المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة : مع النجوم



Sheba Queen
26 Aug 2005, 11:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد


http://www.w6w.net/users/25-07-2005/w6w_20050725141533210273f74a886.gif



أحترت ماذا أسمي موضوعي الذي أريد وضعه بين أيديكن ، فهديت لأن يكون سلسلة عن النجوم تتناول ذكر بعض النساء ، نساء لسن كأي نساء !! ، نجوم تشرق الأرض بنورها عند ذكرهن ويعبق الكون عبيرا بسيرهن ، وترتفع الهامات سموا بذكرمواقفهن ... نساء خلد التاريخ ذكرهن ....



وأرجو أن يوفقني الله ويعينني على كتابة هذه السلسلة راجية من الله الثواب وأن ينفعنا بها جميعا ، فبمثل هؤلاء فاز من إقتدي،.وسلم من إهتدى ...

http://y1y1.com/hd5/albums/userpics/10001/f7.gif


وسأبدأ هذه السلسلة بامرأة من أهل الجنة ، الوحيدة التي أنزل الله لها سلاما مع جبريل عليه السلام وبشرها ببيت من قصب في الجنة ..هي خير نساء العالمين ، إمرأة أتشرف بأن تكون أمي ، وهي أمي وأمكم ، سابدأ بسيرة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى زوجاته ، رفيقة الدرب ، إمرأة يسطر لها التاريخ أحرفا من نور ، من وقفت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من آمنت به ، وثبتته وأعانته في دعوته دون كلل ولا ملل ولا تذمر ، إمرأة شارفت على الستين من العمر ، ورغم ذلك حينما كان يختلي بنفسه صلى الله عليه وسلم ويبتعد عنها لم تكن تتشكى من ذلك بل كانت صابرة شاكرة ، بل وكانت تذهب له بطعامه إلى حيث كان يتعبد في الغار ، وحينما جاءها مضطربا ، من هول مارأى قائلا زملوني زملوني ، لم تلمه ولم تأنبه وتخبره أن كل هذا بسبب إختلاءه وبعده ، بل أحاطته برعايتها وعاطفتها وأخبرته بكلمات طمأنت قلبه وفؤاده .... هذه والله الزوجة الصالحة . هذه الأسوة الحسنة .... إنها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها ...


دعونا نتعرف على هي هذه المرأة العظيمة ونعرف شيئا من سيرتها العطرة ...





http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif


http://www.ala7ebah.com/upload/images/usersimages/3144_1125086838.gif

الطاهرة الشريفة ، سيدة نساء العالمين في زمانها ، وسبّاقةُ الخلقِ إلى الإسلام ، خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قُصي بن كَلابٍ ، أوسط نساء قريش نسباً ، وأعظمهنَّ شَرفاً. تلتقي في نسبها مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجد الخامس قصي .

كانت ذات شرف ومكانة ذكية عاقلة ، وفطنة ، كانت تجمع بين حكمة وذكاء وحنان وفطرة إيمانية ، انظرن أخواتي ماحازته من فضل ومن صفات رائعة .... غنى وجمال وذكاء وعقل وكانت على ذلك على الفطرة بدين إبراهيم عليه السلام .....

كان أسمها في قريش " الطاهرة" ، يا الله .. ماأجملها من صفة ، وهنا أخواتي دعننا نقف قليلا ونسأل أنفسنا بعض الأسئلة :

هل كانت الوحيدة الطاهرة في قومها؟؟ طبعا كلا ... إذا لماذا خصت بهذا اللقب ؟

خصت به لما رأوه من أدب جم وخلق رفيع وإستقامة في التعامل مع الناس...

وهنا سؤال يطرح نفسه :

هل ياترى أخواتي توجد منا واحدة قد حازت على مثل هذا اللقب الراائع ولو في محيط مجتمعها أو محيط عائلتها أو مدرستها ؟ !!



لاحظن أخواتي مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد سيدات نساء الجنة ماهي صفاتهما المشتركة؟؟؟


إنه الطهر

ماذا يعني لنا الطهر ؟ الطهر في المظهر ، الطهر في المخبر ، الطهر في السر والعلن .. طهارة الثياب والبدن وأهم من ذلك طهارة القلب والباطن ..... " والله يحب المطهرين "



والدها : خويلد بن أسد ، من أشراف قريش، ومن كبار رجالها وذوي الوجاهة فيها .



