المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكالمة هاتفية غيرت حياتي



الزهراء
16 Feb 2006, 07:40 AM
مكالمة هاتفية غيرت حياتي
رنين الهاتف يعلو شيئا فشيئا ..والشيخ محمد يغط في سبات عميق
لم يقطعه إلا ذلك الرنين المزعج فتح محمد عينيه ونظر في الساعة فإذا هي تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل!!
نهض من فراشه ورفع سماعة الهاتف وبادر قائلا :نعم!! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فسمع على الطرف الآخر..صوتا أنثويا ناعما يقول:
لو سمحت هل من الممكن أن نسهر الليلة سويا عبر سماعة الهاتف؟!
فرد عليها باستغراب قائلا : ماذا تقولين ؟!من أنت؟!
فردت عليه بصوت متكسر ناعم : أنا اسمي أشواق وأرغب في التعرف عليك وأن نصبح أصدقاء .. فهل لديك مانع؟!!
أدرك الشيخ محمد أنها فتاة تائهة حائرة..لم يأتها النوم في الليل بسبب أزمة نفسية أو عاطفية..فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام الهاتف!!
فقال لها : ولماذا لم تنامي حتى الآن يا أختي؟!!
فأطلقت ضحكة مدوية وقالت : أنام الليل ؟!! وهل سمعت بعاشق ينام الليل ؟!! إن الليل هو نهار العاشقين
فرد عليها ببرود : أرجوك إذا أردت أن نستمر في الحديث فابتعدي عن الضحكات المجلجلة والأصوات المتكسرة فلست ممن يتعلق قلبه بهذه التفاهات
تلعثمت الفتاة قليلا .. ثم قالت : أنا آسفة لم أكن أقصد
فقال لها محمد ساخرا : ومن سعيد الحظ الذي وقعت في عشقه وغرامه؟
قالت : أنت بالطبع
فقال مستغربا: أنا؟!! وكيف تعلقت بي وأنت لا تعرفيني ولم تريني بعد؟!!
فقالت: لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية وقرأت لك بعض المؤلفات فأعجبني أسلوبها العاطفي الرقيق والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قال لها محمد : إذن أخبريني بصراحة كيف تقضين الليل؟
قالت أنا يوميا أكلم ثلاث أو أربع شباب .. أنتقل من رقم لرقم .. أعاكس هذا.. وأضحك مع هذا ..وأمني هذا.. وأعد هذا .. وأسمع قصائد الغزل من هذا .. وهكذا إلى أن يقرب الفجر وأردت الليلة أن أتصل بك لأرى هل أنت مثلهم أم تختلف عنهم؟!!
فقال الشيخ: ومع من كنت تتكلمين قبلي؟!!
قالت : بصراحة مع وليد شاب وسيم وعشيق جديد رمى لي الرقم اليوم في السوق فاتصلت به وكلمته قرابة نصف ساعة
فقال لها محمد على الفور: ثم ماذا ؟!! هل وجدت عنده ما تبحثين عنه ؟!!
قالت بنبرة حزينة : بكل أسف لا ولا عند غيره لم أجد عندهم ما يشبع جوعي النفسي
إنهم خونة أحاسيسهم ملفقة تخرج من طرف اللسان هدف كل منهم ان يقضي شهوته ويرميني بعد ذلك كما يرمى الحذاء البالي حياتي معهم حياة خداع ووهم وتزييف
قال محمد : إذا لم تجدي ضالتك عند هؤلاء فهل يعقل أن تجديها عندي وأنا ليس لدي عبارات غزل ولا رسائل معطرة؟!!
قالت : على العكس أشعر أنا وكثير مثلي من الفتيات أن ما نبحث عنه عند الصالحين أمثالك نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج من القلب لتصل إلى أعماق قلوبنا نبحث عمن يهتم بنا يراعي مشاعرنا دون أن يقصد هدفا خسيسا نبحث عمن يكون لنا أخا رحيما وأبا حنونا وزوجا صالحا
إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في الدنيا عن الصدق والوفاء والبذل والعطاء
أخوتي ...
للقصة تتمة رائعة من خلالها ستتعرف هذه الحائرة إلى طريق السعادة
أردت أن أتوقف هنا وأقول:
هذه الحالات كثيرة للأسف في مجتمعاتنا
وأنا قد رأيت الكثير منها
فكثير ما اسمع من الفتيات من تتمنى الموت وكأنها في عمر التسعين مع أنها في العشرين ولا بد أن هذه الحالة موجودة أيضا بين الشباب
قد يكون البعد عن الله هو السبب الأساسي
ولكن هناك أسباب أخرى
أرجو المشاركة لأكمل بعد ذلك القصة

