المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إنا كفيناك المستهزئين



أحياء السنة
30 Jan 2006, 08:13 AM
إنا كفيناك المستهزئين 24/12/1426


أ.د/ ناصر بن سليمان العمر



الحمد لله وكفى، ثم الصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، ورسله الذين اجتبى، وبعد..

إن من سنة الله فيمن يؤذي رسوله _صلى الله عليه وسلم_، أنه إن لم يجاز في الدنيا بيد المسلمين،

فإن الله _سبحانه_ ينتقم منه ويكفيه إياه، والحوادث التي تشير إلى هذا في السيرة النبوية وبعد عهد

النبوة كثيرة، وقد قال الله _تعالى_: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن

المشركين إنا كفيناك المستهزئين" [الحجر:95].

والقصة في سبب نزول الآية وإهلاك الله لهؤلاء المستهزئين واحداً واحداً معروفة قد ذكرها أهل السير

والتفسير، وهم على ما قيل نفر من رؤوس قريش: منهم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل،

والأسودان ابن المطلب وابن عبد يغوث، والحارث بن قيس.

وقد كتب النبي _صلى الله عليه وسلم_ إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يسلم، لكن قيصر أكرم كتاب النبي _صلى الله عليه وسلم_، وأكرم رسوله، فثبت ملكه.
قال ابن تيمية في الصارم: "فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم"، ولا يزال الملك يتوارث في بعض بلادهم.

وأما كسرى فمزق كتاب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، واستهزأ برسول الله _صلى الله عليه

وسلم_، فقتله الله بعد قليل ومزق ملكه كل ممزق، فلم يبق للأكاسرة ملك، وهذا والله أعلم تحقيق لقوله

_تعالى_: "إن شانئك هو الأبتر" [الكوثر: 3]، فكل

من شنأه وأبغضه وعاداه، فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره، وقد قيل: إنها نزلت في العاص بن

وائل، أو في عقبة بن أبي معيط، أو في كعب بن الأشرف، وجميعهم أخذوا أخذ عزيز مقتدر.

ومن الكلام السائر، الذي صدقه التاريخ والواقع: "لحوم العلماء مسمومة"، فكيف بلحوم الأنبياء _عليهم السلام_؟

وفي الصحيح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "يقول الله

_تعالى_ من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة" فكيف بمن عادى الأنبياء؟ يا ناطح

الجبل العـالي ليثلـمه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

إن من عقيدة أهل السنة أن من آذى الصحابة ولاسيما من تواتر فضله

فإسلامه على شفا جرف هار، يجب ردعه وتأديبه، فكيف بمن آذى نبياً من الأنبياء، فكيف بمن آذى

محمداً _صلى الله عليه وسلم_؟ "إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ

وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً" [الأحزاب:57].

وإذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء، وقابلوهم

بقبيح القول أو العمل، وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة وباؤوا بغضب من الله ولم يكن لهم

نصير لقتلهم الأنبياء بغير حق، مضموماً إلى كفرهم كما ذكر الله ذلك في كتابه، فقال _عز

شأنه_: "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ

وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا

وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" [آل عمران:112].

يتبع إن شاء الله ..

أبوالزبير
30 Jan 2006, 12:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسنَ الله إليك إحياء السنة ونفع الله بنقلك المبارك ونفعنا الله بشيخنا الفاضل الأستاذ الدكتور ناصر العمر وبعلمه

وجزاك الله خيرا وننتظر البقية

أبو طالب الأنصاري
31 Jan 2006, 07:05 PM
جزاكِ الله خيراً على النقل المبارك

حفظ الله شيخنا ناصر العمر وجعله دوماً داعياً إلى الخير حافظاً على حياض هذا الدين

كتب الله أجرك ورفع قدرك

أحياء السنة
31 Jan 2006, 11:51 PM
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته..

جزانا و إياكم و جزى شيخنا خير الجزاء ..

يتبع قريباً إن شاء الله تعالى ..

أحياء السنة
01 Feb 2006, 07:05 AM
فحري بمثل هذا المستهزئ المستهتر أن يُتمثل له قول الأعشى:
أَلَستَ مُنتَهِياً عَن نَحتِ أَثلَتِنا وَ لَستَ ضائِرَها ما أَطَّتِ الإِبِلُ
كَناطِـحٍ صَخرَةً يَوماً لِيَفلِقَها فَلَم يَضِر
لا تَقعُـدَنَّ وَقَد أَكَّلتَها حَطَباً تَعُوذُ مِـن شَرِّها يَوماً وَتَبتَهِلُ
إن مجرد إخراج النبي رفع للأمان وإيذان بحلول العذاب، ولهذا قال الله _تعالى_:
"وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ
خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً" [الإسراء:76]، فإذا كان هذا جزاء الإخراج فكيف بالأذى والسخرية
والاستهزاء؟ لعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولابد أن تصيبه قارعة، وقد قال شيخ
الإسلام بعد أن ذكر حديث أنس بن مالك _رضي الله عنه_، قال: كان رجل نصراني فأسلم وقرأ البقرة
وآل عمران وكان يكتب للنبي _صلى الله عليه وسلم_ فعاد نصرانياً وكان يقول لا يدري محمد إلا ما
كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم
نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا فأصبحوا وقد لفظته الأرض
فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه، وهذا حديث صحيح ثابت عند البخاري وغيره.
ثم قال الإمام ابن تيمية معلقاً: "وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذه عقوبة لما قاله،
وأنه كان كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد إذا
كان عامة المرتدين لا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه، ومظهر لدينه
وكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول
أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما
حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من
الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله والوقيعة في عرضه
تعجلنا فتحة وتيسر ولم يكد يتأخر إلاّ يوماً أو يومين أو نحو ذلك ثم يُفتح المكان عنوة، ويكون فيهم
ملحمة عظيمة. قالوا حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظ
اً عليهم بما قالوا فيه، وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات؛ أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع
النصارى كذلك، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده وتارة بأيدي عباده المؤمنين".
وقال في موضع آخر: وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة.
وقد قال أصدق القائلين _سبحانه_ مبيناً تكفله بكفاية شر هؤلاء: "
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ
مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ
مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"
[البقرة: 136-137]. فما أوسع البون بين أهل الإسلام الأتقياء الأنقياء الذين يؤمنون
بجميع الرسل ويعظمونهم ويوقرونهم، وبين غيرهم الذين ناصبوا رسلهم العداء قديماً وحديثاً، وورثوه
كابراً عن كابر.
ها وَأَوهى قَرنَهُ الوَعِلُ
يتبع إن شاء الله

محب الدعوة
01 Feb 2006, 10:41 AM
لا حرمك ربي الأجر أخي الحبيب.
نحسبك والله حسيبك