أبوالزبير
15 Jun 2005, 07:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
( الفعلة التي تتصدع لها الجبال )
" منتقاه من كلام الإمام ابن قيم الجوزية "
الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على نبيه وعبده , وعلى آله وصحبه وحزبه , , , وبعد :
قال الإمام العالم المحقق المدقق شمس الدين ابن قيم الجوزية في كتابه :
( الداء والدواء )
عن عمل قوم لوط ما مختصره " ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات .
قال جمهور الأمة , وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة : ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة , وهي تلي مفسدة الكفر , وربما كانت أعظم من مفسدة القتل .
ولم يبتل الله سبحانه بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمةً غيرهم , وجمع عليهم من أنواع العقوبات , بين الإهلاك , وقلب ديارهم عليهم , والخسف بهم , ورجمهم بالحجارة من السماء , فنكّل بهم نكالاً لم ينكله أمةً سواهم , وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة , التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها , وتهرب الملائكة من أقطار السموات والأرض إذا شاهدوها , خشية نزول العذاب على أهلها , فتصيبهم معهم , وتعجُّ الأرض إلى ربها تبارك وتعالى , وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .
وقتلُ المفعول به خير له من وطئه , فإنه إذا وطأه قتله قتلاً لا ترجى الحياة معه , بخلاف قتله , فإنه مظلوم شهيد , وربما ينتفع به في آخرته .
( عقوبة اللوطي : القتل )
قالوا : والدليل على هذا أن الله سبحانه جعل حدَّ القاتل إلى خِيَرةِ الوليّ , إن شاء قتل , وإن شاء عفا , وحتَّم قتل اللوطيّ حداً , كما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ودلت عليه سنة رسول الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها , بل عليها عمل أصحابه وخلفائه الراشدين .
( ومن عقوبته : الرمي بالحجارة بعد إلقائه من أعلى )
وقال عبد الله بن عباس : ينظر أعلى بناء في القرية , فيرمى اللوطي منه منكَّساً , ثم يتبع بالحجارة .
وأخذ عبد الله بن عباس هذا الحدَّ من عقوبة الله للوطية .
( قتل الفاعل والمفعول به )
وابن عباس هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ , فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه أهل السنن وصححه ابن القيم .
( اللوطي ملعون )
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن الله من عمل عملَ قوم لوط , لعن الله من عمل عملَ قوم لوط , لعن الله من عمل عملَ قوم لوط ) رواه أحمد وأبو يعلى .
ولم يجئ عنه صلى الله عليه وسلم لعنة الزاني ثلاث مرات في حديث واحد , وقد لعن جماعة من أهل الكبائر , فلم يتجاوز بهم في اللعن مرةً واحدة , وكرَّر لعن اللوطية وأكّده ثلاث مرات , وأطبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله لم يختلف فيه منهم رجلان , وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله .
( اللواط أخبث من الزنا )
ومن تأمل قوله سبحانه وتعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) الإسراء 32
وقوله في اللواط : ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ) الأعراف 80 , تبين له تفاوت ما بينهما , وأنه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا , أي هو فاحشة من الفواحش , وعرَّفها في اللواط , وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة , كما تقول : زيدٌ الرجل , ونعم الرجلُ زيد . أي : أتأتون الخصلة التي استقرَّ فحشها عند كلَّ أحدٍ , فهي لظهور فحشها وكماله غنيّةٌ عن ذكرها , بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها .
( تأكيد القرآن على شناعة جريمة اللواط )
ثم أكَّد سبحانه شأن فحشها , بأنها لم يعملها أحدٌ من العالمين قبلهم فقال : ( مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ) الأعراف 80
ثم زاد في التأكيد بأن صرّح بما تشمئز منه القلوب ، وتنبو عنه الأسماع , وتنفر منه الطباع أشدّ نفرةٍ , وهو إتيان الرجل رجلاً مثله ينكحُه كما ينكحُ الأنثى فقال : ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ ) الأعراف 81
ثم نبَّه على استغنائهم عن ذلك , وأن الحامل لهم عليه ليس إلا مجرد الشهوة , لا الحاجة التي لأجلها مال الذكر إلى الأنثى من قضاء الوطر ولذة الاستمتاع , وحصول المودة والرحمة , التي تنسى المرأة لها أبويها وتذكر بعلَها .
وحصول النسل الذي هو حفظ هذا النوع الذي هو أشرف المخلوقات , وتحصين المرأة وقضاء وطرها , وحصول علاقة المصاهرة التي هي أخت النسب ، وقيام النساء على الرجال , وخروج أحبّ الخلق إلى الله من جماعهن , كالأنبياء والأولياء والمؤمنين , ومكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء بأمته إلى غير ذلك من مصالح النكاح , والمفسدة التي في اللواط تقاوم ذلك كلّه , وتربي عليه بما لا يمكن حصر فساده , ولا يعلم تفصيله إلا الله .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( الفعلة التي تتصدع لها الجبال )
" منتقاه من كلام الإمام ابن قيم الجوزية "
الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على نبيه وعبده , وعلى آله وصحبه وحزبه , , , وبعد :
قال الإمام العالم المحقق المدقق شمس الدين ابن قيم الجوزية في كتابه :
( الداء والدواء )
عن عمل قوم لوط ما مختصره " ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات .
قال جمهور الأمة , وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة : ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة , وهي تلي مفسدة الكفر , وربما كانت أعظم من مفسدة القتل .
ولم يبتل الله سبحانه بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمةً غيرهم , وجمع عليهم من أنواع العقوبات , بين الإهلاك , وقلب ديارهم عليهم , والخسف بهم , ورجمهم بالحجارة من السماء , فنكّل بهم نكالاً لم ينكله أمةً سواهم , وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة , التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها , وتهرب الملائكة من أقطار السموات والأرض إذا شاهدوها , خشية نزول العذاب على أهلها , فتصيبهم معهم , وتعجُّ الأرض إلى ربها تبارك وتعالى , وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .
وقتلُ المفعول به خير له من وطئه , فإنه إذا وطأه قتله قتلاً لا ترجى الحياة معه , بخلاف قتله , فإنه مظلوم شهيد , وربما ينتفع به في آخرته .
( عقوبة اللوطي : القتل )
قالوا : والدليل على هذا أن الله سبحانه جعل حدَّ القاتل إلى خِيَرةِ الوليّ , إن شاء قتل , وإن شاء عفا , وحتَّم قتل اللوطيّ حداً , كما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ودلت عليه سنة رسول الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها , بل عليها عمل أصحابه وخلفائه الراشدين .
( ومن عقوبته : الرمي بالحجارة بعد إلقائه من أعلى )
وقال عبد الله بن عباس : ينظر أعلى بناء في القرية , فيرمى اللوطي منه منكَّساً , ثم يتبع بالحجارة .
وأخذ عبد الله بن عباس هذا الحدَّ من عقوبة الله للوطية .
( قتل الفاعل والمفعول به )
وابن عباس هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ , فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه أهل السنن وصححه ابن القيم .
( اللوطي ملعون )
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن الله من عمل عملَ قوم لوط , لعن الله من عمل عملَ قوم لوط , لعن الله من عمل عملَ قوم لوط ) رواه أحمد وأبو يعلى .
ولم يجئ عنه صلى الله عليه وسلم لعنة الزاني ثلاث مرات في حديث واحد , وقد لعن جماعة من أهل الكبائر , فلم يتجاوز بهم في اللعن مرةً واحدة , وكرَّر لعن اللوطية وأكّده ثلاث مرات , وأطبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله لم يختلف فيه منهم رجلان , وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله .
( اللواط أخبث من الزنا )
ومن تأمل قوله سبحانه وتعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) الإسراء 32
وقوله في اللواط : ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ) الأعراف 80 , تبين له تفاوت ما بينهما , وأنه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا , أي هو فاحشة من الفواحش , وعرَّفها في اللواط , وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة , كما تقول : زيدٌ الرجل , ونعم الرجلُ زيد . أي : أتأتون الخصلة التي استقرَّ فحشها عند كلَّ أحدٍ , فهي لظهور فحشها وكماله غنيّةٌ عن ذكرها , بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها .
( تأكيد القرآن على شناعة جريمة اللواط )
ثم أكَّد سبحانه شأن فحشها , بأنها لم يعملها أحدٌ من العالمين قبلهم فقال : ( مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ) الأعراف 80
ثم زاد في التأكيد بأن صرّح بما تشمئز منه القلوب ، وتنبو عنه الأسماع , وتنفر منه الطباع أشدّ نفرةٍ , وهو إتيان الرجل رجلاً مثله ينكحُه كما ينكحُ الأنثى فقال : ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ ) الأعراف 81
ثم نبَّه على استغنائهم عن ذلك , وأن الحامل لهم عليه ليس إلا مجرد الشهوة , لا الحاجة التي لأجلها مال الذكر إلى الأنثى من قضاء الوطر ولذة الاستمتاع , وحصول المودة والرحمة , التي تنسى المرأة لها أبويها وتذكر بعلَها .
وحصول النسل الذي هو حفظ هذا النوع الذي هو أشرف المخلوقات , وتحصين المرأة وقضاء وطرها , وحصول علاقة المصاهرة التي هي أخت النسب ، وقيام النساء على الرجال , وخروج أحبّ الخلق إلى الله من جماعهن , كالأنبياء والأولياء والمؤمنين , ومكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء بأمته إلى غير ذلك من مصالح النكاح , والمفسدة التي في اللواط تقاوم ذلك كلّه , وتربي عليه بما لا يمكن حصر فساده , ولا يعلم تفصيله إلا الله .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته