أم ريوف
11 Jun 2005, 11:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ساعة لعلها خير ساعات عمرك
جرّب وستدعو لي
((قصة أحد التائبين))
كنت أتابع محاضرة قيمة لداعية في التلفاز
كنت مشدودا مع حديثه الشائق عن التوبة والتائبين غير أن قضية محددة وردت في خاتمة الكلام ، كانت أشبه بمسك الختام بالنسبة لي ، هذه القضية استوقفتني طويلا ، بعد أن هزتني كثيرا
طرح الداعية القيام بتجربة وأخذ يؤكد أن لها ما بعدها في استجاشة الرغبة الشديدة في التوبة والإقبال على الله
وقررت أن اقدم على هذه الخطوة وانفردت بنفسي في حجرتي
وأحضرت ورقتين وقلماً ،
وكتبت في رأس الأولى : قائمة بنعم الله عليّ ..
وكتبت في راس الثانية : قائمة بما فعلت من معاصي وزلات وذنوب
وبدأت أكتب ما أتذكره من نعم الله علي في ذات نفسي فيما حولي مما تتعلق به حياتي
وشرعت أكتب وأكتب ، وأنا أرى نعم الله تتوالد أمام عيني كلما كتبت نعمة تولدت عنها نعمة تتعلق بها أو تقوم عليها ومما كتبته
نعمة العقل .. والذاكرة .. والقدرة على التحليل واستخلاص النتائج .. والبراعة في عرض الأفكار .. وحسن الكلام والبيان الجيد المؤثر في كثير من الأحيان .. ومجرد اللسان نعمة كبرى . ونعمة البصر .. وعدم الحاجة إلى استخدام نظارة نعمة أخرى .. ونعمة القراءة والكتابة .. وهكذا
واكتملت الورقة الأولى ، ولم يكتمل شريط العرض لاستعراض نعم الله علي
وسحبت ورقة أخرى ، وواصلت تدوين النعم
نعمة الوجود أصلا . نعمة الصحة والسلامة البدنية وكمال الأعضاء نعمة العلم ، والقدرة على التعليم نعمة الشم والسمع والحركة
الخ الخ
وإذا بي أقف عاجزاً بعد أن أكملت الورقة الثانية مما أتذكره من نعم الله ، ولقد رأيت نفسي أشبه بالغريق في خضم بحر عظيم
واكتفيت بما كتبت
وأنا أردد
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
وانتقلت إلى القائمة الثانية وقلبي لحظتها قد بدأ يهتز وهو مملوء بشعور الحياء من الله
وشرعت أكتب ما أتذكره مما عملت من ذنوب ومعاصي وزلات التي اغترفتها ولا أزال متلطخا بكثير منها
وكذلك لم أنس أن أكتب ما ابتليت به من التقصير في الإقبال على الفرائض ، والتكاسل عنها
ومما كتبته :خطايا باللسان كثيرة .. من غيبة وسخرية بالناس ، وكذب وهذر قول في سفساف الأمور .. وخطايا بالعين من نظر لا يحل إلى أمور لا يرضى عنها الله . . ومتابعة لساعات لما ضره أكثر من نفعه ... وخطايا بالأذن من سماع من كرهه الله ولا يحبه كالاستماع إلى الأغاني .. ومنها : صور كثيرة من عقوق الوالدين .. ونحو هذا كثير
وكتبت وكتبت وكتبت ، وإذا بهذه الأخرى تتوالد كأنها الدود ، وهالني أني رأيت هذا الزحم من الهفوات والزلات والمخالفات
وشرعت اسحب ورقة أخرى لأواصل رحلة البحث
وإذا بي أمام قائمتين على طرفي نقيض تماماً
أما الأولى فنعم منهمرة متدفقة تقوم عليها حياتي كلها
نعم تغمرني من مفرق رأسي إلى أخمص قدمي ، ومن فوق ومن تحتي ، وفي من حولي مما يتعلق به أمري ومن لحظة ولادتي إلى يوم الناس هذا
أعطاني كل ذلك بلا سؤال مني ، لعلمه هو بما ينفعني
وأما الثانية : فقائمة يطأطئ لها الرأس حياء
قائمة سوداء حالكة كلها خطايا وذنوب وآثام وزلات وهفوات وقصور وتقصير وجرأة على الله تعالى
ولم اشعر إلا بدمعات تنساب على خدي وأنا أعيد النظر متأملا هذه تارة وهذه تارة ،
عندها شعرت بموجة غامرة من الحياء تغمرني من الله سبحانه
بل شعرت بهيجان مشاعر حب جارف لله جل جلاله
