المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معا لنتعلم سورة النور آية آية



سهام الليل
28 Aug 2005, 03:26 PM
سورة النور مدنية وآياتها أربع وستون

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ أنزلت سورة النور بالمدينة‏.‏

وأخرج عن ابن الزبير مثله‏.‏

وأخرج الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه عن عائشة مرفوعا‏"‏لا تنزلوهن الغرف، ولا تعلموهن الكتابة يعني النساء، وعلموهن الغزل وسورة النور‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نسائكم سورة النور‏"‏‏.‏

وأخرج أبو عبيد في فضائله عن حارثة بن مضرب قال‏:‏ كتب الينا عمر بن الخطاب‏.‏ ان تعلموا سورة النساء، والاحزاب، والنور‏.‏

وأخرج الحاكم عن أبي وائل قال‏:‏ حججت أنا وصاحب لي وابن عباس على الحجن فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها فقال صاحبي‏:‏ سبحان الله‏.‏‏!‏ ماذا يخرج من رأس هذا الرجل‏؟‏ لو سمعت هذا الترك لأسلمت‏.‏



يتبع .. :) :wilted_ro

Sheba Queen
28 Aug 2005, 03:43 PM
سهام الليل ، فكرة نيرة ، وموضوع مهم ، بارك الله فيك على طرحه وأدعو الله أن يوفقنا حتى نتم السورة كاملة ، وجميع سور القرأن ..

نحن في الإنتظار أخيتي

nooory3
29 Aug 2005, 12:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، بارك الله فيك أختي الحبيبة سهام الليل ننتظرك

أخية ،، وبإذن الله إن يسر الرحمن ستكون هناك مفاجأة رائعة لكن حتى يحين أجلها

سهام الليل
29 Aug 2005, 07:47 PM
اروع منه انتن اخواتي الكريمات .. ملكة سبا , نوري ..

علما بانه مجهود .. سطر بسخاء من اكثر من مرجع سنحاول ان نستفيد منه آية آية ,, ومن تشارك فعلى الرحب والسعة .. والاجر على الله ..

اختكن سهااااااامــ :rose: :)

http://audio.islamweb.net/Quran/Maher-Me3eaqly/24.rm

سورة النور للاستماع .

قراءة ولا اطيب بارك الله القارئ ..

ـ العقيلي ـ

سهام الليل
29 Aug 2005, 08:01 PM
بسم الله ا لرحمن الرحيم
الحمدلله وبعد

ـ المباحث المنبرية ـ

أسباب النزول:

قوله تعالى: {ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }:

عن عبد الله بن عمرو أن رجلاً من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول، وكانت تسافح[1]، وتشترط له أن تنفق عليه، قال: فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ذكر له أمرها، فقال: فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: {وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}[2]. وفي رواية عنه رضي الله عنه قال: أُنزلت: {وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}[3].

وعن عبد الله بن عمرو أيضاً قال: كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلاً يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغيّ بمكة يقال لها: عَناق، وكانت صديقةً له، وإنه كان وعد رجلاً من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط[4] مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عَناق فأبصرت سواد ظلّي بجنب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفته، فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثد، فقالت: مرحباً وأهلاً، هلمّ فبِتْ عندنا الليلة، قلت: يا عناق حرّم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم، قال: فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة[5]، فانتهيت إلى كهفٍ أو غار، فدخلت فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظلَّ بولهم على رأسي، وأعماهم الله عنّي، قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي فحملته - وكان رجلاً ثقيلاً - حتى انتهيت إلى الإذخر[6]، ففككتُ عنه كَبْلَه[7]، فجعلت أحمله ويعينني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاً؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي شيئاً حتى نزلت: {ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا مرثد، الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك، فلا تنكحها))[8].

قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ}:

عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البينة أو حدّ في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة؟! فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((البينة وإلا حدّ في ظهرك))، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني صادق، فلينزلنّ الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل، وأنزل عليه: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ}، فقرأ حتى بلغ: {بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله ليعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟))، ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقّفوها، وقالوا: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكَّأت[9] ونكصت[10]، حتى ظننّا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين[11]، خدَلَّج[12] الساقين فهو لشريك بن سحماء))، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن))[13].

وفي رواية أخرى عن ابن مسعود قال: إنا ليلة الجمعة في المسجد، إذ جاء رجل من الأنصار فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجل فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيض، والله لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيض، فقال: ((اللهم افتح))، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} وذكر الحديث[14].


--------------------------------------------------------------------------------

[1] تسافح السفّاح: الزنا، يقال: سافحها مسافحة وسفاحاً. الصحاح للجوهري (1/375).

[2] أخرجه أحمد في مسنده (2/159)، وضعّف إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند (6480).

[3] أخرجها أيضاً أحمد (2/225)، وضعف إسنادها أيضاً أحمد شاكر في تعليقه على المسند (7099، 7100)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/168)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/422).

[4] الحائط: الجدار، ويُطلق على الأرض المحاطة؛ كالحديقة وغيرها، انظر: تهذيب اللغة للأزهري (5/185).

[5] الخَندمة: جبل أوجبال بمكة. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/449).

[6] الإذخر: نبت طيب الريح، كانت قريش تستخدمه في كفن الموتى. انظر: تهذيب اللغة للأزهري (7/322)، وأذاخر: تُنية بين مكة والمدينة، دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بأعلى مكة. انظر: الروض المعطار للحميري (ص 21).

[7] كَبْلَه: الكَبْل - بفتح الكاف وسكون الباء -: القيد الضخم. انظر صحاح الجوهري (5/1808).

