حفيدة الاسلام
03 Jun 2005, 11:12 PM
الشهيد القسامي القائد المهندس يحيي عياش
تاريخ الاستشهاد : 5/1/1996 م
أسّس مدرسة الاستشهاديين و نقل المعركة إلى عقر دار الصهاينة و أذلّ دولة بكاملها
ذكراه العطرة تتجدّد في القلوب ... و سيرته الجهادية منارة للمجاهدين ..
لم يستطع "شمعون رومح" - أحد كبار العسكريين الصهاينة- أن يخفي إعجابه بيحيى عياش حين قال : "إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطراً للاعتراف بإعجابي و تقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات و خبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه ، و على روح مبادرة عالية و قدرة على البقاء و تجديد النشاط دون انقطاع" .. و لم يكن شمعون وحده هو المعجب بالرجل ، لكن وسائل الإعلام الصهيونية كلها شاركته الإعجاب حتى لقبته : "الثعلب" و "الرجل ذو الألف وجه" و "العبقري" … و لهم الحق في احترامه و الخوف منه ، فحين نزف الدم الفلسطيني بغزارة على أرض الحرم الإبراهيمي في خليل الرحمن ، في الخامس عشر من رمضان المبارك 1414هـ ، غلت الدماء في قلوب المسلمين في كلّ مكان . لكن قلباً واحدًا قرَّر أن يغلي بطريقة أخرى و مميزة ، تلقّن الحقد اليهودي درسًا لا يمكن نسيانه ، كان ذلك قلب المهندس "يحيى عيَّاش" الذي أسَّس مدرسة ما زال طلابها يتخرّجون فيها بتفوقّ على الرغم من غياب ناظرها .. في مثل هذا اليوم من عام 1996 كان الموعد مع القدر ، كانت روح الشهيد البطل المهندس يحيي عياش ترتفع إلى عليين بعد جهاد و مقاومة أذلّ فيها دولة قيلَ عنها أنها لا تقهر ولكن قهرها المهندس الشهيد القائد يحيى عياش فكان حقاً أمة بكاملها .
نشأته و حياته :
ولد الشهيد يحيى عبد اللطيف عياش و نشأ في قرية رافات بين نابلس و قلقيلة لعائلة متديّنة محافظة ، و قد رزق الله الحاج عبد اللطيف ابنه البكر يحيى في الثاني والعشرين من مارس من عام 1966 .. و قد كان يحيى معروفاً بذكائه الحاد و حفظه الدقيق و بدأ بحفظ القرآن منذ السادسة من عمره و كان الصمت و الخجل و الهدوء ميزات خاصة في يحيى و كأيّ فلسطيني ..كبر يحيى و كبر معه الألم الذي يعتري الأحرار ، كان يدرس في مدرسة القرية الابتدائية و يقف واجماً في وسط الطريق يحملق في جرافات المستوطنين التي تسوّي أراضي القرية و تلتهمها لتوسيع المستوطنة . و قد واصل دراسته الإعدادية و الثانوية و حصل في امتحان التوجيهي على معدل 92.8 % في القسم العلمي ليلتحق بجامعة بيرزيت في قسم الهندسة الكهربائية .و يعتبر أحد نشيطي الكتلة الإسلامية أثناء الدراسة . و بعد تخرّجه حاول الحصول على تصريح خروج للسفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا و رفضت السلطات الصهيونية طلبه ، و قد عقّب على ذلك يعكوف بيرس رئيس المخابرات آنذاك بالقول : "لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحاً بالإضافة إلى مليون دولار" !! . تخرّج من الجامعة عام 1991م بتفوّق و تزوّج من ابنة عمه بتاريخ 9 أيلول / سبتمبر ، 1992م و رزِق منها طفله الأول براء في 1 كانون الثاني (يناير) 1993م و كان حينها مطارداً ، و قبل استشهاده بيومين فقط رزِِق بابنه الثاني عبد اللطيف تيمّناً باسم والده ، غير أن العائلة أعادت يحيى إلى البيت حين أطلقت على الطفل عبد اللطيف اسم يحيى .
