المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما أجمل هذا الصوت !



أبوالزبير
02 May 2005, 10:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم





( ما أجمل هذا الصوت )

كانت ليلة جميلة واكتمل فيها البدر وازدانت السماء الصافية بالنجوم من كل لون وكان المتسامرون يجلسون في الهواء الطلق بينما أخذت نسمات الهواء المنعشة تلامس الوجوه برفق ولطف أخذ كل واحد من أفراد المجموعة مكانه واتكأ على إحدى الأرائك المبثوثة هنا وهناك وقد كانوا جميعاً ينتظرون أن يبدأ ( سمير ) غنائه المحبب إلى نفوسهم وقد كان سمير ذا صوت جميل يأسر سامعه ويأخذه إلى عالم آخر بالإضافة إلى كونه ماهراً في الضرب على العود هاهو سمير يأخذ مكانه في صدر المجلس يعد أن حيا رفاقه المتلهفين لسماع غنائه ثم أمسك سمير بعوده الخشبي وسكت برهة يبلغ فيها ريقه ثم انطلق يغني بصوته الجميل ...

كان الشيخ ( أبو صالح ) عائداً لتوه من الجامع الكبير بعد صلى العشاء مع الناس وكان من دعادته أن يتمشى قليلاً قبل أن يرجع لبيته وبينما هو يمشي ويسبح الله إذ به يسمع صوتاً عجيباً آتياً من بعيد كان الصوت يتهاوى إلى أذن أبي صالح بهدوء في سكون الليل المهيب فأخذ أبو صالح يحاول تمييز الكلمات التي يرددها ذلك الصوت ولم يستطع أن يفهم شيئاً لبعد المسافة بينه وبين الصوت ما كان من أبي صالح إلا أن توجه نحو مصدر الصوت وكان كلما اقترب من الصوت اتضح له أن الصوت جميل جداً ولكنه كان مصحوباً بضرب العود

كان سمير ورفاقه يعيشون حالة لا توصف من الطرب وكم كانت دهشتهم عظيمة عندما رأوا الشيخ أبا صالح وقد أطل عليهم فجأة بهيئته الوقورة ووجهه الذي يبدو منه النور وعندها لم يكن من سمير إلا أن توقف عن الغناء وقد عقدت الدهشة لسانه وتعلقت عيناه بوجه الشيخ الوقور .

اقترب الشيخ من سمير وقال بلهجة واثقة :

ما أجمل صوتك يا بني لو كان بالقرآن

ثم أخرج الشيخ ورقة من جيبه وكتب فيها شيئاً ثم ألقى الورقة بين يدي سمير

وقال وهو ينصرف راجعاً لبيته :

يا بني إذا كنت ستغني ثانية فليكن غناؤك بهذه الأبيات

ثم اختفى الشيخ وسط الظلام

التقط سمير الورقة فوجد مكتوباً فيها ...

يا ساهر الليل مسروراً بأوله
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا



لا تفرحن بليلٍ طاب أوله



فرب آخر ليلٍ أحج النارا



عادت تراباً أكف الملهيات

وقد كانت تحرك عيداناً وأوتارا
شعر سمير برجفة شديدة تسري في جسده لما قرأ الأبيات وأخذ يرددها وهو يتذكر الموت والقبر ويتخيل أكل الدود ليده التي تحرك أوتار العود !
فأخذت الدموع تنهمر من عينيه، ثم وثب من مكانه يجري خلف الشيخ
وهو ينادي :
يا شيخ ! يا شيخ !
كان الشيخ أبو صالح لم يبلغ منزله بعد، فانتهى إلى سمعه صوت النداء، فالتفت خلفه ينظر إلى المنادي فإذا هو سمير، ورأى وجنيته تلمعان على ضوء القمر من أثر الدموع.
فما كان من الشيخ إلا أن احتضن سمير وعانقه وهو يقول
مرحباً والله بالتائب
ثم انصرف سمير مع الشيخ إلى منزله وعندما وصلا أجلس الشيخ سمير في مجلس البيت
ثم جلس إلى جانبه وهو يقول
عندما سمعت صوتك يا بني أسفت والله أن يكون ذلك الصوت تالياً لقرآن الشيطان
قال سمير
وهل للشيطان قرآن يا شيخ
أجاب الشيخ
أجل يا بني إنه الغناء: الغناء هو قرآن الشيطان الذي يجمع كل شر فمن الغناء ما هو كفر ومنه ما هو فسق ولا يخرج الغناء بحال من الأحول عن أن يكون معصية لله هادمة للدين والخلق
وكيف يشك عاقل في حرمته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليكونن أقوم من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )
ومعنى يستحلون أي يعتبرونها حلالا فيمارسوها والحر هو الفرج الحرام أي الزنا عياذاً بالله وكلمة المعازف يفهم معناها كل أحد أمياً كان أو عالماً .
يا بني
إن الغناء هو صوت الشيطان الذي يدعو الذي للزنا والفجور ويلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه فأن القرآن والغناء ضدان لا يجتمعان في القلب أبداً فالقرآن ينهى عن إتباع الهوى ويأمر بالعفة ومجانية شهوات النفوس وأسباب الضلال والغناء يأمر بضد ذلك كله ويهيج النفوس إلى شهوات الغي فيثير كامنها ويسوقها إلى كل قبيح ولو لم يكن في الغناء إلا أنه يحرم العبد من التلذذ بكلام ربه لكفى إثماً ومصيبة فكيف وهو يجر إلى مصائب ورذائل أخرى شنيعة
يا بني
لو تخلينا أن إنساناً قال له الناصحون أنك لو شربت من هذا الشراب اللذيذ فسوف تموت فوراً لأنه ممتلئ بالسم
فلو شرب منه ومات أليس هو من قتل نفسه
كذلك من فتن نفسه بالغناء فقاده إلى ترك الصلاة أو ذهاب خشوعها إن كان بصلي أوقاده إلى الزنا والفجور أو إلى أكبر من ذلك من الشرك بالله كما يحصل مع كثير ممن تمتلئ قلوبهم بحب معشوقيهم إن هذا الإنسان الذي يقوده الغناء إلى مثل هذه الموبقات يتحمل وحده مسؤولية جنايته على نفسه فقد نصحه الناصحون ولكنه أبى إلا أن يشرب من سم الشيطان والشهوة
وهكذا نهاية من استهان بمعصية الله واستجاب لنداء الشيطان اللئيم فإن من أعظم الأمور التي تسر الشيطان هو أن يرى الإنسان وهو يبعد عن طريق ربه وبالتالي يكون معه في جهنم ويوم القيامة لا ينفع هذا الإنسان المخدوع الاعتذار ويقال له ولأمثاله :
( يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ {14} فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) الحديد 14 / 15
يا بني
هل عرفت الآن لماذا جئتكم ونصحتكم ؟
رد سمير بصوت خافت :
أجل وجزأك الله خيراً وأحمد الله الذي أنقذني بك من النار أيها الشيخ الفاضل
قال الشيخ :
الحمد لله ولكن عليك الآن أن تقوم بمهمة أخرى
قال سمير متسائلاً :
ماهي ؟
أجاب الشيخ :
بقي أن تذهب إلى أصحابك فتنصحهم عسى الله أن يهديهم لما هداك إليه
قام سميرا بما أمره به الشيخ ثم ذهب إلى بيته وأمضى ليلته في الدعاء والاستغفار.
وفي فجر اليوم التالي كان سمير يبدأ حياة جديدة
حياة ملؤها الطاعة والصلاة والذكر والخير.
فأشرق وجهه بالنور، وحفظ القرآن في مدةٍ وجيزة، وكان لا يفوته الصف الأول في أي صلاة. وفي رمضان قدم أهل الجامع سميراً ليصلي القيام وقرأ بصوته الجميل فسالت دموع المصلين خلفه وممن كان يصلي الشيخ أبو صالح والذي كان يردد في نفسه
حقاً ما أجمل هذا الصوت
* . . * . . * . . * . . *
ملاحظة :
منقول من مطوية بعنوان
ما أجمل هذا الصوت
من إعداد مؤسسة الأوراق الملونة
( المطويات المتميزة )
أسأل الله أن ينفع بها الجميع , ووفقكم الله
محبكم في الله
أبو الزبير

uwLw71
02 May 2005, 01:51 PM
اسلوب رائع وجميل

مشكور ايه الحبيب ابو الزبير على هذه المشاركة اللطيفة والمفيدة

محبك احساس

منير 83
02 May 2005, 04:45 PM
أبوالزبير

حياك الله وبياك

جزاك الله خير اخى الكريم على هذا الجهد الرائع وهذا الطرح المنمق نسال الله ان يكتب اجرك
اخوكم منير83

اسير الشوق
02 May 2005, 06:39 PM
حروف رسمت صورة التميز
واشراقة الإبداع
وصدق أخلاص المشاعر
في الدعوة إلى الله
بقلم أخونا أبو الزبير
فلك من قلمي ارق وأعذب حروف الشكر والتقدير
على ما سطرته لنا أناملك ولا حرمك الله أجرها
أخوكم
أســ الشوق ــير

أبوالزبير
02 May 2005, 11:29 PM
إحساس
:rose:
منير 83
:rose:

اسير الشوق
:rose:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جميعاً أيها الأخوة في الله على مشاعركم الجميلة
ودعواتكم المباركة
التي أسأل الله عز وجل أن يثيبكم عليها
ولكم بمثل ما دعوتم وزيادة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل للأمام أحمد :
كم بيننا وبين عرش الرحمن ؟
قال :
دعوة صادقة .
فاللهم لي إخوةُ كالدر المنثور
يفضون عليّ بهجةً وحبور
فأسكنهم اللهم جنةً وقصور
وضاعف لهم الأجور
وأجمعني بهم على منابر من نور
اللهم آمين يارب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووفق الله الجميع