل ذنب تفعله من أجل غيرك وليس لك فيه مصلحة فهذا ظلم للنفس كأن تشهد زوراً لشخص ما هذه كبيرة من الكبائر العظام لكنك فعلتها من أجل غيرك أو أن تُعين حاكماً ظالماً يقتل شعبه ويفرّق بين الناس فأنت تكون قد بعت دينك بدنيا الآخرين والشقي من باع دينه يدنيا الآخرين. فإذا ظلمت نفسك من أجل غيرك فقد أثقلت كاهلك وأوبقت ظهرك بالذنوب وذهبت النار من أجل الآخرين. وسواء من فعل فاحشة او ظلم نفسه فهم من العصاة الذين يفعلون الفاحشة او يذنبون ذنوباً عظيمة من أجل الآخرين إذا ذكروا الله تعالى على الذنب واستغفروه ولم يصرّوا على الذنب يغفر الله تعالى لهم. بعد أن زنى أحدهم مثلاً تذكر الله تعالى وهو على الذنب وأن الله تعالى يراه ويراقبه فحدّث نفسه بهذا الأمر ثم لام نفسه ثم ندم ثم شعر بالخزي ثم استغفر يغفر الله تعالى له مهما كان ذنبه عظيماً لأنه (ومن يغفر الذنوب الا الله). يقول r عن ربه: من استغفرني وهو يعلم اني ذو قدرة ان اغفر له غفرت له ذنوبه ولا أبالي. ابليس يقول (فبعزتك لأغوينهم أجميعن الا عبادك منهم المخلصين) ويقول تعالى (وعزّتي وجلالي لأغفرنّ لهم ما استغفروني). فالله تعالى يهيب بنا أن نستغفره ولشد حبه للمستغفرين جعل مكافأتهم ان الاستغفار ليس لأجل المغفرة فقط وإنما يُصلح لهم دينهم ودنياهم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال r : من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب. ويقول r: من سرّه أن يرى صحيفته يوم القيامة فليُكثر من الاستغفار. وهناك صيغة للاستغفار علّمنا إياها الرسول r وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي r قال: سيّد الاستغفار ان يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالها في النهار موقناً بها فمات من يومه قبل ان يمسي فهو من اهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فملت قبل ان يصبح فهو من اهل الجنة (رواه البخاري).

افتح الله تعالى هذا الباب فما عُذرك إن لم تدخل الجنة؟ وفي حديث عن النبي r ما معناه أنه ما من عبد أذنب ذنباً ثم قام فتوضأ وصلى ركعتين ثم استغفر الله الا غفر له.

رب العلمين من رحمته يمهل المذنب فيطلب من الملائكة أن تمهل العاصي ساعات فإن تاب واستغفر لا تكتب الذنب فهذه بشارة عظيمة أن كل الخطائين والمذنبين مفتوح لهم الباب ليتوبوا. ويقول تعالى في الحديث القدسي: إن العبد ليعصيني يتذكرني على المعصية لا يستغفرني أغفر له.

بيرق السعدي
05 Jun 2006, 01:55 PM
البشارة الخامسة عشرة

(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر)

رب العالمين يأمرك أن تدعوه لكي يستجيب لك فماذا بعد هذا من بشارة؟! تأمل لو أن ملكاً من ملوك الأرض أحبّك فأعطاك رقم هاتفه الخاص وطلب منك أن تتصل به في أي وقت تحتاجه وفي أي أمر تحتاجه ليقضيه لك مهما كان طلبك عظيماً ماذا يمكن أن يكرمك الملك أكثر من ذلك؟ هكذا فعل ملك الملوك في قوله تعالى لعباده (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) قدرٌ كتب تعالى على نفسه أنه من دعاه لا بد أن يستجيب له وقد يقول البعض دعوت الله ولم يستجب لي. في الحديث القدسي ينادي بالعبد يقول تعالى يا عبدي لقد أمرتك بالدعاء ووعدتك بالاستجابة فهل كنت تدعوني فيوق نعم يا رب فيقول له الرب أولم تكن دعوتني في يوم كذا بغَمٍّ نزل بك فكشفته عنك أولم تكن دعوتني في يوم كذا بغمٍّ نزل بك فلم تر استجابة فيقول العبد نعم يا رب فيعدد الله تعالى له كل ما دعاه من ساعة ما أصبح مميزاً الى ساعة موته ز هذا الدعاء دعوتني فاستجبت وهذا الدعاء دعوتني فلم استجب ويريه كل ادعيته فيقول تعالى للعبد انظر فوقك فإذا به يرى الأدعية التي لم تستجب في الدنيا وإذا بالله قد ادّخر لم من النعيم ما لا يمكن وصفه ولا يقاس بما استجاب الله تعالى له في الدنيا بهذا النعيم العظيم.فيقول العبد في نفسه ليته لم يستجب لي في الدنيا دعاء.

قوله تعالى (ادعوني استجب لكم) الدعاء هو العبادة والدعاء مخ العبادة كما قال r لأنه اتحاد بين الله تعاى وعبده فأنت تتحد مع الله عز وجل. عندما يُضام الطفل يصيح لوالده وعندما تضام الطفلة تصيح لأمها وأحب الناس اليها فما بالك بمن يستغيث بالله تعالى والله وليّ المؤمنين. من أجل ذلك قد تصل يوم القيامة بالدعاء الى ما لا تصله بالعمل. في الحديث أن من عباد الله عبدين أخوين كان احدهما أشدّ صلاحاً من الآخر فلما بُعث ودخل الجنة رأى لصالح أن أخاه قد سبقه وهو في جنة أعلى من جنته فتعجب الصالح بم شبقه فيقول يا رب لقد كنت خيراً منه في الدنيا فبم سبقني؟ فيقول الرب أبخستك من حقك شيء؟ فيقول لا هذا مكاني الذي استحقه بعملي. قال تعالى هذا جزاؤك بعملك وهذا كان يدعوني الفردوس الأعلى فأعطيته الفردوس.

يقول r: سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن. إذا كانت اعمالك لا توصلك الفردوس الأعلى لقِصرك عن ذلك فقد تصلها بالدعاء وقد أوصاني الرسول r بالدعاء من حيث أنه مخ العبادة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وداخرين أي أذلاء والداخر والمدخور هو المهزوم بذُلٍ وهوان. يقول r فيما يحدث به عن ربه" يا عبادي كلكم ضالّ الا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنّكم جاءوني على صعيد واحد وسألني كل واحد مسألة وأعطيت كل واحد ما سأل ما نقص ذلك من ملكي الا كما ينقص المخيط من البحر. وهذا كم كرم الله تعالى فالله تعالى يحب الدعاء ويحب دعاء الصالحين وجاء في الأثر أن الطالحين إذا دعوا الله تعالى يقول سبحانه لبريل u أجِبهم فإني لا أحب أن اسمع صوتهم وإذا دعاه الصالحون يقول لجبريل أخِّره فإني أحب سماع صوته. وإذا لاحظنا في القرآن جاءت كلمة التضرع أي التذلل في الدعاء فعليك أن تسأل الله تعالى بذُلِّك ودعائك وتوسّلك كما علّمنا r فواتح الدعاء المستجاب التي يحبها الله تعالى وهي أن تنادي الله تعالى بـ (يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الجلال والاكرام) تقول الملائكة إن ذا الجلال والاكرام التفت لك فاسأله. وكذلك يستفتح الدعاء بدعاء ذي النون في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) إذا قدمتها في الدعاء يكون الدعاء مستجاباً بإذن الله تعالى ومناط الاستجابة معروفة عند فِطر الصائم وفي الثلث الأخير من الليل وعند نزول المطر ورؤية البرق أو حصول الآيات من خسوف وكسوف ونحوها وبين الأذان والإقامة وبين الحيعلتني وكذلك الدعاء الجماعي فعليك أن تجتهد في الدعاء فإنه فيه وصولاً لا يوفّره لك العمل مهما كان عظيماً.

ندعو الله تعالى بحسن الخاتمة والنصر والتوفيق وأن يملأ بلادنا بالعدل والحرية والأمن والأمان اللهم آمين.

بيرق السعدي
06 Jun 2006, 05:21 PM
البشارة السادسة عشرة

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) الاحزاب)

شلن مُفرِح للنفس أن يمدحك مادح فما بالك إن كان هذا المادح شاعراً يجيد الشعر ويمدحك مدحاً يُجلّي فيه صفاتك الكريمة أو ما بالك إن كان هذا المادح وجيهاً من وجهاء الأمة أو وزيراً أو ملكاً. تخيّل إذا كان الملك هو الذي يمتدحك أمام كل جلسائه وشعبه كله والشعب كله يسمع الملك وهو يمتدحك ويُثني عليك وخاصة إذا امتدحك الملك أمام عِلية القوم هكذا يقال صلّى الملك على فلان أي امتدحه أمام أرقى حاشيته ووجهاء قومه هكذا هي صلاة الملوك.

فرب العالمين يُثني عليك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) الاحزاب) أيُّ مجدٍ هذا أن يذكرك الله تعالى في الملأ الأعلى؟! جعل الله تعالى لكل العبادات سقفاً وزمناً وحدّاً تنتهي اليه كالصلاة محددة والحج محدد والزكاة محددة وهكذا كل العبادات حددها الله تعالى كمّاً وكيفاً ونُهينا عن الإفراط فيها إلا الذِكر هذه العبادة العظيمة لم يجعل الله تعالى له حدّاً معلوماً بل قال ادعوني حتى يقال مجانين (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم) بالسِرّ والعلن مطلق الفعل بالكمّ والكيف.

