المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قــــــــــــــــــــصــــــــــــــــــــة مثالية لا بد ان تقرأوها



السراب
07 Sep 2005, 05:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

عبد الله بن أم مكتوم

" رجل أعمى أنزل الله في شأنه ست عشرة آية ،
و ستضل تتلى ما كر الجديدان "


من هذا الذي عوتب فيه النبي الكريم من فوق سبع سماوات و أقسى عتابه و أوجعته ؟!
من هذا الذي نزل بشأنه جبريل الأمين على قلت النبي الكريم بوحي من عند الله ؟!
إنه عبد الله بن أم مكتوم مؤذن الرسول صلوات الله و سلامه عليه .
* * *
و عبد الله بن أم مكتوم مكي و قرشي تربطه بالرسول عليه الصلاة و السلام رحم ، فقد كان ابن خال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضوان الله عليهما .
أما أبو فقيس بن زائد ، و أما أمه فعاتكة بنت عبد الله ، و قد دعيت بأم مكتوم لأنها ولدته أعمى مكتوما .
* * *
شهد عبد الله بن أم مكتوم مطلع النور في مكة ، فشرح الله صدره للإيمان ، و كان من السابقين إلى الإسلام .
عاش ابن أم مكتوم محنة المسلمين في مكة بكل ما حفلت به من تضحية و ثبات و صمود و فداء .
و عانى من أذى قريش ما عاناه أصحابه ، و بلا من بطشهم و قسوتهم ما بلوه ، فما لانت له قناة و لا فترت له حماسة و لا ضعف له أيمان ...
و إنما زاده ذلك استمساكا بدين الله ، و تعلقا بكتاب الله ، و تفقه بشرع الله و إقبالا على الرسول صلوات الله و سلامه عليه .
* * *
قد بلغ من إقباله على النبي الكريم و حرصه على حفظ القرآن العظيم ، أنه كان لا يترك فرصة إلا اغتنمها ، و لا سانحة إلا ابتدرها ...
بل كان إلحاحه على ذلك يغريه – أحيانا – بأن يأخذ نصيبه من رسول الله صلوات الله و سلامه عليه و نصيب غيره .
و قد كان الرسول صلوات الله عليه في هذه الفترة كثير التصدي لسادات قريش ، شديد الحرص على إسلامهم ، فالتقى ذات يوم بعتبة بن ربيعة و أخيه شيبة بن ربيعة و عمرو بن هشام المكنى بأبي جهل ، و أمية بن خلف و الوليد بن المغيرة ، والد سيف الله خالد ، و طفق يفاوضهم و يناجيهم ، ويعرض عليهم الإسلام ، وهو يطمع في أن يستجيبوا له ، أو يكفوا أذاهم عن أصحابه .

* * *

و فيما هو كذلك أقبل عليه عبد الله بن أم مكتوم يستقرئه آية من كتاب الله ، ويقول :
يا رسول الله ، علمني مما علمك الله .
فأعرض عنه الرسول الكريم عنه ، و عبس في وجهه ، و تولى نحو أولئك النفر من قريش ، و أقبل عليهم أملا في أن يسلموا فيكونون في إسلامهم عز لدين الله ، وتأييد لدعوة رسوله .

و ما إن قضى رسول الله صلوات الله عليه حديثه معهم و فرغ من نجواهم ، و هم أن ينقلب إلى أهله حتى أمسك الله عليه بعضا من بصره ، و أحس كأن شيئا يخفق برأسه .