أم ريوف
16 Feb 2006, 06:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله أختنا الكريمة
الزهراء
شوقتينا لتكملة المكالمة وخصوصًا أنها سوف يكون فيها طريق السعادة
بارك الله فيك
ونسأل الله أن يهدي جميع المسلمين والمسلمات لما يحب ويرضى
وأن يجنبا الفتن والشرور والمنكرات

الزهراء
16 Feb 2006, 06:50 PM
أشكرك أختي الغالية على قلبي جدا أم ريوف
ولكن رجوت لو يكون هناك مشاركة أكبر لأن الموضوع خطير على كل حال سأكمل سرد هذه المكالمة
والله المستعان
قال لها محمد والدموع تحتبس في عينيه حزنا على مثل هذه الفتاة التائهة الحائرة : يبدو أنك تعانين من أزمة نفسية وفراغ روحي وتشتكين هما وضيقا داخليا مريرا وحيرة وتيها وتخبطا وتواجهين مأساة عائلية وتفككا أسريا
فقالت له : أنت أول شخص يفهم نفسيتي ويدرك ما أعانيه من داخلي
فقال لها : حدثيني عنك وعن أسرتك قليلا لتتضح الصورة عندي أكثر
فقالت الفتاة : أنا أبلغ من العمر عشرون عاما وأسكن مع عائلتي المكونة من أبي وأمي وثلاث أخوة وثلاث أخوات وإخوتي وأخواتي جميعا تزوجوا إلا أنا وأخي الذي يكبرني بعامين وأنا أدرس في الجامعة
فقال لها : وماذا عن أمك وأبيك ؟
قالت : أبي رجل مقتدر ماليا أكثر وقته مشغول في أعماله التجارية قلما يجلس معنا ، البيت عنده للأكل والشرب والنوم وفقط
ومنذ بلغت لا أذكر أني جلست مع أبي وحدنا أو أنه زارني في غرفتي مع أنني في هذه السن الخطيرة في أشد الحاجة إلى حنانه وعطفه آه كم أتمنى أن أجلس في حضنه أرتمي على صدره ثم أبكي وأبكي وأبكي لتستريح نفسي ويهدأ قلبي
وهنا أجهشت الفتاة في البكاء ولم يملك محمد نفسه فشاركها بدموعه الحزينة
بعد أن هدأت الفتاة واصلت حديثها قائلة: لقد حاولت أن أقترب منه كثيرا ولكنه كان يبتعد عني بل إنني ذات مرة جلست بجواره واقتربت منه ليضمني إلى صدره وقلت له: أبي محتاجة إليك فلا تتركني أضيع
فعاتبني قائلا : لقد وفرت لك كل ما تتمناه أي فتاة في الدنيا فأنت لديك أحسن أكل وشرب ولباس وأرقى وسائل الترفيه الحديثة فما الذي ينقصك ؟!!
سكت قليلا تخيلت عندها أني أصرخ بأعلى صوتي أبي لا أريد منك طعاما ولا شرابا أريد صدرا حنونا وقلبا رحيما فلا تضيعني يا أبي