هذه العبادة هي مدح الله تعالى وإذا امتدحت الله يمدحك وإذا مدحك الله تعالى وهي صلاته عليك يسّر لك أسباب الهداية وأخرجك من ظلمات الشرك والجهل والغفلة والضلال. وأصبحت من عباد الله الصالحين وأصبحت فيمن عنده سبحانه ويكفي أن تعلم أن الله تعالى يقول كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (عن ابي هريرة) : يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب اليّ شبراً تقربت اليه ذراعاً وإن تقرب مني ذراعاً تقربت اليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة . حيثما ذكرت الله تعالى بالكمّ والكيف فهو يُثني عليك مثل ذلك (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) وقوله تعالى كان بالمؤمنين رحيماً تعني أن رحمة الله تعالى الملك القادر تغطي النِعَم وتحصي لك كل ما تريد.

فرب العالمين يُثني على عباده تخيّل رجلً يصلي بالليل والناس نيام فالله تعالى عز وجل يُشهد ملائكته والملأ الأعلى حملة العرش ومن حوله والأنبياء الذين في السموات ويقول: انظروا الى عبدي هذا هجر فراش حبيبه من أجلي. ماذا تتخيل أن يعطي الله تعالى لهذا القائم في الليل يتهجد وقد أثنى عليه تعالى في الملأ الأعلى؟ عطاء لا يمكن أن تدركه العقول والله تعالى قال في من يقومون الليل: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) السجدة) فجاء قوله تعالى بعدها (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)) هؤلاء أثنى عليهم الله تعالى والذي يُثني عليه الملك أمام الملأ لا بد أن تكون ثنيّة عظيمة لا تدركها عقول الحاشية والملأ.

أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن رجل كان يقاتل في سبيل الله وكان القتال شرساً والضغط عظيماًَ وهرب الجند وانسحبوا وهذا من حقهم إلا أنه هو بقي واحداً وصمد بنفسه فإما أن ينتصر وإما أن يُقتل فيقول تعالى: انظروا الى عبدي هذا صبر لي بنفسه ولو شاء لهرب.

وما أكثر ما يُني الله تعالى على عباده الذين يقومون بأعمال عظيمة غير قيام الليل والثبات في المعركة إن لم تكن قادراً على هذه الأعمال ومثال ذلك أن تبقى بين صلاة المغرب والعشاء في المسجد وهذا هو الرباط: رجل صلى المغرب وانتظر في المسجد لكي يصلي العشاء هذا الرجل في أشرف الأوقات وهو بين صلاتين يقول تعالى فيه: انظروا الى عبادي فرغوا من صلاة ينتظرون أخرى أُشهدكم أني قد غفرت لهم.

الأعمال التي يُني الله تعالى عليه في الملأ الأعلى كثيرة وعلينا أن نتقصاها ولنعلم أن الله تعالى إذا أثنى علينا أعطانا أكثر مما يعطيه أي ملك في الأرض من رفعة درجة ومغفرة وعطاء وجنان لا حصر لها.

ولذلك جاء الذِكر من أعظم العبادات فهو كما ذكرنا عبادة غير محددة كمّاً وكيفاً كباقي العبادات ويمكنك أن تذكر الله تعالى كما تشاء وقال تعالى: "أنا جليس من ذكرني" تأمل نزوله سبحانه بما يليق بذاته ليجلس مع من يذكره ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث: ألا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من انفاق الوِرق والذهب وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم؟ قالوا بلى يا رسول الله قال ذِكر الله. لأن ذكر الله تعالى سبب أن يصلي الله تعالى عليك ويُثني عليك فإذا أثنى عليك نظر إليك وإذا نظر إليك لا يعذبك ويقول افعل ما شئت فقد غفرت لك. وذِكر الله تعالى شأن الصالحين والذاكرين والذاكرات وعندما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلّم الصحابة عبادة لا يسألوه غيرها قال: فليكن لسانك رطباً بذكر الله. وقال صلى الله عليه وسلم : ذهب الذاكرون بكل خير.

فما عليك إلا أن يكون لك وردٌ يومي مثلاً من قال سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مئة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل رمل عالج، أو كما قال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : بشّر من تلقاه أنه من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكُتبت له مئة حسنة ومحيت عنه مئة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر، وكذلك الصلاة على النبي فقد قال صلى الله عليه وسلم: أولاكم بي يوم القيامة وأدناكم مني مجلساً أكثركم عليّ صلاة. فعليك أن تتبع هذه المأثورات وتختار لك عدداً من الأدعية والأذكار واختر منها ما يتناسب مع ظرفك ولا تنساها وتذكر أن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّ.

بيرق السعدي
07 Jun 2006, 06:09 PM
البشارة السابعة عشرة

(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج)

بشارة عظيمة وقد دلّ عليها التطبيق العملي في كل عصر وفي كل زمان ومكان من آدم عليه السلام الى أن تقوم الساعة فما عليك الا أن تكون من الذين آمنوا وأن تكون الخصومة بينك وبين غيرك عادلة عندئذ مهما كان وضعك ضعيفاً فإن الله تعالى ناصرك ى محالة إن لم يكن اليوم فغداً فإن الله ناصرك وإن لم يكن بفِعلك فبفعله عز وجلّ.

لا بد أن تكون هناك خصومة ليكون هناك مدافعة (حرب أو خصومة) وفي كلا الحالتين وعد الله تعالى أن يدافع عن الذين آمنوا (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) هذه قاعدة كونية والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير فالله تعالى حق والموت حق والحساب حق والحشر حق ونصر المؤمنين حق على شرط أن يكونوا مؤمنين فعلاً حقاً (أولئك هم المؤمنون حقاً) وهناك فرق بين المؤمنين بالاسم والمؤمنين حقاً ولكي تكون مؤمناًً حقاً لا بد ان تكون خصومتك مع الآخر مشروعة والخصومة إما في حرب وهذا واقع في كل التاريخ الانساني فأصحاب الحق مهما كانوا ضعافاً إذا كانوا أصحاب حق فعلاً وكانوا ممن يؤمنون بالله عز وجل فإن الله تعالى ناصرهم (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) يوسف ) ونصر الله له جنود لا حصر لها منها الطوفان كما قال تعالى (فأرسلنا عليهم الطوفان) والطوفان نوعان: طوفان مياه كما حصل لفرعون وقوم نوح وهناك طوفان الأمراض كالسرطان والطاعون مما يبيد أقواماً ومن جنود الله تعالى : الطوفان بنوعيه والجراد والقُمّل والضفادع والدم وكل ما هو مبيد حينئذ يسخّر الله تعالى جنوداً لنصرة عباده المؤمنين الذين ضاع حقهم وخصومتهم مع عدوهم مشروعة وعدوهم يمتلك من القوة ما لا يمتلكون إذا قام المؤمنون بواجباتهم ووفروا شروط النصر. وشروط النصر أولها أن لا تكون المعاصي فيهم ظاهرة فإذا فشت فيهم المعاصي وظهرت فيهم الفاحشة فليس هناك اي ارتباط بينهم وبين الله عز وجل كما في الحديث الصحيح "إذا شاع الخمر والربا والزنا رفع الله يديه عن الخلق فلا يبالي بأي واد هلكوا".

(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) الانفال) أنزل الله تعالى آلاف الملائكة في غزوة بدر وهم لا يزالون موجودين الى هذا اليوم ويسمونه ملائكة بدر كما نسمي الذين قاتلوا في بدر البدريين وهؤلاء الملائكة يسخرهم الله تعالى حيثما أراد تسخيرهم والأمثلة في التاريخ منذ آدم عليه السلام الى يومنا شاهدة من حيث ان الله تعالى ينصر الرسل والمؤمنون كما فعل مع ابراهيم عليه السلام وموسى عليه السلام وعيسى عليه السلام وغيرهم من الرسل والانبياء وما يفعله الله تعالى مع الرسل يفعله مع أممهم إذا كانوا على التوحيد. حينئذ هذه خصومة حرب وهناك خصومة مع الشيطان وهي أشد الخصومات ضراوة لأن الخصومات الحربية العسكرية تنتهي والحرب كرٌ وفر ومن قوانين الحروب ان تنتهي مهما طالت والتاريخ فيه أمثلة عديدة على حروب استمرت سنوات عديدة ثم انتهت (داحس والغبراء، الأوس والخزرج، الحروب العالمية وغيرها) لكن حربك مع الشيطان فهي حرب ضروس لا تنتهي فإذا كنت مع الله عز وجل في هذه الحروب واستنصرت به يُدافع الله تعالى عنك (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) فعليك أن تكون من عباد الله حينئذ ستجد نفسك أقوى من الشيطان بألف مرة ويخنس الشيطان معك خنوساً لذلّته كأنه الحِلس البالي (أي الخرقة الممزقة). وإذا أرت أن تكون من عباد الله فاقرأ أواخر سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)) هذه الآيات فيها صفات عباد الله منتظمة انتظاماً عظيماً (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)). حينئذ أنت تكون من عباد الله الذين يدافع عنك في كل خصوماتك سواء كان عدوك خارجي أو خصومة مع مجتمعك إذا كانوا على ضلال أو مع الشيطان وهذه الخصومات هي التي تشغل الناس جميعاً ولكن الخصومة مع الشيطان أخطر ولا تنتهي إلى الموت.