شيخ الحركة الإسلامية في رافات :
عمِل يحيى بجدٍ و نشاط ، و قام بكافة التكاليف و أعباء الدعوة الإسلامية سواء داخل الجامعة أو في مدينة رام الله أو قريته رافات ، و وظّف المهندس سيارة والده التي اشتراها في خدمة الحركة الإسلامية حين دأب على السفر إلى رافات و قام بإرساء الأساسات و شكّل أنوية لمجموعات من الشباب المسلم الملتزم . و حينما انفتح الأفق على حركة المقاومة الإسلامية حماس كانت هذه المجموعات في طليعة السواعد الرامية خلال سنوات الانتفاضة المباركة الأولى ، و نظراً للدور الريادي الذي قام به و حكمته و أدبه و أخلاقه فقد اعتبرته الفصائل الفلسطينية (شيخ الحركة لإسلامية في رافات) ترجع إليه في كافة الأمور التي تتعلق بالفعاليات أو الإشكاليات خلال الأعوام (1988 - 1992)
.
ولادة المهندس :
مع انطلاق شرارة الانتفاضة أرسل أبو البراء رسالة إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام يوضّح لهم فيها خطة لمجاهدة اليهود عبر العمليات الاستشهادية و أصبحت مهمة يحيى عياش إعداد السيارات المفخّخة و العبوات شديدة الانفجار . أدرِج المهندس على قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال لأول مرة في نوفمبر سنة 1992 إثر اكتشاف السيارة المفخّخة في رمات و التي أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام مسئوليتها عن تفجيرها . و في السادس عشر من أبريل سنة 1993 و في مفترق "محولا" في الغور نفِّذ هجوم استشهادي بمحاذاة حافلة ركاب صهيونية قتِل فيها صهيوني و أصيب تسعة آخرين ، و في أغسطس 1993 بتوجيه من المهندس نفّذ علي عاصي و محمد عثمان هجوماً نحو موقع للجيش الصهيوني قرب مفرق قرب مفرق كفر بلوط أسفر عن مقتل جنديين ، و في يناير 1994 توجّه مع علي عاصي يحمل عبوة ناسفة محكمة و وضعها في ميدان رماية للجيش الصهيوني في منطقة رأس العين و انفجرت العبوة و أصيب جنديان بجروح خطيرة ، و انطلق الشهيد (ساهر تمام) في سيارته المفخخة التي أعدها المهندس لتتفجّر بجوار باصٍ صهيوني يقلّ جنوداً من جيش الاحتلال و قد أصيب ثلاثون جندياً بجراحٍ ، ثم انطلق الشهيد الشيخ سليمان بسيارته المفخّخة و بجوار باصٍ ينفجر حيث قتل شخصان و أصيب ثمانية بجراح .
عملياته النوعية :
عبقرية القائد "يحيى عياش" نقلت المعركة إلى قلب المناطق الآمنة التي يدّعي الصهاينة أن أجهزتهم الأمنية تسيطر فيها على الوضع تماماً ؛ فبعد العمليات المتعددة التي نُفّذت ضد مراكز الاحتلال و الدوريات العسكرية نفّذ مقاتلو حماس بتخطيطٍ من قائدهم عياش عدداً من العمليات أهمها :•6
نيسان 1994 : الشهيد "رائد زكارنة" يفجّر سيارة مفخّخة قرب حافلة صهيونية في مدينة العفولة ؛ مما أدّى إلى مقتل ثمانية صهاينة ، و جرح ما لا يقل عن ثلاثين . و قالت حماس إن الهجوم هو ردّها الأول على مذبحة المصلين في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل .
•13 نيسان 1994 : مقاتل آخر من حركة "حماس" هو الشهيد عمار عمارنة يفجر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة صهيونية في مدينة الخضيرة داخل الخط الأخضر ؛ مما أدّى إلى مقتل 7 صهاينة و جرح العشرات .