[8] أخرجه الترمذي في تفسير القرآن، باب: ومن سورة النور (3177) بهذا اللفظ، وقال: حسن غريب، وأخرجه أيضاً أبو داود في النكاح، باب في قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية} (2051) مختصراً، والنسائي في النكاح، باب تزويج الزانية (3228) بنحو لفظ الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2538). وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/168)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/422).

[9] تلكأت: أي تباطأت وتوقفت، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/422).

[10] نكصت: نكص أي رجع. صحاح الجوهري (3/1060).

[11] سابغ الأليتين: أي عظيم الأليتين تامّهما. انظر: النهاية لابن الأثير (2/338).

[12] خذلج الساقين: أي ممتلئ الساقين. انظر صحاح الجوهري (1/309).

[13] أخرجه البخاري في تفسير القرآن، باب: (ويدرأ عنها العذاب...) (4747). وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/183)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/426-428).

[14] أخرجه مسلم في اللعان، باب: حدثنا زهير بن حرب... (1495).

سهام الليل
30 Aug 2005, 11:01 PM
سُورَةٌ أَنزَلْنَـٰهَا وَفَرَضْنَـٰهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا ءايَـٰتٍ بَيّنَـٰتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *

المفردات:

1- {سُورَةٌ}: السورة في اللغة: المنزلة الشريفة الرفيعة، ولذلك سُميّت سورة القرآن، لشرفها وعلو منزلتها، قال زهير بن أبي سلمى:

ألم ترَ أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذبُ[29]

2- {وَفَرَضْنَـٰهَا}: أصل الفَرْض: قطع الشيء الصلب، والتأثير فيه، و{فرَضْناها} بفتح الراء أي: أنزلنا فيها فرائض مختلفة، أما على قراءة {فرّضناها} بتشديد الراء أي: قطَّعناها في التنزيل، وأنزلناها نجماً نجماً، أي: جزءاً بعد جزء، وقسماً بعد قسم، وقيل: {فرّضناها} فصلناها وبينّاها، والمعنى واحد[30].

ينبّه تعالى في بداية هذه السورة على مكانتها وفضلها، وأنه أنزلها وفيها فرائض وأحكام، أو أنه نزلها مقطعة نجماً نجماً في أحكامها، وفيها آيات واضحات الدلالة، لعل العباد يتذكرون،

رابط المشاركة
http://www.alminbar.net/malafilmy/tafseer/1.htm

nooory3
31 Aug 2005, 02:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أختي الحبيبة سهام وتواصل رائع ،،، في انتظار المشاركة

التالية

رُبى
31 Aug 2005, 03:27 AM
جزاك الله خيرا ، ونفع الله بك .

سهام الليل
31 Aug 2005, 01:17 PM
اشكر تواصلكن اخواتي الكريمات نوري , ربى :rose:



ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ *



ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى}: الزنا: هو اسم لوطء الرجل امرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح، ومن غير ملك ولا شبهة ملك، بمطاوعتها.

وقيل أيضاً: هو إدخال فرج في فرجٍ مشتهى طبعاً، محرّم شرعاً

{فَٱجْلِدُواْ}: الجَلْد: الضرب على الجْلد، مثل: بَطَنَه ورَأَسَه إذا ضرب بطنه ورأسه


{رَأْفَةٌ}: الرأفة: الرقة والرحمة، وقيل: أرقّ الرحمة

{طَائِفَةٌ}: الطائفة: هي الفرقة من الناس التي تكون حافة ومحيطة بالشيء، من الطوف، وأقل الطائفة ثلاثة، وقيل: اثنان، وقيل: واحد، وقيل أربعة، وقيل عشرة



ثم يبدأ في سرد أحكام الزناة، إناثاً وذكوراً، فأمر بجلد كل زانٍ وزانية مائة جلدة، وهو غير المحصن كما بينته السنة المطهرة، على أن لا يرحمهما ولا يشفق عليهما من يقيم الحد، أيَّ رحمة تلجئه إلى ترك الحد والتهاون فيه، وإن كنتم تؤمنون بالله فلتقيموا حدوده وتنفذوا أوامره، آمراً إياهم أن يشهد هذا الحد جماعة من الناس اتعاظاً وعبرة، وفضحاً للزانيين، وقيل: ليدعوا لهما بالتوبة والرحمة،



نصوص ذات صلة:

1- في قوله تعالى: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ...} الآية دلالة على أهمية إقامة الحدود، وما ينتج عنه من قيام مجتمع مثالي مؤمن طاهر نقي، وقد جاء في السنة المطهرة ما يدل على فضل إقامة حدود الله عز وجل، كالحديث الذي يرويه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حَدٌّ يُعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحاً))[39]. وفي رواية: ((...ثلاثين أو أربعين صباحاً))، وفي رواية: ((...أربعين صباحاً))


الفوائـد:

1- في قوله تعالى: {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ...} الآية، مجموعة من الفوائد، أهمها:

1) ذكر تعالى الذكر والأنثى هنا وكان يكفي الزاني، قيل: للتأكيد، كقوله تعالى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}، ويحتمل أن ذكرهما هنا لئلا يظن ظان أن الرجل لما كان هو الواطئ والمرأة محلّ ليست بواطئة فلا يجب عليها حدّ[44].

2) قدّم الله عز وجل ذكر الزانية حيث كان زنا النساء في ذلك الزمان فاشياً منتشراً، وكان لإماء العرب وبغايا الوقت رايات وكُنّ مجاهرات، وقيل: لأن الزنى في النساء أعرّ، وهو لأجل الحَبَل أضرّ، وقيل لأن الشهوة في المرأة أكثر وعليها أغلب فصدّرها تغليظاً لتردع شهوتها، وقيل: لأنها هي الأصل إذ الباعث فيها أقوى، ولولا تمكينها له لم يزنِ[45].

3) أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ...} [النساء:15]، ولقوله تعالى: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا...} [النساء:16] باتفاق أهل العلم

سهام الليل
31 Aug 2005, 01:20 PM
الاحكام الفقهية للاية

نصّت هذه الآية على حكم الزاني غير المحصن بأن يجلد مائة جلدة، وجاء في السنة أنه يُغرّب عاماً عن بلده، وبه أخذ جمهور العلماء خلافاً لأبي حنيفة حيث يرى أن التغريب إلى الإمام إن شاء غرّب وإن شاء لم يغرّب، وحجة الجمهور ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا: إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلاّ قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه- : نعم فاقض بيننا بكتاب الله، وأْذنْ لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قُل))، قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإني أُخبرتُ أن على ابني الرجم، فافتديت منه بشاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لأقضينّ بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم ردٌّ، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريب عام، اغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) قال: فغدا علهيا فاعترفت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجمت[47].

أما إن كان مُحصناً؛ وهو الذي وطئ في نكاح صحيح وهو حُرّ بالغ عاقل، فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت، كما في هذا الحديث وغيره من الأحاديث، وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه قال: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حقٌ على من زنى وقد أحصن إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف، ألا وقد رجم رسول الله ورجمنا بعده[48].

وعلى هذا فجمهور العلماء - ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي- على أن المحصن يُرجم فقط، وذهب أحمد إلى أنه يُجلد للآية فهي عامة، ويُرجم بما ثبت بالسنة، واستدلوا بفعل علي بن أبي طالب حين أقام الحد على امرأة يقال لها: شرّاحة الهمدانية، فقد جلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: أجلدها بكتاب الله، وأرجمها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم[49].

وأما المماليك فالحد عليهم نصف الحد على الأحرار خمسون جلدة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَـٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَـٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ} [النساء:25][50].

5) أجمع العلماء على أن الجلد بالسوط يجب، والسوط الذي يجلد به يكون سوطاً بين سوطين، لا شديداً ولا ليّناً[51].

6) واختلفوا في المواضع التي تُضرب، فقال مالك: الحدود كلها لا تُضرب إلا في الظهر، وكذلك التعزير، وقال الشافعي: جميع الأعضاء إلا الوجه والفرج، وضرب ابن عمر رضي الله عنهما في رجلي أمة زنتْ، وقال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة: يُضرب الرأس وقيل غير ذلك، ولا شك أن حجة من قال: في الظهر هو قوله صلى الله عليه وسلم لهلال في الحديث السابق: ((البيّنة أو حد في ظهرك))[52]، وهي حجة قوية، ولعل الأمر متروك للإمام بما يراه مناسباً. والله أعلم.

7) واختلفوا هل يُضرب قائماً أو قاعداً، والظاهر أن الرجل يُضرب قائماً والمرأة قاعدة ليكون أستر لها[53].

8) واختلفوا هل يُجرّد المحدود أم لا، فقيل: يجرّد ويترك على المرأة ما يسترها دون ما يقيها الضرب، وقيل: الإمام مخيّر إن شاء جرّد وإن شاء ترك، ويروى عن ابن مسعود: ((لا يحلّ في هذه الأمة تجريد ولا مدّ))[54].

9) أن يكون الضرب متوسطاً، غير مبرِّح، ولكنه مؤلم، لا يجرح ولا يبضع، قالوا: ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه، أي لا يُري إبطه[55].

10) قال أهل العلم: الحد الذي أوجبه الله في الزنى والخمر والقذف وغير ذلك ينبغي أن يقام بين أيدي الحكام، ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم؛ لأن الحدود قربة تعبديّة شرعية يجب المحافظة على فعلها وقدرها ومحلها وصالحها، ويختارهم الإمام لذلك، كما كانت الصحابة تفعل، فإن عثمان لم أتي بالوليد وقد سَكِر وصلى بالناس الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟! فقال عثمان لعلي: يا علي قم فاجلده، وأمر علي الحسن ليجلده فلم يقم، فأمر عبد الله بن جعفر، فقام يجلده وعليّ يعد حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكُلٌّ سنّة، وهذا أحبّ إليّ[56].

11) قد عُلم حد الخمر والزنا وغيرهما فلا يجب أن يُتعدى، ولكن للإمام تقديره في حال دون أخرى، فقد رووا أن عمراً أُتي بسكران في رمضان فجلده مائة، ثمانين حد الخمر، وعشرين لهتك حرمة الشهر، ولعب رجل بصبي فضربه الوالي ثلاثمائة سوط أيام الإمام مالك فلم ينكر عليه، فعلى الإمام تقدير الحد بما يرى، بمشورة أهل العلم والفضل[57].

12) شروط الإحصان الذي يجب على من توفرت فيه وزنى إقامة الحد هي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والعقد الصحيح، والوطء المباح الذي لا شبهة فيه، وزاد بعضهم أن لا يبطل إحصانهما بالارتداد، وأن يكون كل واحد من الزوجين مساوياً للآخر في شروط الإحصان، فلو تزوج الحر المسلم البالغ العاقل أمة أو صبية أو مجنونة أو كتابية ثم دخل بها فلا يصير محصناً، وهو بعيد[58]. وقال بعضهم: بل يُرجم الكافر لحديث اليهوديين اللذين رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم[59].

13) لا يشترط الإحصان في الرقيق، فيقام الحد على من أحصن ومن لم يحصن منهم، لقول علي رضي الله عنه: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ولم يحصن، فإن أمةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنتْ، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهد بنفاس، فخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أحسنت))، وفي رواية قال له: ((اتركها حتى تماثل))[60].

14) واختلفوا في العبد هل يُغرّب أو لا؟ والظاهر أنه لا يُغرّب لأنه مال مملوك لسيده، وفي تغريبه إضرار بالمالك وهو لا ذنب له، وهذا دليل على أنه لا يُرجم أيضاً ولو كان محصناً، لأن إهلاكه بالرجم إضرار بمالكه، ويؤيد كل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا زنت الأمة فتبيّن زناها فليجلدها ولا يثرب[61]، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرّب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شَعَر))[62]، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم تغريباً في حقها[63]، مع تكرارها للفعل.