ثم أنزل عليه قوله : (( عبس و تولى * أن جاءه الأعمى * و ما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * و ما عليك ألا يزكى * و أما من جاءك يسعى* وهو يخشى * فأنت عنه تلهى * كلا أنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة )).
ست عشرة آية نزل بها جبريل الأمين على قلب النبي الكريم في شأن عبد الله بن أم مكتوم ، لا تزال تتلى منذ نزلت إلى اليوم ، و ستضل تتلى حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

* * *
و منذ ذلك اليوم ما فتئ الرسول صلوات الله يكرم منزل عبد الله بن أم مكتوم إذا نزل ، ويدني مجلسه إذا أقبل ، ويسأله عن شأنه ، ويقضى حاجته .
ولا غرور أليس هو الذي عوتب فيه من فوق سبع سماوات أشد العتاب و أعنفه ؟!
ولما كلبت قريش على الرسول و الذين آمنوا معه ، و أشتد أذاها لهم أذن الله للمسلمين بالهجرة ، فكان عبد الله بن أم مكتوم أسرع القوم مفارقة لوطنه ، وفرارا بدينه ...
فقد كان هو ومصعب بن عمير أول من قدم المدينة من أصحاب رسول الله .
و ما إن بلغ عبد الله بن أم مكتوم يثرب حتى طفق هو و صاحبه مصعب بن عمير يختلفان إلى الناس و يقرآنهم القرآن ، و يفقهانهم في دين الله .
ولما قدم الرسول عليه الصلاة و السلام إلى المدينة اتخذ عبد الله بن أم مكتوم و بلال بن رباح مؤذنين للمسلمين يصدعان بكلمة التوحيد كل يوم خمس مرات ، و يحضانهم على الفلاح ...
فكان بلال يؤذن و ابن مكتوم يقيم الصلاة ، و ربما أذن ابن أم مكتوم و أقام بلال .
و كان لبلال وابن أم مكتوم شأن آخر في رمضان ، فقد كان المسلمون في المدينة يتسحرون على أذان أحدهما و يمسكون عند آذان الآخر .
كان بلال يؤذن بليل و يوقظ الناس ، و كان ابن أم مكتوم يتوخى الفجر فلا يخطئه .
و قد بلغ من إكرام النبي عليه الصلاة و السلام لابن أم مكتوم أن استخلفه على المدينة عند غيابه عنها بضع عشرة مرة كانت إحداهما يوم غادرها لفتح مكة .
وفي أعقاب غزوة بدر أنزل الله على نبيه من آي القرآن ما يرفع شأن المجاهدين ، و يفضلهم على القاعدين لينشط المجاهد إلى الجهاد ، و يأنف القاعد من القعود ، فأثر ذلك في نفس ابن أم مكتوم ، و عز عليه أن يحرم من هذا الفضل و قال :
يا رسول الله ، لو أستطيع الجهاد لجاهدت ، ثم سأل الله بقلب خاشع أن ينزل قرآنا في شأنه و شأن أمثاله ممن تعوقهم عاهاته عن الجهاد و جعل يدعو في ضراعة :
" اللهم أنزل عذري ... اللهم أنزل عذري "
فما أسرع أن استجاب الله جل و عز لدعائه .
* * *
حدث زيد بن ثابت كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال :
كنت إلى جنب الرسول ، فغشيته السكينة ، فوقعت فخذه على فخذي ، فما وجد شيئا أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سرى عنه فقال: اكتب يا زيد فكتبت : ((( لا يستوي القاعدون من المؤمنين و المجاهدون في سبيل الله ... )))
فقام ابن أم مكتوم وقال : يا رسول الله ، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد ؟! فما انقضى كلامه حتى غشيت رسول الله صلى الله عليه و سلم السكينة ، فوقعت فخذه على فخذي ، فوجدت من ثقلها ما وجدته في المرة الأولى ، ثم سري عنه فقال .