وكيف لا يحبه قلبي وهو يتعامل معي على هذه الشاكلة العجيبة
وأنا أتعامل معه على هذه الشاكلة الغريبة
ودخلت معي نفسي في سلسلة عتاب ، ثم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
قفزت إلى ذهني خاطرة جعلتني أجهش بالبكاء
تذكرت كيف أتعامل مع أبنائي
كيف أني أرى بأني قائم بأمرهم كله ، ومن ثم فعليهم طاعتي ، وعدم مخالفتي
وأني لا أتحمل ما يفرط منهم من مخالفات ، فأنزل بأحدهم عقابا يناسبه ..! بل أحيانا بما لا يناسبه !! وإنما هي فورة غضب عارمة
وقلت لنفسي : فكيف لو عاملني الله بما أعامل به أبنائي
كيف لو عاقبني على كل مخالفة أقع فيها ... إذن لأهلكني منذ زمن
وأيقنت أن الله يحب عباده أشد من حب الوالدين لأبنائهما
فكيف لا يحبه العباد سبحانه اشد الحب وأعلاه وأعظمه
حقا ساعة خلوت فيها مع الله لأقوم بهذه التجربة ، لكنها كانت خير ساعات عمري
لقد خرجت منها وقلبي يمور بمشاعر متباينة ,, الخوف والرجاء والحياء والحب
الخوف من سوء الخاتمة بسبب هذه الأوزار والآثام والهفوات والزلات
والرجاء لأن من أنعم ابتداء ، سينعم انتهاء .. ومن أعطى بلا سؤال ، لن يبخل مع السؤال والإلحاح فيه
والحياء من رؤية هذا الحشد من المعاصي والذنوب . في مقابل تلك النعم التي لا تزال تتوالى
والحب لأنه يستحق أن يمتلئ القلب بحبه جل جلاله
يا لها من ثمرات رائعة وجليلة أثمرتها تلك الجلسة مع الله
وقد قال علماؤنا : أن ذرة من أعمال القلوب تعدل أمثال الجبال من أعمال الجوارح
فلله الحمد
رب العالمين
ثم قلت وأنا أبتسم : وهذه وحدها من أعظم نعم الله علي
وعندها خررت ساجدا وأنا أبكي ، وأنا أردد :
املأ قلبي بحبك .. املأ قلبي بحبك .املأ قلبي بحبك ....
يا رب..
يااااااااااااارب ... ياااااااااااارب
ساعة لعلها خير ساعات عمرك
جرّب وستدعو لي
((قصة أحد التائبين))
كنت أتابع محاضرة قيمة لداعية في التلفاز
كنت مشدودا مع حديثه الشائق عن التوبة والتائبين غير أن قضية محددة وردت في خاتمة الكلام ، كانت أشبه بمسك الختام بالنسبة لي ، هذه القضية استوقفتني طويلا ، بعد أن هزتني كثيرا
طرح الداعية القيام بتجربة وأخذ يؤكد أن لها ما بعدها في استجاشة الرغبة الشديدة في التوبة والإقبال على الله
وقررت أن اقدم على هذه الخطوة وانفردت بنفسي في حجرتي
وأحضرت ورقتين وقلماً ،
وكتبت في رأس الأولى : قائمة بنعم الله عليّ ..
وكتبت في راس الثانية : قائمة بما فعلت من معاصي وزلات وذنوب
وبدأت أكتب ما أتذكره من نعم الله علي في ذات نفسي فيما حولي مما تتعلق به حياتي
وشرعت أكتب وأكتب ، وأنا أرى نعم الله تتوالد أمام عيني كلما كتبت نعمة تولدت عنها نعمة تتعلق بها أو تقوم عليها ومما كتبته
نعمة العقل .. والذاكرة .. والقدرة على التحليل واستخلاص النتائج .. والبراعة في عرض الأفكار .. وحسن الكلام والبيان الجيد المؤثر في كثير من الأحيان .. ومجرد اللسان نعمة كبرى . ونعمة البصر .. وعدم الحاجة إلى استخدام نظارة نعمة أخرى .. ونعمة القراءة والكتابة .. وهكذا
واكتملت الورقة الأولى ، ولم يكتمل شريط العرض لاستعراض نعم الله علي
وسحبت ورقة أخرى ، وواصلت تدوين النعم
نعمة الوجود أصلا . نعمة الصحة والسلامة البدنية وكمال الأعضاء نعمة العلم ، والقدرة على التعليم نعمة الشم والسمع والحركة
الخ الخ
وإذا بي أقف عاجزاً بعد أن أكملت الورقة الثانية مما أتذكره من نعم الله ، ولقد رأيت نفسي أشبه بالغريق في خضم بحر عظيم
