ابو الهيثم
13 Aug 2005, 07:12 PM
حبُ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة
بقلم: عبد الله النحوي/ سلسلة خواطر حامل دعوة " 72 "
الحمد لله الذي بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرفنا بالعمل لقيام دولة الإسلام، وعلمنا الحكمةَ والقرآن، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وألبسنا لباسَ التقوى خير لباس، وشرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً لا زيغ فيه ولا التباس.
وصلى اللهُ وسلم على من بعثه ربُه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً. أما بعد:-
أيها الأحبةُ بالله:- اعلموا أن حبَّ الدنيا رأس كل خطيئة وأساس كل بلية، فقد زين الشيطان الدنيا وزخرفها لكثيرٍ من الناس فركنوا إليها واطمئنوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، ونشبوا فيها أظفارهم، ففيها يُعادون وعليها يتنافسون، ومن أجلها يتباغضون ويتحاسدون، ونفّذ فيهم إبليسُ خِطتَه حيث قال:- " … لأزيننَّ لهم في الأرضِ ولأغوينّهم أجمعين، إلا عبادَكَ منهم المخلَصين ". ويا أسفاه لقد اتبعوه وأطاعوه إلا من اعتصم بالله ولجأ إليه ومن ثَمَّ رمى الدنيا خلف ظهره، " ولقد صَدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين ". ولو عرفَ الناسُ حقيقةَ الدنيا ما أقاموا لها وزناً وما جعلوا لها في قلوبهم مكاناً ولا على ألسنتهم ذكراً، والله خالقها يقول عنها:- " اعلموا أنما الحياةُ الدنيا لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموالِ والأولادِ كمثلِ غيثٍ أعجبَ الكفارَ نباتُه ثم يهيجُ فتراه مصفراً ثم يكونُ حطاماً وفي الآخرةِ عذابٌ شديدٌ ومغفرةٌ من اللهِ ورضوانٌ وما الحياةُ الدنيا إلا متاعُ الغُرور ". فالحياةُ الدنيا لعبٌ وزينةٌ ولهوٌ، والعاقل العاقل من جعل الدنيا مزرعةً للآخرةِ وأخذ منها الزادَ النافع " وتزودوا فإنَّ خيرَ الزادِ التقوى ". والعجيب الغريب أن كثيراً من الناس يتنافسون في الدنيا ولا يتنافسون في الآخرة وربُنا تبارك وتعالى أمرهم بعكس ذلك فربُنا عز وجل عندما ذكر الدنيا قال:- " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" أما عندما ذكر أمرَ الآخرة قال:- "فسارعوا إلى مغفرة من ربكم" "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون". مسارعة ومنافسة وجهد ومجاهدة في أمر الآخرة. وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:- " إن الدنيا حلوةٌ خضرةٌ وإن اللهَ مستخلفُكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء". وقال أحدُ الصحابةِ أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثرُ قال:- " يقول ابنُ آدم مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت". ويقول صلى الله عليه وسلم:- " فاللهِ ما الفقرَ أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسطَ الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ". ويستخدم النبيُّ أسلوباً جديداً للوعظ والتذكير والتعليم وهو التعلم والتعليم بالمشاهدة المحسوسة، فالنبيُّ عليه السلام يمرُ بالسوق وناسٌ كثرٌ حوله فيجد خروفاً أسكاً ميتاً _ أي مقطوع الأذن ومع ذلك فهو ميت جيفة منتنة _ فأخذ رسولُ الله بمكان أذنِه فقال:- أيكم يحب أن يكون له هذا بدرهم فقالوا:- ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به قال:- أتحبون أنه لكم قالوا: والله لو كان حياً لكان عيباً فيه لأنه أسك، فكيف وهو ميت. فقال صلى الله عليه وسلم:- " والله لدنيا أهون على الله عز وجل من هذا عليكم ". أريتم يا عبادَ الله ما هي حقيقة الدنيا، ولكن قد طغى حبُّ الدنيا على كثيرٍ من الناس حتى عبدوها من دون الله ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:- " تعس عبدُ الدينارِ وعبدُ الدرهم وعبد الخميصة، إن أُعطيَّ رضي وإنْ لم يعطَ سخط ". وإذا استرسلنا في هذا الموضوع فتعالوا بنا لنرى سلفَ هذه الأمةِ الصالح، كيف كان حالهم مع الدنيا؟ يقول الحسن البصري _ رحمه الله _ " رحمَ اللهُ أقواماً كانت الدنيا عندهم وديعة فأدَوها إلى من إتمنهم عليها ثم راحوا خفافاً ".
" واللهِ لقد أدركت أقواماً كانت الدنيا أهونُ عليهم من الترابِ الذي تمشون عليه ما يُبالون أشرقت الدنيا أم غربت ذهبت إلى ذا أو ذهبت إلى ذا ".