•19 تشرين أول 1994 : الشهيد صالح نزال – و هو مقاتل في كتائب الشهيد عز الدين القسام - يفجّر نفسه داخل حافلة ركاب صهيونية في شارع "ديزنغوف" في مدينة "تل أبيب" ؛ مما أدّى إلى مقتل 22 صهيونياً و جرح ما لا يقل عن 40 آخرين.
25•كانون أول 1994 : الشهيد أسامة راضي – و هو شرطي فلسطيني و عضو سري في مجموعات القسام - يفجّر نفسه قرب حافلة تقلّ جنوداً في سلاح الجو الصهيوني في القدس ، و يجرح 13 جندياً .
•22 كانون ثان 1995: مقاتلان فلسطينيان يفجران نفسيهما في محطة للعسكريين الصهاينة في منطقة بيت ليد قرب نتانيا ؛ مما أدّى إلى مقتل 23 جندياً صهيونياً ، و جرح أربعين آخرين في هجوم وُصف أنه الأقوى من نوعه ، و قالت المصادر العسكرية الصهيونية إن التحقيقات تشير إلى وجود بصمات المهندس في تركيب العبوات الناسفة . ، و قد أعلن تلاميذ المهندس يحيى عياش مسئوليتهم عن الهجوم . و قد وصل مجموع ما قُتل بيد "المهندس" و تلاميذه ما يزيد عن ستة و سبعين صهيونياً ، و جرح ما يزيد عن أربعمائة آخرين .
و هذا رقم قياسي لم ينازع المهندس فيه أحد ليغدو المهندس شجرة باسقة الظلال و مدرسة يأوي إليها النماذج الفريدة من المجاهدين ذوي الهمم العالية .. كان قلب أبي البراء الذي وسع كلّ فلسطين هادئ البال قرير العين ، فقد مسح دمع الثكلى و الأرامل و الأيتام و جفّف جرح كل المصابين .
.
رابين و المهندس :
و قد لقّب رئيس الحكومة الصهيونية آنذاك المجحوم إسحاق رابين يحيى عياش بالمهندس و أطلق عليه هذا اللقب في إحدى جلسات المداولة بين رابين و قادة أمنه للبحث في قضية عياش و سبل الوصول إليه ، أبدى رابين - كما صرح جدعون عزرا رئيس جهاز الشاباك الأسبق - اهتماماً بكفاءات و قدرات عياش و أخذ يضفي عليه لقب المهندس بعد أن علم ما يمتلكه المهندس من إمكانيات ، و قد كان رابين يبدأ كلّ جلسات الحكومة و مجلسه المصغر و مجلس الأمن بالسؤال عن المهندس ، و قد صرح رابين بهذا اللقب للصحافة أكثر من مرة حتى غدا المقاتل الفلسطيني الفذ أسطورة ملحمية خالدة و شبحاً رهيباً يطارد الكيان الصهيوني لذلك لم يكن من قبيل المصادفة أن يختاره جميع الخبراء اليهود و الأجانب كرجل العام 1995 حيث أثّر على الكيان و حياته و مستقبله أكثر مما أثر رابين و حكومته و جيشه ، و قد بثّت الإذاعة و التلفزيون الصهيوني العديد من البرامج حول هذا الشبح الأسطورة .