واكتفيت بما كتبت
وأنا أردد
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
وانتقلت إلى القائمة الثانية وقلبي لحظتها قد بدأ يهتز وهو مملوء بشعور الحياء من الله
وشرعت أكتب ما أتذكره مما عملت من ذنوب ومعاصي وزلات التي اغترفتها ولا أزال متلطخا بكثير منها
وكذلك لم أنس أن أكتب ما ابتليت به من التقصير في الإقبال على الفرائض ، والتكاسل عنها
ومما كتبته :خطايا باللسان كثيرة .. من غيبة وسخرية بالناس ، وكذب وهذر قول في سفساف الأمور .. وخطايا بالعين من نظر لا يحل إلى أمور لا يرضى عنها الله . . ومتابعة لساعات لما ضره أكثر من نفعه ... وخطايا بالأذن من سماع من كرهه الله ولا يحبه كالاستماع إلى الأغاني .. ومنها : صور كثيرة من عقوق الوالدين .. ونحو هذا كثير
وكتبت وكتبت وكتبت ، وإذا بهذه الأخرى تتوالد كأنها الدود ، وهالني أني رأيت هذا الزحم من الهفوات والزلات والمخالفات
وشرعت اسحب ورقة أخرى لأواصل رحلة البحث
وإذا بي أمام قائمتين على طرفي نقيض تماماً
أما الأولى فنعم منهمرة متدفقة تقوم عليها حياتي كلها
نعم تغمرني من مفرق رأسي إلى أخمص قدمي ، ومن فوق ومن تحتي ، وفي من حولي مما يتعلق به أمري ومن لحظة ولادتي إلى يوم الناس هذا
أعطاني كل ذلك بلا سؤال مني ، لعلمه هو بما ينفعني
وأما الثانية : فقائمة يطأطئ لها الرأس حياء
قائمة سوداء حالكة كلها خطايا وذنوب وآثام وزلات وهفوات وقصور وتقصير وجرأة على الله تعالى
ولم اشعر إلا بدمعات تنساب على خدي وأنا أعيد النظر متأملا هذه تارة وهذه تارة ،
عندها شعرت بموجة غامرة من الحياء تغمرني من الله سبحانه
بل شعرت بهيجان مشاعر حب جارف لله جل جلاله
وكيف لا يحبه قلبي وهو يتعامل معي على هذه الشاكلة العجيبة
وأنا أتعامل معه على هذه الشاكلة الغريبة
ودخلت معي نفسي في سلسلة عتاب ، ثم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
قفزت إلى ذهني خاطرة جعلتني أجهش بالبكاء
تذكرت كيف أتعامل مع أبنائي
كيف أني أرى بأني قائم بأمرهم كله ، ومن ثم فعليهم طاعتي ، وعدم مخالفتي
وأني لا أتحمل ما يفرط منهم من مخالفات ، فأنزل بأحدهم عقابا يناسبه ..! بل أحيانا بما لا يناسبه !! وإنما هي فورة غضب عارمة
وقلت لنفسي : فكيف لو عاملني الله بما أعامل به أبنائي
كيف لو عاقبني على كل مخالفة أقع فيها ... إذن لأهلكني منذ زمن
وأيقنت أن الله يحب عباده أشد من حب الوالدين لأبنائهما
فكيف لا يحبه العباد سبحانه اشد الحب وأعلاه وأعظمه
حقا ساعة خلوت فيها مع الله لأقوم بهذه التجربة ، لكنها كانت خير ساعات عمري
لقد خرجت منها وقلبي يمور بمشاعر متباينة ,, الخوف والرجاء والحياء والحب
الخوف من سوء الخاتمة بسبب هذه الأوزار والآثام والهفوات والزلات
والرجاء لأن من أنعم ابتداء ، سينعم انتهاء .. ومن أعطى بلا سؤال ، لن يبخل مع السؤال والإلحاح فيه
والحياء من رؤية هذا الحشد من المعاصي والذنوب . في مقابل تلك النعم التي لا تزال تتوالى
والحب لأنه يستحق أن يمتلئ القلب بحبه جل جلاله
يا لها من ثمرات رائعة وجليلة أثمرتها تلك الجلسة مع الله
وقد قال علماؤنا : أن ذرة من أعمال القلوب تعدل أمثال الجبال من أعمال الجوارح
فلله الحمد
رب العالمين
ثم قلت وأنا أبتسم : وهذه وحدها من أعظم نعم الله علي
وعندها خررت ساجدا وأنا أبكي ، وأنا أردد :
املأ قلبي بحبك .. املأ قلبي بحبك .املأ قلبي بحبك ....
يا رب..
يااااااااااااارب ... ياااااااااااارب