إخوتي...
أود هنا لو يأذن لي كل أب أن أقف معه وقفة وأسأله:
ماذا قدمت لأبنائك ؟؟
لا تقل لي أمنت لهم الطعام والشراب والملبس والرفاهية
لا تقل لي علمتهم الصلاة فكنت أضع العصا فوق رؤوسهم وأضربهم إذا لم يصلوا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "واضربوهم عليها وهم ابناء عشر "
لكن اعتراضي هو :
هل حببت أبناءك بالصلاة؟
هل أشعرتهم أن الصلاة هي حياتهم وسعادتهم وأن دينهم يجب أن يكون أغلى من دمهم ولحمهم ؟
أم أنك فقط علمتهم حركات الصلاة ؟
هل حببتهم بنبيهم وقدوتهم ؟
هل قدمت لأبنائك الحنان والعطف ؟
يا أخي ...
ليس فقط الرضيع بحاجة للحنان بل إن الشاب والفتاة بحاجة إلى الحنان أكثر من الطفل الرضيع
إذا لم تفعل كل هذا فلا تبك على ابنائك ولا تتساءل
لم حصل هذا؟ وكيف حصل ؟
فزماننا زمان ضعفت فيه النفوس لكثرة الفتن وانتشار المعاصي
زماننا لا ينجو فيه إلا من جعل التقوى زاده وكتاب الله وسنة رسول الله قائده ودليله.
لا يزال للقصة بقية.... ‎

أم ريوف
17 Feb 2006, 07:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخيتي الكريمة
الزهراء
بدايةً أقول لنفسي ولكِ ولكل من أردا فعل الخير وابتغاء الأجر
{ قل لمن لا يخلص لا تتعب}
فهيا أخيتي لتعتلي همتنا فوق السحاب
ولا يكون همنا من رد ومن شاهد
وإنما هو التحذير من كل شر والدعوة لكل خير
نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر
بارك الله فيك أخيتي الكريمة على نقلك الموفق
بالفعل فتنة عظيمة
كم من الآباء هداهم الله أهملوا أولادهم وفلذات أكبادهم
ومنهم من كان همه (وإن كان واجبًا عليه ) أن يرى ابنه يصلي
ولكن كما قلتي هل حبب إليه الصلاة
هل كانت نيته أن تكون الصلاة صلة بينه وبين ربه
هل أخلص النية في تريبته أن أنه فقط يأمر لكي يكون الأبناء فخرًا لأبيهم أمام الناس
ولكن بواطنهم فارغة من محبتهم !!!!
كم صادفت كثيرًا في حياتي بنات وأبناء ظاهرهم الصلاح لأن أسرتهم تسعى لذلك
لكن عندما تختلي بأحدٍ منهم يكاد شعر رأسك يشيب لما تسمعه منهم من نقد لأبائهم وفي تربيتهم لهم
ورب البعض سمع منكم قصص الفتيات التي وقعت ضحية لبعض الشباب (هدى الله جميعًا) وهن من عائلات في بعضها من يكون الأب إمامًا لمسجد
لا أعمم ولا أقول الكل
وإنما نسبة لا يستهان بها
نسأل الله لنا ولهم الهداية والثبات عليها
سبحان الله كم يتمنى هذا الأب أو هذه الأم ذلك الطفل ولكن عندما يأتي لا يكون لديهم وعي تربوي سليم
إنما هي الاهتمام بالظواهر التي هي أساس الحياة عندهم كأكل وشرب وترفيه
كما أسلفت أختنا الفاضلة
والله إن لعلينا حقًا على أبنائنا أن نتعلم ونتثقف في أمور التربية
وما أجمل المدرسة المحمدية مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو أمي
سيرة عطرة سطرها لنا التاريخ نأخذ منها ما لن نجده في كتب العلماء المتقدمين
وإن كان جل كتب التربية الآن هي كتب مترجمة أصلها غير عربي ناهيك عن أنها على غير المنهج الإسلامي القويم....
على كل أب وأم - وأوجه الكلام لي اولاً- أن يعلم علم اليقين أن سيقف أمامه ابنه يوم القيامة وسيتعلق من رقبته ويقول هذا من لم ينصحني
هذا من لم يعطف علي ويحميني من الوقوع في المعاصي والمنكرات
هذا من أهملني وعاملني معاملة لا تمت بالرحمة بصلة
هذا من ........ ومن........ومن ............
لا نستبعد هذا ففي ذلك اليوم كلٌ يريد لوم الآخر ويريد الفرار بجلده من عذاب ومن عقاب والعياذ بالله
فلنتق الله في أبنائنا وفي أنفسنا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم : 6]
" رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً "

آمال
19 Feb 2006, 02:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختي الغالية الزهراء
وأختي أم ريوف
فعلا حال الفتيات و الشباب في هذه الأيام مؤلم
أسأل الله أن يهدينا إلى سواء السبيل وأن يفرج عن أمة حبيبه
ننتظر طريق السعادة
الذي سيدلها عليه هذا الأخ الكريم
نرجو أن لا تتأخري أختي الحبيبة الزهراء

الزهراء
21 Feb 2006, 08:40 AM
شكرا لك آمال على المرور
شكرا لك أختي أم ريوف على المداخلة الرائعة
التي أود لو أصرخ بها لكل أب أو أم
علينا أن ندرك أن العالم قد تغير وهو مليء بالفتن والمصائب
فعلى الآباء والأمهات أن يهيؤوا أبناءهم قبل أن يخرجوا إلى هذا العالم ويزودوهم بالإيمان والمحبة حتى لا يحتاجوا أن يبحثوا عنها
اعتذر لأنني تأخرت في إضافة التتمة ولكن كنت مشغولة قليلا ونقلها من الكتاب يحتاج لوقت
لكنها قريبة إن شاء الله

الزهراء
23 Feb 2006, 09:19 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي اليوم ختام المكالمة
وفيه الطريق السعادة
فلنسمعه...
قال محمد : ماذا عن أمك لا بد أنها حنونة رحيمة فالأنثى بطبعها مرهفة الحس
قالت الفتاة : أمي أهون قليلا من أبي ولكن تظن الحياة زيارات وأكل وشرب لا يعجبها الكثير من تصرفاتي وقاموس شتائمها أصبح محفوظا عندي لا أذكر منذ سنين أنها ضمتني إلى صدرها أو فتحت لي قلبها لقد جعلت بيني وبينها حاجرا لا يمكن اختراقه
قال محمد : ولماذا تنتظرين أن تبادر هي لتحطيم الجدار ؟ لماذا لا تكونين أنت المبادرة؟
قالت : حاولت اقتربت منها ذات مرة وارتميت في حضنها وأخذت أبكي وأبكي وهي تنظر إلي باستغراب وقلت لها أماه أنا محطمة من داخلي قفي معي ولا تتركيني وحدي أنا محتاجة إليك أكثر من أي وقت مضى
قالت : ما هذا الكلام الذي تقولينه إما أنك مريضة أو تتظاهرين بالمرض لأعفيك من أعمال المنزل وهذا مستحيل ثم قامت ورفعت السماعة تحادث إحدى جاراتنا فعدت إلى غرفتي أبكي دما بعد أن كنت أبكي دموعا
ثم انخرطت الفتاة في بكاء مرير
قال محمد : وكيف العلاقة بين أمك وأبيك ؟
قالت : أحس وكأن كل منهما لا يبالي بالآخر وكأن بيتنا مجرد فندق نجتمع فيه للأكل والنوم
أراد محمد أن يكتشف شيئا من خبايا نفسية الفتاة فسألها : إن من طلب شيئا بحث عنه وسعى لتحصيله وما دمت تطلبين السعادة والأمان الذي يسد جوعك النفسي فهل بحثت عن هذه السعادة ؟
قالت الفتاة بنبرة جادة : بحثت عنها فلم أجدها
ظننت السعادة حين تشير فلانة لملابسي وحين ألفت إعجاب فلانة فلبست من أفخر الملابس من أرقى بيوت الأزياء لكني سرعان ما اكتشفت أنها سعادة وهمية ويعود الهم والضيق إلى نفسي
ظننت السعادة في الرحلات والسفر فكنت أذهب مع عائلتي نطوف العالم في العطل لكن بعد العودة يزداد الهم والضيق والوحشة التي أشعر بها تجتاح كياني
ظننت السعادة في الغناء والموسيقى فكنت أشتري علب الأغاني العربية والغربية ظنا أن السعادة في الغناء والتمايل مع النغمات لكن بعد الانتهاء يزداد همي وتنقبض نفسي أكثر وأكثر ... فعمدت لجميع الأشرطة فأحرقتها بالنار عسى أن تنطفأ النار في داخلي
ظننت السعادة في الأفلام والمسلسلات فازداد نزيف الروح
سمعت من صديقتي أن السعادة ان ارتبط بشاب وسيم يبثني كلمات الهيام والعشق وفعلا سلكت طريق الهاتف لكن ذلك أشعرني بنار المعصية تهز كياني وبالخوف من المستقبل المجهول كأنني هربت من جحيم إلى جحيم أبشع منه
سكتت قليلا ... ثم قالت : لا بد أن تفهموا نفسية الفتيات اللواتي ترونهن في السوق يعرضن أنفسهن للذئاب الجائعة العاوية إنهن مقتولات لا قاتلات إنهن ضحايا تفكك أسري وجفاف إيماني وإهمال عاطفي
لا يمكن أن تدفع الغريزة وحدها بفتاة مسلمة لأن تبتذل وتهين نفسها وتبيع كرامتها
فبادرها محمد قائلا : هنا يبرز سؤال مهم هل هذه المعاناة تسوغ لفتاة مسلمة أن تعصي ربها وتتخلى عن طهرها ؟ هل هذا سيغيرالواقع المؤلم ؟
قالت : لا بل سيزيد الأمر سوءا وأنا لا أقصد أن أدافع عنهن وإنما إذا رأيتموهن فارحموهن وادعوا لهن بالهداية فإنهن حائرات تائهات .
أنا بدأت أشك أن هناك سعادة حقيقية ‎في هذه الحياة
فقال لها الشيخ محمد : أختاه لقد أخطأت طريق السعادة ، ولقد سلكت غير سبيلها فاسمعي مني لتعرفي طريق السعادة الحقة
إن السعادة الحقيقية أن تلجئي إلى الله تعالى وتتضرعي له وتنكسري بين يديه وتقومي لمناجاته في ظلام الليل ليطرد عنك الهموم والغموم ويداوي جراحك ويفيض على قلبك السكينة والانشراح
أختاه إذا أردت طريق السعادة فاقرعي أبواب السماء بالليل والنهار بدلا من قرع أرقام الهاتف على أولئك الشباب التافهين الغافلين الضائعين
صدقيني يا أختاه أن الناس كلهم لن يفهموك ولن يقدروا ظروفك ولن يفهموا أحاسيسك وحين تلجئين إليهم فمنهم من سيشمت بك وسيسخر من أفكارك ومنهم من سيحاول استغلالك لأغراضه الشخصية الخسيسة ومنهم من سيرغب في مساعدتك ولكنه لا يملك لك نفعا ولا ضرا
أختاه ...لن تجدي دواء لمرضك النفسي ولعطشك وجوعك الداخلي إلا البكاء بين يدي الله ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة إلا وأنت واقفة بين يديه تناجيه وتسكبي عبراتك الساخنة وتطلقي زفراتك المحترقة على أيام الغفلة الماضية
قالت الفتاة والعبرة تخنقها : لقد فكرت في ذلك كثيرا ولكن الخجل من الله والحياء من ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك إذ كيف ألجأ إلى الله وأطلب منه التيسير والمعونة وأنا مقصرة في طاعته مبارزة له بالذنوب والمعاصي.
فقال لها محمد : سبحان الله يا أختاه إن الناس إذا أغضبهم شخص وخالفوا أمره غضبوا عليه ولم يسامحوه وأعرضوا عنه ولم يقفوا معه في الشدائد والنكبات ولكن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده ولو كان أكبر العصاة وأعتاهم بل من تاب تلقاه الله بالمغفرة والعفو بل حتى إن لم يتب إليه أمهله الله ولم يعاجله بالعقوبة بل يناديه ويرغبه بالتوبة والإنابة‎ ‎‏ أما علمت أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : "إني والجن والإنس في نبأ عظيم أتحبب إليهم بنعمتي وأنا الغني عنهم ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم الفقراء إلي من أقبل منهم إلي تلقيته من بعيد ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي إن تابوا إلي فأنا حبيبهم فإني أحب التوابين والمتطهرين وإن تباعدوا عني فأنا طبيبهم ابتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب رحمتي سبقت غضبي وحلمي سبق مؤاخذتي وعفوي سبق عقوبتي وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها"
وما كاد محمد ينتهي من ذلك الحديث القدسي حتى انفجرت الفتاة بالبكاء، وهي تردد : ما أحلم الله بنا ...ما أرحم الله بنا