15) واختلفوا أيضاً في تغريب الأنثى، فمن قال تُغرّب استدل بعموم أدلة التغريب وظاهرها شمول الأنثى، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيّب بالثيّب جلد مائة والرجم))[64]. واستدل المانعون بالدليل نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((البكر بالبكر))، والظاهر أنه شامل للأنثى أيضاً، كما استدل المانعون بأحاديث نهي المرأة عن السفر بدون محرم[65]، والذي يظهر أنها إذا وجدت محرماً متبرعاً للسفر معها وكان محل التغريب محلاً مأموناً لا تخشى فيه فتنة فإنها تُغرّب، وإلا فلا لأن المحرم لا ذنب له، ولا تسافر بدون محرم لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك[66].

16) واختلفوا هل يُحفر للمرجوم أم لا؟ فقد ورد في حديث ماعز عند مسلم أنه لم يُحفر له في رواية[67]، وفي رواية أنه حُفر له[68]، والمثبت مقدم على النافي، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بأن يحفر للغامدية رضي الله عنها إلى صدرها لما أراد رجمها، كما في الحديث السابق[69].

17) في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} قيل: شهود الطائفة ليكون أبلغ في زجرهما وأنجع في ردعهما، فإن في ذلك تقريعاً وتوبيخاً وفضيحة، وقيل: حضور الطائفة للدعاء لهما بالتوبة والرحمة[70].

واختلفوا في عدد هذه الطائفة، والراجح أن أي جماعة تفي بالغرض، ولا دليل على عدد معين[71].

Sheba Queen
01 Sep 2005, 03:50 AM
لا إله إلا الله ، بارك الله فيك سهام الليل ، وجزاك عنا كل خير ، مازلنا نتابع ماتضعيه فأكملي وفقك الله .

سهام الليل
03 Sep 2005, 12:28 AM
اشكرك ـ الفاضلة ـ ملكة سبا ـ


* ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ *

أخبر تعالى أن الزاني لا ينكح في الغالب إلا زانية أو مشركة، والعكس كذلك بالنسبة للزانية، وقيل: بل هو نهي عن أن ينكح العفيف الزانية، وأن تنكح العفيفة الزاني، وهو الأظهر، مؤكداً تحريم ذلك النكاح على المؤمنين حتى يتوب الزناة،


في قوله تعالى: {ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً...}:

1- اختلف أهل التفسير في مراد هذه الآية على أقوال:

الأول: أن المقصد تشنيع الزنى وتبشيع أمره، وأنه محرم على المؤمنين. ونُقل عن ابن عباس وأصحابه أن النكاح في الآية هو الوطء.

الثاني: أنها خاصة بامرأة يقال لها: عَنَاق، وقد تقدم حديث مرثد في قصته معها.

الثالث: أنها خاصة بأم مَهْزول، وقد تقدم حديثها أيضاً.

الرابع: أنها نزلت في أهل الصفة، حيث لم يكن لهم في المدينة مساكن ولا عشائر، وهم من المهاجرين، وكان بالمدينة بغايا متعالنات بالفجور، مخاصيب بالكسوة والطعام، فهمّ أهل الصفة أن يتزوجوهن فيأووا إلى مساكنهن ويأكلوا من طعامهن، فنزلت هذه الآية صيانة لهم، ولا يخفى بُعْده.

الخامس: أن المقصود هنا الزاني المحدود والزانية المحدودة، أي: الذين أقيم عليهم الحد، فلا يجوز لزانٍ محدود أن يتزوج إلا محدودة، واستدلوا بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله))[72].

السادس: أنها منسوخة بقوله تعالى بعد آيات من سورة النور نفسها: {وَأَنْكِحُواْ ٱلأيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ...} والظاهر الأول، وقصة عناق سبب نزولها وتشهد للقول الأول، ولا شك أن الحكم عام[73].

2- استدل الإمام أحمد بهذه الآية على أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تُستتاب، فإن تابت صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذا لا يصح تزويج المرأة الحرّة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة[74].

nooory3
03 Sep 2005, 04:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ أختي الغالية سهام الليل ولا حُرِمْتِ الأجر ،، ننتظر مشاركتك أخية

خديجة احمد شعاع
03 Sep 2005, 04:15 PM
بارك الله فيك يا أخيتي على هذا الجهد الذي تبذليه الله لا يحرمك الجنة

سهام الليل
04 Sep 2005, 02:35 AM
شكرا لك اختي خديجة ’’’’’’ علما انه ليس مجهودي لكن هو نسخ استفيد منه واياكن ,,,, :rose:





وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ

{ٱلْمُحْصَنَـٰتِ}: التحصّن: التمنّع، ومنه الحِصْن لأنه يُمتنع فيه، ومنه الحِصان بكسر الحاء للفرس لأنه يمنع صاحبه، والحَصان بفتح الحاء: المرأة العفيفة، فالمحصنة هنا: الحرّة البالغة العفيفة[35].

8- {ٱلْفَـٰسِقُونَ}: الفِسْق: الخروج، ومنه قولهم: فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرها[36]، وفسق الرجل: خرج عن الطاعة، وجاوز الحد بالمعصية[37].