إذن الله تعالى فعلٌ ورد فعل: فعل لأنه خلقك ورزقك ونصرك وله رد فعل تبدأ أنت أولاً كما في قوله (إن تنصروا الله ينصركم) (فاذكروني اذكركم) (نسوا الله فنسيهم) وهكذا عليك أن تنصر الله تعالى بألا تتركوا المعاصي والفواحش ظاهرة في دياركم علناً صحيح أن المعاصي من قوانين الانسان "لو لم تذنوبا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم". وهناك فرق بين أن تعصي الله سراً وأنت نادم مستتر كما قال صلى الله عليه وسلم :من أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر فإنه في ستر الله إن شاء عذبه وإن شاء ستره ومن أبدى صفحته أقمنا عليه الحدّ.

بيرق السعدي
10 Jun 2006, 07:45 PM
البشارة الثامنة عشرة

من البشائر العظيمة قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج) والله سبحانه وتعالى يدافع عن الذين آمنوا سواء كانوا جماعات أو أفراد أو دولً ما داموا من الذين آمنوا ويعملوا الصالحات وهذا من نسق منصنع الله تعالى منذ خلق آدم الى أن تقوم الساعة. فقد نجّا الله تعالى الأنبياء ومن آمن معهم وأهلك أعداءهم ومناوئيهم وعندما تكون هناك مدافعة فالأمر فيه حرب أو خصومة وأن جميع الدعوات والأنبياء والرسل الذين أرسلهم لبيلّغوا عن ربهم رسالاته تعرضوا لعداءات غير منطقية وكانت شرسة يعجز عنها النبي المعني ومن آمن به حينئذ يتصدى الله تعالى للدفاع عن الذين آمنوا (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) يوسف) (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) حقاً تعني أمر ثابت وقانون من قوانين الله تعالى ثابت لا يختلف. كلنا يعرف ماذا قال تعالى بقوم نوح حيث أغرقهم وقوم صالح وقوم هود وقوم فرعون وهكذا (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) العنكبوت) هذا النسق استمر ولم يختلف يوماً واحداً وقد نجى الله موسى وابراهيم وصالح وهود ونوح وهكذا هي سُنة الله تعالى في خلقه يدافع عن الذين آمنوا وفي بدر قال تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) الانفال) وقد دافع تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الهجرة في غار ثور واستمرت الحالى الى يومنا هذا ما كان المؤمنون مؤمنين يتعرضون لأذى شديد أو حرب ضروس أو فرق ضالّة يتدخل تعالى بأسباب وبدون أسباب وكلنا نعرف ماذا حدث يوم حنين (ويوم حنين) هذه الخوارق التي تدل على نصرة الله تعالى ودفاعه عن المؤمنين متواترة ولا تقبل التخلف والخطأز ثم استمر الحالة بعد ذلك (سارية الجبل، اليرموك، وغيرها من المعرك الضروس التي كان فيها المؤمنون قِلّة وضعفاء والكفر مستشرياً حيث أنزل الله تعالى سكينته وأنزل جنوداً لم تروها.

هذا في حالة الحروب أما في حالة الخصومة فما من فترة من فترات التاريخ تعرّض فيها الاسلام الى تضليل وبِدَع وانحراف من أعداء كان لهم قوة في جزء من الأزمنة إلا اضمحلت تلك الفرق المعادية وبقي الاسلام نقياً صافياً لا يقل قيمة ومناعة عن التقدم ولو استعرضنا تاريخ الاسلام نجد ان فترات طويلة منه استحكم فيها أعداء الاسلام من حكومات ملحدة أو دهرية أو مبتدعة نصبت المشانق للعلماء والصالحين والملتزمين وكذلك لما استولى الشيوعيون على جمهوريات اسلامية شرّدوهم ثم زالت تلك القوة وبقي الاسلام ناصعاً.

هذه السُنّة مضطردة الى يوم القيامة بشرط واحد وهو إذا كان المؤمنون مؤمنين وحتى يكونوا مؤمنين لهم علامة اساسة وهي أن لا يسمحوا بظهور المعاصي واستشراؤها حتى تستحكم فيهم علانية كم قال صلى الله عليه وسلم : "إذا شاع الخمر والربا والزنا رفع الله يديه عن الخلق فلا يبالي بأي واد هلكوا" إن الله يدافع عن اذين آمنوا إذا كانوا من المؤمنين حقاً وليس من شأن المؤمن أن تستبد بمجتمعاتهم الذنوب والمعاصي والكبائر حتى تصبح حالة مستقرة ورسمية يدافع عنها وهم صامتون ساكتون ولذها فليس من شأن المؤمنين وإن كان هناك مؤمنون من أي نوع من الايمان ثم لا يقفون سدّاً أمام استشراء الباطل وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم : كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر فقالوا أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم وأشدّ منه كائن. كيف أنتم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً فقالوا أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم وأشدّ منه كائن قال كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟

نحن نسمع في بعض المجتمعات الاسمية حكومات تمنع الحجاب والصلاة وهذه مجتمعات لا تستحق أن تطبق عليها القوانين الالهية من حيث أن الله تعالى تكفّل أن يدافع عن المؤمنين من أفراد وجماعات ودول وينصرهم فإن في ذلك خروجاً على القاعدة التي تستدر ذلك القانون. ومن هنا نعلم أن مصيبة المسلمين في ضعفهم وقهرهم وتخلفهم ليس ناتجاً عن عدوهم وإنما أسبابه كامنة في مجتمعاتهم فالمسلمون يؤخذون من حصونهم فهم يُقهرون في بلادهم في أنفسهم فيتجرأ عليهم العدو حيث يرفع الله تعالى يديه عنهم فلا يبالي بأي واد هلكوا. من أجل ذلك إذا أردنا أن ننتهي من الذل فعلينا أن نكون مؤمنين مؤمنين ولا نسمح بأن يكون الباطل المستشري حالى مستقرة ثابتة تخرجنا من دائرة الايمان وتلحقنا بمن ليس من هذا الوصف من دول العالم الأخرى وعلينا أن نتولى أنفسنا بأنفسنا من غير أن نطمع في أن يدافع عنا الله تعالى أو ينصرنا عز وجل لأنه يجافع عن الذين آمنوا . فأسأله تعالى أن يجعلنا من الذين آمنوا ونكون من المؤمنين حقاً لكي يدافع الله تعالى وهذا الأمر آت لا محالة لأن الأمة دائماً تمر بضعف وقوة ولا بد أن القوة آتية بعد الضعف.

بيرق السعدي
10 Jun 2006, 07:58 PM
البشارة التاسعة عشرة

بشارة أخرى من بشائر هذا القرآن العظيم الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهي قوله تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) النساء) نتوقف عند كلمة (يجد) فما الفرق بينها وبين قوله تعالى (فإن الله غفور رحيم) هذا اللسان العربي فيه تعبيرات وجمل تدل على معنى اضافي بمجرد ترتيب لكلمات. يقول الشاعر:

يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل

فما الفرق بين لوجدتنا نحن الضيوف وبين نحن الضيوف؟ (لوجدتنا) تعطي انطباعاً أن هذا الشاعر كريم يفرح بالضيف ويأنس به ويتمنى لو جاءه كل يوم وابراهيم u مثلاً كان لا يأكل إلا إاذ آكله ضيف . فكلام الشاعر موجه للضيف يغريه بالقدوم لأنه يفرح بالضيافة وهو مستعد لها. ولذها كلمة يجد إغراء وتوكيد وإظهار للهفة الشاعر على ضيفه وهكذا كلمة (يجد) في الآية الكريمة فالله تعالى يغري المذنبين والخطّائين مهما عظمت ذنوبهم وخطاياهم أن يعودوا اليه ويستغفروه لأن الله عز وجل أفرح بتوبة عبده من صاحب الراحلة كما جاء في الحديث المشهور. ولهذا قال تعالى (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) وينزل سبحانه في الثلث الأخير من الليل وينادي هل من مستغفر فأغفر له؟ والله تعالى يهيب بكل المذنبين أن تفرّ إليه والعادة جرت في الدنيا أنك إذا عصيت ملكاً من ملوك الأرض فانت تفرّ منه لشدة بطشه أما ملك الملوك فيقول إذا عصيتني ففِرّ إليّ لأني أغفر لك ذنوبك جميعاً. (تجد الله غفوراً رحيما) إغراء للمذنبين بالتوبة (وسارعوا الى مغفرة من ربكم) ثم أراد أن يحدد هذه السرعة فقال انها سرعة المتسابقين (وسابقوا الى مغفرة من ربكم).

هكذت كلمة (يجد) توحي بكل هذه المعاني وإن الله تعالى بهذا الكرم والجود يحب المغفرة كما علّمنا صلى الله عليه وسلم في دعاء ليلة القدر : اللهم إنك عفو قدير تحب العفو فاعفو عني. وهو سبحانه يحب التوابين كالكريم الذي يحب الضيوف يأتون بيته. وكذلك الله تعالى يقول لعباده المذنبين والخطائين (يقول صلى الله عليه وسلم فيما يحدث به عن ربه" يا عبادي كلكم ضالّ الا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) فما عذر من يدخل النار بعد هذا الكرم وما عذر من يتهاون بالتوبة والاستغفار والله تعالى باسط يديه بالليل والنهار كالأب الحاني الذي يتمنى أن يُقبل عليه ابنه العاصي ويقول تعالى في الحديث القدسي: عبدي لو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً جئتك بمثل قرابها مغفرة. وكذلك يقول تعالى في حديث قدسي: وإن تقرب اليّ شبراً تقربت اليه ذراعاً وإن تقرب مني ذراعاً تقربت اليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.