اقرأ ما كتبته يا زيد ، فقرأت (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين)) فقال : اكتب (( غير أولي الضرر )) .
فنزل الاستثناء الذي تمناه ابن أم مكتوم و على الرغم من أن سبحانه أعفى عبد الله بن أم مكتوم وأمثاله من الجهاد ، فقد أبت نفسه الطموح أن يقعد مع القاعدين ، و عقد العزم على الجهاد في سبيل الله ...
ذلك لأن النفوس الكبيرة لا تقنع إلا بكبار الأمور
فحرص منذ ذلك اليوم على ألا تفوته غزوة ، وحدد لنفسه وظيفتها في ساحات القتال ، فكان يقول : أقيموني بين الصفين و حملوني اللواء أحمله لكم و أحفظه ...
فأنا أعمى لا أستطيع الفرار .

* * *
وفي السنة الرابعة عشرة للهجرة عقد عمر بن الخطاب العزم على أن يخوض مع الفرس معركة فاصلة بديل دولتهم ، و تزيل ملكهم ، وتفتح الطريق أمام جيوش المسلمين ، فكتب إلى عماله يقول :
لا تدعوا أحدا له سلاح أو فرس أو نجدة أو رأي إلا وجهتموه إلي ، و العجل، العجل .
و طفق جموع المسلمين تلبي نداء الفاروق و تنهال على المدينة من كل حدب و صوب ، و كان في جملة هؤلاء المجاهدين المكفوف البصر عبد الله بن أم مكتوم .
فأمر الفاروق على الجيش الكبير سعد بن أبي وقاص ، وأوصاه وودعه.
ولما بلغ الجيش القادسية ، برز عبد الله بن أم مكتوم لابسا درعه ، مستكملا عدته ، و ندب نفسه لحمل راية المسلمين و الحافظ عليها أو الموت دونها .

* * *

والتقى الجمعان في أيام ثلاثة قاسية عابسة . واحترب الفريقان حربا لم يشهد لها تاريخ الفتوح مثيلا حتى انجلى اليوم الثالث من نصر مؤزر للمسلمين ، فدالت دولة من أعظم الدول ...
و زال عرش من أعرق العروش ...
و رفعت راية التوحيد في أرض الوثنية .
و كان ثمن هذا النصر المبين مئات الشهداء . و كان بين هؤلاء الشهداء عبد الله بن أم مكتوم ...
فقد وجد صريعا مضرجا بدمائه وهو يعانق راية المسلمين .

أبو فراس
07 Sep 2005, 08:06 PM
بارك الله فيك اخي السراب

على هذه السيرة العطرة عن هذا الصحابي

أسأل أن يكتب أجرك ويرفع قدرك وينفع بك

ننتظر منك كل تميز ..... بوركت يارعاك الله

حفيدة الاسلام
08 Sep 2005, 01:31 AM
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وجعل الجنة ماواك ا ن شاء الله تعالى

حفيدة الاسلام
08 Sep 2005, 01:55 AM
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وجعل الجنة ماواك
اللهم امييين

algazi
09 Sep 2005, 12:27 AM
سبحان الله


كان يتمنى الشهادة


وهو اعمى فأعطاه الله اياها

بنت الرسالة
10 Sep 2005, 12:46 AM
ما شاء الله 000
سيرة عطرة 000 و خاتمة رضية 0000
اللهم اقذف في قلوبنا هذا الحب الشديد لدينك و التفاني لإعلاء كلمتك يا رب 000
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة يا رب 000 اللهم ثبت قلوبنا على دينك الحق يا رب
اللهم إنا نسألك زيادة في الدين وبركة في العمر وصحة في الجسد وسعة في الرزق وتوبة قبل الموت وشهادة عند

الموت ومغفرة بعد الموت وعفوا عند الحساب وأمانا من العذاب ونصيبا من الجنة0000

وارزقنا النظر إلى وجهك الكريم 000 آمين يا رب

السراب
11 Sep 2005, 07:42 AM
أبو فراس

جزاك الله خير على مرورك للموضوعي الذي اسعدني جداً :)

حفيدة الإسلام
اللهم آمين وجزاك الله خير على دعواتك


القازي

جزاك الله خير على مرورك


بنت الرسالة

جزاك الله خير على مرورك ونأمن على دعائك تحياتي :)