ذكر تعالى حكم الذين يرمون المحصنات العفيفات بالزنا، ويُسمى القذف، أن هؤلاء إذا لم يأتوا بأربعة شهداء -والقاذف منهم بالطبع- قد رأوا الفاحشة رأي عين، بأن يروه عيانا .ويكونوا جميعاً عدولاً، فإنهم إن لم يشهدوا كلهم يجلدون ثمانين جلدة لكل واحد منهم، بالإضافة إلى عدم قبول شهادتهم، والحكم الثالث أنهم فسقة،


- {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}:

1) نصت هذه الآية على بيان حكم القاذف للمحصنة، وهي الحرة البالغة العفيفة، وأنه يترتب على قذفه هذا ثلاثة أمور، وذلك إذا لم يأت بأربعة شهداء يشهدون برؤيتهم الواقعة-:

الأول: أن يُجلد ثمانين جلدة هو ومن معه إذا لم يتموا أربعة شهداء.

الثاني: أن ترد شهادته أبداً.

الثالث: أنه فاسق ليس بعدل لا عند الله، ولا عند الناس[75].

2) نصّت الآية على قذف الذكور للإناث، وقد أجمعوا على أن قذف الذكور للذكور، أو الإناث للإناث، أو الإناث للذكور لا فرق بينه وبين ما نصّت عليه الآية للجزم بنفي الفارق بين الجميع[76].

3) للقذف عند العلماء شروط تسعة: شرطان في القاذف وهما:

1- العقل. 2- والبلوغ.

وشرطان في المقذوف به:

1- وهو أن يقذف بوطء يلزمه فيه حد؛ كالزنا واللواط.

2- أو بنفيه من أبيه دون سائر المعاصي.

وخمسة في المقذوف:

1- العقل. 2- والبلوغ. 3- والإسلام. 4- والحرية.

5- والعفة عن الفاحشة التي رُمي بها، كان عفيفاً من غيرها أم لا[77].

4) اتفقوا على أنه إذا صرّح بالزنى كان موجباً للحد، فإن عرّض ولم يصرّح، قيل: أوجب وقيل: لا، والصواب: أن التعريض إن كان يُفهم منه معنى القذف فهماً واضحاً من القرائن فإن صاحبه يُحدّ، لأن الجناية على عرض المسلم تتحقق بكل ما يفهم منه ذلك فهماً واضحاً، ولئلا يتذرّع بعض الناس لقذف بعضهم بألفاظ التعريض التي يفهم منها القذف بالزنا، والظاهر أنه على قول من قال: إن التعريض بالقذف لا يوجبه فلا بد من تعزير المعرِّض بالقذف للأذى الذي صدر منه لصاحبه بالتعريض[78].

5) جمهور العلماء على أنه لا حد على من قذف رجلاً من أهل الكتاب أو امرأة منهم، وقال سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى والزهري: عليه الحد إن كان لها ولد من مسلم، وفيه قول ثالث وهو أنه إن قذف النصرانية تحت المسلم جُلد. أما إذا قذف النصراني المسلم الحر فعليه ما على المسلم ثمانون جلدة لا خلاف فيه[79].

6) جمهور العلماء على أن العبد إذا قذف الحرّ جُلد أربعين جلدة لأنه حدّ يتشطّر كالرق ولقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَـٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ} [النساء:25]، وروي عن ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وغيرهما أنه يجلد ثمانين كالحر، لأن الآية في حد الزنا وهو حق لله تعالى، أما القذف فلا يقاس على الزنا لأنه حق لآدمي، والجناية لا تختلف بالرق والحرية، ولو كان يختلف لذكر كما ذُكر في الزنا، كما أن القذف جناية على عرض إنسان معين، والردع عن الأعراض حق للآدمي فيُردع العبد كما يردع الحر، وهو الأظهر والله أعلم[80].

7) أجمعوا على أن الحر إذا قذف العبد فإنه لا يُجلد لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جُلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال))[81]، ولتباين مرتبتيهما، قالوا: وإنما كان ذلك في الآخرة لارتفاع المِلْك واستواء الشريف والوضيع والحر والعبد، ولم يكن لأحد فضل إلا بالتقوى[82].

8) أن الزنا هو الحكم الوحيد الذي يفتقر إلى أربعة شهداء دون سائر الحقوق؛ رحمة من الله بعباده وستراً لهم[83].

9) يشترط في الشهود الأربعة على واقعة الزنا أن يكونوا جميعاً رجالاً لقوله عز وجل: {فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ} [النساء:15]، وأن يروا الفرج في الفرج كالمرود[84] في المكحلة، وأن تكون رؤيتهم في موطن واحد، وإن اضطرب أحدهم في شهادته جُلد الثلاثة الباقين كما فعل عمر رضي الله عنه في قصة المغيرة، حيث شهد عليه أبو بكرة الثقفي وأخوه نافع وشبل بن معبد وزياد بن أبيه بالزنى، فلما استشهدهم عمر اضطرب زياد فلم يشهد بصراحة الزنى، فجلد عمر الباقين[85].




الرابط

http://www.alminbar.net/malafilmy/tafseer/1.htm

سهام الليل
04 Sep 2005, 01:15 PM
تابع للفوائد الاية السابقة :ـ

أن حد القذف لا يُقام على القاذف إلا إذا طلب المقذوف إقامة الحدّ عليه، لأنه حق له[87].

12) من قذف جماعة بكلمة واحدة فعليه حدّ واحد، لأن الحد إنما وجب بإدخال المعرّة والنقص على المقذوفين، فإذا حُدّ حداً واحداً ظهر كذب القاذف، وزالت المعرة، وحصل به شفاء الغيظ بحدّه أما من رمى جماعة بكلمات فإنه يتعدد عليه الحدّ بعدد الكلمات التي قذف بها، لأنه قذف كل واحد قذفاً مستقلاً لم يشاركه فيه غيره، ولو حُدّ حداً واحداً لم يظهر به كذبه على الثاني، ولا تزول عنه به المعرّة[88].

13) ذكر الله تعالى في الآية النساء لأنهن أهمّ، ورميهنّ بالفاحشة أشنع، وأنكر للنفوس، وقذف الرجل داخل في الآية بالمعنى كما تقدم بالإجماع[89].

