المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل فكرت في مجتمع خال من التدخين



مصطفى شعبان
21 Jan 2006, 06:55 PM
هل فكرت في مجتمع خال من التدخين

(ولم أرى مثل دائرة المنى توسعها الآمال والعمر ضيق)
ألا يفكر البعض منا بالعيش في مجتمع خال من التدخين؟
وهل هذا التفكير منطقي؟
وما هي أسباب ومبررات ذلك؟
وهل يتقبل الناس ذلك بسهولة؟ :omg:
وهل نحن أول من فكر في ذلك؟
وكيف يمكن تحقيق ذلك؟
وما هي الجهات التي نحتاج لمشاركتها في البرنامج؟
وما هو الدور المطلوب من كل منها؟
(.. مدينة بالكامل خالية من التدخين…؟ إنه ضرب من ضروب الخيال…وهدف صعب المنال..)
ولكن لماذا لا تكون هناك فعلا مدينة خالية من التدخين ؟
إنني أرى أن نكون واقعيين في هذا الأمر، بحيث ألا تكون العاطفة وحدها هي دافعنا …. وألا يكون لليأس مكان في نفوسنا.
( وما هو السبب في دعوة الناس للإقلاع عن التدخين ؟ .. )
1- لأن التدخين محرم شرعا ويزداد إثمه في الأراضي المقدسة. .
2- لأنة ضار جداً بالصحة. .
3- وفيه إيذاء للغير.
4- ولأنه يسبب تلوثاً شديداً للبيئة:
حيث تنطلق آلاف الذرات والغازات السامة من أثر احتراق التبغ فتلوث الهواء وتضر بالصحة، بالإضافة إلى ملايين علب السجائر وبقايا استخدام التبغ التي تلوث البيئة بشكل مباشر.
5- وتتضاعف خطورة التدخين في الأماكن المزدحمة:
حيث تتضاعف كميات بعض الغازات السامة فيها، مثل غاز أول أكسيد الكربون وغاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من احتراق السجائر وباقي منتجات التبغ، بالإضافة إلى الموجود منها في الطبيعة.
6- أضف إلى ذلك أخطار الحرائق وما ينجم عنها من خسائر بشرية واقتصادية وبيئية.
وعن إمكانية تحقيق مثل هذا الهدف نقول بأن:
[ أي مشروع أو برنامج يتم التخطيط له بدقة ... وتتوفر له الإمكانيات اللازمة.. ويقوم على تنفيذه أناس مخلصون .. سوف يُكتَب له النجاح بإذن الله تعالى ]

الطريق لمجتمع خال من التدخين
( إذا اتفقت إرادة مجموعة من الأفراد في مكان ما .. على مكافحة التدخين .. فكيف تكون البداية ؟ .. وما هي عوامل النجاح .. ؟ وكيف نحافظ على استمراره .. ؟)
ليعلم الجميع بأنه طـالما بقيت زراعة وصناعة وتجارة التبغ قائمة، فسوف تسـتمر مشكلة تعاطيه، لذلك يجب أن تستمر مكافحته، بوضع سياسة وإستراتيجية ثـابتة وبرامج جـادة، ذات صفة استمرارية، يسهل تطبيقها ثم متابعتها، في وجود عدة اعتبارات منها:
أنه يفضل تشكيل لجنة عليا لمكافحة التدخين تعمل على وضع السياسات والإستراتيجيات وتشرف على تنفيذ ومتابعة البرامج الموضوعة، وتكون أهدافها وطريقة عملها واضحة وثابتة، حتى يمكن للأجيال القادمة الاندماج فيها والمحافظة على استمرارها والعمل على تطويرها، فقد لوحظ أن تعدد اللجان وكثرة تغيير خططها يفقد الكثير من الجهد والوقت والمال، وهذا غالبا ما يحدث في الدول النامية، وهو سبب رئيس لعدم نجاح برامجها في مكافحة التدخين حتى الآن.
تحديد شكل ونوع الخدمات الوقائية والعلاجية لكل مجتمع حسب نوعه ( قروي _ بدوي _ مدينة صغيرة _ مدينة كبيرة .. )، مع ملاحظة شكل الهرم الثقافي والتعليمي لكل مجتمع، وتحديد حجم كل شريحة من هذه الشرائح، وحاجة كل واحدة منها، وكيفية تقديم الخدمات العلاجية والوقائية لها.