بعد أن هدأت الفتاة واصل الشيخ حديثه قائلا : أختاه إنني مثلك أبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا ، ولقد وجدتها أخيرا ، وجدتها في طاعة الله ، في الحياة مع الله وفي ظل مرضاته ، وجدتها في التوبة والأوبة ، وجدتها في الاستغفار من الحوبة ، وجدتها في دموع الأسحار ، وجدتها في مصاحبة الصالحين والأبرار ، وجدتها في بكاء التائبين ، وجدتها في أنين المذنبين ، وجدتها في استغفار العاصين ، وجدتها في تسبيح المستغفرين ، وجدتها في الخشوع والركوع، وجدتها في الانكسار لله والخضوع ، وجدتها في البكاء من خشية الله والدموع ، وجدتها في الصيام والقيام وتلاوة القرآن وامتثال شرع الملك العلام وفي هجر المسلسلات والأفلام
أختاه لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق فوجدت الناس إذا أحبوا أخذوا ، وإذا منحوا طلبوا ، وإذا أعطوا سلبوا ، ولكن الله تعالى إذا أحب عبده أعطاه بغير حساب وإذا أطيع جازى وأثاب
أيتها الغالية : إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان ، وما نطلبه من رقة وحنان وما نتعطش إليه من دفء وسلوان لأن كلا منهم مشغول بنفسه مهتم بذاته ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة ولا يعرف معناها فضلا عن أن يتذوقها ومن كانت هذه حاله فهو عاجز عن منحها للآخرين لأن فاقد الشيء لا يعطيه
أختاه: لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه إلا ربك ومولاك والسعادة الحقيقية أن تعيشي في كنفه ...لأن في النفس البشرية عامة ظمأ وعطشا داخليا لا يرويه عطف الوالدين ولاحنان الأخوة ولا يشبعه غرام الأزواج وحبهم ولا مودة الصديقات لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه ، فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري الكامل و الري الكامل لا يتحقق إلا باللجوء إلى الله تعالى وطاعته والسير في طريق هدايته فهلا جربت هذا الطريق ولو لمرة واحدة وحينها ستشعرين بالفرق العظيم وسترين النتيجة بنفسك
قالت الفتاة ودموع التوبة تنهمر من عينيها : نعم .. هذا والله هو الطريق كم تنمنيت لو سمعت هذا الكلام منذ سنين ليوقظني من غفلتي ويلهمني طريق الرشد والصواب
فبادرها محمد قائلا : لنبدأ من هذه اللحظة ها هو الفجر يظهر وها هي أصوات المؤذنين تتعالى تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهه أن تعود إلى ربها ومولاها
أختاه...ليكن هذا الفجر ميلادك الجديد وابدئي حياتك بركعتين بين يدي الله تسكبين فيهما العبرات والآهات على الذنوب السالفات
أرجو أن تهاتفيني بعد أسبوعين لنرى هل وجدت طعم السعادة؟
ثم أغلق محمد السماعة وأنهى المكالمة
بعد أسبوعين وفي الموعد المحدد اتصلت الفتاة بمحمد ونبرات صوتها تطفح بالبشر وحروف كلماتها تكاد تقفز فرحا وحبورا ، ثم بادرت قائلة : وأخيرا وجدت طعم السعادة الحقيقية وأخيرا وصلت شاطئ الأمان الذي أبحرت بحثا عنه أخيرا شربت كأس الطمأنينة وغسلت روحي بماء الدموع العذب الزلال وداويت قلبي الجريح ببلسم التوبة الصادقة فكان الشفاء على الفور أيقنت أنه لا سعادة إلا في طاعة الله وما سواه سراب خادع
وإني أطلب منك يا شيخ أن تنشر قصتي فكثير من الفتيات تائهات حائرات مثلي لعل الله ان يهديهن بها طريق الرشاد
قال الشيخ محمد : عسى أن تري ذلك قريبا.