14) لا شهادة للنساء في الحدود لقوله تعالى: {فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} [النساء:15][90].







إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ


تَابُواْ}: التوب في اللغة: ترك الذنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، فإن الاعتذار على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المعتذر: لم أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا، أو فعلت وأسأت وقد أقلعت، وفي الشرع: ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه[38].

يبين الله تعالى انهم إذا تابوا توبة صادقة نصوحاً تاب الله عليهم وغفر ذنبهم، وهو الغفور للذنوب جميعاً، الرحيم بعباده حيث شرع لهم ما يحفظ أعراضهم ويصونه


{إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}:

اتفق أهل العلم على أن الاستثناء هنا لا يرجع على الجلد لأنه قد حصل، واختلفوا هل يرجع الاستثناء على عدم قبول الشهادة والفسق، فإذا تاب قُبلت شهادته ورُفع عنه الفسق، أم أن الاستثناء يعود على الجملة الأخيرة فيرفع عنه الفسق، ولكن لا تُقبل شهادته أبداً، قال بالأول الجمهور، وبالثاني أبو حنيفة، واستُدل للجمهور بأن تخصيص التقييد بالجملة الأخيرة دون ما قبلها مع كون الكلام واحداً في واقعة شرعية من متكلم واحد خلافُ ما تقتضيه لغة العرب، وبأن التوبة تجبُّ ما قبلها، والزاني نفسه إذا تاب قُبلت توبته، واستدل من خالفهم بقوله تعالى: {أَبَداً} وأن الضمير يعود لأقرب مذكور، والصواب قول الجمهور[86].

رُبى
06 Sep 2005, 03:58 AM
جزاك الله خير وتشكرين على الجهد المبذول ولو كان هذا الجهد مجرد قص ونسخ ، الله يأجرك عليه ويثيبك أخيتي .

سهام الليل
06 Sep 2005, 03:16 PM
من القلب شكرا اختي ربي :rose:

وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ

ثم خصّ بعد ذلك الأزواج الذين يرمون زوجاتهم بالفاحشة، وجعل لهم مخرجاً من إقامة الحد عليهم، فإنهم إذا لم يجدوا شهوداً فقد شرع لهم الحكيم العليم الملاعنة، وهو أن يجتمع بزوجته التي قدفها في مكان شريف كالمسجد ووقت شريف، وقيل: بعد صلاة العصر، بحضور الإمام أو من ينوب عنه، فيقسم الزوج أولاً بالله أربع مرات: إنه من الصادقين، ثم يذكره الإمام بأن الخامسة موجبة، وأنه سيكون بعدها مستحقاً لما ينطق به، فإذا أصر حلّفه الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فإن ذكرها طُلقت منه عند أكثر العلماء، وحُرّمت عليه للأبد، ثم يتجه الإمام إلى الزوجة ويحلفها أربع مرات بالله إن زوجها لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنا، فإذا ذكرتها فعل معها الإمام ما فعل مع الزوج قبل ذكر الخامسة، وهي أن غضب الله عليها إن كان زوجها من الصادقين، فإذا قالتها فقد درأت عن نفسها الحد، ويفرّق بينها وبين زوجها، وينفى الولد إذا وجد حمل عن الزوج، ولا يُنسب إليه،



- {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }:

1) في هذه الآيات شرع الله اللعان أو الملاعنة بين الزوجين، إذا رمى الرجل امرأته بالزنا، أو نفى ولده، فيحضر إلى الإمام فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثم يوقفه الإمام ويخبره أن الخامسة موجبة لما يقوله، فإذا أصرّ ذكر في الخامسة أن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين، فإذا قال ذلك بانت منه وحرُمت عليه أبداً، ووقع عليها حد الزنا، ولا يُدرأ عنها إلا أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، فإذا قالتها فعل معها الإمام كما فعل مع الزوج، فإذا أصرت قالت الخامسة وهي أن غضب الله عليها إن كان صادقاً فيما قال، ثم يُفرق بينهما[91].

2) اللعان يُشرع لكل زوجين حرّين كانا أو عبدين، مؤمنين أو كافرين، فاسقين أو عدلين ولا بد أن يكونا مكلَّفَيْن، ولا لعان بين الرجل وأمَتَه، ولا بينه وبين أم ولده[92].

3) اختُلف في الشهادات المذكورة هنا فقيل:

1- هي شهادات لأن الله سماها كذلك.

2- هي أيمان لقوله تعالى: {أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ} فلفظ الجلالة هنا يدل على أنها أيمان.

3- أيمان مؤكدة بلفظ الشهادة.

4- شهادات مؤكدة بلفظ الأيمان.

ومحصلة الخلاف، أن من قال: هي شهادات أنه لا يصح عنده اللعان إلا ممن تجوز منه الشهادة، فيشترط في الملاعن والملاعنة العدالة وغيرها من شروط قبول الشهادة، ومن قال: إنها أيمان صح عنده اللعان من كل زوجين ولو كانا لا تصح شهادتهما لفسق أو غيره من مسقطات الشهادة. والظاهر أنها أيمان مؤكدة بالشهادة لقوله تعالى: {فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ}، ولقوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَـٰدَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَـٰدَتِهِمَا} [المائدة:107]، والمراد بالشهادة هنا اليمين، وهناك غيرها من الأدلة[93].

4) البدء في اللعان يكون بما بدأ الله به وهو الزوج، ومن بدأ بالمرأة لم يجُز لأنه عكس ما رتبه الله تعالى[94].

5) يفتقر اللعان إلى أربعة أشياء:

1- عدد الألفاظ: وهي أربعة.

2- المكان: ويُقصد به أشرف البقاع، وهو المسجد.

3- الوقت: وقالوا هو بعد صلاة العصر.

4- جمع الناس: بأن يكونوا أربعة أنفس فصاعداً.

فاللفظ وجمع الناس مشروطان، والزمان والمكان مستحبان[95].

6) الجمهور على أن الزوجين إذا تلاعنا نُفي الولد عن الزوج ولن يُنسب إليه، ويفرق بين الرجل والمرأة لا يتناكحان أبداً[96].

7) اختلفوا هل يشترط الرؤية في اللعان أم لا؟ على قولين، فمن لم يشترط الرؤية قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزوج: ((اذهب فأتِ بها))، ولم يكلفه ذكر الرؤية، كما أجمعوا أن الأعمى يلاعن وهو لا يرى، ومن قال لا بد من الرؤية استدل بحديث هلال بن أمية المتقدم وفيه أنه رأى بعينه وسمع بأذنه، وهو نص في أنه لا بد من الرؤية، وأيضاً اشترطوا أن يرى الفرج في الفرج كالمرود في المكحلة، وهو الراجح[97].

8) تجوز ملاعنة الأخرس إذا فُهم عنه ذلك[98].

9) إذا قذف الرجل زوجته ثم أبى فقد اختلفوا هل يجب عليه الحد أم لا؟ قال أبو حنيفة: لا حد عليه لأن الله تعالى قد جعل على الأجنبي الحد، وعلى الزوج اللعان، فلما لم ينتقل اللعان إلى الأجنبي لم ينتقل الحد إلى الزوج، ويسجن الزوج حتى يلاعن؛ لأن الحدود لا تؤخر.

وقال مالك والشافعي وجمهور الفقهاء: إذا لم يلتعن الزوج وجب عليه الحد، لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبي، فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهداء حُدّ، فكذلك الزوج إن لم يلتعن، وفي حديث ابن مسعود المتقدم في أسباب النزول ما يدل على ذلك لقول الأنصاري: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ... وهو الراجح[99].

10) في قوله تعالى: {أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} تخصيص الغضب بالمرأة للتغليظ عليها لكونها أصل الفجور ومادته، ولأن النساء يكثرن اللعن عادة كما جاء في الحديث المتفق عليه[100]، ومع استكثارهن منه لا يكون له في قلوبهن كبير موقع، بخلاف غضب الله تعالى[101].

11) في قوله تعالى: {أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ}:

استُدل به على جواز الدعاء باللعن على كاذب معيّن، إن كان الداعي صادقاًَ[

سهام الليل
09 Sep 2005, 12:37 PM
وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }.


وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} والجواب محذوف وتقديره: لخرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم، وقيل تقدير المحذوف: لنالَ الكاذب منهما عذاب عظيم، ثم بيّن سبحانه مدى عِظم توبته على من تاب من عباده ولجأ إليه سبحانه ليغفر له الذنوب، وأنه تعالى حكيم فيما شرع لعباده من اللعان وفرض عليهم من الحدود، والحكيم من يضع الأمور في نصابها.
قوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}:

قال الزجاج: المعنى: ولولا فضل الله لنال الكاذب منهما عذاب عظيم[103].

سهام الليل
09 Sep 2005, 12:43 PM
{إِنَّ ٱلَّذِينَ جَاءوا بِٱلإفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإثْمِ وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ


أسباب النزول:

1- {إِنَّ ٱلَّذِينَ جَاءوا بِٱلإفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُمْ...}:

نزلت هذه الآيات في حادثة الإفك؛ وهي التي رُميت فيها عائشة رضي الله عنها، الطاهرة المطهرة، الصديقة بنت الصديق بالفاحشة، وقد جاءت لهذه القصة روايات كثيرة، وأشملها وأصحها ما رواه الزهري عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله منه قال الزهري: وكلهم حدثني طائفة من حديثها، وبعضهم أوعى من بعض وأثبت له اقتصاصاً، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة، وبعض حديثهم يصدق بعضاً، زعموا أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعدما أُنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلتُ إلى الرحل، فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع أظفار[1] قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، فأقبل الذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلن ولم يغشهن اللحم وإنما يأكلن العلقة[2] من الطعام، فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج، فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فأممت منزلي الذي كنت به فظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين أناخ راحلته، فوطئ يدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول، فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهراً، والناس يفيضون من قول أصحاب الإفك ويريبني في وجعي أني لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض، إنما يدخل فيسلم، ثم يقول: ((كيف تيكم؟))، لا أشعر بشيء من ذلك حتى نقهت[3] فخرجت أنا وأم مسطح قِبَل المناصع[4] متبرزنا[5] لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في البرية أو في التنزّه، فأقبلت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم نمشي، فعثرت في مرطها[6] فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟! فقالت: يا هنتاه[7] ألم تسمعي ما قالوا؟! فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم فقال: ((كيف تيك؟)) فقلت: ائذن لي إلى أبوي، قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت أبوي، فقلت لأمي: ما يتحدث به الناس؟ فقالت: يا بنية هوني على نفسك الشأن، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها، فقلت: سبحان الله ولقد يتحدث الناس بهذا، قالت: فبت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث[8] الوحي، يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار عليه بالذي يعلم في نفسه من الود لهم، فقال أسامة: أهلك يا رسول الله، ولا نعلم والله إلا خيراً، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك، فدعا رسول اله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: ((يا بريرة هل رأيت فيها شيئاً يريبك؟)) فقالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق إن رأيت منها أمراً أغمصه[9] عليها قط أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، وقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي))، فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية فقال: كذبت لعمروالله لا تقتله، ولا تقدر على ذلك، فقام أسيد بن حضير فقال: كذبت لعمروالله، والله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى همّوا[10] ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنزل فخفضهم حتى سكتوا وسكت، وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندي أبواي وقد بكيت ليلتين ويوماً، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ولم يجلس عندي من يوم قيل في ما قيل قبلها، وقد مكث شهرا لا يُوحى إليه في شأني شيء، قالت: فتشهد ثم قال: ((يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه))، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، وقلت لأبي: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن، فقلت: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس، ووقر في أنفسكم، وصدقتم به، ولئن قلت لكم: إني بريئة - والله يعلم إني لبريئة - لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني بريئة - لتصدقني، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف إذ قال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} [يوسف:18]، ثم تحولت على فراشي، وأنا أرجو أن يبرئني الله، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحياً، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلم بالقرآن في أمري، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله، فوالله ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه الوحي فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء[11] حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات، فلما سُري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي: ((يا عائشة احمدي الله فقد برأك الله)) فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ جَاءوا بِٱلإفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُمْ} الآيات، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه: والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعدما قال لعائشة، فأنزل الله تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ} إلى قوله: {غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري فقال: ((يا زينب، ما علمت؟ ما رأيت؟))، فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلا خيراً، قالت: وهي التي كانت تساميني، فعصمها الله بالورع[12].