والمعروف أن مجتمعاتنا تضم مختلف الفئات الثقافية والعلمية فمنهم من لا يجيد القراءة والكتابة ومنهم أكبر العلماء والمفكرين على المستوى الدولي والعالمي، وسوف تزداد هذه الهوة بشكل كبير بين أفراد المجتمع مع ما يشهده العالم من تقدم علمي وتكنولوجي.
تحديد أماكن تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية ونوعها لكل الفئات والمجموعات ( إدارات حكومية _ إدارات خاصة _ مدارس _ مصانع _ شركات ...).
مراعاة أن مكافحة التدخين لا تتعارض مع السياسات المعلنة لأي دولة، فيجب العمل على كسب تأييـد وتشجـيع صانعي القرار لمحاربة التدخين، بتـوضيح حجم مشـكلة التبغ على الفـرد والمجتمع، ومدى ما تتكلفه الأمـة من جراء استخدامه.
إعداد فريق على مستوى عالي من الأطباء وعلماء الدين والمختصين في علم النفس والاجتماع لتدريب الكوادر العاملة في نشاط مكافحة التدخين حيث يلزم لإنجاح مثل هذه البرامج توفير أعداد كبيرة من الأفراد لتنفيذه ومتابعته وتطويره باستمرار.
ضمان دعم مـادي ثابت ومستمر، لتنفيذ ومتابعة برامج مكافحة التدخين.
تحفيـز كافة وسائل الإعلام لكـسب دعمها ومساندتها في ترسيـخ معني المكافحة لدي الجميع.
ضرورة تـرافق برامج الوقاية والعـلاج جنبا إلى جنب بتوفير الوسـائل المساعدة للتخـلص من التدخين مثل ( عيادات مكافحة التدخين التي تقدم كافة الخدمات العلاجية والوقائية لكافة أفراد المجتمع).
تشجيع البحث العلمـي في هذا المجال ورصد المناسب له من الحوافـز.
خلق وتنشيط قنـوات اتصال مع كافـة الجهات والإدارات المحلـية (حكومية _ أهلية)، لكسب دعمـها وتـأييـدها والاستفادة من خبراتها وإمكانياتها لدعم هذا النشاط.
التخطيط لدمج التوعية الصحية بأضرار التدخين ضمن المناهج المدرسية.
الارتباط والاتصال المسـتمر بمراكز مكافحة التدخــين في العــالم، والمؤسسات الدولـية المعـنية مثل منظمة الصحة العالمية وغيرها لكسـب دعمها والاستفادة منها.
ملاحظة أن نشاط مكافحة التدخين دائما ما تعتريه عقبات وعثرات مختلفة (مادية - بشرية - تنظيمية .. ).
ويساعد على تجاوز هذه العقبات وضوح مسار العمل وواقعيته وحسن تطبيقه ومتابعته.
قد نكون في حاجة ماسة إلي سن المـزيد من القـوانين والتشريعات لمكافحة التدخين، ولكن يكفينا الآن حسن تنفيذ ومتــابعة الموجـود منها في معـظم البـلدان العربيـة.
مدى تقبل الناس لقرارات منع التدخين
( أعتقد … ناس كثير ستغضب من قرارات منع التدخين … ؟)
لتحقيق نجاح في برنامج لمكافحة التدخين يجب أن نتساءل عن مدى تقبل الناس لقرارات حظر التدخين ؟
وجد أن أكثر الناس يتقبلون قرارات منع التدخين الكلية أو الجزئية في أي مكان لأسباب كثيرة، أبسطها أنهم لا يقبلون لأبنائهم أو ذويهم أن يكونوا من المدخنين.
ففي دراسة أجريت في المدينة المنورة عام 1994 م علي 1542 شخصا وافق 4و98% من غير المدخنين المشتركين في الدراسة على القضاء على ظاهرة التدخين، وقد وافق أيضا 7 و93% من المدخنين علي ذلك.
