بوشروق
18 Nov 2003, 01:31 PM
[size=18]السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين
حكمة الله عز وجل في تفضيل بعض خلقه على بعض – فضل العشر الأواخر من رمضان وهديه صلى الله عليه وسلم فيها – فضل ليلة القدر ووقتها وسبب تسميتها – اغتنام هذه العشر في استدراك التفريط لمن فرط , وإكمال الاجتهاد لمن جد , والحذر من الاغترار بالطاعة ما يقال في ليلة القدر،
الحمد لله الذي قال: (ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) , خلق الخلق فاختار منهم أنبيائه ورسله: ( الله أعلم حيث يجعل رسالته) ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون) , فإذا كان جل وعلا لم يكل قسمة المعيشة في الحياة الدنيا إلى خلقه فكيف يكل إليهم قسمة رحمته التي هي النبوة فيقترحون عليه جل وعلا من يصلح أن يكون نبياً وهو سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته: ( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس) . وخلق البقاع فاختار منها مكة: (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) , وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال مخاطباً مكة حرسها الله: ((والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى ولولا أني أخرجت منك ما خرجت))[1], وخلق الأيام فاختار منها العشر الأول من ذي الحجة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((أكبر أيام الدنيا أيام العشر)), وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة, قيل: ولا الجهاد في سبيل الله. قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء))[2], وخلق الليالي فاختار منها العشر الأواخر من رمضان فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وكان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها[3], وكان صلى الله عليه وسلم يقضيها معتكفاً في المسجد منقطعاً لعبادة ربه[4]. واختار سبحانه وتعالى من العشر ليلة القدر, قال جل شأنه: ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ), (وربك يخلق ما يشاء ويختار) فيا أهل الإيمان هذا اختيار ربكم وتفضيله أعلمكم به لتحصيل النوال بكثرة السؤال من الكبير المتعال, وأصح الأقوال أنها في العشر الأواخر بل في الوتر من العشر الأواخر, كما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))[5], وأصح أقوال أهل العلم والإيمان أنها تتنقل في الوتر من العشر فسنة تكون يوم إحدى وعشرين وسنة تكون في غيرها من ليالي الوتر, كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أريت ليلة القدر فنسيتها, وأراني صبيحتها أسجد في ماء وطين))[6], يقول الصحابي راوي الحديث فمطرنا ليلة إحدى وعشرين فخر المسجد فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح فسجد في ماء وطين . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تحروا ليلة القدر, ليلة ثلاث وعشرين))[7], وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ((التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين)), وقوله: ((تحروا ليلة القدر فمن كان متحريها فليتحراها في ليلة سبع وعشرين))[8], وقد قال أبي بن كعب رضي الله عنه: (والله الذي لا إله غيره إني لأعلم أي ليلة هي, هي الليلة التي جمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم أهله والناس أجمعين فصلى بهم حتى الصبح ليلة سبع وعشرين), ففي تلك السنة كانت ليلة القدر ليلة سبع وعشرين. وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ((التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من ليالي رمضان))[9], أي ليلة تسع وعشرين. فكل تلك الروايات الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم تدل بوضوح أنها لا تلزم ليلة السبع والعشرين في كل السنين بل ربما كانت في سنة في ليلة إحدى وعشرين وفي سنة أخرى في ليلة ثلاثة وعشرين وهكذا إلى تسع وعشرين.
ولما كان دخول شهر رمضان غير قطعي فرب ليالٍ نعدها أوتاراً هي في واقع الأمر شفعاً ليست بوتر, وإذا كان الأمر كذلك فإن العبد المسدد لا يقصر نشاطه على الأوتار من العشر بل يجتهد العشر كلها مقتدياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) .
وليلة القدر سميت بذلك لشرفها وعلو قدرها فعبادة فيها تعدل أكثر من عبادة في ثلاثة وثمانين سنة, وسميت بذلك لأنها تقدر فيها مقادير العام الذي يليها فيفصل من اللوح المحفوظ إلى كل ملك ما وكل إليه القيام به في كل عام, فملك الموت يعلم الأرواح التي يقبضها في كل عام, وهكذا يفرق في هذه الليلة من اللوح المحفوظ كل أمر محكم فيعلم به من سينفذه من العباد المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون, قال الله سبحانه: (فيها يفرق كل أمر حكيم) .
وسماها الله جل وعلا مباركة كما قال سبحانه: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) , ومن بركاتها أن الملائكة تتنزل فيها من السماء, كما قال سبحانه: تنزل الملائكة والروح فيها , والروح هو جبريل عليه السلام. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى))[10]. ومن بركاتها ما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[11].
اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً. اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل, اللهم اجعل عملنا صائباً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل فيه لأحد شيئاً.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
خطبه للشيخ الفاضل عبدالرحمن عبدالعزيز السديس حفظه الله ورعاه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين
حكمة الله عز وجل في تفضيل بعض خلقه على بعض – فضل العشر الأواخر من رمضان وهديه صلى الله عليه وسلم فيها – فضل ليلة القدر ووقتها وسبب تسميتها – اغتنام هذه العشر في استدراك التفريط لمن فرط , وإكمال الاجتهاد لمن جد , والحذر من الاغترار بالطاعة ما يقال في ليلة القدر،
الحمد لله الذي قال: (ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) , خلق الخلق فاختار منهم أنبيائه ورسله: ( الله أعلم حيث يجعل رسالته) ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون) , فإذا كان جل وعلا لم يكل قسمة المعيشة في الحياة الدنيا إلى خلقه فكيف يكل إليهم قسمة رحمته التي هي النبوة فيقترحون عليه جل وعلا من يصلح أن يكون نبياً وهو سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته: ( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس) . وخلق البقاع فاختار منها مكة: (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) , وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال مخاطباً مكة حرسها الله: ((والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى ولولا أني أخرجت منك ما خرجت))[1], وخلق الأيام فاختار منها العشر الأول من ذي الحجة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((أكبر أيام الدنيا أيام العشر)), وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة, قيل: ولا الجهاد في سبيل الله. قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء))[2], وخلق الليالي فاختار منها العشر الأواخر من رمضان فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وكان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها[3], وكان صلى الله عليه وسلم يقضيها معتكفاً في المسجد منقطعاً لعبادة ربه[4]. واختار سبحانه وتعالى من العشر ليلة القدر, قال جل شأنه: ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ), (وربك يخلق ما يشاء ويختار) فيا أهل الإيمان هذا اختيار ربكم وتفضيله أعلمكم به لتحصيل النوال بكثرة السؤال من الكبير المتعال, وأصح الأقوال أنها في العشر الأواخر بل في الوتر من العشر الأواخر, كما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))[5], وأصح أقوال أهل العلم والإيمان أنها تتنقل في الوتر من العشر فسنة تكون يوم إحدى وعشرين وسنة تكون في غيرها من ليالي الوتر, كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أريت ليلة القدر فنسيتها, وأراني صبيحتها أسجد في ماء وطين))[6], يقول الصحابي راوي الحديث فمطرنا ليلة إحدى وعشرين فخر المسجد فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح فسجد في ماء وطين . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تحروا ليلة القدر, ليلة ثلاث وعشرين))[7], وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ((التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين)), وقوله: ((تحروا ليلة القدر فمن كان متحريها فليتحراها في ليلة سبع وعشرين))[8], وقد قال أبي بن كعب رضي الله عنه: (والله الذي لا إله غيره إني لأعلم أي ليلة هي, هي الليلة التي جمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم أهله والناس أجمعين فصلى بهم حتى الصبح ليلة سبع وعشرين), ففي تلك السنة كانت ليلة القدر ليلة سبع وعشرين. وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ((التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من ليالي رمضان))[9], أي ليلة تسع وعشرين. فكل تلك الروايات الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم تدل بوضوح أنها لا تلزم ليلة السبع والعشرين في كل السنين بل ربما كانت في سنة في ليلة إحدى وعشرين وفي سنة أخرى في ليلة ثلاثة وعشرين وهكذا إلى تسع وعشرين.
ولما كان دخول شهر رمضان غير قطعي فرب ليالٍ نعدها أوتاراً هي في واقع الأمر شفعاً ليست بوتر, وإذا كان الأمر كذلك فإن العبد المسدد لا يقصر نشاطه على الأوتار من العشر بل يجتهد العشر كلها مقتدياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) .
وليلة القدر سميت بذلك لشرفها وعلو قدرها فعبادة فيها تعدل أكثر من عبادة في ثلاثة وثمانين سنة, وسميت بذلك لأنها تقدر فيها مقادير العام الذي يليها فيفصل من اللوح المحفوظ إلى كل ملك ما وكل إليه القيام به في كل عام, فملك الموت يعلم الأرواح التي يقبضها في كل عام, وهكذا يفرق في هذه الليلة من اللوح المحفوظ كل أمر محكم فيعلم به من سينفذه من العباد المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون, قال الله سبحانه: (فيها يفرق كل أمر حكيم) .
وسماها الله جل وعلا مباركة كما قال سبحانه: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) , ومن بركاتها أن الملائكة تتنزل فيها من السماء, كما قال سبحانه: تنزل الملائكة والروح فيها , والروح هو جبريل عليه السلام. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى))[10]. ومن بركاتها ما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[11].
اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً. اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل, اللهم اجعل عملنا صائباً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل فيه لأحد شيئاً.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
خطبه للشيخ الفاضل عبدالرحمن عبدالعزيز السديس حفظه الله ورعاه