المفردات:

1- {ِٱلإفْكِ}: الكذب والبهت والافتراء، وأصل الأَفْك بفتح ثم سكون: القلب والصرف؛ لأن الكذب مصروف عن الوجه الذي يحق[24].

2- {عُصْبَةٌ}: أصل العصبة في اللغة: الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض، وهم الجماعة من العشرة إلى الأربعين، وقيل غير ذلك[25].

3- {لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}: الشر: ما زاد ضرّه على نفعه، والخير: ما زاد نفعه على ضرّه، قالوا: وإن خيراً لا شرَّ فيه هو الجنة، وشرّاً لا خير فيه هو جهنم[26].

4- {وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ}: الكُبر بالضم، معظم الأمر، وبالكسر البراءة بالشيء، وقيل: الإثم، والجمهور على الأول، أي والذي تحمل معظمه[27].
المعنى الإجمالي:

أنزل الله هذه الآيات في شأن عائشة رضي الله عنها حين رماها أهل الإفك والبهتان بما قالوه من الكذب والفرية، فردّ الله عن عرض نبيه صلى الله عليه وسلم وبرّأ الصديقة بنت الصديق، مبيناً أن الذين جاءوا بهذا الإفك مجموعة منهم من المؤمنين اغتروا بالمنافقين، وهو خير للرسول صلى الله عليه وسلم ولآله والمؤمنين لا شر عليهم، وأن لكل من خاض في هذا الإفك نصيبه من الإثم، وللذي تولى معظمه عذاب أليم عظيم، وهو رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول،




الفوائـد:

1- قوله تعالى: {لِكُلّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإثْمِ وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}: المشهور عند المفسرين أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، وهو الذي بدأ به، وكان يشيع الخبر ويستوشيه ويشعله، وممن تحدث فيه حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر الصديق، وقيل: ابن أخته، وحمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنهم أجمعين، والمشهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب حسان ومسطحاً وحمنة الحدّ، ولم يحد عبد الله بن أبي لأن عذابه في الآخرة أكبر، ولأن إقامة الحد إنما هو ليكون كفارة للمسلم في الدنيا، فلذا لم يقم الحد على ابن أبي لئلا يخفَّ عنه العذاب في الآخرة، وقيل: استئلافاً لقومه، واحتراماً لابنه فهو من أجلاء الصحابة، وإطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك، والتي كان مظهر مبدئها من سعد بن عبادة، كما مرّ في حديث الإفك السابق في أسباب النزول[48].

سهام الليل
10 Sep 2005, 11:48 AM
لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ *


ثم لامهم وقال: هَلاّ إذا سمعتم هذا الأمر ظننتم ببعضكم البعض خيراً، وبينوا أنه إفك ظاهر لا مجال للشك فيه

الإفك السابق في أسباب النزول[48].

2- قوله عز وجل: {لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ}: قال أهل العلم: هذه الآية أصل في أن درجة الإيمان التي حازها الإنسان ومنزلة الصلاح التي حلّها المؤمن ولُبسة العفاف التي يستتر بها المسلم لا يزيلها عنه خبر محتمل - وإن شاع - إذا كان أصله فاسداً أو مجهولاً[49].

يتبع للاهمية :wilted_ro :)

أم ريوف
10 Sep 2005, 09:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخيتي الحبيبة
سهام الليل
بوركت
نقل موفق
كتب الله لك الأجر والمثوبة
وأعانك الله على تكملة السورة
والاستفادة منها والإفادة

سهام الليل
12 Sep 2005, 02:12 PM
لَّوْلاَ جَاءو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَـئِكَ عِندَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ

أدبهم بأدب قائلاً: هلا جاءوا عليه أربعة شهداء يشهدون بذلك، فإن لم يأتوا بهم - والحال كذلك - فأولئك في حكم الله هم الكاذبون حقاً، الفاجرون يقيناً، ثم بيّن فضله تعالى على عباده ورحمته بهم في الدن

redfox
12 Sep 2005, 02:20 PM
جزاكم الله خير

سهام الليل
13 Sep 2005, 01:56 PM
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوٰهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ *







ثم بيّن فضله تعالى على عباده ورحمته بهم في الدنيا والآخرة، وأنه لولا ذلك الفضل، وقبوله تعالى لتوبة من اشترك في هذا الأمر لمسّ الخائضين فيه، والمتكلمين به عذاب عظيم، فهم قد تلقوه بألسنتهم وقالوا بأفواههم ما لا يعلمون، وهم يحسبون هذا الأمر هيّناً سهلاً، ولكنه عند الله عظيم عظيم، فإنه تعالى يغار ولا أحد أشد منه غيرة،