" من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره ".
وقال الإمامُ علي رضي الله عنه:- " هي دارٌ من صحَ فيها سقِم ومن أمِن فيها ندِم ومن افتقرَ فيه حَزِن ومن استغنى فيها افتُتن، في حلالها الحساب وفي حرامها العقاب ".
وقال مالك ابن دينار:- " بقدرِ ما تحزن للدنيا يخرجُ همُ الآخرةِ من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج همُ الدنيا من قلبك ".
واستمر السلفُ الصالحُ ومن سار على نهجهم في نظرتهم تلك إلى الدنيا فيقول الإمامُ الشافعي - رحمه الله -:- " الدنيا دارُ مذلة، عُمرانها إلى الخرابِ صائر، وسكانها إلى القبورِ زائر، شملها على الفرقةِ موقوف، وغناها إلى الفقر مصروف، الإكثارُ فيها إعصار، فافزع إلى الله وارضَ برزق الله ".
أريتم يا عبادَ الله كيف كان سلفكم يتعاملون مع الدنيا، ركلوها بأقدامهم فجاءتهم حبواً، وأخرجوها من قلوبهم وجعلوا همهم نصرةَ هذا الدين فأخضع الله لهم الأكاسرة والجبابرة.
واسمع إلى أبي ذرٍ رضي الله عنه وهو يقول:- " أوصاني خليلي بسبع " أن أنظر إلى من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أحب المساكين وأدنو منهم، وأن أقول الحق وإن كان مراً، وأن أصل رحمي وإن أدبرتْ، وأن لا أخاف في الله لومةَ لائم، وأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ".
إيها الموحدون بالله:- اعلموا أن لله عباداً عقلوا فلما عقلوا علموا فلما علموا عملوا فلما عملوا أخلصوا فاستدعاهم الإخلاصُ إلى أبوابِ البر أجمع، فاللهم اجعلنا منهم وثبتنا في صفوفهم، اللهم ارزقنا الإخلاص في النصيحة والصوابَ في الرأي والحكمةَ في المشورة، وجعلنا من جندك جند الخلافة ومن شهودها وأخرج حبَّ الدنيا من قلوبِنا وأمتنا وأنت راضٍ عنا، يا كريم يا الله… آمين.
http://www.al-aqsa.org/khawater/index.php?id=2800_0_16_0_C (http://نداءات%20من%20بيت%20المقدس/)
بقلم: عبد الله النحوي/ سلسلة خواطر حامل دعوة " 72 "
الحمد لله الذي بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرفنا بالعمل لقيام دولة الإسلام، وعلمنا الحكمةَ والقرآن، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وألبسنا لباسَ التقوى خير لباس، وشرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً لا زيغ فيه ولا التباس.
وصلى اللهُ وسلم على من بعثه ربُه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً. أما بعد:-
أيها الأحبةُ بالله:- اعلموا أن حبَّ الدنيا رأس كل خطيئة وأساس كل بلية، فقد زين الشيطان الدنيا وزخرفها لكثيرٍ من الناس فركنوا إليها واطمئنوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، ونشبوا فيها أظفارهم، ففيها يُعادون وعليها يتنافسون، ومن أجلها يتباغضون ويتحاسدون، ونفّذ فيهم إبليسُ خِطتَه حيث قال:- " … لأزيننَّ لهم في الأرضِ ولأغوينّهم أجمعين، إلا عبادَكَ منهم المخلَصين ". ويا أسفاه لقد اتبعوه وأطاعوه إلا من اعتصم بالله ولجأ إليه ومن ثَمَّ رمى الدنيا خلف ظهره، " ولقد صَدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين ". ولو عرفَ الناسُ حقيقةَ الدنيا ما أقاموا لها وزناً وما جعلوا لها في قلوبهم مكاناً ولا على ألسنتهم ذكراً، والله خالقها يقول عنها:- " اعلموا أنما الحياةُ الدنيا لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموالِ والأولادِ كمثلِ غيثٍ أعجبَ الكفارَ نباتُه ثم يهيجُ فتراه مصفراً ثم يكونُ حطاماً وفي الآخرةِ عذابٌ شديدٌ ومغفرةٌ من اللهِ ورضوانٌ وما الحياةُ الدنيا إلا متاعُ الغُرور ". فالحياةُ الدنيا لعبٌ وزينةٌ ولهوٌ، والعاقل العاقل من جعل الدنيا مزرعةً للآخرةِ وأخذ منها الزادَ النافع " وتزودوا فإنَّ خيرَ الزادِ التقوى ". والعجيب الغريب أن كثيراً من الناس يتنافسون في الدنيا ولا يتنافسون في الآخرة وربُنا تبارك وتعالى أمرهم بعكس ذلك فربُنا عز وجل عندما ذكر الدنيا قال:- " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" أما عندما ذكر