الزهراء
17 Nov 2006, 02:41 PM
كلمات رائعة ومعنى جميل أن يعرف الإنسان أنه لا يمكن أن يحظى بالسعادة الحقيقية إلا برضى الرحمن

للرفع

البركات
18 Nov 2006, 07:05 PM
الاخت زهراء
جزيتم الجنة
على هذه القصة
وننتظر المزيد
بوركتم ودمتم والمسلمين
بحفظ الله ورعايته

بسمه
19 Nov 2006, 03:59 AM
جزاك الله خيرا غاليتي زهراء
ولكن من هو بطل القصه من هو الشيخ محمد
حتى نتأكد من حقيقتها من خرافتها
ونحن نقول هكذا ليس تكذيب فيها
ولكن تاكد فقط
لو وضع الشيخ محمد اسمه كاملا بارك الله فيه
لكان افضل
لان القصص في هذا العالم الغامض تبد غامضه
حتى يفك غموضها
وفك غموض هذه القصه بيد شيخنا الجليل محمد
والله تعالي اعلم

الزهراء
19 Nov 2006, 03:27 PM
الاخت زهراء
جزيتم الجنة
على هذه القصة
وننتظر المزيد
بوركتم ودمتم والمسلمين
بحفظ الله ورعايته


وإياكم أخي الفاضل جزاك الله خيرا

الزهراء
19 Nov 2006, 03:34 PM
جزاك الله خيرا غاليتي زهراء
ولكن من هو بطل القصه من هو الشيخ محمد
حتى نتأكد من حقيقتها من خرافتها
ونحن نقول هكذا ليس تكذيب فيها
ولكن تاكد فقط
لو وضع الشيخ محمد اسمه كاملا بارك الله فيه
لكان افضل
لان القصص في هذا العالم الغامض تبد غامضه
حتى يفك غموضها
وفك غموض هذه القصه بيد شيخنا الجليل محمد
والله تعالي اعلم

أختي الحبيبة بسمة

لم يذكر الكتاب من هو الشيخ محمد

بعض القصص يا غالية نتأكد من مصداقيتها من أسماء أبطالها

وقصص أخرى تأتي مصداقيتها من موافقتها للواقع

وأظن أننا يمكن أن نضم هذه القصة إلى النوع الثاني

ألا ترين معي أن هذا هو واقع الكثير من الفتيات في هذا الزمن

على كل حال

العبرة من القصة يمكن أن نأخذها دون أن نفك غموضها

جزاك الله خيرا

أشكر لك مرورك وتعقيبك