قالوا في المهندس :
المعلق الصهيوني في التلفزيون الصهيوني إيهود يعاري اعتبر أن لكل مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني رموزها و أنه مثلما شكّل عماد عقل رمز العمل العسكري في حركة حماس فإن يحيى عياش يمثل رمز العمل العسكري الاستشهادي ، فيما عبر شمعون رومح عن إعجابه بالقول إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطراً للاعتراف بإعجابي و تقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات و خبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه و على روح مبادرة عالية و قدرة على البقاء و تجديد النشاط دون انقطاع . و كان رأي د. سيلع ود. شتايتبرغ أن المشكلة في البيئة العقائدية الأصولية التي يتنفس المهندس من رئتها هي التي تبدع و تفرز ظاهرة المهندس و ظاهرة الرجال المستعدين للموت في سبيل عقيدتهم ..و كما هو الحال بالنسبة لكل شخصية أسطورية فإن الهوس الصهيوني ينسب له عجائب عدة ، فهو صاحب هويات مختلفة و له حضور في كل مكان ، يوجد في مصر و إيران و ليبيا و السودان و في خانيونس و غزة و رام الله ، قلقيلية، جنين ، القدس ، "تل أبيب" حتى في منزله برافات و هو متنكر بزي يهودي متدين و أحياناً كمستوطن مسلح ببندقية و أنه يتجوّل بشخصية دبلوماسية في "تل أبيب" و يقود سيارة ذات لوحات تسجيل "إسرائيلية" ، عياش يبدّل هيئته يومياً و لا يبيت سوى ليلة واحدة في البيت الواحد . و بلغ الهوس الصهيوني ذروته حين قال رابين : "أخشى أن يكون جالساً بيننا في الكنيست" .. هذا الهوس لم يطل رابين فحسب بل غدا كابوساً يتسلل إلى مضاجع الصهاينة ، فقد أصبح أكثر من 80 % من سكان الكيان يخافون استخدام المواصلات العامة و اشتكى أكثر من عشرين ألفاً من أمراض نفسية نتجت عن عمليات التفجير ، و تشاجر يوماً جنديان فقال أحدهما للآخر : "إن شاء الله تقع في يد المهندس" . و في أحد البرامج التلفزيونية عن المهندس قال المذيع : "إنني أخشى أن يفجّر المهندس هذا الاستديو أمام أعين المشاهدين" .. و قد وقف علماء النفس حيارى أمام ظاهرة المهندسلوجي فلا يملكون لها وصفاً أو إدراجاً تحت أبواب العلم المعهودة ، فهل هو رجل حقاً بمفرده أم هي أمة تنكرت على هيئة رجل له عقل واعٍ مستنير و أصابع ماهرة و قلب يطفح بالإيمان و كلما تحرّكت يداه جهز النازيون الجدد أكفانهم و أعدوا لسيول الدمع أجفانهم .هذا الهوس الصهيوني أضفى على المهندس حالة من القداسة حتى أعظم قادة الكيان كانوا عند ذكره لا يخفون حالة الرعب و الخوف . فإسحاق رابين رئيس الورزاء السابق يقول : "لا شك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره و أن استمرار وجوده طليقاً يمثل خطراً داهما على أمن "إسرائيل" و استقرارها" . أما موشيه شاحل وزير الأمن الداخلي السابق فيقول : "لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عياش إلا بالمعجزة ، فدولة "إسرائيل" بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حلاً لتهديداته" .. و الجنرال أمنون شاحاك رئيس أركان الجيش الصهيوني السابق فيقول : "إن "إسرائيل" ستواجه تهديداً استراتيجياً على وجودها إذا استمر ظهور أناس على شاكلة المهندس" . بينما يقرّ يعكوف بيري رئيس المخابرات الصهيونية سابقاً قائلاً : "إنني أقر أن عدم القبض على المهندس يمثل أكبر فشل ميداني يواجه المخابرات منذ إنشاء دولة (إسرائيل)" . فيما جدعون عزرا نائب رئيس المخابرات سابقاً يقول : "إن احتراف المهندس و قدرته تجلّت في خبرته و قدرته على إعداد عبوات ناسفة من لا شيء" .
الصهاينة يوجّهونها للمجموعات الجهادية و بعد كلّ عملية تعترف سلطات الاحتلال بأن حتى أخباره تختفي اختفاء متقناً مما أصاب قيادة الشاباك في حيرة إزاء لغز المهندس .و إن نجاح المهندس في الوصول إلى قطاع غزة يعتبر في حد ذاته ضربة قاسية للكيان الصهيوني جعلت إسحاق رابين في اجتماع القيادة المشتركة للأجهزة الأمنية الصهيونية يضرب الطاولة بغضبٍ شديد مطالباً بتفسيرات واضحة حول الكيفية التي استطاع المهندس خلالها أن يتجاوز آلاف المخبرين الصهاينة الذين كانوا يطاردونه و تضليل أجهزة الأمن الصهيونية .
القسام سائرون على درب آبائهم .
