سنا البرق
19 Feb 2004, 07:00 AM
<span style='color:teal'><div align="center">بريق عينيها
لوفاء الشلبي
كان لعينيها بريق أخاذ.. لهما تألق الماس.. قد اجتمعت فيهما زرقة الفيروز مع بياض اللؤلؤ.. فأي عيون تلك!! كان بريقهما يزداد تألقاً ولمعاناً أمام واجهات سوق الصاغة، وعند سماع رنين الذهب، وبخاصة في عنقها أو يديها.. عندما نظر إليها أول مرة سحرته عيناها.. فأبحر فيهما بقارب دون شراع.. فتاه وتاه..
عندما تقدم إليها خاطباً طلبت منه عقداً من الماس فكان لها ما أرادت، ومع العقد قدم سواراً وخاتماً.. واختار لها أثمن ما في السوق حباً وطواعية، وقال لها:
تألق عينيك أروع من تألق الماس..
وعندما تزوجها طلبت إلى جانب ما طلب أهلها.. عقوداً من اللؤلؤ والفيروز فكان لها.. وحين قدمها قال:
- كم أحب الفيروز؛ لأنه يشبه عينيك!!
وعندما غضبت منه ولأول مرة في حياتهما الزوجية، وعلى الرغم من أنها هي المخطئة، اعتذر لها وقدم دليلاً جديداً على حبه.. دليلاً ذهبياً براقاً.. ثم قال:
- ما أجمل عينيك وأنت غاضبة باكية.. لونهما الأحمر يذكرني بلون الذهب الخالص..
وكثيراً ما كانت تبكي وتغضب ليتذكر الذهب..
عندما أنجبت ابنها الأول قالت بدلال:
- ماذا ستقدم لي.. أظنك ستزن الصغير وتحضر لي وزنه ذهباً..
فأجاب جواب التاجر الخبير:
- ذهب الدنيا فدى لعينيك!!
وما زال صاحبنا مبحراً في متاهات الزرقة الفيروزية.. ثملاً.. يجرع الكأس تلو الأخرى، يشتري قداسة الرباط الزوجي ببريق خادع.. يدفع بسخاء نادر.. وهي تظن أنها مع كل دفعة جديدة.. قد امتلكته إلى الأبد.. كانت تظن أنه كلما دفع أكثر كان حبه أكبر وأكبر.. ولم تكن تعلم أن كل ما يُشترى بالمال.. رخيص..
وما زالت تعرض بضاعتها بشتى الأساليب، فقد علمتها التجربة أن وراء كل خلاف صغير أم كبير هدية ثمينة.. فكانت تتفنن في خلق المناسبات السعيدة وغير السعيدة؛ لأنه وراء كل مناسبة مكافأة باهظة..
وفي غمرة تجاربها هذه، اكتشفت فجأة أنها تجارة خاسرة.. فعلى الرغم من كثرة اختلاقها للمناسبات ما عاد تقبض الثمن!!
أين الثمن؟! أين المشتري السخي؟!
لقد كان في أحضان زوجة ثانية.. تشتري الحب ولا تبيع.. تشتري حبه بالمودة والرحمة، بالمشاركة والوجدان.. كان المشتري يرتع في بحر من الحب الخالص.. وبلا ثمن.. لقد وجد في صدر زوجته الجديدة قلباً كبيراً يتسع لحبه وآلامه وآماله بدلاً من عقود الماس واللؤلؤ..
لقد وجد في عينيها الصغيرتين متسعاً له ولكل صغيرة وكبيرة في حياته.. لكل دمعة أو ابتسامة.. لكل شدة أو رخاء..
وبدلاً من أن يبحر بزورق دون شراع.. نقلته إلى عالم الواقع.. إلى حقيقة الحب الأسري الذي لا يشتري ولا يبيع.. فقد كانت تعطي بلا ثمن!!