أما والدتها : فهي فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن لؤي ( تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد السابع لؤي)



كانت السيدة خديجة رضي الله عنها أقرب النساء نسبا له



تزوجت السيدة خديجة مرتين قبل أن تتشرف بالزواج من النبي صلى الله عليه وسلم ، تزوجت من أبي هالة بن زرارة التميمي ، فأنجبت منه هالة وهنداً ، ولما مات أبو هالة تزوجت من عتيق بن عابد بن عبدالله المخزومي فلبثت معه فترة من الزمن ثم أفترقا .



تقدم لها من بعد ذلك كثير من اشراف قريش، ولكن الله ألهمها أن تَرُدَّ خطابها وتُعرض عنهم ، لتتشرف بالزواج من النبي صلى الله عليه وسلم

وقفة ! :

لاحظن أخواتي بأنها كانت ذات حسب ونسب وشرف عريق في قومها ، وكانت جميلة وكثير من سادات قريش كان يرغب بها ، لكنها لم تكن إمرأة تبحث عن الزواج حتى يقال إنها عرضت نفسها على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإلا لكانت قبلت بمن تقدم إليها !!، كما أنها لم تكن تبحث عن الدنيا بزخرفها وقضها وقضيضها ويدل على هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن غنياً أو من سادات قريش في حينها .... إذن فما السر في عرضها نفسها عليه ؟؟ .

هذه السيدة ذات الحسب والنسب أحبت رسول الله وأختارته دونا عن جميع الخلق لماذا؟؟؟؟؟



هل لاحظتن أخواتي !! لماذا أختارته ؟؟

أختارته لأخلاقه العظيمة ، وصفاته القويمة ... لم تكن تبحث عن مال أومنصب أوجاه أو أو أو ، أخواتي فليكن لنا في ذلك عبرة ... ولنحسن إختيارنا في الزوج ، لنعرف كيف نختار ومن نختار !! زواج دام خمسة وعشرين سنة في سعادة وحب وهناء ما أروعه بل استمر إلى ما بعد موتها رضي الله عنها ، فكثيرا ما كان عليه الصلاة والسلام يذكرها حتى كانت عائشة رضي الله عنها تغار منها .... الله... ما اروعه من زواج .

تذكرن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير))

http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif





كيف تم الزواج :

آثرت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها الإنصراف لتربية أولادها ، وإدارة شؤن تجارتها ، حيث كانت غنية ذات مال ، ولما سمعت رضي الله عنها بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الكريمة ، وماأشتهر به من الصدق والأمانة بعثت إليه، وعرضت عليه أن يخرج في مالها متاجراً إلى الشام ، على أن تعطيه أفضل ماتعطي غيره من التجار ، وأرسلت معه غلاما لها يسمى ميسرة .



سافر النبي صلى الله عليه وسلم برفقة ميسرة ، ووفق الله هذه التجارة وكان الربح وفيرا.



أعجب ميسرة بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، وحسن معاملته ، وصدق حديثه ، ودُهش لما رأى من أمور خارقة عجيبة تحيط بالنبي صلى الله عليه وسلم منها : أنه عندما يشتد الحر في الهاجرة تُظلله صلى الله عليه وسلم غمامة وتحجب عنه أشعة الشمس !!



ورأى مرة النبي نائما تحت شجرة في الشمس ورأى الشجرة تميل وتظلل الرسول عليه الصلاة والسلام !

والكثير الكثير من المعجزات المبهرة



عاد ميسرة إلى السيدة خديجة رضي الله عنها وحدثها بما رأى من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم العجيبة ، وأخلاقه الكريمة وشمائله الرفيعة .



كل ذلك جعل قلب خديجة رضي الله عنها يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم ويمتلئ حبا وإعجابا به ، وكيف لاتحبه وهو أكمل الناس خَلقاً ، وخُلُقاً ، وكيف لا تهفو نفسها إليه وهو أنضر الشباب وجها وأكملهم رجولة ...؟!



عَرضت السيدة خديجة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة بذلك الأعراف والتقاليد التي تجعل الرجل هو الخاطب ....، فمثل النبي صلى الله عليه وسلم تخطبه النساء .



أرسلت رضي الله عنها بعض النساء لكي يتكلمن معه في هذا الموضوع ، ويقال بأنها سيدة تدعى نفيسة بنت منية ، ووافق النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أخبر أعمامه بالخبر ، فذهب أعمام النبي صلى الله عليه وسلم إلى عم خديجة رضي الله عنها لخطبتها، فأثنى عمها على النبي صلى الله عليه وسلم ، ووافق على زواجهما على صداق قدره عشرون بكرة .


http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

Sheba Queen
26 Aug 2005, 11:45 PM
كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة وعمر خديجة رضي الله عنها أربعين سنة .