وما شدة فرح الله تعالى بتوبة عبده الخطّاء يقول يا عبدي أنني أحب التوابين وأحب المستغفرين فإذا استغفرتني وتبت اليّ فسوف تجدني قد قبلت عذرك وفي الحديث إن العبد ليعصيني ليذكني على المعصية يستغفرني فأغفر له.

في مثل هذا الشهر المبارك ينبغي على كل خطّاء مهما كانت أخطاؤه عظسمة وهناك الفواحش والشهوات ومن ظلم نفسه وهناك العاصي الذي تمرد على الأداء وهناك المذنب الذي يخلّ بواجب فالمعاصي منقسمة شرائح ومنظومات ولكي لا يبقى للعبد حجة إذا لم يتقرب من ربه تائباً مسغفراً من أجل هذا لا يدخل النار إلا شقي لأنه ما كان عليه إلا أن يستغفر الله والله تعالى جعلها قانوناً (يجد الله غفوراً رحيما) ويجد تعني أنه لا يمكن لعبد أن يستغفر الله إلا وغفر تعالى له مهما كان ذنبه عظيماً وكثير من المذنبين بلغت ذنوبهم حداً لم يتصور أحد أنه يمكن أن تقبل توبتهم لكن الله عز وجل غفرها لهم بمجرد نية التوبة لأنه سبحانه غافر الذنب وقابل التوب فهو سبحانه يغفر الذنب قبل أن يتوب صاحبه بمجرد أنه عزم النية على التوبة فيغفر الله تعالى له مسبقاً وهذا معنى قوله تعالى (يجد الله غفوراً رحيماً).

بيرق السعدي
10 Jun 2006, 08:03 PM
البشارة العشرون

من الباشئر قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة) من هؤلاء الذين يحبهم الله تعالى قبل أن يحبو وقدّم محبته لهم قبل أن يقدموا محبتهم له؟ هؤلاء قوم (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) فالتذلل للمؤمنين عبادة يحبها الله عز وجل ويحبها المؤمنون وإذا أحبها الله تعالى وأحبها المؤمنون فاز العبد فوزاً عظيماً فإذا أحب الله تعالى عبداً نظر إليه وإذا نظر إليه لا يعذبه أبداً. والذل نوعان : ذل فيه منقصة ومهانة عندما تذل نفسك في مقام يجب أن تعزّها فيه وهناك ذل عبقري أفضل من العِزة كالذل للأبوين (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) كلما تذللت لهما كما ارتفعت عند الله تعالى في سُلّم المجد والعزة والكرامة. هكذا التذلل للمؤمنين هما آيتان مرة تهيب بالمؤمنين أن يكونوا أذلة فيما بينهم (أن يذل بعضهم نفسه لبعض) وآية أخرى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) والفرق بين الحالتين أن المؤمنين رحماء بينهم في كل حال بعضهم يرحم بعضهم وهذه قضية ليس فيها عنت ولا مشقة لكن العنت والمشقة أن تذل نفسك (أذلة على المؤمنين) وهذه الذلة هي التي يُعنون لها على منظومة التواضع والتراحم التي ينبغي أن تصادف فيك كظماً عظيماً للغيظ (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) حينئذ لا ينبغي لمؤمن أن يكون فظاً غليظ القلب مع مؤمن آخر مهما بدا منه من تقصير في حق نفسه أو حق أخيه أو حق الله تعالى. رجل صالح رأى أخاً له وكان طالحاً فقال والله ليدخلّنك الله النار قالها له بغلظة وقسوة وكان عليه أن يبتسم في وجهه وينصحه بأن يُنجي نفسه وأن يُحبب له التوبة ويترفق به كما ترفق الرسول صلى الله عليه وسلم بالخطائين والمذنين فقال تعالى من هذا الذي يتألّى علي وعزتي وجلالي لأدخلنه الجنة ولأدخلنك النار لا لشي إلا لغلظ قوله وقسوته على أخيه. وهذا ما نسمعه كثيراً اليوم نسمع من يقول فلان مشرك وفلان كافر وفلان مبتدع وغيره ونسمع كثيراً من غليظ القول والقسوة وهذا يدخل في ما رويناه سابقاً في الحديث. وحديث آخر: قال صالح والله لا يغفر الله لفلان وكان هذا الفلان خطاء يملأ الدنيا خطايا فيقول تعالى من هذا الذي يتألى ألا أغفر له لقد غفرت له وأحبطت عملك لا لشيء الا لقسوته وغلظته على أخيه.

عن انس رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليه بُردٌ نجراني غليظ الحاشية فجاء أعرابي فجبذه جبذة قوية فرأيت أثرها على صفحة عنقه وقال: مُر لي من مال الله الذي عندك فالتفت اليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك وأمر له بعطاء والكل يعرف قصة الأعرابي الذي بال في ناحية من المسجد فقام الناس ليأخذوا عليه فقال صلى الله عليه وسلم اهدأوا إنمابُعثتم ميسرين لا معسرين وأمرهم أن يهرقوا الماء على البول.

فإذا رأيت رجلاً يتكبر على الناس ويقسو عليهم ويرى نفسه خيراً منهم فهو هالك كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل هلك القوم فهو أهلكهم. رجل صالح ملتزم رأى فساد الناس فصرخ لقد هلك الناس كأنه يبرّي نفسه من فسادهم ويرى نفسهم خيراً منهم وفي يومنا هذا أفراد وجماعات تعتقد أنها في الوحيدة على الحق والباقي هالكون فمن يقول هذا فهو اشدهم هلاكاً وقد يكون الباقون هالكون فعلاً وكأن قولك يدل على أنك ترفع نفسك وتنظر اليهم بازدراء واحتقار فأنت أشدهم هلاكاً فلا يقول الرجل الصالح هلك الناس أو فسدوا وإنما يدعو الى الله بالحسنى واللطف والكلمة الطيبة. من أجل ذلك فإن لغة التخاطب بين المؤمنين ولغة التعامل بين الخطائين وغير الخطائين يجب أن تكون بغاية الرقة كما يفعل الطبيب مع مريضه. فإذا رأيت رجلاً يُعنّف ويفسّق ويكفّر فاعلم أن الله تعالى لا يحبه وهو بعيد عن الله وهو لا يحب الله تعالى ولو أحب الله تعالى لأحب عباده. قال موسى لربه: أراك يا رب تحب بني اسرائيل وأنا لا أحبهم فقال لأنك لم تخلقهم. حينئذ رب العالمين رب الناس طلب منا أن ندعو اليه بالحكمة والموعظة الحسنة كما قال عبد الله بن مسعود: لا تحاسبوا الناس وكأنكم أرباب. فأنت لست رباً يحاسب الناس فرب العالمين هو وحده سبحانه الذي يحاسب الناس لكن عليك أن تحاول أن تنقذ أخاك بالكلمة الطيبة ووجهك باسم ولهذا يحبك الله تعالى وتحبه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يتمثل الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ومن أجل هذا حُرّمت الخيلاء والكِبر وامتدح الله تعالى كظم الغيظ (والكاظمين الغيظ) ووعدهم أن يملأ نفوسهم رضى يوم القيامة لأنهم ذلّوا وأذلوا أنفسهم. قال صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على ما يُشرف البناء ويرفع الدرجات قال أن تحلم مع من جهل عليك وأن تصل من قطعك وأن تعطي من حرمك.

كل ذلك من ذل المؤمن العبقري الذي يحبه الله تعالى ورسوله ذلك الذل يجعل المؤمنين متراحمين متوادين فعليكم أن تكونوا مع المؤمنين أذلة لأنه ذلة يحبها الله ويحبها بكم وتجعلون رب العالمين يضفي عليكم من الرحمات فإذا أحب الله تعالى أعطى عطاء غير محدود.

بيرق السعدي
11 Jun 2006, 06:22 PM
البشارة الحادية والعشرون

من البشائر التي يبشر الله تعالى بها المتقين قوله تعالى (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الاعراف) فالرحمة الواسعة إنما هي للمتقين وهناك فرق بين الرأفة والرحمة فالرأفة هي للمؤمنين فلا يعذبهم أما الرحمة فهي للصالحين فيضاعف لهم الأجر أضعافاً لا يمكن للعقل البشري أن يحيط بها من قريب أو بعيد ولذا جاء في الحديث: ليرحمنّ الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها ابليس. ونحن نعلم أن لله تعالة مئة رحمة أنزل الى الأرض منها رحمة واحدة وبقي تسع وتسعون رحمة فتأمل ما هو حجم هذه الرحمات يوم القيامة؟

قال تعالى (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الاعراف) التقوى أنواع منها التقوى الشخصية وهي ما بينك وبين ربك كالصلاة والصيام والعبادات وهناك التقوى العسكرية كتقوى الجيوش المقاتلة والثبات والصمود وتقوى سياسية وهي تقوى الحُكّام وأهمها وأوسعها التقوى الاجتماعية وهي التقوى التي تتحكم في سلوك الناس مع بعضهم أي التوقى في مدى تعاملك مع الآخر أياً كان هذا الآخر حيوانياً كتلك التي سقت كلباً يلهث فغفر الله تعالى له أو شجراً أو طريقاً "رأيت رجلاً في ريض الجنة بشوكة نحّاها عن طريق المسلمين"