إن أي تشريع يحد من استهلاك التبغ سوف يجد ترحيبا من الناس وخصوصا أن غالبية المواطنين في أي مجتمع هم من غير المدخنين حسب كافة الدراسات والإحصائيات والتقارير العالمية المنشورة.
وفى إنجلترا أعلن وزير مالية إنجليزي سابق بأن " قرارات رفع الضرائب علي التبغ تلاقي تجاوبا في مجلس العموم البريطاني، وأن وزير المالية يلقى من الثناء على ذلك بقدر ما يلقاه من عتاب في رفع الضرائب الأخرى ".
يعتبر قرار حظر التدخين عاملا مهما لمساعدة المدخنين على احترام حقوق غير المدخنين في العيش في بيئة خالية من التلوث.
الاستفادة من تجارب الآخرين ومتابعة محلية ودولية لكل جديد

- بمراجعة أنشطة مكافحة التدخين في كثير من أنحاء العالم، والطرق المختلفة لمساعدة المدخنين وإيجاد بديل لهم عن إدمانهم للنيكوتين، وجد أن من أفضل السبل هي عيادات مكافحة التدخين.
- وتتخذ هذه العيادات أساليب مختلفة في مساعدة مستخدمي التبغ منها العلاج بالوخز بالإبر الصينية وبديله ( الملامس الفضي ) كأسلوب فعال وسهل واقتصادي ومأمون.
- كما يجب أن تشارك هذه العيادات بفعالية في كل نشاطات مكافحة التبغ محليا ودوليا.
ويلاحظ أن برامج تعزيز الصحة والتثقيف الصحي والإقلاع عن التدخين هامة وأساسية ويقع فيها معظم المسؤولية على عاتق وزارة الصحة، ولدعم هذه البرامج يجب:
استمرار الدعم المادي والبشري للبرنامج.
تحديث مستمر للدراسات واستطلاع الرأي لتقييم مراحل البرنامج.
مشاركة فعالة للعنصر النسائي في التوعية، من خلال المدارس ودور العلم ومراكز الرعاية الصحية ومراكز الأحياء وغير ذلك مما يمكنها المشاركة فيه.
توطيد العلاقة مع الجهات ذات العلاقة وكافة أفراد المجتمع لتوسيع دائرة المكافحة.
إشراك الإعلام بجميع وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية بمندوبين دائمين في اللجنة ليسهل عرض الرسائل الصحية المطلوبة على المواطنين في الأماكن والأوقات المناسبة.
توطيد العلاقات مع المنظمات العالمية، والجهات ذات الخبرة في هذا المجال.

التخطيط والدراسات
يجب وضع تصور لبرنامج مكافحة التدخين بالمجتمع يعتمد أساسا على ضرورة مشاركة المجتمع والأجهزة ذات العلاقة فيه، كما يجب إجراء الدراسات المختلفة لتحديد نسب المدخنين ونوعياتهم والظروف المختلفة التي تشجع على البدء في هذه العادة، والعوامل التي تساعدهم على الإقلاع، ليمكننا عند إعادة إجراء مثل هذه الدراسات تحديد مدى التقدم في برامج مكافحة التدخين، وفيما يلي نذكر بعضا من هذه الأمثلة.
1- نشرت دراسة مرجعية أجريت عام 1414هـ في منطقة المدينة المنورة لعدد 625 من مراجعي عيادات مكافحة التدخين خلال عام 1413هـ باسم " العوامل التي تؤثر في الإقبال أو الإقلاع عن التدخين أظهرت نتائجها أن الأصدقاء واللهو كانوا من الأسباب الرئيسية للبدء في ممارسة التدخين، وأن العوامل الشخصية والاجتماعية والنفسية من أهم أسباب الاستمرار في هذه العادة، وأن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية هامة بين الإقلاع عن التدخين وكلاً من التاريخ العائلي للتدخين ومحاولات الإقلاع السابقة وفترة التدخين وعدد الزيارات لعيادات مكافحة التدخين.
2- ونشرت دراسة أخرى ميدانية مقطعية أجريت في عام 1415هـ لعدد 1542 مواطن ومقيم في المدينة المنورة لاستطلاع آراؤهم، بعنوان(البرنامج المقترح لجعل المدينة المنورة خالية من التدخين)
أظهرت نتائج هذه الدراسة بعض الحقائق الهامة منها:
- أن 93% من المشاركين يرون أن التدخين آفة يجب محاربتها.
