المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفوة الأمة بعد الأنبياء 29



أبو يوسف
14 Sep 2005, 11:48 PM
صفوة الأمة بعد الأنبياء 29

من فضلك شارك في إرسال هذه الحلقات إلى الكم الذي تستطيع عليه ؛ لتنال أجر الذب عن الصحابة والعلماء الربانيين ؛ ولن يضيع عند الله شيء ما دامت النية خالصة له سبحانه ...

[الصحابة والعلماء هم حملة ديننا إلى أن تقوم الساعة ، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين ، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون روية ولا تفكير ، ،ويهرف بما لا يعرف ، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته ، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين ، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا ]
(ما سلكت فجا إلا سلك الشيطان فجا غيره )
( إن يكن من أمتي محدث –ملهم-فعمر )

الحلقة التاسعة والعشرون
هنيئا قصرالجنة أبا حفص
المقصود من الكتابة هنا إبراز مكانة الصحابة الكرام في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ؛ عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا فلن أعرض للناحية التاريخية السردية فليعذرني القارئ في هذا فهذا له مكانه المخصص له ... وفي هذه الحلقة التي تعتبر الأولى فيما يتعلق بأمير المؤمنين الفاروق رضي الله عنه أبدأها من الجنة حيث القصر المنيف المعد له ، وهي بشارة له من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه القصة مروية في أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى فما ذا عسى أن يقال عن مبشر بالجنة من أصدق من وطئ الثرى ، وأفضل من أظلته السماء ؛ من النبي صلى الله عليه وسلم ، ألا يجزيه الله بالجنة وهو الكريم سبحانه ... هذا الرجل الذي أعجز الكتبة أن يحيطوا بسيرته وأعماله العظيمة ، لقد كتب الكثير عن أمير المؤمنين عمر ومن الكتابات رسائل ماجستير ودكتوراه فلم يغطوا إلا جوانب من سيرته العملية رضي الله عنه ... كُتب عنه في المجالات السياسية ، والاقتصادية ، وفي المجالات العسكرية و... فلم يُوفى حقه رضي الله عنه ... إنني أشبه الذي يحاول التطاول على جانب الفاروق كالقزم الذي لا يتجاوز طوله بضع سنتيمترات وهو يريد أن يمسك الشمس ويحجبها بيده المكسحة المشلولة ! عليك أن تتملى هذا المشهد في المشبه والمشبه به ليظهر لك الأمر . ولله الأمر من قبل ومن بعد (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) .
يقول الإمام البخاري في صحيحة رحمه الله تعالى :
حدثنا حجاج بن منهال حدثنا عبد العزيز بن الماجشون حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت من هذا فقال هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا فقالوا لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار )
جمع هذا الحديث العظيم ثلاثة من الصحابة الكرام المبشرين بالجنة ، وكلهم من كبار الصحابة الذين لهم سابقة وفضل ، ومواقف عظيمة ليست بخافية على المطلع بل على أي من المسلمين سابقا ولاحقا ، ومن لا يعرف بلالا مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب المواقف التي تدل على ثبات كالجبال الرواسي . ومن لا يعرف أم سليم أم أنس ابن مالك صاحبة الموقف العظيمة أليست من جعلت الإسلام مهر زواجها بأبي طلحة ؛ فأسلم وتزوجها ... أما الفاروق فهو أعظم من أن يخفى على أحد من المسلمين ومن غيرهم ...
يقول ابن حجر في الفتح : (قوله حدثنا عبد العزيز بن الماجشون كذا لأبي ذر وسقط لفظ بن من رواية غيره وهو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة المدني والماجشون لقب جده وتلقب به أولاده قوله: حدثنا محمد بن المنكدر هكذا رواه الأكثر عن بن الماجشون ورواه صالح بن مالك عنه عن حميد عن أنس أخرجه البغوي في فوائده فلعل لعبد العزيز فيه شيخين ؛ ويؤيده اقتصاره في حديث حميد على قصة القصر فقط وقد أخرجه الترمذي والنسائي وبن حبان من وجه آخر عن حميد كذلك . قوله رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة هي أم سليم ؛ والرميصاء بالتصغير صفة لها لرمص كان بعينها . واسمها سهلة وقيل رميلة وقيل غير ذلك وقيل هو اسمها ويقال فيه بالغين المعجمة بدل الراء وقيل هو اسم أختها أم حرام . وقال أبو داود هو اسم أخت أم سليم من الرضاعة .