وهناك أصناف من الناس يحبهم الله تعالى لتقواهم الاجتماعية أي بسلوكهم مع الآخر فيسبغ عليهم من النِعم ما لا يمكن تصوره (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الاعراف)

ومن المتقين في باب التقوى الاجتماعية: الذين يزورون المرضى وكلكم تعلمون كيف أنهم يُغفر لهم كل ذنوبهم بحيث يخرجون من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، وإكرام الجار "إذا مات الرجل وشهد له سبعة من جيرانه بخير إلا شفّعهم الله فيه" ، والفقير المتعفف ذو العيال لا يسأل الناس فسلوكه مع الناس (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسألون الناس إلحافا) نظرته للمجتمع من حيث أنه لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه بالسؤال فيعطيه الله عطاء عظيماً هذا الذي يموت وحاجته في صدره، كذلك الرفق بالحيوان وبالمرضى والمراجعين إذا كنت موظفاً وقِس على ذلك مما لا حصر له ولكن من الشرائح العظيمة المكرّمة من المتقين منهم البارّ بولديه والبر بالوالدين أعجوبة "ثلاث لا يضر معها ذنب من ضمنها البر بالوالدين" كذلك الاحسان الى البنات إذا كان لك بنت أو بنات وأحسنت لهن احساناً متميزاً وأدّبتهن فأحسنت تأديبهن إلا كُنّ وجاء لك من النار وصبّ عليك الرحمات حباً يوم القيامة بحسن تربيتك لهن وحفظك لهن.

كذلك حفظة القرآن الكريم وهذه شريحة مقدسة يوم القيامة"إن لله أهلين من الناس قالوا من هم يا رسول الله؟ قال أهل القرآن أهل الله وخاصته" وكذلك أصحاب البلاء الصابرين "إن الله يكره مساءة عبده المؤمن فإذا أصابك سوء أو بلاء فصبرت فإنك تكون من شريحة عظيمة من المتقين تسعك رحمة الله تعالى يوم القيامة التي تسع كل شيء. كذلك الراحمون إذا كان قلبك رقيقاً "أكثر أهل الجنة رقاق القلوب" أما قسوة القلوب فهو أمر يبغضه الله تعالى بغضاً عظيماً ويحاسب عليه قاسي القلب كما كلن هو يحاسب الناس من قسوة قلبه ولذلك الراحمون يرحمهم الله عز وجل. كذلك من الشرائح التي يحبها الله تعالى المتحابون في الله والمتحابون في الله في ظل الله تعالى يوم القيامة، كثير من هذه الشرائح التي تُحسن التعامل الاجتماعي مع الآخر كالكاظمين الغيظ وأهل الكرم والسخاء والضيافة حتى ان الله تعالى أوحى الى موسى أن لا يقتل السامري مع أنه جعل قومه يرتدون واستحق القتل قال تعالى لموسى لا تقتله فإنه سخيّ.

رب العالمين ادّخر تسعاً وتسعين رحمة الى يوم القيامة ورحمة واحدة هي التي شملت هذه البشرية كلها فماذا ستفعل هذه الرحمات التسع والتسعون لا تبقي على ذي سلوك حسن مع الآخر ذنباً ويكفي أن تعلم أن امرأة كانت تصوم النهار وتقوم الليل إلا أنها كانت تؤذي جيرانها فقال هي في النار لمجرد ان سلوكها مع الآخر كان سيئاً.

إذن التقوى الاجتماعية هي موقفك مع الآخر بائع ومشتري، حاكم ومحكوم، عالم ومتعلم، جار وجار، ابن وأب، أخ وأخت وكل علاقة مع الآخر هي التي تجعلك من شريحة التقوى الاجتماعية العظيمة تلك التي قال فيها صلى الله عليه وسلم "خياركم خياركم لأهله" وقال صلى الله عليه وسلم "خير الناس أنفعهم للناس" الى آخر هذه النصوص التي تبين أن التقوى القاسية الصعبة التي تخالف النفس وتخالف الشيطان والعِزّة الجاهلية والكبرياء هذه هي التي تجعلك من المتقين المتقدمين يوم القيامة من حيث ما بلغت فيها من مخالفة النفس (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت) فإذا كنت من هؤلاء أصحاب هذا الحظ العظيم فأبشر بسعة رحمة الله تعالى التي لايمكن أن تتصور مدى سعتها.

بيرق السعدي
12 Jun 2006, 05:30 PM
البشارة الثانية والعشرون

من البشائر العظيمة التي تُعدّ نفحة من نفحات الله تعالى والنفحة هي الهدية الثمينة الخاصة التي نفعها عظيم قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) كيف؟ بهذه السهولة أن تتوضأ في الماء البارد المنعش ثم يعطيك الله عز وجل على هذا الوضوء عطاء قد لا تجده في أي عبادة أخرى. وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم :" إذا توضأ المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل الذنوب التي نظر اليها مع الماء فإذا غسل يديه خرجت منه كل الذنوب التي بطش بها بيديه مع الماء فإذا غسل قدميه خرجت منه كل الذنوب التس مشى اليها برجليه مع الماء." فما عليك إلا أن تتوضأ بهذا الماء المنعش بسهولة ثم تأخذ كل هذا العطاء وهناك فرق بين آيتين: (ويحب المتطهرين) وقوله تعالى (ويحب المطّهرين) فالمتطهرون هم الذين إذا أحدثوا توضأوا للصلاة هذا المتطهر أما المطّهر فهو الذي يبقى على طهور دائم من ساعة ما يستيقظ الى ساعة ما ينام هو على وضوء كما قال صلى الله عليه وسلم: ولا يحافظ على الوضوء الا مؤمن. فالمحافظة على الوضوء عبادة جليلة إذا تعوّد عليها العبد صعب عليه أن يتركها بل إذا تعوّد عليها العبد المؤمن فلا يلذّ له طعام أو حديث أو سلام إلا إذا كان متوضأً. وفضل الوضوء يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فسمعت خشخشة نعال بلال قبلي في الجنة فسألته بم سبقتني قال ليس بشيء إلا أني كلما أحدثت أحدثت وضوءاً قال صلى الله عليه وسلم ذلك هو ذلك هو. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن توضلأ وضوءاً جيداً قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ في هذا المجلس وقال من توضأ مثل وضوئي هذا غفر الله له مل تقدم من ذنبه. وأحاديث الوضوء الصحيحة تنتهي بنهايات متعددة فهناك حديث : ما توضأ بمثل هذا الا رفع الله درجاته وحديث : إلا عاد من ذنوبه كهيئة ولدته أمه. وأحاديث كثيرة في هذا الباب تدل على أن هذا الوضوء نفحة من نفحات الله تعالى يعطيها للمتوضئين الذين يحافظون على وضوئهم بوضوء طاهر نقي يستعدون به إما لصلاة فهم المتطهرون وإما على الدوام فهم المطهّرون.

أي بشارة هذه؟ ما عليك إلا أن تتوضأ وتحسن الوضوء بالكامل ثلاث مرات غسل يدين واشتنشاق ومضمضة وغسل وجه ورجلين ولا تترك سُنّة إلا وتفعلها بشرط أن تسمي على الوضوء فإذا بدأت الوضوء بدون تسمية تكون حُرمت من هذا الفضل. بشارات عظيمة أن المسلم يتوضأ خمس مرات في اليوم جبراً للصلاة وقد يتوضأ أكثر من ذلك وهؤلاء يدخلون فيمن أدخل الوضوء على الوضوء. هذا الدين يحثك على الطهارة والنظافة حقاً وقد أجزل الله تعالى العطاء حتى لا تجد في نفسك تقاعساً عن ذلك من أحسن وضوءه سواء كان المتكرر مع أوقات الصلاة أو الدائم فليعلم أن الله تعالى وهبه كرماً عظيماً وقد اشترط النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "ولا يغترّ أحدكم" هذه العبارة هي الفيصل في الأمر وعندما تسمع أن الوضوء يعطيك كل هذا الفضل من درجات رفيعة وذنوب تغفر وخطايا تخرج وترجع كهيئة ولدته أمه فعليك أن لا تغترّ معنى هذا أن هذا العطاء الإلهي اللامتناهي الذي وهبه الله تعالى للمتطهرين والمطهرين لا ينبغي أن يدفعك بغباء أو سذاجة لتفعل ما تشاء من معاصي ما دمت متوضأً وضوءاً جيداً وتقول أن الله تعالى يغفر لك هذا ليس المقصود والمقصود أن الله تعالى يعطيك ثواباً عظيماً ويغفر لك الذنوب غير المتعمّدة أما إذا حدث بك شيئاً من السذاجة والغباء فتقول أفعل ما أشاء ثم أتوضأ وضوءاً جيداً فتغفر ذنوبي حينئذ تكون قد أخطأت الطريق والسبيل وبقيت عليك خطاياك ولا ينفعك وضوءك في هذه الحالة لأنك قصرت به مقصداً ليس على وجهه. فلنعلم أن هذه البشائر للمتوضئين الملتزمين الذين لا يبيّتون المعصية ولا يتحدّون الله عز وجل ولكن إذا وقعت منهم الذنوب عرضاً وكل ابن آدم خطّاء لا يبقى مع هذا الوضوء ذنب.

