المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة في ليلة التنفيذ_ هاشم الرفاعي



mnsoor
26 Sep 2005, 12:38 AM
http://www.damad.org/ram_files/abtah.rm













http://www.damad.org/ram_files/abtah.rm (http://www.damad.org/ram_files/abtah.rm)



أختر من هذا الرابط حفظ باسم









رسالة في ليلة التنفيذ



















الشاعر : هاشم الرفاعي



- 1 -



أبتاه ماذا قد يخط بناني *************و الحبل والجلاد منتظران



هذا الكتاب إليك من زنزانة************مقرورة صخريةالجدران



لم تبق إلا ليلة أحيا بها *************** وأحس أنظلامها أكفاني



ستمر يا أبتاه لست أشك في ************ هذا وتحملبعدها جثماني



- 2 -



الليل من حولي هدوء قاتل ***********والذكريات تمورفي وجداني



ويهدني ألمي فأنشد راحتي ************* في بضعآيات من القرآن



والنفس بين جوانحي شفافة *********** دبَّ الخشوع بها فهزكياني



قد عشت أومن بالإله ولم أذق ************** إلا أخيرالذة الإيمان



شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم ************ فليرفعوه فلست بالجوعان



هذا الطعام المر ما صنعته لي ********* أمي و لا وضعوه فوق خوان



كلا ولم يشهده يا أبتي معي ************* أخوان لي جاءاه يستبقان



مدوا إلي به يدا مصبوغة ************ بدمي و هذي غاية الإحسان



والصمت يقطعه رنين سلاسل *********** عبثت بهن أصابعالسجان



ما بين آونة تمر وأختها ************ يرنو إلىبمقلتي شيـــطان



من كوة بالباب يرقب صيده ************ ويعود في أمن إلىالدوران



أنا لا أحس بأي حقد نحوه ************** ماذا جنىفتمسه أضغاني



هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي *********** لم يبد في ظمأإلى العدوان



لكنه إن نام عني لحظة ************* ذاق العيالمــرارة الحرمان



فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة ************* لو كان مثلىشاعرا لرثاني



أو عاد من يدري إلى أولاده ************ يوماً وذُكِّرَ صورتي لبكاني



وعلى الجدار الصلب نافذة بها ********** معنى الحياةغليظة القضبان



قد طالما شارفتها متأملا *********** في الثائرين علىالأسى اليقظان



فأرى وجوما كالضباب مصورا ******** ما في قلوب الناس منغليان



نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ ******* كتموا وكانالموت في إعلاني



و يدور همس في الجوانح ما الذي ******* بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟



أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى ********* مثل الجميعأسير في إذعان ؟



ما ضرني لو قد سكت وكلما ********* غلب الأسى بالغتُفي الكتمان



هذا دمي سيسيل يجري مطفئا *********** ما ثار فيجنْبَىَّّ من نيران



وفؤادي المَوَّار في نبضاته ************* سيكف في غده عنالخفقان



والظلم باق لن يحطم قيده ************* موتي ولنيودي به قرباني



ويسير ركب البغي ليس يضيره *********شاة إذا اجتثتمن القطعان



- 3 -



هذا حديث النفس حين تشق عن ********** بشريتي وتموربعد ثوان



وتقول لي إن الحياة لغايةٍ ************ أسمى منالتصفيق للطغيان



أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت**********ستظل تغمر أُفقهم بدخان



وقروح جسمك وهو تحت سياطهم ******** قسمات صبحيتقيه الجاني



دمع السجين هناك في أغلاله ************ ودم الشهيدهنا سيلتقيان



حتى إذا ما أفعمت بهما الربا ********** لميبق غير تمرد الفيضان



ومن العواصف ما يكون هبوبها ********* بعد الهدوء وراحةالربانِ



إن احتدام النار في جوف الثرى ********* أمر يثيرحفيظة البركان



وتتابع القطرات ينزل بعده ************* سيل يليهتدفق الطوفان



فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا ********* أقوى منالجبروت والسلطان



أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي **** أم سوف يعروهادجى النسيان ؟



أو أنني سأكون في تاريخنا ************ متآمرا أمهادم الأوثان ؟



كل الذي أدريه أن تجرعي *********** كأس المذلة ليس فيإمكاني



لو لم أكن في ثورتي متطلبا *********** غير الضياءلأمتي لكفاني



أهوى الحياة كريمة لا قيد لا ********** إرهاب لااستخفاف بالإنسان



فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي ****** يغلى دم الأحرارفي شرياني



- 4 -



أبتاه إن طلع الصباح على الدنى ******* وأضاء نورالشمس كل مكان



واستقبل العصفور بين غصونه*********** يوما جديدا مشرقالألوان



وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة ************* تجري على فمبائع الألبان



وأتى يدق- كما تعود- بابنا ************ سيدق بابالسجن جلادان



وأكون بعد هنيهة متأرجحا ********** في الحبل مشدوداإلى العيدان



لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما ******** صنعته في هذيالربوع يدان



نسجوه في بلد يشع حضارة ********** و تضاء منه مشاعلالعرفان



أو هكذا زعموا وجيء به إلى ******** بلدي الجريح علىيد الأعوان



أنا لا أريدك أن تعيش محطما *********** في زحمةالآلام والأشجان



إن ابنك المصفود في أغلاله ********** قد سيق نحو الموتغير مدان



فاذكر حكايات بأيام الصبا *********** قد قلتها لي عنهوى الأوطان



وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى******* تبكى شبابا ضاعفي الريعان



وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها *************ألما تواريهعن الجيران



فاطلب إليها الصفح عني إنني ********* لا أبتغي منهاسوى الغفران



مازال في سمعي رنين حديثها************ ومقالها فيرحمة وحنان



أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة *********** لم يبق لي جَلَدعلى الأحزان



فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن ****** بنت الحلال ودعك منعصياني



كانت لها أمنية ريانة ******************يا حسنأمال لها وأمان



غزلت خيوط السعد مخضلا ولم *******يكن انتقاض الغزلفي الحسبان



والآن لا أدرى بأي جوانح ************* ستبيت بعدىأم بأي جنان



- 5 -



هذا الذي سطرته لك يا أبي ********** بعض الذي يجرىبفكر عان



لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ ********بيد الجموعشريعة القرصان



فلسوف يذكرني ويُكبر همتي ******** من كان فى بلديحليف هوان



وإلى لقاء تحت ظل عدالة ************** قدسية الأحكاموالميزان



- - - -



-------------------------------------------------------------



((( من ديوان . . هاشم الرفاعي رحمه الله . . وقد قُتل بعد هذه الأبيات بيوم واحد في سجون مصر وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره ))).