وجوز بن التين أن يكون المراد امرأة أخرى لأبي طلحة . وقوله رأيتني بضم المثناة والضمير من المتكلم ؛ وهو من خصائص افعال القلوب . قوله وسمعت خشفة بفتح المعجمتين والفاء أي حركة وزنا ومعنى . ووقع لأحمد : سمعت خشفا يعني صوتا . قال أبو عبيد الخشفة الصوت ليس بالشديد . قيل وأصله صوت دبيب الحية . ومعنى الحديث هنا ما يسمع من حس وقع القدم . قوله فقلت من هذا فقال هذا بلال . وهذا قد تقدم في صلاة الليل من حديث أبي هريرة مطولا .وتقدم من شرحه هناك ما يتعلق به، وتقدم بعض الكلام عليه في صفة الجنة ؛ حيث أورد هناك من حديث أبي هريرة قوله ورأيت قصرا بفنائه جارية في حديث أبي هريرة الذي بعده تتوضأ إلى جانب قصر ، وفي حديث أنس عند الترمذي قصر من ذهب والفناء بكسر الفاء وتخفيف النون مع المد جانب الدار . قوله فقلت لمن هذا فقال في رواية الكشميهني فقالوا والظاهر أن المخاطب له بذلك جبريل أو غيره من الملائكة ، وقد افرد هذه القصة في النكاح وفي التعبير من وجه آخر عن بن المنكدر . قوله فذكرت غيرتك في الرواية التي في النكاح فأردت أن أدخله فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك . ووقع في رواية بن عيينة عن بن المنكدر وعمرو بن دينار جميعا عن جابر في هذه القصة الأخيرة دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا يسمع فيه ضوضاء فقلت لمن هذا فقيل لعمر ، والضوضاء بمعجمتين مفتوحتين بينهما واو وبالمد ، ووقع في حديث أبي هريرة أن عمر بكى . ويأتي في النكاح بلفظ فبكى عمر وهو في المجلس . وقوله بابي وأمي أي أفديك بهما . وقوله أعليك أغار معدود من القلب ؛ والأصل أعليها أغار منك قال ابن بطال فيه الحكم لكل رجل بما يعلم من خلقه ، قال وبكاء عمر يحتمل أن يكون سرورا ، ويحتمل أن يكون تشوقا أو خشوعا ، ووقع في رواية أبي بكر بن عياش عن حميد من الزيادة فقال عمر وهل رفعني الله إلا بك ؟ وهل هداني الله الا بك ؟ رويناه في فوائد عبد العزيز الحربي من هذا الوجه . وهي زيادة غريبة . الحديث الثاني حديث أبي هريرة في المعنى ذكره مقتصرا على قصة رؤيا المرأة إلى جانب القصر وزاد فيه قالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرا وفيه ما كان عليه النبي  من مراعاة الصحبة . وفيه فضيلة ظاهرة لعمر وقوله فيه تتوضأ يحتمل أن يكون على ظاهره ولا ينكر كونها تتوضأ حقيقة لأن الرؤيا وقعت في زمن التكليف والجنة وان كان لا تكليف فيها فذاك في زمن الاستقرار بل ظاهر.
قوله تتوضأ إلى جانب قصر إنها تتوضأ خارجة منه ، أو هو على غير الحقيقة ، ورؤيا المنام لا تحمل دائما على الحقيقة. بل تحتمل التأويل؛ فيكون معنى كونها تتوضأ أنها تحافظ في الدنيا على العبادة ، أو المراد بقوله تتوضأ أي تستعمل الماء لأجل الوضاءة على مدلوله اللغوي ، وفيه بعد . وأغرب بن قتيبة وتبعه الخطابي فزعم أن قوله تتوضأ تصحيف وتغيير من الناسخ وإنما الصواب امرأة شوهاء ولم يستند في هذه الدعوى إلا إلى استبعاد أن يقع في الجنة وضوء ؛ لأنه لا عمل فيها وعدم الاطلاع على المراد من الخبر لا يقتضي تغليط الحفاظ ثم اخذ الخطابي في نقل كلام أهل اللغة في تفسير الشوهاء فقيل هي الحسناء ، ونقله عن أبي عبيدة وإنما تكون حسناء إذا وصفت بها الفرس قال الجوهري فرس شوهاء صفة محمودة والشوهاء الواسعة الفم وهو مستحسن في الخيل والشوهاء من النساء القبيحة كما جزم به بن الأعرابي وغيره ، وقد تعقب القرطبي كلام الخطابي لكن نسبه إلى بن قتيبة فقط قال بن قتيبة بدل تتوضأ شوهاء ثم نقل إن الشوهاء تطلق على القبيحة والحسناء قال القرطبي والوضوء هنا لطلب زيادة الحسن لا للنظافة لان الجنة منزهة عن الأوساخ والأقذار وقد ترجم عليه البخاري في كتاب التعبير باب الوضوء في المنام فبطل ما تخيله الخطابي وفي الحديث فضيلة الرميصاء ... وبلال رضي الله عن الجميع ...
___________
- الفتح 7/27-28
- سورة التوبة الآية 100 .
- أنظر : زبدة التفسير مختصر فتح القدير للإمام الشوكاني 285-286 .
- صحيح البخاري 3/1095 رقم 2845 .
- المرجع السابق 3/ 1120 رقم 2915 .
- المرجع السابق 4/ 1557 رقم 4025
- المرجع السابق : 4/ 1855. 4608 .
- المستدرك على الصحيحين 3/75 . رقم 4438 .
- المرجع السابق الصفحة نفسها . رقم 4439
- هذه الأبيات منقولة من أحد المواقع ذهب عني اسمه .
- صحيح البخاري 3/1346. رقم 3476 .
- الفتح 7/ 44- 46 بتصرف يسير .

أبو فراس
15 Sep 2005, 12:47 AM
جزيت الجنة أخي الفاضل أبو يوسف

على هذا الجهد المسدد وعلى هذا العطاء الرائع وعلى هذا البذل المبارك

نفع الله بكم الإسلام والمسلمين

نسأل الله أن يوفقنا وإياك أخي إلى كل خير

بوركت أخي على هذه السلسة الطيبة المباركة

استمر أخي على هذا النهج القويم

دمت في حفظ الباري