- وافق 98.4% من غير المدخنين و 93.7% من المدخنين على القضاء على ظاهرة التدخين في المدينة.
- وافق 94% من غير المدخنين و 88% من المدخنين على المساهمة في مكافحة التدخين، وأن 94% من المشاركين يرون ضرورة تشكيل لجنة عليا لمكافحة التدخين.
وعن أهمية مشاركة المجتمع في برامج مكافحة التدخين أظهرت نتائج الدراسة:-
- أن 90% من المشاركين يرون ضرورة مشاركة الصحة والإعلام.
- وأن 77% من المشاركين يرون ضرورة مشاركة المعارف، و71% منهم يرون ضرورة مشاركة الجامعات، و60% منهم يرون ضرورة مشاركة تعليم البنات، و 73% منهم يرون ضرورة مشاركة لجنة أصدقاء المرضى.
- أن 74% من المشاركين يرون ضرورة مشاركة الأندية المختلفة.
- وأن 55 % من المشاركين يوافقون على مشاركة المؤسسات والشركات الخاصة في برنامج مكافحة التدخين.
- وأن 82.8% من المدخنين و 95.8% من غير المدخنين يرون ضرورة إرشاد التجار لعدم بيع الدخان.
3 - و يمكن بعد حصر المحلات في المنطقة، تحديد من يبيعون الدخان ومن لا يبيعونه، وتشجيع من لا يبيعونه على الاستمرار في ذلك، وإرشاد غيرهم ممن يبيعون الدخان لعدم بيعه، وحصرهم مرة أخرى بعد ذلك بعدة سنوات للمقارنة وتحديد مدى الاستجابة والتجاوب مع برنامج مكافحة التدخين في المنطقة.
ففي المدينة المنورة أجريت دراسة على المحلات التجارية التي لا تبيع الدخان في عام 1415هـ، وكان عددهم 462 محلا وبقالة، وعند تكرار هذه الدراسة بعد ثلاثة سنوات وصل عددهم إلى 578 محلا وبقالة.

دور الإعلام في تنفيذ برامج المجتمعات
استفادت بعض المجتمعات من الإعلام في تنفيذ برامجها:
ا ) ففي مدينة نيويورك الأمريكية وفي شهر أغسطس من عام 1975م، ساهم الإعلام في تنفيذ برنامج (خطوة … خطوة - للإقلاع عن التدخين )، وكان يذيع التليفزيون من ( 30 – 90 ) ثانية في اليوم عن البرنامج، لمدة 5 أيام في الأسبوع، على مدار 4 أسابيع.
ب) وفي فيلادلفيا أعلنت محطة الراديو فيها أنها خالية من التدخين، خلال شهر إبريل عام 1976م، حيث أذاعت المحطة (250) إعلانا وإرشادا عن مكافحة التدخين خلال هذا الشهر، تضمنت تحذيرات عن أخطار التبغ، وإرشادات للتخلص منه، وقامت الجمعيات الصحية بتوزيع نشرات وكتيبات وشرائط كاسيت وفيديو، وقام الأطباء بدورهم الإرشادي طواعية وبدون مقابل، وقامت الجامعات ومراكز الأبحاث بدورهم لتأكيد أضرار التبغ، وبذلك يكون التعاون بين الجامعات وجمعيات حماية الصحة مع التركيز على الإعلام والدعايات التلفزيونية والإذاعية وبرامج الإقلاع عن التدخين مثل برنامج (5 أيام للإقلاع )، وبرنامج ( 20 يوماً للإقلاع)، قد حقق نتائج إيجابية في مكافحة التدخين.
ج) وفي مدينة ملبو رن باستراليا، تبنى التلفزيون فيها برنامج خمسة أيام للإقلاع عن التدخين، وكان يذيع خمسة دقائق منه كل يوم مع نشرة الأخبار، وكان البرنامج ناجحاً ومؤثرا فقد شاهده 27% من المدخنين.