شعب انجب عياش .......... سينتصر ......... بإذن الله تعالى
تاريخ الاستشهاد : 5/1/1996 م
أسّس مدرسة الاستشهاديين و نقل المعركة إلى عقر دار الصهاينة و أذلّ دولة بكاملها
ذكراه العطرة تتجدّد في القلوب ... و سيرته الجهادية منارة للمجاهدين ..
لم يستطع "شمعون رومح" - أحد كبار العسكريين الصهاينة- أن يخفي إعجابه بيحيى عياش حين قال : "إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطراً للاعتراف بإعجابي و تقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات و خبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه ، و على روح مبادرة عالية و قدرة على البقاء و تجديد النشاط دون انقطاع" .. و لم يكن شمعون وحده هو المعجب بالرجل ، لكن وسائل الإعلام الصهيونية كلها شاركته الإعجاب حتى لقبته : "الثعلب" و "الرجل ذو الألف وجه" و "العبقري" … و لهم الحق في احترامه و الخوف منه ، فحين نزف الدم الفلسطيني بغزارة على أرض الحرم الإبراهيمي في خليل الرحمن ، في الخامس عشر من رمضان المبارك 1414هـ ، غلت الدماء في قلوب المسلمين في كلّ مكان . لكن قلباً واحدًا قرَّر أن يغلي بطريقة أخرى و مميزة ، تلقّن الحقد اليهودي درسًا لا يمكن نسيانه ، كان ذلك قلب المهندس "يحيى عيَّاش" الذي أسَّس مدرسة ما زال طلابها يتخرّجون فيها بتفوقّ على الرغم من غياب ناظرها .. في مثل هذا اليوم من عام 1996 كان الموعد مع القدر ، كانت روح الشهيد البطل المهندس يحيي عياش ترتفع إلى عليين بعد جهاد و مقاومة أذلّ فيها دولة قيلَ عنها أنها لا تقهر ولكن قهرها المهندس الشهيد القائد يحيى عياش فكان حقاً أمة بكاملها .
نشأته و حياته :
ولد الشهيد يحيى عبد اللطيف عياش و نشأ في قرية رافات بين نابلس و قلقيلة لعائلة متديّنة محافظة ، و قد رزق الله الحاج عبد اللطيف ابنه البكر يحيى في الثاني والعشرين من مارس من عام 1966 .. و قد كان يحيى معروفاً بذكائه الحاد و حفظه الدقيق و بدأ بحفظ القرآن منذ السادسة من عمره و كان الصمت و الخجل و الهدوء ميزات خاصة في يحيى و كأيّ فلسطيني ..كبر يحيى و كبر معه الألم الذي يعتري الأحرار ، كان يدرس في مدرسة القرية الابتدائية و يقف واجماً في وسط الطريق يحملق في جرافات المستوطنين التي تسوّي أراضي القرية و تلتهمها لتوسيع المستوطنة . و قد واصل دراسته الإعدادية و الثانوية و حصل في امتحان التوجيهي على معدل 92.8 % في القسم العلمي ليلتحق بجامعة بيرزيت في قسم الهندسة الكهربائية .و يعتبر أحد نشيطي الكتلة الإسلامية أثناء الدراسة . و بعد تخرّجه حاول الحصول على تصريح خروج للسفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا و رفضت السلطات الصهيونية طلبه ، و قد عقّب على ذلك يعكوف بيرس رئيس المخابرات آنذاك بالقول : "لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحاً بالإضافة إلى مليون دولار" !! . تخرّج من الجامعة عام 1991م بتفوّق و تزوّج من ابنة عمه بتاريخ 9 أيلول / سبتمبر ، 1992م و رزِق منها طفله الأول براء في 1 كانون الثاني (يناير) 1993م و كان حينها مطارداً ، و قبل استشهاده بيومين فقط رزِِق بابنه الثاني عبد اللطيف تيمّناً باسم والده ، غير أن العائلة أعادت يحيى إلى البيت حين أطلقت على الطفل عبد اللطيف اسم يحيى .