جمعت صاحبة العينين البراقتين كل ما في حوزتها من مصاغ وحلي.. وضعته أمامها مختلف الأشكال والألوان.. ولأول مرة في حياتها لم تبرق عيناها ولم تلمع عند رؤية الذهب!! نظرت إلى وجهها الشاحب في المرآة تبحث عن زرقة عينيها فلم تجدها!!</div></span>
لوفاء الشلبي
كان لعينيها بريق أخاذ.. لهما تألق الماس.. قد اجتمعت فيهما زرقة الفيروز مع بياض اللؤلؤ.. فأي عيون تلك!! كان بريقهما يزداد تألقاً ولمعاناً أمام واجهات سوق الصاغة، وعند سماع رنين الذهب، وبخاصة في عنقها أو يديها.. عندما نظر إليها أول مرة سحرته عيناها.. فأبحر فيهما بقارب دون شراع.. فتاه وتاه..
عندما تقدم إليها خاطباً طلبت منه عقداً من الماس فكان لها ما أرادت، ومع العقد قدم سواراً وخاتماً.. واختار لها أثمن ما في السوق حباً وطواعية، وقال لها:
تألق عينيك أروع من تألق الماس..
وعندما تزوجها طلبت إلى جانب ما طلب أهلها.. عقوداً من اللؤلؤ والفيروز فكان لها.. وحين قدمها قال:
- كم أحب الفيروز؛ لأنه يشبه عينيك!!
وعندما غضبت منه ولأول مرة في حياتهما الزوجية، وعلى الرغم من أنها هي المخطئة، اعتذر لها وقدم دليلاً جديداً على حبه.. دليلاً ذهبياً براقاً.. ثم قال:
- ما أجمل عينيك وأنت غاضبة باكية.. لونهما الأحمر يذكرني بلون الذهب الخالص..
وكثيراً ما كانت تبكي وتغضب ليتذكر الذهب..
عندما أنجبت ابنها الأول قالت بدلال:
- ماذا ستقدم لي.. أظنك ستزن الصغير وتحضر لي وزنه ذهباً..
فأجاب جواب التاجر الخبير:
- ذهب الدنيا فدى لعينيك!!
وما زال صاحبنا مبحراً في متاهات الزرقة الفيروزية.. ثملاً.. يجرع الكأس تلو الأخرى، يشتري قداسة الرباط الزوجي ببريق خادع.. يدفع بسخاء نادر.. وهي تظن أنها مع كل دفعة جديدة.. قد امتلكته إلى الأبد.. كانت تظن أنه كلما دفع أكثر كان حبه أكبر وأكبر.. ولم تكن تعلم أن كل ما يُشترى بالمال.. رخيص..
وما زالت تعرض بضاعتها بشتى الأساليب، فقد علمتها التجربة أن وراء كل خلاف صغير أم كبير هدية ثمينة.. فكانت تتفنن في خلق المناسبات السعيدة وغير السعيدة؛ لأنه وراء كل مناسبة مكافأة باهظة..
وفي غمرة تجاربها هذه، اكتشفت فجأة أنها تجارة خاسرة.. فعلى الرغم من كثرة اختلاقها للمناسبات ما عاد تقبض الثمن!!
أين الثمن؟! أين المشتري السخي؟!
لقد كان في أحضان زوجة ثانية.. تشتري الحب ولا تبيع.. تشتري حبه بالمودة والرحمة، بالمشاركة والوجدان.. كان المشتري يرتع في بحر من الحب الخالص.. وبلا ثمن.. لقد وجد في صدر زوجته الجديدة قلباً كبيراً يتسع لحبه وآلامه وآماله بدلاً من عقود الماس واللؤلؤ..
لقد وجد في عينيها الصغيرتين متسعاً له ولكل صغيرة وكبيرة في حياته.. لكل دمعة أو ابتسامة.. لكل شدة أو رخاء..
وبدلاً من أن يبحر بزورق دون شراع.. نقلته إلى عالم الواقع.. إلى حقيقة الحب الأسري الذي لا يشتري ولا يبيع.. فقد كانت تعطي بلا ثمن!!
جمعت صاحبة العينين البراقتين كل ما في حوزتها من مصاغ وحلي.. وضعته أمامها مختلف الأشكال والألوان.. ولأول مرة في حياتها لم تبرق عيناها ولم تلمع عند رؤية الذهب!! نظرت إلى وجهها الشاحب في المرآة تبحث عن زرقة عينيها فلم تجدها!!</div></span>