بيرق السعدي
13 Jun 2006, 12:25 PM
البشارة الثالثة والعشرون

من البشائر قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) طه) إذن من هؤلاء الذين سوف يأذن لهم الرحمن فيشفعون للآخرين حتى يدخلونهم الجنة؟ أنت تستحق النار ولكن بشفاعة معينة تدخل الجنة وأنت لا تستحقها. والاستحقاق جاءك عن طريق وساطة أحد الناس فشع لك عند الله تعالى فأدخلك الجنة يا لها من بشارة عظيمة! صاحب الشفاعة العظمى هو الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا في حلقة سابقة (فبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) وشفاعته هي لأهل الكبائر من أمته وكما يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث:" لا أرضى وواحد من أمتي في النار" ولكن هناك آخرون يأذن الله تعالى لهم أن يشفعوا للآخرين والهدف من الشفاعة أنها رحمة من رحمات الله تعالى التسع والتسعون فمن رحمة الله تعالى أن يشفع أحد الناس الصالحين للطالحين وما أكثر هذه الشفاعة، وعندما يكون الأمر على ذلك الهول وذلك الفزع الأكبر ثم يقوم أناس على مشهد من الناس فيقول لهم الله تعالى اشفع لمن تحب فيسمي فلاناً وفلاناً فينقذهم من العذاب ويذهب بهم الى الجنة. في هذا المشهد يحدد تعالى سمات الملوك في الجنة وسبق أن قلنا أن فيها ملايين الملوك وسعتها شيء لا يدركه العقل وفيها الدول والزعماء والقادة والحكام والملوك ولكي تسعد بملكك وقائدك يشفع لك على ملأ من الناس ويتلذذ الناس بالانتماء الى ملوكهم. وشفاعة الأنبياء معروفة ولكل نبي شفاعة لقومه وشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم متجلية. وهناك شفاعة العلماء الصالحون الأتقياء ويقول تعالى لهم قم فاشفع لهم كما أحسنت تأديبهم. وكذلك شفاعة الشهداء وكل من مات شهيداً سواء كانوا شهداء دنيا (في الحروب) أو شهداء الآخرة (كل من مات بحادث أو بمرض أو غرق أو هدم أو موت غير اعتيادي) هؤلاء يشفعون لأهل بيتهم وفي رواية يشفعون لعشرة من أهل بيتهم كلهم وجبت لهم النار. إذن الشفاعة هي لمن وجبت لهم النار فتأمل هذا الموقف الهائل حُكِم عليك بالنار ثم يأذن الله تعالى لأحد أن يشفع لك فتدخل الجنة. ومن الذين يشفعون حملة القرآن يشفعون لأهلهم وكذلك لكل صديق شفاعة وكل من عملت له معروفاً يشفع لك في الآخرة وفي الحديث أن رجلاً كان على الصراط ذاهب الى الجنة وآخر مقيّد الى النار فناداه ألا تعرفني فقال لا فقال له أنا الذي وهبتك وضوءاً يوماً من الأيام فيطلب منه أن يشفع له عند رب العالمين فيشفع له فيقول تعالى خذ بيد أخيك الى الجنة. ولهذا مصانع المعروف تقي مصارع السوء. وكذلك ممن يؤذن لهم بالشفاعة يوم القيامة كل مسلم تجاوز التسعين من عمره يُشفّعه رب العالمين في أهل بيته جميعاً ممن وجبت لهم النار وسمي عتيق الرحمن في الأرض. وإذا شهد لك سبعة من جيرانك يوم القيامة إلا شفّعهم الله تعالى فيك حتى على ما كان منك وبهذه الشهادة تنجو من النار. وكذلك إذا صلى عليك أربعون في الجنازة وشهدوا لك بالخير شفّعهم الله تعالى بك على ما كان عليك من الذنب. وكذلك القرآن يشفع لصاحبه والبقرى وآل عمران تشفعان يوم القيامة وعلى كل مسلم أن يستظهرهما وكذلك الصوم يشفع لصاحبه. وهناك بعض الناس وبعض العبادات رب العالمين إذِن لهم أن يشفعوا فعلينا أن نُحسِن الى الناس ونقضي حاجاتهم ونحسن علاقتنا مع الجيران وأن ندعو الله تعالى أن يوفقنا لحفظ القرة وآل عمران وأن يجعلنا من أهل الشفاعة يوم القيامة اللهم آمين.

بيرق السعدي
17 Jun 2006, 12:14 PM
البشارة الرابعة والعشرون

ومن البشائر الجليلة في كتاب الله تعالى تلك الوظيفة التي أناطها الله عز وجل بحملة العرش ومن حوله وحملة العرش ومن حوله هم أقرب الملائكة الى الله تعالى فتأمل ما هي الوظيفة؟ وظّفهم تعالى بأن يستغفروا للذين تابوا من المؤمنين الخطائين المذنبين الين ملأت ذنوبهم الدنيا ثم تابوا، الملائكة يستغفرون لهؤلاء منذ أن خلقهم الله تعالى الى يوم القيامة. الذين يحملون العرض ثمانية (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) الحاقة) والذين حول العرش 120 صف من الملائكة. تخيل كم نحتاج من الملائكة لكي نرصّ 120 صفاً حول الكرة الأرضية؟ فما بالك بكم نحتاج لنرص 120 صفاً من الملائكة حول العرش والكرة الأرضية ما هي الا كحلقة بالنسبة للعرش فكم عظمة هذا العرش؟ حوله 120 صفاً من الملائكة فتخيل كم نحتاج من الملائكة وكم عددهم؟ لذلك يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث : أطّت السماء وحُقّ لها أن تئطّ. وأقرب الملائكة هم حملة العرش والذين حوله ومهمتهم فقط وتسبيحهم الاستغفار للذين تابوا من كل الموحدين من هذه الأمة ومن كل الأمم السابقة من عهد آدم الى أن تقوم الساعة كل من آمن بالله ومهما بلغت ذنوبه ثم تاب فالملائكة يستغفرون لهؤلاء التائبين (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) غافر) والسيئات هنا هي العرض على الحساب فالملائكة يدعون ربهم أن يتوب على الذين تابوا ويغفر لهم ولا يحاسبهم لأنهم بالحساب يُعرضون على الله تعالى والعرض فيه خجل فإذا عُرِض العبد المذنب على ربه يشعر بألم شديد من شدة خجله من هذا الموقف لأنه بين كلمة من الله تعالى (خذه إلى الجنة أو الى النار).

هذا القلق النفسي هي السيئات التي تطلب الملائكة من ربهم أن يقيهم الحساب والعرض فلا يعذبهم ويغفر لهم. فماذا تقول بكَرَم الله تعالى وما هي ارادته إذا هذا معنى (والله يريد أن يتوب عليكم) وهناك فرق بين المشيئة والارادة فالارادة لا بد أن تتحقق (إن الله فعّال لما يريد) وهو تعالى يريد أن يتوب عليهم فيهيئ أسباب التوبة ومن اسبابها تسخير الملائكة العظام وحملة العرش وهم اقرب الملائكة أمرهم تعالى أن يستغفروا للتائبين. وما أمرهم بذلك إلا وهو يريد سبحانه أن يتوب على من تاب من هذه الأمة وكل تائب من أم التوحيد السابقة وهذه البشارة تدفعك للتفاؤل وإحسان الظنّ بالله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يُحسِن الظنّ بالله" هذا الظن بالله العظيم وهذا يجعلك تحبه وجعلك تعبده حتى لو لم يخلق جنة ولا ناراً ويقول تعالى في الحديث القدسي: هَبْ أني لم أخلق جنة ولا ناراً ألا أستحق أن اُعبَد؟. بهذا الكرم والعطاء والجمال (إن ربك واسع المغفرة) تأمل إذن كنت بدعاء السوق يحط الله تعالى عنك مليون سيئة ويعطيك مليون حسنة، تزور مريضاً فلا يبقى عليك ذنب تستغفر فلا يبقى عليك ذنب فعليك أن تتأمل أن هؤلاء الملائكة الذين هم أقرب الملائكة لله عز وجل وشغلهم الشاغل الذي كلفهم تعالى به أن يستغفروا للمؤمنين وأن يجمع الله تعالى هؤلاء التائبين مع كل أهلهم إذا كانوا صالحين للجنة (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم). بهذا الكرم وقد هيّأ تعالى أسباب التوبة لكي يتوب علينا (ويريد الله أن يتوب عليكم) وهيأ أسبابها ومن اسبابها هؤلاء الملائكة العظام.

بيرق السعدي
17 Jun 2006, 12:22 PM
البشارة الخامسة والعشرون

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الاحزاب) لو علِم المسلمون ماذا أعد الله تعالى لهم بهذا الأمر إذا صلّوا على النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا عليه وسلموا تسليما) لعلموا كم هي عظيمة هذه البشارة. يقول صلى الله عليه وسلم: " أولاكم بي يوم القيامة أكثركم عليّ صلاة" ولِعِظم هذه الصلاة وكبرها ما جمع الله تعالى بينه وبين أحد من خلقه إلا بهذا العمل فعل واحد لله تعالى وملائكته (‘ن الله وملائكته يصلون على النبي) في حين أن الله تعالى يختص بفعل واحد (هو اذي يصلي عليكم) هذه صلاة خاصة و(ملائكته) صلاة خاصة بالملائكة ففعل لله تعالى واحد في القرآن إلا في هذه الآية (إن الله وملائكته يصلون على النبي) بصلاة واحدة حتى أن بعض المفسرين قال في قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) أنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لشدة ما جاء فيها من آثار. يقول صلى الله عليه وسلم : " صلّوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني" (من صلّى علي صلاة صلى الله بها عليه عشراً ومن صلى علي عشراً صلى الله بها عليه مئة" " من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله وملائكته عليه سبعين صلاة". " من صلّى عليّ لم تزل الملائكة تصلي عليه فليُقِلّ عبد من ذلك أو يُكثِر" وقال الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إذن أجعل لك صلاتي كلها؟ قال صلى الله عليه وسلم إذن تُكفى همّك ويغفر ذنبك. فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه العظمة بحيث جعل الله تعالى كل دعاء محجوب ما لم يُبدأ بالصلاة ويُختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال صلى الله عليه وسلم : لا تجلوني كقدح الراكب وإنما افتتحوا دعاءكم بي واختموه بي. وبما أن الله تعالى وعد بأن يقبل أول الدعاء وآخره (كل صلاة على النبي مقبولة) فعندما تدعو وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في أوله وآخره فقد ضمنت أن يكون أول الدعاء وآخره مقبو إذن الله تعالى أكرم من أن يُهمِل ما بينهما إكراماً لأول الدعاء وآخره فيستجيب ما بينهما. من أجل هذا جاءت النصوص في فضل الصلاة على النبي توصي بأن من حُرِمها فقد حُرِم الخير كله. وقال صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذُكِرت عنده ولم يصلي غليّ".

والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم جزء من محبته وبقدر ما تحبه تكون صلاتك عليه. قال احد الصحابة متى الساعة يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم وماذا أعددت لها؟ قال ما أعددت لها كثير صلاة ولا كثير صيام إلا إني أحبك فقال صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحبّ. فما فرح الصحتبة بحديث كما فرحوا بهذه البشارة. ومن أحب شيئاً أكثر من ذِكره وكلما كان حبك له عظيماً كانت صلاتك عليه عظيمة كمّاً وكيفاً ونوعاً. ولهذا جاءت الصيغ العديدة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منها:

الصلاة الابراهيمية: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد.

وهناك صيغة: اللهم اجعل صلواتك ورحماتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ونبيك ورسولك رسول الخير إمام الخير إمام الرحمة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه عليه الأولون والآخرون.

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذرياته النبي الأمي كما صليت على ابراهيم اللهم أنزله المقعد المحمود المقرّب عندك يوم القيامة.

فعلينا أن نُحسِن الصيغ التي نصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم وأن نصلي عليه بها بأدب وخشوع ووقار وخاصة يوم الجمعة فإنما يسمعها صلى الله عليه وسلم والله تعالى وكّل أحد الملائكة بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه أسماء الخلائق وكلما سلّم عليه أحد من الناس أبلغه باسمه واسم أهله.

بيرق السعدي
17 Jun 2006, 12:32 PM
البشارة السادسة والعشرون

بشارة البشائر حيث يضمن المؤمن بفضل الله تعالى أن حسناته أكثر من سيئاته هي ليلة القدر (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)) أفضل من أن تعبد الله ألف شهر أو 84 سنة في كل عام يضاف لرصيدك من الحسنات حسنات 84 عاماً صيام نهارها وقيام ليلها. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: من قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. معنى ذلك أنك عندما تسمع أحاديث :"ليس على أهل لا إله إلا الله بأس" وحديث "من قال لا إله إلا الله حُرّمت عليه النار" وحديث " إن أمتي هذه أمة مرحومة لا عذاب عليها في الآخرة" هذه الأحاديث العجيبة التي توقف عندها العلماء يحاولون وضع معنى لها يزيل الدهشة والاستغراب لكن بهذه البشارة (بشارة ليلة القدر) تُحلّ المعادلة. قلا سابقاً أن من زادت حسناته على سيئاته فذلك الذي يدخل الجنة بغير حساب (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر) . كيف يمكن أن تضمن أن حسناتك تزيد على سيئاتك؟ الضمان هو بليلة القدر. كل عام ليلة القدر تضيف الى رصيد حسناتك حسنات 84 عام والله تعالى يقول أن ليلة القدر خير من ألف شهر ونحن سنفترض الحد الأدنى (84 سنة) وهي خير من ألف شهر كما قال تعالى لكن لو فرضنا الحد الأدنى ففي كل عام يزيد الى حسناتك كأنك صمت وقمت 84 عاماً. وكل حسناتك وسئياتك في كتاب عند الله تعالى (كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) المطففين) وهناك عداد حسنات وعداد سيئات والذي يحصل أن عداد السيئات يُصفّر كل يوم من الجمعة الى الجمعة ومن رمضان الى رمضان ومن الصلاة الى الصلاة والبلاء والاستغفار وزيارة المريض والحج والمصيبة وكثيرة هي اسباب تصفير السيئات فمن قال سبحان الله وبحمده مئة مرة غفرت ذنوبه والأحاديث في تصفير السيئات عديدة كثيرة. وفي الوقت نفسه فإن عدّاد الحسنات يزيد ويتصاعد تصاعداً خيالياً أكثر مما تتوقعه. فإن ما تفعله أنت في حياتك كلها من حسنات من عمل أو عبادة لا يساوي شيئاً نسبياً لما سيمنحك الله تعالى إياه في ليلة القدر فالحسنات أكثر مما جمعته في عبادتك بملايين المرات وهنا تضمن أن حسناتك أكثر من سيئاتك.

هؤلاء السابقون في الفضل وهؤلاء هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب فلنتحرّى هذه الليلة المباركة ايماناً واحتساباً ولنحُسن معاملة الناس ونستغفر الله تعالى من كل الذنوب حتى نكون ممن يصافحه جبريل عليه السلام في هذه الليلة المباركة ومن علامات مصافحة جبريل عليه السلام أنك تشعر برقّة وقُرب دمعة وخشوع وأسأل الله تعالى أن يجنبنا العُجب والزلل وأن يجعلنا من عتقاء هذه الليلة المباركة.

بيرق السعدي
17 Jun 2006, 12:34 PM
البشارة السابعة والعشرون

ومن البشائر ما يحمله حرف الجرّ في هذه الآية (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) التوبة) (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) الشورى). جاء في القرآن قوله تعالى (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) المائدة) وجاء قوله تعالى (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) فما الفرق بين أن يتقبل الله تعالى من عباده وأن يتقبل عن عباده. إذا تاب العبد بنفسه فالله تعالى يتقبل منه هذا إذا باشر العبد التوبة وتاب واستغفر من ذنوبه.

أما (عن عباده) فتعني أن الله تعالى يتقبل التوبة بالنيابة (أحد الناس تاب عنك). قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) وهذا كرم آخر ونفحة من نفحاته سبحانه وتعالى. فقد تدخل الجنة بحسنات لا تعرفها وإنما جرت على يد غيرك وكان ثوابها لك والأحاديث في هذا كثيرة. الدعاء للمؤمن بظهر الغيب فكم من الناس يدعون لك كل ليلة وكل ساعة وما من دقيقة إلا وفيها صلاة تقام من مشرق الأرض الى مغربها على مدى الأربع والعشرين ساعة هناك أذان يُرفع وصلاة تُقام والكل يقول اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات. والدعاء مستجاب ومن الملائكة من هم مخصوصون للتأمين على دعاء المؤمن لإخوانه بظهر الغيب. قال صلى الله عليه وسلم : " من استغفر للمؤمنين والمؤمنات خمس وعشرون مرة وفي رواية سبع وعشرون مرة إلا غفر له ورُزِق به الخلق وكان مستجاب الدعوة" وما يجري من استغفار المؤمنين بعضهم لبعض يغفر الذنوب. وكذلك الصدقة الجارية ففي البرزخ ترفع درجة العبد فيسأل بم نِلت هذا فيقال هذا باستغفار ولدك لك. هذا تصديق للحديث إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منها ولد صالح يدعو له وصدقة جارية. فإذا كنت صاحب بستان مثلاً فكل من يأكل من بستانك من طير أو غيره فلك فيه حسنة " وفي كل كبد رطبة صدقة" وكل من تُقضى حاجته باسمك يصله حسنات. وهناك من العبادات ما جُيّرت لك لأن أحداً من الناس قام بها عنك وهذا معنى قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ).

بيرق السعدي
18 Jun 2006, 10:00 AM
البشارة الثامنة والعشرون

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر) جميعاً بدون استثناء. لماذا استثنى تعالى في آية أخرى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) النساء) ؟ ليس هناك تناقض بينهما فالآية الأولى تتحدث عن ذنوب المؤمنين وليس من ذنوبهم الشِرك لأنهم لا يشركون فالمؤمن قد يُخطيء خطأ أو يرتكب معصية أو يرتكب ذنباً لكنه لا يُشرك بالله تعالى أما الشِرك فهو ذنب الذي لم يؤمن أصلاً وهو أخطر جريمة على وجه الأرض. المشرك لا يُحسب عليه عمل لأن التوحيد شرط قبول العمل من أجل هذا رب العالمين يغفر للمؤمن حميع ذنوبه ولا يغفر للمشرك شركه.

فالآية الثانية تتعلق بالمشركين والله تعالى يغفر للمؤمني كل شيء (كما في الآية الأولى) ولا يغفر للمشركين (إن الله لا يغفر أن يشرك به).