شيخ الحركة الإسلامية في رافات :
عمِل يحيى بجدٍ و نشاط ، و قام بكافة التكاليف و أعباء الدعوة الإسلامية سواء داخل الجامعة أو في مدينة رام الله أو قريته رافات ، و وظّف المهندس سيارة والده التي اشتراها في خدمة الحركة الإسلامية حين دأب على السفر إلى رافات و قام بإرساء الأساسات و شكّل أنوية لمجموعات من الشباب المسلم الملتزم . و حينما انفتح الأفق على حركة المقاومة الإسلامية حماس كانت هذه المجموعات في طليعة السواعد الرامية خلال سنوات الانتفاضة المباركة الأولى ، و نظراً للدور الريادي الذي قام به و حكمته و أدبه و أخلاقه فقد اعتبرته الفصائل الفلسطينية (شيخ الحركة لإسلامية في رافات) ترجع إليه في كافة الأمور التي تتعلق بالفعاليات أو الإشكاليات خلال الأعوام (1988 - 1992)
.
ولادة المهندس :
مع انطلاق شرارة الانتفاضة أرسل أبو البراء رسالة إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام يوضّح لهم فيها خطة لمجاهدة اليهود عبر العمليات الاستشهادية و أصبحت مهمة يحيى عياش إعداد السيارات المفخّخة و العبوات شديدة الانفجار . أدرِج المهندس على قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال لأول مرة في نوفمبر سنة 1992 إثر اكتشاف السيارة المفخّخة في رمات و التي أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام مسئوليتها عن تفجيرها . و في السادس عشر من أبريل سنة 1993 و في مفترق "محولا" في الغور نفِّذ هجوم استشهادي بمحاذاة حافلة ركاب صهيونية قتِل فيها صهيوني و أصيب تسعة آخرين ، و في أغسطس 1993 بتوجيه من المهندس نفّذ علي عاصي و محمد عثمان هجوماً نحو موقع للجيش الصهيوني قرب مفرق قرب مفرق كفر بلوط أسفر عن مقتل جنديين ، و في يناير 1994 توجّه مع علي عاصي يحمل عبوة ناسفة محكمة و وضعها في ميدان رماية للجيش الصهيوني في منطقة رأس العين و انفجرت العبوة و أصيب جنديان بجروح خطيرة ، و انطلق الشهيد (ساهر تمام) في سيارته المفخخة التي أعدها المهندس لتتفجّر بجوار باصٍ صهيوني يقلّ جنوداً من جيش الاحتلال و قد أصيب ثلاثون جندياً بجراحٍ ، ثم انطلق الشهيد الشيخ سليمان بسيارته المفخّخة و بجوار باصٍ ينفجر حيث قتل شخصان و أصيب ثمانية بجراح .
عملياته النوعية :
عبقرية القائد "يحيى عياش" نقلت المعركة إلى قلب المناطق الآمنة التي يدّعي الصهاينة أن أجهزتهم الأمنية تسيطر فيها على الوضع تماماً ؛ فبعد العمليات المتعددة التي نُفّذت ضد مراكز الاحتلال و الدوريات العسكرية نفّذ مقاتلو حماس بتخطيطٍ من قائدهم عياش عدداً من العمليات أهمها :•6
نيسان 1994 : الشهيد "رائد زكارنة" يفجّر سيارة مفخّخة قرب حافلة صهيونية في مدينة العفولة ؛ مما أدّى إلى مقتل ثمانية صهاينة ، و جرح ما لا يقل عن ثلاثين . و قالت حماس إن الهجوم هو ردّها الأول على مذبحة المصلين في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل .
•13 نيسان 1994 : مقاتل آخر من حركة "حماس" هو الشهيد عمار عمارنة يفجر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة صهيونية في مدينة الخضيرة داخل الخط الأخضر ؛ مما أدّى إلى مقتل 7 صهاينة و جرح العشرات .
•19 تشرين أول 1994 : الشهيد صالح نزال – و هو مقاتل في كتائب الشهيد عز الدين القسام - يفجّر نفسه داخل حافلة ركاب صهيونية في شارع "ديزنغوف" في مدينة "تل أبيب" ؛ مما أدّى إلى مقتل 22 صهيونياً و جرح ما لا يقل عن 40 آخرين.