لم يمنع هذا الفارق في السن العروسين من أن يكونا أسعد زوجين وأكرم عروسين .

عاش النبي صلى الله عليه وسلم مع السيدة خديجة رضي الله عنها في بيتها ، وقدمت له نفسها ومالها ، وتفانت في طاعته وخدمته، وهيأت له كل أسباب السعادة والراحة ، فكانت له زوجة مثالية كريمة وصالحة .

وكان بينهم أجمل وأنبل قصة حب عاشها إثنان.



http://reema20032003.jeeran.com/HKG.gif

كل هذا الحب والإحترام لم يذهب سدىً بل وُجِدَ له مكانا في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فبادلها حباً بحب ، ووفاءً بوفاء ، فلم يتزوج غيرها في حياتها ، وصان بذلك قلبها من الغيرة عليه صلى الله عليه وسلم ، وعاش معها وحدها أكثر مما عاش مع جميع زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين بعد مماتها، وقال ذات مرة للسيدة عائشة رضي الله عنها : ((إني رزقت حبها)) ، فحبه للسيدة خديجة رضي الله عنها فضيلة تفضل الله تعالى بها عليه صلى الله عليه وسلم .



مرت السنين على هذا الزواج المبارك ، واستغرق الزوجان بالهناء والألفة والإستقرار ، وأتم الله عليهما نعمته ورزقهما أربع بنات هن : زينب ، رقية ، أم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن أجمعين ، كما ولدت خديجة رضي الله عنها ولدين سمتهما : القاسم وعبدالله ، قدّر الله لهما أن يموتا صغيرين .





بعد أن تزين هذا البيت بالأولاد ، إمتلأ بالنور والحب والحنان والعواطف ، من أبوة رحيمة ، وأمومة كريمة ، وأولاد يلعبون ويمرحون وينعمون بحياة أسرية دافئة .





هذا البيت الكريم ضم كذلك ولد السيدة خديجة من زوجها السابق هند بنت ابي هالة ، وعلي بن ابي طالب الذي كفله النبي صلى الله عليه وسلم ، وزيد بن حارثة الذي اشتراه حكيم بن حزام ووهبه لعمته خديجة رضي الله عنها ، وأم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم .





إستغرق الزوجان في هنائهما أعواما طويلة، ولما اقترب النبي صلى الله عليه وسلم من الاربعين من عمره الشريف ، بدأت تباشيرالنبوة وإرهاصاتها تلوح في أفق حياته صلى الله عليه وسلم .





وهنا أتوقف عن مواصلة الحديث الرائع عن هذه المرأة العظيمة وأكمله في الموضوع القادم بمشيئة الله ، ولنرى كيف أن هذه السيدة العظيمة كانت نعم الأم والزوجة والرفيقة والحبيبة ، ولنرى كيف كانت تعين زوجها وتسانده وتقف معه في أحلك الظروف رغم كبر سنها ، ولنعرف أن لهذه المرأة فضل عظيم على الإسلام بوقوفها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول دعوته ... كل هذا وغيره نراه بحول الله وقوته في الموضوع القادم...
http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

عاشقة النور
27 Aug 2005, 12:56 AM
موضوع جميل ... بوركت على هذا الإختيار أختي ملكة سبأ...ووفقك الله
في انتظار البقية ...

حفيدة الاسلام
27 Aug 2005, 02:03 AM
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وسدد خطاك
عسانا نصبح مثل امنا خديجة رضي الله عنها
ونحن بالانتظار ....................

