المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وسادة من طين



ألام الفراق
15 Mar 2005, 02:19 PM
( وسادة من طين ) للدكتور الشاعر/ عبدالرحمن صالح العشماوي


يادفق القلم الباكي، سطّر بمداد دموعي حسرة قلبي الشاكي، أغرق صفحاتي بدموعك، لا تخشَ جفافاً فدموعي أنهار تجري، أنهار ساخنة تجري، أنهار تتدفق من قلبي، تعبر صدري، تكشف أمري.
يا دفق القلم المسكون بلوعة قلبي، سطِّر بمداد دموعي قصة حبي، اكتبني حرفاً مشبوباً بالألم القاسي، اكتبني وَجْداً، حزناً، لوعة إحساس، اكتبني قافيةً عطَّرها الألمُ وأشعلها، وأعاد صياغة وجداني فيها، وإلى الدنيا، كلِّ الدنيا أرسلها.
يا دفق القلم الباكي، هل تعرف معنى الحزن إذا بلغ نهايته القصوى؟ هل تعرف معنى الحسرة حين تهز الأعماق تزلزلها؟ عفواً يا دفق القلم الباكي؛ فجميع سطورك منذ جرت بك فوق الأوراق يدي، وجميع الصور الباكيةٍ رَسَمْتَ ملامحها أنتَ عباراتٍ تبكي، تكشف عن آهاتي تحكي، وجميع كتاباتك في الأوراق المطويّة والمنشورة، تتضاءل يا قلمي حين تحاول أن تنقل من حزني لفراق حبيبة قلبي صورة.
رحلت يا قلمي أمي، يرحمها الله تعالى، ما عادت تمسح بأنامل كف أمومتها همِّي، ما عادت تغسل بالنظرات الحانية جراحي، تُذهب غمِّي، ما عادت تمنحني فرصة تقبيل جبين العطفِ صباح مساء، ما عادت تمنحني فرصة تقبيل يديها تقبيل الشرفاء، رحلت يا قلمي أمي، هل تعرف معنى (رحلت أمي)؟! هل تعلم أني أنزلت حبيبة قلبي في الحفرة بيدي؟ هل تعلم أني بيدي قد كوَّرْتُ وسادة طينٍ مبلولة، ورفعت الرأس قليلاً ووضعت وسادة طينٍ لحبيبة قلبي؟! هل تعرف أني قد أحكمت عليها إغلاق القبر؟ هل تعرف معنى هذا الأمر؟!
يا دفق القلم الباكي، سطِّر بمداد دموعي أغرب قصة حب، أعجب قصة شوق. انقلها للناس، جميع الناس، فأنا وارَيتُ هنالك تحت الأرض حبيبة قلبي، وأنا وسَّدتُ الطين أنيسة قلبي، وأنا يا قلمي أشعر أن الحزن يلذِّعني، وأحسُّ بأنَّ براكين الآلام تصدّعني.
وسادة من طين؟!
هكذا أكرمتُ أمي الحبيبة حينما واريتُها الثَّرى، لقد كنت أحرص على اختيار ألين الوسائد وأنعمها لفراش الحبيبة، ولكنني حين رضيتُ أنْ أتركها هناك في (مقبرة النسيم) وحدَها، اخترت لها وسادة من طين - رحمها الله وغفر لها -.
أرأيتم أيها الأحبة كيف تكون نهاية هذه الدنيا الفانية؟
أرأيتم كم هي رحلة قصيرة، في دنيا حقيرة؟
تلك الحفر التي نترك فيها أحبابنا حينما يفارقون هذه الحياة، هي الجديرة - والله - بالعمل الدَّؤوب، والجدِّ والمثابرة في طاعة ربِّ العالمين.
لقد رأيت في (وسادة الطين) التي وضعتها تحت رأس أمي الغالية صورة حقيقية لهذه الدنيا الفانية التي نتعادى من أجلها، ونتفانى في حبها.
وسادة الطين هي وسادة كلِّ إنسان يودِّع الحياة، كبيراً كان أم صغيراً، غنياً كان أم فقيراً، جليلاً كان أم حقيراً.
إشارة
وسادة من طين؟... آهٍ منك يا غفلة الغافلين.

DANIA
15 Mar 2005, 02:35 PM
اختي الام الفراق
بارك الله فيك على النقل الرائع
وبورك في كاتبه
اختك دانيه.

الهروب
15 Mar 2005, 05:01 PM
رحلت يا قلمي أمي، يرحمها الله تعالى، ما عادت تمسح بأنامل كف أمومتها همِّي، ما عادت تغسل بالنظرات الحانية جراحي، تُذهب غمِّي، ما عادت تمنحني فرصة تقبيل جبين العطفِ صباح مساء، ما عادت تمنحني فرصة تقبيل يديها تقبيل الشرفاء، رحلت يا قلمي أمي، هل تعرف معنى (رحلت أمي)؟!

رحم الله ام شاعر الصحوه وغفر لها واسكنها الفردوس الأعلى ووالدينا وجميع المسلمين

بارك الله فيك ألام الفراق

لمسة الحنان
15 Mar 2005, 06:16 PM
آلام الفراق...
انها لمشاركة رائعة ....تثير الشجون ...سلمت يداك...
تحياتي

أبوالزبير
15 Mar 2005, 07:44 PM
ألم الفراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك على هذا النقل الإبداعي والمتميز
وجزاك الله خير وأحسن إليك ونفع بك .

ألام الفراق
16 Mar 2005, 01:53 AM
DANIA>>> الهروب <<<< لمسة الحنان <<<< أبو الزبير ......



شكر الله لكم

وغفر لنا ولكم

ورفع قدركم

ووفقكم وهداكم وسددكم وأرشدكم

ومن كل خير أعطاكم

وبلغكم جناته العالية مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين

بعد طول عمر وحسن عمل