25•كانون أول 1994 : الشهيد أسامة راضي – و هو شرطي فلسطيني و عضو سري في مجموعات القسام - يفجّر نفسه قرب حافلة تقلّ جنوداً في سلاح الجو الصهيوني في القدس ، و يجرح 13 جندياً .
•22 كانون ثان 1995: مقاتلان فلسطينيان يفجران نفسيهما في محطة للعسكريين الصهاينة في منطقة بيت ليد قرب نتانيا ؛ مما أدّى إلى مقتل 23 جندياً صهيونياً ، و جرح أربعين آخرين في هجوم وُصف أنه الأقوى من نوعه ، و قالت المصادر العسكرية الصهيونية إن التحقيقات تشير إلى وجود بصمات المهندس في تركيب العبوات الناسفة . ، و قد أعلن تلاميذ المهندس يحيى عياش مسئوليتهم عن الهجوم . و قد وصل مجموع ما قُتل بيد "المهندس" و تلاميذه ما يزيد عن ستة و سبعين صهيونياً ، و جرح ما يزيد عن أربعمائة آخرين .
و هذا رقم قياسي لم ينازع المهندس فيه أحد ليغدو المهندس شجرة باسقة الظلال و مدرسة يأوي إليها النماذج الفريدة من المجاهدين ذوي الهمم العالية .. كان قلب أبي البراء الذي وسع كلّ فلسطين هادئ البال قرير العين ، فقد مسح دمع الثكلى و الأرامل و الأيتام و جفّف جرح كل المصابين .
.
رابين و المهندس :
و قد لقّب رئيس الحكومة الصهيونية آنذاك المجحوم إسحاق رابين يحيى عياش بالمهندس و أطلق عليه هذا اللقب في إحدى جلسات المداولة بين رابين و قادة أمنه للبحث في قضية عياش و سبل الوصول إليه ، أبدى رابين - كما صرح جدعون عزرا رئيس جهاز الشاباك الأسبق - اهتماماً بكفاءات و قدرات عياش و أخذ يضفي عليه لقب المهندس بعد أن علم ما يمتلكه المهندس من إمكانيات ، و قد كان رابين يبدأ كلّ جلسات الحكومة و مجلسه المصغر و مجلس الأمن بالسؤال عن المهندس ، و قد صرح رابين بهذا اللقب للصحافة أكثر من مرة حتى غدا المقاتل الفلسطيني الفذ أسطورة ملحمية خالدة و شبحاً رهيباً يطارد الكيان الصهيوني لذلك لم يكن من قبيل المصادفة أن يختاره جميع الخبراء اليهود و الأجانب كرجل العام 1995 حيث أثّر على الكيان و حياته و مستقبله أكثر مما أثر رابين و حكومته و جيشه ، و قد بثّت الإذاعة و التلفزيون الصهيوني العديد من البرامج حول هذا الشبح الأسطورة .
