المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة الفراق



abo saraa
07 Jan 2006, 08:10 PM
رحلة الفراق..!!

لازلت أذكر حفل تخرجي من الثانوية العامة ولازلت حتى أذكر فقرات الحفلة التي قدمناها لكني حاولت كثيرا أن أذكر الوجوه التي كانت معي في تلك المرحلة الدراسية فلم أستطع أن أحصر إلا عددا منها.. فوق الـ90 طالبة كانوا معي في ذلك اليوم لكن العدد المرتسم في عقلي لا يتجاوز الـ10 .. سألت نفسي لماذا لا أذكرهن جميعا وقد أمضينا معا ما يقارب الـ 12 سنة .. !! انتقلنا للجامعة .. بدأنا مشوارا آخرا وجوه جديدة .. قضينا معا أيضا 4 سنوات تخصص "على الحلوة والمرة" لدرجة أني كنت أحس أننا متلازمون روحا وقلبا.. لكن وكما حدث في الثانوية حدث مع زميلات الجامعة.. أذكرهن لكن أين هم اليوم..!!

هذه هي رحلة الفراق.. الدنيا محطات .. كثيرا ما تمر بنا وجوه ونختلط بأسماء لكن من يبقى هو من يبقى.. من يبقى من ارتبطت به عقلا..فكرا.. من أثر فيك ولو بموقف.. من في زحمة الحياة تبصره ولو أبعدتك عنه المسافات الزمنية والمكانية.. ألا يدفعك ذلك إلى أن تفكر.. أن تنظر للوراء فتحصر الأعداد التي تشغل من فكرها حيزا.. نحن أيضا مفارقون.. راحلون يوما.. هل نتساءل ماذا قدمنا للآخرين .. ماذا قدمنا من أفعال تترك لنا أثرا في هذه الدنيا..؟
هل فكرنا كم أثرنا في الناس إيجابا.. ربما مضى ربع قرن من حياتنا ونحن ندرس.. نعمل.. نمارس حياة روتينية .. نطمح لأعلى المناصب ونحاول أن ندرك مكانة اجتماعية عالية ترضى طموحنا.. في كل تلك السنين التي مضت ولن تعود .. كيف رسمنا صورنا في أذهان الناس.. ماذا قدمنا للمجتمع الإنساني.. ماذا أنجزنا ؟؟

كم هو عدد الذين رحلوا عن هذه الدنيا .. في كل يوم هناك مفارقون بالآلاف والملايين لكن العالم لا يذكر إلا صاحب بصمة حقيقة.. كثيرون منا يعملون في الخفاء راجين ثوابا من الله لا مدح الناس.. كثيرون هم خلف الكواليس.. جنود مجهولون يقدمون في كل يوم لهذا الوطن لهذا الدين أعمالا تشهد لهم عند رب العالمين .. لكن سؤالي لمن لم يعمل شيئا.. هل تجلس مع نفسك ليلا قبل أن تنام فتحصر كم الأشياء التي فعلتها في يومك؟ هل أنت راض عن يومك الذي مضى؟ إن لم تكن فانتبه وابدأ بصغير الأمور.. وتذكر أن وجود الحصاة الصغيرة في السد يمنع الماء أن يفيض.. لا تحاول أن ترهق نفسك بما لا تطيق.. بل اعمل مايرضيك أنت قبل الناس.. ما إن تذكرته أحسست أنك قدمت شيئا.. لنفسك.. لأسرتك.. لمجتمعك.. لنبتعد عن الحياة المغلقة على أنفسنا.. لننظر حولنا.. ولنرحل غدا عن هذه الدنيا بذكر طيب..

ولنتذكر دائما أن الحياة أقصر من أن نؤجل الأمور المهمة.. فهي عجلة متسارعة.. مزدحمة.. قد نكون اليوم هنا لكن غدا نحن مفارقون.. !!

رحلة الفراق .. من مقالات الكاتبة " مريم البلوشي " جريدة .. الإمارات اليوم ..