د) أما في سان دييجو بأمريكا، فقد اُختيرت منطقة تضم 15000 مواطن لتطبيق برنامج لمكافحة التدخين، شارك في البرنامج الجامعات، مع جمعيات حماية الصحة، والإذاعة، والتليفزيون، والصحف اليومية، والمجلات الأسبوعية.
وكان تطبيقه كما يلي:
وزع على المدخنين في المنطقة ( دليل الإقلاع عن التدخين في20 يوماً ).
وفي اليوم الأول بعد الاحتفال الافتتاحي، شارك فني الأشعة وطبيب مركز الرعاية الصحية الأولية بالمنطقة، في عمل الصور الإشعاعية للرئتين وقياس كفاءة الرئتين لكل المدخنين وذويهم للاطمئنان عليهم، وإعطائهم العلاج المناسب، واستمر ذلك طوال مدة البرنامج.
وبعد متابعة لمدة 30 يوماً أقلع 31% من المدخنين.
ولم يتكلف البرنامج سوى راتب فني الأشعة والطبيب خلال هذه الفترة.
هـ) وفى استراليا تمكنت ولاية فيكتو ريا من جعل التبغ يدفع من أجل الصحة، فقد طبق قانون الولاية الذي وضع عام 1987م وأصبح ساريا حيث يقضي بفرض ضريبة تُقدر بـ 5% من إجمالي مبيعات التبغ في الولاية، تُؤخذ من منابع البيع الرئيسية، وبلغت هذه الضرائب ما يوازي 27 مليون دولار أمريكي في السنة، وقد مكن ذلك الولاية من استخدام هذه الحصيلة في تعزيز البرامج الصحية ورعاية بعض النشاطات التي كانت تتولاها شركات التبغ، مثل بعض المسابقات الرياضية، والاحتفالات الثقافية والأدبية، وأمكن أيضاً تطوير بعض الأبحاث في مجال الصحة وتلوث البيئة، ومختلف جوانب الحياة، وأمكن أيضا ابتعاث بعض المواطنين للدراسة والبحث في مختلف جوانب الحياة.
وتمكنت بذلك ولاية فيكتو ريا من قطع الصلة بين شركات التبغ ورعاية الأحداث الرياضية والثقافية، ومن جعل التبغ يدفع من أجل الصحة.

و ) تجربة عربية رائدة
على الرغم من وجود اختلافات بين مجتمعاتنا والمجتمعات الأخرى، إلا أنه لابد من الاستفادة من تجارب الآخرين حتى نتمكن من تطبيق مثل هذه البرامج في مجتمعاتنا، خصوصا في القرى والمدن الصغيرة, التي تتوفر فيها المستوصفات ومراكز الرعاية الصحية الأولية وبتوفير المقومات المادية اللازمة لإنجاح مثل هذه البرامج فيها، بالإضافة إلى كونها تتحلى بالقيم الروحية السامية التي تدفعها بصدق وأمانة في مساعدة مجتمعاتها للتخلص من هذه العادة المدمرة المحرمة شرعا والتي تغضب الله عز وجل.
ففي المدينة المنورة تلك المدينة التي شهدت بزوغ فجر أول دولة إسلامية في التاريخ، وفيها المسجد النبوي الشريف، ويفد إليها الملايين من المسلمين في كل عام، نجد فيها برنامجا لمكافحة التدخين، حقق الكثير من النجاح في مكافحة التبغ بفضل تضافر جهود الأجهزة المعنية مع الجمعيات الخيرية والجمعيات العلمية مع تعاون إيجابي من المواطنين للوصول إلى مدينة نموذجية خالية من التدخين، وهى أول مدينة عربية تسير خطوات منظمة وجادة في مكافحة التبغ.

ضمان مشاركة فعالة لكل أفراد المجتمع
( وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا )
- في المدينة المنورة أظهرت نتائج إحدى الدراسات فيها عام 1415 الأهمية الكبرى لمشاركة كافة الأجهزة ذات العلاقة والأفراد والشركات في برنامج مكافحة التدخين.
- بناءً على ذلك تكونت لجنة عليا لمكافحة التدخين في مطلع عام 1416 هـ , وتشكلت منها عدة وحدات فرعية للتخطيط والمتابعة والإعلام والشئون المالية.
- أُقيم حفل لتكريم أصحاب البقالات التي لا تبيع الدخان وحضره عدد كبير من المسئولين والأعيان والأهالي.