قالوا في المهندس :
المعلق الصهيوني في التلفزيون الصهيوني إيهود يعاري اعتبر أن لكل مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني رموزها و أنه مثلما شكّل عماد عقل رمز العمل العسكري في حركة حماس فإن يحيى عياش يمثل رمز العمل العسكري الاستشهادي ، فيما عبر شمعون رومح عن إعجابه بالقول إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطراً للاعتراف بإعجابي و تقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات و خبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه و على روح مبادرة عالية و قدرة على البقاء و تجديد النشاط دون انقطاع . و كان رأي د. سيلع ود. شتايتبرغ أن المشكلة في البيئة العقائدية الأصولية التي يتنفس المهندس من رئتها هي التي تبدع و تفرز ظاهرة المهندس و ظاهرة الرجال المستعدين للموت في سبيل عقيدتهم ..و كما هو الحال بالنسبة لكل شخصية أسطورية فإن الهوس الصهيوني ينسب له عجائب عدة ، فهو صاحب هويات مختلفة و له حضور في كل مكان ، يوجد في مصر و إيران و ليبيا و السودان و في خانيونس و غزة و رام الله ، قلقيلية، جنين ، القدس ، "تل أبيب" حتى في منزله برافات و هو متنكر بزي يهودي متدين و أحياناً كمستوطن مسلح ببندقية و أنه يتجوّل بشخصية دبلوماسية في "تل أبيب" و يقود سيارة ذات لوحات تسجيل "إسرائيلية" ، عياش يبدّل هيئته يومياً و لا يبيت سوى ليلة واحدة في البيت الواحد . و بلغ الهوس الصهيوني ذروته حين قال رابين : "أخشى أن يكون جالساً بيننا في الكنيست" .. هذا الهوس لم يطل رابين فحسب بل غدا كابوساً يتسلل إلى مضاجع الصهاينة ، فقد أصبح أكثر من 80 % من سكان الكيان يخافون استخدام المواصلات العامة و اشتكى أكثر من عشرين ألفاً من أمراض نفسية نتجت عن عمليات التفجير ، و تشاجر يوماً جنديان فقال أحدهما للآخر : "إن شاء الله تقع في يد المهندس" . و في أحد البرامج التلفزيونية عن المهندس قال المذيع : "إنني أخشى أن يفجّر المهندس هذا الاستديو أمام أعين المشاهدين" .. و قد وقف علماء النفس حيارى أمام ظاهرة المهندسلوجي فلا يملكون لها وصفاً أو إدراجاً تحت أبواب العلم المعهودة ، فهل هو رجل حقاً بمفرده أم هي أمة تنكرت على هيئة رجل له عقل واعٍ مستنير و أصابع ماهرة و قلب يطفح بالإيمان و كلما تحرّكت يداه جهز النازيون الجدد أكفانهم و أعدوا لسيول الدمع أجفانهم .هذا الهوس الصهيوني أضفى على المهندس حالة من القداسة حتى أعظم قادة الكيان كانوا عند ذكره لا يخفون حالة الرعب و الخوف . فإسحاق رابين رئيس الورزاء السابق يقول : "لا شك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره و أن استمرار وجوده طليقاً يمثل خطراً داهما على أمن "إسرائيل" و استقرارها" . أما موشيه شاحل وزير الأمن الداخلي السابق فيقول : "لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عياش إلا بالمعجزة ، فدولة "إسرائيل" بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حلاً لتهديداته" .. و الجنرال أمنون شاحاك رئيس أركان الجيش الصهيوني السابق فيقول : "إن "إسرائيل" ستواجه تهديداً استراتيجياً على وجودها إذا استمر ظهور أناس على شاكلة المهندس" . بينما يقرّ يعكوف بيري رئيس المخابرات الصهيونية سابقاً قائلاً : "إنني أقر أن عدم القبض على المهندس يمثل أكبر فشل ميداني يواجه المخابرات منذ إنشاء دولة (إسرائيل)" . فيما جدعون عزرا نائب رئيس المخابرات سابقاً يقول : "إن احتراف المهندس و قدرته تجلّت في خبرته و قدرته على إعداد عبوات ناسفة من لا شيء" .
الصهاينة يوجّهونها للمجموعات الجهادية و بعد كلّ عملية تعترف سلطات الاحتلال بأن حتى أخباره تختفي اختفاء متقناً مما أصاب قيادة الشاباك في حيرة إزاء لغز المهندس .و إن نجاح المهندس في الوصول إلى قطاع غزة يعتبر في حد ذاته ضربة قاسية للكيان الصهيوني جعلت إسحاق رابين في اجتماع القيادة المشتركة للأجهزة الأمنية الصهيونية يضرب الطاولة بغضبٍ شديد مطالباً بتفسيرات واضحة حول الكيفية التي استطاع المهندس خلالها أن يتجاوز آلاف المخبرين الصهاينة الذين كانوا يطاردونه و تضليل أجهزة الأمن الصهيونية .
القسام سائرون على درب آبائهم .
شعب انجب عياش .......... سينتصر ......... بإذن الله تعالى