بارقة أمل
27 Aug 2005, 10:52 AM
Sheba Queen

اثابك الله اختي الحبيبة موضوع قيم وجهد تشكرين عليه

لاحرمك الله الاجر في الحقيقة نعجز والله عن شكرك غاليتنا

ولكن من قال جزاك الله خيرا فقد بالغ في الثناء :rose:

DANIA
27 Aug 2005, 11:14 AM
أختي الحبيبه sheba qween
لقد فكرتِ واخترتِ ... فأبدعتِ باختيارك لهذه الأم العظيمه.
لنتشرف بقراءه اسطرك ونتعرف على سيده جليله لوحدها
كافيه ان تكون نبراسا لكل الامم ,
اشكرك على هذه السلسله ونحن بانتظار بقيه السلسله ...
وليتك اختي تكتبي عن السيده الطاهره مريم بنت عمران ..رغم ان قصتها
اشهر من ان يكتب عنها ...لكن لجلال قدرها وتميزها عن نساء العالمين..ولانها ستكون
زوجه الحبيب عليه افضل الصلاه والسلام في الجنه .
بوركت اخيه ولا حرمك ربي الاجر والثواب
اختك المحبه .
دانيا

http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif

Sheba Queen
27 Aug 2005, 05:23 PM
أخواتي الغاليات أسعدتني كثيرا ردودكن وأثلج صدري إهتمامكن ، وأسأل الله أن يوفقني وأستطيع أن أكمل أكبر قدر ممكن من سيرة هؤلاء الفاضلات .

عاشقة النور إن شاء الله أكمل البقية في القريب فبارك الله فيك أخية .

حفيدة الإسلام أدعو الله أن تكون لنا فيهن أسوة حسنة ، جزاك الله خيرا أختي .

بارقة أمل مرورك وقراءتك للموضوع وتعقيبك تكريم لي .

دانيا اشكر المولى أن حاز الموضوع إهتمامكن ، وبإذن الله أحاول أتطرق للسيدة مريم بنت عمران .

Sheba Queen
03 Sep 2005, 07:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



نواصل معكن أخواتي ما بدأناه من سيرة عطرة عن أفضل نساء العالمين أم المؤمنين : خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها ...



وعلمنا كيف أن هذه السيدة الفاضلة أختارت رسول الله دونا عن سواه لما رأته من كرم أخلاق ورجولة .... ولنرى معاً مواقفها المشرفة ووقوفها بجانبه في أولى مراحل الوحي ...

http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif


بدأ الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الرؤيا يقصها على السيدة خديجة رضي الله عنها ، وكانت تثبته وتبشره .



وحُبب إلى الصادق الأمين الخلوة بنفسه ، والعزلة عن الناس ، فكان يتعبد الله في غار حراء شهراً كاملاً من كل عام ، وكانت زوجته الطاهرة تُهيئ له الزاد ليستعين به عندما يقيم الليالي ذوات العدد في الغار .



وأحتملت رضي الله عنها بُعد النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، وصبرت على مفارقته لها مادام ذلك يُعجبه ، وأحاطته بالرعاية والهدوء ماأقام في البيت ، فإذا خرج إلى الغار ظلت عينها عليه من بعيد ترقبه ، وقلبها يحرسه صلى الله عليه وسلم .



الصبر والحنان ورعاية الزوج مبادئ مهمة في نجاح الأسرة ونجاح الزواج ، أخواتي فلنقتدي بها !



وفي ليلة من ليالي رمضان ، بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في غار حراءٍ مستغرقاً في تأملاته وأفكاره ، إذا بالنور يظهر أمامه في أفق السماء من جهة البيت العتيق ، ومايزال هذا النور يقترب من النبي صلى الله عليه وسلم ويزداد سُطوعا وقوة حتى ظهر جبريل عليه السلام ، وكان اللقاء والإتصال بين أمين الوحي السماوي جبريل عليه السلام ، وأمين الوحي الأرضي محمد صلى الله عليه وسلم .



قال جبريل مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم : إقرأ ، فأجاب صلى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ ثلاث مرات ، في كل مرة يأخذ جبريل بالنبي ويضمه إليه ثم يتركه إلى أن قال جبريل عليه السلام في الثالثة : <( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 0 خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ )> (العلق : 1،2 ) ، وكانت هذه الآيات أول ما نزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم .



ارتجف قلبه صلى الله عليه وسلم من هول ما رأى وسمع ، وأسرع الخطا نحو الحبيبة خديجة وهو يقول : (( زمِّلوني ، زمِّلوني )) فزملته رضي الله عنها ، وأحاطته برعايتها وعطفها وانتظرت حتى هدأت نفسه صلى الله عليه وسلم وذهب عنه ماكان يجدُ ، ثم سألته عما رأى وسمع ، فأخبرها الخبر ، وقال : (( لقد خشيت على نفسي )) ، فأجبته : كلا والله مايخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحمَ ، وتساعدُ الضعيف والعاجزَ ، وتعطي المحرومَ ، وتُطعِمُ الضِّيفَ وتأويه ، وتعينُ الناسَ على حقوقهم .