والله تعالى في قوله (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) فإياك أن تقنط من رحمة الله تعالى أو تيأس ولا يوجد بشارة أهم من هذه البشارة فمهما عظم ذنبك أو ارتكبت من المعاصي حتى لو عصيت الله تعالى ألف عام عليك أن تفِرّ الى الله تعالى فسيغفر لك ذنوبك جميعاً ونذكر قصة الرجل الذي قتل مئة نفس وقبل الله تعالى توبته لمجرد أنه توجه ليتوب ولم يصل الى موقع التوبة ولكنه كان صادقاً في توجهه فمات في الطريق فغفر الله تعالى كل ذنوبه. ونذكر أن الله تعالى غفر لبغيّ بسقيا كلب. والرسول صلى الله عليه وسلم لنا أن الله تعالى يغفر الذنوب حتى ولو كانت مثل قراب الأرض. ولقد مًنِعنا منعاً باتاً من اليأس والقنوط فالقنوط ذنب عظيم فإذا قلت كيف يغفر الله كل هذه الذنوب فتكون قد اتهمت الله تعالى في كرمه وسخائه والحديث القدسي: عبدي لو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً جئتك بمثل قرابها مغفرة. ويقول صلى الله عليه وسلم: إن منكم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.

هذا كرم الله تعالى وهذه بشارة عظيمة (لا تقنطوا من رحمة الله) هذا يدلنا على سخف من يتهم مذنباً أو خطّاء ويحتقره إلى أن يقنطه من رحمة الله تعالى فيعاديه ويشتمه ويشنّعه وحينها يتدخل الله تعالى ويضع أحدهما مكان الآخر كما ذكرنا في حديث سابق "من ذا الذي يتألى عليّ؟ وعزتي وجلالي لأغفرن له وأدخله الجنة وأدخلك النار".

ما دام باب التوبة مفتوحاً وما دام رب هذا الباب بهذا الكرم فعلام تُحقّر مذنباً ولو شاء لجعلك الله تعالى مكانه وابتلاك بمثل ما ابتلاه فعلينا أن نُحسن التعامل مع الخطائين ولنعلم أننا جميعاً سندخل من باب التوبة المفتوح هذا الباب الذي لولاه لما نجا منّا أحد.

بيرق السعدي
26 Jun 2006, 09:52 AM
البشارة التاسعة والعشرون

(وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) البقرة) ربما تقول لِمَ يختص الله تعالى هذه الأمة برحمة لم يختص بها أمة أخرى؟ هذا سؤال ليس من حقك أن تسأله فهو تعالى لا يُسأل عما يفعل. اختص الله تعالى هذه الأمة برحمات لم ينزلها على أحد من قبل ولهذا قال لرسوله صلى الله عليه وسلم (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) وهذه الرحمات منها ما أنزله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم كالفاتحة وخواتيم سورة البقرة فقال فيها صلى الله عليه وسلم الفاتحة وخواتيم البقرة لم تنزل على أمة من قبل لِعِظم أثرها في العبادة. وهناك رحمات فوّض أمرها اليه صلى الله عليه وسلم ففوض ربا العالمين رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه البشائر التي لا حصر لها لهذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم" بشّروا ولا تنفّروا. وبشّرنا صلى الله عليه وسلم بأنواع الذكر والعبادات وبالشفاعة والمغفرة العامة وبكثير من البشائر التي لا تملكها أمة أخرى.

كما اختص تعالى هذه الأمة اجمالاً اختص شرائح محددة معينة بفضل عظيم منها الأسخياء وأهل الليل وأهل البلاء وما الى ذلك من الشرائح الكثيرة التي يجعل الله تعالى لهم امتيازاً خاصاً عن رحمة ونفحات خاصة من نفحاته أمر يعلمه هو سبحانه وجاء في الحديث: إن لله تعالى نفحات فتعرضوا لنفحات الله.

ومن اختصهم الله تعالى برحمته هم أحب الناس اليه وهم الصائمون وأحب الصائمين الصائمون في رمضان وأحب الصائمين في رمضان الذين يُحييون ليلة القدر إذن رب العالمين (يختص برحمته من يشاء) وإنّ من عباد الله تعالى من يرزقهم ويعافيهم ولا يبتليهم وإذا ماتوا أدخلهم الجنة وإنّ منهم من خصهم برحمته التي لا تشمل غيرهم (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة) فعلينا أن نتلمس مواطن هذه الرحمات التي تسع كل شيء ونتخصص بمناط من هذه المناطات ونحسنه احساناً جيداً لنبعث عليه كما قال تعالى في زمرة من الزمر الخاصة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر)

علينا أن نختص بزمرة من الزمر كالعلماء المخلصين أو المجاهدين أو التجار الصادقين أو البارّين بآبائهم وأمهاتهم وأهل الليل أو الذاكرين او غيرهم من الذين اختصهم الله برحمة معينة لكي ننال هذه الرحمات. إذن كما قال تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) الانعام) وعلينا أن نكون دائماً حريصين على التوحيد ثم على أداء الفروض ثم نتخصص بعبادة معينة نتقنها من جميع جوانبها من تلك العبادات التي اختصها تعالى برحمة معينة لا تلقاها عبادة أخرى.

بيرق السعدي
26 Jun 2006, 10:07 AM
البشارة الثلاثوووووون

وآخر هذه البشارات هي الآية التي اختتم بها تعالى آيات الصيام فبعد أن تحدث عن الصيام قال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة) إن الله تعالى قيرب منكم اليوم وهذه ليلة الجائزة فعند صلاة الفجر وصلاة العيد تقف الملائكة فتوقل اذهبوا فقد غفر الله لكم وهذه جوائزكم بعد الشهر الكريم وهذا هو الجزاء بعد الصبر الذي قابلتم به الله تعالى وبما أن الله تعالى قريب منكم وعليكم وفيكم ندعو الله تعالى لهذه الدولة المباركة أن يديم الله تعالى عليها النِعم والأمن والعدل وأن يحميها من الشر ومن السوء والمكر. وأن يسهل لأهلها طريقة معيشتها ويجزي حكامها خيراً على ما بذلوه في سبيل شعبهم من عدل وأمن وانصاف. وندعو للأمة الاسلامية كلها أن يُبرّئها الله تعالى مما هي فيه وأن يرفع عنها البلاء والشر وينصرها النصر الذي تستحقه ويرفع عنها البلاء عن كل اقطارها وحدودها ومصائرها وندعو الله تعالى أن يجعلنا من عتقائه في هذا الشهر المبارك وأن يبلغنا الشهر القادم ونحن أحسن ما نكون في هذا العام. وغداً العيد وفي العيد تدور عبادة عظيمة ألا وهي عبادة السرور وهي عبادة جليلة فمن أدخل السرور على قلب مؤمن أو بيت من بيوت المؤمنين جعل الله له ملكاً يونس وحشته في قبره الى أن يُبعث يوم القيامة. فلنحسن تعاملنا مع الناس ولنوسّع على عيالنا وعلى الفقراء والمساكين. وعلينا أن نعيّد محمداً صلى الله عليه وسلم بهدية يستحقها لحًسن تبليغه وإداء رسالته ونسأل الله تعالى أن يجزيه عنا خيراً وأن يُحسن اليه ونقول له صباح العيد: يا رب إكراماً لنبيّك المصطفى فإني أعفو عن كل من ظلمني فإذا فعلت ذلك أفرحت النبي صلى الله عليه وسلم فما من سوء يسوء النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أن يدخل واحد من أمته النار فإياك أن يدخل أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم النار بسببك أنت لأنه ظلمك وأنت لم تغفر له. قُل يا رسول الله إني اعفو عن كل من ظلمني لوجه الله تعالى وإكراماً لك.

وكل عام وأنتم بخير

************************************************** ************
************************************************** ************
ومن هنا نعلمكم ان البشاره الثلاثووووووووون من البشاااااااااااااااااائر هي الاخيره وارجو منكم الاطلاع عليها للفائده فالانسان عموماً يحب البشائر وحيب ان يبشر ويحب الاخبار الساره فنحمد الله ان اختصنا بكل هذه البشااااااااااااائر

ولا تنسوني من دعائكم فانا في امس الحاجه اليه
ابو عبدالله بيرق السعدي

صاروخ البتار
12 Oct 2006, 01:03 AM
بارك الله فيك اخي العزيز ودمت ذخر للاسلام والمسلمين

ابو عبد الله عزام
18 Oct 2006, 04:27 PM
بشرك الله بالخير أخي في الله

رنووو
18 Oct 2006, 08:34 PM
شكرااااااااااا لك
ولك من شارك في الموضوع

@@ بريق الألماس @@
21 Oct 2006, 07:43 AM
جزاك الله خير ومشكوووووور على البشارات

بيرق السعدي
01 Nov 2006, 07:47 PM
صاروخ البتار
كل عام وانته بخير
والله يعد عليك رمضان اعوام مديده وانت وكافة الاسره بخير وعافيه

واشكر مرورك

بيرق السعدي
01 Nov 2006, 07:58 PM
اخي في الله
ابوعبدالله عزام
كل عام وانت بخير
والله يعيد رمضان عليك وعلى كافة الاسره اعوام مديده بالصحه والعافيه

وجزاك الله خير على مرورك

بيرق السعدي
01 Nov 2006, 08:03 PM
رنووو
جوزيت خيراً على مرورك
والله يبلغك رمضان اعواماً عديده

بيرق السعدي
01 Nov 2006, 08:07 PM
@@المشتاق@@
اخي في الله
كل عام وانت بخير حالٍ وصحةٍ ومال
وجزاك الله خيراً على مرورك

المجاوشي
07 Dec 2006, 04:41 AM
بارك الله فيكم

أخوكم المجاوشي

طلة قمر
17 Dec 2006, 05:52 PM
جزاك الله خير الجزاء
وجعلها في موازين حسناتك