أمرَ الآخرة قال:- "فسارعوا إلى مغفرة من ربكم" "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون". مسارعة ومنافسة وجهد ومجاهدة في أمر الآخرة. وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:- " إن الدنيا حلوةٌ خضرةٌ وإن اللهَ مستخلفُكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء". وقال أحدُ الصحابةِ أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثرُ قال:- " يقول ابنُ آدم مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت". ويقول صلى الله عليه وسلم:- " فاللهِ ما الفقرَ أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسطَ الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ". ويستخدم النبيُّ أسلوباً جديداً للوعظ والتذكير والتعليم وهو التعلم والتعليم بالمشاهدة المحسوسة، فالنبيُّ عليه السلام يمرُ بالسوق وناسٌ كثرٌ حوله فيجد خروفاً أسكاً ميتاً _ أي مقطوع الأذن ومع ذلك فهو ميت جيفة منتنة _ فأخذ رسولُ الله بمكان أذنِه فقال:- أيكم يحب أن يكون له هذا بدرهم فقالوا:- ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به قال:- أتحبون أنه لكم قالوا: والله لو كان حياً لكان عيباً فيه لأنه أسك، فكيف وهو ميت. فقال صلى الله عليه وسلم:- " والله لدنيا أهون على الله عز وجل من هذا عليكم ". أريتم يا عبادَ الله ما هي حقيقة الدنيا، ولكن قد طغى حبُّ الدنيا على كثيرٍ من الناس حتى عبدوها من دون الله ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:- " تعس عبدُ الدينارِ وعبدُ الدرهم وعبد الخميصة، إن أُعطيَّ رضي وإنْ لم يعطَ سخط ". وإذا استرسلنا في هذا الموضوع فتعالوا بنا لنرى سلفَ هذه الأمةِ الصالح، كيف كان حالهم مع الدنيا؟ يقول الحسن البصري _ رحمه الله _ " رحمَ اللهُ أقواماً كانت الدنيا عندهم وديعة فأدَوها إلى من إتمنهم عليها ثم راحوا خفافاً ".
" واللهِ لقد أدركت أقواماً كانت الدنيا أهونُ عليهم من الترابِ الذي تمشون عليه ما يُبالون أشرقت الدنيا أم غربت ذهبت إلى ذا أو ذهبت إلى ذا ".
" من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره ".
وقال الإمامُ علي رضي الله عنه:- " هي دارٌ من صحَ فيها سقِم ومن أمِن فيها ندِم ومن افتقرَ فيه حَزِن ومن استغنى فيها افتُتن، في حلالها الحساب وفي حرامها العقاب ".
وقال مالك ابن دينار:- " بقدرِ ما تحزن للدنيا يخرجُ همُ الآخرةِ من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج همُ الدنيا من قلبك ".
واستمر السلفُ الصالحُ ومن سار على نهجهم في نظرتهم تلك إلى الدنيا فيقول الإمامُ الشافعي - رحمه الله -:- " الدنيا دارُ مذلة، عُمرانها إلى الخرابِ صائر، وسكانها إلى القبورِ زائر، شملها على الفرقةِ موقوف، وغناها إلى الفقر مصروف، الإكثارُ فيها إعصار، فافزع إلى الله وارضَ برزق الله ".
أريتم يا عبادَ الله كيف كان سلفكم يتعاملون مع الدنيا، ركلوها بأقدامهم فجاءتهم حبواً، وأخرجوها من قلوبهم وجعلوا همهم نصرةَ هذا الدين فأخضع الله لهم الأكاسرة والجبابرة.
واسمع إلى أبي ذرٍ رضي الله عنه وهو يقول:- " أوصاني خليلي بسبع " أن أنظر إلى من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أحب المساكين وأدنو منهم، وأن أقول الحق وإن كان مراً، وأن أصل رحمي وإن أدبرتْ، وأن لا أخاف في الله لومةَ لائم، وأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ".
إيها الموحدون بالله:- اعلموا أن لله عباداً عقلوا فلما عقلوا علموا فلما علموا عملوا فلما عملوا أخلصوا فاستدعاهم الإخلاصُ إلى أبوابِ البر أجمع، فاللهم اجعلنا منهم وثبتنا في صفوفهم، اللهم ارزقنا الإخلاص في النصيحة والصوابَ في الرأي والحكمةَ في المشورة، وجعلنا من جندك جند الخلافة ومن شهودها وأخرج حبَّ الدنيا من قلوبِنا وأمتنا وأنت راضٍ عنا، يا كريم يا الله… آمين.
http://www.al-aqsa.org/khawater/index.php?id=2800_0_16_0_C (http://نداءات%20من%20بيت%20المقدس/)