وقفة :



أنظرن أخواتي في هذا الموقف الشديد الصعب لمن ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟



هل ذهب لاحد أصحابه مثلا ؟؟ أبي بكر مثلا؟ ، هل ذهب يشكو روعه لاحد من أقربائه؟؟



بل ذهب لحبيبته وزوجته خديجة ... أنظرن أخواتي عندما تكون الزوجة هي الصدر الحنون ، وهي العقل الراجح ، فلا يذهب الزوج هنا أو هناك بحثا عمن يفهمه ويبث له نجواه .... تعلمي أختي من أمك خديجة وكوني أنت الملجأ الأول لزوجك ، لا أحد سواك !!



أنظرن إجابتها له في تثبيته : كلا والله مايخزيك الله أبداً ..... كلمات تكتب بماء الذهب

، لم تلمه ولم تقرعه ، تخيلي لو كنا في مكانها؟؟ لبدأ اللوم والعتب ، ولقالت إحدانا ماكان ليصيبك شئ لولا ذهابك وحيدا في مكان منعزل ، هذا بسبب إبتعادك عن بيتك .....الخ



http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

ذهبت خديجة رضي الله عنها إلى إبن عمٍّ لها إسمه ورقة بن نوفل وكان قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوارة والإنجيل ، وحدثته بما كان من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فأجابها : لئن كنتِ صدقتِني يا خديجة لقد جاءهُ الناموسُ الأكبرُ الذي يأتي موسى وعيسى ، وإنه لنبي هذه الأمة .



عادت الزوجة إلى حبيبها لتزف له البشرى ، وصحبته صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها ليسمع منه أمر النبوة هذا فقال له ورقة بن نوفل : والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ، وسيُكذِّبكَ قومكَ ويقاتلونكَ ويخرجونك .



ويتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من مقال الرجل فيسأله : (( أوَمُخْرجيَّ هُمْ ؟ )) ويجيبه ورقة : نعم ، لم يأتِ رجلٌ قط بمثلِ ماجئت به إلا عُوديَ ، ليتني أكون حيّاً وقتها ...... ، ثم لم يلبث ورقة أن توفي .



فتر الوحي قليلاً ثم عاود جبريل الظهور مجددا لتبدأ رحلة النبوة وتتبينَ معالم الرسالة.



بدأت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى دين الإسلام ، وتشرفت السيدة خديجة رضي الله عنها بأن تكون أول من آمن بالله عز وجل من الرجال والنساء على السواء ، فصدقت بنبوته صلى الله عليه وسلم ، وكانت سابقة على الخلق إلى الإيمان والإسلام ، وبذلك ضمت رضي الله عنها إلى دورها السابق في تثبيت النبي صلى الله وسلم وتبشيره ، دورا جديدا في مؤزارته ومعاونته عليه الصلاة والسلام في تبليغ الدعوة ، ومواجهة عناد المشركين وإعراضهم وعدوانهم ، ووقفت بجانبه صلى الله عليه وسلم تشد أزره وتواسيه وتقويه ، وصبرت رضي الله عنها وصابرت ، واجتهدت في التخفيف عن النبي صلى الله عليه وسلم والتهوين عليه ممايبقى من أذى قومه .



كما أُوذيت رضي الله عنها بابنتيها رقية وأم كلثوم ، عندما آذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما ، وذلك بأن طلبوا من عتبة وعتيبة – ابني أبي لهب وزوجي السيدة رقية والسيدة أم كلثوم – أن يُطلقا ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم .



حزنت السيدة خديجة رضي الله عنها حزناً شديدا لطلاق ابنتيها ، ثم مالبثت السيدة رقية أن تزوجت من عثمان بن عفان رضي الله عنهما ، وسافرت مع زوجها إلى الحبشة فراراً بدينها ، وكانا أول مهاجرين في الإسلام ، مما زاد من حزن الطاهرة خديجة رضي الله عنها وألمها على فراق ابنتها .



ثم توالت الأحزان والآلام عندما رأت قريش أن تقاطع محمداً صلى الله عليه وسلم ومن معه ، ودخلت الدعوة الإسلامية بمحنة كبيرة ، بعد أن زادت مخاوف المشركين من سرعة انتشار هذا الدين الجديد بعد أن دخل فيه كلٌ من حمزة بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، ويستطيع كلاهما تقديم الحماية لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .



كما بدأ الإسلام ينتشر بين القبائل مما عجل في إعلان قريش المقطاعة لبني هاشم وبني لمطلب ، ومضمون هذه المقاطعة يقتضي من المشركين أن لايتزوجوا منه ولا يُزوجوهم ، ولا يشتروا منهم ولا يبعوهم ، ولا يقبلوا صلحاً ، ولاتأخذهم بهم رأفة ، حتى يُسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل ....!!



ثم علقوا صحيفة المقاطعة في جوف الكعبة ، وقطعوا عن بني هاشم وبني المطلب الأسواق ، فانحاز أبو طالب إلى شعبٍ له في مكة ، وانحاز معه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .



أستمرت المقاطعة ثلاث سنين ، عانى فيها المسلمون من قلة الطعام .... ، وهذا سعد بن أبي وقاص يروي لنا الحال التي وصل إليها المسلمون .



يقول رضي الله عنه : كنا قوما يصيبنا ظلف العيش بمكة مع رسول الله صلى اله عليه وسلم وشدته ، فلما أصابنا البلاء اعترفنا لذلك ومرنَّا عليه وصبرنا له / ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمكة خرجت من الليل أبول ، وإذا أنا أسمع بقعقعة شئ تحت بولي ، فإذا قطعة جلدِ بعيرٍ ، فأخذتها فغسلتها ، ثم أحرقتها ، فوضعتها بين حجرين ، أستفها *، وشربت عليها الماء ، فقويت عليها ثلاثا .

http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

وقفت خديجة رضي الله عنها إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم تشاركه آلام المحنة ومرارتها راضية محتسبة ، تواسي الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وتخفف عنه وقع هذا الظلم الأليم الفاجر ، وانضمت إليه في شعب أبي طالب ، وتحملت معه الجهد والعناء والجوع ، وبذلت رضي الله عنها مالها لتؤمن ماتستطيع من الطعام للمسلمين خلال تلك السنوات القاسية ، واستعانت لهذا الأمر بابن أخيها حكيم بن حزام ، وكان لم يسلم بعد ، فكان يشتري الطعام ويرسله إلى عمته خديجة سراً في الليل .


وجاء الفرج الإلهي أخيراً عندما نادى أفرادٌ من قريش بفك الحصار عن المسلمين ، ودبَّ الخلاف بين قريش ، ومُزقت الصحيفة الظالمة ، وفرَّج الله عن المحاصرين ، غيرَ أن الحصار قد نال من خديجة رضي الله عنها وأنهكها وأوهن جسدها .



وقفة :

أنظرن كيف صبرت وعانت وجاهدت رغم كبر سنها !! ، كم كان عمرها ؟؟؟ 62 عاما تعيش ثلاث سنوات في عناء وشظف عيش وهي الغنية الكريمة ، ورغم هذا طلبت منها قريش أن تعيش معززة مكرمة في بيتها ولكنها ترفض قائلة : والله لاأكون إلا حيث يكون المسلمين !!


تجوع وتعطش وتعاني حتى سن 65 !!



يالله ماأعظم صبرك ، وما أكرم خلقك ، وما أرق مشاعرك يا أماه ، صبرت ِ على الأذى رغم كبر سنك ورغم شرف مقامك لتشاركي زوجك والمسلمين العناء ، لم تبخلي لا بمال ولا بمجهود ولا بكلمة طيبة ...





أتوقف هنا ونتابع معا في الموضوع المقبل بحول الله وقوته أخر جزء من حياة هذه السيدة الفاضلة الطاهرة ...

http://www.al-wed.com/pic-vb/24.gif

توبة
04 Sep 2005, 04:20 AM
جزاك الله خير ، وأرجو الله أن تكون سيرة أم المؤمنين خديجة نبراسا لكل مسلمة ، فهذه القدوة الصالحة ، وفقك الله أختي في انتظار التكملة .

رُبى
06 Sep 2005, 04:11 AM
سلسلة مباركة ، وسيرة عطرة ، فبهداهم فأقتده ، بارك الله فيك أخية ووفقك لكل خير .

Sheba Queen
06 Sep 2005, 03:25 PM
بارك الله فيك توبة ، وأشكر لك تفاعلك ، ونسئل الله أن يجعلنا كمثل سيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها .

Sheba Queen
07 Sep 2005, 11:38 PM
ربى بارك الله فيك ويسر أمرك ، وبقى الجزء الأخير من سيرة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنه سأكمله قريبا إن شاء الله .