- بالتعاون مع بعض شركات الدعاية تم الاتفاق على وضع عده ملصقات في أماكن الدعاية في بعض شوارع المدينة المنورة منها " أخي الكريم أنت في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نناشدكم عدم التدخين ".
- قامت بعض الفنادق والمؤسسات بوضع لافتات إرشادية وأخرى تحذيرية في المنطقة المحيطة بالحرم، وتم تثبيتها بحيث تكون مضيئة وثابتة لتتحمل تغيرات الطقس طوال العام، وساهمت البلديات، بوضع ملصقات في لوحاتها المضيئة المتوفرة بالمدينة.
- أقامت إدارة التعليم معرضاً دائماً لأضرار التدخين في الوحدة الصحية المدرسية، وأجريت عدة مسابقات لطلاب المدارس عن التدخين ووزعت فيها جوائز للفائزين.

لماذا لا يؤيد الجميع مكافحة التدخين
(.. إذا كان ضرر التدخين واضح للجميع .. باعتبار كافة المنظمات الصحية العالمية.. فلماذا نجد البعض ولو أنهم قليلون جدا ..يؤيدون التدخين..؟)
ينقسم مؤيدو التدخين إلى عدة فئات منها:
أصحاب المصالح مثل المزارعين وصناع وتجار التبغ.
مجموعة تجد أن التدخين يحقق لذة وخلاصا لبعض الناس من مشاكلهم، متناسين أضراره وأنه محرم شرعا.
قليل من العلماء والأطباء يقولون بأنه يحسن مزاج المدخنين وينشط تفكيرهم ويحدث عندهم شعور بالغبطة والارتياح، ويعتبرون بأن جسم الإنسان قادر على التخلص من سموم التدخين، وخصوصا الرئة والكلية والكبد وأعضاء الجسم الأخرى التي تتضافر لجعل سموم التدخين أقل سمية بتحللها.
وتعتبر هذه الحجج ضعيفة علميا، ولم يستطع مؤيدوها إثباتها بشكل أكيد، مقارنة بملايين الدراسات والأبحاث في جميع أنحاء العالم التي تثبت ضرر التدخين.
فلا شك بأن التدخين يسبب الإدمان الذي يجعل متعاطيه في حالة ترقب ونشوة وغبطة وارتياح وهذا مفعول جميع المواد المسببة للإدمان، ولو لم تقم أجهزة الجسم المختلفة بتحليل سموم التدخين لقضى على المدخن مع تدخينه أول سيجارة، حيث تكفي كمية النيكوتين الموجودة في السيجارة الواحدة لقتل الإنسان إذا أعطيت له بالزرق في الوريد، ويعني ذلك أن هذه الفئة لم تأتي بالجديد وما يوجب الاعتبار.
( وهل نحن أول من فكر في جعل مدينته خالية من التدخين ؟)
(وكيف يمكننا الاستفادة من تجارب الآخرين ؟)
(وكم من الوقت يكفي لذلك ؟)
لا شك أن حب الناس لمجتمعهم هو أحد الدوافع لتحقيق مثل هذا الهدف، بالإضافة إلى كون التدخين محرم شرعا ومهلك للصحة وملوث للبيئة وسبب لكثير من الحرائق ومضر بالاقتصاد العام وغير مقبول اجتماعيا.
ولقد سبقتنا في ذلك مدن كثيرة في العالم مثل مدينة ( بيزانسون ) الفرنسية وولاية (فيكتو ريا) الأسترالية وغيرهما, فمنهم من حقق هدفه ومنهم من لا يزال يسير على هذا الدرب.
ويمكن بحسن النوايا وبالدقة في التدبير وبالصدق في التنفيذ وبالاستفادة من تجارب الآخرين وبالثقة في أنفسنا معتمدين على الله عز وجل نكون قادرين على تحقيق الهدف.
وليس من السهل تحديد فترة زمنية محددة للوصول إلى ما نصبو إليه لأن ذلك يعتمد على دقة التخطيط وحسن التنفيذ ومدى مشاركة المجتمع والجهات ذات العلاقة ومدى توفر الإمكانيات المادية والبشرية على حد سواء.